العهدة العمرية والشروط العمرية:
مقتطعة من بحث بعنوان روايات العهدة العمرية ـ دراسة توثيقية ـ
الدكتور رمضان اسحق الزيان
مقتطعة من بحث بعنوان روايات العهدة العمرية ـ دراسة توثيقية ـ
الدكتور رمضان اسحق الزيان
وضع البعض (1) قصداً أو جهلاً عنوان العهدة العمرية فوق ما يعرف عند الفقهاء بالشروط العمرية التي أوردها اﻷمام ابن الجوزي في كتابه أحكام أهل الذمة (2) ، وابن كثير في تفسيره (3). وشيخ اﻹسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوي (4)
وهذا نص ابن القيم يرويه عن سفيان الثوري، عن مسروق، عن عبد الرحمن بن غنم قال:
كتبت لعمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه حين صالح نصارى أهل الشام وشرط عليهم أﻻ يحدثوا في مدينتهم وﻻ فيما حولها ديراً و ﻻ كنيسة وﻻ قِلاية (5) ، وﻻ صومعة راهـب ، وﻻ يجددوا ما خبء، وﻻ يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال، يطعمونهم ، وﻻ يؤوا جاسوساً ، وﻻ يكتمون غشاً للمسلمين ، وﻻ يعلموا أوﻻدهم القرآن، وﻻ يظهروا شركاً، وﻻ يمنعوا ذوي قربتهم من اﻹسلام إن أرادوه، وأن يوقروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، وﻻ يتشبهون بالمسلمين في شئ من لباسهم ، وﻻ يكتبوا بكناهم ، وﻻ يركبوا سرجاً ، وﻻ يقلدوا سيفاً ، وﻻ يبيعوا الخمور ، وأن يجزوا مقادم رؤوسهم (6) ، وأن يلزموا زيهم حيث ما كانوا ، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم ، وﻻ يظهروا صليباً وﻻ شيئاً من كتبهم على شئ من طرق المسلمين ، وﻻ يجاوروا المسلمين بموتاهم ، وﻻ يضربوا بالناقوس إﻻ ضرباً خفيفاً ، وﻻ يرفعوا أصواتهم بالقـراءة في كنائسهم في شئ من حضرة المسلمين ، وﻻ يخرجوا شعانين (7) ، وﻻ يرفعوا أصواتهم مع موتاهم ، وﻻ يظهروا النيران معهم ، وﻻ يشتروا من الرقيق ما جرت فيه سهام المسلمين ، فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه ، فﻼ ذمة لهم ، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق(8) " .
وعند دراسة هذا اﻹسناد يتبين بوضوح ضعفه بسبب اﻻنقطاع بين سفيان الثوري الذي مات سنة 161هـ ومسروق بن الأجدع التابعي المخضرم، ناهيك عن اﻻنقطاع بين اﻹمام ابن الجوزي المولود سنة 691هـ وسفيان الثوري.
وقـد أورد ابن الجوزي مجموعة من الروايات في هذا المعنى كلها ﻻ يخلو من ضعف في بعض رواتها أو جهالة في آخرين ، ومن الجدير ذكره أن الدكتور/ همام سعيد فـي كتابه الوضع القانوني ﻷهل الذمة أشار إلى توهين هذه الشروط من جميع طرقها (9) .
حتى اﻹمام ابن الجوزي فطن للضعف فقال معلقاً عقب ذكر الروايات: "وشهرة هذه الشـروط تغني عن أسانيدها "، وهذا اﻷمر ﻻ يسلم له فيه ﻷن الشهرة ﻻ تعني الصحة أو حتى الحسن ، بل هناك من المشهور ما هو موضوع.
وعلـيه تكون هذه الشروط غير مقبولة حديثياً وإن استخدمها الفقهاء في كتبهم ، وأن العهدة العمرية تختلف تماماً عن الشروط العمرية .
الهوامش :
(1) منهم صاحب موقع الدروس النحوية في شرح الألفية ذكـر الشروط العمرية تحت عنوان : العهدة العمرية ، وهذا فيه خلط واضح بين مصطلحي ( العهدة العمرية ) و ( الشروط العمرية ) .
(2) أحكام أهل الذمة ، ابن الجوزي ، ج3 ص 1167 – 1159 .
(3) تفسير ابن كثير ، ج2 ص 347.
(4) مجموع الفتاوي ، ﻻبن تيمية ، ج28 ص652 .د. رمضان الزيان
(5) القلاية : بناء كالدير، انظر : معجم البلدان ، ج4 ص438 .
(6) أي : قص الشعر الذي يقع على الوجه من مقدم الرأس .
(7) شعانين ، أي عـيد للنصارى، يقع يوم اﻷحد السابق لعيد الفصح، يحتفل فيه بذكرى دخول عيسى عليه السلام بيت المقدس . انظر: المعجم الوسيط .
(8) أحكام أهل الذمة ، ابن القيم ، ج3 ص1163 .
(9) الوضع القانوني لأهل الذمة القانوني ﻷهل الذمة، د. همام سعيد ، ص 157 .روايات العهدة العمرية – دراسة توثيقية
وهذا نص ابن القيم يرويه عن سفيان الثوري، عن مسروق، عن عبد الرحمن بن غنم قال:
كتبت لعمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه حين صالح نصارى أهل الشام وشرط عليهم أﻻ يحدثوا في مدينتهم وﻻ فيما حولها ديراً و ﻻ كنيسة وﻻ قِلاية (5) ، وﻻ صومعة راهـب ، وﻻ يجددوا ما خبء، وﻻ يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال، يطعمونهم ، وﻻ يؤوا جاسوساً ، وﻻ يكتمون غشاً للمسلمين ، وﻻ يعلموا أوﻻدهم القرآن، وﻻ يظهروا شركاً، وﻻ يمنعوا ذوي قربتهم من اﻹسلام إن أرادوه، وأن يوقروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، وﻻ يتشبهون بالمسلمين في شئ من لباسهم ، وﻻ يكتبوا بكناهم ، وﻻ يركبوا سرجاً ، وﻻ يقلدوا سيفاً ، وﻻ يبيعوا الخمور ، وأن يجزوا مقادم رؤوسهم (6) ، وأن يلزموا زيهم حيث ما كانوا ، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم ، وﻻ يظهروا صليباً وﻻ شيئاً من كتبهم على شئ من طرق المسلمين ، وﻻ يجاوروا المسلمين بموتاهم ، وﻻ يضربوا بالناقوس إﻻ ضرباً خفيفاً ، وﻻ يرفعوا أصواتهم بالقـراءة في كنائسهم في شئ من حضرة المسلمين ، وﻻ يخرجوا شعانين (7) ، وﻻ يرفعوا أصواتهم مع موتاهم ، وﻻ يظهروا النيران معهم ، وﻻ يشتروا من الرقيق ما جرت فيه سهام المسلمين ، فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه ، فﻼ ذمة لهم ، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق(8) " .
وعند دراسة هذا اﻹسناد يتبين بوضوح ضعفه بسبب اﻻنقطاع بين سفيان الثوري الذي مات سنة 161هـ ومسروق بن الأجدع التابعي المخضرم، ناهيك عن اﻻنقطاع بين اﻹمام ابن الجوزي المولود سنة 691هـ وسفيان الثوري.
وقـد أورد ابن الجوزي مجموعة من الروايات في هذا المعنى كلها ﻻ يخلو من ضعف في بعض رواتها أو جهالة في آخرين ، ومن الجدير ذكره أن الدكتور/ همام سعيد فـي كتابه الوضع القانوني ﻷهل الذمة أشار إلى توهين هذه الشروط من جميع طرقها (9) .
حتى اﻹمام ابن الجوزي فطن للضعف فقال معلقاً عقب ذكر الروايات: "وشهرة هذه الشـروط تغني عن أسانيدها "، وهذا اﻷمر ﻻ يسلم له فيه ﻷن الشهرة ﻻ تعني الصحة أو حتى الحسن ، بل هناك من المشهور ما هو موضوع.
وعلـيه تكون هذه الشروط غير مقبولة حديثياً وإن استخدمها الفقهاء في كتبهم ، وأن العهدة العمرية تختلف تماماً عن الشروط العمرية .
الهوامش :
(1) منهم صاحب موقع الدروس النحوية في شرح الألفية ذكـر الشروط العمرية تحت عنوان : العهدة العمرية ، وهذا فيه خلط واضح بين مصطلحي ( العهدة العمرية ) و ( الشروط العمرية ) .
(2) أحكام أهل الذمة ، ابن الجوزي ، ج3 ص 1167 – 1159 .
(3) تفسير ابن كثير ، ج2 ص 347.
(4) مجموع الفتاوي ، ﻻبن تيمية ، ج28 ص652 .د. رمضان الزيان
(5) القلاية : بناء كالدير، انظر : معجم البلدان ، ج4 ص438 .
(6) أي : قص الشعر الذي يقع على الوجه من مقدم الرأس .
(7) شعانين ، أي عـيد للنصارى، يقع يوم اﻷحد السابق لعيد الفصح، يحتفل فيه بذكرى دخول عيسى عليه السلام بيت المقدس . انظر: المعجم الوسيط .
(8) أحكام أهل الذمة ، ابن القيم ، ج3 ص1163 .
(9) الوضع القانوني لأهل الذمة القانوني ﻷهل الذمة، د. همام سعيد ، ص 157 .روايات العهدة العمرية – دراسة توثيقية
التعديل الأخير: