سلسلة الأحاديث القدسية

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,736
التفاعل
17,853 112 0
بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة الأحاديث القدسية

1 ـ المقدمة


(الحمد لله الذي نزل أهل الحديث أعلى منازل التشريف، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الشريف العفيف، وآله وصحبه المعصومين في المقال عن التبديل والتحريف)(1).

أما بعد:

فإن الله تعالى أنزل الشرائع والكتب من عنده على أنبيائه ورسله من خلال طرق بيّنها في كتابه؛ كما قال سبحانه وتعالى: { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيم (51)}(الشورى).

وقد اختص الله الشريعة الإسلامية بأن كلَّ ما جاء عن نبيها صلى الله عليه وسلم وحي ومصدر للتشريع، ولذلك فقد اتفق أهل العلم على أن السنّة هي المصدر الثاني للتشريع من حيث المنزلة لا من حيث العمل.

وقد قيض الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة أئمة وعلماء حملوا على كاهلهم عبء حفظ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتأديتها بلفظها، واختار آخرون لصيانتها من التحريف والتبديل، فحفظوا لنا كل ما جاء على لسان النبي صلى الله عليه وسلم من غير القرآن.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي بآيات من القرآن نبّه أصحابه فيقول لهم: اجعلوها في سورة كذا، كما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه:
« كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ فَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ فَيَقُولُ ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَإِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةَ فَيَقُولُ ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا »(2).

وكان من بين ما حدّث به النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث يرويها عن ربّ العزّة سبحانه وتعالى دون أن ينسبها للقرآن؛ ولذلك فقد قسّم أهل العلم الحديث الشريف إلى قمسين بحسب نسبة لفظه ومعناه:

الأول: الحديث النبوي.

وتقدّم الكلام عليه في المصطلح.

الثاني: الحديث القدسي.

وسيأتي التعريف به وذكر الفروق التي بينه وبين القرآن والحديث النبوي.

يتبع

عن شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:

(1) الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية للمناوي (ص 11).
(2) أخرجه أحمد (1/57، 69)، أبو داود: كتاب الصلاة، باب من جهر بها - أي التسمية -، رقمم (786)، والترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة التوب، رقم (3086) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قلت لعثمان بن عفان ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطول ما حملكم على ذلك فقال عثمان... الحديث.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وصححه الألباني في المشكاة (2222)، وضعفه في صحيح وضعيف أبي داود (168 / 786)، وصحيح وضعيف الترمذي (599 / 3294).
 
التعديل الأخير:
سلسلة الأحاديث القدسية/تعريف الحديث القدسي/(1 ـ 2)

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة الأحاديث القدسية

2 ـ تعريف الحديث القدسي لغة

قال الفيروزآبادي:

( القُدْسُ، بالضم وبضمتين: الطُّهْرُ، اسمٌ، ومَصْدَر ...
والقُدُّوسُ: من أسماءِ اللهِ تعالى ،
ويفتحُ، أي: الطاهِرُ، أو المُبَارَكُ: وكلُّ فَعُّولٍ مَفْتوحٌ غيرَ قُدُّوسٍ وسُبُّوحٍ وذُرُّوحٍ وفُرُّوجٍ، فبالضم، ويُفْتَحْنَ ...
والتَّقْديسُ: التَّطْهِيرُ، ومنه الأرضُ المُقَدَّسَةُ،
وبيتُ المَقْدِسِ، كمَجْلِسٍ ومُعَظَّمٍ.
وكمحدِّثٍ: الراهِبُ. وتَقَدَّسَ: تَطَهَّرَ) (1).

وقال ابن الأثير:

(قدس: ... في أسماء الله تعالى «القدوس» هو الطاهر المنزه عن العيوب. وفعول: من أبنية المبالغة وقد تفتح القاف وليس بالكثير ولم يجيء منه إلا قدوس، وسبوح، وذروح
وقد تكرر ذكر التقديس في الحديث والمراد به التطهير
ومنه "الأرض المقدّسة" قيل: هي الشام وفلسطين. وسمي بيت المقدس لأنه الموضع الذي يتقدس فيه من الذنوب. يقال: بيت المقدس والبيت المقدس وبيت القدس بضم الدال وسكونها.
ومنه الحديث: « إِنَّ رُوحَ القُدسِ نَفَثَ في رُوعِي »(2) يعني جبريل عليه السلام؛ لأنه خلق من طهارة)(3).

وقال ابن منظور:

قدس: التقديس تنزيه الله عز وجل وفي التهذيب القدس تنزيه الله تعالى وهو المتقدس القدوس المقدس ويقال القدوس فعول من القدس وهو الطهارة وكان سيبويه يقول سبوح وقدوس بفتح أوائلهما.

قال اللحياني المجتمع عليه في سبوح وقدوس الضم قال وإن فتحته جاز قال ولا أدري كيف ذلك

قال ثعلب كل اسم على فعول فهو مفتوح الأول مثل سفود وكلوب وسمور وتنور إلا السبوح والقدوس فإن الضم فيهما الأكثر وقد يفتحان وكذلك الذروح بالضم وقد يفتح

قال الأزهري لم يجئ في صفات الله تعالى غير القدوس وهو الطاهر المنزه عن العيوب والنقائص، وفعول بالضم من أبنية المبالغة وقد تفتح القاف وليس بالكثير ... والقُدُس والقُدْس بضم الدال وسكونها: اسم، ومصدر، ومنه قيل للجنة: حظيرة القدس، والتقديس التطهير والتبريك وتقدس أي تطهر

وفي التنزيل: { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ....(30)}(البقرة) قال الزجاج: معنى نقدس لك أي: نطهر أنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أطاعك نقدسه أي: نطهره، ومن هذا قيل للسطل: القدس؛ لأنه يتقدس منه أي يتطهر.

والقدس بالتحريك: السطل بلغة أهل الحجاز لأنه يتطهر فيه.

قال: ومن هذا بيت المقدس أي البيت المطهر أي المكان الذي يتطهر به من الذنوب قال ابن الكلبي: القدوس الطاهر ،
وقوله تعالى: { الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ...(23)}(الحشر) ، الطاهر في صفة الله عز وجل، وقيل قدوس بفتح القاف قال وجاء في التفسير أنه المبارك والقدوس هو الله عز وجل والقدس البركة والأرض المقدسة الشام منه وبيت المقدس من ذلك أيضا فإما أن يكون على حذف الزائد وإما أن يكون اسما ليس على الفعل)(4).

وقال الزبيدي: والقدس: البيت المقدس لأنه يتطهر فيه من الذنوب أو للبركة.

والقدس: سيدنا جبريل عليه السلام كروح القدس وفي الحديث: « إن روح القدس نفث في روعي »(5) يعني جبريل عليه السلام؛ لأنه خلق من طهارة ،
وفي صفة عيسى عليه السلام: { وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ..(87)}(البقرة) معناه: روح الطهارة وهو جبريل عليه السلام.

والقُدُّوسُ بالضم والتشديد: من أسماء الله تعالى الحسنى،
ويفتح عن سيبويه وبه قرأ زيد بن علي: { الْمَلِكُ الْقَدُّوسُ... (23)}(الحشر)
وقال يعقوب: سمعت أعرابيا يقول عند الكسائي يكنى أبا الدنيا يقرأ (الْقَدُّوسُ) بالفتح،
وحكى اللحياني الإجماع على ضم قدّوس وسبّوح، وجوّز الفتح فيهما أي: الطاهر المنزه عن العيوب والنقائص أو المبارك هكذا جاء في التفسير عن ابن الكلبي.

وقال الفراء: الأرض المقدسة: الطاهرة وهي دمشق وفلسطين وبعض الأردن،
وتقدس: تطهر وتنزه،
والقدس بالضم: الموضع المرتفع الذي يصلح للزراعة وبه فسر بعض حديث بلال بن الحارث المتقدم. والتقديس: التبريك والقدس: البركة وحكى ابن الأعرابي: لا قدسه الله: أي لا بارك عليه. قال: والمقدس: المبارك
وقال قتادة: أرض مقدسة: مباركة وإليه ذهب ابن الأعرابي،
والقادس: البيت الحرام،
وقال يعقوب: من أسماء مكة: قادس والمقدسة؛ لأنها تقدس من الذنوب أي تطهر)(6).

مما تقدم يتبين أن معنى القدسي يدور في معنى الطهارة والنزّاهة عن النقص.

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:

(1) القاموس المحيط (1/728) باب السين، فصل القاف مع الدال، مادة: قدس.

(2) أخرجه ابن راهويه (970- مطالب)، وهناد في الزهد (494)، ابن أبي الدنيا في القناعة والعفاف (57)، ابن أبي شيبة 7/79، الدار قطني في العلل (875)، الشهاب في مسنده (1151)، الحاكم 2/5، والبيقهي في شعب الإيمان (10376)، ابن مردويه في أماليه (24) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال الألباني في السلسة الصحيحة (2866): وبالجملة فالحديث حسن على أقل الأحوال، وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (10/27) من حديث أبي أمامة، وأخرجه الشافعي في مسنده (1153)، البيهقي في شعب الإيمان (1185)، والأسماء والصفات للبيهقي (416) من حديث المطلب بن حنطب رضي الله عنه، وأخرجه ابن عدي في الكامل (5/128) من حديث حذيفة رضي الله عنه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/123): فيه قدامة بن زائدة بن قدامة ولم أجد من ترجمه.

(3) النهاية في غريب الأثر (4/42).
(4) لسان العرب (6/168).
(5) تقدم تخريجه.
(6) تاج العروس (1/4066- 4068).

 
التعديل الأخير:
سلسلة الأحاديث القدسية/تعريف الحديث القدسي/2 ـ 2

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة الأحاديث القدسية

3 ـ تعريف الحديث القدسي اصطلاحا

هو الحديث الذي يحكيه النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة عز وجل ويتصرف في لفظه صلى الله عليه وسلم - على أرجح الأقوال - على حسب ما يشاء من التعبير وقد أوحي إليه معناه سواء كان ذلك يقظة أو مناما عن طريق الوحي أو إلهاما مع عدم منحه خصائص القرآن.

بعض أقوال أهل العلم في تعريف الحديث القدسي:

قال الجرجاني:
(الحديث القدسي هو من حيث المعنى من عند الله تعالى ومن حيث اللفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ما أخبر الله تعالى به نبيه بإلهام أو بالمنام فأخبر عليه السلام عن ذلك المعنى بعبارة نفسه فالقرآن مفضل عليه لأن لفظه منزل أيضا)(1).

قال الملا علي القاري:
أوحي إلي » أي وحيا خفيا غير متلو، وهو يحتمل أن يكون بواسطة جبريل أو لا، وله نقله ولو بالمعنى، وبهذه القيود فارق الحديث القدسي الكلام القرآني)(2).

قال المناوي:
(الحديث القدسي إخبار الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام معناه بإلهام أو بالمنام فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك المعنى بعبارة نفسه)(3).
(الحديث القدسي ما أخبر الله نبيه بإلهام أو منام فأخبر عن ذلك المعنى بعبارته فالقرآن مفضل عليه بإنزال لفظه أيضا)(4).

قال الزرقاني:
(الحديث القدسي أُوحيت ألفاظه من الله على المشهور والحديث النبوي أوحيت معانيه في غير ما اجتهد فيه الرسول والألفاظ من الرسول)(5).

أسماء الحديث القدسي:

اصطلح أهل العلم على تسمية الحديث القدسي بعدة أسماء فمنهم من يسميه بالحديث القدسي وهو الأشهر والأغلب، ومنهم من يسميه بالحديث الإلهي، وبعضهم يطلق عليه الحديث الرباني.
بعض مَن قال فيه: الحديث الإلهي:

قال ابن تيمية:
(في أول هذا الحديث الإلهي الذي قال فيه الإمام أحمد هو أشرف حديث لأهل الشام أنه حرم الظلم على نفسه )(6).

وقال في موضع أخر:
(كما قال فى الحديث الإلهي « يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعونى »(7))(8).

وقال الحافظ ابن حجر:
(الأحاديث الإلهية: وهي تحتمل أن يكون المصطفى صلى الله عليه وسلم أخذها عن الله تعالى بلا واسطة أو بواسطة)(9).

وقال الطيبي:
(إن القدسي نص إلهي في الدرجة الثانية، وإن كان من غير واسطة ملك غالبا؛ لأن المنظور فيه المعنى دون اللفظ، وفي القرآن اللفظ والمعنى منظوران فعلم من هذا مرتبة بقية الأحاديث)(10).

وقال الملا علي القاري:
(الحديث الإلهي « أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي »(11))(12).

بعض مَن قال فيه: الحديث الرباني

قال الجلال المحلي:

(الْأَحَادِيثَ الرَّبَّانِيَّةَ كَحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: « أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي »(13))(14).

وقال المباركفوري:
(«قال» أي النبي صلى الله عليه وسلم « قال الله عز وجل » فيكون من الأحاديث الربانية أي القدسية)(15).

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:

(1) التعريفات للجرجاني (ص 113).
(2) مرقاة المفاتيح (2/173).
(3) فيض القدير للمناوي (4/468).
(4) التعاريف للمناوي (ص 271).
(5) انظر مناهل العرفان (1/37).
(6) مجموع الفتاوى (8/510).
(7) أخرجه مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم (2577).
(8) مجموع الفتاوى (17/110)، وانظر منهاج السنة (1/452)، درء تعارض النقل (2/110).
(9) فيض القدير للمناوي (4/468).
(10) فيض القدير للمناوي (4/468).
(11) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى : { ويحذركم الله نفسه } وقوله جل ذكره { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } (7405،)، باب قول الله تعالى : { يريدون أن يبدلوا كلام الله } (7505)، مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى (2675)، باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى: (4/2067/2675)، كتاب التوبة، باب في الحض على التوبة والفرح بها (4/2099/2675).
(12) الرد على وحدة الوجود (ص- 115).
(13) متفق عليه: سبق تخريجه.
(14) حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (2/209).
(15) مرعاة المفاتيح (1/393).
 
التعديل الأخير:
سلسلة الأحاديث القدسية/هل الحديث القدسي كلام الله بلفظه أو بمعناه؟ (1 - 2)

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة الأحاديث القدسية

4 ـ هل الحديث القدسي كلام الله بلفظه أو بمعناه؟ (1 - 2)

اختلف أهل العلم هل لفظ الحديث القدسي ومعناه من الله تعالى أم أن لفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه من عند الله تعالى فأفردنا بحثا في هذا الصدد نجمع فيه أقوال كل فريق حتى نقف على ما في المسألة من خلاف، ووجهة كل فريق في ذلك من غير إطالة تخرج بنا عن معناه كأحد أنواع الحديث

أولا: من قال إن الحديث القدسي كلام الله بمعناه فقط

قال أبو البقاء:

(إن القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند الله بوحي جلي وأما الحديث القدسي فهو ما كان لفظه من عند الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناه من عند الله بالإِلهام أو بالمنام)(1).

وقال الطيبي:

(إن الحديث القدسي نص إلهي في الدرجة الثانية وإن كان من غير واسطة ملك غالبا لأن المنظور فيه المعنى دون اللفظ وفي القرآن اللفظ والمعنى منظوران فعلم من هذا مرتبة بقية الأحاديث)(2).

وقال أيضا:

(القرآن هو اللفظ المنزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، والقدسي إخبار الله معناه بالإلهام أو بالمنام فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بعبارة نفسه، وسائر الأحاديث لم يضفها إلى الله تعالى ولم يروه عنه تعالى)(3).

وقال الجرجاني:

(الحديث القدسي هو من حيث المعنى من عند الله تعالى ومن حيث اللفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ما أخبر الله تعالى به نبيه بإلهام أو بالمنام فأخبر عليه السلام عن ذلك المعنى بعبارة نفسه فالقرآن مفضل عليه لأن لفظه منزل أيضا)(4).

وقال المناوي:

(الحديث القدسي ما أخبر الله نبيه بإلهام أو منام فأخبر عن ذلك المعنى بعبارته فالقرآن مفضل عليه بإنزال لفظه أيضا)(5).

وقال الملا على القاري:

(الحديث القدسي ما يرويه صدر الرواة وبدر الثقات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات عن الله تبارك تارة بواسطة جبريل عليه السلام وتارة بالوحي والإلهام والمنام مفوضاً إليه التعبير بأي عبارة شاء من أنواع الكلام)(6).

وقال أيضا:

(وله نقله ولو بالمعنى وبهذه القيود فارق الحديث القدسي الكلام القرآني)(7).

وقال المناوي :

(الحديث القدسي إخبار الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام معناه بإلهام أو بالمنام فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك المعنى بعبارة نفسه)(8).

وقال الزرقاني:

(أما الحديث القدسي والحديث النبوي فليست ألفاظهما مناط إعجاز ولهذا أباح الله روايتهما بالمعنى ولم يمنحهما تلك الخصائص والقداسة الممتازة التي منحها القرآن الكريم تخفيفا على الأمة ورعاية لمصالح الخلق في الحالين من منح ومنع { إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }(9))(10).

(وقال العلامة السيد أحمد بن المبارك رحمه الله تعالى في «الإبريز» سألت عبد العزيز الدباغ: الحديث القدسي من كلام الله عز وجل أم لا؟ قال: ليس هو من كلامه وإنما هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم)(11).

وكذا رحجه العلامة محمد المدني في كتابه(12).

وكذا رحجه الدكتور محمد عبد الله دراز في كتابه «النبأ العظيم» حيث قال:

( وهذا هو أظهر القولين عندنا، لأنه لو كان منزلا بلفظه لكان له من الحرمة والقدسية في نظر الشرع ما للنظم القرآني إذ لا وجه للتفرقة بين لفظين منزلين من عند الله...)

ثم قال:

(فالقول بإنزال لفظه قول بشيء لا داعي في النظر إليه ولا دليل في الشرع عليه اللهم إلا ما قد يلوح من إسناد الحديث القدسي إلى الله بصيغة يقول الله تبارك وتعالى كذا، لكن القرائن التي ذكرناها آنفا كافية في إفساح المجال لتأويله بأن المقصود نسبة مضمونه لا نسبة ألفاظه...)(13).

وقال الدكتور محمد بن لطفي الصباغ:

(الحديث القدسي كلام الله تعالى بالمعنى أما اللفظ فللرسول صلى الله عليه وسلم هذا القول هو الذي نرجحه، وهناك قول آخر مرجوح في نظرنا يدعى أن الحديث القدسي كلام الله تعالى بلفظه ومعناه، لكان ينبغي أن يكون له من الحرمة والقدسية في نظر الشرع ما للقرآن إذ لا وجه للتفرقة بين لفظين منزلين من عند الله...)(14).

وقال الأستاذ محمود النواوي:

(والتحقيق في نظرنا أن البرهان على كون الحديث القدسي موحى بمعناه دون لفظه أن له صفة الحديث النبوي دون فارق سوى النسبة إلى الله سبحانه للإيذان بأهمية الخـبر…)(15).

فتلخص من نقول الأئمة وأهل العلم المتقدمة أن تعريف الحديث القدسي عندهم أن معناه من عند الله عز وجل ولفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم ودارت جل الأدلة التي اعتمدوا عليها في أن خصائصه تختلف عن خصائص القرآن الكريم من جهة اللفظ والأحكام وغير ذلك .

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:

(1) أبو البقاء في كتاب كليات العلوم (ص 228) ، انظر قواعد التحديث للقاسمي (ص-66).
(2) انظر فيض القدير (4/468).
(3) انظر القاسمي في قواعد التحديث (ص-66).
(4) التعريفات للجرجاني ( ص- 113).
(5) التعاريف للمناوي (ص- 271).
(6) انظر الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية(ص- 274).
(7) مرقاة المفاتيح (2/173).
(8) فيض القدير (4/468).
(9) البقرة: 143.
(10) انظر مناهل العرفان (1/37).
(11) انظر قواعد التحديث للقاسمي ( ص- 67).
(12) انظر الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية لمحمد مدني (ص- 274).
(13) انظر: النبأ العظيم (ص- 16).
(14) انظر: الحديث النبوي مصطلحه، وبلاغته (ص- 133).
(15) انظر مقدمة الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية (ص- 11) بتحقيق محمد أمين النواوي.
 
سلسلة الأحاديث القدسية/هل الحديث القدسي كلام الله بلفظه أو بمعناه؟ (2 - 2)

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة الأحاديث القدسية

5 ـ هل الحديث القدسي كلام الله بلفظه أو بمعناه؟ (2 - 2)

ثانيا: من قال إن الحديث القدسي كلام الله بلفظه ومعناه:

بعدما ذكرنا أقوال الفريق الأول من قال بأن اللفظ من عند النبي صلى الله عليه وسلم والمعنى من عند الله عز وجل نذكر الرأي الثاني وهو القائل بأن اللفظ والمعنى من عند الله عز وجل

قال الكرماني في شرحه على البخاري في أول كتاب الصوم:

(القرآن لفظ معجز ومنزل بواسطة جبريل عليه السلام وهذا- أي الحديث القدسي- غير معجز وبدون الواسطة ومثله يسمى بالحديث القدسي والإلهي والرباني... إلى أن قال: وقد يفرق بأن الحديث القدسي ما يتعلق بتنزيه ذاته وصفاته الجلالية والجمالية)(1).

وكذا قال الشهاب ابن حجر الهيتمي في شرح الحديث الرابع والعشرين المسلسل بالدمشقيين وهو حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تعالى أنه قال:

« يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا.......»(2)

قال:

الأحاديث القدسية من كلامه تعالى فتضاف إليه وهو الأغلب ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء؛ لأنه المتكلم بها أولا، وقد تضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه المخبر بها عن الله تعالى بخلاف القرآن فإنه لا يضاف إلا إليه. فيقال: قال الله تعالى، وفي القدسية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى.

وقال: فائدة يعم نفعها، ويعظم وقعها، في الفرق بين الوحي المتلو وهو القرآن، والـوحي المروي عنه صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل وهو ما ورد من الأحاديث الإِلهية وتسمى القدسية وهي أكثر من مائة حديث وقد جمعها بعضهم في جزء كبير وحديث أبي ذر هذا - الرابع والعشرين- من أجلها، ثم قال: اعلم أن الكلام المضاف إليه تعالى أقسام ثلاثة:

أولها: وهو أشرفها القرآن الكريم لتميزه عن البقية بإعجازه من أوجه كثيرة، وكونه معجزة باقية على ممر الدهر، محفوظة من التغيير والتبديل ،وبحرمة مسه لمحدث ،وتلاوته لنحو الجنب، وروايته بالمعنى، وبتعينه في الصلاة ،وبتسميته قرآنا ،وبأن كل حرف منه بعشر حسنات، وبامتناع بيعه في رواية عند أحمد ،وكراهته عندنا ،وبتسمية الجملة منه آية وسورة، وغيره من بقية الكتب ،والأحاديث القدسية لا يثبت لها شيء من ذلك.

ثانيها: كتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قبل تغييرها وتبديلها.

ثالثها: بقية الأحاديث القدسية وهي ما نقل إلينا آحادا عنه صلى الله عليه وسلم مع إسناده لها عن ربه فهي من كلامه تعالى فتضاف إليه وهو الأغلب ،ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء لأنه المتكلم بها أولا ،وقد تضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه المخبر بها عن الله تعالى بخلاف القرآن فإنه لا تضاف إلا إليه تعالى فيقال فيه قال الله تعالى وفيها قال رسول الله فيما يروي عن ربه تعالى(3).

وقال الزرقاني:

(الحديث القدسي أوحيت ألفاظه من الله على المشهور، والحديث النبوي أوحيت معانيه في غير ما اجتهد فيه الرسول والألفاظ من الرسول)(4).

وقال الدكتور صالح بن الفوزان:

(الأحاديث القدسية هي الأحاديث التي يرويها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل لفظا ومعنى وهي قسم من السنة المطهرة لها ميزة نسبتها إلى الله عز وجل وأن الله جل وعلا تكلم بها وأوحاها إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ليبلغها للناس أما بقية الأحاديث فلفظها من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناها من عند الله عز وجل لأن السنة كلها وحي... ولكن ما كان منها من الله لفظا ومعنى فهو الحديث القدسي، وما كان معناه من الله عز وجل دون لفظه فهو حديث نبوي غير قدسي

وقال: وإن تخصيصها بهذا الوصف- أي الأحاديث القدسية - يضفي عليها ميزة خاصة من بين سائر الأحاديث، لأن الحديث القدسي هو ما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل فيكون المتكلم به هو الله عز وجل والراوي له هو النبي صلى الله عليه وسلم وكفاها بذلك شرفا)(5).

وكذا وافقه الدكتور محمد عجاج الخطيب في الوجيز المختصر في علوم الحديث(6).

وبالاستقراء لتراجم البخاري للأبواب يتبين أنه ممن يقول بهذا الرأي فقال في أحدها: باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه ثم ساق فيه ثلاثة أحاديث قدسية عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه.(7)

وفي موضع أخر ترجم بقوله: إثبات كلام الرب وساق فيه أيضا أحاديث قدسية(8).

وقال في موضع أخر ترجم بقوله: باب كلام الرب مع جبريل ونـداء الله الملائكة... وساق فيه ثلاثة أحاديث قدسية(9).

وقال في موضع أخر ترجم بقوله: باب قول الله تعالى: { يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ الله } ثم ساق فيه نحوا من عشرة أحاديث قدسية(10).

فإن قيل: يوجد في كثير من الأحاديث القدسية المروية في كتب السنة اختلاف في بعض ألفاظها.

يقال: إنما نعني من قولنا المذكور بأن الأحاديث القدسية من كلام الله تعالى هذا عند تلقي الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأحاديث وروايته لها عن ربه تعالى، وقبل تصرف الرواة في نقلها بالمعنى أو نقل بعضها، حيث إن كثيرا من العلماء الذين يجيزون رواية الأحاديث النبوية بالمعنى للعالم البصير بمدلولات الألفاظ ومفاهيمها أجازوا أيضا رواية الأحاديث القدسية بالمعنى بالشروط التي شرطوها في رواية الحـديث النبـوي بالمعنى؛ ولذلك لا نستطيع الجزم في حديث ما من الأحاديث القدسية بأن لفظه من كلامه تعالى جزمنا بآية أو بسورة بأنها من كلام الله تعالى؛ وذلك لعدم جواز رواية القرآن بالمعنى بالاتفاق ولكونه متواترا.

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:

(1) انظر: الكواكب الدراري (9/ 75- 80) ، الإتحافات السنية للمدني (ص- 336).
(2) أخرجه مسلم: كتاب البر والصلة والآداب باب تحريم الظلم (2577) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(3) انظر قواعد التحديث للقاسمي (ص: 64).
(4) انظر مناهل العرفان (1/37).
(5) انظر: مقدمة الضياء اللامع من الأحاديث القدسية الجوامع (ص: 6-7،10-12).
(6) انظر: الوجيز (ص: 20).
(7) انظر: صحيح البخاري: كتاب التوحيد، باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه.
(8) انظر: صحيح البخاري: كتاب التوحيد، باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم.
(9) انظر صحيح البخاري: كتاب التوحيد،باب كلام الرب مع جبريِل ونداء الله الملاِئكة وقال معمر: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) أي يلقى عليك وتلقاه أنت أَي تأخذه عنهم ومثله { فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ }.
(10) انظر صحيح البخاري: كتاب التوحيد،باب قول الله تعالى: { يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ }،{ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } حق { وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ } باللعب.
 
سلسلة الأحاديث القدسية/صيغ الحديث القدسي/(1 ـ 2)

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة الأحاديث القدسية

6 ـ صيغ الحديث القدسي


يختص الحديث القدسي بصيغ تميزه عن سائر أنواع الأحاديث.

ويمكن تقسيم هذه الصيغ إلى قسمين:

أولا: صيغ الحديث القدسي الصريحة

ثانيا: صيغ الحديث القدسي غير الصريحة

أولا: صيغ الحديث القدسي الصريحة:

معنى الصيغة الصريحة: أن يسند المتن إلى الله تبارك وتعالى باللفظ الصريح مثل: قال الله تبارك وتعالى، أو يقول الله تبارك وتعالى أو نحو ذلك.

بعض صيغ الحديث القدسي الصريحة

1- التصريح بنسبة القول لله تبارك وتعالى، مثل: قال الله أو يقول الله أو نحو ذلك.

مثال ذلك:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } »(1).

2- أن يقول راوي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيما روى عن الله تبارك وتعالى أو فيما يروي أو يحكي عن ربه تبارك وتعالى.

مثال ذلك:

حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: « يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ »(2).

3- حكاية بعض مشاهد يوم القيامة ويذكر فيها كلام لرب العزة سبحانه وتعالى.

مثال ذلك:

حديث أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا فَأَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تُشْرِكَ بِي »(3).

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:

(1) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة الجنة وأنها مخلوقة (3244)، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) (4779، 4780)، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: { يريدون أن يبدلوا كلام الله } (7498)، مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2824) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وله شاهد من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أخرجه مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2825).
(2) أخرجه مسلم: كتاب البر والصلة والآداب باب تحريم الظلم (2577) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(3) متفق عليه: أخرجه البخاري كتاب بدء، باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته (3334)، مسلم: كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا (2805) من حديث أنس رضي الله عنه.
 
رد: سلسلة الأحاديث القدسية

موضوع رائع يا أستاذ نبيل فقلة من الاعضاء من يستطيع أن يفرق بين الحديث القدسي وبين الحديث النبوي
والفرق بين القرآن وبين الحديث القدسي و النبوي

موضوع مهم جدا
وصال ابدعك بارك الله فيك
 
رد: سلسلة الأحاديث القدسية


شكراً يا استاذي على هذا الموضوع الرائع والذي كنت ابحث عنه وعن هكذا مواضيع رائعه

جاري قراءة الموضوع
وتقبل تقيمي لك وللموضوع
 
سلسلة الأحاديث القدسية/صيغ الحديث القدسي/(2 ـ 2)

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة الأحاديث القدسية

7 ـ صيغ الحديث القدسي (2-2)


ثانيا: صيغ الحديث القدسي غير الصريحة:

معنى الصيغة غير الصريحة: ألا يكون مصرحا برفع الحديث إلى الله تبارك وتعالى، لكن المتن يحتمل أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، أو يرد في بعض الروايات ما يدل على رفعه لله تبارك وتعالى.

مثال النوع الأول:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ )(1)

وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا )(2)

فهاتان الروايتان ليس فيهما تصريح بنسبة هذا الحديث لله سبحانه وتعالى، لكن قد جاء في متنه ما يمنع نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم ويوجب نسبته لله سبحانه وتعالى، وهو قوله في الرواية الأولى: ( إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) فهذا لا يتصوّر نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم أبدًا، وكذلك قوله في الرواية الثانية: ( يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي ) وهو واضح.

وقد ورد في بعض الروايات في الصحيحين وغيرهما نسبة هذا الحديث لله تبارك وتعالى تصريحا(3)

مثال النوع الثاني:

حديث ابن عباس رضي اللَه عنهما المتفق عليه عند البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى )(4)

وجاء أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى )(5)

فهذا الحديث ظاهره لا يدل على أنه قدسي لكنه قد جاء حديث ابن عباس رضي اللَه عنهما في موضع آخر عند البخاري فقال فيه: عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه قال: ( لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى )(6)

وجاء حديث أبي هريرة رضي الله عنه في موضع آخر عند مسلم، فقال فيه: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال - يعني الله تبارك وتعالى - ( لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ لِي أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى )(7)

فعُلِم بذلك أنه حديث قدسي.

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:

(1) - متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب اللباس، باب ما يذكر في المسك، (5927)، ومسلم: كتاب الصيام، باب فضل الصيام، (1151)
(2) - متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب فضل الصوم، (1894)، ومسلم: كتاب الصيام، باب فضل الصيام، (1151)
(3) - منها ما أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شُتِم؟ (1904) ولفظه: ( قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه ) وفي هذه الرواية فائدة أخرى إذ بيّنت أن قوله: ( لخلوف فم الصائم أطيب...) إلى آخر الحديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، حيث صدّره بقول: ( والذي نفس محمد بيده )
(4) - متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى { وهل أتاك حديث موسى } ، { وكلم الله موسى تكليما } (3396)، باب قول الله تعالى { وإن يونس لمن المرسلين } (3413)، مسلم: كتاب الفضائل، باب في ذكر يونس عليه السلام وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى )(2377)
(5) - أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى { وإن يونس لمن المرسلين } (3416)، كتاب تفسير القرآن، باب { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح } (4604)، باب { ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين } (4630، 4631)، باب { وإن يونس لمن المرسلين } (4805)
(6) - أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه (7539)
(7) - أخرجه مسلم: كتاب الفضائل، باب في ذكر يونس عليه السلام وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ) (2376)​

 
سلسلة الأحاديث القدسية/الفرق بين القرآن الكريم والحديث القدسي

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأحاديث القدسية

8 ـ الفرق بين القرآن والحديث القدسي

اعتقاد أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله تعالى المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الإعجاز والتحدي المتعبد بتلاوته . فالقرآن معجزة الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهو منهج سعادة للناس في الدنيا والآخرة، وفيه التحدي للكفار المعاندين من جميع الجهات.

أقوال العلماء:

قال المناوي: قالوا: هذا الحديث كلام قدسي والفرق بينه وبين القرآن أن القرآن هو اللفظ المنزل به جبريل للإعجاز عن الإتيان بسورة من مثله(1).

قال الطيبي: وفضل القرآن على الحديث القدسي أن القدسي نص إلهي في الدرجة الثانية وإن كان من غير واسطة ملك غالبا لأن المنظور فيه المعنى دون اللفظ وفي القرآن اللفظ والمعنى منظوران(2)

قال الكرماني: القرآن لفظ معجز ومنزل بواسطة جبريل عليه السلام وهذا- أي القدسي- غير معجز وبدون الواسطة ومثله يسمى بالحديث القدسي والإلهي والرباني(3).

قال ابن حجر الهيتمي في شرح الأربعين النووية في شرح الحديث الرابع والعشرين المسلسل بالدمشقيين:

أعلم أن الكلام المضاف إليه تعالى أقسام ثلاثة:

أولها - وهو أشرفها القرآن لتميزه عن البقية بإعجازه من أوجه كثيرة وكونه معجزة باقية على ممر الدهر محفوظة من التغيير والتبديل، وبحرمة مسه لمحدث، وتلاوته لنحو الجنب، وروايته بالمعنى، وبتعينه في الصلاة، وبتسميته قرآنا، وبأن كل حرف منه بعشر حسنات، وبامتناع بيعه في رواية عند أحمد، وكراهته عندنا، وبتسمية الجملة منه آية وسورة، وغيره من بقية الكتب، والأحاديث القدسية لا يثبت لها شيء من ذلك فيجوز مسه، وتلاوته لمن ذكر، وروايته بالمعني، ولا يجزئ في الصلاة بل يبطلها، ولا يسمى قرآنا، ولا يعطى قارئة بكل حرف عشرا، ولا يمنع بيعه ولا يكره اتفاقا، ولا يسمى بعضه آية ولا سورة اتفاقا أيضا

ثانيهاً - كتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبل تغييرها وتبديلها

ثالثهاً - بقية الأحاديث القدسية وهي ما نقل إلينا آحاداً عنه مع إسناده لها عن ربه فهي من كلامه تعالى فتضاف إليه وهو الأغلب ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء لأنه المتكلم بها أولاً وقد تضاف إلى النبي لأنه المخبر بها عن الله تعالى بخلاف القرآن فإنه لا تضاف إلا إليه تعالى فيقال فيه قال الله تعالى وفيها قال رسول الله فيما يروي عن ربه تعالى...(4).

قال السيوطي: كما ورد أن جبريل كان ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن ومن هنا جاز رواية السنة بالمعنى لأن جبريل أداه بالمعنى ولم تجز القراءة بالمعنى لأن جبريل أداه باللفظ ولم يبح له إيحاءه بالمعنى والسر في ذلك أن المقصود منه التعبد بلفظه والإعجاز به فلا يقدر أحد أن يأتي بلفظ يقوم مقامه وإن تحت كل حرف منه معاني لا يحاط بها كثرة فلا يقدر أحد أن يأتي بدله بما يشتمل عليه والتخفيف على الأمة حيث جعل المنزل إليهم على قسمين قسم يروونه بلفظه الموحى به وقسم يروونه بالمعنى ولو جعل كله مما يروى باللفظ لشق أو بالمعنى لم يؤمن التبديل والتحريف فتأمل(5).

قال الزرقاني: أن القرآن أوحيت ألفاظه من الله اتفاقا وأن الحديث القدسي أوحيت ألفاظه من الله على المشهور والحديث النبوي أوحيت معانيه في غير ما اجتهد فيه الرسول والألفاظ من الرسول

بيد أن القرآن له خصائصه من الإعجاز والتعبد به ووجوب المحافظة على أدائه بلفظه ونحو ذلك وليس للحديث القدسي والنبوي شيء من هذه الخصائص والحكمة في هذا التفريق أن الإعجاز منوط بألفاظ القرآن فلو أبيح أداؤه بالمعنى لذهب إعجازه وكان مظنة للتغيير والتبديل واختلاف الناس في أصل التشريع والتنزيل أما الحديث القدسي والحديث النبوي فليست ألفاظهما مناط إعجاز ولهذا أباح الله روايتهما بالمعنى ولم يمنحهما تلك الخصائص والقداسة الممتازة التي منحها القرآن الكريم تخفيفا على الأمة ورعاية لمصالح الخلق في الحالين(6).

خلاصة الفروق بين القرآن والحديث القدسي:

1- القرآن الكريم لفظه ومعناه من عند الله عز وجل وأما الحديث القدسي فالمتفق عليه فيه أن معناه من عند الله عز وجل والخلاف في اللفظ .

2- القرآن الكريم كل ما فيه من حروف وكلمات وجمل سبيل نقلها التواتر أما الحديث القدسي فيقع فيه المتواتر والآحاد .

3- القرآن لا يقال في ثبوت حرف أو آية منه ضعف أما الحديث القدسي فيقع فيه الضعيف والموضوع .

4- القرآن كله نزل عن طريق وحي جلي في حال اليقظة كقوله تعالى:
{ قلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ الله (97)}(البقرة) ،
وقوله سبحانه : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193)}(الشعراء) ،
وقوله عز وجل: { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقّ (102)}(النحل) ،

أما الحديث القدسي فالثابت في التعاريف أنه قد يكون في المنام وقد يكون بالوحي والإلهام إلى غير ذلك مما ورد في التعريف.

5- القرآن تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه عن التبديل والتغيير والتصحيف فقال سبحانه:
{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}(الحجر).

6- القرآن مختص بأنه مكتوب في اللوح المحفوظ دون غيره.

7- القرآن متعبد بتلاوته ويقع عليها الثواب فعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ )(7)

8- القرآن لا يجوز تبليغه وقراءته إلا بالقراءة المتواترة ولا يجوز بالمعنى أما الحديث القدسي فيجوز تبليغه بالمعنى

9- القرآن الكريم يلزم قراءته في الصلاة ولا يجوز معناه أما الحديث القدسي فيجوز قراءته بالمعنى

10- القرآن لا يقرأه ولا يمسه الجنب ولا الحائض ولا المحدث على قول الجمهور أما الحديث القدسي فيجوز مسه لكل هؤلاء

11- القرآن ينقسم إلى آيات وسور وأجزاء وأحزاب أما الحديث القدسي فليس كذلك

12- القرآن الكريم فيه تحدي وإعجاز في حروفه وآياته ونظمه وغير ذلك قال تعالى: { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)}(البقرة) ، أما الحديث القدسي فغير ذلك.

13- القرآن يكفر جاحده أما الحديث القدسي فلا يكفر إذا كان متأولا بضعف رواته أو نحو ذلك

14- القرآن ينسب إلى الله مطلقا أما الحديث القدسي لا ينسب إلى الله إلا مقيدا

15- القرآن يحرم بيعه عند الإمام أحمد ويكره عند الشافعية أما الحديث القدسي فلا

16- القرآن يحرم السفر به إلى أرض العدو خوف امتهانه بالنص، أما الحديث القدسي فبالقياس فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوّ )(8) .

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:

(1) - فيض القدير (4/615)

(2) - فيض القدير (4/615)

(3) - انظر: الكوكب الدراري (9/ 75- 80) وكذا نقله عنه المدني في الإتحافات السنية/ 336

(4) - قواعد التحديث للقاسمي (66، 67)

(5) - الإتقان في علوم القرآن (1/127)

(6) - مناهل العرفان (1/37)

(7) - أخرجه الترمذي: كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء فيمن قرأ حرفا من القرآن ما له من الأجر (2910)

(8) - متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو (2990)، مسلم: كتاب الإمارة، باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار (1869)
 
سلسلة الأحاديث القدسية/الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأحاديث القدسية

9 ـ الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي

بعد الكلام على أوجه الفرق التي بين القرآن الكريم والحديث القدسي كان من باب إكمال الفائدة ذكر أوجه الفرق التي بين كل من الحديث القدسي والحديث النبوي.

وأول ما يسبق إليه الفهم من الكلام هو المسمى الاصطلاحي لكل من الحديث النبوي والقدسي فكل منهما حديث، ومخرج كل منهما واحد هو النبي صلى الله عليه وسلم، فكل منهما بلاغه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يفترقان في النسبة عند الإخبار.

فهذا صيغته على سبيل المثال يقول أو قال أو أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا أو وقع على صورة أخرى مثل فعل كذا وكذا إلى غير ذلك من طرق الرواية وأما الحديث القدسي فمثال صيغته نحو يقول الله عز وجل أو قال الله عز وجل أو يقول تعالى الله أو قال الله تعالى أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أو فيما يروي عن الله تعالى أو غير ذلك من الصيغ غير الصريحة.

ثم هناك فرق أخر وهو منصب في تعريف كل منهما فبينهما في ذلك عموم وخصوص فالمعنى واللفظ في الحديث النبوي من عند النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان بوحي من الله، إلهاماً أو غيره وقد يكون إجتهاداً من الرسول أقره الله عليه ، وأما الحديث القدسي فالمعنى من عند الله عز وجل باتفاق واختلف في اللفظ.

وثم فرق آخر وهو أن الحديث النبوي ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والقدسي إلى الله عز وجل والرسول يقوله حاكيا عن الله تعالى، وإن كان كل ذلك متلقى من الله عز وجل كما قال تعالى :
{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)}(النجم)

وهناك فرق آخر وهو أن الحديث القدسي في الغالب مداره في تعظيم الله سبحانه وتعالى أو في الترغيب في بيان الرحمة والمغفرة أو عظيم الثواب على أمر معين أو الترهيب من قبح فعل أو مذمة قول أو شدة عقاب متعلق بذلك، وأما الحديث النبوي فيتضمن كل ذلك مع جوانب أخرى منها ما يكون بيانا لبعض الأحكام أو اجتهادا منه صلى الله عليه وسلم بالقول أو غير ذلك.

ويفترق أيضا الحديث النبوي بأنه يضم إليه ويرتفع إليه ما يكون من أفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، ومن نظر إلى الأحاديث النبوية يجدها أكثر من الأحاديث القدسية بكثير جدا في جميع فروعها متواترة كانت أو آحادا ولما كانت أكثر من الأحاديث القدسية وضح كثرة الخدمة من أهل الحديث والفقه لها من استنباط أحكامها أو تبيين حالها أو وضع الاصطلاحات والحدود لتعاريفها وتفريعاتها

قال العلامة السيد أحمد بن المبارك رحمه الله تعالى: "الأحاديث القدسية تتعلق بالحق سبحانه وتعالى لتبيين عظمته أو لإظهار رحمته أو بالتنبيه على سعة ملكه وكثرة عطائه ،
فمن الأول حديث ( يا عبادي لو أن أو لكم وآخركم وإنسكم وجنكم ...) (1)وهو حديث أبي ذر في مسلم،
ومن الثاني حديث ( أعددت لعبادي الصالحين...) (2) الحديث ،
ومن الثالث حديث ( يد الله ملأى لا يغيضها نفقه سحاء الليل والنهار ...)(3)
وهذه من علوم الروح في الحق سبحانه، وترى الأحاديث التي ليست بقدسية تتكلم على ما يصلح البلاد والعباد بذكر الحلال والحرام والحث على الامتثال بذكر الوعد والوعيد"(4)

قال الزرقاني: "الحديث القدسي أوحيت ألفاظه من الله على المشهور والحديث النبوي أوحيت معانيه في غير ما اجتهد فيه الرسول والألفاظ من الرسول"(5)

مخلص البحث:

1- الحديث القدسي عند روايته يقيد باللفظ وأما الحديث عند الإطلاق في الاصطلاح فيقصد به النبوي

2- الحديث القدسي لفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه من عند الله عز وجل على المشهور أما الحديث النبوي فمعناه ولفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان بوحي من الله تعالى.

3- الحديث القدسي غالبه يكون في الإلهيات والترغيب والترهيب ويقل في الأحكام الشرعية، أما الحديث النبوي فيشمل كل ذلك ويكثر في الأحكام الشرعية وأمور الآخرة

4- الأحاديث القدسية قليلة بالنسبة للأحاديث النبوية سواء كانت متواترة أو آحادا

5- الأحاديث القدسية قولية، أما الأحاديث النبوية فقولية وفعلية وتقريرية

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:

(1) أخرجه مسلم: كتاب البر والصلة والآداب باب تحريم الظلم (2577) من حديث أبي ذر رضي الله عنه

(2) -متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة الجنة وأنها مخلوقة (3244)، كتاب تفسير القرآن، باب قوله { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } (4779، 4780)،كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى { يريدون أن يبدلوا كلام الله } (7498)، مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2824) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،وأخرجه مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2825) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.

(3) - متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) (4684)، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } (7411)، باب { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } ، { وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } ... (7419)، مسلم: كتاب الزكاة، باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف (993)

(4) - انظر قواعد التحديث للقاسمي (65، 66)

(5) - مناهل العرفان (1/37)

 
سلسلة الأحاديث القدسية/أقسام الحديث القدسي من حيث الثبوت (1-4)

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأحاديث القدسية

10 ـ أقسام الحديث القدسي من حيث الثبوت (1-4)

بعد أن ذكرنا تقسيم الحديث القدسي من حيث الصيغة إلى صريح وغير صريح، نشرع في تقسيمه من حيث ثبوته والعمل به؛ لأنه ثبوته يقتضي اعتقادا، ويتبع هذا الاعتقاد في الغالب عمل، وبناء على ذلك اقتضى أن يكون تقسيمه من الوجهة الحديثية على مقتضى قواعد واصطلاحات أهل الحديث؛ لأنه داخل في فن الحديث الشريف مع مسماه الخاص به وهو القدسي، فصار ينقسم تبعا لذلك إلى:

1- الحديث القدسي المتواتر

2- الحديث القدسي الآحاد

الحديث القدسي المتواتر

تعريف المتواتر لغة :

التواتر التتابع ، قال اللحياني: تواترت الإبل والقطا وكل شيء إذا جاء بعضه في إثر بعض ولم تجئ مصطفة والخبر المتواتر أن يحدثه واحد عن واحد وكذلك خبر الواحد مثل المتواتر والمواترة المتابعة ولا تكون المواترة بين الأشياء إلا إذا وقعت بينها فترة وإلا فهي مداركة ومواصلة(1)

تعريف المتواتر اصطلاحا :

هو ما يكون مستقرا في جميع طبقاته أنه من الابتداء إلى الانتهاء ورد عن جماعة غير محصورين في عدد معين ولا صفة مخصوصة بل بحيث يرتقون إلى حد تحيل العادة معه تواطؤهم على الكذب أو وقوع الغلط منهم اتفاقا من غير قصد مع كون مستند انتهائه الحس (2)

العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:

العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي في المتواتر هي في أن كلا منهما يفيد التعدد والمتابعة على الفعل أو الحديث

ومن أهم مسائل المتواتر إفادته للعلم الضروري اليقيني ولم يشترط له عدد معين له فبعض العلماء جعل حده أربعة وبعضهم خمسة وبعضهم سبعة والبعض الأخر عشرة

قال الخطيب:

فأما خبر التواتر فهو ما أخبر به القوم الذين يبلغ عددهم حدا يعلم عند مشاهدتهم بمستقر العادة أن اتفاق الكذب منهم محال وان التواطؤ منهم في مقدار الوقت الذي انتشر الخبر عنهم فيه متعذر وان ما أخبروا عنه لا يجوز دخول اللبس والشبهة في مثله وان أسباب القهر والغلبة والأمور الداعية إلى الكذب منتفية عنهم فمتى تواتر الخبر عن قوم هذه سبيلهم قطع على صدقة واوجب وقوع العلم ضرورة (3)

شروط المتواتر:

1- أن ينقله الجمع من الرواة عن مثلهم بمعنى الاستواء في الطرفين والوسط

2- أن يكون أصل نقلهم الحس

3- أن تحيل العادة تواطؤهم على الكذب

وذكر الحافظ ابن حجر شروط المتواتر:

1- عدد كثير أحالت العادة تواطؤهم وتوافقهم على الكذب

2- ورووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء

3- وكان مستند انتهائهم الحس

4- وانضاف إلى ذلك أن يصحب خبرهم إفادة العلم لسامعه (4)

أمثلة على الأحاديث القدسية المتواترة:

عن أبي الدرداء وأبي ذرعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال: ( ابن آدم اركع لي من أول النهار أربع ركعات أكفك آخره )(5)

قال الشيخ الكتاني في نظم المتناثر : رواه نعيم بن همار ،والنواس بن سمعان ،وأبو الدرداء ،وأبو ذر ،وأبو مرة الطائفي

وزاد المناوي في الأحاديث القدسية عقبة بن عامر ( يقول الله :من اذهبت حبيبتيه فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون الجنة )(6)

قال الشيخ الكتاني في (نظم المتناثر) : عن أبي سعيد ،وأنس ،وأبي هريرة ،وأبي أمامة ،وعائشة بنت قدامة بن مظعون ،وابن عمر ،وزيد بن أرقم ،وجرير بن عبد الله البجلي ،والعرباض بن سارية ،وابن عباس ،وعائشة بنت الصديق ،وسمرة بن جندب ،وابن مسعود ،وبريدة وفي اللألي المصنوعة أنه ورد بأسانيد بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف قال وقد سقتها في الأحاديث المتواترة

( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )(7)

قال المناوي في (الاتحافات السنية بالأحاديث القدسية) : عن أبي هريرة ،وعن أنس ،وعن أبي سعيد ،وعن قتادة مرسل

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:
(1) - لسان العرب (5/237)

(2) - فتح المغيث (3/37)

(3) - الكفاية في علم الرواية (ص- 16)

(4) - نزهة النظر (ص- 7)

(5) - أخرجه أحمد في مسنده ( 5/286، 287) ، أبو داود: كتاب الصلاة ، باب صلاة الضحى (1289) من حديث نعيم بن همار رضي الله عنه

أخرجه أحمد في مسنده ( 6/440، 451) ، الترمذي: كتاب الصلاة ، باب ما جاء في صلاة الضحى (475) ، أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (5/137) من حديث أبي الدرداء ،و أبي ذر رضي الله عنهما

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (7746) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (7746) ، طبقات المحدثين بأصبهان (4/136) من حديث ابن عمر رضي الله عنه ( فيه ركعتين)

أخرجه أحمد في مسنده (4/153، 201) ، أبو يعلى في مسنده (1757) ، ابن عساكر في تاريخ دمشق ( 62/178، 179) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه

أخرجه أحمد في مسنده (5/278) وانظر مجمع الزوائد للهيثمي (2/ 492) ، والمسند الجامع (30/26) ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6402) من حديث أبي مرة الطائفي رضي الله عنه

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير – كما في مجمع الزوائد للهيثمي (2/ 493) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه

(6) - أخرجه البخاري: كتاب المرضى، باب فضل من ذهب بصره (5653) من حديث أنس رضي الله عنه

أخرجه أحمد في مسنده (2/265) ، الترمذي: كتاب الزهد ، باب ما جاء ذهاب البصر (2401) من حد أبي هريرة رضي الله عنه

أخرجه أحمد في مسنده (5/258) ، البخاري في الأدب المفرد (535 ) ، الطبراني في المعجم الكبير (7789) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (2263) من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

أخرجه عبد بن حميد في مسنده (615 – منتخب) ،ابن حبان (2930) ، أبو يعلى (2365 ) ، الطبراني في المعجم الكبير (11542، 12452) ، وفي الأوسط (583 ) من حديث ابن عباس رضي الله عنه

أخرجه أبو يعلى في (2539 – مطالب) ، الطبراني في المعجم الكبير (18/254/ 634) ، وفي الشاميين (1467) من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه

أخرجه البزار (- كما في مجمع الزوائد (3/41) ، المحاملي في أماليه (398) من حديث بريدة رضي الله عنه

أخرجه البزار (- كما في مجمع الزوائد (3/41) من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه

أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (124) من حديث ابن عمر رضي الله عنه

أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (5372) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه

أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (1220) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه

أخرجه أحمد في مسنده (6/ 365 ) ، الطبراني في المعجم الكبير (24/343/ 856) من حديث عائشة بنت قدامة بنت مظعون رضي الله عنها

(7) - متفق عليه :أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق ، باب صفة الجنة وأنها مخلوقة (3244) ، كتاب تفسير القرآن ، باب قوله سبحانه: { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } (4779، 4780) ،كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى { يريدون أن يبدلوا كلام الله } (7498) ، مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2824) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه

أخرجه مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2825) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه

أخرجه الطبري في تفسيره (10/ 241) ، أبو نعيم في حلية الأولياء (2/ 262 )، وفي صفة الجنة (15 ، 116) ،ابن عساكر في تاريخ دمشق (19/ 372 ) (41/ 37 )من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه

أخرجه الطبري في تفسيره (11/ 429) ، الحارث في مسنده (196 – البغية) ، الطبراني في المعجم الأوسط(1637 ،6717 ) مطولا ومختصرا من حديث أنس رضي الله عنه

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11439) ، وفي الأوسط (738) ، تمام في فوائده (258، 259) ، صفة الجنة لأبي نعيم (16 ) ، ابن عساكر في تاريخ دمشق (17/ 37) (52/151) من حديث ابن عباس رضي الله عنه

أخرجه الطبري في تفسيره (10/ 241) من حديث قتادة رضي الله عنه مرسلا

أخرجه الطبري في تفسيره (10/ 241) من حديث الحسن البصري رضي الله عنه بلاغا
 
التعديل الأخير:
سلسلة الأحاديث القدسية/أقسام الحديث القدسي من حيث الثبوت (2-4)

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأحاديث القدسية

11 ـ أقسام الحديث القدسي من حيث الثبوت (2 ـ 4)
الحديث القدسي الصحيح

بعد التعرف على الحديث القدسي المتواتر ، صارت هناك نظرة للحديث القدسي الآحاد الذي يحتاج إلى النظر في رجال إسناده من قوة الحفظ وضعفه، فعلى هذا التخريج للحديث القدسي انقسم إلى مقبول ومردود، وما يكون منه حجة وما لا يكون حجة، فظهر التقسيم المشهور للحديث إلى صحيح وحسن وضعيف.

فكان من محاسن البدء أن نبدأ بذكر الصحيح منه وتعريفه لغة واصطلاحا، وأن نمثل على ما نقول فبالمثال يتضح الاستدلال

تعريف الصحيح لغة:

الصحيح: الصحة ضد السقم وهو البريء من كل عيب وريب

تعريف الصحيح اصطلاحا:

هو الحديث الذي يتصل سنده بنقل العدل التامّ الضبط عن مثله، من مبدأ الإسناد إلى منتهاه، من غير شذوذ ولا علّة

العلاقة بين المعنى الاصطلاحي واللغوي:

إن كل من كان صحيحا انتفى عنه الضعف والمرض.

وإن الضعف يطرأ على الأحاديث ونقل الأقوال كما يطرأ على الأبدان.

أمثلة على الحديث القدسي الصحيح:

عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( قال الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )(1)

عن ابن عباس رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه قال ( لا ينبغي لعبد أن يقول إنه خير من يونس بن متى )(2)

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( قال الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره )(3)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم - أراه - ( قال الله تعالى يشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ويكذبني وما ينبغي له أما شتمه فقوله إن لي ولدا وأما تكذيبه فقوله ليس يعيدني كما بدأني )(4)

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:

(1) متفق عليه:أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة الجنة وأنها مخلوقة (3244)، كتاب تفسير القرآن، باب قوله { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } (4779، 4780)،كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى { يريدون أن يبدلوا كلام الله } (7498)، مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2824)

(2) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه (7539)، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى { وهل أتاك حديث موسى } (3396)، باب قول الله تعالى { وإن يونس لمن المرسلين } (3413)، مسلم: كتاب الفضائل، باب في ذكر يونس عليه السلام (2377)
وله شواهد من حديث ابن مسعود وأبي هريرة وغيرهما.

(3) أخرجه البخاري: كتاب البيوع، باب إثم من باع حرا (2227)، كتاب الإجارة، باب إثم من باع الأجير (2270).

(4) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى : { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه } (3193)، كتاب تفسير القرآن، باب يقال لا ينوّن (أحد) أي واحد (4974)، باب قوله { الله الصمد } (4975)

 
سلسلة الأحاديث القدسية/أقسام الحديث القدسي من حيث الثبوت (3-4)

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأحاديث القدسية

12 ـ أقسام الحديث القدسي من حيث الثبوت (3 ـ 4)

الحديث القدسي الحسن

الحديث الحسن هو النوع الثاني من المقبول.

تعريف الحديث الحسن لغة:

الحديث: سبق تعريفه

الحسن: الحُسْنُ: ضدُّ القُبْح ونقيضه، والحَسَنُ - محرَّكَةً: ما حَسُنَ من كلِّ شيءٍ.

تعريف الحديث الحسن اصطلاحًا:

هو الحديث الذي يتّصل سنده بنقل عدل ضبطه أخفّ من ضبط الصحيح، من غير شذوذ ولا علَّة.

أقسام الحديث الحسن:

ينقسم الحديث من حيث عدالة رواته وقوتهم في الحفظ والإتقان والضبط إلى قسمين:

1- الحديث الحسن لذاته، وهو ما تقدم تعريفه.

2- الحديث الحسن لغيره: وهو الحديث الذي لا يخلو أحد رواته من مقال إلا أنه ليس فيهم مغفل ولا متهم بالكذب، ويكون الحديث قد روي من أوجه أخر بمثله أو نحوه، فيقوى بمتابعة هذه الأوجه، فيجبر هذا وجه الضعف الذي في الوجه الآخر، أو له شاهد وَرَدَ به أو بنحوه. وحكم هذا القسم أنه حجَّة في الثبوت والاستدلال.

قال ابن الصلاح:

« الحديث الحسن قسمان:
أحدهما: الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته غير أنه ليس مغفلا كثير الخطأ فيما يرويه ولا هو متهم بالكذب في الحديث - أي لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث ولا سبب آخر مفسق - ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف بأن روي مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة من تابع راوية على مثله أو بما له من شاهد وهو ورود حديث آخر بنحوه فيخرج بذلك عن أن يكون شاذا ومنكرا وكلام الترمذي على هذا القسم يتنزل .

القسم الثاني: أن يكون راوية من المشهورين بالصدق والأمانة غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكرا ويعتبر في كل هذا - مع سلامة الحديث من أن يكون شاذا ومنكرا - سلامته من أن يكون معللا »(1)

أمثلة على الحديث القدسي الحسن:

عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قَالَ الله تَعَالى: إِنِّي فَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَعَهِدْتُ عِنْدِي عَهْدًا أَنَّهُ مَنْ جَاءَ يُحَافِظُ عَلَيْهِنَّ لِوَقْتِهِنَّ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ فَلا عَهْدَ لَهُ عِنْدِي )(2).

وعن شداد بن أوس الأنصاري رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( إنَّ الله عز وجل يقولُ: إِنِّي إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنًا فَحَمِدَنِي عَلَى مَا ابْتَلَيْتُهُ فَإِنَّهُ يَقُومُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنَ الْخَطَايَا، وَيَقُولُ الرَّبُّ عز وجل أَنَا قَيَّدْتُ عَبْدِي وَابْتَلَيْتُهُ وَأَجْرُوا لَهُ كَمَا كُنْتُمْ تُجْرُونَ لَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ )(3).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم- يروي عن ربه جل وعلا- قال: ( وَعِزَّتِي لا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ، إذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وإذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ )(4).


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( إنَّ الله عز وجل يَقُولُ: إِنَّ عَبْدِي الْمُؤْمِنَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ كُلِّ خَيْرٍ؛ يَحْمَدُنِي وَأَنَا أَنْزِعُ نَفْسَهُ مِنْ بَيْنِ جَنْبَيْهِ )(5).

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:

(1) انظر: «مقدمة ابن الصلاح» (ص 19).

(2) أخرجه أبو داود: كتاب «الصلاة»، باب «في المحافظة على وقت الصلوات» حديث (430)، ابن ماجه: كتاب «إقامة الصلاة والسنة فيها»، باب «ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها» حديث (1403)، وقال الألباني في «صحيح أبي داود» (415): «حسن».

(3) أخرجه أحمد (4/ 123)، وأبو يعلى (2526- المطالب)، والطبراني في «المعجم الكبير» (7136)، وفي «الأوسط» (4709)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (9/ 309)، وقال الألباني في «صحيح الجامع» (4300)، وفي «السلسلة الصحيحة» (1611): «حسن».

(4) أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (640)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (777)، وفي «الآداب» (826)، وقال الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (3376): «حسن»، وينظر: «السلسلة الصحيحة» (2666).

(5) أخرجه أحمد (2/ 341، 361)، وقال الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/ 376): «إسناده حسن كما قال الهيثمي في كشف الأستار (781)».
 
سلسلة الأحاديث القدسية/أقسام الحديث القدسي من حيث الثبوت (4-4)

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأحاديث القدسية

13 ـ أقسام الحديث القدسي من حيث الثبوت (4 ـ 4)

الحديث القدسي الضعيف

إن القواعد والاصطلاحات الحديثية لا تفرق بين ما هو قدسي وما هو نبوي، فميزان الحكم على الرواية وقبولها من عدمه مداره على قبول إسنادها وعدم شذوذ متنها. وطريق قبول الإسناد هو القواعد الحديثية كما بيَّنا في كلامنا على الصحيح والحسن، وعلى ذلك فجاء التقسيم الآخر عند أهل الاصطلاح وهو رد الرواية في حالة الحكم عليها بالضعف.
وعليه سنتكلم عن الضعيف من خلال معرفة مسائله مع الدعم بالأمثلة، وبشيء من الاختصار؛ لأن بابه مستوفى في قسم علوم الحديث.

تعريف الضعيف لغة:

الضعف: بالفتح ويُضم ويُحرك ضدُّ القوة، وقد يكون في الرأي أو في البدن أو فيهما، والضعيف: المتصف بذلك.
تعريف الحديث الضعيف اصطلاحًا:

كل حديث لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن.
والضعيف درجاته متفاوتة بحسب ما يحصل له من فقدٍ لصفات الصحة والحسن، كالطعن في عدالة الراوي أو حفظه، أو عدم اتصال السند، أو انفراد الراوي بما يخالف ما رواه الثقة بحيث لم يسلم من الشذوذ، أو وجود علة في الرواية، أو عدم وجود عاضد للحديث.
وقد أرجع بعض أهل العلم أسباب الضعف والرد إلى أمرين: أحدهما في السند والثاني في صفة الراوي.
ويدخل في الضعيف الموضوعُ؛ حيث إنه شرُّ أنواع الضعيف على قول الأكثر.

أقوال العلماء في العمل بالحديث الضعيف:

اختلف العلماء في العمل بالحديث الضعيف فمنهم من ردّ الضعيف مطلقًا، مثل الإمام أبي بكر بن العربي، ومنهم من قَبِله بشروط مثل الإمام النووي، وابن حجر وغيرهما وهو قول الأكثر.
قال الإمام النووي: «قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويستحبُّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا، وأما الأحكام كالحلال والحرام والبيع والنكاح والطلاق وغير ذلك فلا يُعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن، إلا أن يكون في احتياط في شيء من ذلك، كما إذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع أو الأنكحة، فإن المستحبَّ أن يُتنزه عنه ولكن لا يجب»(1).

وقال ابن علان - معلقًا على كلام النووي: «ما لم يكن موضوعًا»-: «وفي معناه شديد الضعف، فلا يجوز العمل بخبر من انفرد من كذاب ومتهم، وبقي للعمل بالضعيف شرطان: أن يكون له أصل شاهد لذلك كاندراجه في عمومٍ أو قاعدة كليَّة، وألا يُعتقد عند العمل به ثبوتُه بل يعتقد الاحتياط»(2).

قال ابن الملقن: «(فرع) الضعيف لا يُحتج به في الأحكام والعقائد، ويجوز روايته والعمل به في غير الأحكام، كالقَصص وفضائل الأعمال والترغيب والترهيب، كذا ذكره النووي وغيره، وفيه وقفة؛ فإنه لم يثبت، فإسناد العمل إليه يوهِم ثبوته ويُوقع من لا معرفة له في ذلك فيحتج به. ونُقل عن ابن العربي المالكي أن الحديث الضعيف لا يُعمل به مطلقًا»(3).

قال السيوطي: «ذكر الحافظ ابن حجر لذلك ثلاثة شروط:
أحدها: أن يكون الضعفُ غير شديد، فيخرج ما انفرد بحديثه راوٍ من المكذَّبين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه. نقل العلائي الاتفاق عليه.
الثاني: أن يكون مندرجًا تحت أصل عام، فيخرج ما يُخترع بحيث لا يكون له أصل.
الثالث: ألا يُعتقد عند العمل به ثبوته؛ لئلا ينسبَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يَقُله، بل يُعتقد الاحتياط.
قال: وهذان الأخيران ذكرهما الشيخ عز الدين بن عبد السلام وصاحبه ابن دقيق العيد»(4).

تلخَّص مما تقدَّم من الأقوال أنه يجوز العمل بالضعيف عند الأكثر من أهل العلم، بشرط أن يُعمل به في الفضائل والترغيب والترهيب والقَصص والسِّير والتواريخ دون الأحكام والعقائد مع اندراجه تحت أصل عام من أصول الشريعة، وعدم اعتقاد صحة نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1- أمثلة على الأحاديث القدسية الضعيفة:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لله عزوجل لَوْحًا مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَكَتَبَ فِيهِ: إِنِّي أَنَا الله لا إِلَهَ إلا أَنَا، أَرْحَمُ، وَأَتَرَحَّمُ، جَعَلْتُ بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَ مِائَةِ خُلُقٍ، مَنْ جَاءَ بِخُلُقٍ مِنْهَا مَعَ شَهَادَةِ أَنَّ لا إِلَهَ إلا الله دَخَلَ الجَنَّةَ»(5).

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام قال: قال الله عزوجل: «إِنِّي أَنَا الله لا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدُونِي، مَنْ جَاءَنِي مِنْكُمْ بِشَهَادَةِ أَنَّ لا إِلَهَ إلا الله بالإخلاصِ دَخَلَ فِي حِصْنِي، وَمَنْ دَخَلَ فِي حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي»(6).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ ربُّكم: وَعِزَّتِي وَجَلالِي، لأَنْتَقِمَنَّ مِنَ الظَّالِمِ فِي عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، وَلأَنْتَقِمَنَّ مِمَّنْ رَأَى مَظْلُومًا فَقَدَرَ أَنْ يَنْصُرَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ»(7).

2- أمثلة على الأحاديث القدسية الضعيفة جدًّا أو الموضوعة:

وعن المهاصر بن حبيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: إِنِّي لَسْتُ كُلَّ كَلامِ الْحَكِيمِ أتَقَبَّلُ وَلَكِنِّي أَتَقَبَّلُ هَمَّهُ وَهَوَاهُ، فَإِنْ كَانَ هَمُّهُ وَهَوَاهُ فِي طَاعَتِي جَعَلْتُ صَمْتَهُ حَمْدًا لِي وَوَقَارًا وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ»(8).

وعن أَبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقول: أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا، مَالِكُ الْمُلُوكِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، قُلُوبُ الْمُلُوكِ فِي يَدِي، وَإِنَّ الْعِبَادَ إِذَا أَطَاعُونِي حَوَّلْتُ قُلُوبَ مُلُوكِهِمْ عَلَيْهِمْ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَإِنَّ الْعِبَادَ إِذَا عَصَوْنِي حَوَّلْتُ قُلُوبَهُمْ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْطَةِ وَالنِّقْمَةِ فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، فَلا تَشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِالدُّعَاءِ عَلَى الْمُلُوكِ، وَلَكِنِ اشْتَغِلُوا بِالذِّكْرِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَيَّ أَكْفِكُمْ مُلُوكَكُم»(9).

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله تَعَالَى يقُولُ في كُلِّ يومٍ: أنَا العَزِيزُ فَمَنْ أَرَادَ عِزَّ الدَّارَيْنِ فَلْيُطِعِ العَزِيزَ»(10).

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «قَالَ جِبْرِيلُ: قَالَ اللهُ عزوجل: هَذَا دِينٌ ارْتَضَيْتُهُ لِنَفْسِي، وَلَنْ يُصْلِحَهُ إلا السَّخَاءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ، فَأَكْرِمُوهُ بِهِمَا مَا صَحِبْتُمُوهُ»(11).

أمثلة على الأحاديث القدسية التي ليس لها أصل:

حديث: «مَا وَسِعَنِي سَمَائِي ولا أَرْضِي وَلَكِنْ وَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ»(12).

حديث: «كُنْتُ كَنْزًا لا أُعْرَفُ، فَأحْبَبْتُ أَنْ أُعْرَفَ فَخَلَقْتُ خَلْقًا فَعَرَّفْتُهُمْ بِي فَعَرَفُونِي»(13).

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:
(1) -انظر مقدمة كتاب الأذكار للنووي (ص- 19).

(2) -الفتوحات الربانية لابن علان (1/84).

(3) -«المقنع في علوم الحديث» لابن الملقن (ص 104).

(4) -مقدمة «تحفة الأبرار بنكت الأذكار» للسيوطي (ص 1).

(5) - أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (1093)، أبو الشيخ في «العظمة» (2/ 497/ 45)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 188): «في إسناده أبو ظلال القسملي، وثقه ابن حبان والأكثر على تضعيفه».

(6) - أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (3/ 192)، ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (5/ 462)، وقال الألباني في «ضعيف الجامع» (4047): «ضعيف».

(7) - أخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (623)، الطبراني في «المعجم الكبير» (10/ 278) (10652)، وفي «الأوسط» (36)، وفي «مكارم الأخلاق» (129)، تمام في «الفوائد» (992، 993)، ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (34/ 340)، (54/ 7)، (64/ 132، 133)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/ 526): «فيه من لم أعرفهم». وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (5422): «ضعيف».

(8) - أخرجه الدارمي (252)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (1/160)، وفيه المهاجر بن حبيب بن صهيب وهو تصحيف كما نبه على ذلك الشيخ الألباني في «السلسلة الضعيفة» وصوب المهاصر بن حبيب وقال (2050): «حديث ضعيف جدًّا»، قال: «فالحديث مرسل أو معضل، مع الجهالة التي في سنده».

(9) - أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (8962)، أبو نعيم في «حلية الأولياء» (2/ 388)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/ 448): «فيه وهب بن راشد وهو متروك»، وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (1466): «ضعيف جدًّا».

(10) - أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (6/ 60)، (8/ 171)، الخليلي في «الإرشاد» (234)، وقال الخليلي: «هذا ليس إلا بهذا الإسناد، ليس عند أهل البصرة من حديث همام لا سيما عن قتادة، ولا يُعرف له إسناد غيره»، وذكره ابن الجوزي في «الموضوعات» (1/ 120)، وقال: «وهذا من تلصيص سعيد بن هبيرة العامري، قال ابن عدي: كان يحدِّث بالموضوعات، وقال ابن حبان: كان يحدث بالموضوعات عن الثقات لا يحلُّ الاحتجاج به بحال».

(11) - أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (35، 524)، الطبراني في «المعجم الأوسط» (8920)، معجم ابن المقرئ (161)، البيهقي في «شعب الإيمان» (10864- 10866)، القضاعي في «مسند الشهاب» (1461)، العقيلي في «الضعفاء الكبير» (1/ 46)، ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (55/ 290)، قال ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (2554): «سمعت أبي يقول: حدثني عبد الملك بن مسلمة بهذا الحديث، وهو حديث موضوع، وعبد الملك هو مضطرب الحديث»، وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (3317): «باطل».

(12) -قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة» (5/ 377)، «الفتاوى الكبرى» (5/ 87)، «مجموع الفتاوى» (18/ 122): «هذا ما ذكروه في الإسرائيليات ليس له إسناد معروف عن النبي ?، ومعناه: وسع قلبه محبتي ومعرفتي». وقال السخاوي في «المقاصد الحسنة» (ص 198): «ذكره الغزالي في الإحياء، وقال مخرِّجه العراقي: لم أر له أصلًا».

قال العجلوني في «كشف الخفاء» (2/ 878): «هو دائر على ألسنة الصوفية وغيرهم».

(13) - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (18/ 122): «ليس هذا من كلام الله للنبي ? ولا يُعرف له إسناد صحيح ولا ضعيف».

قال السخاوي في «المقاصد» بعد ذكره لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية (ص 174): «وتبعه الزركشي وشيخنا»- أي ابن حجر العسقلاني.

قال العجلوني في «كشف الخفاء» بعد نقله لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 1011): «وتبعه الزركشي والحافظ ابن حجر في اللآلئ والسيوطي وغيرهم، والمشهور على الألسنة «كنت كَنزًا مخفيًّا فأحببت أن أعرف فخلقت خلقًا فبي عَرَفوني»، وهو واقع كثيرًا في كلام الصوفية واعتمدوه وبنوا عليه أصولًا لهم. وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» ضمن الكلام على حديث (66): «حديث لا أصل له».


 
سلسلة الأحاديث القدسية/عدد الأحاديث القدسية

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأحاديث القدسية

14 ـ عدد الأحاديث القدسية

قال الإمام ابن حجر الهيتمي:
«إن مجموع الأحاديث القدسية المروية يتجاوز المائة، كـما أن بعضهم جمعها في جزء كبير» (1).

وقال ابن علان:
«إن عدد الأحاديث القدسية يبلغ مائة حديث، أو ما يزيد على ذلك بقليل»(2).

وبلغ بها المحدِّث الشيخ عبد الرءوف بن علي المعروف بالمناوي في كتابه: «الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية»: اثنين وسبعين ومائتين حديث قدسيٍّ.

وبلغ بها غيره أكثر من ذلك:
فبلغ بها الشيخ محمد المدني في كتابه «الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية»: ثلاثة وستين وثمانمائة حديث قدسيٍّ، وهو يعد من أكبر الكتب التي جمعت الأحاديث القدسية، وإليه يُعتبر الرجوع في عددها.
ولا يُعتبر في ذلك صحة الحديث القدسي أو ضعفه، أو قبوله أو ردّه، ولكن المعتبر هو العدد والجمع لها فقط على ما يأتي في تقسيمها.

سبب الخلاف في عدد الأحاديث القدسية:

مدار الخلاف في عدد الأحاديث القدسية التي ذكرت في الكتب، وعلى ألسنة مؤلفيها، وتعيينهم للعدد باختلاف المعتبر عند كل إمام من الأئمة في حدّ التعريف، ما يدخل فيه وما يخرج منه، وتعيين الصيغة واعتبارها من الأحاديث القدسية أو غير القدسية، فصار كما ذكر وعلم من عددها.

فبعض أهل العلم قصرها على ما وردت بصيغة صريحة بأنها قدسية، والبعض الآخر جمع بين الصيغ الصريحة وغير الصريحة.

وهناك من لا يعتد بالأحاديث النبوية أصلا المتضمنة لبعض الألفاظ القدسية، وكثير يجعلونها من الأحاديث القدسية.

وهناك من لا يعتدّ بغير الأحاديث القدسية المرفوعة، وغيرهم يكتفي بورود ذكر لله عزوجل ولو لغير نبينا صلى الله عليه وسلم، فيعتدّ بالموقوفات والمقطوعات.

فتجلَّت بذلك علّة من جعل عدد الأحاديث القدسية مائة حديث، أو أكثر بقليل، ومن جعلها تتجاوز الثمانمائة، كما ذكرها الشيخ محمد المدني.

ولأهمية هذا الموضوع تنوَّعت المصنفات، وألِّفت الكتب في هذا الفن بين مؤلفات متقدمة، ومؤلفات حديثة متأخرة، وبين جامع لها على الإطلاق، وبين مفنِّد ومتكلم على ما في أسانيدها من صحة وضعف، وحكم ينبني عليه العمل، والأخذ بها، والاستشهاد بما فيها من فضائل أو صفات للباري - سبحانه وتعالى-.

ومما يُشَاد به في هذا المضمار ما اجتهد فيه العلماء من حلٍّ لمشكلها، وشرح لغريبها
على المعاني الصحيحة اللائقة على المنهج السلفي الصحيح؛ خوفًا من شطحات المبتدعين وزيغ الزائغين.

وسوف نتكلم في الحلقات القادمة على المصنفات ببعض التفصيل، محاولين سردها على قدر المستطاع، فنبدأ بالمصنفات المتقدمة في الأحاديث القدسية، ونُتْبعها بالمصنفات الحديثة.

ومما هو جدير بالذكر أن الأحاديث القدسية لم تُفرد بمؤلَّف مستقل في القرون المتقدمة كالحديث النبوي، ولكنها جُمعت ودوِّنت ضمن تدوين الحديث النبوي الشريف.

وأما إفراد المصنفات لها كان لاحقا من خلال جمعها من الكتب الصحاح، والمسانيد، والمعاجم، وغيرها، ثم بعد ذلك توالت عليها الشروح والتخريجات، ومن ثَمّ تَمّ تقسيمها، ووضع الأحكام عليها على منهج أهل مصطلح الحديث.

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:
(1) - انظر «الفتوحات الربانية على الأذكار النووية» (7/ 389).
(2) - انظر «الفتوحات الربانية على الأذكار النووية» (7/ 389).
 
التعديل الأخير:
سلسلة الأحاديث القدسية/المؤلفات في الأحاديث القدسية (1-9)

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأحاديث القدسية

15 ـ المؤلفات في الأحاديث القدسية (1-9)
المصنفات المتقدمة في الأحاديث القدسية (1-5)

بدأت حركة التأليف في الأحاديث القدسية وإفرادها في مصنف في منتصف القرن السادس الهجري تقريبا، وسوف نذكر هنا من وقفنا عليه ممن صنف في الأحاديث القدسية.

1- الإمام أبو القاسم الشحامي:

هو الإمام زاهر بن طاهر أبو القاسم الشحامي من المسندين بنيسابور، صحيح السماع لكنه كان يخل بالصلاة فترك الرواية عنه غير واحد من الحفاظ، قال السمعاني: ولعله تاب ورجع عن ذلك في آخر عمره، وقال الحافظ: ويحتمل أنه كان به سلس البول، وقد قال ابن النجار: كان صدوقا من أعيان الشهود. مات سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة من الهجرة عن بضع وثمانين سنة(1).
وهو من أوائل من صنف مؤلفًا مستقلا في الأحاديث القدسية، كما ذكر ذلك الإمام ابن كثير في كتابه «الفصول في اختصار سيرة الرسول» في باب سماعاته.

2- الحافظ أبو الحسن اللخمي:

هو علي بن المفضل بن علي بن أبي الغيث مفرج بن حاتم بن الحسن بن جعفر العلامة الحافظ شرف الدين أبو الحسن ابن القاضي أبي المكارم اللخمي المقدسي الأصل الإسكندراني الفقيه المالكي القاضي، ولد في ذي القعدة سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
وكان إمامًا بارعًا في المذهب المالكي، مفتيًا، محدثًا، حافظًا، له تصانيف مفيدة في الحديث وغيره. وكان ورعا، خيِّرًا، حسن الأخلاق، متفننا في العلم، روى عنه البرزالي، والمنذري، والرشيد العطار، وابن دقيق العيد المالكي، وغيرهم.

قال الحافظ المنذري : كان جامعًا لفنون من العلم حتى قال بعض الفضلاء لما مر به محمولا على السرير ليدفن: "رحمك الله يا أبا الحسن فقد كنت أسقطت عن الناس فروضًا"، توفي في مستهل شعبان بالقاهرة سنة 611هـ، ودفن من يومه بسفح المقط (2).

وقد جمـع الحـافظ أبـو الحسن اللَّخْمي أربعين حديثًا قدسيًّا سمَّاها «الأربعين الإلهية»(3).

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:
(1) - انظر: لسان الميزان (2/470 ت: 1892)
(2) - تاريخ الإسلام (1/4426)
(3) - الرسالة المستطرفة (ص 82).
 
سلسلة الأحاديث القدسية/المؤلفات في الأحاديث القدسية (2-9)

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأحاديث القدسية

16 ـ المؤلفات في الأحاديث القدسية (2-9)
أول مَن صنف في الأحاديث القدسية (2-5)

3- ابن عربي الصوفي
ممن ألّف في الأحاديث القدسية أبو عبد الله محيي الدين محمد بن علي بن محمد بن عربي الصوفي الحاتمي الطائي الأندلسي المُرْسي(1) ،صاحب الفصوص والفتوحات المعروف بابن عربي الصوفي الجهمي من الاتحادية الضلّال، قال عنه أبو محمد بن عبد السلام السلمي: شيخ سوء كذاب، وقال الشيخ إبراهيم الجعبري: رأيت ابن عربى وهو شيخ نجس يكذب بكل كتاب أنزله الله وبكل نبى أرسله الله. وقال الشيخ إسماعيل الكورانى: ابن عربى شيطان.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وفى كتبه مثل الفتوحات المكية وأمثالها من الأكاذيب ما لا يخفى على لبيب).
وقال عن كتابه فصوص الحكم: (ما تضمنه كتاب فصوص الحكم وما شاكله من الكلام فإنه كفر باطنا وظاهرا وباطنه أقبح من ظاهره وهذا يسمى مذهب أهل الوحدة وأهل الحلول وأهل الاتحاد وهم يسمون أنفسهم المحققين)(2).

ومن أقواله الفاسدة:
1- القول بإيمان فرعون، وقد صنّف شيخ الإسلام ردّاً عليه بعنوان: (رسالة في الرد على ابن عربي في دعوى إيمان فرعون)(3).
2- القول بأن عباد العجل مصيبون وأن موسى أنكر على هارون إنكاره عليهم عبادة العجل، وقد رد عليه شيخ الإسلام في رسالة خاصة(4).
3- تفضيل خاتم الأولياء على خاتم الأنبياء، وقد رد عليه شيخ الإسلام في رسالة بعنوان: (رسالة في خاتم الأولياء)(5).
4- وكان يقول:
وكل كلام في الوجود كلامه ** سواء علينا نثره ونظامه
قال شيخ الإسلام: (ومعلوم أن هذا الكلام أعظم من كفر عباد الأصنام)(6).
5- ومن شعره أيضا:
لقد حار قلبي قابلاً كل صورة *** فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيتـًا لأصنام وكعبة طائف *** وألواح توراة ومصحف قرآن
نعوذ بالله من الخذلان.

مات سنة ثمان وثلاثين وست مائة من الهجرة(7).

وقد صنف كتاب «مشكاة الأنوار في ما روي عن الله سبحانه وتعالى من الأخبار»، وضمنه الأحاديث القدسية المروية عن الله تعالى بأسانيده فجاءت واحدًا ومائة حديثٍ إلهي.
قال ابن عربي: في مقدمة كتابه هذا:
«جمعت هذه الأربعين بمكة المكرمة في شهور سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وشرطت فيها أن تكونَ من الأحاديث المسندة إلى الله سبحانه وتعالى خاصة، وربما أتبعتها بأحاديثَ عن الله تعالى مرفوعة إليه غير مسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مما روِّيتها، وقيّدتها، ثم أردفتها بأحد وعشرين حديثًا، فجاءت واحدًا ومائة حديث إلهي»(8).

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:
(1) - نسبة إلى مُرْسية من بلاد الأندلس؛ لكونه ولد بها.
(2) - الرد الأقوم على ما في فصوص الحكم - مجموع الفتاوى (2/364)
(3) - انظر: كتب ابن تيمية (12/1)
(4) - مجموع الفتاوى (2/121-133)
(5) - مجموع الفتاوى (11/363-392)
(6) - العقيدة الأصفهانية (1/90)
(7) - انظر: لسان الميزان (5/311 ت: 1037)
(8) - انظر: «الرسالة المستطرفة» (ص 82)، «كشف الظنون» (2/ 1694)، «فهرس الفهارس» (1/ 318)، «الأعلام» للزركلي (6/ 28)، «هدية العارفين» (1/ 512).
 
التعديل الأخير:
سلسلة الأحاديث القدسية/المؤلفات في الأحاديث القدسية (3-9)

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأحاديث القدسية

17 ـ المؤلفات في الأحاديث القدسية (3-9)
المصنفات المتقدمة في الأحاديث القدسية (3-5)

4- الحافظ ضياء الدين المقدسي:

هو الحافظ الحجة محدث الشام شيخ السنة ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السعدي المقدسي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي صاحب التصانيف النافعة ولد سنة تسع وستين وخمس مائة، أكثر من الرحلة، وسمع ما لا يوصف كثرة، وحصل أصولا كثيرة، ونسخ وصنّف وصحّح وليّن وجرّح وعدّل وكان المرجوع إليه في هذا الشأن، قال البرزالى: ثقة جبل حافظ دين، وقال الشرف بن النابلسي: ما رأيت مثله، وقال ابن النجار: حافظ متقن حجة عالم بالرجال ورع تقي ما رأيت مثله في نزاهته وعفته وحسن طريقته، عاش أربعًا وسبعين سنة وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وست مائة من الهجرة(1)
وقد أفرد الحافظ ضياء الدين مصنفًا جمع فيه الأحاديث القدسية، وقد أشار إليه الإمام ابن كثير في كتابه «الفصول في اختصار سيرة الرسول» في باب سماعاته.

5- الإمام النووي:

هو الإمام الحافظ علم الأولياء محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري الحزامي الحوراني الشافعي صاحب التصانيف النافعة مولده في المحرم سنة إحدى وثلاثين وست مائة، حفظ التنبيه في أربعة أشهر ونصف، وكان يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على مشايخه شرحا وتصحيحا: درسين في الوسيط، ودرسا في المهذب، ودرسا في الجمع بين الصحيحين، ودرسا في صحيح مسلم، ودرسا في اللمع لابن جني، ودرسا في إصلاح المنطق، ودرسا في التصريف، ودرسا في أصول الفقه، ودرسا في أسماء الرجال، ودرسا في أصول الدين، قال عن نفسه: خطر لي أن أشتغل في الطب واشتريت كتاب القانون فأظلم قلبي وبقيت أياما لا أقدر على الاشتغال فأفقت على نفسي وبعت القانون فأنار قلبي، وقد سمع الكتب الستة والمسند والموطأ وشرح السنة للبغوي وسنن الدارقطني وأشياء كثيرة وقرأ الكمال للحافظ عبد الغني بن سعيد، ولازم التصنيف ونشر العلم والعبادة والصيام والذكر والصبر على العيش الخشن في المأكل والملبس، وكان يأكل في اليوم والليلة أكلة ويشرب شربة واحدة عند السحر، ومع ذلك كان حافظا للحديث وفنونه ورجاله وصحيحه وعليله، رأسا في معرفة المذهب الشافعي، ومن تصانيفه شرح صحيح مسلم ورياض الصالحين والأذكار والأربعين والإرشاد في علوم الحديث والتقريب والتبيان في آداب حملة القرآن والروضة والمجموع شرح المهذب إلى باب المصراة وشرح قطعة من صحيح البخاري وغير ذلك من التصانيف التي سارت بها الركبان، وما تزوّج ولا تسرّى حتى توفي في الرابع والعشرين من رجب سنة ست وسبعين وست مائة من الهجرة(2)
وقد جمع الإمام النووي كتاب «الأحاديث القدسية»، والذي يبلغ عدد أحاديثه خمسة وتسعين حديثًا، محذوفة الأسانيد، اعتمد في جمعها على الكتب الستة، وأكثرها مما في الصحيحين. ولم يحكم الإمام على درجتها الحديثية.

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:
(1) - انظر: تذكرة الحفاظ (4/1405 ت: 1129)
(2) - انظر: تذكرة الحفاظ (4/1470 ت: 1162)
 
عودة
أعلى