مؤامرة اليهود للقضاء على النبي صلى الله عليه وسلم
علي تني العجمي
علي تني العجمي
كانت غزوة بني النضير بعد غزوة أحد، وكان سببها أن عمرو بن أمية الضمري لما أعتقه عامر بن الطفيل عن رقبة زعموا أنها كانت على أمه، خرج عمرو إلى المدينة فوجد في الطريق رجلين من بني عامر معهما عقد وعهد من النبي صلى الله عليه وسلم فتركهما حتى ناما فانتهز عمرو الفرصة فقتلهما ظناً منه أنه قد ظفر بثأر أصحابه، وعندما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بذلك فقال له: ( لقد قتلت قتيلين لآدنيهما ) وخرج النبي صلى الله عليه وسلم يطلب من بني النضير أن يساعدوه بدية القتيلين حسب ميثاق الموادعة الذي وقعه معهم النبي صلى الله عليه وسلم عندما وصل المدينة.
واستقبل اليهود النبي صلى الله عليه وسلم بالترحاب وأظهروا له المودة، ولما خلا بعضهم لبعض قالوا: "إنكم لن تجدوه على مثل هذا الحال، وكان عليه الصلاة والسلام إلى جنب جدار من بيوتهم فانتدبوا أشقاهم وهو عمرو بن جحاش بن كعب لإلقاء صخرة عليه وهو جالس ينتظرهم، فقال لهم سلام بن مشكم: لا تفعلوا والله ليخبرن بما هممتم وإنه لنقض للعهد الذي بيننا وبينه.
وبينما هم كذلك إذ أتى الخبر من السماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره بما هموا به من الغدر، فقام من فوره عليه الصلاة والسلام مظهراً أنه يقضي حاجته ويرجع مخافة أن يبطشوا بأصحابه الذين كانوا برفقته، وعندما استبطأه أصحابه قاموا يطلبونه، فقال لهم حيي بن أخطب: لقد عجل أبو القاسم، كنا نريد أن نقضي حاجته ونقريه.
ومن عجيب ما يذكر أنهم في أثناء غدرهم إذ قال لهم أحدهم – وهو كنانة بن صويراء: هل تدرون لما قام محمد؟ قالوا: والله ما ندري، وما تدري أنت؟ فقال: والله أخبر بما هممتم به من الغدر، فلا تخدعوا أنفسكم والله إنه لرسول الله (وهذا يؤكد ما سبق أن ذكرناه من إقرارهم بنبوة الرسول صلى الله عليه وسلم رغم إنكارهم في الظاهر).
وحين انتهى الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم بما هم به اليهود من الغدر، وأن الله أطلعه على ذلك، وأمرهم بالتهيؤ لنبي النضير فسار إليهم المسلمين لمحاصرتهم في عقر دارهم، وقد كتب المنافقون إلى إخوانهم اليهود يحثونهم على الصمود والتصدي، قال تعالى: { ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون (11) لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون (12)}(الحشر).
وبذلك يشير القرآن إلى قاسم مشترك بين اليهود والمنافقين ومن هم على شاكلتهم من المتربصين بالدين حتى وإن حملوا أسماء المسلمين، وهو الكره والبغض لهذا الدين لأنه يصادم مصالحهم الشخصية وشهواتهم النفسية، فالإسلام يحرم الربا، واليهود يعشقونه ويجعلونه مدار معاملاتهم، والإسلام يحرم الغدر وهو طبيعة لا يمكن لليهودي الفكاك عنها، وهذه صورة نفسية موحدة لليهود عبر التاريخ كما أسلفنا وليست مواقف مؤقتة تنتهي بانتهاء ظروفها، وملابساتها.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحرق نخيل هؤلاء فشق ذلك عليهم فقالوا: يا محمد ألست تزعم أنك نبي تريد الإصلاح؟ أفمن الإصلاح قطع النخل وحرق الشجر؟ وهل وجدت فيما أنزل الله عليك إباحة الفساد في الأرض؟ فشق ذلك على المسلمين فقالوا: يا رسول الله علينا إثم فيما قطعنا أو علينا وزر فيما تركنا فأنزل الله قوله تعالى: { ما قطعتم لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله } (التآمر اليهودي على حياة النبي صلى الله عليه وسلم للدكتور المرصفي ص 22 بتصرف).
شبهة وجوابها
وقد يتبادر إلى ضعيفي الإيمان شبهة في قضية حرق النخيل ولا نجد لهؤلاء رداً يشفي صدورهم ويزل شبهتهم أفضل مما رواه مسلم عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً ثم قال:
( اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال)، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعد بهم وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ).
هذا هو المنهج الكامل الشامل الذي يسلكه الإسلام حين يدعو مخالفيه، فالحرب لم تكن غاية أبداً بل وسيلة وهي آخر علاج للمعرضين عن طريق الله، المعترضين على سير الدعوة.
درس جديد ليهود المدينة
ما إن انتصر المسلمون على قريش في غزوة بدر حتى بدأ اليهود – رغم ادعائهم الموادعة في الظاهر- في تأليب كفار قريش، فهذا كعب بن الأشرف اليهودي يحث الخطى لكفار قريش داعياً إياهم إلى النهوض والأخذ بالثأر من المسلمين مستغلاً شعره في التشبب بنساء المسلمين العفيفات الطاهرات، وهنا تنتفض الغيرة في نفس النبي صلى الله عليه وسلم فيقول لأصحابه: ( من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله )
فينتدب لذلك ثلة من الصحابة على رأسهم محمد بن مسلمة فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول شيئاً – أي يخدع به كعباً ليقتله - فأذن له، فأتاه محمد بن مسلمة وتظاهر له بعداوة النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يسلفه وسقاً أو وسقين فطلب منهم أن يرهنوه نساءهم قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فارهنوني أبناءكم قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدكم فيقال: رهن بوسق أو وسقين؟ هذا عار علينا؟ ولكن نرهنك اللامة – أي السلاح- فواعده أن يأتيه فجاءه ليلاً ومعه أبو نائلة – وهو أخو كعب من الرضاعة - فدعاه إلى الحصن فمشيا معه ساعة ثم تظاهر بأنه يريد شم رأسه الملطخ بالطيب، فلما أدنى رأسه إليهم ليشموه واستمكنوا منه ضربوه بالسيوف، وسرعان ما تبددت ردود فعل اليهود إزاء مقتل شاعرهم وطاغوتهم خوفاً وفرقاً فليس في المدينة يهودي إلا وهو يخاف على نفسه (الطبيعة اليهودية د. سعد المرصفي ص114 وما بعدها بتصرف).
لقد كان أولى باليهود أن يتعظوا من الأحداث فهم قد رأوا بأعينهم مصير يهود بني قينقاع ثم من بعدهم بني النضير غير أن ذلك لم يجد شيئاً معهم رغم أنهم كانوا هم البادئين بالعدوان.
عن موقع رابطة أدباء الشام
واستقبل اليهود النبي صلى الله عليه وسلم بالترحاب وأظهروا له المودة، ولما خلا بعضهم لبعض قالوا: "إنكم لن تجدوه على مثل هذا الحال، وكان عليه الصلاة والسلام إلى جنب جدار من بيوتهم فانتدبوا أشقاهم وهو عمرو بن جحاش بن كعب لإلقاء صخرة عليه وهو جالس ينتظرهم، فقال لهم سلام بن مشكم: لا تفعلوا والله ليخبرن بما هممتم وإنه لنقض للعهد الذي بيننا وبينه.
وبينما هم كذلك إذ أتى الخبر من السماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره بما هموا به من الغدر، فقام من فوره عليه الصلاة والسلام مظهراً أنه يقضي حاجته ويرجع مخافة أن يبطشوا بأصحابه الذين كانوا برفقته، وعندما استبطأه أصحابه قاموا يطلبونه، فقال لهم حيي بن أخطب: لقد عجل أبو القاسم، كنا نريد أن نقضي حاجته ونقريه.
ومن عجيب ما يذكر أنهم في أثناء غدرهم إذ قال لهم أحدهم – وهو كنانة بن صويراء: هل تدرون لما قام محمد؟ قالوا: والله ما ندري، وما تدري أنت؟ فقال: والله أخبر بما هممتم به من الغدر، فلا تخدعوا أنفسكم والله إنه لرسول الله (وهذا يؤكد ما سبق أن ذكرناه من إقرارهم بنبوة الرسول صلى الله عليه وسلم رغم إنكارهم في الظاهر).
وحين انتهى الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم بما هم به اليهود من الغدر، وأن الله أطلعه على ذلك، وأمرهم بالتهيؤ لنبي النضير فسار إليهم المسلمين لمحاصرتهم في عقر دارهم، وقد كتب المنافقون إلى إخوانهم اليهود يحثونهم على الصمود والتصدي، قال تعالى: { ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون (11) لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون (12)}(الحشر).
وبذلك يشير القرآن إلى قاسم مشترك بين اليهود والمنافقين ومن هم على شاكلتهم من المتربصين بالدين حتى وإن حملوا أسماء المسلمين، وهو الكره والبغض لهذا الدين لأنه يصادم مصالحهم الشخصية وشهواتهم النفسية، فالإسلام يحرم الربا، واليهود يعشقونه ويجعلونه مدار معاملاتهم، والإسلام يحرم الغدر وهو طبيعة لا يمكن لليهودي الفكاك عنها، وهذه صورة نفسية موحدة لليهود عبر التاريخ كما أسلفنا وليست مواقف مؤقتة تنتهي بانتهاء ظروفها، وملابساتها.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحرق نخيل هؤلاء فشق ذلك عليهم فقالوا: يا محمد ألست تزعم أنك نبي تريد الإصلاح؟ أفمن الإصلاح قطع النخل وحرق الشجر؟ وهل وجدت فيما أنزل الله عليك إباحة الفساد في الأرض؟ فشق ذلك على المسلمين فقالوا: يا رسول الله علينا إثم فيما قطعنا أو علينا وزر فيما تركنا فأنزل الله قوله تعالى: { ما قطعتم لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله } (التآمر اليهودي على حياة النبي صلى الله عليه وسلم للدكتور المرصفي ص 22 بتصرف).
شبهة وجوابها
وقد يتبادر إلى ضعيفي الإيمان شبهة في قضية حرق النخيل ولا نجد لهؤلاء رداً يشفي صدورهم ويزل شبهتهم أفضل مما رواه مسلم عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً ثم قال:
( اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال)، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعد بهم وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ).
هذا هو المنهج الكامل الشامل الذي يسلكه الإسلام حين يدعو مخالفيه، فالحرب لم تكن غاية أبداً بل وسيلة وهي آخر علاج للمعرضين عن طريق الله، المعترضين على سير الدعوة.
درس جديد ليهود المدينة
ما إن انتصر المسلمون على قريش في غزوة بدر حتى بدأ اليهود – رغم ادعائهم الموادعة في الظاهر- في تأليب كفار قريش، فهذا كعب بن الأشرف اليهودي يحث الخطى لكفار قريش داعياً إياهم إلى النهوض والأخذ بالثأر من المسلمين مستغلاً شعره في التشبب بنساء المسلمين العفيفات الطاهرات، وهنا تنتفض الغيرة في نفس النبي صلى الله عليه وسلم فيقول لأصحابه: ( من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله )
فينتدب لذلك ثلة من الصحابة على رأسهم محمد بن مسلمة فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول شيئاً – أي يخدع به كعباً ليقتله - فأذن له، فأتاه محمد بن مسلمة وتظاهر له بعداوة النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يسلفه وسقاً أو وسقين فطلب منهم أن يرهنوه نساءهم قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فارهنوني أبناءكم قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدكم فيقال: رهن بوسق أو وسقين؟ هذا عار علينا؟ ولكن نرهنك اللامة – أي السلاح- فواعده أن يأتيه فجاءه ليلاً ومعه أبو نائلة – وهو أخو كعب من الرضاعة - فدعاه إلى الحصن فمشيا معه ساعة ثم تظاهر بأنه يريد شم رأسه الملطخ بالطيب، فلما أدنى رأسه إليهم ليشموه واستمكنوا منه ضربوه بالسيوف، وسرعان ما تبددت ردود فعل اليهود إزاء مقتل شاعرهم وطاغوتهم خوفاً وفرقاً فليس في المدينة يهودي إلا وهو يخاف على نفسه (الطبيعة اليهودية د. سعد المرصفي ص114 وما بعدها بتصرف).
لقد كان أولى باليهود أن يتعظوا من الأحداث فهم قد رأوا بأعينهم مصير يهود بني قينقاع ثم من بعدهم بني النضير غير أن ذلك لم يجد شيئاً معهم رغم أنهم كانوا هم البادئين بالعدوان.
عن موقع رابطة أدباء الشام