الدفاع عن الطوافات
تلعب عمليات الطوافات حول العالم، لا سيما في افغانستان والعراق دوراً
اساسياً في عمليات مختلفة كثيرة. ومن الصعب رؤية كيف يستطيع النشاط العسكري
الاستمرار من دونها. فهي لا تنقل القوات البرية الى مناطق بعيدة او معادية
فحسب، عندما يكون النقل على السطح صعباً جداً او خطيراً للغاية، بل انها
تحافظ على امداد الذخيرة والمؤن التي تمنح الحياة للمقاتلين كالماء
والطعام، وتشكل ايضاً افضل وسيلة لانتشال الاصابات من منطقة حرب او مشهد من
النشاط الارهابي. لذلك فهي تستطيع انقاذ الأرواح بنقلهم الى حيث تتوافر
مرافق المعالجة الطبية بأقل قدر من التأخير. وهناك اماكن قليلة نسبياً يوجد
فيها تهديد جوي اساسي ضد الطوافات العسكرية. الا ان التهديدات على الاراض
اخذت تنمو ومن الصعب جداً مواجهة ذلك دون انشاء تدابير مضادة باهظة
التكاليف او الاعتماد على الطوافات المسلحة لتأمين غطاء جوي مباشر.
لما كانت العناصر البرية المعادية لا تزال موجودة في جيوب مقاومة في
العراق، مما ادى الى تحليق الطوافات الأميركية والعراقية عالياً فوق
المناطق المشبوهة او بدلاً من ذلك، التحليق مناورة للهرب. على مستوى منخفض.
لذلك فان كل الطوافات العسكرية في مسرح العمليات مجهزة حالياً بنظم دفاع
ذاتي مختلفة تتضمن مستشعرات انذار وبالونات حرارية ومشوشات الكترونية
وليزرية ورشاشات. وقد بلغ النزاع في مقاطعة هلمند في افغانستان ومناطق
الحدود مع باكستان مستوى خطراً جداً. وتلعب الطوافات هناك دوراً رائداً في
القتال. ويأتي التهديد من قوات طالبان غير النظامية ومن المقاتلين الاجانب
المناصرين لطالبان، الذين يعملون في مناطق بعيدة ومن معاقل معروفة في
مقاطعة هلمند. ويستهدف هؤلاء المقاتلين الذين يعتمدون على اسلحة مخبأة،
الجيش الافغاني وقوات حلف NATO معظمهم من بريطانيا والولايات المتحدة
والدانمارك وكندا واستراليا الذين يعتمدون بازدياد على الطوافات للنقل
الداخلي واعادة الامداد. وان الاسلحة المفضلة ضد الطوافات تشمل صواريخ
الدفاع الجوي الخفيفة الوزن التي يحملها رجل بسهولة والرمانات التي تطلقها
القذائف الصاروخية.
والرشاشات الثقيلة والمدافع، بما في ذلك الاسلحة
المتعددة مواسير الاطلاق ZU - 72AAA. اضافة لذلك، يمكن ان يشكل الأفراد
الذين يحملون رشاشات ثقيلة وبنادق قنص ورشاشات مركبة على مركبات تهديداً
متحركاً ايضاً. وتشمل الوسائل المفضلة لمهاجمة قوات الطوافات اقامة كمائن
تجتذب اليها دعم الطوافات للقوات البرية والانتظار ايضاً في ابنية وتحت
الأشجاد حتى مجيء الطوافات ضمن المدى. وان البقاء بعيداً عن الرؤية يشكل
اهتماماً رئيسياً للقوات المنشقة. فعندما يكون قد بدأ هجوم وتستنفر القوات
البرية النظامية. ترد الطوافات بسرعة وتحدد مصدر الهجوم وتواجه المهاجمين
بهجوم دقيق جدا وبقوة نار طاغية.
أصبحت الطوافات العسكرية خلال السنوات القليلة الماضية اكثر قدرة على
البقاء وهي تحت القصف بفضل الهياكل الجوية التي تحمل مزيداً من الدروع
الواقية، اضافة الى سلسلة واسعة من ادوات الانذار المختلفة. والأهم من ذلك
هو الخبرة القتالية التي اكتُسبت في افغانستان، وادت الى طرق جديدة
لاستعمال الطوافات تخفيفاً للأضرار وازالة التهديدات الارضية. وان تركيب
رادارات بحث ارضية في الطوافة ومستشعرات الكترونية - بصرية وأجهزة انذار من
التهديد تتيح لأطقم الطوافة مشاهدة مصدر اطلاق النار، وتمكن من تنفيذ
تدابير مضادة اوتوماتيكية، كما يمكن ان يتولى الطيار التحكم بدوياً بالنظم
الدفاعية، وذلك يعتمد على الوضع وعلى نوع الهجوم الذي يجري مواجهته. ويشكل
الادراك الوضعي عاملاً رئيسياً لمواجهة التهديد، ويمكن توفير ثوان حيوية في
فترة الرد اذا تم تركيب مجموعة اسعافات دفاعية حديثة. وكان الأصعب حتى
مؤخراً مواجهة القذائف الصاروخية غير الموجّهة ونيران المدافع الثقيلة
بدلاً من الصواريخ التي تبحث عن الحرارة او الموجّهة رادارياً. لكن هذا اخذ
يتغير اذ ان احدث اجهزة الانذار من التهديد تقدم ايضا تفاصيل دقيقة عن هذه
القذائف الموجهة التي يصعب تفاديها.
تستعمل القوات البريطانية في افغانستان الطوافات التي يقدمها سلاح الجو
الملكي (RAF) والبحرية الملكية والفيلق الجوي في الجيش البريطاني، لكن تحلق
كلها في عملية مشتركة يُطلق عليها قيادة الطوافات المشتركة (JHC)، التي
تخصص انواع مختلفة من الطوافات طبقا لمتطلبات المهمة. وقد جهزت كل الطوافات
بدروع اضافية لحماية طواقمها وركابها. وان معظمها مسلح ايضا وتحمل كذلك
مستشعرات تحذر من تهديدات الصواريخ وقاذفات البالونات الحرارية المصممة
لمواجهة الصواريخ التي تطلق من الارض والمقتربة من اي ناحية. وتواكب طوافات
النقل دائما طوافات مسلحة من طراز (Lynx)
A French Navy Lynx helicopter taking off
او حتى طوافات هجومية من طراز
(Apache) مجهزة حتى باسلحة ثقيلة اكثر وتستطيع ارباض مدفع يطلق النار من
الجو الى الارض بكثافة عالية، وتطلق الطوافة ايضا قذائف صاروخية وصواريخ
(Hellfire) للقضاء على مجموعات من الافراد والابنية والقوارب والمركبات.
An AH-64 Apache Longbow armed with 16 Hellfire missiles, eight under each wing.
كما تطلق النار ايضا على داخل الكهوف لتدمير مخازن الذخيرة فيها او
المتمردين المختبئين فيها. وتحمل طوافة (Apache) سلسلة واسعة من ادوات
التصوير للطاقم، مثل الكاميرات التي تعمل بالاشعة تحت الحمراء والرؤية في
النهار وفي الليل ونظام راداري من نوع (Longbow) يستطيع متابعة مئات
الاهداف التي تتحرك على الارض. وتستطيع كاميرات التصوير بالاشعة تحت
الحمراء والكاميرات الاخرى ان تقترب او تبتعد (Zooming) بتكبير كبير لتبين
الاهداف بتفاصيل كبيرة حتى في الليل.
ويجري تحديث طوافات (Apache) وتجهيزها
حتى بنظم (Arrowhead)، تقدمها شركة (Lockheed Martin)، تعرف باختصار
(M-TADS/PVNS) نظام محدث يسير على الهدف ويحدده"مستشعر رؤية ليلية للطيار.
وهذا يضيف قدرة على توسيع المدى، ويمكن الطاقم من مشاهدة تحركات العدو على
الارض بتفصيل كبير في الوقت الذي تبقى فيه الطوافة على مسافة بعيدة اكثر.
وهذا يمنح مزيدا من الوقت للرد على اي هجوم صاروخي ويخفض التهديد المباشر
ويبقي التحركات على الارض تحت المراقبة.
Arrowhead sensor
AH-64 Apache with Arrowhead sensor
ان اسطول طوافات (Apache) في الجناح الجوي في الجيش البريطاني المنشور في
افغانستان مجهز بمجموعة مساعدات دفاعية مدمجة للطوافات (HIDAS) من شركة
(BAE) البريطانية. وهو نظام معقد جدا واوتوماتيكي تماما، يستطيع اكتشاف
الصواريخ الموجهة بالاشعة تحت الحمراء وبالرادار.
وتستنفر اشارات الرؤية والصوت الطاقم في القمرة، واذا كانت مجموعة
المساعدات الدفاعية (HIDAS) منظمة بشكل اوتوماتيكي، فان الطاقم لا يحتاج ان
يفعل اي شيء آخر، لان النظام يطلق بالونات حرارية ساخنة بالاشعة تحت
الحمراء، او يطلق نظم التشويش الرادارية الالكترونية. وتتضمن مجموعة
المساعدات الدفاعية (HIDAS) جهازا يستقبل انذارا ليزريا وجهازا يستقبل
انذارا راداريا وثالث جهازا يستقبل انذارا باقتراب صاروخ ونظاما ينثر
العصائف"البالونات الحرارية. يستعمل اطقم الطوافات في الجيش البريطاني هذا
الجهاز يوميا ويثقون تماما في هذا النظام المجرب قتاليا في مقاطعة هلمند.
وقد انقذ طوافات (Apache) عديدة من الوقوع ضحية للصواريخ الموجهة.
اما التعامل مع الرمانات التي تطلق القذائف الصاروخية (RPG) فيشكل تهديدا
مختلفا ويقتضي تكتيكات تملص مختلفة. وان قذائف ال (RPG) هي قذائف غير موجهة
وغالبا ما تصوب بشكل سيئ وتفشل في اصابة الطوافة، انما تسبب اضرارا في
البيئة المحلية. ويمكن، مع ذلك، تجهيزها برؤوس حربية متشظية تنفجر في
الهواء ويمكن ان تشكل تهديدا كبيرا لاطقم الطوافات، لا سيما عندما تطلق
بكثافة من نقاط اطلاق فردية متعددة. وتستطيع احدث مستشعرات الكشف ان تحذر
من اطلاق قذائف (RPG) وتحدد الناحية التي أطلقت منها. وهذا يمنح الطيار
وقتا قصيرا لاعادة تموضع طوافته لاتخاذ اجراء تملص سريع او تدمير القذيفة
الصاروخية باطلاق نار دفاعية عليها مباشرة. ويستطيع رشاش دوار في طوافة
(Apache)، عيار 30 ملم، اطلاق 600 طلقة بالدقيقة فتضع كثيرا من الرصاص في
طريق اي صاروخ يطلق.
تطور شركة (Thales) نظام انذار من التهديد من الجيل الجديد بالتعاون مع
وزارة الدفاع البريطانية اطلق عليه اسم (Elix - IR)، يجتاز حاليا مرحلة
متقدمة من التطوير بموجب برنامج تجربة تكنولوجية. ومن المتوقع ان يخضع
للتجارب في احوال عملانية قريبا. وهو نظام انذار ينطلق ابعد من اجهزة
الانذار من التهديدات الحالية في الطوافات باعتبار انه يزود انذارا باكرا
ويحدد موقع اطلاق النار المعادية ليس فقط من الصواريخ بل ايضا من الرشاشات.
وقد اعتمد في تطويره على الخبرة المكتسبة من تطوير وصناعة نظم الاشعة تحت
الحمراء (IR) السلبية لادوات استنفار الدفاع الجوي (ADAD) للجيش البريطاني
وعلى مستشعر (IRST Pirate) على متن طائرة (Typhoon)، وهو يشكل قدرة فائقة
ضد طيف واسع من التهديدات اكثر من اي نظام آخر متاح. ويمكن استعمال نظام
الانذار (Elix - IR) كنظام مستقل وحده ودمجه في مجموعة مساعدات دفاعية
حالية.
ان تحسين ادراك الوضع للطيار في احوال تهديد منخفضة المستوى يشكل ناحية
رئيسية للنجاة من النيران الارضية المعادية المضادة للطوافات. وان الاقرار
بان نشاط الطاقم الجوي لدى التحليق على مستوى منخفض او الاستعداد للهبوط او
التحويم فوق موقع معروف على انه يحتوي على قوات برية معادية مسلحة يتطلب
الحد الادنى من المعلومات الظاهرة على شاشات العرض في القمرة والاشارات
الخارجية اللحظية الواردة حمل شركة (BAE Systems) على تطوير خوذة مدمجة
تحمل مستشعرا.
وتأتي خوذة الطيار في طوافة (Apache) مجهزة بصور رؤية ليلية
واضحة للعين وبرموز اخرى. ولكن يمكن ان تكون هذه، مثل معظم خوذ الرؤية
الليلية، ثقيلة تضع جهدا فيزيائيا على عنق الطيار وتعرضه لخطر جسدي اضافي
باصابة في العنف اذا حلق الطيار في مناورات على مستويات مرتفعة كثيرا (G)،
او اقتضى الامر الهروب لتفادي النيران الارضية فجأة. ومن اجل خفض العبء
الفيزيائي لرزمة مستشعرات نموذجية مثبتة على الخوذة، عرضت شركة (BAE
Systems) نظام تصويب من نوع (Q - Sight)، وهو نظام تصوير جديدا خفيف الوزن
مثبت على الخوذة يستعمل كما من موجهات الموجات Waveguides التي تركز كل
الصور المعنية بشكل كامل على عدسة العينية.
وتتيح الاداة الجديدة ان يرى
الطيار شاشات العرض، بما فيها المعلومات عن الهدف ويبقى مشهد العالم
الخارجي ظاهرا تماما في كل الاوقات. ويمكن دمج النظام تماما في اسلحة وفي
نظم الكترونيات طيران اخرى. ومن المتوقع ان يقدم حلا افضل وبتكلفة اقل
كثيرا ايضا لابقاء الطيارين يقظين تماما في اكثر المراحل الخطرة إبان
مهامهم. وان الاستعمال يناسب كل طرازات الطوافات العسكرية، وليس فقط في دور
تلك التي تتولى الهجوم المسلح. وقد يكون ذلك مفيدا بنوع خاص للطوافات
الكبيرة التي تحمل قواتا، مثل طوافة Chinook، من شركة (Boeing) حيث يمكن
انزال القوات او سحبها رغم كون الحوامة في وضع خطر جدا ما لم يتمكن الطاقم
من الاستفادة تماما من احدث مستشعرات الانذار والادراك لخفض المجازفة.
ريتشارد غاردتر
الدفاع العربى
field marshal