الأشرف سيف الدين برسباي
بدأ "برسباي" حياته مملوكا للأمير "دقماق المحمدي" نائب "ملطية"، الذي اشتراه من أحد تجار العبيد، ومكث في خدمته فترة من الوقت ، و اليه انتيسب اسمه ، فأصبح يعرف ببرسباي الدقماقي، ثم أهداه سيده إلى السلطان الظاهر برقوق سلطان مصر، فأعتقه، وجعله من جملة مماليكه وأمرائه، وبعد وفاة السلطان برقوق تقلّب في في عدة مناصب منتقلا بين سلطان و اخر ، حتى نجح في اعتلاء عرش السلطنة في (8 من ربيع الآخر 825هـ = 1 من إبريل 1422م)، وهو السلطان الثامن في ترتيب سلاطين دولة المماليك البرجية، والثاني والثلاثون في الترتيب العام لسلاطين دولة المماليك.
الامن في عهده
وقد نجح السلطان برسباي في الفترة التي قضاها في الحكم -وهي نحو 17 سنة- في إشاعة الأمن والاستقرار، والقضاء على الثورات والفتن و حالات التمرد التي لا تنتهي ، و التي شبت في البلاد، والضرب على أيدي الخارجين على النظام، كما فعل مع ثورة طائفة المماليك الأجلاب، وهم الذين جاءوا إلى مصر كبارًا، وكانوا قد عاثوا في الأرض فسادًا لتأخر رواتبهم في عامي (835هـ = 1431م)، (838هـ = 1434م)، وقد مكّنه ذلك الاستقرار الذي نعمت به البلاد من القيام بغزو جزيرة قبرص.
غزو قبرص
شن السلطان على قبرص 3 حملات من اجل اخضاعها خاصة بعد ان تعددت هجمات القبرصيين على الموانئ الاسلامية خرجت الحملة الأولى في سنة (827هـ = 1424م)، وكانت حملة صغيرة نزلت قبرص، وهاجمت ميناء ليماسول، وأحرقت ثلاث سفن قبرصية كانت تستعد للقرصنة، وغنموا غنائم كثيرة، ثم عادت الحملة إلى القاهرة وكان الهدف من الحملة هو اختبار استعدادات و قوة الجزيرة اي انها كانت حملة استكشافية .
شجع هذا النصر أن يبادر برسباي بإعداد حملة أكبر قوة و عتادا من الحملة السابقة ، فخرجت الحملة الثانية في رجب (828هـ = مايو 1425م) مكونة من أربعين سفينة، واتجهت إلى الشام، ومنها إلى قبرص، حيث نجحت في تدمير قلعة ليماسول، وقُتل نحو الاف القبارصة، فضلا عن حوالي ألف أسير، فضلاً عن الغنائم الكثيرة التى حصل عليها الجيش .
وفي الحملة الثالثة استهدف برسباي فتح الجزيرة وإخضاعها لسلطانه، فأعد حملة أعظم من الحملتين السابقتين وأكثر عددا وعُدة، فأبحرت مائة وثمانون سفينة من ميناء رشيد في (829هـ = 1426م)، واتجهت إلى ليماسول، فلم تلبث أن استسلمت للقوات المصرية في (26 من شعبان 829هـ = 2من يوليو 1426م)، وتحركت الحملة شمالا في قلب جزيرة قبرص، وحاول ملك الجزيرة جاهدا أن يدفع القوات المصرية الغازية عن الاستيلاء على مملكته ، لكنه فشل وسقط أسيرافي ايدي القوات المصرية ، واستولت القوات المصرية على العاصمة "نيقوسيا"، وبذلك دخلت الجزيرة في سيطرة دولة المماليك البرجية .
استقبل برسباي بالقلعة ملك قبرص الاسير الذي اعلن طاعته للسلطان و طلب اطلاق سراحه، وكان بحضرته وفود من أماكن عدة للتهنئة بالنصر الذي حققته الجيوش المصرية، مثل: شريف مكة، ورسل من آل عثمان، وملك تونس، وبعض أمراء التركمان، ، فوافق السلطان على أن يدفع ملك قبرص المأسور مائتي ألف دينار كفدية نظير اطلاق سراحه ، مع التعهد بأن تظل قبرص تابعة لسلطان دولة المماليك، وأن يكون هو نائبا عن السلطان المملوكي في حكمها، وأن يدفع جزية سنوية، واستمرت جزيرة قبرص منذ ذلك الوقت تابعة للحكم المصري، حتى سنة (923هـ = 1517م) التي سقطت فيها دولة المماليك على يد السلطان العثماني "سليم الأول".
العلاقات الخارجية
ارتبطت مصر في عهد برسباي بعلاقات ودية مع الدولة العثمانية، وتبادل التهنئة،
وفي عهد السلطان برسباي تأزمت العلاقات بينه وبين الدولة التيمورية في فارس، وكان "شاه رخ" قد بعث إلى السلطان المملوكي يطلب منه إرسال بعض المؤلفات لعلماء مصر البارزين، مثل: فتح الباري لابن حجر، وتاريخ المقريزي، وأن يسمح له بكسوة الكعبة المعظمة، غير أن السلطان رفض، بل ولم يرسل له الكتب التي طلبها، ولم ييئس الشاه من الرفض فعاود الطلب والرجاء، وكان برسباي يرى أن كسوة الكعبة حق لسلاطين مصر لا يشاركهم في هذا الشرف أحد.
وكان من شأن هذا التوتر أن ساءت العلاقات بين السلطانين، واستعد كل منهما للآخر،
الحياة الاقتصادية
اعتمدت الحياة الاقتصادية في العصر المملوكي على التجارة والصناعة والزراعة، غير أن التجارة استأثرت باكبر نصيب في حجم الاقتصاد المملوكي؛ حيث كانت التجارة العالمية تمر من خلال و عبر حدود الدولة المملوكية، وقصد التجار الأوروبيون موانئ الدولة من اجل الشراء والبيع، الأمر الذي عاد على الدولة بالخير الوفير.
واتخذ السلطان برسباي عدة إجراءات لتنشيط حركة التجارة فخفض الرسوم المفروضة على التجار في بعض الموانئ التابعة له كميناء جدة، وأسبغ حمايته على التجار، و حرص على المحافظة على المن من اجل حماية التحار و بضاعتهم من السلب والنهب، ودعّم علاقاته مع دول أوروبا ومدنها، فعقد معهم الاتفاقيات التجارية التي سعادت على النمو التجاري و زيادة ثروة البلاد
وضرب السلطان الدينار الأشرفي ليكون أساس التعامل التجاري، وأبطل التعامل بالنقد الاجنبي كالبندقي والفلورنسي، وشجع الناس على استعمال نقوده التي سكّها بان زود القيمة الشرائية لها
و بالرغم من تشجيع السلطان للتجارة الاأنه مارس احتكار تجارة بعض السلع: كالسكر، والفلفل، والأقمشة الجيدة الواردة من الموصل وبعلبك، وهو ما أدى إلى زيادة سعرها ومعاناة الناس في شرائها كنتيجة مباشرة لعملية الاحتكار .
وامتدت همة السلطان برسباي إلى العناية بالزراعة، فأمر بحفر الخليج الناصري بعد أن كاد يندثر ، وعُني ببناء الجسور، وإقامة القناطر، وإصلاح وصيانة ما تهدم منها، ونظرا لهذه الرعاية، فلم تتعرض المحاصيل للهلاك بسبب نقصان المياه طوال المدة التي قضاها في الحكم.
النواحي الحضارية و الثقافية
وعُني السلطان ببناء ثلاث مدارس إحداها بمدينة الخانكة التابعة لمحافظة القليوبية، وقد بالغ في الاهتمام بنائها وزخرفتها، والثانية في قلب مدينة القاهرة بشارع "المعز لدين الله"، وهي المعروفة بالأشرفية نسبة إلى لقب صاحبها، وتمت عمارتها سنة (829هـ = 1425م)، و، والثالثة بالصحراء خارج القاهرة، وهي التي دُفن فيها،. لم يكتف السلطان بما شيد و اقيم من مبانٍ ومنشآت، فشملت عنايته المدارس والخانقاوات التي شيدت في العصور السابقة لعصره فاهتم بالمحافظة على صيانتها و اوقافها خاصة بعد ان تسرب الفساد إلى نفوس نظار الوقف فاهملوا مباشرة الاهتمام بالاوقاف التابعة لهم مما جعله -السلطان - يشكل مجلسا من القضاه جعل كل مهمته هو ان يراجع و يعيد النظر في امر تلك الاوقاف برئاسة شيخ الاسلام ابن حجر العسقلاني
وكان من شأن هذه المدارس أن نشّطت الحركة العلمية، وازدهرت العلوم والفنون، و قد كان من علماء عصره العديد و من اعيانهم الامام ابن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري و المؤرخ المقريزي صاحب الخطط.
وفاة السلطان
تُوفى السلطان ي في (ذي الحجة 841هـ = مايو 1437م)، وتولى خلفا منه ابنه السلطان العزيز جمال الدين يوسف.
منقول عن ويكيبيديا.
بدأ "برسباي" حياته مملوكا للأمير "دقماق المحمدي" نائب "ملطية"، الذي اشتراه من أحد تجار العبيد، ومكث في خدمته فترة من الوقت ، و اليه انتيسب اسمه ، فأصبح يعرف ببرسباي الدقماقي، ثم أهداه سيده إلى السلطان الظاهر برقوق سلطان مصر، فأعتقه، وجعله من جملة مماليكه وأمرائه، وبعد وفاة السلطان برقوق تقلّب في في عدة مناصب منتقلا بين سلطان و اخر ، حتى نجح في اعتلاء عرش السلطنة في (8 من ربيع الآخر 825هـ = 1 من إبريل 1422م)، وهو السلطان الثامن في ترتيب سلاطين دولة المماليك البرجية، والثاني والثلاثون في الترتيب العام لسلاطين دولة المماليك.
الامن في عهده
وقد نجح السلطان برسباي في الفترة التي قضاها في الحكم -وهي نحو 17 سنة- في إشاعة الأمن والاستقرار، والقضاء على الثورات والفتن و حالات التمرد التي لا تنتهي ، و التي شبت في البلاد، والضرب على أيدي الخارجين على النظام، كما فعل مع ثورة طائفة المماليك الأجلاب، وهم الذين جاءوا إلى مصر كبارًا، وكانوا قد عاثوا في الأرض فسادًا لتأخر رواتبهم في عامي (835هـ = 1431م)، (838هـ = 1434م)، وقد مكّنه ذلك الاستقرار الذي نعمت به البلاد من القيام بغزو جزيرة قبرص.
غزو قبرص
شن السلطان على قبرص 3 حملات من اجل اخضاعها خاصة بعد ان تعددت هجمات القبرصيين على الموانئ الاسلامية خرجت الحملة الأولى في سنة (827هـ = 1424م)، وكانت حملة صغيرة نزلت قبرص، وهاجمت ميناء ليماسول، وأحرقت ثلاث سفن قبرصية كانت تستعد للقرصنة، وغنموا غنائم كثيرة، ثم عادت الحملة إلى القاهرة وكان الهدف من الحملة هو اختبار استعدادات و قوة الجزيرة اي انها كانت حملة استكشافية .
شجع هذا النصر أن يبادر برسباي بإعداد حملة أكبر قوة و عتادا من الحملة السابقة ، فخرجت الحملة الثانية في رجب (828هـ = مايو 1425م) مكونة من أربعين سفينة، واتجهت إلى الشام، ومنها إلى قبرص، حيث نجحت في تدمير قلعة ليماسول، وقُتل نحو الاف القبارصة، فضلا عن حوالي ألف أسير، فضلاً عن الغنائم الكثيرة التى حصل عليها الجيش .
وفي الحملة الثالثة استهدف برسباي فتح الجزيرة وإخضاعها لسلطانه، فأعد حملة أعظم من الحملتين السابقتين وأكثر عددا وعُدة، فأبحرت مائة وثمانون سفينة من ميناء رشيد في (829هـ = 1426م)، واتجهت إلى ليماسول، فلم تلبث أن استسلمت للقوات المصرية في (26 من شعبان 829هـ = 2من يوليو 1426م)، وتحركت الحملة شمالا في قلب جزيرة قبرص، وحاول ملك الجزيرة جاهدا أن يدفع القوات المصرية الغازية عن الاستيلاء على مملكته ، لكنه فشل وسقط أسيرافي ايدي القوات المصرية ، واستولت القوات المصرية على العاصمة "نيقوسيا"، وبذلك دخلت الجزيرة في سيطرة دولة المماليك البرجية .
استقبل برسباي بالقلعة ملك قبرص الاسير الذي اعلن طاعته للسلطان و طلب اطلاق سراحه، وكان بحضرته وفود من أماكن عدة للتهنئة بالنصر الذي حققته الجيوش المصرية، مثل: شريف مكة، ورسل من آل عثمان، وملك تونس، وبعض أمراء التركمان، ، فوافق السلطان على أن يدفع ملك قبرص المأسور مائتي ألف دينار كفدية نظير اطلاق سراحه ، مع التعهد بأن تظل قبرص تابعة لسلطان دولة المماليك، وأن يكون هو نائبا عن السلطان المملوكي في حكمها، وأن يدفع جزية سنوية، واستمرت جزيرة قبرص منذ ذلك الوقت تابعة للحكم المصري، حتى سنة (923هـ = 1517م) التي سقطت فيها دولة المماليك على يد السلطان العثماني "سليم الأول".
العلاقات الخارجية
ارتبطت مصر في عهد برسباي بعلاقات ودية مع الدولة العثمانية، وتبادل التهنئة،
وفي عهد السلطان برسباي تأزمت العلاقات بينه وبين الدولة التيمورية في فارس، وكان "شاه رخ" قد بعث إلى السلطان المملوكي يطلب منه إرسال بعض المؤلفات لعلماء مصر البارزين، مثل: فتح الباري لابن حجر، وتاريخ المقريزي، وأن يسمح له بكسوة الكعبة المعظمة، غير أن السلطان رفض، بل ولم يرسل له الكتب التي طلبها، ولم ييئس الشاه من الرفض فعاود الطلب والرجاء، وكان برسباي يرى أن كسوة الكعبة حق لسلاطين مصر لا يشاركهم في هذا الشرف أحد.
وكان من شأن هذا التوتر أن ساءت العلاقات بين السلطانين، واستعد كل منهما للآخر،
الحياة الاقتصادية
اعتمدت الحياة الاقتصادية في العصر المملوكي على التجارة والصناعة والزراعة، غير أن التجارة استأثرت باكبر نصيب في حجم الاقتصاد المملوكي؛ حيث كانت التجارة العالمية تمر من خلال و عبر حدود الدولة المملوكية، وقصد التجار الأوروبيون موانئ الدولة من اجل الشراء والبيع، الأمر الذي عاد على الدولة بالخير الوفير.
واتخذ السلطان برسباي عدة إجراءات لتنشيط حركة التجارة فخفض الرسوم المفروضة على التجار في بعض الموانئ التابعة له كميناء جدة، وأسبغ حمايته على التجار، و حرص على المحافظة على المن من اجل حماية التحار و بضاعتهم من السلب والنهب، ودعّم علاقاته مع دول أوروبا ومدنها، فعقد معهم الاتفاقيات التجارية التي سعادت على النمو التجاري و زيادة ثروة البلاد
وضرب السلطان الدينار الأشرفي ليكون أساس التعامل التجاري، وأبطل التعامل بالنقد الاجنبي كالبندقي والفلورنسي، وشجع الناس على استعمال نقوده التي سكّها بان زود القيمة الشرائية لها
و بالرغم من تشجيع السلطان للتجارة الاأنه مارس احتكار تجارة بعض السلع: كالسكر، والفلفل، والأقمشة الجيدة الواردة من الموصل وبعلبك، وهو ما أدى إلى زيادة سعرها ومعاناة الناس في شرائها كنتيجة مباشرة لعملية الاحتكار .
وامتدت همة السلطان برسباي إلى العناية بالزراعة، فأمر بحفر الخليج الناصري بعد أن كاد يندثر ، وعُني ببناء الجسور، وإقامة القناطر، وإصلاح وصيانة ما تهدم منها، ونظرا لهذه الرعاية، فلم تتعرض المحاصيل للهلاك بسبب نقصان المياه طوال المدة التي قضاها في الحكم.
النواحي الحضارية و الثقافية
وعُني السلطان ببناء ثلاث مدارس إحداها بمدينة الخانكة التابعة لمحافظة القليوبية، وقد بالغ في الاهتمام بنائها وزخرفتها، والثانية في قلب مدينة القاهرة بشارع "المعز لدين الله"، وهي المعروفة بالأشرفية نسبة إلى لقب صاحبها، وتمت عمارتها سنة (829هـ = 1425م)، و، والثالثة بالصحراء خارج القاهرة، وهي التي دُفن فيها،. لم يكتف السلطان بما شيد و اقيم من مبانٍ ومنشآت، فشملت عنايته المدارس والخانقاوات التي شيدت في العصور السابقة لعصره فاهتم بالمحافظة على صيانتها و اوقافها خاصة بعد ان تسرب الفساد إلى نفوس نظار الوقف فاهملوا مباشرة الاهتمام بالاوقاف التابعة لهم مما جعله -السلطان - يشكل مجلسا من القضاه جعل كل مهمته هو ان يراجع و يعيد النظر في امر تلك الاوقاف برئاسة شيخ الاسلام ابن حجر العسقلاني
وكان من شأن هذه المدارس أن نشّطت الحركة العلمية، وازدهرت العلوم والفنون، و قد كان من علماء عصره العديد و من اعيانهم الامام ابن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري و المؤرخ المقريزي صاحب الخطط.
وفاة السلطان
تُوفى السلطان ي في (ذي الحجة 841هـ = مايو 1437م)، وتولى خلفا منه ابنه السلطان العزيز جمال الدين يوسف.
منقول عن ويكيبيديا.