ولاية الفقيه وسياسة الأدلجة
إن المعركة التي يخوضها اليمنيون بمساندة أشقائهم في دول الخليج لإنهاء الانقلاب واستعادة الشرعية والدولة هي
معركة المصير المشترك الواحد والنصر الواجب ولا يمكن القبول بغير الانتصار وقد قطعنا شوطا كبيرا فيه.
في الماضي وربما إلى وقت قريب كان المواطن العربي يتساءل عن اليوم الذي يرى فيه نموذجا واقعيا للوحدة العربية بعدما حاصره اليأس والإحباط من إمكانية لم الشمل والاتفاق على هدف واحد تجاه بلد عربي يتهدده الخطر والتمزق وانهيار الدولة.
لكن هذا الحلم أو الأمنية المشروعة والكبيرة باتت واقعا في التدخل الخليجي لإنقاذ اليمن ومنع وقوعه فريسة سهلة بيد إيران بما يمثله ذلك من تهديد حقيقي وخطير للأمن القومي للخليج .
القوات الخليجية في اليمن والتي يصل عددها إلى عشرة ألف مقاتل يمكن أن تشكل نواة لقوات ردع عربي مشترك لمواجهة الأخطار والتحديات الموجودة والمتزايدة التي تواجه
الدول العربية وفي مقدمتها التهديدات الإيرانية للخليج ووجودها العسكري في سوريا والعراق وأذرعها بلبنان واليمن.
ليس بالضرورة أن نتحدث عن حلف (ناتو) جديد بالنظر إلى فارق القدرات والإمكانيات والتجربة الطويلة ولا قوات الاتحاد الإفريقي بغض النظر عن الإخفاقات التي اعترت هذه النماذج الوحدوية. ولكن تظل فكرة عملية ناجحة على الأقل فيما يخص التدخل باليمن وتوحيد الجهود لإنقاذ هذا البلد.
بالتأكيد هناك تحديات جمة تعترض طريق التوافق العربي على
إنشاء قوة عربية مشتركة لأسباب مختلفة ليس هذا مقام شرحها وتفصيلها بيد أن ما يهمنا هنا هو التوافق الخليجي لدعم وإخراج اليمن من المحنة والأزمة الراهنة.
ولقائل أن يتساءل: أليس الأولى تشكيل قوات عربية لتحرير فلسطين القضية الأولى والمركزية للعرب والمسلمين؟ والحقيقة أن هذا تساؤل مشروع وواجب ومنطقي ولا خلاف عليه وهو ما يستوجب على القادة العرب التفكير بهذا الأمر مليا وليس طويلا والانتقال للعمل بعد عقود من التسويف والخذلان وصولا إلى ترك الاحتلال الإسرائيلي يعربد كيفما يحلو له وفي الوقت الذي يريد دون أن يخاف أحدا إلا من بيانات الشجب والتنديد المكروهة.
لماذالا يبدأ العرب النقاش حول تشكيل القوة العربية من ضرورات الأخطار الخارجية ويؤجلون ما يخيفهم ويقلقهم ويحبط مساعيهم خاصة المتعلقة بمخاوف كل نظام من الآخر واعتقاده أنه سيستخدم نفوذه وتأثيره للتدخل ضده لإسقاطه بحجج ومبررات مختلفة.
وبالعودة إلى تجربة اليمن كمثال على هذا التوافق الخليجي فلا بد من التذكير أولا على أن التدخل لم يكن لأجل إسقاط انقلاب على سلطة منتخبة بطلب من رئيسها أو رفضا للحوثيين باعتبارهم تيارا غير مرغوب فيه بغض النظر عن طريقة مجيئه للسلطة عبر الانقلاب.
ولكن وهو الأهم لأن الانقلابيين أصبحوا مصدر خطر حقيقي على دول الخليج منذ اليوم الأول والذي كانت تعبّر عنه تصريحات قياداتهم بالتمدد والاحتلال و بتعزيز تبعيتهم لإيران العدو التاريخي لهذه الدول وتسليمهم اليمن تدريجيا وما كانت الاتفاقات التي تم توقيعها بين الطرفين إلا دليلا على بداية نقل اليمن من محيطه العربي وتحويله إلى منطقة
نفوذ إيرانية.
لقد كانت القراءة السياسية والاستراتيجية لدول الخليج لتداعيات ما بعد انقلاب الحوثيين صحيحة وهي تستشعر الخطر الذي ينتظرها إذا غضت الطرف ولم تتدخل لمنع تحويل اليمن إلى مصدر قلق وخطر دائمين يصعب التعامل معهما في المستقبل البعيد.
لذلك نجد عزما وإصرارا خليجيا على تحرير اليمن واستعادة الدولة ودعم مؤسساتها وتقويتها لتكون هي القادرة والوحيدة على بسط نفوذها بكامل التراب الوطني واحتكار القوة بما يعني ضمان عدم تهديد دول الجوار من أي جماعة أيا كانت.
هي معركة واحدة تفرضها عوامل الجوار والاستراتيجية والهوية واللغة وتحديات المنطقة وتغول إيران في التدخل والعبث بأمن واستقرار الدول العربية وهو ما يتطلب مواجهتها بحزم وإرادة والبداية كانت من اليمن ويجب أن تمتد بعد الانتصار إلى سوريا لإنهاء نفوذها هناك واستعادة جنة التعايش
بالشرق الأوسط وليس انتهاء بالعراق بلاد الرافدين العريق.
..
الوطن السعودية