الأسلحـــة الذكيـــة (SMART WEAPONS)
إن الاختيار الصحيح للأسلحة لتنفيذ مهمة معينة هو نصف المعركة لتحقيق إنجاز الواجب بشكل صحيح ، ولذا فقد سعت الدول المتقدمة تكنولوجياً في تطوير صناعتها الحربية إلى محاولة الحصول على الأسلحة والذخائر التي تستطيع أن تحقق إصابة الهدف من أول ضربة وتحقيق حجم التدمير المطلوب ، ولقد ميزت هذه الأسلحة والذخائر عن الذخائر الاعتيادية باسم الأسلحة الذكية وأحياناً الأسلحة عالية الدقة.
تحقق الأسلحة الذكية الجمع بين قوة عبوة النسف للمقذوف ودقة إيصال المقذوف إلى الهدف المحدد وفي مختلف الأحوال الجوية . ولذا فإن هذه الأسلحة تنوعت وجهزت بما يؤمن لها القدرة على التعامل مع بيانات الهدف والظروف المحيطة به. وتعمل الأسلحة الذكية كجزء من منظومة متكاملة، ولكل منظومة عناصرها المطلوبة التي تؤمن متطلبات عمل السلاح لتحقيق الغرض منه.
فلأجل تأمين عملية دقة توجيه الأسلحة الذكية نحو أهدافها وخاصة تلك التي تطلق من مسافات بعيدة أدخلت عليها منظومات التوجيه بالاستفادة من منظومة الأقمار (نافستار) لتحديد الموقع (Global Positioning System / GPS) ، وهذا النوع من الأسلحة حقق دقة تتفوق على الأسلحة الموجهة بأشعة الليزر (Laser Guide Bombs /LGBs) وتغلبت على تحديدات الظروف الجوية وألغت الحاجة إلى منظمة تمييز الهدف بالليزر.
الخلفية التاريخية
في عام 1944م (خلال الحرب العالمية الثانية) كانت الحاجة لتدمير هدف نقطوي إلى عدد (108) طائرة نوع (B – 175) أسقطت (648) قنبلة، وفي حرب فيتنام تطلب هدف مماثل (176) قنبلة، أما الآن فإن عدداً قليلاً من الأسلحة الذكية يمكن أن يؤدي هذا العمل والأسلحة الذكية اليوم تعزز خفة الحركة الإستراتيجية ، فعلى سبيل المثال تمكنت طائرات (C – 5) وبحدود ثلاث طلعات باليوم من تأمين كل الأسلحة الذكية التي استخدمتها القوات الأمريكية خلال حرب الخليج الثانية.
وفي الثمانينيات تم إنتاج مجموعة من الأسلحة الانتقالية بأعداد قليلة محمولة على أعداد محدودة من منصات (قواعد) الإطلاق، إلا أن عملية حرب الخليج الأولى أظهرت تأثير الأسلحة الذكية وعملت على معالجة النقص فيها وقامت القوات الجوية الأمريكية منذ ذلك الحين بمضاعفة القواعد (المنصات) القادرة على إطلاق الأسلحة الذكية إلى ثلاثة أضعاف، كما تم زيادة الاختراعات في مجال الأسلحة الذكية بمقدار (25%) أكثر من مستويات ما قبل الحرب وتطوير أجيال جديدة من الأسلحة الذكية مع زيادة دقتها وقابليتها للعمل في ظروف الطقس المختلفة
الأسلحـــة الذكيــة:
إن الذخائر الموجهة بدقة Precision-guided Munitions (PGMs) و الذخائر الذكية والقنابل الذكية والقنابل الموجهة (GPUs) هي أسلحة موجهة مخصصة لإصابة هدف معين بدقة مع التقليل من الأضرار التي قد تحدث للمنشات أو للمرافق الأخرى الغير مستهدفة وبالتالي التقليل إلى حد ما من الضرر الذي قد يحدث للمدنيين . و الأسلحة الموجهة الذكية هي في الأصل كانت أسلحة اعتيادية غير موجهة وبعد أن تم تجهيزها بأنظمة التوجيه أصبح يطلق عليها (الأسلحة الذكية) . كما أن القنبلة الموجهة تختلف عن الصاروخ الموجه ، فالقنابل الموجهة لا تحتوي على محرك دفع مثل صواريخ كروز وإنما تكتسب طاقة اندفاعها من سرعة الطائرة التي أطلقتها وتسقط تحت تأثير الجاذبية الأرضية وتعمل الأجنحة على الحفاظ على استقرارها في مسارها.
إذاً الأسلحة الموجهة الذكية هي صاروخ أو قنبلة أو قذيفة مدفعية مجهزة بمنظومة توجيه تؤمن إيصالها بدقة إلى الهدف المحدد لها مسبقاً .
القنبلــــة الذكيـــــة (SMART BUMB)
فكرة عمل هذا النوع من القنابل ليست بالبسيطة فالقنابل العادية تحتوي على المواد المتفجرة داخل حاوية موصلة مع دائرة كهربية يتم ضبطها بساعة لتغلق مفتاح الإشعال عند الاصطدام بالهدف وتشتعل المواد شديدة الانفجار و ينتج عنه ضغط عال ودرجة حرارة مرتفعة تؤدي إلى تدمير المنطقة المحيطة من خلال تطاير المواد الصلبة المكونة للقنبلة. وهذه القنابل العادية لا تحتوي على نظام توجيه أو تحكم من بعد وإنما تنفجر عند ارتطامها بالأرض ، وعادة ما تقذف هذه القنابل بكميات كبيرة تطلق بواسطة طائرات (B-2) الأمريكية. أما القنابل الذكية فتختلف تماماً عن ذلك فهي مصممة لتصيب أهدافاً محددة . فكيف تعمل هذه القنابل ؟ وما هي فكرة عملها ؟
تركيب القنبلة الذكية :-
لا تختلف القنبلة الذكية عن القنبلة العادية ولكنها تشمل على تحسينات في المواد المتفجرة ودائرة التفجير الأساسية و وسائل التوجيه وتحتوي القنبلة الذكية على:
- نظام المجسات الإلكترونية.
- كمبيوتر التحكم وتوجيه القنبلة.
- أجنحة الطيران والتوجيه.
-بطارية تزويد الأجهزة الإلكترونية للقنبلة بالطاقة الكهربية.
إن نظام التحكم والتوجيه للقنبلة مع أجنحة الطيران يساعدان القنبلة الذكية لإدارة وتوجيه نفسها تجاه الهدف المحدد لها. فعندما تكون القنبلة في الجو يقوم نظام التحكم والتتبع بإرشاد القنبلة ناحية الهدف على الأرض. تستخدم القنبلة الذكية نظام المجسات الإلكترونية لالتقاط المعلومات وإرسالها إلى كمبيوتر التحكم والذي يتمكن من تحديد موضع الهدف بالنسبة للقنبلة وبالتالي يرسل إشارات للتحكم في أجنحة الطيران لتوجيه القنبلة في اتجاه الهدف بالضبط كما تعمل الأجنحة في الطائرة خلال طيرانها. تستمر عملية التقاط التوجيه حتى تصل القنبلة للهدف وعندها يعمل مفتاح إغلاق دائرة كهربية على إشعال المواد المتفجرة وهناك نوعان من مفاتيح الاشتعال الأول يقوم بتفجير المواد قبل ارتطامه بالهدف والثاني بمجرد اصطدامه بالهدف.
آلية التوجيه والتحكم
تعتمد أنظمة المجسات الإلكترونية لتوجيه القنبلة على كاميرا فيديو تعمل بالأشعة تحت الحمراء والأشعة المرئية أو عن طريق التوجيه بأشعة الليزر.
التوجيه بالأشعة تحت الحمراء/أو الكهروضوئية
يمكن أن تزود القنابل والصواريخ بأجهزة إرشاد تلفزيوني أو أجهزة تعمل بالأشعة دون الحمراء. ويرى الطيار المهاجم مسار وجهة القنبلة عبر الكاميرا المثبتة مقدمة القنبلة. وبإمكان الطيار اختيار هدفا قبل إطلاق القنبلة وتغذيته لنظام الكمبيوتر المتحكم بالقنبلة وهذا يعرف بالنظام الأوتوماتيكي حيث يتولى الكمبيوتر توجيه القنبلة إلى الهدف من خلال مقارنة صورة الموقع مع الصورة التي يلتقطها عبر الكاميرا. ويمكن للطيار إن يطلق القنبلة بدون تحديد الهدف مسبقا وهذا النظام اليدوي وهنا يقوم الطيار بمراقبة الصورة التي ترسلها الكاميرا المثبتة على القنبلة و اختيار الهدف عندما تقترب القنبلة من الأرض.
ونظراً لأنه نظام بصري فإن تأثيره محدود عند ضعف الرؤية. وقد زودت كثير من الإصدارات الحديثة بنظام باحث يعتمد على الأشعة دون الحمراء باستطاعته العمل ليلا أو عند تردي الرؤية.
التوجيه بالليزر
يمكن توجيه قنابل مثل بيفوي 2 و3 (Paveway II and III) باستخدام أشعة ليزر بذبذبات مشفرة تنعكس على الهدف. كما يمكن توجيه الليزر من الطائرة المهاجمة إلى طائرة أخرى أو فرقة عسكرية على الأرض- على مسافة قد تزيد على 10 أميال (16 كيلومترا) وتعكس أشعة الليزر الهدف مشكلة مخروطاً مقلوباً وتسقط الطائرة المهاجمة القنبلة في المخروط وتتعرف القنبلة على المخروط وتهبط فيه وتقوم بتوجيه نفسها نحو مركزه (حيث الهدف) باستخدام الأجنحة.
وما أن يتم "تصويب" أجهزة الليزر على الهدف، حتى تحافظ على وضعها حتى لو تحرك الهدف أو مصدر الليزر من مواقعها. ولكن تحتاج القنبلة لتحديد الهدف أي أن يظل مضاء بأشعة الليزر في جميع الأوقات حتى تقترب من الضرب وإلا فإنها ستضل طريقها.
وبإمكان الغيوم والدخان والضباب أو حتى المطر الغزير عرقلة أو حجب رؤية المخروط المنعكس الباهت مما يؤدي إلى إصابة القنبلة بالعمى.
القنابل الذكية الحديثة الصنع
قنبلة (JDAM) الأمريكية والتي تعنى ذخيرة الهجوم المباشر المشترك (Joint Direct Attack Munitions) وهي عبارة عن طقم من الأجهزة يحول القنابل التقليدية "الغبية"(Dumb Bomb) إلى أسلحة ذكية يمكن استخدامها حتى في الطقس الرديء. ويزعم أن دقتها في التصويب تقل عن 10 أمتار عن الهدف. ولها نظام إرشاد ذي قصور ذاتي مدعوم بنظام (GPS) لتحديد المواقع بالأقمار الصناعية ويصل وزن القنبلة حوالي 907 كيلو جرام ووزن رأسها المتفجر 454 كيلو جرام.
قبل إسقاط القنبلة
يحتوي ذيل القنبلة (JDAM) على كمبيوتر التحكم بأجنحة الطيران ونظام إرشاد القصور الذاتي ونظام الـ GPS. حيث يلتقط مستقبل معلومات الـ GPS معلوماته من الأقمار الصناعية عن موقع الهدف على الأرض وتقوم أجهزة كمبيوتر الطائرة قبل إسقاط القنبلة بتغذية هذه المعلومات إلى كمبيوتر تحكم القنبلة والتي تحتوي على إحداثيات موقع الهدف.
ويمكن تحميل موقع الهدف في السلاح قبل الإقلاع أو وهو محلق أما بواسطة طاقم الطائرة أو تلقائياً بواسطة نظام التسديد (TARGETING ) الخاص بالطائرة. ويتلقى السلاح قبل إطلاقه معلومات من الطائرة عن موقعه وسرعته حتى يعلم موقعه من الهدف. وبعد إطلاقه يهبط بنفسه إلى أسفل. وفي حال انقطعت عنه إشارات نظام تحديد المواقع العالمي بالأقمار الصناعية أثناء هبوطه إنه يتحول للعمل على نظام إرشاد القصور الذات، ويمكن إلقاء أكثر من سلاح واحد في نفس الوقت ضد أهداف مختلفة .
مرحلة إسقاط القنبلة
يقوم جهاز استقبال الـ GPS على قنبلة باستقبال المعلومات من شبكة الأقمار الصناعية التي يفهمها كمبيوتر التحكم ويرسل تعليماته للتحكم في أجنحة الطيران. وهذا يجعل القنبلة تهبط بنفسها إلى الهدف دون إعاقة من خلال الغيوم والسحب والغبار أو مشابه ذلك كما في النوع السابق وتبلغ كلفة الأجهزة المثبتة في الذيل لكل قنبلة 20000 دولار. وفي حال انقطعت عنه إشارات نظام تحديد المواقع العالمي بالأقمار الصناعية GPS أثناء هبوطه فإنه يتحول للعمل على نظام إرشاد القصور الذاتي.
أنظمة الملاحة والتوجيه
تلعب أنظمة الملاحة والتوجيه الدور الرئيسي في إكساب صفة الذكاء والدقة للأسلحة الذكية الموجهة بدقه وسوف نسلط الضوء على ابرز أنظمة الملاحة والتوجيه المعروفة (نظام LANTERN ونظام GPS) .
منظومة الملاحة والتسديد الليلية (LANTIRN)
نظام LANTIRN” " مخصص للملاحة على ارتفاع منخفض والتسديد باستخدام الأشعة تحت الحمراء ليلاً (Low Altitude Navigation And (Targeting Infrared For Night ويركب في الطائرات الأمريكية (F-16 , F-15) لتأمين عملية الملاحة في الارتفاعات المنخفضة والتسديد باستخدام الأسلحة الذكية بواسطة الأشعة تحت الحمراء ليلاً ، أي أنه يركب على الطائرات لتمكينها من الطيران بارتفاع منخفض ومعالجة الأهداف ليلاً وفي ظروف الطقس السيئة بدقة عالية وذلك باستخدام الأشعة تحت الحمراء، وهو يتكون من وحدة الملاحة ووحدة التسديد المتكاملتين والمركب خارجياً تحت الطائرة. كما يحتوي على معدات ليزر (4) تقوم بوظيفتين: تحدد الهدف للأسلحة الموجهة بالليزر أو تقيس بعد مسافة الهدف، وتنقل المعلومات إلى نظام الطائرة الذي يتحكم بإطلاق الأسلحة لإعطاء المزيد من الدقة في إلقاء القنابل التقليدية الغبية.
النظام العالمي لتحديد الموقع (Global Positioning System- GPS)
نظام (GPS) هو النظام العالمي لتحديد الموقع المعروف بشكل واسع في الأوساط العسكرية والمدنية والذي يؤمن الملاحة بواسطة الأقمار الاصطناعية بالاعتماد على شبكة (نافاستار) والتي تشمل (24) قمراً اصطناعياً يزن كل منها (1900) رطل، ويدور كل قمر في محور حول الأرض كل (12) ساعة في تشكيل يؤمن بأن أي نقطة على الأرض تبقى دائماً في اتصال راديوي مع أربعة أقمار على الأقل.
ويتم استخدام نظام (GPS) في توجيه الأسلحة الذكية لإيصالها إلى أهدافها بدقة بالاعتماد على أجهزة توجيه مرتبطة بنظام (GPS).
أخيرا يمكن القول أن الأسلحة الذكية ليست ذكية جداً فحتى وإن عملت جميع الأنظمة على أحسن وجه، يبقى على طاقم الطائرة إتقان مهارات كبيرة لتوصيل هذه الأسلحة إلى وجهتها، وغالباً ما يكون ذلك في ظروف صعبة وخطيرة. فالصواريخ لا تستطيع التفريق بين دبابة وجرافة. لذا يتعين على العسكريين تحديد ذلك. ولجميع الأسلحة خطوط محددة "شروط للإطلاق" لا تستطيع خارجها -على الأرجح- إصابة الهدف المقصود. فالقنبلة الموجهة بالليزر يتعين إطلاقها على ارتفاع وسرعة وزاوية تمنحها فرصة معقولة لتتبع مخروط الإرشاد الضوئي.
وإذا فقدت الأسلحة الذكية مسارها مما يعنى فقدها القدرة على التصويب على الهدف فإن القدرة على التحكم بها تصبح معدومة. فإذا كان الهدف جسراً لسكة الحديد ووصل قطار يحمل مدنيين بينما الصاروخ في طريقه إلى الهدف فإنه ليس بوسع طاقم الطائرة عمل أي شيء لتدارك الموقف.
إن الاختيار الصحيح للأسلحة لتنفيذ مهمة معينة هو نصف المعركة لتحقيق إنجاز الواجب بشكل صحيح ، ولذا فقد سعت الدول المتقدمة تكنولوجياً في تطوير صناعتها الحربية إلى محاولة الحصول على الأسلحة والذخائر التي تستطيع أن تحقق إصابة الهدف من أول ضربة وتحقيق حجم التدمير المطلوب ، ولقد ميزت هذه الأسلحة والذخائر عن الذخائر الاعتيادية باسم الأسلحة الذكية وأحياناً الأسلحة عالية الدقة.
تحقق الأسلحة الذكية الجمع بين قوة عبوة النسف للمقذوف ودقة إيصال المقذوف إلى الهدف المحدد وفي مختلف الأحوال الجوية . ولذا فإن هذه الأسلحة تنوعت وجهزت بما يؤمن لها القدرة على التعامل مع بيانات الهدف والظروف المحيطة به. وتعمل الأسلحة الذكية كجزء من منظومة متكاملة، ولكل منظومة عناصرها المطلوبة التي تؤمن متطلبات عمل السلاح لتحقيق الغرض منه.
فلأجل تأمين عملية دقة توجيه الأسلحة الذكية نحو أهدافها وخاصة تلك التي تطلق من مسافات بعيدة أدخلت عليها منظومات التوجيه بالاستفادة من منظومة الأقمار (نافستار) لتحديد الموقع (Global Positioning System / GPS) ، وهذا النوع من الأسلحة حقق دقة تتفوق على الأسلحة الموجهة بأشعة الليزر (Laser Guide Bombs /LGBs) وتغلبت على تحديدات الظروف الجوية وألغت الحاجة إلى منظمة تمييز الهدف بالليزر.
الخلفية التاريخية
في عام 1944م (خلال الحرب العالمية الثانية) كانت الحاجة لتدمير هدف نقطوي إلى عدد (108) طائرة نوع (B – 175) أسقطت (648) قنبلة، وفي حرب فيتنام تطلب هدف مماثل (176) قنبلة، أما الآن فإن عدداً قليلاً من الأسلحة الذكية يمكن أن يؤدي هذا العمل والأسلحة الذكية اليوم تعزز خفة الحركة الإستراتيجية ، فعلى سبيل المثال تمكنت طائرات (C – 5) وبحدود ثلاث طلعات باليوم من تأمين كل الأسلحة الذكية التي استخدمتها القوات الأمريكية خلال حرب الخليج الثانية.
وفي الثمانينيات تم إنتاج مجموعة من الأسلحة الانتقالية بأعداد قليلة محمولة على أعداد محدودة من منصات (قواعد) الإطلاق، إلا أن عملية حرب الخليج الأولى أظهرت تأثير الأسلحة الذكية وعملت على معالجة النقص فيها وقامت القوات الجوية الأمريكية منذ ذلك الحين بمضاعفة القواعد (المنصات) القادرة على إطلاق الأسلحة الذكية إلى ثلاثة أضعاف، كما تم زيادة الاختراعات في مجال الأسلحة الذكية بمقدار (25%) أكثر من مستويات ما قبل الحرب وتطوير أجيال جديدة من الأسلحة الذكية مع زيادة دقتها وقابليتها للعمل في ظروف الطقس المختلفة
الأسلحـــة الذكيــة:
إن الذخائر الموجهة بدقة Precision-guided Munitions (PGMs) و الذخائر الذكية والقنابل الذكية والقنابل الموجهة (GPUs) هي أسلحة موجهة مخصصة لإصابة هدف معين بدقة مع التقليل من الأضرار التي قد تحدث للمنشات أو للمرافق الأخرى الغير مستهدفة وبالتالي التقليل إلى حد ما من الضرر الذي قد يحدث للمدنيين . و الأسلحة الموجهة الذكية هي في الأصل كانت أسلحة اعتيادية غير موجهة وبعد أن تم تجهيزها بأنظمة التوجيه أصبح يطلق عليها (الأسلحة الذكية) . كما أن القنبلة الموجهة تختلف عن الصاروخ الموجه ، فالقنابل الموجهة لا تحتوي على محرك دفع مثل صواريخ كروز وإنما تكتسب طاقة اندفاعها من سرعة الطائرة التي أطلقتها وتسقط تحت تأثير الجاذبية الأرضية وتعمل الأجنحة على الحفاظ على استقرارها في مسارها.
إذاً الأسلحة الموجهة الذكية هي صاروخ أو قنبلة أو قذيفة مدفعية مجهزة بمنظومة توجيه تؤمن إيصالها بدقة إلى الهدف المحدد لها مسبقاً .
القنبلــــة الذكيـــــة (SMART BUMB)
فكرة عمل هذا النوع من القنابل ليست بالبسيطة فالقنابل العادية تحتوي على المواد المتفجرة داخل حاوية موصلة مع دائرة كهربية يتم ضبطها بساعة لتغلق مفتاح الإشعال عند الاصطدام بالهدف وتشتعل المواد شديدة الانفجار و ينتج عنه ضغط عال ودرجة حرارة مرتفعة تؤدي إلى تدمير المنطقة المحيطة من خلال تطاير المواد الصلبة المكونة للقنبلة. وهذه القنابل العادية لا تحتوي على نظام توجيه أو تحكم من بعد وإنما تنفجر عند ارتطامها بالأرض ، وعادة ما تقذف هذه القنابل بكميات كبيرة تطلق بواسطة طائرات (B-2) الأمريكية. أما القنابل الذكية فتختلف تماماً عن ذلك فهي مصممة لتصيب أهدافاً محددة . فكيف تعمل هذه القنابل ؟ وما هي فكرة عملها ؟
تركيب القنبلة الذكية :-
لا تختلف القنبلة الذكية عن القنبلة العادية ولكنها تشمل على تحسينات في المواد المتفجرة ودائرة التفجير الأساسية و وسائل التوجيه وتحتوي القنبلة الذكية على:
- نظام المجسات الإلكترونية.
- كمبيوتر التحكم وتوجيه القنبلة.
- أجنحة الطيران والتوجيه.
-بطارية تزويد الأجهزة الإلكترونية للقنبلة بالطاقة الكهربية.
إن نظام التحكم والتوجيه للقنبلة مع أجنحة الطيران يساعدان القنبلة الذكية لإدارة وتوجيه نفسها تجاه الهدف المحدد لها. فعندما تكون القنبلة في الجو يقوم نظام التحكم والتتبع بإرشاد القنبلة ناحية الهدف على الأرض. تستخدم القنبلة الذكية نظام المجسات الإلكترونية لالتقاط المعلومات وإرسالها إلى كمبيوتر التحكم والذي يتمكن من تحديد موضع الهدف بالنسبة للقنبلة وبالتالي يرسل إشارات للتحكم في أجنحة الطيران لتوجيه القنبلة في اتجاه الهدف بالضبط كما تعمل الأجنحة في الطائرة خلال طيرانها. تستمر عملية التقاط التوجيه حتى تصل القنبلة للهدف وعندها يعمل مفتاح إغلاق دائرة كهربية على إشعال المواد المتفجرة وهناك نوعان من مفاتيح الاشتعال الأول يقوم بتفجير المواد قبل ارتطامه بالهدف والثاني بمجرد اصطدامه بالهدف.
آلية التوجيه والتحكم
تعتمد أنظمة المجسات الإلكترونية لتوجيه القنبلة على كاميرا فيديو تعمل بالأشعة تحت الحمراء والأشعة المرئية أو عن طريق التوجيه بأشعة الليزر.
التوجيه بالأشعة تحت الحمراء/أو الكهروضوئية
يمكن أن تزود القنابل والصواريخ بأجهزة إرشاد تلفزيوني أو أجهزة تعمل بالأشعة دون الحمراء. ويرى الطيار المهاجم مسار وجهة القنبلة عبر الكاميرا المثبتة مقدمة القنبلة. وبإمكان الطيار اختيار هدفا قبل إطلاق القنبلة وتغذيته لنظام الكمبيوتر المتحكم بالقنبلة وهذا يعرف بالنظام الأوتوماتيكي حيث يتولى الكمبيوتر توجيه القنبلة إلى الهدف من خلال مقارنة صورة الموقع مع الصورة التي يلتقطها عبر الكاميرا. ويمكن للطيار إن يطلق القنبلة بدون تحديد الهدف مسبقا وهذا النظام اليدوي وهنا يقوم الطيار بمراقبة الصورة التي ترسلها الكاميرا المثبتة على القنبلة و اختيار الهدف عندما تقترب القنبلة من الأرض.
ونظراً لأنه نظام بصري فإن تأثيره محدود عند ضعف الرؤية. وقد زودت كثير من الإصدارات الحديثة بنظام باحث يعتمد على الأشعة دون الحمراء باستطاعته العمل ليلا أو عند تردي الرؤية.
التوجيه بالليزر
يمكن توجيه قنابل مثل بيفوي 2 و3 (Paveway II and III) باستخدام أشعة ليزر بذبذبات مشفرة تنعكس على الهدف. كما يمكن توجيه الليزر من الطائرة المهاجمة إلى طائرة أخرى أو فرقة عسكرية على الأرض- على مسافة قد تزيد على 10 أميال (16 كيلومترا) وتعكس أشعة الليزر الهدف مشكلة مخروطاً مقلوباً وتسقط الطائرة المهاجمة القنبلة في المخروط وتتعرف القنبلة على المخروط وتهبط فيه وتقوم بتوجيه نفسها نحو مركزه (حيث الهدف) باستخدام الأجنحة.
وما أن يتم "تصويب" أجهزة الليزر على الهدف، حتى تحافظ على وضعها حتى لو تحرك الهدف أو مصدر الليزر من مواقعها. ولكن تحتاج القنبلة لتحديد الهدف أي أن يظل مضاء بأشعة الليزر في جميع الأوقات حتى تقترب من الضرب وإلا فإنها ستضل طريقها.
وبإمكان الغيوم والدخان والضباب أو حتى المطر الغزير عرقلة أو حجب رؤية المخروط المنعكس الباهت مما يؤدي إلى إصابة القنبلة بالعمى.
القنابل الذكية الحديثة الصنع
قنبلة (JDAM) الأمريكية والتي تعنى ذخيرة الهجوم المباشر المشترك (Joint Direct Attack Munitions) وهي عبارة عن طقم من الأجهزة يحول القنابل التقليدية "الغبية"(Dumb Bomb) إلى أسلحة ذكية يمكن استخدامها حتى في الطقس الرديء. ويزعم أن دقتها في التصويب تقل عن 10 أمتار عن الهدف. ولها نظام إرشاد ذي قصور ذاتي مدعوم بنظام (GPS) لتحديد المواقع بالأقمار الصناعية ويصل وزن القنبلة حوالي 907 كيلو جرام ووزن رأسها المتفجر 454 كيلو جرام.
قبل إسقاط القنبلة
يحتوي ذيل القنبلة (JDAM) على كمبيوتر التحكم بأجنحة الطيران ونظام إرشاد القصور الذاتي ونظام الـ GPS. حيث يلتقط مستقبل معلومات الـ GPS معلوماته من الأقمار الصناعية عن موقع الهدف على الأرض وتقوم أجهزة كمبيوتر الطائرة قبل إسقاط القنبلة بتغذية هذه المعلومات إلى كمبيوتر تحكم القنبلة والتي تحتوي على إحداثيات موقع الهدف.
ويمكن تحميل موقع الهدف في السلاح قبل الإقلاع أو وهو محلق أما بواسطة طاقم الطائرة أو تلقائياً بواسطة نظام التسديد (TARGETING ) الخاص بالطائرة. ويتلقى السلاح قبل إطلاقه معلومات من الطائرة عن موقعه وسرعته حتى يعلم موقعه من الهدف. وبعد إطلاقه يهبط بنفسه إلى أسفل. وفي حال انقطعت عنه إشارات نظام تحديد المواقع العالمي بالأقمار الصناعية أثناء هبوطه إنه يتحول للعمل على نظام إرشاد القصور الذات، ويمكن إلقاء أكثر من سلاح واحد في نفس الوقت ضد أهداف مختلفة .
مرحلة إسقاط القنبلة
يقوم جهاز استقبال الـ GPS على قنبلة باستقبال المعلومات من شبكة الأقمار الصناعية التي يفهمها كمبيوتر التحكم ويرسل تعليماته للتحكم في أجنحة الطيران. وهذا يجعل القنبلة تهبط بنفسها إلى الهدف دون إعاقة من خلال الغيوم والسحب والغبار أو مشابه ذلك كما في النوع السابق وتبلغ كلفة الأجهزة المثبتة في الذيل لكل قنبلة 20000 دولار. وفي حال انقطعت عنه إشارات نظام تحديد المواقع العالمي بالأقمار الصناعية GPS أثناء هبوطه فإنه يتحول للعمل على نظام إرشاد القصور الذاتي.
أنظمة الملاحة والتوجيه
تلعب أنظمة الملاحة والتوجيه الدور الرئيسي في إكساب صفة الذكاء والدقة للأسلحة الذكية الموجهة بدقه وسوف نسلط الضوء على ابرز أنظمة الملاحة والتوجيه المعروفة (نظام LANTERN ونظام GPS) .
منظومة الملاحة والتسديد الليلية (LANTIRN)
نظام LANTIRN” " مخصص للملاحة على ارتفاع منخفض والتسديد باستخدام الأشعة تحت الحمراء ليلاً (Low Altitude Navigation And (Targeting Infrared For Night ويركب في الطائرات الأمريكية (F-16 , F-15) لتأمين عملية الملاحة في الارتفاعات المنخفضة والتسديد باستخدام الأسلحة الذكية بواسطة الأشعة تحت الحمراء ليلاً ، أي أنه يركب على الطائرات لتمكينها من الطيران بارتفاع منخفض ومعالجة الأهداف ليلاً وفي ظروف الطقس السيئة بدقة عالية وذلك باستخدام الأشعة تحت الحمراء، وهو يتكون من وحدة الملاحة ووحدة التسديد المتكاملتين والمركب خارجياً تحت الطائرة. كما يحتوي على معدات ليزر (4) تقوم بوظيفتين: تحدد الهدف للأسلحة الموجهة بالليزر أو تقيس بعد مسافة الهدف، وتنقل المعلومات إلى نظام الطائرة الذي يتحكم بإطلاق الأسلحة لإعطاء المزيد من الدقة في إلقاء القنابل التقليدية الغبية.
النظام العالمي لتحديد الموقع (Global Positioning System- GPS)
نظام (GPS) هو النظام العالمي لتحديد الموقع المعروف بشكل واسع في الأوساط العسكرية والمدنية والذي يؤمن الملاحة بواسطة الأقمار الاصطناعية بالاعتماد على شبكة (نافاستار) والتي تشمل (24) قمراً اصطناعياً يزن كل منها (1900) رطل، ويدور كل قمر في محور حول الأرض كل (12) ساعة في تشكيل يؤمن بأن أي نقطة على الأرض تبقى دائماً في اتصال راديوي مع أربعة أقمار على الأقل.
ويتم استخدام نظام (GPS) في توجيه الأسلحة الذكية لإيصالها إلى أهدافها بدقة بالاعتماد على أجهزة توجيه مرتبطة بنظام (GPS).
أخيرا يمكن القول أن الأسلحة الذكية ليست ذكية جداً فحتى وإن عملت جميع الأنظمة على أحسن وجه، يبقى على طاقم الطائرة إتقان مهارات كبيرة لتوصيل هذه الأسلحة إلى وجهتها، وغالباً ما يكون ذلك في ظروف صعبة وخطيرة. فالصواريخ لا تستطيع التفريق بين دبابة وجرافة. لذا يتعين على العسكريين تحديد ذلك. ولجميع الأسلحة خطوط محددة "شروط للإطلاق" لا تستطيع خارجها -على الأرجح- إصابة الهدف المقصود. فالقنبلة الموجهة بالليزر يتعين إطلاقها على ارتفاع وسرعة وزاوية تمنحها فرصة معقولة لتتبع مخروط الإرشاد الضوئي.
وإذا فقدت الأسلحة الذكية مسارها مما يعنى فقدها القدرة على التصويب على الهدف فإن القدرة على التحكم بها تصبح معدومة. فإذا كان الهدف جسراً لسكة الحديد ووصل قطار يحمل مدنيين بينما الصاروخ في طريقه إلى الهدف فإنه ليس بوسع طاقم الطائرة عمل أي شيء لتدارك الموقف.