يعود الى النقاش من جديد خيارات مصر لمواجهة تداعيات سد النهضة الاثيوبى وذلك بعد فشل المفاوضات حول سد النهضة للمرة الثالثة " الاحد 5 يناير 2014" بين طرح الجانب المصرى الكثير من البدائل في محاولة للوصول لحلول واقعية لا تؤثر على حصة مصر المائية جراء بناء هذا السد و الرفض الاثيوبى.
حيث أكد وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد المطلب، أن تعنت الموقف الأثيوبي تسبب في فشل مفاوضات وفد بلاده خلال زيارته الأخيرة لأديس أبابا "10 فبراير " حيث رفض الفريق الأثيوبي مقترحات القاهرة لحل أزمة سد النهضة , حيث رفض فكرة لجنة الخبراء الدوليين لمتابعة مشروع السد، كما رفضت مقترح مصر باللجنة الوطنية التي تستعين بخبراء دوليين، كما رفض الجانب الأثيوبي مقترح ثالث لمصر بشأن تشكيل لجنة وطنية تستعين بخبراء دوليين في حالة حدوث خلاف فني حول مشروع السد.
وإعلان السيد نبيل فهمي مؤخرا "18 مارس" بشكل واضح أن مصر ستواجه أزمة حقيقية حال استمرار فشل مفاوضات سد النهضة خير دليل على فشل المفاوضات.
يأتى ذلك فى ظل تأكيد مصر على عدم القبول بنقص فيما يصل من مياه عبر إثيوبيا أو غيرها من جانب.و قيام إثيوبيا ببدء مشروع سد النهضة على النيل وإعلانها أن عملية الإنشاء تتم طبقا للمخطط . الذى أدى الى حالة من التوتر وصلت الى نقطة حرجة عندما اقترحت بعض الأصوات المصرية غير الرسمية استخدام القوة ضد مشروع السد للحفاظ على الماء من الانخفاض المحتمل لمستويات مياه نهر النيل إلى مستويات قد تكون غير مقبولة. على الجانب الاخر جاء الرد الإثيوبي الغير رسمى مقللا من احتمالية إقدام مصر على الحل العسكرى ومعلقا على التهديدات المصرية كونها لا تتعدى تصريحات بغرض الحرب النفسية للضغط على الجانب الإثيوبي ، ومؤكدا ان مشروع السد الاكبر فى افريقيا سيستكمل بصرف النظر عن التهديدات.
بينما تعمل مصر جاهدة لاجتذاب التدخل الدبلوماسي لصالحها بغرض اجهاض مشروع إثيوبيا في بناء السدود ، والتأكيد على أهمية العمل الجماعي لإنشاء سد النهضة، والتأكيد على مصلحة دول الحوض في العمل الجماعي لتحقيق التنمية المنشودة للشعوب. والتأكيد على إن مصر مع التفاوض و أنه لا يوجد نية او رغبة فى تجميد المفاوضات رغم عدم تقديم الجانب الأثيوبي أي اقتراح يمكن من خلاله الوصول لحل للمشكلة.بغرض إبقاء النزاع داخل حدود الدبلوماسية ،ولكن قد لا يغيب تمام احتمالية اللجوء الى الخيارات العسكرية .
. قبل الحديث عن الخيارات العسكرية أؤكد على ان العمل العسكري هو جزء من أعمال السياسة فهو يبدأ وينتهى بقرار سياسي كذا تحدد أهدافه و يتناسق مع العمل السياسي والدبلوماسي.
طبقا لتعريف والتر ليبمان:“Wolter Lippmann” للأمن القومى " أن الدولة تكون آمنة، عندما لا تضطر للتضحية بمصالحها المشروعة لكي تتجنب الحرب , وتكون قادرة على حماية تلك المصالح " فأننا بالفعل نواجه تهديد مباشر للامن القومى المصري و الاقليمى حال إنشاء السد الإثيوبي.
المخاطر الناجمة عن السد كثيرة و الخطورة الأكبر من وجهة نظرى ليس فى انخفاض الحصة المائية لمصر فقط بل فى انهيار السد عقب اكتمال عملية إنشاءه وملء الخزان خلفه "74 مليار متر مكعب" كما هو مخطط له ان يتم بهذه المواصفات التى قد تؤثر علي وجوده بالإضافة إلي احتمالية انهياره وعمره بهذه المواصفات سيكون قصيرا حيث ان معامل الأمان له أقل من نصف معامل أمان السد العالى, و حال انهياره بسبب عيوب فنية او بسبب تراكم كميات ضخمة من الطمي لن يتحملها السد او أو تدميره المتعمد سيجعل منسوب المياه يغطي الخرطوم بنحو 28 متر. والذى بالطبع سوف يصل تأثيره الى وادي ودلتا مصر.
لذا فعلينا ان نحاول تحليل محددات اللجوء لخيار الحل العسكري لمواجهة أزمة سد النهضة "الألفية" الإثيوبي :-
اولا: المحددات الاقليمية والدولية:-
على المستوى الدولي: هناك قيود بالقيام بعمل عسكرى ضد دولة أخرى بدون قرار من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة وما قد يترتب عليه من ادانة او قرارات دولية مع الأخذ فى الاعتبار العلاقات العسكرية الأمريكية الإثيوبية حيث تعتبر إثيوبيا العمق الاستراتيجي وخط الدفاع الخلفي لحلف شمال الاطلنطى.
على المستوى الاقليمى : حالة التعاطف الافريقى مع إثيوبيا الذى أصبح لها موقع اقوى من مصر فى الاتحاد الأفريقي بسبب تراجع الدور الإقليمي لمصر فى عصر مبارك وما تبعه من أحداث انتهت بتعيق عضوية مصر فى الاتحاد.
على المستوى الاستراتيجي :علينا ان ندرك حجم العلاقات العسكرية بين إثيوبيا وإسرائيل تدريبا و تسليحاً ,الذى قد يجعل مصر فى مواجهة حرب بالوكالة لصالح إسرائيل فى حالة اللجوء الى خيار الحل العسكري.
بالإضافة للقيود الأخلاقية , لان الموقف المصري دائما يرفض التدخل فى شئون الدول الأخرى و يستنكر العنف والإرهاب بكافة صوره وأشكاله.
ثانياً : المحددات المادية لإمكانية الحل العسكري:-
تتفاوت صعوبة تدمير السد حسب حجم و أبعاد السد و طبيعة وجوده داخل او خارج مدى صواريخ ومدفعيات او مدى الطائرات القاذفة للجانب او الطرف الراغب فى تدمير هذا السد . ولكن بصفة عامة تكون السدود عادة اهداف محصنة او ما يطلق عليه اهداف قاسية جدا يصعب تدميرها "Hard target".
المسافة و عدم وجود حدود مشتركة عقبة رئيسية أمام الخيار العسكري المصري. فإثيوبيا دولة حبيسه ليس لها شواطئ على البحر الاحمر و بعيده عن مصر كما ان مصر لا تمتلك أي نوع من طائرات التزويد بالوقود في الجو و لم يثبت قيام مصر بطلب لشراء تلك الأنواع من الطائرات ,"طبقا لما هو مسجل فى المصادر الدولية للتسليح"، حيث يقع الهدف خارج مدى القدرة القتالية لجميع الطائرات المصرية باستخدام المطارات المصرية بما فيها المطارات الموجودة جنوب مصر. واذا فترضنا توفر التسليح اللازم لتنفيذ الهجوم الجوى فتبقى عدة عقبات منها ،ان خط سير الضربة الجوية اذا اتخذ مسار المجال الجوى الدولى فوق البحر الاحمر فيجب اختراق المجال الدولى لدول ليس طرف فى النزاع (اريتريا-جيبوتى-الصومال) فى طريق الوصول الى الهدف و الذى قد يسبب مشاكل دبلوماسية ، مع الاخذ فى الاعتبار ان الدفاعات الجوية و الطائرات الاعتراضية الاثيوبية ستتصدى و تحاول اعتراض مقاتلات الضربة الجوية وقد تحدث بها خسائر مع الاخذ فى الاعتبار العلاقات العسكرية الاثيوبية الاسرائيلية كمصدر رئيسى للتسليح بالإضافة للعلاقات الامريكية الإثيوبية . علاوة على ذلك ان ضربه جوية واحدة قد تعطل المشروع فقط والأمر يحتاج لغارات جوية شبه مستمرة لحين افشال المشروع وهذا بالطبع غير واقعى.
فى حالة الاقدم على الهجوم الجوى و توفر العناصر و الظروف والإمكانيات اللازمة ,أفضل طريقة لضرب السد دائمة هو استخدام القذف الجوى باستخدام القنابل ذات التأخير الزمنى من ارتفاعات منخفضة أو القذائف ذات التأخير الزمنى بالهجوم المباشر المشترك بالعمل بالقنابل على الارتفاعات الجوية المنخفضة والمتوسطة,صعوبة تنفيذ ذلك هو أن القنابل تحتاج إلى أن يتم نشرها في قاعدة السد تحت الماء حيث مدى تأثير موجة الضغط "الموجه الانفجارية " يكون بقوة كبيرة. ويفضل أن يكون ذلك باستخدام عدد كبير من القنابل , قد تنجح هذه الطريقة باستخدام قوات مناسبة وقوة تدميرية قادرة على هدم السد.
لتجنب المتاعب من ضرب السد عقب انشاءه , التوقيت الافضل لضرب السد هو اثناء مرحلة الانشاء. ولكن يجب الحرص من عدم ضرب السد فى وقت مبكر لان ذلك لن يمنع إثيوبيا من استئناف المشروع مره أخرى. وإذا اعتبرنا ان الفترة المتبقية لإنشاء السد "3 سنوات" طبقا لتصريحات الجانب الاثيوبى فأن القيام بعمل عسكرى يجب ان لا يتعدى هذه الفترة لان فى حالة اكتمال بناء السد و ملء الخزان ينبغي على مصر ان تتولى الدفاع عنه و ليس هدمه.
أن الفرصة الأفضل والأكثر واقعية لمصر من الناحية العسكرية هو قرب السد من الحدود السودانية فى حالة فتح المجال الجوى السودانى وإعادة تمركز بعض القاذفات و المقاتلات المصرية فى المطارات السودانية يجعل السد فى مدى المقاتلات المصرية ،دون الحاجة لطائرات التزود بالوقود.
و لكن ما يجعل هذه الفرصة غير واقعية من الناحية السياسية ان العمل من داخل الاراضي السودانية على المستوى السياسى يمكن أن يكون معقد كما يمكن أن تكون له عواقب دولية على السودان و مصر, حيث قرب السودان من إثيوبيا قد يجعلها عرضه لهجمات عسكرية من جانبها و ما خرج عن الجانب السودانى حتى الان لم يحمل ما قد يشجع على قبول واقعية استغلال هذه الفرصة.
من الخيارات الأخرى القيام بعمل مخابراتي تعرضي باستخدام القوات الخاصة عبر الاراضى السودانية, حيث يمكن من هناك عبور الحدود حيث تقوم القوات بإعمال التخريب و المضايقة فى بناء السد أو محاولة تدمير الانشاءات تحت ستار كونهم جماعات مسلحة تنتمى لأحد اطراف الصراع،وهذا من شأنه أن يسمح للخرطوم ان تتبرأ من اى حوادث و تعلن بواقعية أن لا علاقة لها و لا معلومات لديها بوجود " مسلحين " هناك. تكتيك المضايقة من القوات الخاصة أو المسلحين قد تأخر المشروع ولكن لن تؤدى لوقف المشروع بشكل نهائى.
على ان مجموعات القوات الخاصة سوف تواجه سلسلة من العقبات الخاصة في محاولة تدمير السد.فالسدود والبنية التحتية المهمة عادة تكون محمية بشكل جيد نسبيا في معظم البلدان و يتم تخصيص وحدات عسكرية لهذا الغرض. و إثيوبيا لن تكون استثناء عن هذه القاعدة لاسيما فى ظل كل هذه الخلافات القائمة بالفعل والتى ظهرت من خلال تصريحات قادة بالجيش الإثيوبي حول أنهم مستعدون للدفاع عسكريًا عن "سد النهضة"، من أجل إكمال بنائه. بناءاً على ذلك تحتاج القوات الخاصة المصرية إلى الحظ والمهارة للوصول إلى السد بنجاح. هناك أيضا مشكلة أن فريق صغير من القوات البرية مهما كانت كفاءته وتدريبه او كونه من قوات النخبة قد يكون بدنيا غير قادر على حمل ما يكفي من الذخيرة القادرة على احداث خسائر جسيمة أو تدمير السد. لذا فيمكن استخدام الخيار المخابراتى باستخدام اعمال القوات الخاصة فى تدمير السد ولكن من خلال قوات اما من اطراف محلية مثل جماعات المتمردين فى اثيوبيا واريتريا ذات الدوافع الدينية او العرقية و ذات المصلحة فى تعطيل او إفشال مشروع سد النهضة ومنهم على سبيل المثال ، حركة تحرير "بنى شنقول"، التي تناضل منذ عام 1962 ضد الاحتلال الإثيوبي لإقليمها، الذى يقام عليه السد حاليًا، والتى أعلنت مؤخرا ،إنها ستزيد من كفاحها المسلح ضد الحكومة الإثيوبية لإجلائها عن الإقليم والسد او من خلال طرف ثالث يقوم بهذه العملية, مع الاخذ فى الاعتبار ان هذا الخيار قد يكون سلاح ذو حدين .
أخيرا أرى أن الخيارات العسكرية المتاحة والقابلة للتنفيذ سوف تكون محفوفة بالمخاطر في أفضل الاحوال بالإضافة لتداعيات دولية وإقليمية قد تكون خطيرة.
http://estklal.com/news/news.aspx?id=183533
حيث أكد وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد المطلب، أن تعنت الموقف الأثيوبي تسبب في فشل مفاوضات وفد بلاده خلال زيارته الأخيرة لأديس أبابا "10 فبراير " حيث رفض الفريق الأثيوبي مقترحات القاهرة لحل أزمة سد النهضة , حيث رفض فكرة لجنة الخبراء الدوليين لمتابعة مشروع السد، كما رفضت مقترح مصر باللجنة الوطنية التي تستعين بخبراء دوليين، كما رفض الجانب الأثيوبي مقترح ثالث لمصر بشأن تشكيل لجنة وطنية تستعين بخبراء دوليين في حالة حدوث خلاف فني حول مشروع السد.
وإعلان السيد نبيل فهمي مؤخرا "18 مارس" بشكل واضح أن مصر ستواجه أزمة حقيقية حال استمرار فشل مفاوضات سد النهضة خير دليل على فشل المفاوضات.
يأتى ذلك فى ظل تأكيد مصر على عدم القبول بنقص فيما يصل من مياه عبر إثيوبيا أو غيرها من جانب.و قيام إثيوبيا ببدء مشروع سد النهضة على النيل وإعلانها أن عملية الإنشاء تتم طبقا للمخطط . الذى أدى الى حالة من التوتر وصلت الى نقطة حرجة عندما اقترحت بعض الأصوات المصرية غير الرسمية استخدام القوة ضد مشروع السد للحفاظ على الماء من الانخفاض المحتمل لمستويات مياه نهر النيل إلى مستويات قد تكون غير مقبولة. على الجانب الاخر جاء الرد الإثيوبي الغير رسمى مقللا من احتمالية إقدام مصر على الحل العسكرى ومعلقا على التهديدات المصرية كونها لا تتعدى تصريحات بغرض الحرب النفسية للضغط على الجانب الإثيوبي ، ومؤكدا ان مشروع السد الاكبر فى افريقيا سيستكمل بصرف النظر عن التهديدات.
بينما تعمل مصر جاهدة لاجتذاب التدخل الدبلوماسي لصالحها بغرض اجهاض مشروع إثيوبيا في بناء السدود ، والتأكيد على أهمية العمل الجماعي لإنشاء سد النهضة، والتأكيد على مصلحة دول الحوض في العمل الجماعي لتحقيق التنمية المنشودة للشعوب. والتأكيد على إن مصر مع التفاوض و أنه لا يوجد نية او رغبة فى تجميد المفاوضات رغم عدم تقديم الجانب الأثيوبي أي اقتراح يمكن من خلاله الوصول لحل للمشكلة.بغرض إبقاء النزاع داخل حدود الدبلوماسية ،ولكن قد لا يغيب تمام احتمالية اللجوء الى الخيارات العسكرية .
. قبل الحديث عن الخيارات العسكرية أؤكد على ان العمل العسكري هو جزء من أعمال السياسة فهو يبدأ وينتهى بقرار سياسي كذا تحدد أهدافه و يتناسق مع العمل السياسي والدبلوماسي.
طبقا لتعريف والتر ليبمان:“Wolter Lippmann” للأمن القومى " أن الدولة تكون آمنة، عندما لا تضطر للتضحية بمصالحها المشروعة لكي تتجنب الحرب , وتكون قادرة على حماية تلك المصالح " فأننا بالفعل نواجه تهديد مباشر للامن القومى المصري و الاقليمى حال إنشاء السد الإثيوبي.
المخاطر الناجمة عن السد كثيرة و الخطورة الأكبر من وجهة نظرى ليس فى انخفاض الحصة المائية لمصر فقط بل فى انهيار السد عقب اكتمال عملية إنشاءه وملء الخزان خلفه "74 مليار متر مكعب" كما هو مخطط له ان يتم بهذه المواصفات التى قد تؤثر علي وجوده بالإضافة إلي احتمالية انهياره وعمره بهذه المواصفات سيكون قصيرا حيث ان معامل الأمان له أقل من نصف معامل أمان السد العالى, و حال انهياره بسبب عيوب فنية او بسبب تراكم كميات ضخمة من الطمي لن يتحملها السد او أو تدميره المتعمد سيجعل منسوب المياه يغطي الخرطوم بنحو 28 متر. والذى بالطبع سوف يصل تأثيره الى وادي ودلتا مصر.
لذا فعلينا ان نحاول تحليل محددات اللجوء لخيار الحل العسكري لمواجهة أزمة سد النهضة "الألفية" الإثيوبي :-
اولا: المحددات الاقليمية والدولية:-
على المستوى الدولي: هناك قيود بالقيام بعمل عسكرى ضد دولة أخرى بدون قرار من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة وما قد يترتب عليه من ادانة او قرارات دولية مع الأخذ فى الاعتبار العلاقات العسكرية الأمريكية الإثيوبية حيث تعتبر إثيوبيا العمق الاستراتيجي وخط الدفاع الخلفي لحلف شمال الاطلنطى.
على المستوى الاقليمى : حالة التعاطف الافريقى مع إثيوبيا الذى أصبح لها موقع اقوى من مصر فى الاتحاد الأفريقي بسبب تراجع الدور الإقليمي لمصر فى عصر مبارك وما تبعه من أحداث انتهت بتعيق عضوية مصر فى الاتحاد.
على المستوى الاستراتيجي :علينا ان ندرك حجم العلاقات العسكرية بين إثيوبيا وإسرائيل تدريبا و تسليحاً ,الذى قد يجعل مصر فى مواجهة حرب بالوكالة لصالح إسرائيل فى حالة اللجوء الى خيار الحل العسكري.
بالإضافة للقيود الأخلاقية , لان الموقف المصري دائما يرفض التدخل فى شئون الدول الأخرى و يستنكر العنف والإرهاب بكافة صوره وأشكاله.
ثانياً : المحددات المادية لإمكانية الحل العسكري:-
تتفاوت صعوبة تدمير السد حسب حجم و أبعاد السد و طبيعة وجوده داخل او خارج مدى صواريخ ومدفعيات او مدى الطائرات القاذفة للجانب او الطرف الراغب فى تدمير هذا السد . ولكن بصفة عامة تكون السدود عادة اهداف محصنة او ما يطلق عليه اهداف قاسية جدا يصعب تدميرها "Hard target".
المسافة و عدم وجود حدود مشتركة عقبة رئيسية أمام الخيار العسكري المصري. فإثيوبيا دولة حبيسه ليس لها شواطئ على البحر الاحمر و بعيده عن مصر كما ان مصر لا تمتلك أي نوع من طائرات التزويد بالوقود في الجو و لم يثبت قيام مصر بطلب لشراء تلك الأنواع من الطائرات ,"طبقا لما هو مسجل فى المصادر الدولية للتسليح"، حيث يقع الهدف خارج مدى القدرة القتالية لجميع الطائرات المصرية باستخدام المطارات المصرية بما فيها المطارات الموجودة جنوب مصر. واذا فترضنا توفر التسليح اللازم لتنفيذ الهجوم الجوى فتبقى عدة عقبات منها ،ان خط سير الضربة الجوية اذا اتخذ مسار المجال الجوى الدولى فوق البحر الاحمر فيجب اختراق المجال الدولى لدول ليس طرف فى النزاع (اريتريا-جيبوتى-الصومال) فى طريق الوصول الى الهدف و الذى قد يسبب مشاكل دبلوماسية ، مع الاخذ فى الاعتبار ان الدفاعات الجوية و الطائرات الاعتراضية الاثيوبية ستتصدى و تحاول اعتراض مقاتلات الضربة الجوية وقد تحدث بها خسائر مع الاخذ فى الاعتبار العلاقات العسكرية الاثيوبية الاسرائيلية كمصدر رئيسى للتسليح بالإضافة للعلاقات الامريكية الإثيوبية . علاوة على ذلك ان ضربه جوية واحدة قد تعطل المشروع فقط والأمر يحتاج لغارات جوية شبه مستمرة لحين افشال المشروع وهذا بالطبع غير واقعى.
فى حالة الاقدم على الهجوم الجوى و توفر العناصر و الظروف والإمكانيات اللازمة ,أفضل طريقة لضرب السد دائمة هو استخدام القذف الجوى باستخدام القنابل ذات التأخير الزمنى من ارتفاعات منخفضة أو القذائف ذات التأخير الزمنى بالهجوم المباشر المشترك بالعمل بالقنابل على الارتفاعات الجوية المنخفضة والمتوسطة,صعوبة تنفيذ ذلك هو أن القنابل تحتاج إلى أن يتم نشرها في قاعدة السد تحت الماء حيث مدى تأثير موجة الضغط "الموجه الانفجارية " يكون بقوة كبيرة. ويفضل أن يكون ذلك باستخدام عدد كبير من القنابل , قد تنجح هذه الطريقة باستخدام قوات مناسبة وقوة تدميرية قادرة على هدم السد.
لتجنب المتاعب من ضرب السد عقب انشاءه , التوقيت الافضل لضرب السد هو اثناء مرحلة الانشاء. ولكن يجب الحرص من عدم ضرب السد فى وقت مبكر لان ذلك لن يمنع إثيوبيا من استئناف المشروع مره أخرى. وإذا اعتبرنا ان الفترة المتبقية لإنشاء السد "3 سنوات" طبقا لتصريحات الجانب الاثيوبى فأن القيام بعمل عسكرى يجب ان لا يتعدى هذه الفترة لان فى حالة اكتمال بناء السد و ملء الخزان ينبغي على مصر ان تتولى الدفاع عنه و ليس هدمه.
أن الفرصة الأفضل والأكثر واقعية لمصر من الناحية العسكرية هو قرب السد من الحدود السودانية فى حالة فتح المجال الجوى السودانى وإعادة تمركز بعض القاذفات و المقاتلات المصرية فى المطارات السودانية يجعل السد فى مدى المقاتلات المصرية ،دون الحاجة لطائرات التزود بالوقود.
و لكن ما يجعل هذه الفرصة غير واقعية من الناحية السياسية ان العمل من داخل الاراضي السودانية على المستوى السياسى يمكن أن يكون معقد كما يمكن أن تكون له عواقب دولية على السودان و مصر, حيث قرب السودان من إثيوبيا قد يجعلها عرضه لهجمات عسكرية من جانبها و ما خرج عن الجانب السودانى حتى الان لم يحمل ما قد يشجع على قبول واقعية استغلال هذه الفرصة.
من الخيارات الأخرى القيام بعمل مخابراتي تعرضي باستخدام القوات الخاصة عبر الاراضى السودانية, حيث يمكن من هناك عبور الحدود حيث تقوم القوات بإعمال التخريب و المضايقة فى بناء السد أو محاولة تدمير الانشاءات تحت ستار كونهم جماعات مسلحة تنتمى لأحد اطراف الصراع،وهذا من شأنه أن يسمح للخرطوم ان تتبرأ من اى حوادث و تعلن بواقعية أن لا علاقة لها و لا معلومات لديها بوجود " مسلحين " هناك. تكتيك المضايقة من القوات الخاصة أو المسلحين قد تأخر المشروع ولكن لن تؤدى لوقف المشروع بشكل نهائى.
على ان مجموعات القوات الخاصة سوف تواجه سلسلة من العقبات الخاصة في محاولة تدمير السد.فالسدود والبنية التحتية المهمة عادة تكون محمية بشكل جيد نسبيا في معظم البلدان و يتم تخصيص وحدات عسكرية لهذا الغرض. و إثيوبيا لن تكون استثناء عن هذه القاعدة لاسيما فى ظل كل هذه الخلافات القائمة بالفعل والتى ظهرت من خلال تصريحات قادة بالجيش الإثيوبي حول أنهم مستعدون للدفاع عسكريًا عن "سد النهضة"، من أجل إكمال بنائه. بناءاً على ذلك تحتاج القوات الخاصة المصرية إلى الحظ والمهارة للوصول إلى السد بنجاح. هناك أيضا مشكلة أن فريق صغير من القوات البرية مهما كانت كفاءته وتدريبه او كونه من قوات النخبة قد يكون بدنيا غير قادر على حمل ما يكفي من الذخيرة القادرة على احداث خسائر جسيمة أو تدمير السد. لذا فيمكن استخدام الخيار المخابراتى باستخدام اعمال القوات الخاصة فى تدمير السد ولكن من خلال قوات اما من اطراف محلية مثل جماعات المتمردين فى اثيوبيا واريتريا ذات الدوافع الدينية او العرقية و ذات المصلحة فى تعطيل او إفشال مشروع سد النهضة ومنهم على سبيل المثال ، حركة تحرير "بنى شنقول"، التي تناضل منذ عام 1962 ضد الاحتلال الإثيوبي لإقليمها، الذى يقام عليه السد حاليًا، والتى أعلنت مؤخرا ،إنها ستزيد من كفاحها المسلح ضد الحكومة الإثيوبية لإجلائها عن الإقليم والسد او من خلال طرف ثالث يقوم بهذه العملية, مع الاخذ فى الاعتبار ان هذا الخيار قد يكون سلاح ذو حدين .
أخيرا أرى أن الخيارات العسكرية المتاحة والقابلة للتنفيذ سوف تكون محفوفة بالمخاطر في أفضل الاحوال بالإضافة لتداعيات دولية وإقليمية قد تكون خطيرة.
http://estklal.com/news/news.aspx?id=183533