حاملات الطائرات البحرية البريطانية تاريخها ومستقبلها

sword1988

عضو
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
821
التفاعل
729 0 0
953_714_s.jpg
عرفت بريطانيا خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ب الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس بفضل مستعمراتها التي امتدت في أنحاء المعمورة، شاملة أراضي باتت اليوم جزءا من الولايات المتحدة وكندا واستراليا والهند ودول أخرى عدة. كما أن اللغة الانكليزية فرضت نفسها كلغة التجارة والعلوم والتقنية والتواصل بين الشعوب. لكن دخول بريطانيا في الحربين العالميتين وانتهاء عهد الاستعمار أديا تدريجيا الى تراجع مكانة بريطانيا الدولية لصالح الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في حينه. ورغم ذلك، بقي لبريطانيا مكانة مرموقة حيث احتفظت بحق النقض في مجلس الأمن، ولعبت ولا تزال دورا في الاتحاد الأوروبي، وطورت قوة نووية مستقلة. وعلى الصعيد الدولي، اعتبرت بريطانيا قوة متوسطة، على غرار فرنسا، تمتلك قدرات تكنولوجية مرموقة وتتمتع بقوات عسكرية تعتبر من الأفضل في العالم.
شاركت بريطانيا منذ النصف الثاني من القرن العشرين في العديد من العمليات العسكرية خارج حدودها، منها الهجوم على مصر في العام 1956، على أثر تأميم الرئيس جمال عبد الناصر لقناة السويس، لكنها اضطرت في حينه على الانسحاب. وفي العام 1982، تمكنت بريطانيا من ارسال قوة بحرية على بعد أكثر من ١٢٠٠٠ كلم من أراضيها لاستعادة جزر فوكلاند التي احتلتها الأرجنتين بشكل مباغت، علما أن عدد السكان البريطانيين فيها لم يكن يتجاوز 1800 نسمة! وبعد معارك طاحنة، أرغمت القوات البريطانية الأرجنتينيين على الاستسلام. ولعبت القوات البحرية الدور الأبرز في هذه المعركة، خصوصا حاملتا الطائرات Invincible وHermes اللتان كانتا تحملان طائرات ذات إقلاع قصير أو عمودي من نوع Sea Harrier.

تراجع عدد ودور حاملات الطائرات



خلال السنوات التي تلت الانتصار في جزر فوكلاند، اشتركت قوة حاملات الطائرات البريطانية في حرب البوسنة، وفي حرب الخليج الثانية في العام 2003. إلا أن دورها كان ثانويا بعض الشيء بسبب القدرات الأكبر المتوفرة في الطائرات البريطانية من نوع Tornado، خصوصا أن قرب مسارح العمليات من القواعد الجوية البرية قلل من أهمية حاملات الطائرات. وفي سعي الحكومات البريطانية المتعاقبة الى خفض النفقات العسكرية، تلقت البحرية ضربات موجعة، حتى أن الكثيرين اعتبروا أن أثر هذه السياسات كان أسوأ بكثير من أية مواجهات عسكرية محتملة. وفي الأجمال، اعتبر الكثير من السياسيين أن الإبقاء على حاملات طائرات أمر مكلف وغير ضروري.
هكذا، أخرجت حاملة Invincible من الخدمة في العام 2005، وبقيت متوقفة حتى تم بيعها كخردة في العام 2011. وفي العام 2006، تم سحب طائراتSea Harrier من الخدمة، مبقية على طائرات Harrier GR9 الأكثر قدرة في وحدات مشتركة بين سلاح الجو والبحرية. وبعدها، قامت الحكومة البريطانية في العام 2010 بمراجعة استراتيجية عرفت باسم Strategic Defence and Security Review تقرر على أثرها سحب حاملة Ark Royal من الخدمة بشكل فوري بعد أن كان مقررا إبقاؤها حتى العام 2016. يضاف الى ذلك قرار بسحب 72 طائرة Harrier GR9 من الخدمة، وتم بعد ذلك بيعها الى قوات المارينز الأميركية لاستعمالها كقطع غيار بسعر رمزي رغم احتجاجات واسعة. أما حاملة Illustrious فقد تقرر إبقاؤها في الخدمة حتى العام 2014، لكنها لا تحمل سوى حوامات.

الحملة على ليبيا

في مطلع العام 2011، وعلى أثر قرار الأمم المتحدة بحماية المدنيين الليبيين، بدأت قوات عسكرية من عدة دول غربية وعربية عمليات فوق الأراضي الليبية بهدف ضرب قوات القذافي التي كانت تهدد بسحق المعارضة. وتمثل الدور البريطاني بضربات جوية نفذتها طائرات من نوع Tornado ومن بعدها Typhoon من قواعد برية انطلاقا من بريطانيا أولا، ثم من قواعد في جنوب أوروبا. هذا الى جانب دور بارز لطائرات المراقبة والتنصت نمرود آر 1 Nimrod R1.
وفي حين تميزت فرنسا بضربات جوية شديدة الفعالية نفذتها طائرات Rafale انطلاقا من حاملة الطائرات Charles de Gaulle، فان بريطانيا لم تكن تمتلك أية سفينة من هذا النوع، بعد أن كانت سحبت الحاملة Ark Royal من الخدمة قبل سنة فقط. وأثار ذلك جدلا واسعا، حيث هاجمت الأوساط الإعلامية البريطانية سياسة الحكومة التي حرمت بريطانيا من هذه القدرة، بحجة أن بريطانيا لا تحتاج بشكل ملح لحاملات طائرات، وفي إمكانها الانتظار بضع سنوات حتى يتم بناء فئة جديدة متطورة منها تعرف باسم Queen Elizabeth.
رغم ذلك، استخدمت القوات البريطانية السفينة البرمائية الهجومية HMS Ocean في مسرح العمليات الليبي، حيث تم تحميلها بخمس حوامات Apache. وأبلت القوة بلاء ممتازا رغم محدودية عدد الحوامات، حيث قامت الحوامات بقصف العديد من الأهداف التابعة لجيش القذافي بصواريخ Hellfire.

مشروع الحاملات الجديد

في حين كانت قوة حاملات الطائرات تتضاءل عددا وقدرة، كانت السلطات البريطانية تعد العدة لإطلاق فئة جديدة من هذه السفن تتمتع بقدرات كبيرة. وبينت مراجعة الدفاع الإستراتيجية Strategic Defence Review التي أطلقتها الحكومة في العام 1997، أن حاملات الطائرات الجديدة المنوي بناؤها ضرورية لامتلاك بريطانيا قدرة تشغيل طائرات هجومية حيث لا يكون هنالك قواعد جوية صديقة، على أن تكون الطائرات المحمولة على متنها متعددة الأدوار وقادرة على التعامل مع التهديدات العصرية.
ومضى وقت طويل من المناقشات والدراسات قبل أن يتم الإعلان عن التوقيع الرسمي على عقد البناء في العام 2008. وسبق ذلك دمج شركتي BAE Systems Surface Fleet Solutions وVT Shipbuilding في شركة واحدة باسم BVT Surface Fleet بضغط من الحكومة البريطانية كي تكون الشركة الجديدة قادرة على تنفيذ أعمال البناء المعقدة. وتقضي الخطة ببناء حاملتين كبيرتين، تعرف الأولى باسم "Queen Elizabeth" والثانية باسم "Prince of Wales"، بزنة 65000 طن وطول 280 مترا لكل حاملة، على أن يتم تسليمهما في العامين 2016 و2018 على التوالي. وستحملان 1600 بحار، وأطقم تشغيل للقوة الجوية. وبذلك تكون أكبر سفن حربية تبنى في بريطانيا. وللدلالة، فان غاطس الحاملات الجديدة يزيد ثلاثة أضعاف على غاطس الحاملات السابقة من فئة Invincible.

مد وجزر بخصوص طائراتF-35

بحسب البيانات المنشورة، فان الحاملات الجديدة ستجهز في الأوقات العادية ب12 مقاتلة من الجيل الجديد، على أن يرتفع هذا العدد الى 36 كحد أقصى، الى جانب بعض الحوامات. وستكون الطائرات قادرة على تحقيق 75 طلعة في اليوم الواحد في بداية العمليات الحربية.
يذكر أن بريطانيا تحافظ على علاقات عسكرية مميزة مع الولايات المتحدة، وقد تشارك البلدان في العديد من العمليات البحرية الخارجية. وبما أن الولايات المتحدة تقوم بتطوير مقاتلة الجيل الجديد من نوع F-35 Lightning لخدمة أسلحة الجو والبحرية والمارينز بنماذج ثلاثة، كان من الطبيعي أن تخطط بريطانيا لاقتناء هذه الطائرات، لما يسهل ذلك في العمليات المشتركة بين البلدين. وفي بداية العام 2001، وقعت الحكومة البريطانية مذكرة تفاهم مع وزارة الدفاع الأميركية للاشتراك في برنامج الطائرة الجديدة. ووقع اختيار البحرية البريطانية في البداية على نموذج F-35B STOVL، القادر على الإقلاع والهبوط بشكل عامودي أو من مساحات صغيرة. وكان التبرير أن هذا النموذج مناسب للحاملات البريطانية الأصغر من نظيراتها الأميركية من فئة Nimitz.

إلا أن الصعوبات التي مر بها برنامج تطوير الF-35B والتي كادت تؤدي الى إلغاء هذا النموذج المخصص للمارينز وإعادة النظر في الاحتياجات، أديا في تشرين الأول أكتوبر من العام 2010 الى اعلان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أن بريطانيا قررت تحويل طلبها من النموذج B الى النموذج C الأكثر قدرة. فهذا الأخير له مدى أبعد، وفي امكانه رفع حمولة أسلحة أكبر ومتنوعة أكثر. لكن هذا الأخير يتطلب مساحة أطول للإقلاع مع إجراءات خاصة، مما يتطلب تعديل التصميم لاستخدام نظام يعرف باسم Catobar وهو اختصار ل Catapult Assisted Take Off Barrier Arrested Recovery. وتقرر تجهيز الحاملة الثانية بهذا النظام. وهناك إمكانية نقل الأجهزة المذكورة من حاملة الى أخرى، حيث أن الأثنتين لن تعملا. في وقت واحد في الأحوال العادية.
لكن الأمور تعقدت من جديد في مطلع العام الحالي. ذلك أن بعض الدراسات أظهرت أن كلفة تحويل الحاملة الثانية لاستخدام أجهزة من نوع SRVL مساعدة لإقلاع وهبوط طائرات F-35C وأنظمة منجنيق كهر- مغنطيسية جديدة أميركية الصنع من نوع EMALS ستكلف مبلغا طائلا، وبالتحديد ٨،١ بليون جنيه إسترليني وليس بليون دولار كما كان يعتقد سابقا. لذلك بدأ الحديث في بعض أوساط وزارة الدفاع البريطانية عن التراجع عن شراء النموذج C من طائرة F-35 والعودة الى النموذج B الذي لا يحتاج الى هذه الأنظمة والمعدات الإضافية. ذلك أن ميزانية وزارة الدفاع البريطانية لم تعد تتحمل هذه الزيادات الكبيرة، فيما يطلب من جميع فروع القوات المسلحة عصر النفقات. لكن من ناحية أخرى، بينت الدراسات أن اقتناء النموذج B سيؤدي الى تراجع كبير في القدرات القتالية الهجومية لحاملات الطائرات، تلك القدرات التي هي في أساس مفهوم عملها ومبرر وجودها.

وفي التفاصيل أن نموذج B غير قادر على العودة الى الحاملة مع الحمولة الكاملة من الأسلحة في الحواضن الداخلية، خصوصا في الظروف المناخية الحارة الموجودة عادة في الخليج العربي والمحيط الهادي. كما أن السعة الداخلية للطائرة لا تسمح سوى بحمل قنبلتين زنة 300 كلغ من نوع Paveway IV الى جانب صاروخين جو-جو من نوع Amraam AIM-120C. من ناحية أخرى، فان مدى الطائرة وفترة بقائها في مسرح العمليات محدودان بالمقارنة مع النموذج C. أما اذا تم تحميل أجنحة الطائرة بالأسلحة والحواضن، فان ميزة الخفاء التي تتمتع بها ستضعف الى حد كبير. من ناحية أخرى، فان نموذج C أكثر قدرة على العمل بالتوافق مع الحاملات الأميركية والفرنسية، وهي نقطة مهمة حيث أنه يندر أن تقوم بريطانيا بعمليات عسكرية واسعة النطاق دون حلفائها الغربيين.
وحتى كتابة هذه السطور، لم تكن الحكومة البريطانية قد حددت أي نموذج ستختار، وسط عاصفة من الانتقادات حول عدم قدرة السلطات على اتباع سياسة دفاعية منطقية طويلة الأمد تزاوج بين القدرات المالية المتوفرة والقدرات العسكرية المطلوبة. وتكمن أهمية القرار في أن الحاملات الجديدة ستعمل لفترة لن تقل عن 40 عاما، وستحدد الى درجة كبيرة قدرة بريطانيا على التدخل بفعالية في الأزمات الخارجية على مدى العقود القادمة.



المصدر المجلة الدفاع
لا تنسونا فى التقييم

 
رد: حاملات الطائرات البحرية البريطانية تاريخها ومستقبلها

شكرا على الموضوع الجميل اخي الكريم
عندي معلومة تقول بان بريطانيا هي صاحبة اول حاملة طائرات في التاريخ وكان اسمها ارغوس فما مدى صحة هذه المعلومات
 
عودة
أعلى