إستراتيجية جاك فوكار في مصادرة استقلال البلدان الإفريقية

a_aziz

عضو
إنضم
23 ديسمبر 2007
المشاركات
9,400
التفاعل
266 0 0
كتبهاNOUNE ، في 25 مارس 2012 الساعة: 10:19 ص


جاك فوكار هو المستشار الشخصي للرئيس ديغول في بداية الستينات وهو مؤسس ما يعرف "فرنسافريك" وقد عملت هذه المؤسسة على انشاء شبكات نفوذ استطاعت عبرها فرنسا أن تبسط هيمنتها ونفوذها على مستعمراتها القديمة بإفريقيا وكثيرا ما يلقب جاك فوكار "بسيد إفريقيا" في الإليزيه، وحتى وان لم يظهر كثيرا على الساحة السياسية ة إلا أنه عمل في الظل في عهد ديغول والذي كلفه باقامة عهد جديد من الإستعمار لإفريقيا.
الإستراتيجية التي اتبعها جاك فوكار في تثبيت قدم فرنسا في إفريقيا بعيدا عن الاستعمار بمفهومه القديم تمثلت خاصة في تقديم المساعدة للوصول إلى الحكم لأشخاص يعرف عنهم ولائهم الشديد لفرنسا، زيادة على عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية لكل زعماء الحركات التحررية والوطنيين ولمن عرف عنه انتمائه الوطني ودفاعه المستميت عن مبادئ الاستقلال التام عن فرنسا ورفضه لكل أشكال الاستغلال والاستدمار.
 
رد: إستراتيجية جاك فوكار في مصادرة استقلال البلدان الإفريقية

فالحرب ضد الاستقلاليين الكاميرونيين والتي بدأت سنة 1957 إلى غاية سنة 1970 كانت الأكثر عنفا ودموية استعملت خلالها أساليب مماثلة لتلك التي طبقت بفيتنام، لقد أسفرت هذه الحرب القذرة جدا على سقوط مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء وتم فيها اغتيال زعماء مثل روبن أم نيوبي سنة 1958، وفليكس مومي سنة 1960، وإندي سنة 1970 والكثير من قادة ونخب الكاميرون في ذلك الوقت وكانت هذه الحرب بمثابة تحذير قوي اللهجة ودرسا قاسيا لكل من تسول له نفسه الوقوف في وجه فرنسا وفي وجه مخططاتها، وهناك الكثير من هؤلاء الوطنيين الأفارقة الذين عملوا على الوقوف في وجه فرنسا فكانت نهايتهم الحتمية الموت كالرئيس الاستقلالي الوطني الطوغولي سيلفا نيس أوليمبيو الذي اغتيل سنة 1963 وبإشراف تام من المخابرات ة، على يد السفاح كما يوصف إيتيان أديما الذي خلفه في الحكم وبقي فيه لمدة أربعين سنة، وأصبح الصديق الشخصي للرئيس جاك شيراك، وخلف إيتيان في الحكم إبنه فرغنا سينغي بانتخابات شهد الكل على أنها كانت مزورة وتمت تحت إشراف فرنسي وبمباركة فرنسية كاملة وتم فيها قمع دموي للمعارضة.
 
رد: إستراتيجية جاك فوكار في مصادرة استقلال البلدان الإفريقية

ليس هذا فقط، فهناك عدد كبير من الذين تولوا رئاسة الدول الإفريقية اختيروا من طرف فوكار شخصيا وهؤلاء تكونوا بمدارس فرنسية وبكليات حربية فرنسية، بل إن بعضهم عمل بالمخابرات ة، فرئيس الغابون عمر بانغو هو واحد من هؤلاء وقد تولى الرئاسة في الغابون منذ سنة 1967.
ويعمل فوكار على وضع ترتيبات مع هؤلاء القادة بطريقة منح الاستقلال بصورة رسمية، مع إلزامهم بعقد اتفاقيات لصالح فرنسا وتتحول بهذا تلك البلدان من استعمار واضح إلى دول مستقلة شكليا، وقد بقي هذه العملية مستمرة لمدة فاقت الأربعين سنة.
وهكذا تحولت الدول الفرنكوفونية الواقعة جنوب الصحراء إلى مناطق نفوذ وبامتياز لفرنسا، بتعايشها مع اتفاقيات للتعاون خاصة منها النقدية و ة، هذه الاتفاقيات الملاحظ فيها أنها وضعت لدول لن ترى استقلالها يوما، إنها اتفاقيات استعمارية في الباطن والظاهر فقط والواجهة تظهر وان هذه البلدان نالت استقلالها أما الباقي فهو بيد مستدمر الأمس فرنسا.
 
رد: إستراتيجية جاك فوكار في مصادرة استقلال البلدان الإفريقية

وكمثال على هذه الاتفاقيات الاستعمارية الاستدمارية، اتفاقية الدفاع ليوم 24 أفريل من سنة 1961 بين فرنسا وكوت ديفوار والنيجر الخاص بالمواد الخامة والأولية والإستراتيجية مثل النفط واليورانيوم والليثيوم، هذه الاتفاقية تنص على أن هذه الدول وبحاجتها إلى الحماية ولن يتولى الدفاع عنها فإنها تحتفظ بالأولوية للبيع للجمهورية ة بعد تلبية الاستهلاك المحلي وتعطي الأولوية لشراء السلع من فرنسا، وعند الضرورة الأمنية الدفاعية تحدد أو تمنع تصدير هذه المواد لدول أخرى.
والمعروف أن بعض الاتفاقيات تحوي بعض البنود لا تنشر بالجريدة الرسمية ويتجاهلها البرلمان ، فمثلا الجريدة الرسمية ليوم 21 نوفمبر من سنة 1960 تحدد أن جمهورية الغابون لها مسئولية الدفاع الداخلي وباستطاعتها طلب مساعدة من الجمهورية ة في إطار شروط تحددها الاتفاقيات الخاصة، هذه الاتفاقيات السرية تنص بصورة عامة على التنظيم والإشراف والتدريب للقوات المسلحة للبلد المستقل حديثا، زيادة على التدخل في حالة تهديد خارجي، بعدها إقامة قواعد عسكرية على التراب الإفريقي بصورة دائمة، وحاليا تتواجد القوات ة بكل من دكار عاصمة السينغال ونجامينا بتشاد وجيبوتي ولبريفيل بالغابون وابيدجان بكوت ديفوار، هذه القواعد تضم في مجموعها الآلاف من ين ين، وعند عجز فرنسا عن التصرف بجنودها فإن قوات المرتزقة موجودة وجاهزة لتقوم بالمهمة، ومن بين أشهر المرتزقة والمعروفين بوب بينارد وبول بديل الذين تورطا في العديد من العمليات الدموية بجزر القمر والبنين والغابون وأنغولا والزائيير وغيرها.
 
رد: إستراتيجية جاك فوكار في مصادرة استقلال البلدان الإفريقية

جاك فوكار قام ببناء شبكة للمراقبة من مكتب خلية إفريقيا بالإليزي مؤطرة من طرف عدد من المراسلين، من بينهم ضباط المصالح ة السرية ورجال أعمال وموظفين ومستشارين، فكان كل رئيس إفريقي محاط بحراسته وأمنه وبعدد من المستشارين، وحتى يمنع كل أشكال المعارضة الداخلية تم وضع رجال من الشرطة السياسية لترهيب المعارضة، وهؤلاء الرجال جميعهم تكونوا بالمدارس ة حول الأساليب التي تم تجربتها بالجزائر إبان والتي استعملت ضد المجاهدين والفدائيين الجزائريين.
لقد سمحت هذه الإستراتيجية بتثبيت نظام هيمنة واستقلال استعماري مع إعطاء صورة شكلية على أن هناك استقلال رسمي، وهذا من خلال أن الرئيس رجل من البلد وهو الذي يحكم ومحاط برجالات من البلد وهم الذين يسيرون في الظاهر وسمحت هذه الإستراتيجية كذلك لفرنسا بتثبيت هيمنتها على المؤسسات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة ودول إفريقيا الفرنكوفونية والتي رسميا مستقلة ومنحازة عموما إلى الاختيارات التي وضعت من طرف العاصمة القديمة بمعنى فرنسا نفسها.
 
رد: إستراتيجية جاك فوكار في مصادرة استقلال البلدان الإفريقية

إن الهيمنة السياسية و ة للمستعمرات ة القديمة من طرف فرنسا رافقتها وبالتوازي هيمنة اقتصادية خاصة عبر الفرنك الإفريقي (سي- أف- أ:CFA) وهو العملة المتداولة والمراقبة من طرف بنك فرنسا المركزي.
مرت هذه العملة بعدة مراحل وتطورات وتسميات فمن فرنك المستعمرات ة بإفريقيا، ليعاد اعتمادها تحت تسمية فرنك التجمع المالي الإفريقي وهذا سنة 1963 وهذا خاص بالدول البنين وبوركينافاسو وكوت ديفوار وغينيا بساو ومالي والنيجر والسينغال والطوغو، أما الفرنك للتعاون المالي لإفريقيا الوسطى فقد كان خاص بدول الكاميرون وجمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو والغابون وغينيا الاستوائية وتشاد، بالنسبة لعملة (سي – أف – أ: CFA) فقد كان يمكن تحويلها إلى الفرنك مباشرة حتى سنة 1993، وهذا التحويل سهل تهريب كميات كبيرة من العملة من الدول المعنية بتلك العملة وفي سنة 1994 تم خفض قيمتها بنسبة %50 القرار الذي كان له الأثر السيئ على شعوب المنطقة ككل.
 
عودة
أعلى