اخي العزيز ان كنت تعتقد ان صراع اوكرانيا هو بسبب الناتو او حرب بوكالة فانت قد تكون صدقت الرواية الرسمية الروسية
صراع اوكرانيا هو اكثر تعقيد من الناتو او اي حسابات جيوسياسية ضيقة.
الناتو يجاور روسيا عن طريق دول البلطيق و بولندا مع كالينينغراد الروسية , و خلال الصيف الحالي ستنضم فنلندا الى الحلف , و التي تتقسام حدود 1300 كلم مع روسيا و تبعد عشرات الكلمترات فقط عن سان بطرسبرغ ثاني كبر المدن الروسية و المرفىء الاوحد لدى روسيا في بحر البلطيق.. لكن روسيا لن تقوم سوى ببعض تحليقات هنا و هناك و تصريحات اخرى و سيطوى الملف .. روسيا يحميها النووي , فلا حتى الناتو في كازاخستان و كريغيستان سيغير هذه المعادلة.
بالنسبة لاوكرانيا , فكما سبق و ان شرحت من قبل هي بالنسبة للروس روسيا صغيرة , حيث يتقاسمون نفس اللغة تقريبا (على الاقل مع اغلبية الشعب الاوكراني) و الدين (المسيحية الارثودوكسية) و الثقافة.. لدى انضمام اوكرانيا لتكتل غربي هو تهديد جدي و حقيقي لروسيا .. فعلى سبيل المثال ان انضمت اوكرانيا للاتحاد الاوروبي و اصبحت ديمقراطية و دولة قانون مثل بولندا و نجحت في ذلك , فقد تظهر قوى ثورية و سياسية تطالب بنفس الشيء في روسيا (بمنطق ان نجحت الديمقراطية الليبرالية في روسيا الصغيرة فستنجح في روسيا الكبيرة) .. و هو امر لن يسمح به بوتين او اي رئيس روسي غيره .. اوكرانيا لبرالية تهديد لنموذج الحكم الروسي خلاصة.
في 2013 لما اندلعت ثورة اليورو ميدان و قامت روسيا باحتلال القرم , لم يكن ذلك بسبب رغبة اوكرانيا في الانضمام للناتو , بل بسبب اتفاقية التبادل الحر التي اقترحها الاتحاد الاوروبي على الرئيس الاوكراني انذاك يانكوفيتش و رفضها في الاخير من اجل توقيع عقد دين روسي بقيمة 15 مليار دولار . التهديد الحقيقي بالنسبة لروسيا هو الاتحاد الاوروبي و نموذج الحكم اللبرالي و ليس الناتو .
اما بالنسبة للناتو فما ان احتلت روسيا القرم الا و قد طويت صفحة الانضمام للحلف , فلا يمكن لاي عضو للحلف ان ينضم و له اراضي متنازع عليها ( و في هاته الحالة مع قوة نووية) , لدى فحلم اوكرانيا في الناتو كحلم ابليس بالجنة , و لم تكن اوكرانيا قريبة باي شكل من الاشكال للانضمام للحلف.
فيما يخص زلنسكي , يجب ان تفهم اخي الكريم ان زلنسكي هذا انتخابيا كان هو الطرف المهادن لروسيا في انتخابات 2019 , حيث ضد بورشينكو المناوىء الشديد لروسيا , وصف زلنسكي بدمية الكرملين . حملة زلنسكي الانتخابية تم تمويلها من طرف الملياردير ايغور كولوموسكي مالك بريفات بانك , اكبر بنك اوكراني. خيار القتال ليس بيد زلنسكي , فلو اراد زلنسكي الان التنازل على الاراضي كلها و الاستسلام , لتم قتله في لحظة بتهمة الخيانة و تبديله برئيس اخر ليقود الحرب ضد الروس . مسالة الحرب ضد الروس تتحكم فيها جميع القوى السياسية و العسكرية الوطنية الاوكرانية التي انفردت بالحكم في اوكرانيا بعد الافلاس السياسي للقوى المتحالفة مع روسيا .
من خلال عيشي في اوكرانيا لسنوات ( منذ 2012) لاحظت كيف ان الوطنية ( المتطرفة احيانا) اجتاحت اوكرانيا و شعبها , امور مثل كثرة الاعلام بالشوارع و الحركات الوطنية السياسية و الشبابية , تحس كانك تعيش في المانيا بالثلاثنيات . الاحساس بالوطنية شعور جديد بالنسبة لهم .
اما عن القتال , فبالنسبة للاوكران لا يوجد هناك بديل , فهل مثلا خلال 24 من فبراير الماضي لما انطلق الجيش الروسي باتجاه كييف , تجد انه كان على الاوكران الاستسلام فورا و الايمان بان بوتين يريد الخير لهم , ان يسلموا بدلهم بهذه السهولة ؟
الحرب هاته قد بدات للتو و قد تدوم لشهور او سنوات حتى , لكن ما يظهر لي جليا الان هو ان بوتين سيقوم بتدمير كافة المدن . هو يعلم انه خسر الشعب الاوكراني كله بالناطقين بالروسية و الناطقين بالاوكرانية . يعلم ايضا ان روسيا ستحاصر اقتصاديا و سياسيا و ثقافيا لعقود . لدى على الاقل سيحاول ان يخرج باقل الخسائر و هي احتلال اكبر قدر من الارض و تقسيم اوكرانيا . هذا لا يعني طبعا انه سيحكم الشعب الاوكراني , فان اراد احتلال البلاد يلزم عليه تدمير كل مدينة على حدى كما فعل في ماريوبول , و ان دمرت تلك المدن فمن بالله عليك سيقطن بها ؟ روسيا لن تقدر على بناءها (لم تقدر حتى على اعادة بناء دونيتسك لوحدها منذ 2014) و ستبقى اراضي خالية يسكنها بضعة الاف من الشيوخ الذين فقدوا الامل بالحياة . قد يهجر الشعب الاوكراني كله الى الغرب الاوكراني , و تبقى لروسيا اراضي مخربة.
تحليلك اخي جميل ورائع ولكنه مع الاسف منحاز لطرف على حساب طرف آخر .
بغض النظر كان هناك اتفاقيه مينسك وخرقتها اوكرانيا عدة مرات بسبب رفض القوميين المتعصبين لهذه الاتفاقيه واستمرار قصفهم المتكرر لدونيتسك ولوغانسك
بنسبه لموضوع الاتحاد الاوروبي خلال المفاوضات بين الروس والاوكران في اسطنبول قال الروس انه ليس لديهم مشكله بانضمام اوكرانيا الى الاتحاد الاوروبي ووضعو شروطهم وكانت واضحه للغايه وجلها كانت امنية .
1- تعهد اوكرانيا بالحياد ووضع بند في دستورها يمنعها من الانضمام للناتو
2- تقليص عدد قوات الجيش الاوكراني ونزع سلاح منه وجعله جيش قليل منخفض القدرات ذات طبيعه سلميه
3- القضاء على مليشيات ازوف النازية وتفكيكها
4- عدم المطالبه بقضية القرم .
بغض النظر عن النقطة الاخيره لكن روسيا لم تمنع اوكرانيا ولم تعترض على دخولها الى الاتحاد الاوروبي وتمتعها بالرخاء ولم تخاف ان تصبح اوكرانيا ديمقراطيه او تمتع برخاء اوروبي .