التجربة المغربية في بناء الجدار الأمني
في سنة 1980 قررت القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية بناء جدار أمني يقيالمنطقة من هجمات البوليساريو. كان القرار الذي وقعه الملك الراحل الحسن الثاني يعني قطع الصحراء على ميليشيات بوليساريو التي كثيرا ما اقتربت في مواجهتها لمناطق اهلة بالسكان . بمبلغ 800 مليار درهم تم بناء حزام من الرمال على امتداد 2720 كيلومتر, بوصفه أحدث طريقة للدفاع الأمني وقتها. يتعلق الأمر بجدار رملي يتشكل من خارطة ألغام مضاد للمركبات ونظام التقاط يغطي مساحة 60 كيلومترا على بعد الجدار بالاضافة الى دبابات عسكرية T54 و T55 من صناعة سوفييتية وحوالي 100.000 جندي من الجيش المغربي يرابطون في المكان بينهم 30 الف عنصر يتوزعون في الجهة الشرقية على الحدود مع الجزائر.
تطلب بناء الحزام الأمني سبع سنوات (ما بين 1979 و 1980 ) . وشارك في عملية البناء حوالي 80 الف جندي. وقد جرت عملية البناء خلال فترة الحرب. مرت عملية بناء الحزام بست مراحل: بدات الأولى في صيف 1980 الى حدود 1982 , اذ تم خلال هذه المرحلة تشييد جدار طوله 500 كلم يمتد من منطقة تدعى: "راس الخنفرة" الى ضواحي مدينة بوجدور. المرحلة الثانية بدأت في دجنبر سنة 1983 وانتهت في يناير 1984, همت تسييد استكمال جزء من الجدار الرملي يضم جنوب غرب بوكراع ويضمن تغطية "أمكالا" و "تويريغت" .
الجدار الثالث بدأ العمل به في أبريل من سنة 1984, وانتهى باحداث 320 كيلومترا يمتد من منطقة تدعى " الزعك" الى " راتميا" , ثم في مرحلة رابعة ( ما بين دجنبر 1984 و يناير 1985) , أنجزت القوات المسلحة الملكية حوالي 380 كيلومترا تمتدمن منطقة "طريف بوهندا" الى الحدود مع منطقة "لبريدا"وفي مرحلة خامسة امتد الجدار الأمني على طول 670 يلومترا تبدأ من جنوب غرب " امكالا" في اتجاه " ليبردا" , تم بناؤها ما بين ماي وشتنبر من سنة 1985, فيما شملت المرحلة الأخيرة من الجدار الأمني احداث جدار رملي من 550 كيلومترا في اتجاه "الكركرات" على الحدود مع الأطلسي, ليكتمل بذلك المشروع العسكري للملك الراحل الحسن الثاني, الذي انطلق من "وركزيز" شمالا الى " الكركرات" بأقصى الجنوب الغربي, ليتم تشغيل نظام الأمن به سنة 1987.
في المقابل عمدت القوات المسلحة الملكية الى تجهيز الجدار الأمني بتقنيات عسكرية متطورة لحمايته من الهجمات. وشمل نظام التجهيز العسكري رادارات للالتقاط الالكتروني من نوع مجهز ببطاريات دفاعية, وهي رادارات أمريكية الصنع حصل عليها المغرب سنة 1980,ثم الألغام المضادة للأشخاص والمركبات أوربية الصنع, وقنابل أمريكية من نوع : (ش47) و (أ.ب.205) مهمتها نقل العسكريين المظليين وكومندوس تنفيذ عمليات خاصة. AN/PPS-15
ولم يقف الأمر عند حدود حماية الجدار بالتجهيزات العسكرية, بل شمل توزيع مجموعات عسكرية متخصصة بالقرب من الحزام الأمني ,Bataillon intfanterie Mecanisé. اذ تنتشر هذه المجموعة داخل منطقة بأكملها, وغير بعيد عن الجدار الأمني تستقر مجموعة تدعى Régiments d'infanterie motorisé ثم Geoupe d'excardons Blindées مباشرة بعد الانتهاء من بناء الحزام الأمني تراجعت خسائر الجيش المغربي في العتاد, ذلك ان حرب الكر والفر التي دأبت عليها البوليساريو في ما يشبه حرب العصابات كثيرا ما ارقت قيادة الجيش . احد قادة البوليساريو الذي يحفظ عناصر الجيش المغربي اسمه لكثرة تردده على لسان قادتهم, يدعى الحبيب أيوب , عاد اليوم الى المغرب واستقر به, وشكلت عودته ضربة قوية لجبهة بوليساريو , التي لم تتدخل حتى بعد عودته الى المغرب, حينما قرر الدخول الى تندوف لزيارة أهله, وذلك تجنبا لاثارة غضب أصدقائه ومقربين منه في جيش البوليساريو اليوم.
وتجدر الاشارة الى انه يوجد على طول الحزام الأمني الذي شيد بين سنتي 1980 و 1984 أزيد من 150 مركز مراقبة , تشرف عليها الفيالق 2 و5 و 6 و12 و 22 و25 و30 و33 و37 و41 و44. اضافة الى وجود حاجز ثان للمراقبة مكون الدرك الحربي والقوات المساعدة والفيلقين 54 و55 . اذ تعتبر المواقع العسكرية " توكات" و " امكالا" و" حوزة" و " تيشلا " و " المحبس " و " كلتة زمور " الأهم في خط التواجه مع قوات البوليساريو. وأحدث بناء الجدار الأمني اختلالا في ميزان القوى لصالح الرباط. ونجحت السلطات المغربية من خلاله في تجنب السلطات المغربية هجكات بوليساريو في الداخل , بواسطة حزام أمني يغطي حوالي 80 في المائة من الصحراء المغربية, بالمقابل اكتفت الجبهة بالاحتفال في ذكرياتها فوق المنطقة التي تركها المغرب عازلة بهدف المناورة في الحرب وعدم الاحتكاك مع دول الجوار. ويتطلب الدخول اليها المرور عبر التراب الموريتاني.