الجزر الإماراتية الثلاث (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى) هي جزر عربية لا ينكر عروبتها أو يتخلى عن تحريرها سوى خائن أو متآمر أو متخاذل، مع أنه لا توجد جهة عربية أو دولية أنكرت عروبة هذه الجزر، فقط إيران المحتلة لهذه الجزر هي التي تتدعي احقيتها التاريخية لها دون دليل أو سند قانوني ومن أجل هذا رفضت كل الدعوات للإحتكام الدولي.
ناهيك أن الفرس قبل مجيء البرتغاليين لم يكونوا يعرفون الأساطيل والبحر والذين كانوا العرب ملوكه، كي يسيطروا على هذه الجزر، وكان الفرس يعتمدون على العرب في تسيير سفنهم، بل الأمر أبعد من هذا بكثير فالبرتغاليون أنفسهم ما كانوا قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه دون إكتشاف طريق الرجاء الصالح البحري والذي أوصلهم للهند آخر معاقلهم، وهذا الإكتشاف تم على يد بحار عربي ومخترع البوصلة البحرية، شهاب الدين بن ماجد من جلفار - رأس الخيمة الآن وهي عاصمة القواسم حكام الجزر التي نتحدث عنها .
هذا علما، أما قوة; فقوة االفرس الحقيقية لم تظهر إلا في عام ١٧٣٧ في عهد السفاح نادر شاه الذي أحتل قندهار في أفغانستان وأحتل أجزاء من إمبراطورية المغول في الهند وأستباح دلهي ونهبها لعدة أيام بعد أن قتل ثلاثين ألفا من سكانها وعاد لبلاده بما نهب،ومع قوة هذا الحاكم الفارسي إلا أن قوته لا تذكر إذا تم مقارنتها بقوة القواسم حكام هذه الجزر وغيرها والذي كان أسطولهم يتكون من ٦٣ سفينة كبير وثمانمائة سفينة صغيرة وأكثر من ١٩ ألف مقاتل، فهذا السفاح لم يجرؤ على الإقتراب من إمارة لنجة التي كانت تحت سيطرة القواسم وهي جزء من إيران حاليا، كما أن نادر شاه حين حاول الإقتراب من سواحل الخليج العربي مرغ القواسم أنفه بطين البحر ولم يتركوه حتى هزموه وأستولوا على كامل أسطوله البحري وإن تم ذلك كاملا بعد إغتياله.
ولم يبق للفرس سوى التحالف مع القوى الإستعمارية الغربية، فقد سبق وأن تحالفوا مع البرتغاليين ضد العرب، وتحالفوا مع الهولنديين وطلب الفرس منهم مساعدتهم في إحتلال مسقط وعندما تلكأ الهولنديون أتجهوا الى فرنسا وعقدوا إتفاقية صداقة وتحالف مع الملك الفرنسي لويس الرابع عشر والذين طلبوا منه مساعدة الإسطول الفرنسي من أجل إحتلال مسقط ،لاحظوا أنهم يخشون آنذاك الإقتراب من ممتلكات القواسم ومنها هذه الجزر الثلاث بل وغيرها من الحزر العديدة التي لم تعد الا في ذاكرة شرفاء هذه الأسرة والأمة، ولكن فرنسا خافت عواقب أمر كهذا من أجل عيون الفرس ولأنها تعلم بأن القواسم لن يتركوا أمرا كهذا يمر دون تدخلهم وإن كانوا على خلاف مع حكام مسقط آنذاك، وقد سبق لهم أنهم تحالفوا مع حكام مسقط عندما تعرضوا لعدوان خارجي ووضعوا خلافاتهم جانبا
الخبث الإنجليزي و ظلم ذوي القربى:
لقد وجد الفرس أخيرا ضالتهم في الإنجليز من أجل كسر شوكة العرب على الأقل في الخليج العربي بعد أن عجزت القوى الإستعمارية الغربية الأخرى على إعانتهم في ذلك، وكان اصدق وأقوى حلف هو الذي جرى بين البريطانيين والإيرانيين والذي ظل في أوج قوته حتى مغادرة البريطانيين المنطقة عام ١٩٧١بعد إتفاق بريطاني أمريكي تم فيه بيع تركتها في العالم العربي للإمريكيين، أما التحالفات البريطانية - العربية فقد كانت مخادعة مع ما فيها من غبن، فالإنجليز لم يكن يحركهم سوى أطماعهم المتوحشة والأطماع الفارسية والتي غالبا ما تكون بثمن.
كما أن بريطانيا وجدت في في نسج هذه العلاقات والتحالفات مع المشيخات العربية أكبرعون لهم في عزل القواسم ومن ثم إضعافهم، فلم يكن يدر بخلد البريطانيين أن يصطدموا بقوة كقوة القواسم والتي لم يكونوا قد حسبوا لها حسابا، وكم من المحزن أنهم نجحوا في ذلك الى حد بعيد.
ورغم القوة البريطانية التي أعدتها للخليج العربي بطرفيه الا أنها فوجئت بسد منيع وقف في وجهها وظل شوكة في حلقها حتى غادرت المنطقة، وهو نفس السد الذي الذي وقف في وجه القوى الإستعمارية الإخرى التي قادتها أطماعها للمنطقة العربية من قبل، كما أنه نفس السد الذي أعجز الفرس عن أي تقدم لهم في الخليج العربي، وهذا السد هو سد القواسم.
فما أن بدأ الأسطول البريطاني يمخر في الخليج العربي حتى فوجئوا بخروج القواسم لهم، لذا أعادوا ترتيباتهم من جديد، والتي نتج عنها التحالفات التي هدفت لعزل هذه القوة العربية التي وقفت في وجه أطماعهم، ومن يطلع على الوثائق البريطانية سيجد العديد من نصوص هذه التحالفات المذلة مع المشيخات العربية وسيرثي حال العرب الذي وصلوا إليه وما الهدف سوى الحماية ومصالح شخصية ضيقة، إتفاق يتيم ووحيد يعزي المثلومين من هذا الحال وهو إتفاق السلام الذي وقعه البريطانيون مع القواسم ندا بند، بل فيه رجاء بريطاني يرجون فيه القواسم بإعادة سفن بريطانية كان القواسم قد استولوا عليها أثناء اشتباكاتهم مع الإنجليز.
وما كان حتى هذا الإتفاق ليتم لو لم يتبقوا وحدهم أمام أخطار تحيط بهم من كل جانب، فأعداء الأمس الفرس واليوم الإنجليز ولحقتهم بهم المشيخات العربية كلهم صاروا يدا واحدة ضد حماة الخليج التاريخيين، كما أنهم وجدوا في هذا الإتفاق الحفاظ على ممتلكاتهم من الأخطار التي تهددهم من كل جانب ولم يعلموا من أن الغدر والخبث الإنجليزي لهم بالمرصاد، فقد كان الإنجليز يعملون في السر والعلن من أجل تحجيم قوة القواسم وأطاحوا مع الفرس بإمارة لنجة وجزيرة صري وجزيرة قشم من ممتلكات القواسم والتي كانت قريبة من إيران حاليا بل أن أمارة لنجة من ضمن دولة إيران حاليا.
أرض الآباء لا تباع ولا تؤجر:
ما بين عامي ١٩٣٠ و١٩٣١ فجر القواسم وعلى رأسهم حاكم رأس الخيمة الشيخ سلطان بن سالم القاسمى فضيحة محاولات رشوة متكررة من قبل البريطانيين والإيرانيين من أجل بيع هذه الجزر أو تأجيرها لإيران، ولم تكن هذه المحاولات هي الأولى وبالطبع لم تكن الأخيرة، فقد سبقها محاولات عديدة ومن أجل هذا قام هذا الحاكم بكشف هذه المحاولات على الملأ قائلا بأن أرض الآباء لا تباع ولا تؤجر، مما أغضب البريطانيين والإيرانيين وكان ردهم محاولة تشويه سمعته عبر المقيم البريطاني في الخليج العربي بأنه فاوض الإيرانيين من أجل بيع هذه الجزر! لكنهم أضطروا للإعتراف فيما بعد أنها كانت إشاعات!، العجيب أن الأمر تكرر تماما فيما بعد وذلك عام ١٩٧٠ وسنأتي على ذكر ذلك.
في أواخر عام ١٩٧٠وقبل إستعداداتهم للخروج من الخليج العربي، كرر البريطانية مطلبهم ب(حل) قضية الجزر العربية وبدأوا بضغوطهم على حكام هذه الجزر في رأس الخيمة والشارقة، وحتما كان الحل المطلوب من أجل إرضاء شاه إيران محمد رضا بهلوي والذي دعموه ودعمهم بلا حدود وكان رجلهم المخلص في المنطقة، وكان لا بد من مكافأته على ما أدى لهم من خدمات وما سيؤدي لهم في المستقبل، وخير مثال على إخلاصه لهم هو رد هذا الشاه على هنري كسينجر وزير خارجية أمريكا آنذاك عندما شكر الشاه على دعمه لإسرائيل ضد العرب وأضاف كيسنجر: (مع أن وضعكم الطبيعي مع العرب) فرد الشاه: (ومن الذي قال لكم أن وضعنا الطبيعي مع العرب؟! وضعنا الطبيعي مع اليهود!).
وكان حل الجزر الذي عرضه البريطانيون بالإشتراك مع الإيرانيين يقتضي بضم جزيرتي طنب الكبرى والصغرى التابعتين لإمارة رأس الخيمة وجزيرة أبو موسى لإيران مقابل إستقلال البحرين وعدم مطالبة الإيرانيين بها، إلا أن حكام الإماراتين رفضا هذا العرض فأزدات الضغوط وأشترك فيها شريك البريطانيين الجديد في المنطقة، الأمريكان ومن ثم شاركهما في هذه الضغوط الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز والذي خرج بإتفاق مع الشيخ زايد آل نهيان حاكم أبو ظبي على عدم إغضاب الأصدقاء البريطانيين والأمريكان والموافقة على طلبهم وتوالت الضغوط وشملت بقية شيوخ الإمارات العربية، خاصة وأن حل الجزر كان أحد أهم الشروط للسماح بقيام الإتحاد ما بين الإمارات السبع المزمع تأسيسه، ومن ثم الإعتراف به دوليا.
وإزاء كل هذه الضغوط أضطر حاكم الشارقة الشيخ خالد بن محمد القاسمي بالتفاوض على جزيرة أبو موسى والذي أنتهى بحل وسط ما بينه وبين الإيرانيين، لكنه في نفس الوقت حمّل عار هذا القبول للضاغطين العرب عليه في سبيل االموافقة على ما هو أكبر من هذا، وقال بأن العرب خذلوه إزاء الأطماع الإيرانية.
أما حاكم رأس الخيمة الشيخ صقر القاسمي فقد رفض حتى مجرد التفاوض بشأن جزيرتي طنب الكبرى والصغرى، وقال بأنها ليست ملكي بل ملك العرب جميعا ومسؤولية الدفاع عنهما مسؤولية العرب، ونبه بأن أمن الخليج العربي مرتبط بهما، وقد صدق فمن يتحكم بتلك الجزيرتين طنب الكبري والصغرى يتحكم بمدخل الخليج العربي من جهة المحيط الهندي وقد ظهرت أهميتهما أمنيا بجلاء أثناء الحرب العراقية الإيرانية فيما بعد، كما أنه في ظل الأوضاع الراهنة وإزاء أطماع إيران في الخليج العربي والتي أزدادت خطورة في وقتنا هذا خاصة وأنها أهتمت بتسليح نفسها بما يكفي والعرب نائمون في العسل وما مبلغ همهم سوى موسوعة (جينيس); هذا يبني أطول برج وهذا يعد أكبر صحن بلح!.
في أواخر عام ١٩٧١ تقدمت القوات الإيرانية واستلمت جزيرة أبو موسى حسب الإتفاق المعقود مع حاكم الشارقة، ومن ثم غافلت حامية طنب الكبرى واحتلتها والتي كان تعداد حاميتها ستة من رجال الشرطة وقد قاوموا القوات الإيرانية ببسالة على قلتهم حيث أستشهد منهم أربعة ولكن بعد أن قتلوا من الإيرانيين أربعة جنود وجرح عددا منهم، ومن ثم قاموا بطرد العرب منها وبعد ذلك احتلوا طنب الصغرى والتي كانت غير مأهولة.
قبل عامين كشف الإرشيف البريطاني عن عدة وثائق تدينها في مساعدة الإيرانيين على إحتلال الجزر، ففي إحدى الوثائق والتي رفع عنها غطاء السرية في٢٥-٢-٢٠١١ وتحمل الرقم (PRO-FCO 46/721) ذكرت أن بريطانيا عززت قواتها في الجزر الثلاث قبل إحتلالهما بشهرين تمهيدا لتسليمهما لإيران، وكشفت وثيقة أخرى تحمل الرقم ( PRO-DEFE 5/190/1) بأن القوات البريطانية مستعدة للإشتباك مع أي قوة عربية تحاول الإقتراب من تلك الجزر وذلك قبل شهرين من إحتلالها، أما بقية الوثائق فهي تتحدث عن ضغوطاتها وضغوط أصدقاءها والمفاوضات المريرة بشأن هذه الجزر.
خرجت بريطانيا بجيشها لكن أبقت سلطتها الرابعة:
في بداية الثلاثينات من القرن الماضي تعرض حاكم رأس الخيمة عندما رفض التفريط بالجزيرتين لإيران رغم كل الضغوطات والإغراءات من قبل بريطانيا وإيران كما ذكرنا آنفا، لحملة من الإشاعات من أجل كسر شخصيته والإساءة لسمعته، كان البريطانيون يعرفون أن القواسم مشهورين بنبلهم بين العرب وتهمهم سمعتهم وكانوا يعرفون بأنهم يختلفون عن الذي يقابلونهم دوما من العرب الراكعين لهم في سبيل الذهب الإنجليزي، ويعرفون أيضا إعتزازهم بأنهم لم يفرطوا بالسيادة العربية يوما على أي أرض عربية مقابل منافع شخصية أو مصالح ضيقة، لذا أختار الإنجليز بخبثهم أن يحاربوهم في سمعتهم، ورغم فشلهم في النيل من سمعة الحاكم آنذاك، إلا أن الإنجليز والإيرانيين كرروا الإشاعة نفسها ولكن في هذه المرة مع حاكم رأس الخيمة الشيخ صقر القاسمي، فقد بث الإنجليز إشاعة عبر صحيفة كويتية كانت قد أسستها بريطانيا وأصدرت عددها الأول قبل خروجهم من الكويت بإربعين يوما وذلك من أجل بث برامجها ودعاياتها والتي كانت منوطة بالمقيم البريطاني في الخليج العربي وأسموها بصحيفة (الرأي العام) مع نسخة إنجليزية ومجلة موجهة للأسرة ومجلة موجهة لعقول أطفال الخليج العربي!، وكان بين ما ذكرت هذه الصحيفة في ١٠-٧-١٩٧٠ على صدر صحيفتها الأولى أن الشيخ صقر القاسمي باع الجزر الثلاث أبوموسى طنب الكبرى والصغرى للإيرانيين مقابل كذا وكذا، ونشر الخبر تحت فضيحة مدوية! ولم يدروا أن أصحاب هذه الإشاعة والصحيفة هم الذين وقعوا حطبا لهذه الفضيحة المدوية! فحاكم رأس الخيمة له السلطة على جزيرتين وهما طنب الكبرى والصغرى، أما الثالثة أبو موسى فهي تحت سلطة حاكم الشارقة وليس للحاكم المذكور أي سلطة عليها، لذا تم تكذيب الخبر في اليوم التالي بعد أن بين حكام رأس الخيمة بطلان هذا الخبر بالدلائل والوثائق.
وأنقلب سحر الساحر عليه، فقد بدأت الريبة بالناشر الذي أوكلت له مهمة نشر هذه الصحيفة من قبل الإنحليز وهو عبد العزيز (المساعيد) وهو من أصل إيراني كان يعمل لدى الإنجليز في البصرة، والحقت بإسمه إسم عائلة المساعيد عندما كان في الإربعين من العمر، لكن استبشعه الكويتيون عندما ظهر على حقيقته أثناء الحرب العراقية الإيرانية والتي لاقت فيها الكويت من الإيرانيين أثناءها ما لاقت، حين أصر هذا الناشر أن يظل هو وصحيفته مع إيران ضد العرب قلبا وقالبا.
ومع أن الصحيفة عللت بداية نشرها لهذا الخبر بالجرأة التي تمتلكها وحرية التعبير التي تتمتع بها في الكويت، إلا أنها لم تشر لا من قريب أو بعيد كيف وصل مؤسس دولة الكويت الحديثة مبارك الصباح الى سدة الحكم، ولم تذكر كيف ذبح أخويه الحاكم محمد ونائبه جراح أثناء نومهما بعد رفضهما التوقيع على المعاهدة المذلة التي قدمتها بريطانيا لهما ليوقع بدمهما أذل معاهدة في التاريخ العربي الحديث، حدثت بين العرب والبريطانيين عام ١٨٩٦، وبالطبع لم تتحدث هذه الصحيفة الجريئة عن إتفاقيات البيع والتأجير التي حدثت بين مبارك وأولاده وأحفاده من جهة والإنجليز من جهة أخرى وكانت مصدر نكات الإنجليز في كافة مستعمراتهم .. لم تتحدث عن أمور كثيرة .. ربما لم تؤمر بذلك، أما طعن الإحرار فجائز في عرفها.
لولا القواسم ما كانت هذه العواصم:
في بعد أيام معدودة من إحتلال الجزر الثلاث في ٢-١٢- ١٩٧١، تم إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة ذات سيادة، وقبل الإعلان طُلب من حاكم رأس الخيمة الشيخ صقر القاسمي التوقيع على الإنضمام للإتحاد فوقع بشروط تم الموافقة عليها وكانت الشروط:" أن الاتحاد يجب أن يتولى الدفاع عن الجزر العربية في الخليج، وانه يتعين عدم إقامة أية علاقات دبلوماسية مع إيران، وأن يطرد جميع المواطنين الإيرانيين من الدولة الاتحادية ردا على طرد سكان الجزر على يد القوات الإيرانية" ورغم الموافقة على هذه الشروط إلا أنها لم تنفذ عمليا، بل أستمرت العلاقة بأقوى ما كانت عليه، فقد تبين جليا أن هم الجزر آخر ما يفكر فيه حكام هذا الإتحاد، ناهيك أنهم كانوا من ضمن المفرطين في سيادتها عندما ضغطوا مع الإصدقاء والإخوة على حكام الإمارتين من أجل تسليم الجزر لإيران، وكم من المؤلم أن يقول أحد المسؤولين في الإتحاد في هذه الآونة وهو مدير شرطة دبي ضاحي خلفان بأن الجزر تم إحتلالها قبل الإتحاد لذا فالإتحاد لا يتحمل المسؤولية في إحتلالها، ولا أدري كيف تقبل شرفاء القواسم كلامه.
قال ما قال بعد أكثر من مئتي وخمسين عاما من دفاع حكام تلك الجزر; القواسم، ليس عن هذه الإمارات فحسب والتي يتقلب في نعيمها ضاحي هذا، بل عن الخليج العربي كله، والإيرانيون والقوى الإستعمارية الغربية تحاول نهشها من كل جانب، فيقينا لولاهم ما كانت هذه الإمارات عربية ولا الخليج عربيا، فلو كان القواسم يفكرون بمثل ما يفكر لكان من مثله يشحد بالفارسية على باب حسينية ما في دبي، فقد كان أسياده في أبو ظبي ودبي والذي صار لهم شأنا في زمن لا يحتفي الا باللئام حين غيّب القهر الكرام، كانوا يرجون أن تعيرهم بريطانيا ثمة إهتمام وقد أستخسرت فيهم ولو دفع جنيه واحد وأكثر ما فعلت لهم أنها سمحت لهم بإقتطاع ضريبة التمر والبلح من المزارعين والتجار.
ولم يقف حكام هذا الإتحاد عند هذا الحد من الغبن بل وصل بهم أن يقفوا في وجه آخر المدافعين الشرسين عن سيادة هذه الجزر العربية وهو ولي عهد رأس الخيمة الشيخ خالد بن صقر القاسمي والإبن البكر للشيخ صقر القاسمي الذي أشتهر بحملة الضغوط المريرة عليه من أجل تسليم الجزيرتين لإيران، وكان الإبن خالد بن صقر القاسمي شاهدا على ما جرى بل معينا لوالده وقت هذه الضغوط وهو الذي رفع لواء قضية هذه الجزر في كل محفل وفي الدوائر الدولية وأبقاها حية، كما ظل يحاول دفع حكومة الإمارات العربية من أجل وضع قضية الجزر أمام محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة، وليس هذا فحسب بل عمل على تنفيذ العديد من المشاريع الإقتصادية وخطط للمزيد منها وكانت كافية لرفع إمارة رأس الخيمة الى أرفع المستويات وكأنهم قرأوا في وجه هذا الحر رسالة مفادها أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، ناهيك أنهم ما سمحوا قط برفع أي شأن للإمارات الأخرى التي ضمها إتحادهم ليظلوا علية القوم، ومن أجل هذا خافوا منه أن يصل لسدة الحكم، لذا أعدوا العدة أن لا يصل وتمكنوا منه بليل في عملية إطاحة دنيئة به عام ٢٠٠٣ حيث تم عزله وإختيار أخيه الأصغر سعود بدلا منه، ومنذ ذلك الحين وحكام الإمارات وأجهزتهم تشن حملة تشويه لسمعته وسمعة أسرته، وسيظلوا يفعلون ذلك ما دام يطالب بإعادة الحق السليب.
كيف ستعود:
لن تعود هذه الجزر ما دامت قضيتها مرتبطة بهذا النوع من الحكام كحكام الإمارات الحاليين والذين لا يفكرون إلا بمنافعهم الشخصية و مصالحهم الضيقة وإعتمادهم في الحماية على الغرب الذي نهبهم ولا زال ينهبهم مع أن حماتهم هؤلاء هم أول من وقف في وجه الحق العربي في قضية الجزر وغيرها، كما أن إيران التي كانت ولا زالت وستظل الأوفى لهم وما العداء المزعوم الذي يدعيه الغرب لإيران ومعارضتهم لبرنامجها النووي سوى خداع للعرب السذج، وكان الغرب دوما في صف المعتدي إن كان المعتدى عليه عربيا، حتى إتفاقيات الحماية مع الأنظمة العربية لا تعني شيئا عند الغرب إذا تعارضت مع مصالحهم في وقت ما، عندما وقعت بريطانيا أقوى إتفاقية حماية مع سلطان عمان عام ١٩٥٨ كانت في الشهر التالي تفتش عن أكبر معارضيه للثورة عليه! وكم من المحزن أن إتفاقيات الحماية هذه فرضت على هؤلاء الحكام الخلود للراحة والإطمئنان ولم تدعهم يسلحوا أنفسهم من أجل حمايتهم وحماية شعوبهم فيما لو تعرضوا لخطر خارجي، في حين وصلت عدوة الخليج التقليدية إيران الى درجة من التسليح والتدريب ما لا تصله الدول العربية مجتمعة، وها نحن نراها لم تتوقف عند إحتلال الجزر بل تعدت للمطالبة بالبحرين والتي تعهدت بعدم المطالبة بها، ومن ثم تدخلت في اليمن ومنذ فترة طويلة وضعت لها قدما في لبنان، وها هي بعد أن شاركت في إحتلال العراق بدأت تشارك في الحرب في سوريا ونرى ما تفعله من جرائم إبادة بحق الشعب السوري يندى لها الجبين، ومن ثم عبروا للدول الإسلامية التي أستقلت عن الإتحاد السوفييتي سابقا، والآن يجوبون أدغال أفريقيا وأصقاعها وهم ينشرون إسلاما مزيفا أو تلمود عبد الله بن سبأ الذي فسره بالفارسية وقال أنه القرآن لذي أنزل على محمد (صلى الله عليه وسلم)، فالأمة في خطر كبير من هؤلاء ولم يعد للشعوب أمان في ظل هذه الأوضاع الراهنة، فليس للعرب الآن سوى مصر والتي يحتم عليهم جميعا تقويتها إقتصاديا وعسكريا قبل فوات الأوان لتقوم بواجبها في حماية العرب، وإعادة حقوقه المنهوبة ومنها هذه الجزر فالغرب لا يدوم لإحد وكفى أن ننظر كيف تفرجوا على عملائهم وهم يسقطون واحدا بعد الآخر من الحكام العرب، دون أن يتدخلوا في حماية أحدهم، حتى أن زين العابدين الذي ركع وسجد لفرنسا، رفضت فرنسا أن تنزل طائرته فيها بشكل مؤقت، فهل يعتبر البقية.