ربما تدفعك الظروف لزيارة إحدى تلك الدول ''إنجلترا، بلجيكا، اليونان، فرنسا، إيطاليا، مالطا''، تمشي هناك بالقرب من
حدائق ذات ورود لكنها خاوية على عروشها،
تعرف أنها ليست سوى ''مقابر''، ولكن الاندهاش عندما ترى فوق شواهد تلك القبور ''إنا لله وإنا إليه راجعون .. سليمان شاكر إبراهيم 1543 كود رقم 73 6 سبتمبر 1917، مقبرة رقم الثامن آي 28''، ومعها الكثير والكثير من الأسماء ''المصرية''، لتعرف أنها ''مقابر شهداء الفيلق المصري'' المشارك في الحرب العالمية الأولى.
''عمال بسطاء وفلاحون فقراء''، دفعوهم بالقوه للانضمام للجيش المصري الذي وضع تحت سيطرة الاحتلال الإنجليزي، ليشارك في حرب ''لا ناقة له فيها ولا جمل''، ويرسل بأبنائه ليموتوا في بلاد باردة بعيدًا عن أهاليهم، وحتى الآن لا يجد أهالي هؤلاء الضحايا تعويضًا عن فقد أبنائهم.
100 عامًا مرت على اشتعال الحرب العالمية الأولى؛ ''أزمة دبلوماسية'' سببت تحالفات وخصومات قادت العالم لـ''آتون حرب'' استمرت أربع سنوات، ''رصاصتين'' في صدر ''ولي عهد النمسا وزوجته'' أسقطوا 9 مليون قتيل و21 مليون جريح،
حربًا أنهت التبعية المصرية لـ''الإمبراطورية العثمانية''، لتعلن ''الحماية البريطانية'' بدلًا منها في 1914، ومعها تفرض الأحكام العرفية وعزل كل من يخالف الرغبة البريطانية وحلفاؤها في كسب الحرب، وكان أولهم ''الخديوي عباس حلمي الثاني''، الذي عزله الاحتلال ليعين عمه ''حسين كامل'' بدلًا منه، ويسميه بلقب ''السلطان''، وتعيين وزارة ''حسين رشدي باشا'' لتسيير أمور البلاد.
3مليون جنيه استرليني - ما يعادل 28 مليار الآن - اقترضتهم بريطانيا من مصر، وصدر ''تقرير لجنة اللورد ملنر- وزير المستعمرات البريطانية آنذاك'' يذكر حق مصر في استرداد هذا الدين، لكن الحكومات المتعاقبة ونفوذ الاحتلال البريطاني عليها، أسقطت هذا الدين دون الرجوع للبرلمان.
تم وضع جنود الجيش المصرى تحت تصرف القوات البريطانية، أرسلت منهم 90 ألف للدول الأوروبية ضمن قوات ''الحلفاء'' وهم ''بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة، اليونان، إيطاليا، رومانيا، البرتغال، بلجيكا''،
والتي بلغت أكثر من 42 مليون جندي، وظل جنود ''الفيلق المصري'' في طي النسيان حتى دشن ''نصب تذكاري على شكل مسلة فرعونية'' في أحد مقابر شهداء الحروب التابعة للكومنولث البريطاني في لندن، نقش فوقه أسماء ''100 عسكري مصري'' بأكوادهم العسكرية وأماكن استشهادهم.
''مئوية الحرب العالمية'' التي ستقام هذا العام 2014 احتفالًا بمرور قرن كامل على اندلاع الحرب العالمية الأولى، سترفع فيها أعلام الدول المشاركة في تلك الحرب العظمي، وعلى الرغم من رفع العلم المصري، إلا أن هؤلاء ''الجنود'' الذين جرحوا و استشهدوا وفقدوا - حتى الآن - يظل حقهم غائبًا ومهضومًا،
وعلى الرغم من تقدم باحث مصري في 2009 بقائمة موثقة ومدعمة من وثائق الحرب العالمية الأولى بإنجلترا وفرنسا وجامعات أوروبا، تقدم بها للجنة برلمانية؛ لبحث كيفية استرداد حقوق مصر نظير اشتراكها في الحرب، ورفع دعاوى تضرر وتعويض لأهالي الضحايا، إلا أن تلك اللجنة أهملت طلبه، رغم ترأس الدكتور مصطفى الفقي لها وعضوية مندوبين من وزارة الخارجية والتعاون الدولي، ولجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل، ولجنة الشئون الخارجية بالبرلمان''.
الاحتفال الثقافي بمرور 99 عامًا على اشتراك مصر في الحرب؛ ذلك الاحتفال الذي أقامته ''هيئة البحوث العسكرية''، حضره اللواء أركان حرب أمين حسين، نيابة عن وزير الدفاع ''عبد الفتاح السيسي''، يرافقه اللواء أركان حرب أحمد عبد الهادي صادق - رئيس الهيئة''،
وعرض خلاله معرضًا للصور والوثائق السرية المفرج عنها بعد 60 عامًا من انتهاء الحرب.
و السؤال المستمر ... اين حق مصر ... و حقوق الشهداء !!!