دائما و في اطار اهتمامي بتاريخ المغرب العسكري المنسي اتيكم اليوم بقصة غاية في الغرابة ..لو عملت كسيناريو لفيلم سينمائي هوليودي لكان من انجح الافلام .. لكن هاته القصة و قعت في المغرب..
وهي في الواقع جريمة في حق هذا الوطن ارتكبها واحد من ابنائه.. وفي علم الجريمة يقال انه لكي تعرف من وراء الجريمة يجب عليك ان تعرف من المستفيد منها .. وفي هاته الحال لم يكن المستفيد سوى القوتين الاستعماريتيين فرنسا و اسبانيا.
بداية القصة :
بداية القصة كانت سنة 1894 حينما كان السلطان المغربي العظيم مولاي الحسن الاول عائدا من حملة عسكرية على احدى القبائل المتمردة في اقليم سوس على تخوم اقليم الصحراء..اذ حضرته الموت وهو في منطقة تادلة .حينها برزت للعلن شخصية مؤثرة جدا في التاريخ المغربي الحديث وهي شخصية الرجل الحديدي في الدولة المغربية اليد اليمنى للسلطان مولاي الحسن رحمه الله الا وهو الصدر الاعظم (الوزير الاول) با حماد.هذا الرجل الذي استطاع ان يحكم المغرب الى حدود سنة 1900 من وراء الستار .. حيث اجتهد الوزير الاول (باحماد) لاخفاء خبر موت السلطان في تادلة الى حين وصول الحملة الى العاصمة فاس وكان هدفه من ذالك هو اقصاء ابن السلطان الاكبر الامير محمد و تعيين الابن الاصغر للسلطان الذي سيصبح سلطان بدوره مولاي عبد العزيز..فقام (باحماد) بحبس الامير محمد وعين بدله عبد العزيز.وظل خبر حبس الامير محمد سرا لا يعرفه الا الوزير الاول و مولاي عبد العزيز و ربما قلة من المقربين ..
من هو الجيلالي الزرهوني (بوحمارة) (الروكي)
تختلف المصادر عن الماهية الحقيقية لهذا الرجل الذي ظل مجهولا في تاريخ المغرب الى حدود سنة 1901.تاريخ انطلاق حركته..اسمه الحقيقي عمر بن إدريس الجيلالي بن ادريس محمد اليوسفي الزرهوني .ولقبه (الروكي) و كذالك(بوحمارة) وهو لقب اطلق عليه لتحقيره من طرف الدولة , ولد سنة 1860..عمل كمهندس طوبوغرافي في الجيش المغربي ثم كان كاتبا شخصيا في ديوان مولاي عمر شقيق السلطان ..ثم طرده بسبب عدم انظباطه وتزويره وثائق رسمية ..فتم سجنه سنتيين ثم غادر السجن و اشتغال في ديوان احد القيياد المحليين (القائد منصب عسكري وسياسي انذاك) .
غادر الى الجزائر التي كانت محتلة من قبل الفرنسيين وهناك احتمال كبير ان يكون قد التقى هناك بقيادات الاحتلال الفرنسي التي كانت تطمع الى ضم المغرب الى جيرانه تونس و الجزائر..
بعد عودته مباشرة بدأ دعوته وتنقل بين مناطق احواز العاصمة (فاس) و( تازة ) التي اصبحت عاصمته فيما بعد و الشرق و الريف هناك حيث لقى مقاومة شرسة من القبائل بقيادة الشهيد محند امزيان.
كان اساس دعوته انه هو الامير مولاي محمد الابن الاكبر للسلطان مولاي الحسن واخ السلطان مولاي عبد العزيز و استدل على ذالك بوثائق رسمية تثبت نسبه بالاضافة الى الختم الخاص بالامير محمد (محمد بن الحسن الله وليه) وهو ما جعل الجميع يثق به و تم الدعاء له في منبر المسجد الاعظم لتازة في 21 نوفمبر 1902 كسلطان رسمي .. ومما زاد من الطين بلة عدم قدرة الدولة على نفي الامر كون الامير الحقيقي مسجون لدى اخيه سرا..
استطاع ان يجمع حوله 14 قبيلة
ارسل السلطان في البداية قوات خاصة مكونة من عشرين جنديا وظابطا كبيرا من اجل احضاره لكنهم فشلوا في ذالك.
وهنا بدأ السلطان مولاي عبد العزيز يستدرك خطورة الامر فجهز في نفس السنة (1902) جيشا قوامه 15000 الف بقيادة خاله مولاي عبد السلام الامراني و اخيه مولاي عبد الكبير ولكنهم انهزموا هزيمة كبيرة ..
امام هاته التطوارت لم يكن امام السلطان الا تسليم ملف الروكي الى وزير الحرب (وزير الدفاع) المهدي المنبهي ..الذي قاد حملة عسكرية جديدة ضد الروكي و رجاله في 29 يناير 1903 في منطقة بين العاصمة فاس و مدينة مكناس وانتهت باخفاق جديد للقوات المغربية ..
وبعد هاته المعركة بدأ الروكي يتوجه نحو الشمال فدخل (تازة) عاصمته و تلقى مبايعة اهلها والقبائل المحيطة بها ..ثم قام بتوسع كبير حينما وصل الى وجدة في المنطقة الشرقية بل وصل الى ساحل المنطقة الشرقية قبل ان تتدخل القوات المغربية بانزال على شواطئ المنطقة و تطرد قوات الروكي التي تراجعت الى المناطق التابعة لها و انسحبت من وجدة عاصمة المغرب الشرقي .
توالت الحملات العسكرية للقوات المغربية على قوات بوحمارة منذ سنة 1903 و الى غاية 1908 ولكن وبسبب ضعف نتائج تلك الحملات المتكررة حصل الروكي على نوع من الاستقرار جعله في سنة 1905 يؤسس حكومته ويقوي جيشه وسلطته .. ورغم عدم شرعية حكمه قلقد عقد اتفاقيات اقتصادية و عسكرية مع الفرنسيين و الاسبان حيث مكنهم من الاستيلاء على خيرات المنطقة مقابل تمكينه من الدعم العسكري ضد قوات الحكومة المغربية .
سنة 1907 سنة مفصلية في حركة الروكي حيث وقع حدثين مهمين ..اولهما مقاومة الشهيد محند امزيان في الريف حيث قام بشن هجمات على قوات السلطان المزييف من جهة وعلى مواقع استغلال المناجم الاستعمارية الاوروبية
اما الحدث الثاني فهو عزل السلطان مولاي عبد العزيز و تعيين مولاي عبد الحفيظ مكانه و الذي تمت مبايعته من قبل الشعب على الحفاظ على الاستقلال و محاربة الثورات الداخلية .
سنة 1909 ستكون فيها اخر معركة بين قوات الروكي و الجيش المغربي .. اندحرت فيها قوات الروكي و لجأ هذا الاخير هو و 400 من جنوده ومساعديه الى (الزاوية الدرقاوية) ..وطلبوا الامان من السلطان المغربي معتمدين على قدسية المكان لدى المغاربة ..الا ان القوات المغربية قامت بقصف الزاوية بالمدفعية الثقيلة مما ادى الى استسلام الروكي و قواته ..
ثم نقله الى العاصمة ومن اصل 400 لم يصل الا 160 شخص بسبب التعذيب و الاسائات..
يوم 2 سبتمبر 1909 تم اعدام جميع معاوني الجيلالي الزرهوني الملقب بالروكي و بو حمارة وتم سلخ جثثهم و تعليقها على ابواب مدينة فاس.. اما الروكي فقد اختاروا له ان يموت بطريقة مختلفة حين وضعوه في قفص كبير في مواجه مع اسد اطلسي ضخم .. و من القصص التي يحكيها الناس ان الروكي كان ملما بالسحر فحينما جاء الاسد بدأ يتمتم بكلمات غير مفهومة فتوقف الاسد في مكانه ولم يتحرك مدة من الزمن قبل ان ينقض عليه و يقتله وكانت هاته نهاية هذا الخائن الذي ادى بـأفعاله و خيانته بلده المغرب وتسبب في اضعافه و تسريع سقوطه في يد الاحتلال ..
الحقوق محفوظة للشبح
وهي في الواقع جريمة في حق هذا الوطن ارتكبها واحد من ابنائه.. وفي علم الجريمة يقال انه لكي تعرف من وراء الجريمة يجب عليك ان تعرف من المستفيد منها .. وفي هاته الحال لم يكن المستفيد سوى القوتين الاستعماريتيين فرنسا و اسبانيا.
بداية القصة :
بداية القصة كانت سنة 1894 حينما كان السلطان المغربي العظيم مولاي الحسن الاول عائدا من حملة عسكرية على احدى القبائل المتمردة في اقليم سوس على تخوم اقليم الصحراء..اذ حضرته الموت وهو في منطقة تادلة .حينها برزت للعلن شخصية مؤثرة جدا في التاريخ المغربي الحديث وهي شخصية الرجل الحديدي في الدولة المغربية اليد اليمنى للسلطان مولاي الحسن رحمه الله الا وهو الصدر الاعظم (الوزير الاول) با حماد.هذا الرجل الذي استطاع ان يحكم المغرب الى حدود سنة 1900 من وراء الستار .. حيث اجتهد الوزير الاول (باحماد) لاخفاء خبر موت السلطان في تادلة الى حين وصول الحملة الى العاصمة فاس وكان هدفه من ذالك هو اقصاء ابن السلطان الاكبر الامير محمد و تعيين الابن الاصغر للسلطان الذي سيصبح سلطان بدوره مولاي عبد العزيز..فقام (باحماد) بحبس الامير محمد وعين بدله عبد العزيز.وظل خبر حبس الامير محمد سرا لا يعرفه الا الوزير الاول و مولاي عبد العزيز و ربما قلة من المقربين ..
من هو الجيلالي الزرهوني (بوحمارة) (الروكي)
تختلف المصادر عن الماهية الحقيقية لهذا الرجل الذي ظل مجهولا في تاريخ المغرب الى حدود سنة 1901.تاريخ انطلاق حركته..اسمه الحقيقي عمر بن إدريس الجيلالي بن ادريس محمد اليوسفي الزرهوني .ولقبه (الروكي) و كذالك(بوحمارة) وهو لقب اطلق عليه لتحقيره من طرف الدولة , ولد سنة 1860..عمل كمهندس طوبوغرافي في الجيش المغربي ثم كان كاتبا شخصيا في ديوان مولاي عمر شقيق السلطان ..ثم طرده بسبب عدم انظباطه وتزويره وثائق رسمية ..فتم سجنه سنتيين ثم غادر السجن و اشتغال في ديوان احد القيياد المحليين (القائد منصب عسكري وسياسي انذاك) .
غادر الى الجزائر التي كانت محتلة من قبل الفرنسيين وهناك احتمال كبير ان يكون قد التقى هناك بقيادات الاحتلال الفرنسي التي كانت تطمع الى ضم المغرب الى جيرانه تونس و الجزائر..
بعد عودته مباشرة بدأ دعوته وتنقل بين مناطق احواز العاصمة (فاس) و( تازة ) التي اصبحت عاصمته فيما بعد و الشرق و الريف هناك حيث لقى مقاومة شرسة من القبائل بقيادة الشهيد محند امزيان.
كان اساس دعوته انه هو الامير مولاي محمد الابن الاكبر للسلطان مولاي الحسن واخ السلطان مولاي عبد العزيز و استدل على ذالك بوثائق رسمية تثبت نسبه بالاضافة الى الختم الخاص بالامير محمد (محمد بن الحسن الله وليه) وهو ما جعل الجميع يثق به و تم الدعاء له في منبر المسجد الاعظم لتازة في 21 نوفمبر 1902 كسلطان رسمي .. ومما زاد من الطين بلة عدم قدرة الدولة على نفي الامر كون الامير الحقيقي مسجون لدى اخيه سرا..
استطاع ان يجمع حوله 14 قبيلة
ارسل السلطان في البداية قوات خاصة مكونة من عشرين جنديا وظابطا كبيرا من اجل احضاره لكنهم فشلوا في ذالك.
وهنا بدأ السلطان مولاي عبد العزيز يستدرك خطورة الامر فجهز في نفس السنة (1902) جيشا قوامه 15000 الف بقيادة خاله مولاي عبد السلام الامراني و اخيه مولاي عبد الكبير ولكنهم انهزموا هزيمة كبيرة ..
امام هاته التطوارت لم يكن امام السلطان الا تسليم ملف الروكي الى وزير الحرب (وزير الدفاع) المهدي المنبهي ..الذي قاد حملة عسكرية جديدة ضد الروكي و رجاله في 29 يناير 1903 في منطقة بين العاصمة فاس و مدينة مكناس وانتهت باخفاق جديد للقوات المغربية ..
وبعد هاته المعركة بدأ الروكي يتوجه نحو الشمال فدخل (تازة) عاصمته و تلقى مبايعة اهلها والقبائل المحيطة بها ..ثم قام بتوسع كبير حينما وصل الى وجدة في المنطقة الشرقية بل وصل الى ساحل المنطقة الشرقية قبل ان تتدخل القوات المغربية بانزال على شواطئ المنطقة و تطرد قوات الروكي التي تراجعت الى المناطق التابعة لها و انسحبت من وجدة عاصمة المغرب الشرقي .
توالت الحملات العسكرية للقوات المغربية على قوات بوحمارة منذ سنة 1903 و الى غاية 1908 ولكن وبسبب ضعف نتائج تلك الحملات المتكررة حصل الروكي على نوع من الاستقرار جعله في سنة 1905 يؤسس حكومته ويقوي جيشه وسلطته .. ورغم عدم شرعية حكمه قلقد عقد اتفاقيات اقتصادية و عسكرية مع الفرنسيين و الاسبان حيث مكنهم من الاستيلاء على خيرات المنطقة مقابل تمكينه من الدعم العسكري ضد قوات الحكومة المغربية .
سنة 1907 سنة مفصلية في حركة الروكي حيث وقع حدثين مهمين ..اولهما مقاومة الشهيد محند امزيان في الريف حيث قام بشن هجمات على قوات السلطان المزييف من جهة وعلى مواقع استغلال المناجم الاستعمارية الاوروبية
اما الحدث الثاني فهو عزل السلطان مولاي عبد العزيز و تعيين مولاي عبد الحفيظ مكانه و الذي تمت مبايعته من قبل الشعب على الحفاظ على الاستقلال و محاربة الثورات الداخلية .
سنة 1909 ستكون فيها اخر معركة بين قوات الروكي و الجيش المغربي .. اندحرت فيها قوات الروكي و لجأ هذا الاخير هو و 400 من جنوده ومساعديه الى (الزاوية الدرقاوية) ..وطلبوا الامان من السلطان المغربي معتمدين على قدسية المكان لدى المغاربة ..الا ان القوات المغربية قامت بقصف الزاوية بالمدفعية الثقيلة مما ادى الى استسلام الروكي و قواته ..
ثم نقله الى العاصمة ومن اصل 400 لم يصل الا 160 شخص بسبب التعذيب و الاسائات..
يوم 2 سبتمبر 1909 تم اعدام جميع معاوني الجيلالي الزرهوني الملقب بالروكي و بو حمارة وتم سلخ جثثهم و تعليقها على ابواب مدينة فاس.. اما الروكي فقد اختاروا له ان يموت بطريقة مختلفة حين وضعوه في قفص كبير في مواجه مع اسد اطلسي ضخم .. و من القصص التي يحكيها الناس ان الروكي كان ملما بالسحر فحينما جاء الاسد بدأ يتمتم بكلمات غير مفهومة فتوقف الاسد في مكانه ولم يتحرك مدة من الزمن قبل ان ينقض عليه و يقتله وكانت هاته نهاية هذا الخائن الذي ادى بـأفعاله و خيانته بلده المغرب وتسبب في اضعافه و تسريع سقوطه في يد الاحتلال ..
الحقوق محفوظة للشبح
التعديل الأخير: