بعض الحكمة من تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم
الدكتور خالد أحمد الشنتوت
الدكتور خالد أحمد الشنتوت
إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يدندن أعداء الإسلام والماركسيون منهم بأنه صلى الله عليه وسلم تزوج عدداً كثيراً من النساء حباً في الشهوات ، وتزوج عائشة رضي الله عنها في سنها ذلك من أجل الشهوات ....حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك .
1 - عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة عزباً طاهراً عفيفاً شهد له أهل مكة بأنه الصادق الأمين ، وحكموه بين سادة قريش وزعمائها من أجل رفع الحجر الأسود ، كما تعلمون .
- وقد حفظه الله مما كان في محيط الجاهلية من سلوك للشباب ( حضر يوماً عرساً فضرب الله عليه النوم ولم ينهض إلا بعد انتهاء العرس وانفضاض الناس كلهم ) ...
2 - تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة رضي الله عنها وهو في الخامسة والعشرين وهي في الأربعين وبقي معها ( أي مع زوجة واحدة تكبره بخمسة عشر عاماً حتى وفاتها رضي الله عنها ، ولم يتسرَ خلال زواجه بخديجة ، وقد وصل رسول الله الخمسين من عمره )أي أنه عاش هذه الفترة خمساً وعشرين سنة ( فترة الرجولة الجنسية ) مع زوجة واحدة فقط متقدمة في السن... فلو كان يريد الشهوة لعدد الزوجات في هذه الفترة ، أو تسرى على الأقل ...
3 - ثم تزوج سودة رضي الله عنها ، وبقي معها ثلاث سنوات ، ( وحدها ) وعقد على عائشة رضي الله عنها ، في مكة ، وزفت له بعد عودته من غزوة بدر ، أي كان قد تجاوز الثالثة والخمسين من عمره صلى الله عليه وسلم . ولم يتزوج بكراً سواها رضي الله عنها ، ويستدل من ذلك أنه لم يكن يتخير الزوجة التي يريد ، وإنما يتزوج من يؤمر بزواجها، أو ممن يرى في زواجه منها مصلحة دعوية أو تربوية أو اجتماعية أو سياسية ، وفي زواجه من جويرية وصفية وزينب وحبيبة بنت أبي سفيان وغيرهن دليل على ذلك ...
4 - وعدد زوجاته بعد الثالثة والخمسين وحتى وفاته صلى الله عليه وسلم في الثالثة والستين أي خلال السنوات التسع الأخيرة من حياته تزوج هذا العدد ، وقد توفي صلى الله عليه وسلم عن تسع زوجات ....
5 - عرف عنه صلى الله عليه وسلم :
أ- قلة الطعام والشراب ، وكثرة الصوم ، وهذه تدحض مزاعمهم أنه كثير أو قوي الشهوة ...وبالطبع تترابط الشهوات ، فشهوة الطعام القوية تساعد على شهوة الجنس القوية ...وكثرة الطعام تساعد على تقوية شهوة الجنس ، والدليل أنه صلى الله عليه وسلم نصح الشباب الذين لايقدرون على الزواج بالصوم فإنه وجاء ( دواء ) للعزب ، كي يقلل شهوة الجنس عنده ....
ب- قلة النــوم ، وعرف عنه كذلك أنه ينام أول الليل ثم يقوم لصلاة القيام والتهجد حتى تورمت قدماه ، ...وقلة النوم تدل على اعتدال الشهوة الجنسية ، لأن ممارسة الجنس يتبعه نوم عميق كما تعرفون ....
ت- ويقول علماء النفس أن الدوافع الفطرية ترتب حسب قوتها كما يلي ( دافع الأمومة ، العطش ، الجوع ، الجنس ...) وأجريت تجارب على الفئران والقرود طبعاً في أوائل القرن العشرين أكدت هذا التسلسل ... وهذا يبطل مايقوله فرويد .
وبالنسبة للرجل فإن دافع العطش هو الأقوى ثم الجوع ثم الجنس ...وعندما يسيطر الرجل على الأٌقوى
( العطش والجوع ) فإنه يضعف مابعدهما وهو ( الجنس ) ، وبعبارة أخرى عندما يكبح الرجل هذه الدوافع الفطرية ، تكون هذه الدوافع ( عادية ) لذلك تمكن من كبحها وإضعافها .... أي لاتعادل قوة ثلاثين رجل كما سنرى ...
6 - بقي علينا تفسير قول أنس رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه كلهن في ساعة من نهار أوليل ، فقال أحدهم : أو يطيقه ؟ قال أنس : كنا نتحدث أنه ( أي الرسول صلى الله عليه وسلم ) أوتي قوة ثلاثين ( يقصد في الجماع ) ...وكما قلت هو قول صحابي لم يرفعه إلى الرسول ، ...وتفسير ذلك عندي ــ والله أعلم ـ أن الله عزوجل أعطاه قوة الثلاثين في الجماع بعد الثالثة والخمسين ، عندما صار عنده عدد من الزوجات كي يقوم بواجبه نحوهن ....ولايقبل العقل أن تكون له قوة الثلاثين في الجماع ويكتفي بزوجة واحدة حتى الثالثة والخمسين من عمره صلى الله عليه وسلم ، لأن في هذا عنت وإرهاق لرجل أعطي قوة ثلاثين وعنده زوجــة واحدة ( ومتقدمة في السن أيضاً ) ... هذا من عقلي وعندما أجد منقولاً ضده فإنني أتخلى عنه ...
والنقل سيد العقل لاشك في ذلك ، بل هو من البدهيات عندي ، لكن عندما لانجد نقلاً يفسر هذا الإشكال ، والإشكال هو ( زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من زوجة واحدة حتى صار في الثالثة والخمسين وعنده قدرة جنسية تكفي ثلاثين زوجة ) عندئذ يجب أن نلجأ إلى العقل وقد أمرنا بآيات القرأن الكريم بالتفكر واستخدام العقل ..
7 - وعندما نبطل ظنهم الذي يدندن على أن الرسول صلى الله عليه و سلم تزوج عدة نساء حباً في شهوة الجنس ، نبحث عن تعليل آخر ، ونجده بسهولة في كتب السيرة العطرة ، وهو أنه أراد من تعدد زوجاته أهدافاً تربوية واجتماعية وسياسية .....
وسوف أكتفي بتوضيح ذلك من خلال زواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها ...
أ - يكاد يجمع المؤرخون على أن الرسول صلى الله عليه وسلم عقد على السيدة عائشة في السادسة ، وهو في مكة المكرمة قبل الهجرة ، ودخل بها في التاسعة ، في شوال من السنة الثانية للهجرة بعد عودته من غزوة بدر .
ب - وهذا الزواج كان معروفاً يومذاك ، أي أن يتزوج الرجل صبية قبل بلوغها ، [ لذلك يجب أن تحجب الصبية قبل البلوغ لأنها تشتهى وتصلح للزواج ]،وأ{جو مراجعة كتابي كيف نربي بناتنا على الحجاب في موقعي ( من جوجل موقع خالد أحمد الشنتوت ) ، ولولا أن هذا الزواج معروف وموجود لدى المجتمع يومذاك ؛ لسمعنا من اليهود والمنافقين يوم ذاك أقوالاً وأقوالاً كثيرة ينالون فيها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن لم يقل اليهود والمنافقون شيئاً في هذا الموضوع ـ كما أعلم ـ والدليل وجود هذا الزواج من صبايا قبل بلوغهـــن قــولــه تعالى في ســورة الطــلاق { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ....} أي أن صبايا قبل البلوغ يتزوجن ويطلقن قبل بلوغهن ، ومثل هذه الصبية إذا طلقت عدتها ثلاثة أشهر ....
ت - وزواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها في التاسعة ، له من الغايات التربوية والدعوية الكثيرة منها :
أولا - أشد ماتكون الذاكرة قوة في هذه السن ، وكلنا يعرف ذلك عندما يتصفح ماضيه ، ليجد أنه يتذكر حياته في السابعة وحتى العشرين بشكل قوي جداً ....وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن تلازمه السيدة عائشة في هذه السن لتنقل عنه ماتراه وتسمعه ، ونعلم أن السيدة عائشة عاشت مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، تسع سنين تقريباً ، وأنها روت ( 2210 ) حديثاً ولم يسبقها إلا أبو هريرة رضي الله عنهما ....
ثانيا - حرمت السيدة عائشة الذرية لحكمة ربانية وهي أن تتفرغ للمهمة التي أرادها الله لها ، وقد ورد في البخاري ومسلم ما روته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أريتــُك في المنام ثلاث ليال، جاءني بك المَلك في سَرَقة من حرير فيقول هذه امرأتك ، فأكشف عن وجهك ، فإذا أنت هي ....) الحديث .
إذن فرغها الله عز وجل لهذه المهمة العظيمة : وهي حفظ الرسالة ونقلها للمسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ...
ثالثا - عاشت رضي الله عنها ( 47) عاماً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنها توفت عام (57) عاشت تعلم المسلمين دينهم ، ويسألها كبار الصحابة كلما أشكل عليهم أمر ....
رابعا - سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن خديجة وعائشة : أميّ المؤمنين رضي الله عنهما أيهما أفضل؟
قال – رحمه الله تعالى – ( سبقُ خديجة ، وتأثيرها في أول الإسلام، ونصرها، وقيامها في الدين لم تشاركها فيه عائشة، ولا غيرها من أمهات المؤمنين. وتأثير عائشة في آخر الإسلام، وحمل الدين، وتبليغه إلى الأمة، وإدراكها من العلم ما لم تشاركها فيه خديجة ، ولا غيرها مما تميزت به عن غيرها ) مجموع الفتاوى (4/393).
خامسا- قال الإمام الذهبي عن السيدة عائشة في سير أعلام النبلاء : [ أفقه نساء الأمة على الإطلاق ، ....روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، ].
سادسا- ومن فضائلها: أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال: ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح
سابعا - ومن فضائلها : عن مسلم بن صبيح قال: سألت مسروقاً: كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال: والذي لا إله غيره لقد رأيت الأكابر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض) رواه الدارمي وصحح محققه إسناده.
ثامنا - قال عروة بن الزبير : ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن ، ولا بفريضة، ولا بالحلال ولا بالحرام، ولا بفقه، ولا بطب ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة .
تاسعا - وقد ثبت رجوع أكابر الصحابة مثل عمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وغيرهم في الكثير من المسائل التي كانت تشكل عليهم الى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فكانت تفصل بينهم بالحكم الشرعي كما ورد في حديث ابو موسى الأشعري أعلاه .
ولعل في هذا ما يكفي ويبين الحكمة الربانية من أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزواج بعائشة وهي في التاسعة من عمرها ـــ والله أعلم ــ
والحمد لله رب العالمين
مقتطعة من المقالة الأصلية عن موقع رابطة أدباء الشام
يدندن أعداء الإسلام والماركسيون منهم بأنه صلى الله عليه وسلم تزوج عدداً كثيراً من النساء حباً في الشهوات ، وتزوج عائشة رضي الله عنها في سنها ذلك من أجل الشهوات ....حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك .
1 - عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة عزباً طاهراً عفيفاً شهد له أهل مكة بأنه الصادق الأمين ، وحكموه بين سادة قريش وزعمائها من أجل رفع الحجر الأسود ، كما تعلمون .
- وقد حفظه الله مما كان في محيط الجاهلية من سلوك للشباب ( حضر يوماً عرساً فضرب الله عليه النوم ولم ينهض إلا بعد انتهاء العرس وانفضاض الناس كلهم ) ...
2 - تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة رضي الله عنها وهو في الخامسة والعشرين وهي في الأربعين وبقي معها ( أي مع زوجة واحدة تكبره بخمسة عشر عاماً حتى وفاتها رضي الله عنها ، ولم يتسرَ خلال زواجه بخديجة ، وقد وصل رسول الله الخمسين من عمره )أي أنه عاش هذه الفترة خمساً وعشرين سنة ( فترة الرجولة الجنسية ) مع زوجة واحدة فقط متقدمة في السن... فلو كان يريد الشهوة لعدد الزوجات في هذه الفترة ، أو تسرى على الأقل ...
3 - ثم تزوج سودة رضي الله عنها ، وبقي معها ثلاث سنوات ، ( وحدها ) وعقد على عائشة رضي الله عنها ، في مكة ، وزفت له بعد عودته من غزوة بدر ، أي كان قد تجاوز الثالثة والخمسين من عمره صلى الله عليه وسلم . ولم يتزوج بكراً سواها رضي الله عنها ، ويستدل من ذلك أنه لم يكن يتخير الزوجة التي يريد ، وإنما يتزوج من يؤمر بزواجها، أو ممن يرى في زواجه منها مصلحة دعوية أو تربوية أو اجتماعية أو سياسية ، وفي زواجه من جويرية وصفية وزينب وحبيبة بنت أبي سفيان وغيرهن دليل على ذلك ...
4 - وعدد زوجاته بعد الثالثة والخمسين وحتى وفاته صلى الله عليه وسلم في الثالثة والستين أي خلال السنوات التسع الأخيرة من حياته تزوج هذا العدد ، وقد توفي صلى الله عليه وسلم عن تسع زوجات ....
5 - عرف عنه صلى الله عليه وسلم :
أ- قلة الطعام والشراب ، وكثرة الصوم ، وهذه تدحض مزاعمهم أنه كثير أو قوي الشهوة ...وبالطبع تترابط الشهوات ، فشهوة الطعام القوية تساعد على شهوة الجنس القوية ...وكثرة الطعام تساعد على تقوية شهوة الجنس ، والدليل أنه صلى الله عليه وسلم نصح الشباب الذين لايقدرون على الزواج بالصوم فإنه وجاء ( دواء ) للعزب ، كي يقلل شهوة الجنس عنده ....
ب- قلة النــوم ، وعرف عنه كذلك أنه ينام أول الليل ثم يقوم لصلاة القيام والتهجد حتى تورمت قدماه ، ...وقلة النوم تدل على اعتدال الشهوة الجنسية ، لأن ممارسة الجنس يتبعه نوم عميق كما تعرفون ....
ت- ويقول علماء النفس أن الدوافع الفطرية ترتب حسب قوتها كما يلي ( دافع الأمومة ، العطش ، الجوع ، الجنس ...) وأجريت تجارب على الفئران والقرود طبعاً في أوائل القرن العشرين أكدت هذا التسلسل ... وهذا يبطل مايقوله فرويد .
وبالنسبة للرجل فإن دافع العطش هو الأقوى ثم الجوع ثم الجنس ...وعندما يسيطر الرجل على الأٌقوى
( العطش والجوع ) فإنه يضعف مابعدهما وهو ( الجنس ) ، وبعبارة أخرى عندما يكبح الرجل هذه الدوافع الفطرية ، تكون هذه الدوافع ( عادية ) لذلك تمكن من كبحها وإضعافها .... أي لاتعادل قوة ثلاثين رجل كما سنرى ...
6 - بقي علينا تفسير قول أنس رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه كلهن في ساعة من نهار أوليل ، فقال أحدهم : أو يطيقه ؟ قال أنس : كنا نتحدث أنه ( أي الرسول صلى الله عليه وسلم ) أوتي قوة ثلاثين ( يقصد في الجماع ) ...وكما قلت هو قول صحابي لم يرفعه إلى الرسول ، ...وتفسير ذلك عندي ــ والله أعلم ـ أن الله عزوجل أعطاه قوة الثلاثين في الجماع بعد الثالثة والخمسين ، عندما صار عنده عدد من الزوجات كي يقوم بواجبه نحوهن ....ولايقبل العقل أن تكون له قوة الثلاثين في الجماع ويكتفي بزوجة واحدة حتى الثالثة والخمسين من عمره صلى الله عليه وسلم ، لأن في هذا عنت وإرهاق لرجل أعطي قوة ثلاثين وعنده زوجــة واحدة ( ومتقدمة في السن أيضاً ) ... هذا من عقلي وعندما أجد منقولاً ضده فإنني أتخلى عنه ...
والنقل سيد العقل لاشك في ذلك ، بل هو من البدهيات عندي ، لكن عندما لانجد نقلاً يفسر هذا الإشكال ، والإشكال هو ( زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من زوجة واحدة حتى صار في الثالثة والخمسين وعنده قدرة جنسية تكفي ثلاثين زوجة ) عندئذ يجب أن نلجأ إلى العقل وقد أمرنا بآيات القرأن الكريم بالتفكر واستخدام العقل ..
7 - وعندما نبطل ظنهم الذي يدندن على أن الرسول صلى الله عليه و سلم تزوج عدة نساء حباً في شهوة الجنس ، نبحث عن تعليل آخر ، ونجده بسهولة في كتب السيرة العطرة ، وهو أنه أراد من تعدد زوجاته أهدافاً تربوية واجتماعية وسياسية .....
وسوف أكتفي بتوضيح ذلك من خلال زواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها ...
أ - يكاد يجمع المؤرخون على أن الرسول صلى الله عليه وسلم عقد على السيدة عائشة في السادسة ، وهو في مكة المكرمة قبل الهجرة ، ودخل بها في التاسعة ، في شوال من السنة الثانية للهجرة بعد عودته من غزوة بدر .
ب - وهذا الزواج كان معروفاً يومذاك ، أي أن يتزوج الرجل صبية قبل بلوغها ، [ لذلك يجب أن تحجب الصبية قبل البلوغ لأنها تشتهى وتصلح للزواج ]،وأ{جو مراجعة كتابي كيف نربي بناتنا على الحجاب في موقعي ( من جوجل موقع خالد أحمد الشنتوت ) ، ولولا أن هذا الزواج معروف وموجود لدى المجتمع يومذاك ؛ لسمعنا من اليهود والمنافقين يوم ذاك أقوالاً وأقوالاً كثيرة ينالون فيها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن لم يقل اليهود والمنافقون شيئاً في هذا الموضوع ـ كما أعلم ـ والدليل وجود هذا الزواج من صبايا قبل بلوغهـــن قــولــه تعالى في ســورة الطــلاق { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ....} أي أن صبايا قبل البلوغ يتزوجن ويطلقن قبل بلوغهن ، ومثل هذه الصبية إذا طلقت عدتها ثلاثة أشهر ....
ت - وزواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها في التاسعة ، له من الغايات التربوية والدعوية الكثيرة منها :
أولا - أشد ماتكون الذاكرة قوة في هذه السن ، وكلنا يعرف ذلك عندما يتصفح ماضيه ، ليجد أنه يتذكر حياته في السابعة وحتى العشرين بشكل قوي جداً ....وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن تلازمه السيدة عائشة في هذه السن لتنقل عنه ماتراه وتسمعه ، ونعلم أن السيدة عائشة عاشت مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، تسع سنين تقريباً ، وأنها روت ( 2210 ) حديثاً ولم يسبقها إلا أبو هريرة رضي الله عنهما ....
ثانيا - حرمت السيدة عائشة الذرية لحكمة ربانية وهي أن تتفرغ للمهمة التي أرادها الله لها ، وقد ورد في البخاري ومسلم ما روته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أريتــُك في المنام ثلاث ليال، جاءني بك المَلك في سَرَقة من حرير فيقول هذه امرأتك ، فأكشف عن وجهك ، فإذا أنت هي ....) الحديث .
إذن فرغها الله عز وجل لهذه المهمة العظيمة : وهي حفظ الرسالة ونقلها للمسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ...
ثالثا - عاشت رضي الله عنها ( 47) عاماً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنها توفت عام (57) عاشت تعلم المسلمين دينهم ، ويسألها كبار الصحابة كلما أشكل عليهم أمر ....
رابعا - سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن خديجة وعائشة : أميّ المؤمنين رضي الله عنهما أيهما أفضل؟
قال – رحمه الله تعالى – ( سبقُ خديجة ، وتأثيرها في أول الإسلام، ونصرها، وقيامها في الدين لم تشاركها فيه عائشة، ولا غيرها من أمهات المؤمنين. وتأثير عائشة في آخر الإسلام، وحمل الدين، وتبليغه إلى الأمة، وإدراكها من العلم ما لم تشاركها فيه خديجة ، ولا غيرها مما تميزت به عن غيرها ) مجموع الفتاوى (4/393).
خامسا- قال الإمام الذهبي عن السيدة عائشة في سير أعلام النبلاء : [ أفقه نساء الأمة على الإطلاق ، ....روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، ].
سادسا- ومن فضائلها: أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال: ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح
سابعا - ومن فضائلها : عن مسلم بن صبيح قال: سألت مسروقاً: كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال: والذي لا إله غيره لقد رأيت الأكابر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض) رواه الدارمي وصحح محققه إسناده.
ثامنا - قال عروة بن الزبير : ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن ، ولا بفريضة، ولا بالحلال ولا بالحرام، ولا بفقه، ولا بطب ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة .
تاسعا - وقد ثبت رجوع أكابر الصحابة مثل عمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وغيرهم في الكثير من المسائل التي كانت تشكل عليهم الى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فكانت تفصل بينهم بالحكم الشرعي كما ورد في حديث ابو موسى الأشعري أعلاه .
ولعل في هذا ما يكفي ويبين الحكمة الربانية من أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزواج بعائشة وهي في التاسعة من عمرها ـــ والله أعلم ــ
والحمد لله رب العالمين
مقتطعة من المقالة الأصلية عن موقع رابطة أدباء الشام