قصة جميلة جدا ..ومؤثرة

إنضم
29 ديسمبر 2007
المشاركات
1,053
التفاعل
18 0 0

القصة جميلة جداً.. و مؤثرة -إقرأها بتمعن.

إقرأها و تمعن فيها.. أثابكم الله

و قد ذكرها الشيخ خالد الراشد كثيراً.. و يقال إنها قصته الشخصية!
لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أول أبنائي ما زلت أذكر تلك الليلة بقيت إلى آخر الليل مع الشلة في إحدى الإستراحات كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ بل بالغيبة و التعليقات المحرمة كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم وغيبة الناس وهم يضحكون.
أذكر ليلتها أني أضحكتهم كثيراً.. كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه أجل كنت أسخر من هذا و ذاك لم يسلم مني أحد حتى أصحابي صار بعض الناس يتجنبني كي يسلم من لساني.
أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسول في السوق و الأدهى أني وضعت قدمي أمامه فتعثر و سقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول و انطلقت ضحكتي تدوي في السوق...
عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة و وجدت زوجتي في انتظاري كانت في حالة يرثى لها قالت بصوت متهدج : راشد.. أين كنت ؟
قلت ساخراً : في المريخ.. عند أصحابي بالطبع.
كان الإعياء ظاهراً عليها قالت و العبرة تخنقها : راشد أنا تعبة جداً الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكا.
سقطت دمعة صامته على خدها.. أحسست أني أهملت زوجتي كان المفروض أن أهتم بها و أقلل من سهراتي خاصة أنها في شهرها التاسع.
حملتها إلى المستشفى بسرعة دخلت غرفة الولادة جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر تعسرت ولادتها فانتظرت طويلاً حتى تعبت فذهبت إلى البيت و تركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني.
بعد ساعة... اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم ذهبت إلى المستشفى فوراً أول ما رأوني أسأل عن غرفتها طلبوا مني مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي.
صرخت بهم : أي طبيبة ؟! المهم أن أرى ابني سالم.
قالوا : أولاً راجع الطبيبة..
دخلت على الطبيبة كلمتني عن المصائب و الرضى بالأقدار..
ثم قالت : ولدك به تشوه شديد في عينيه و يبدو أنه فاقد البصر !!
خفضت رأسي و أنا أدافع عبراتي تذكرت ذاك المتسول الأعمى الذي دفعته في السوق و أضحكت عليه الناس.
سبحان الله كما تدين تدان !
بقيت واجماً قليلاً لا أدري ماذا أقول ثم تذكرت زوجتي و ولدي فشكرت الطبيبة على لطفها و مضيت لأرى زوجتيلم تحزن زوجتي كانت مؤمنة بقضاء الله و قدره راضية طالما نصحتني أن أكف عن الإستهزاء بالناس كانت تردد دائماً.. لا تغتب الناس !
خرجنا من المستشفى و خرج سالم معنا.. في الحقيقة لم أكن أهتم به كثيراً اعتبرته غير موجود في المنزل حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها كانت زوجتي تهتم به كثيراً و تحبه كثيراً أما أنا فلم أكن أكرهه لكني لم أستطع أن أحبه !
كبر سالم.. بدأ يحبو كانت حبوته غريبة قارب عمره السنة فبدأ يحاول المشي فاكتشفنا أنه أعرج أصبح ثقيلا على نفسي أكثر أنجبت زوجتي بعده عمراً و خالداً.
مرت السنوات و كبر سالم و كبر أخواه.. كنت لا أحب الجلوس في البيت دائماً مع أصحابي في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم !
لم تيأس زوجتي من إصلاحي.. كانت تدعو لي دائماً بالهداية لم تغضب من تصرفاتي الطائشة لكنها كانت تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم و اهتمامي بباقي إخوته.
كبر سالم و كبر معه همي.. لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين لم أكن أحس بمرور السنوات أيامي سواء عمل و نوم و طعام و سهر...
في يوم جمعة.. استيقظت الساعة الحادية عشر ظهراً ما يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي كنت مدعواً إلى وليمة لبست و تعطرت و هممت بالخروج مررت بصالة المنزل فاستوقفني منظر سالم كان يبكي بحرقة !
إنها المرة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي مذ كان طفلاً.. عشر سنوات مضت لم ألتفت إليه حاولت أن أتجاهله فلم أحتمل كنت أسمع صوته ينادي أمه و أنا في الغرفة التفت ثم اقتربت منه قلت : سالم لماذا تبكي ؟!
حين سمع صوتي توقف عن البكاء فلما شعر بقربي بدأ يتحسس ما حوله بيديه الصغيرتين ما بِه يا ترى ؟! اكتشفت أنه يحاول الإبتعاد عني !! و كأنه يقول : الآن أحسست بي.. أين أنت منذ عشر سنوات ؟!
تبعته.. كان قد دخل غرفته رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه حاولت التلطف معه بدأ سالم يبين سبب بكائه و أنا أستمع إليه و أنتفض !
أتدري ما السبب ؟! تأخر عليه أخوه عمر الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد و لأنها صلاة جمعة خاف ألا يجد مكاناً في الصف الأول.. نادى عمر و نادى والدته و لكن لا مجيب فبكى.
أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه وضعت يدي على فمه و قلت : لذلك بكيت يا سالم ؟!!
قال : نعم
نسيت أصحابي، و نسيت الوليمة و قلت : سالم لا تحزن هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد ؟
قال : أكيد عمر.. لكنه يتأخر دائماً
قلت : لا.. بل أنا سأذهب بك
دهش سالم.. لم يصدق ظن أني أسخر منه استعبر ثم بكى مسحت دموعه بيدي و أمسكت يده أردت أن أوصله بالسيارة رفض قائلاً : المسجد قريب.. أريد أن أخطو إلى المسجد - إي و الله قال لي ذلك.
لا أذكر متى كانت آخر مرة دخلت فيها المسجد لكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بالخوف و الندم على ما فرطته طوال السنوات الماضية كان المسجد مليئاً بالمصلين إلا أني وجدت لسالم مكاناً في الصف الأول.. استمعنا لخطبة الجمعة معاً و صلى بجانبي بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه.
بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفاً استغربت ! كيف سيقرأ و هو أعمى ؟! كدت أن أتجاهل طلبه لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره ناولته المصحف.. طلب مني أن أفتح المصحف على سورة الكهف أخذت أقلب الصفحات تارة و أنظر في الفهرس تارة حتى وجدتها أخذ مني المصحف ثم وضعه أمامه و بدأ في قراءة السورة وعيناه مغمضتان.. يا الله !! إنه يحفظ سورة الكهف كاملة !!
خجلت من نفسي أمسكت مصحفاً أحسست برعشة في أوصالي قرأت و قرأت.. دعوت الله أن يغفر لي و يهديني لم أستطع الإحتمال فبدأت أبكي كالأطفال كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة خجلت منهم فحاولت أن أكتم بكائي تحول البكاء إلى نشيج و شهيق.
لم أشعر إلا بيد صغيرة تتلمس وجهي ثم تمسح عني دموعي إنه سالم !! ضممته إلى صدري و نظرت إليه قلت في نفسي لست أنت الأعمى بل أنا الأعمى حين انسقت وراء فساق يجرونني إلى النار.
عدنا إلى المنزل كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم لكن قلقها تحول إلى دموع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم.
من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد هجرت رفقاء السوء.. و أصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد ذقت طعم الإيمان معهم عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا لم أفوت حلقة ذكر أو صلاة الوتر ختمت القرآن عدة مرات في شهر رطبت لساني بالذكر لعل الله يغفر لي غيبتي و سخريتي من الناس أحسست أني أكثر قرباً من أسرتي اختفت نظرات الخوف و الشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي الإبتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم من يراه يظنه ملَك الدنيا و ما فيها.. حمدت الله كثيراً على نعمه.
ذات يوم.. قرر أصحابي الصالحون أن يتوجهوا إلى إحدى المناطق البعيدة للدعوة ترددت في الذهاب استخرت الله و استشرت زوجتي توقعت أنها سترفض لكن حدث العكس!
فرحت كثيراً بل شجعتني فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقاً و فجوراً.
توجهت إلى سالم أخبرته أني مسافر فضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً.. تغيبت عن البيت ثلاثة أشهر و نصف كنت خلال تلك الفترة أتصل كلما سنحت لي الفرصة بزوجتي و أحدث أبنائي اشتقت إليهم كثيراً آآآه كم اشتقت إلى سالم !! تمنيت سماع صوته هو الوحيد الذي لم يحدثني منذ سافرت إما أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم.
كلما حدثت زوجتي عن شوقي إليه كانت تضحك فرحاً و بشراً إلا آخر مرة هاتفتها فيها لم أسمع ضحكتها المتوقعة تغير صوتها..
قلت لها : أبلغي سلامي لسالم، فقالت : إن شاء الله.. و سكتت.
أخيراً عدت إلى المنزل طرقت الباب تمنيت أن يفتح لي سالم لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره حملته بين ذراعي و هو يصرخ : بابا بابا.. لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت.
استعذت بالله من الشيطان الرجيم..
أقبلت إلي زوجتي.. كان وجهها متغيراً كأنها تتصنع الفرح !
تأملتها جيداً ثم سألتها : ما بك ِ؟
قالت : لا شيء.
فجأة تذكرت سالماً فقلت : أين سالم ؟
خفضت رأسها لم تجب.. سقطت دمعات حارة على خديها
صرخت بها سالم ! أين سالم ؟؟!
لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد يقول بلغته : بابا.. ثالم لاح الجنة عند الله.
لم تتحمل زوجتي الموقف أجهشت بالبكاء كادت أن تسقط على الأرض فخرجت من الغرفة.
عرفت بعدها أن سالم أصابته حمى قبل موعد مجيئي بأسبوعين فأخذته زوجتي إلى المستشفى.. فاشتدت عليه الحمى و لم تفارقه حين فارقت روحه جسده.
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت و ضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف.. يـــــا الله.
إذا بارت الحيل و ضاقت السبل و انتهت الآمال و تقطعت الحبال نادي.. يـــــا الله.

لا إله إلا الله رب السموات السبع و رب العرش العظيم

ملاحظة : إذا كان نشرها سيرهقك.. فلا تنشرها فلن تستحق أخذ ثوابها لأن ثوابها عظيم إن شاء الله تعالى.
 
قصة جميلة جدا جدا جدا جزاك الله خيرا اخي الكريم
 
قصه مؤثره فعلا يؤخذ منها ويستفاد الدروس والعبر

جزاك الله خير
 
عودة
أعلى