القائد الذي أوصل الأسلام إلي قلب أوروبا

إنضم
10 أغسطس 2008
المشاركات
107
التفاعل
0 0 0
بسم الله الرحمن الرحيم
......................................
في البداية أحب أن أعبر عن مدي سعادتي بأنضمامي لهذا المنتدي الرائع .
........................................
وبما أنه أول موضوع لي فلقد أخترت أن يكون عن التاريخ الأسلامي علنا نسترجع بعضا من لمحات هذا العصر ولما نظرت في التاريخ وجدت شخصيات كثيرة ممن قادوا هذه الأمة في مواقف كثيرة وفتحوا البلاد شرقا وغربا لا لشيئ وإنما لأعلاء كلمة الله عز وجل وكان منهم القائد الأسلامي عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي .
.................................
ولقد نقلت الموضوع من مواقع متعددة وسوف أبين المصادر في آخر الموضوع
.....................................
البداية / السمح بن عبد مالك أمير الأندلس

ما كاد أمير المؤمنين وخامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز ينفض يديه منتراب سلفه سليمان بن عبد الملك ، حتى بـادر بإعادة النظر في أمراء الأمصار ويعزِل ويولِّي وكان في طليعة من استعمله السمح بن مالك الخولاني فلقد أسند إليه ولاية الأندلس وما جاورها من المدن المفتوحة من بلاد فرنسا .

ألقى الأمير الجديد رحاله في بلاد الأندلس وانطلقيبحث عن أعوان الصدق والخير فقال لمن حوله :
أَبقي في هذه الديار أحد من التابعين ؟ فقالوا : نعم أيها الأمير
إنه ما يزال فينا التابعي الجليل عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي
ثم ذكروا له من علمه بكتاب الله وفقهه في حديث رسول الله وبلائه في ميادين الجهاد وتشوقه إلى الاستشهاد وزهده بعرضِ الدنيا الشيء الكثير.

ثم قالوا له: أنه لقي الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن أبيه وأنه أخذ عنه ما شاءالله أن يأخذ وتأسّى به أعظم التأسي .

دعا السمح بن مالك الخولاني عبد الرحمن الغافقي إلى لقائه فلما جاءه رحب به أكرم الترحيب وأدنى مجلسه منه ثم قعد ساعة من نهار يسأله عن كل ما عن له ويستشيره في كثير مما أشكل عليه فإذا هو فوق ما اُخبِرَ عنه ، وأعظم مما ذُكر له ، فعرض عليه أن يوليه عملاً منكبير أعماله في الأندلس .

فقال له : أيها الأمير ، إنما أنا رجل من عامة الناس ولقد وفدت إلى هذه الديار لأقف على ثغر من ثغور المسلمين ونذرت نفسي لمرضاة الله عز وجل وحملت سيفي لإعلاء كلمته في الأرض وستجدنيإن شاء الله تعالى – ألزم لك من ظِلِّكَ ما لزمت الحق وأطوع لك من بنانك ما أطعت الله ورسوله من غير ولاية ولا إمارة .

لم يمض غير قليل حتى عزم السمح بن مالك الخولاني على غزو فرنسا كُلها وضمها إلى عِقدِ دولة الإسلام العظمى وأن يتخذ من ديارها الرحبة طريقاً إلى دول البلقان وأن يُفضي من دول البلقان إلى القسطنطينية تحقيقاً لبشارة الرسول عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام وكانت الخطـوة الأولى لتحقيق هذا الهدف الكبيـر إنما تتوقف علـى احتلال مدينـة أربونة ذلك أن ( أربونة ) كانت من أكبر المدن الفرنسية التي تُجاور بلاد الأندلس وكان المسلمون كلما انحدروا من جبال ( اليرنية) وجدوها تنتصب أمامهم كما ينتصب المارد الجبار وهي فوق ذلك مِفتاح فرنسا الكبرى ومطمح الطامحين إليها.

حاصر السمح بن مالك الخولاني مدينة ( أربونة ) ثم عرض على أهلها الإسلام أوالجزية فعز عليهم ذلك وأبوه فهبَّ يهاجمهم الهجمة تلو الأخرى ويقذفهم بالمنجنيقات حتى سقطت المدينة العريقة الحصينة في أيدي المسلمين بعد أربعة أسابيع من الجهاد البطولي الذي لم تشهد أوروبا نظيراً له من قبل .

ثم بادر القائدالمظفر المنتصر فتوجه بجيشه الجرَّار إلى مدينة تُولُوفنصب حولها المنجنيقات من كل جهة وقذفها بآلة الحرب التي لم تعرف لها أوروبا نظيراً من قبل حتى أوشكت المدينة المنيعة الحصينة أن تخرب ين يديه عند ذلك وقع ما لم يكن في حُسبَان أحد فلنترك الحديث للمستشرق الفرنسي ( رينو ) ليسوق لنا خبر تلك المعركة .

قال رينو
لما أصبح النصر قاب قوسين من المسلمين أو أدنى هبَّ ( دوق أوكتانية ) يستنفر لحربهم البلاد والعباد وأرسل رسله فطافوا أوروبا من أقصاها إلى أقصاها وأنذرو مُلُوكها وأمراءها باحتلال ديارهم وسَبيْ نسائهم وَوِلدانهم فلم يبق شعب في أوروبا إلا أسهم معه بأشد مقاتليه بأساً وأكثرهم عدداً وقد بلغ من وفرة الجيش وعنف حركته وثقل وطأته ما لم تعرف له الدنيا نظيراً له من قبل حتى أن الغبار المتطاير تحت أقدامه قد حجب أشعة الشمس ولما تدانى الجمعان خُيل للناس أن الجبال تلاقي الجبال ثم دارت بين الفريقين رحى معركة ضروس لم يعرف التاريخ لها مثيلاً من قبل وكان السمح أو ( ذاما ) كما كنا نسميه يَظهر أمام جنودنا في كل مكان ويتواثب أمام عسكره في كل اتجاه وفيما هو كذلك أصابته رميةٌ من سهم فخر صريعاً عن جواده فلما رآه المسلمون مجندلاً فوق الثرى فتَّ الموقف في عضدهم وبدأت صفوفهم تتداعى وأصبح في وسع جيشنا الجرار أن يبيدهم عن بكرة أبيهم لولا أن تتدراكتهم العناية الربانية بقائد عبقري عرفته أوروبا فيما بعد هو عبد الرحمن الغافقيفتولَّى أمر انسحابهم بأقل قدر من الخسائر وعاد بهم إلى أسبانيا لكنه عقد العزم على أن يعيد الكرَّة علينا من جديد.


بزوغ نجم القائد الأسلامي والتابعي الجليل عبد الرحمن الغافقي

وعلى إثر استشهاد السمح بن مالك اختار الجيش أحد زعمائه فبذل جهدًا خارقًا ومهارة فائقة في جمع شتات الجيش والتقهقر به إلى الأندلس وأقام نفسه واليًا على الأندلس عدة أشهر قليلة حتى يأتي الوالي الجديد وفي هذه المدة القليلة نجح عبد الرحمن الغافقي في ضبط أمور الولاية والقضاء على الفتن التي ظهرت في الولايات الجبلية الشمالية.

ثم تولى أمر في (صفر 103هـ = أغسطس 722م) وكان من طراز كفاءة وقدرة وورعًا وصلاحًا له شغف بالجهاد وحرص على نشر الإسلام وتوسيع دولته وما إن استقرت الأمور في الأندلس بعد اضطراب واختلال حتى عاود الغزو وخرج على رأس جيشه من قرطبة وسار نحو سبتمانيا التي فقد المسلمون كثيرًا من قواعدها وتابع زحفه شمالاً في وادي الرون ولم تقف هذه الجملة الظافرة إلا قرب بلدة سانس على بعد ثلاثين كيلومترًا جنوبي وخشي أد دوق أكوتين أن يهاجمه المسلمون مرة أخرى فسعى إلى مفاوضتهم ومهادنتهم وبذلك بسط المسلمون نفوذهم في شرق جنوبي فرنسا.

ولما لم يكن في نية عنبسة الاستقرار في تلك المناطق فقد عاد إلى بلاده بعد أن أعاد نفوذ المسلمين في مملكة غالة قاطعًا نحو ألف ميل شمالي وفي طريق العودة داهمته جموع من الفرنجة فالتحم معها في معركة أصيب أثناءها بجراح بالغة توفي على إثرها في (شعبان 107هـ = ديسمبر 725م) بعد أن انفرد بين الغازين المسلمين بفخر الوصول برايات الإسلام إلى قلب أوروبا الغربية.

ثم جاء 4 ولاة للأندلس لم يحكم أغلبهم أكثر من 3 سنين حتى عين عبد الرحمن الغافقي عام م

ولاية القائد الأسلامي عبد الرحمن الغافقي علي الأندلس

بادر عبد الرحمن الغافقي منذ أسندت إليه إمارة الأندلس يعمل على استعادة ثقة الجند بأنفسهم واسترداد شعورهم بالعزة والقوة والغَلَبِ وتحقيق الهدف الكبير الذي طمح إليه قادة المسلمين في الأندلس لكنَّ عبد الرحمن الغافقي كان يوقن بأنَّ الإعداد للمعارك الكبرى إنما يبدأ بإصلاح النفوس وتزكيتها ويعتقد أنه ما من أمةٍ تستطيع أن تحقق غاياتِها في النصر إذا كانت حُصُونُها مصدَّعة مهددة من الداخل وقد دأب عبد الرحمن الغافقي على الاجتماع بقادة الجند ووجوه القوم في كل بلد يَحُلُّه وكان يُنصت بجوارحه إلى كل ما يقولون ويُدون جميع مايقترحون ويتملَّى من سائر ما ينصحون وقد أخذ نفسه في هذه المجالس بأن يسمع كثيراً وأن يتكلم قليلاً وكما كان يلتقي الغافقي بأعيان المسلمين فقد كان يجتمع مع كبار أهل الذمة من المعاهدين وكثيراً ما كان يُسائلهم عما خفِيَ عليه من أمور بلادهم وما يشغل باله من أحوال ملوكهم وقَوَّادِهِم.

وفي ذات مرة استدعى أحد كبار المعاهدين من أبناء فرنسا وأدار معه حديثاً متشعباً ثم قال له :

ما بال ملككم الأكبر "شارل" لا يتصدى لِحربنا ولا ينصرملوك المقاطعات علينا ؟!.

فقال : أيها الأمير إنكم وفيتم لنا بماعاهدتمونا عليه فمن حقكم علينا أن نصدقُكُم القول فيما تسألوننا عنه إن قائدكم الكبير موسى بن نصير قد أحكم قبضته على إسبانيا كلها ثم طَمَحَت همّته لأن يجتاز جبال ( البِرنِيه ) التي تفصل بين ديار الأندلس وبلادنا الجميلة فَجَفَلَ ملوك المقاطعات وقسسها إلى ملكنا الأعظم وقالوا له : ما هذا الخزي الذي لصق بنا وبحفدتنا أبد الدهر أيُّها الملك فلقد كنا نسمع بالمسلمين سماعاً ونخاف وثبتهم علينا من جهة مشرق الشمس ، وها هم أُولاء قدجاءُونا الآن من مغربها فاستولوا على إسبانيا كلِّها وامتلكوا ما فيها من العُدَّة والعتاد واعتلوا قمم الجبال التي تفصل بيننا وبينهم مع أن عددهم قليل وسلاحهم هزيل وأكثرهم لا يمتلك دِرعاً تقيه ضربات السيوف أوجواداً يمتطيه إلى ساحات القتال .

فقال لهم الملك : لقد فكرت فيما عنَّ على بالكم كثيراً وأمعنت النظر فيه طويلاً فرأيت ألا نتعرض لهؤلاء القوم في وثبتهم هذه فإنهم الآن كالسيل الجارف يقتلع كل ما يعترض طريقه ويحتمله معه ويُلقى به حيث يشاء ووجدت أنهم قوم لهم عقيدة ونية تُغنيان عن كثرة العدد ووفرة العُدَدِ ولهم إيمان وصدق يقومان مقام الدروع والخيول ولكن أمهلوهم حتى تمتلي أيديهم من الغنائم ويتخذوا لأنفسهم الدُّور والقصور ويستكثروا من الإماء والخدم ويتنافسوا فيما بينهم على الرئاسة فعند ذلك تتمكنون منهم بأيسر السبل وأقل الجهد .

فأطرق عبد الرحمن إطراقة حزينة وتنهَّد تنهَّداً عميقاً وفضَّ المجلس وقال :

حي على الصلاة فقد اقترب وقتها .

بداية حملة عبد الرحمن الغافقي علي أوروبا

لبث عبد الرحمن الغافقي عامين كاملين يُعِدُ العُدةَ للغزو الكبير فكتَّبَ الكتائب وعبَّأ الجنود وشَحَذَ الهمم وعَمَّرَ القلوب واستنجد بأمير إفريقية فأمدَّهُ بنخبة من الجند يتلظَّون شوقاً إلى الجهاد ويتحرَّقون لهفةً على الاستشهاد ثم أرسل إلى عثمان بن أبي نُسْعَةَ أمير الثغور بأن يُشاغِل الثغور بغاراته إلى أنْ يقْدَم عليه هو بجمهرة الجيش لكنَّ عثمان هذا كان ينضوي على ضغينة لكل أمير بعيد الهمَّة عظيم الطموح يُقْدِمُ على عمل كبير يَرْفَع ذكره في الأنام ويُخمل غيره من الولاة والعمَّال أضف إلى ذلك أنَّه قد ظفر في أحدى غاراته السابقة على فرنسا بابْنَة ( دوق أوكتانية ) وتدعي منيين وكانت هذه فتاةً ريَّانة الشباب بارعة الجمال قد جمعت إلى فتنة الحُسْن عِزَّة الملك ومَزجت بين رونق الصِّبا ودلال بنات القصور فشغفت فؤاده حُبْاً وهام بها وجداً وحَظيَت ْعنده كما لم تحظ زوجة وقد زينت له أن يُهادن أباها ، فعقد معه معاهدة أمَّنهُ فيها من غارات المسلمين على مقاطعته التي كانت تُتَاخم الثغور الأندلسية .

فلما جاءه أمر عبد الرحمن الغافقي بالزحف على بلاد حَمِيهِ ( دوق أوكتانية ) سُقِطَ في يده وبات حَيْران لا يدري ماذا يفعل لكنَّه مالبث فكتب إلى الأمير الغافقي يُراجعه فيما أمره به ويقول له: إنه لا يستطيع أن يَخْفِرَ عهد ( دوق أوكتانية ) قبل انقضاء أجله فاستشاط عبد الرحمن الغافقي منه غضباً وبعث إليه يقول :
إنَّ العهد الذي قطعته للفرنجة دون عهد أميرك لا يُلْزِمُهُ ولا يُلزم جيوش المسلمين بشيء .

وإن عليك أن تبادر إلى إنفاذ ما أمرتك به دون تردد أو تلكؤ فلما يئس ابن أبي نُسْعَةمن حمل الأمير على الإقلاع عن عزمه بعث إلى حميه رسولاً يُخْبِرَهُ بما جرى ويدعوه لأن يأخذ حِذرهلكنَّ عيون عبد الرحمن الغافقي كانت ترصد حركات ابن أبي نُسْعَة وسكناته فنقلت إلى الأمير أخبار اتصاله مع العدو فبادر الغافقي وجهّز كتيبة اختار رجالها من ذَوِي الشِّدَة والبأس وعقد لوائها لمُجاهد من الكُمَاة المجرَّبين وأمره بأن يأتي بعثمان بن أبي نُسْعَة حياً أو ميتاً وباغتت الكتيبة ابن أبي نُسْعَة وأوشكت أن تظفر به لولا أنَّه أنَذِرَ بها ففرَّ إلى الجبال يصحبه عدَدٌ من رجاله ومعه زوجته الحسناء التي كان لا يفارقها أبداً ولا يرى الدنيا إلى بها فَمَضَت الكتيبة في إثره وأحاطت به وبمن معه فدافع عن نفسه وعن زوجته دِفاع الأسد عن شِبلهِ وظلَّ يناضل دُونها حتَّى سَقَطَ قتيلاً وفي جسمه ما لا يحصى من ضربات السيوف وطعنات الرِّماح فاحتَزَّ الجنود رأسه وحملوه مع الأميرة الحسناء إلى عبد الرحمن الغافقي.

فلمَّا صارت بين يديه ورأى جمالها الباهر غَضَّ من طرْفِهِ وأشاح عنها بوجهِهِ ثم أرسلها هدية إلى دار الخلافة فانتهت حياة الأميرة الفرنسية الحسناء في حرم الخليفة الأمويِّ في دمشق .


معركة بلاط الشهداء

جمع عبد الرحمن جنده في بنبلونة شمال الأندلس وعبر بهم في أوائل سنة (114 هـ = 732م) جبال ألبرت ودخل فرنسا واتجه إلى الجنوب إلى مدينة آرال الواقعة على نهر الرون لامتناعها عن دفع الجزية وخروجها عن طاعته ففتحها بعد معركة هائلة ثم توجه غربا إلى دوقية أقطاينا أكويتين وحقق عليها نصرا حاسما على ضفاف نهر الدوردوني ومزّق جيشها واضطر الدوق "أودو" أن يتقهقر بقواته نحو الشمال تاركا عاصمته "بردال" (بوردو) ليدخلها المسلمون فاتحين وأصبحت ولاية أكويتين في قبضة المسلمين تماما ومضى الغافقي نحو نهر اللوار وتوجه إلى مدينة "تور" ثانية مدائن الدوقية وفيها كنيسة "سان مارتان" وكانت ذات شهرة فائقة آنذاك فاقتحم المسلمون المدينة واستولوا عليها.

ولم يجد الدوق "أودو" بدا من الاستنجاد بالدولة الميروفنجية وكانت أمورها في يد شارتل مارتل فلبى النداء وأسرع بنجدته وكان من قبل لا يُعنى بتحركات المسلمين في جنوب فرنسا نظرا للخلاف الذي كان بينه وبين أودو دوق أقطانيا وجد شارل مارتل في طلب نجدته فرصة لبسط نفوذه على أقطانيا التي كانت بيد غريمه ووقف الفتح الإسلامي بعد أن بات يهدده فتحرك على الفور ولم يدخر جهدا في الاستعداد فبعث يستقدم الجند من كل مكان فوافته جنود أجلاف أقوياء يحاربون شبه عراة بالإضافة إلى جنده وكانوا أقوياء لهم خبرة بالحروب والنوازل وبعد أن أتم شارل مارتل استعداده تحرك بجيشه الجرار الذي يزيد في عدده على جيش المسلمين يهز الأرض هزا، وتردد سهول فرنسا صدى أصوات الجنود وجلباتهم حتى وصل إلى مروج نهر اللوار الجنوبية.


اللقاء المرتقب


كان الجيش الإسلامي قد انتهى بعد زحفه إلى السهل الممتد بين مدينتي بواتييه وتور بعد أن استولى على المدينتين وفي ذلك الوقت كان جيش شارل مارتل قد انتهى إلى اللوار دون أن ينتبه المسلمون بقدوم طلائعه وحين أراد الغافقي أن يقتحم نهر اللوار لملاقاة خصمه على ضفته اليمنى قبل أن يكمل استعداده فاجأه مارتل بقواته الجرارة التي تفوق جيش المسلمين في الكثرة فاضطر عبد الرحمن إلى الرجوع والارتداد إلى السهل الواقعبين بواتييه وتور وعبر شارل بقواته نهر اللوار وعسكر بجيشه على أميال قليلة من جيش الغافقي.

وفي ذلك السهل دارت المعركة بين الفريقين ولا يُعرف على وجه الدقة موقع الميدان الذي دارت فيه أحداث المعركة وإن رجحت بعض الروايات أنها وقعت على مقربة من طريق روماني يصل بين بواتييه وشاتلرو في مكان يبعد نحو عشرين كيلومترا من شمالي شرق بواتييه يسمّى بالبلاط وهي كلمة تعني في الأندلس القصر أو الحصن الذي حوله حدائق ولذا سميت المعركة في المصادر العربية ببلاط الشهداء لكثرة ما استشهد فيها من المسلمين وتسمّى في المصادر الأوربية معركة تور- بواتييه.

ونشب القتال بين الفريقين في (أواخر شعبان 114 هـ = أكتوبر 732م) واستمر تسعة أيام حتى أوائل شهر رمضان دون أن يحقق أحدهما نصرا حاسما لصالحه.

وفي اليوم العاشرنشبت معركة هائلة وأبدى كلا الفريقين منتهى الشجاعة والجلد والثبات، حتى بدأ الإعياء على الفرنجة ولاحت تباشير النصر للمسلمين ولكن حدث أن اخترقت فرقة من فرسان العدو إلى خلف صفوف المسلمين حيث معسكر الغنائم فارتدت فرقة كبيرة من الفرسان من قلب المعركة لرد الهجوم المباغت وحماية الغنائم غير أن هذا أدى إلى خلل في النظام واضطراب صفوف المسلمين واتساع في الثغرة التي نفذ منها الفرنجة.

وحاول الغافقي أن يعيد النظام ويمسك بزمام الأمور ويرد الحماس إلى نفوس جنده لكن الموت لم يسعفه بعد أن أصابه سهم غادر أودى بحياته فسقط شهيدا في الميدان فازدادت صفوف المسلمين اضطرابا وعم الذعر في الجيش ولولا بقية من ثبات راسخ وإيمان جياش ورغبة في النصر لحدثت كارثة كبرى للمسلمين أمام جيش يفوقهم عددا.

وصبر المسلمون حتى أقبل الليل فانتهزوا فرصة ظلام الليل وانسحبوا إلى سبتمانيا تاركين أثقالهم ومعظم أسلابهم غنيمة للعدو.

ولما لاح الصباح نهض الفرنجة لمواصلة القتال فلم يجدوا أحدا من المسلمين ولم يجدوا سوى السكون الذي يطبق على المكان فتقدموا على حذر نحو الخيام لعل في الأمر خديعة فوجدوها خاوية إلا من الجرحى العاجزين عن الحركة فذبحوهم على الفور واكتفى شارل مارتل بانسحاب المسلمين ولم يجرؤ على مطاردتهم وعاد بجيشه إلى الشمال من حيث أتى.

نتائج المعركة

كثر الكلام حول هذه المعركة وأحاطها المؤرخون الأوربيون باهتمام مبالغ وجعلوها معركة فاصلة ولا يخفى سر اهتمامهم بها فمعظمهم يعدها إنقاذًا لأوروبا فيقول "إدوارد جيبون في كتاب اضمحلال الإمبراطورية الرومانية عن هذه المعركة
إنها أنقذت آباءنا البريطانيين وجيراننا الفرنسيين من نير القرآن المدني والديني، وحفظت جلال روما، وشدت بأزر النصرانية


ويقول السير إدوارد كريزي
إن النصر العظيم الذي ناله شارل مارتل على العرب سنة 732م وضع حدا حاسما لفتوح العرب في غرب أوروبا، وأنقذ النصرانية من الإسلام".


ويرى فريق آخر من المؤرخين المعتدلين في هذا الانتصار نكبة كبيرة حلت بأوروبا وحرمتها من المدنية والحضارة فيقول جوستاف لوبون في كتابه المعروف "حضارة العرب الذي ترجمه "عادل زعيتر إلى العربية في دقة وبلاغة:
لو أن العرب استولوا على فرنسا، إذن لصارت باريس مثل قرطبة في إسبانيا، مركزا للحضارة والعلم حيث كان رجل الشارع فيها يكتب ويقرأ بل ويقرض الشعر أحيانا في الوقت الذي كان فيه ملوك أوروبا لا يعرفون كتابة أسمائهم".
وبعد معركة بلاط الشهداء لم تسنح للمسلمين فرصة أخرى لينفذوا إلى قلب أوربا فقد أصيبوا بتفرقة الكلمة واشتعال المنازعات في الوقت الذي توحدت قوة النصارى وبدأت ما يُسمّى بحركة الاسترداد والاستيلاء على ما في يد المسلمين في الأندلس من مدن وقواعد.


وهكذا أحبتي في الله أسدل الستار عن رجل من رجالات هذه الأمة صدق فيهم قول الله عز وجل (رجال صدقو ما عاهدو الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلو تبديلا)

المصادر :

عبد الرحمن الغافقي(أمير الأندلس)







..............................................
تم بحمد الله
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
saraya2ob6.jpg

رحم الله عبدالرحمن الغافقى ، وإن شاء الله سوف يأتى من يدخل كنيسة بولس بالفاتيكان وتصبح قسطنطينية ورومية إحدى قلاع الإسلام ، ذلك يوم يرونه بعيداً ونراه قريباً .
 
التعديل الأخير:
رحــم الله السمـــــح
بطــــل معــــركة بــــلاط الشهــــداء

فالله درها من كوكبة سبقت لمرضاة ربها وإلى جناة خلد النعيم المقيم .
اللهم تقبله في عليين و ألحقه بخير المرسلين وجعله في حواصل الطير الخضر القناديل .


اللهم ارزقنا ما رزقته من شهادة في سبيلك
 
مشكور على الموضوع ورحم الله شهداء المسلمين
 
بالفعل ابطااال نفتخر بهم على مدار العصور رحمهم الله رحمة واسعة

موضوع راااائع وبقوووة​
 
السلام عليكم أخي الكريم المسلم المجاهد
إن الأمّة الإسلامية لما كانت ذات دولة واحدة هي الخلافة وحكومة واحدة تحكم بالشرع الحنيف وليس بالقانون الوضعي الذي هي زبالة أذهان البشر على حد قول ابن كثير رحمه الله تعالى،وذا أرض واحدة تمتد من الصين إلى بحر الظلمات وليس فيها معابر أو جوازات سفر وتصعيبات مرورية على المسلمين بينما النصارى واليهود يمرحون في بلادنا وحسبنا الله ونعم الوكيل،أقول لما كان لنا دين واحد ونبي واحد وحاكم واحد يحكم بشرع الله الواحد سدنا العالم وكانت آخر دولنا العظمى تسمّى(الدّولة العليّة) ويسمّى مسكن رئيس وزرائها(الباب العالي) ويكفي ما قاله الصدر الأعظم للسفير الإنجليزي في إسلامبول عندما سأله(لماذا تمنعون سفننا من المرور في البحر الأحمر للتّجارة فقال الصدر الاعظم رحمه الله(كيف نترك سفنكم النجسة تدنّس بحر الحرم، فقال الإنجليزي إذا كنت تدعو البحر الأحمر بحر الحرم فماذا تقول عن بحر مرمرة فقال الصدر الأعظم:هذا مسبح السلطان(الخليفة).
أما الآن فالحال لا يخفى أديان شتّى تتزيّا بزي الإسلام(شيوعيّة-علمانيّة-عبادة وطن-قوميّة)،وأما النبي الواحد صلّى الله عليه وسلّم فأصبح بدلاً منه انبياء دجّالون يدّعون إتّباعه ويدشّنون لنا سنناً بدعيّة آثمة،وأمّا الحاكم الواحد الّذي يحكم بالشّرع الإسلامي فقد أصبح عندنا حكام يحكمون بالقانون الإجرامي ولا حول ولا قوّة إلا بالله(إن بحر الحرم بل والحرم أصبح مهدّداُ فواسلطاناه)
إن هذه كلمة حقّ وإن رأيتم أنّها خالف قوانين المنتدى فهي لا تخالف الواقع والحقيقة
أقول ما تسمعون وأفوض أمري إلى الله
 
همة عالية إمتاز بها أسلافنا المجاهدين الفاتحين
 
اللهم ارزقنا قبل الموت توبة و أطعمنا الشهادة
 
عودة
أعلى