الحرب المغربية الفرنسية
(معركة موكادور)
جائت معركة (موكادور) كرد فعل على معركة (ايسلي) الشهيرة التي وقعت بين فرنسا والمغرب قرب الحدود الجزائرية انتقاما من المغرب لدعمه المقاومة في البلد الشقيق(معركة موكادور)
حيث ان هاته المعركة جائت فقط بعد يومين من معركة ايسلي
هذا الموضوع في ذكرى ابطال وشهداء ملحمة الجزيرة الصغيرة خاصة ومدينة موكادور عامة
ما قبل المعركة
تكون الاسطول الفرنسي في هاته المعركة من 3 سفن و فرقاطة اضافة الى بعض المراكب (البخارية) ..وضم الاسطول في صفوفه قرابة 1200 رجل..انطلق الاسطول من مدينة (تولون) في اواسط شهر يونيو من سنة 1844
لاحقا انضمت سفن حربية اخرى لهذا الاسطول من اجل تدعيمه في مواجهة الجيش المغربي
قائد الاسطول الفرنسي (فرنسوا فرديناند) امير (جوانفيل) وهو ثالت ابناء الملك الفرنسي (لويس فليب) كان حينها يبلغ من العمر 26 سنة حينما تولى قيادة الاسطول الفرنسي , بعد ان مر بميناء وهران و التقى بالمريشال (بيغود) الحاكم العام للجزائر انطلق في البداية الى (الجزيرة الخضراء) ثم (قادش) في الساحل الاسباني في بداية شهر يوليوز ثم انطلقت نحو السواحل المغربية
بعد ان قصف الاسطول الفرنسي مدينة طنجة في 6 اغسطس عاد من جديد الى قادس حيث استجمع قواه من جديد والتحق به مجموعة جديدة من السفن ..ليصبح الاسطول الفرنسي مكون من اكثر من 15 سفينة ..بين فرقاطة وكورفيت و مراكب وانطلق في 8 اغسطس قاصدة مدينة (موكادور) .
ثم تصادف وصول الاسطول الفرنسي الى سواحل (موكادور) في 11 من اغسطس بهبوب عاصفة قوية قادمة من الشمال و التي استمرت طوال ايام ..
فور ظهور الاسطول في سواحل المدينة .. اتصل القنصل الانجليزي(ريشاردسون) بمسؤوليه ليخبرهم ان جميع الفرنسيين المقيميين غادروا المدينة مخافة العواقب المترتبة على القصف المتوقع في خلال المعارك .. كما اخبرهم انه بالاضافة الى انجليزي اخر منعوا من المغادرة من طرف السلطات المغربية ماداموا لم يدفعوا ما بدمتهم للدولة المغربية حيث كانوا يدينون ب قرابة 3 ملايين فرنك مغربي ..
على الفور ارسلت انجلترا سفينتها العسكريةWarspite من اجل مراقبة الاوضاع او حتى التدخل الا انها ضلت عاجزة ولم تستطع انقاد مواطنيها المحتجزان من قبل السلطات المغربية.
كانت مدينة (موكادور) تتوفر من عديد قطع المدفعية الساحلية المتمركزة اساسا في صقالة القصبة وكذالك على الجزيرة المقابلة لها ..
وبالحديث عن الجزيرة المقابلة للمدينة و التي تحمل كذالك اسمها (جزيرة موكادور) فانها كانت تتوفر على ثلات مواقع مدفعية ذات قوة كبيرة وكانت متمركزة اساسا حول مسجد الجزيرة .. اما الحامية العسكرية في الجزيرة فكانت متكونة من 320 جنديا من نخبة قوات المدفعية المغربية تحت قيادة القائد (الحاج العربي طوريس)
واليكم تمركز المدفعية المغربية لحماية موكادور
1 جزيرة موكادور (الجزيرة الصغيرة) : 8 قطع
2 بطاريات البحرية (الوردينية) : 24 قطعة
3 الساحة المربعة : 2 ال 4 قطع
4 القنطرة الحجرية : 4 قطع
5 باب البحرية 4 قطع
6 باب القصبة: 5 قطع
7قصبة الصقالة : 40 قطعة7
8برج البرميل : 4 قطع
9ساحة سيدي مجدول
10باب دكالة
11بطارية المريسي
12بطارية الجامع
13بطارية مولاي بن ناصر
14بطارية دليمي
15بطارية فروان
احداث المعركة
خريطة المنطقة
توقف الاسطول الفرنسي امام سواحل (موكادور) بعد مكابدته لمشاق كثيرة على اثر العواصف البحرية التي ضربت السواحل المغربية
طوال ثلاثة ايام متواصلة ضلت السفن الحربية الفرنسية راسية على مقرية من السواحل وبسبب سوء الاحوال الجوية ضلت غير قادرة على التواصل مع بعضها..الى ان جاء يوم 15 اغسطس حيث بدأت الانفراجات الجوية مما سمح بالتواصل بين افراد طواقم الاسطول وفي ظرف الساعتين وبامر من امير (جوان فيل) بدأ الاسطول في التحرك.
اول سفينة كانت (لوتريستون) والتي تحركت باتجاه غرب المدينة حيث توجد بطاريات مدافع سلاح البحرية..ثم لحقتها سفينتي (سوفران) و (جيمباس) ..فور تمركز هاته السفن الثلات بدأت مباشرة بالقصف..
من جهة اخرى تلقت اربع فرقاطة وهي (لابيل بول) و (بريك لو كاسار) و (لوفولاج) و (الارغوس) الامر بالدخول الى ميناء المدينة وهو ما يعني انهم سيكونون في وضع استراتيجي يجعلهم بين نيران القوات المغربية المتمركزة في ميناء المدينة و الحامية العسكرية المغربي على الجزيرة الصغيرة
بدأت المعركة البحرية البرية صبيحة يوم 15 اغسطس بامر من الاميرال امير جوان فيل .
قامت القوات الفرنسية بقصف الجزء الامامي من التحصينات المغربية اضافة الى بعض القوات المتفرقة فيما رد المغاربة بكل قوة من خلال جميع اسلتحهم المتمركزة في السواحل..وكان الاشتباك قويا لدرجة كبيرة حيث استمر القصف المتبادل قرابة الساعتين من الزمن دون اي توقف من الجانبين
على الساعة الخامسة مساءا كانت اغلب اسلحة المدفعية في المدينة قد تم سحبها او تدميرها فتوقف القصف من جانب القوات المدينة.. وحدها الحامية العسكرية الموجودة على الجزيرة ظلت صامدة
ولاجل ذالك..توجهت ثلات سفن فرنسية و هي (بلوتون) و (غاسندي) و( لو فار) امام الجزيرة في محاولة لاقتحامها.. وكانت تحمل على متنها 500 جندي فرنسي ..
على الساعة ل5.30 قامت القوات الفرنسية بانزال جنودها ل 500 الى الجزيرة تحت وابل من الرصاص من جنود الحامية العسكرية المغربية البالغ عددهم 320 جندي ونجح الفرنسيون في تسلق تلة شديدة الانحدار باتجاه وسط الجزيرة امام مقاومة حادة من المغاربة..الا انه وامام قوة ضربات المدفعية الفرنسية اضطر جنود الحامية المغربية الى التراجع عن مواقعهم الامامية.ثم انسحب عدد منهم الى بعض التحصينات العسكرية فيما تحصن اغلبهم داخل مسجد الجزيرة وضلت الاشتباكات متواصلة داخل اروقة المسجد الذي تمت محاصرته من طرف القوات الفرنسية من جميع الجهات وقد اشرف على العملية قائد الاسطول الفرنسي شخصيا..ولما رأى امير (جوانفيل) ان ثمن احتلال الجزيرة سيكون باهضا قرر التراجع عن محاصرة المسجد ..لكن الفرنسيين نظموا تراجعهم بشكل جيد حيث انسحبت سفنهم فيما ظلت سفينة (لابيل بول) وظلت طيلة الليلة تقصف الميناء بشكل متقطع تحسبا لعودة قوات المدفعية المنسحبة الى مراكزهم.
وكانت حصيلة المعارك اساسا على الجزيرة استشهاد 180 جنديا مغربيا من جنود الحامية المغربية ومقتل 14 جنديا فرنسيا و جرح 60 اخرين ..فيما تعرضت سفن (جومباس) و (تريتون) و (فولاج) و (سوفران) لأضرار جزئية..
ومع بداية الساعات الاولى ليوم 16 اغسطس عاد جنود الحامية العسكرية المتحصنون في المسجد (وعددهم 140 بينهم مايزيد عن 35) جريح الى تنظيم صفوفهم بقيادة القائد الحاج العربي توريس و بدأو في مغادرة تحصيناتهم داخل المسجد ومحاولة مهجمة القوات الفرنسية على الجزيرة .. الا ان محاولاتهم كانت بدون نتيجة ونظرا لنقص ذخيرتهم وارتفاع عدد الجرحى في صفوفهم اضطروا للاستسلام..
وتقديرا لشجاعتهم قدم قائد الاسطول الفرنسي شخصيا امير جوان فيل تحية خاصة لهم
مسجد الجزيرة
تم احتلال الجزيرة في يوم 16 ووضع حامية عسكرية عليها تعدادها 600 جندي
بعد انسحاب القوات المغربية من الساحل ونزوح سكان المدينة هددت قبائل (حاحا) الامازيغية المجاورة بغزو المدينة للتصدي للهجوم الفرنسي .. فيما نجحت القوات الفرنسية في احتلال ساحل المدينة و الميناء وقامت قوات جوان فيل بنهب مخازن جمارك موكادور فيما قامت بتدمير واغراق اكثر من 120 مدفع تابعة للجيش المغربي عقب احتلال الميناء و القصبة
تم اعلان وقف اطلاق النار يوم 22 اغسطس 1844 تمهيدا للمفاوضات بين الحكومتين المغربية و الفرنسية للتوصل الى الصلح..انسحب الاسطول الفرنسي في نفس اليوم فيما ظلت بضع سفن راسية في مدخل ميناء المدينة لاغلاقه وظل هناك 500 جندي على الجزيرة.
في 17 سبتمبر انسحبت جميع القوات الفرنسية بعد توقيع اتفاقية السلام .. تم تدمير ما تبقى من مدافع الجيش المغربي على الجزيرة
بعد سنة كاملة من المعركة تم اجراء تبادل للأسرى بين الجانبين وقامت سفينة فرنسية بالرسو في ميناء (موكادور ) من اجل تسليم ابطال الحامية العسكرية المغربية لجزيرة موكادور وعلى رأسهم القائد الحاج العربي توريس ..وجرى اقامة احتفال رسمي على شرفهم حضرته السلطات و السكان وقد كان احتفالا مليئا بالمشاعر حيث تعالت الزغاريت و التكبير و الدموع
الحقوق محفوظة للشبح
التعديل الأخير: