بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن - ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
الإعجاز العلمي في الآيات المنسوخة
الحمد لله الذي انزل القرآن تبيانا لكل شئ ولم يجعل له عوجا لأنه كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ,والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين عليه وعلى آله وصحبه الكرام ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين .
يقول الله جل شأنه في سورة البقرة :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم :
{ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)}(البقرة)
ذكر المفسرون في تفسير هذه الآية أن الله نسخ بعض الآيات القرآنية (المقروءة) بآيات أخرى من القرآن(مقروءة) وآيات أنزلت ثم رفعت من القرآن دون سبب وأعطوا أمثلة لذلك واستفاضوا في الشرح وذكروا أن هناك أحكاما نسخت وبقيت آياتها وأخرى بقيت أحكامها نسخت آياتها وقد استفاض بعض العلماء في شرح هذا الأمر دون سند قوى.
وسوف استعرض ما جاء في كتب السلف الصالح والذي لم يخرج عليه أحد من الخلف الصالح والذي استندوا علية في القول بالنسخ في القرآن بل أكدوه حتى أنهم جعلوا الاعتقاد بنسخ بعض آيات القرآن بعضها بعضا من الأمور التي هي من المعلوم من الدين بالضرورة حتى يغلقوا الباب أمام أي اجتهاد لرد المدافعين من المسلمين على الذينطعنوا في القرآن بسبب هذه القضية ولكن استفاضوا في الشرح والتحليل وكادوا أن ينسخوا القرآن كله بالقران مادام الاعتقاد بالنسخ في القرآن قائم لأي مجتهد رغم ما روى عن الرسول الكريم في الحديث : ( لا تضربوا القرآن بعضه ببعض )
جاء في أحاديث الإحياء، الإصدار للحافظ العراقي في: المجلد الثاني
كتاب آداب المعيشة وأخلاق النبوة:.
حديث ( لا تضربوا القرآن بعضه ببعض ) وأنه أنزل على وجوه
أخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو بإسناد حسن ( إن القرآن يصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه ببعض ) وفي رواية للهروي في ذم الكلام ( إن القرآن لم ينزل لتضربوا بعضه ببعض ) وفي رواية له ( أبهذا أمرتم أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض ) وفي الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب ( إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ) . وانزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حكيم عليم.
قال تعالى: { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)}(النمل).
واننى بعون من الله جل شانه سأستعرض ما جاء في هذا الشأن والأسانيد التي استند إليها أصحاب القول بالنسخ في القرآن وأفندها بما يتفق مع جلال القرآن وسوف اجتهد في تأويل الآية دون إن اضرب القرآن بعضه ببعض واظهر الإعجاز في هذه الآية.
يقول القرطبي قي الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1.48 في تفسير الآية الكريمة :
{ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير (106)}(البقرة)
(قول الله عز وجل: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها } وهذه آية عظمى في الأحكام. وسببها أن اليهود لما حسدوا المسلمين في التوجه إلى الكعبة وطعنوا في الإسلام بذلك، وقالوا: إن محمدا يأمر أصحابه بشيء ثم ينهاهم عنه، فما كان هذا القرآن إلا من جهته، ولهذا يناقض بعضه بعضا، فأنزل الله: { وإذا بدلنا آية مكان آية..(101)}(النحل) وأنزل { ما ننسخ من آية }.
ونرد على ذلك بالآتي :
أولا:/أن التوجه في الصلاة إلى بيت المقدس لم يكن فيه قول من القرآن بل كان اجتهادا من الرسول لأنه كره أن يتوجه إلى الكعبة وبها الأصنام وان كان يتمنى أن يتوجه إليها وظل الرسول يصلى متوجها إلى بيت المقدس ويتمنى أن يأتي اليوم الذي يتوجه فيه إلى الكعبة إلى أن أنزلت عليه الآية : { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)}(البقرة).
وفى هذه الآية يستجيب الله عز وجل لرغبة نبيه ويأمره فيها جل شأنه بالتوجه إلى الكعبة وكان إرضاء لرسوله الكريم الذي كان يتطلع إلى ذلك فليس هناك نسخ آية بأخرى من القرآن بل استجابة الله لأمنية رسوله وتحول الرسول الكريم إلى البيت الحرام ولم يشر إلى كلمة نسخ بمعنى أن الرسول لما تحول إلى الكعبة في الصلاة لم يقل أن الله عز وجل نسخ التوجه إلى المسجد الأقصى ولم يرد عن الصحابة مثل هذا القول ولما ذكر الله في سورة البقرة { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)}(البقرة) نلاحظ دقة القرآن في قوله: { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ } يدل على الاستمرارية في القول على مر الزمان فما زال السفهاء من أهل الكتاب يرددون أن المسلمين يتوجهون إلى بعض من الحجارة ويقصدون التوجه إلى الكعبة في الصلاة وكذلك الحج ويدعون باطلا (أي المسلمين) أنهم يوحدون الله وسيظل يرددون هذا القول مادام القرآن اخبرنا بما جاء في الآية 142 من سورة البقرة :
{ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ }.
ثانيا:/أن الاستدلال بهذه الآية لإثبات النسخ في القرآن من سورة النحل { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (101)}(النحل) فهذا مردود عليه أيضا.
القرآن الكريم يحتوى على 79 موضع لكلمة آية, 72 موضع تعنى فيه كلمة { آية } أنها آية كونية ترى بالعين غير 295 موضع فيه كلمة
{ آيات } والتي هي جمع لكلمة آية وعلى سبيل المثال لا الحصر:
{ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ ببعضها كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)}(البقرة).
{ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11)}(آل عمران).
هذه غير آيات موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وآيات عيسى :
{ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49)}(آل عمران).
وغيرهم من الرسل السابقين والأنبياء ومريم ابنة عمران إلى آخره وما ورد بشأن الآيات التي كانت آيات غير مقروءة بل آيات كونية ترى بالعين والتي كانت تجرى على يد الرسل والأنبياء مثل خروج سيدنا إبراهيم من النار دون أن تمسه بأي أذي وهذه آية كبري ولم تتكرر مع سيدنا نوح والذي كانت آيته الطوفان والفلك وآيات موسى وعيسى وكلها آيات كونية عظيمة .
1:/أن المشركين والكفار كانوا يتهموا الرسول الكريم انه افترى القرآن فسواء أنزلت عليه أية مقروءة في القرآن وبدلت بأخرى فيالقرآن أيضا ففي كل الأحوال هو في نظرهم مفترى ولن تفرق عندهم آية قرآنية بدلت بآية قرآنية أخرى وقال بعضهم أن ما جاء به علمه له بشر كما جاء في قول الله جل شأنه : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)}(النحل) , في جميع الأحوال سواء بدل أية قرآنية بأخرى لن تمنع وتغير تقولهم على الرسول الكريم أنه افتراه. ومن العجيب أن ما جاء في هذه الآية 103 من سورة النحل كلمة (يقولون) وهى فعل مضارع نجد أنه مازال المشركين من أهل الكتاب في هذا الزمن يقولوا أن ما جاء به محمد قد علمه له ورقة بن نوفل وغيره من أهل الكتاب أي أنهم لا يعترفوا أن القرآن كلام الله بل تعلمه الرسول من بعض أهل الكتاب.
2:/كان كفار مكة يطلبون من الرسول أن ينزل عليه آيات كونية يرونها وليست آيات مقروءة مثل الرسل السابقين -مثل آيات موسى عليه السلام وعيسى وغيرهم من الرسل السابقين والتي كانت آياتهم كونية (مثل عصا موسى التي تكون ثعبانا بإذن الله والتسع آيات التي كانت لموسى فهي لم تكن آيات مقروءة بل آيات كونية مرئية وكذلك التي كانت على يد عيسى عليه السلام مثل إحياء الموتى وشفاء المرضى وغيرها من الآيات الكونية ولم يعترفوا بالآيات القرآنية المقروءة بل يريدون آيات كونية كما جاء في الآيات الآتية على سبيل المثال:
{ وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (37)}(الأنعام).
{ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ (109)(الأنعام).
{ وَإِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُون (124)}(الأنعام).َ
{ وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً (93)}(الإسراء).
{ وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)}(البقرة).
في هذه الآية نجد أن المشركين والكفار كانوا يطلبون من الرسول أية ترى بالعين "آية كونية وعندما قالوا:
{ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ } فبالتأكيد أن المقصود هنا آية كونية يشاهدونا وليست آية قرآنية مقروءة لأنهم لا يعترفوا بها آية ولكن الله أراد أن تكون آيات الرسول الكريم للكفار والمشركين آيات قرآنية مقروءة لأنه جاء به إلى الناس كافة على مر الزمان حتى أن المعجزات التي جرت على يد الرسول الكريم لم يراها الكفار والمشركين ولكن كانت للمسلمين فقط مثل إطعام الجيش بحفنة من الطعام من بين يديه وغيرها حتى أن معجزة الإسراء والمعراج لم يراها أحد بل كانت للرسول وحده وأخبر بها الناس . هذه بعض ما جاء في القرآن من تعنت المشركين وعدم اعترافهم بالآيات القرآنية المقروءة ولكنهم يريدون آية يرونها مثل الرسل السابقين ويرد عليهم الله عز وجل :
{ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (109)}(النحل) ويقول للرسول صلى الله عليه وسلم : { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35)}(الأنعام).
فلو بدل الله آية كونية يرونها كما طلبوا بآية قرآنية مقروءة قالوا انك مفتر لهذا القرآن.
الآية 108 من سورة البقرة التي تلي الآية 106 محل التدبر التي يقول فيها الله عز وجل : { أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108)}(البقرة) تؤكد معنى الآية 108 من سورة النحل لأن بنى إسرائيل سألوا موسى عليه السلام { وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55)}(البقرة).
وكذلك جاء في الدر المنثور في التفسير بالمأثور. الإصدار 1,34 للإمام جلال الدين السيوطي في المجلد الأول.
قوله تعالى: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ َلاَ نَصِيرٍ (107)}(البقرة) .
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم في الكنى وابن عدي وابن عساكر عن ابن عباس قال " كان مما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بالليل وينساه بالنهار، فأنزل الله { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.
ونرد على ذلك بالآتي:
هذا تشكيك واضح في رسالة الرسول؟ إنهم شككوا في قدرة الرسول على أن يتذكر ما يوحى إليه ليلا, ولماذا ليلا فقط ؟ وما الذي يمنع أي شخص أن يشك في رسول الله أنه كانينسى ما يوحى إليه نهارا ؟ خاصة وأنه ليس هناك ضمان يضمن أن من ينسى ليلا لا ينسى نهارا ويكون دخلنا الشك في ما يقوله الرسول الكريم أقال هذا ليلا أم نهارا سواء كان وحيا من الله أو غيره.
في حين أن أي من الصحابة لم يرد عنه انه كان يتوه وينسى من القول الذي يسمعه ليلا أو نهارا هل الله عصم أصحاب الرسول من النسيان وترك رسوله ينسى ما يوحى إليه ليجعل رسالته محل شك وطعن من أعداء الإسلام !!!!!؟, ومن المؤكد أن حادثة الإسراء والمعراج كانت ليلا واخبر بها الرسول صباحا وذكر ما رأى من آيات ربه وفرض الله الصلاة على المؤمنين في هذه الليلة ولم ينسى الرسول أو يتوه عنها.
ومن الغريب أن اليهود الذين كانوا يعيشون في المدينة والذين كانوا يتحرون كل شئ عن الرسول وكانوا يبحثون عن أي سقطه للرسول وان مثل هذا الأمر لن يخفى عليهم ولا عن أي من الموجودين في زمن الرسول للتشكيك فيه وفى رسالته وكان يكفيهم هذا ليشككوا في قدرة الرسول العقلية ولكنه لم يحدث هذا بل إنهم دافعوا واستنكروا القول بنسخ أي من شرائع الله ردا على القول بنسخ الآيات أو الأحكام .
من المعلوم أن الوحي الذي يأتي الرسول لم يراه أي من الصحابة وكان الرسول يخبر به أصحابه فكيف علموا أن الرسول كان يأتيه الوحي ليلا ويوحي له بقرآن ثم ينساه رغم انه لم يرد عن الرسول انه اخبر أي من الصحابة أو حديث روى عنه وأخبرنا فيه بذلك,فكيف علموا بهذه القصة.
أما ما أخرجه ابن جرير عن الحسن في قوله { أو ننسها } قال: إن نبيكم صلى الله عليه وسلم أقرئ قرآنا ثم أنسيه، فلم يكن شيئا , ومن القرآن ما قد نسخ وأنتم تقرءونه,
انه تشكيك واضح في الكتاب الذي بين أيدينا فمعنى أن الرسول يقول (للصحابة انه أقرئ) ثم انسيه وبعض ما نسخ من القرآن يقرؤه الصحابة والرسول يعلم ذلك ويخبرهم فقط ولا يحاول تصحيح ما يقرؤونه حفاظا على كتاب الله , وكيف للرسول أن يعرف ما نسخ من القرآن ويقرؤه الصحابة وهو الذي قال على نفسه انه انسيه ولا يذكر منه شيئا رغم أن من الثابت أن جبريل عليه السلام كان يراجع الرسول القرآن مرة كل عام وفى العام الأخير من حياة الرسول راجعه معه مرتين ورغم ذلك لم يحاول مراجعة القرآن مع الصحابة ليطمئن إلى كتاب الله كما أراده الله وتصحيحه مع الصحابة !!!!!!!؟.
هذا القول افتراء على رسول الله للتشكيك في كتاب الله رغم ما قاله الله عز وجل في القرآن { لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)}(فصلت) وفى الآية : { تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}(السجدة) والآيات : { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)}(القيامة).
نجد أن الله يطمأن الناس أجمعين بأن القرآن لا شك فيه وان القرآن الذي بين أيدينا هو ما أنزل على الرسول الكريم وسيظل إلى يوم القيامة إن شاء الله دون أن تنسخ منه آية واحدة لا حكما ولا نصا.
وهل الرسول يعلم ذلك ؟ بل هو الذي يخبرهم ولا يتأثر ولا يحاول التصحيح ويتركهم وهو يعلم أنهم يقرؤون ما تم نسخه والذي أنسى له!!!!!!!!.
وقد أخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عمر قال: لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله، ما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل: قد أخذت ما ظهر منه.واننى أرى هذا تشكيك آخر في كتاب الله .لأن في حديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وابن الأنباري والبيهقي في الدلائل عن عبيدة السلماني قال: القراءة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه هذه القراءة التي يقرؤها الناس، التي جمع عثمان الناس عليها , وأخرج ابن الأنبا ري وابن اشته في المصاحف عن ابن سيرين قال: كان جبريل يعارض النبي صلى الله عليه وسلم كل سنة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه مرتين، فيرون أن تكون قراءتنا هذه على العارضة الأخيرة.
.وهذا هو القول الأكيد الصحيح في القرآن الذي بين أيدينا والغريب أيضا أننا لم نسمع أو نقرأ أن الذين جمعوا القرآن في عهد أبى بكر وعثمان اختلف أي منهم على آية واحدة أن كانت منسوخة أو غير منسوخة أو من الذي انزل ثم حذف بالنسخ .
وأخرج ابن عبد البر في التمهيد من طريق عدي بن عدي بن عمير بن قزوة عن أبيه عن جده عمير بن قزوة. أن عمر بن الخطاب قال لأبي: أو ليس كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: إن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟ فقال: بلى. ثم قال: أوليس كنا نقرأ: الولد للفراش وللعاهر الحجر. فيما فقدنا من كتاب الله؟ فقال أبي: بلى.
هل هذا أسلوب القرآن؟ ولن أرد على ذلك لأن كل ذي عقل يستطيع أن يفرق بين هذا الأسلوب وأسلوب القرآن.
وأخرج مسلم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن أبي موسى الأشعري قال: كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها، غير أني حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لأبتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوفه إلا التراب وقد شكك فيه بن عباس رضي الله عنهماوأخرج أبو عبيد والبخاري ومسلم عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لو أن لابن آدم ملء واد مالا لأحب أن له إليه مثله، ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب ) . قال ابن عباس: فلا أدري أمن القرآن هو أم لا". . وهذا القول علمناه حديث للرسول الكريم كما جاء في تحفة الأحوذي، الإصدار 1.03للمباركفوري وجدت في: كتاب الزهد عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ـ باب مَا جَاءَ ( لَوْ كَانَ لابنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغى ثَالِثا ) .
ـ حَدّثنا عَبْدُ الله بنِ أبي زِيَادٍ، حدثنا يَعْقُوبُ بنُ إِبْرَاهِيمَ بنِ سَعْدٍ، حدثنا أَبي عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: "قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ( لَوْ كَانَ لابنِ آدَمَ وَادِياً مِنْ ذَهَبٍ لأَحَبّ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَانِياً وَلاَ يَمْلأُ فَاهُ إِلاّ التّرَابُ وَيَتُوبُ الله عَلَى مَنْ تَاب ) . ويكون هذا القول حديث عن رسول الله وليست آية نسخت ..
. أما حديث أبي بن كعب فأخرجه الترمذي في فصله من أبواب المناقب. وأما حديث أبي سعيد وحديث عائشة فلينظر من أخرجهما. وأما حديث ابن الزبير فأخرجه البخاري. وأما حديث أبي واقد فأخرجه أحمد وأبو عبيد في فضائل القرآن ذكره الحافظ في الفتح. وأما حديث جابر فأخرجه أبو عبيد قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والشيخان في فضائل القرآن كما في الفتح. وأما حديث ابن عباس فأخرجه البخاري ومسلم. وأما حديث أبي هريرة فأخرجه ابن ماجة قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والشيخان
روايتان عن هذا القول أهو كان قرآنا فنسخ أم هو حديث عن الرسول الكريم؟ وأنى أظن والله اعلم أن هناك دسيسة في هذا الموضوع على القرآن ونحن نتمسك بها دون وعى ولم نعد نفرق بين الأحاديث من غيرها رغم أن الرسول الكريم حرصا منه على نقاء القرآن منع الصحابة من كتابة ما يروى عنه غير القرآن الذي يوحى به الله حتى لا يختلط على الصحابة بين الأحاديث وآيات القرآن.
في مقالة للشيخ فوزي سعيد على أحد المواقع على الانترنت (موقع أبو فراس) بعنوان "شبهات حول قضية النسخ" مدافعا عن هذه القضية ويؤكدها (جاء فيها أن اليهود لا يقرون النسخ في شرائع الله زاعمين أن النسخ يستلزم البداء والعلم بعد الخفاء وذلك لا يجوز على الله) وهذا قول حق كنا نحن أولى به أن نقوله . وقال أن الإسلام جب ما قبله من الأديان السماوية لقول الله في كتابه الكريم : { إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام ...(19)}(آل عمران).
قد تكون هذه الآية تم نسخها كذلك ضمن ما نسخ في القرآن تأكيدا منهم لتفسير الآية 106 من سورة البقرة.
ونسخوا ضمن ما نسخوا كل الشرائع السابقة بحجة أن الإسلام يجب ما قبله من الشرائع السماوية التي أوحى بها الله إلى رسله السابقين لرسالة سيدنا محمد
هذا القول مردود عليه أيضا فجميع الرسل والأنبياء أتوا بدين الإسلام وكانوا مسلمين ولم يكونوا غير ذلك أما اليهود والنصارى هم سموا أنفسهم بتلك الأسماء ولم يكن موسى يهوديا ولم يكن عيسى نصرانيا بل كانا مسلمين كما اخبرنا القرآن .
{ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84)}(يونس).
{ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)}(النمل).
{ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42)}(النمل).
{ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بنيه وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132)}(البقرة).
{ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)}(البقرة).
{ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)}(آل عمران).
{ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111)}(المائدة).
مما سبق نتأكد أن الرسالات السابقة كلها كانت تدعوا إلى الإسلام ويتأكد بذلك قول الله { إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام...(19))}(آل عمران).
إذن الإسلام لم ينسخ الديانات الأخرى التي أتى بها الرسل السابقين لأنهم أتوا بدين الإسلام وجعل لكل منهم شريعتهم ومنهجهم :
{ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)}(المائدة). أما أهل الكتاب فقد حرفوا كتبهم بل باعتراف علمائهم ان أصل الكتاب المقدس مفقود والقرآن يرد عليهم ويصحح لهم عقيدتهم فان آمنوا بما جاء به القرآن وما صححه لهم فهم مسلمين حسب ديانات رسلهم وما أتى به محمد صلى الله عليه وسلم
. فقول الله: { إن الدين عند الله الإسلام } قول حق فجميع رسل الله بعثوا بالإسلام وليس سواه والقرآن يؤكد ذلك ولا ينفيه .
كذلك فان جميع التفاسير أكدت على تفسير ما جاء في القرآن { ومصدقا لما بين يديه من الكتاب } - وان كان لي عليه تحفظ سأفرد له موضوع آخر- أي أن القرآن يصدق على الكتب السماوية الأخرى حسب ما جاء في كتب التفسير وهى التوراة والإنجيل فكيف يكون تم نسخها وانتم تؤكدون ذلك وإلا تكون كل الآيات التي بها كلمة { مصدقا لما بين يديه } نسخت هي أيضا!!!!.
إن من ضمن شروط الإيمان أن يؤمن المسلم برسله وكتبه أي يؤمن بجميع الرسل والكتب التي انزلها الله عليهم:
{ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)}(البقرة) ,
{ لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (162)}(النساء).
ولو أن القرآن نسخ هذه الكتب وهذه الشرائع ما كان جعله شرط من شروط الإيمان بالله ورسوله وما كان صحح لهم بعض ما أخفوه من كتبهم.
{ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)(المائدة).
{ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46)}(المائدة).
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66){ (المائدة).
{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)}(التوبة).
{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29)}(الفتح) .
في الآية 29 من سورة الفتح أعطى الله للمؤمنين مثلا لرسول الله والمؤمنين من الذين اتبعوه من التوراة والإنجيل كزرع اخرج شطأه إلى آخر الآية.
هل تم نسخ كل الآيات التي يذكر فيها التوراة والإنجيل ّ؟ ولماذا ؟.
يقول الشيخ الشعراوى رحمه الله تأكيدا لقضية النسخ في القرآن أن الله جل شأنه كان ينزل حكما لظرف معين أو لقضية معينة ثم تتغير الظروف فينسخ الحكم بحكم آخر ويستشهد بما كان في الديانات السماوية السابقة للقرآن.
والرد على ذلك بأنه كان هذا للشرائع السابقة لأنها أنزلت لوقتها ومكانها وليست للناس كافة فالإسلام دين للناس كافة ومادام هو كذلك فان الدعوة للإسلام في بلاد الشرك والكفر يجب أن تبدأ حيث بدأ الرسول الكريم في الدعوة للإسلام بمعنى نأخذ الناس بالتدرج الذي جاء به الرسول في الدعوة ولا نأخذ الناس بما انتهى إليه آخر الإحكام وإلا يكون من الصعب الدعوة لدين الله وتكون المعارضة للدعوة كبيرة وقوية ولكن نأخذ الناس بما بدأ به الرسول .
استعرضت فيما سبق بعض ما جاء من الأسانيد التي عليها بنى فقهائنا الإجلاء فكرة النسخ في القرآن وأنني سوف استعرض بعض اشهر الآيات إلى قالوا بنسخها وهى آيات الخمر وآية حد الزنى لغير المحصنين
أولا/:آيات الخمر.
يقول الله عز وجل في محكم آياته
1:/ { يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ(219) }(البقرة).
2:/ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)}(المائدة).
3:/ { إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} (المائدة).
4:/ { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً (43)} (النساء).
يقول الله عز وجل في محكم آياته :
{ يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)}(البقرة).
في هذه الآية الفقهاء نسخوها بل هي المثل الشائع والأيسر في إثبات النسخ في القرآن ,هذه الآية تتكلم عن تجار الخمر والمسكرات وأصحاب بيوت القمار والميسر بصفة عامة ليعلمهم أن الخمر والميسر رغم أن فيها منافع بالنسبة للذين يتاجرون فيها أو في مواد صناعتها إلا انه فيها إثم وان إثمهما اكبر من نفعهما إذن يكون توعية للتجار قد تأتى بنتيجة مع أي منهم, وتستمر حملة التوعية حتى يومنا هذا ويكون مقتضى الآية الكريمة ما زال يعمل به في جميع وسائل الإعلام لتوضح للناس مقدار الضرر الذي تسببه المسكرات وكذلك الميسر ويكون العقاب مع التوعية لأن من يقلع عن تجارة المخدرات بالإقناع لن يعود له و لن يجدي مع أمثال هؤلاء الناس العقاب وحده ونجد أن تجار تلك السموم ما زالوا وفى تزايد مستمر رغم تشديد العقوبة لهم لدرجة الإعدام في بعض البلاد وأنا لا اقلل من أهمية المكافحة وتوقيع الجزاء على من يثبت عليه واقعة الاتجار ولكن لابد أن يكون هذا مع التوعية المستمرة ويكون مطلوب الآية ضروري في هذه الحالة ومع استمرار حملة التوعية والمكافحة المستمرة ولن يخلوا زمن ولا بلد من وجود تجار للمسكرات ومروجين للميسر لأنهم يكسبون من وراء ذلك ولو أن هذه الآية نسخت فيبطل العمل بها ولا داعي لحملات التوعية التي هي في جميع وسائل الأعلام للمسلمين وفي جميع بلاد العالم.
وكما ذكرت فالإسلام دين لكل الناس كما ذكر ربنا تبارك وتعالى وعلينا نشره والدعوة له ونكون جميعا رسل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ولو فرضنا إننادخلنا قرية أو مدينة أهلها من غير المسلمين أو أي بلد ندعوا فيها للإسلام ورفعنا من أول الدعوة مدلول الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)}(المائدة) التي قالوا إنها نسخت كل الآيات التي نزلت في الخمر والميسر لتشكل من البداية جبهة معارضة قوية لا يستهان بها ضد الدعوة من المستفيدين من العمل في تجارة هذه السموم والمسكرات والذين يتعاطوها والذين يديرون بيوتا للميسر والمدمنين لهم ولكن من الحكمة أن نبدأ كما بدأ الله في القرآن مع المسلمين الأوائل في عهد الرسول الكريم وأن نعلن أن الخمر والميسر وان كان فيهما نفع لبعض الناس إلا أن فيها إثم وضرر على المجتمع وعلى من يتاجروا فيه وتستمر التوعية بما جاء في الآية الكريمة 90 من سورة المائدة .
أما الآية : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً (43)}(النساء)
مادام هناك تجار ومروجين للخمر والميسر فلا بد أن يكون هناك من يتعاطى هذه السموم وهؤلاء قد أدمنوا ولو أخذناهم بآية التحريم المطلق من البداية لنفروا من الدعوة وليس هذا فقط ولكنهم يتعاونوا مع التجار والمروجين ضد الدعوة ولن يستجيب لنا أحد.
إن تلك الفئة تعامل كمرضى وهم فعلا مرضى لأن المدمن أصبح جسمه ووظائفه الحيوية ارتبطت بهذه السموم وليس من السهل عليهم الإقلاع مرة واحدة عن المسكر أيا كان نوعه ولكن الطريقة الصحيحة لعلاج هؤلاء هي التدرج معهم في الإقلال من جرعات المسكر وان نباعد بين فترات التعاطي ولا نطلب من المدمن ترك ما أدمن عليه مرة واحدة لأنه لا يستطيع حتى لوأقمنا عليه كل ساعة الحد الشرعي إذن نبدأ معهم حيث بدأ الله في بداية الدعوة ونيسر عليهم الإقلاع بأن نطلب من المدمن إلا يترك ما أدمن عليه ولكن فقط ألا يدخل الصلاة وهو سكران أو غائب عن الوعي ونحثه على ذلك ونصبر عليه وبعد أن نطمأن انه التزم معنا بعدم الدخول إلى الصلاة وهو غائب عن الوعي أصبح من السهولة بمكان أن نطلب منه الإقلاع تماما عن تعاطى هذه السموم لأن الله حرمها على المسلمين وهذه الطريقة التي يعالج بها المدمن في المصحات ويكون مطلوب هذه الآية ومكانها يصلح فى المصحات التي تعالج الإدمان لأن منع المدمن عن ما أدمن عليه مرة واحدة قد يعرض حياته للخطر حتى أن باقي الآية بها من التخفيف في طريقة العبادة لييسر الله على المؤمنين طريقة العبادة حتى لا يكونوا لهم بعد ذلك على الله حجة ।حتى أن الله جل شأنه لم يجعل لشارب الخمر حد في القرآن ولم يفعله الرسول الكريم وان كان فعلها سيدنا عمر ولكن الأصل هو الكتاب والسنة لأن الله يعلم أن هؤلاء الناس مرضى يحتاجون للعلاج وليس للتعزير وإقامة الحد عليهم لن يجدي معهم حتى ولو هدده بالقتل , وصدق الله العظيم في قوله : { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) }(الملك).
إذن الآيات التي وردت في الخمر والميسر كل آية منها لها وقتها والظرف الذي تناسبه ولم ينسخ بعضها بعضا ويكون الدين صالح لكل زمان و مكان وهذا ما يميز الإسلام عن غيره أن جعل لكل حدث حديث ولكل موقف ما يناسبه من الشرع ولم يكن أبدا جامدا أو قميصا من حديد ليكون غير صالح إلا لمكانه وزمانه مثل باقي الأديان الأخرى.
ثانيا:/
أما عن الآية التي يقول فيها ربنا تبارك وتعالى { وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15)}(النساء).
يقول المفسرين إن هذه الآية نسخت بالآية الكريمة { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ يهما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} (النور).
نأتي أولا على معنى الفاحشة جاء في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي الجزء الخامس والفاحشة الفعلة القبيحة وجاء أيضا في تفسير القرطبي الجزء17 وأن يسرق أو يشرب الخمر ثم يتوب فلا يعود. ودليل هذا التأويل قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم...(135)}(آل عمران) الآية. ثم قال: { أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم ...(136)}(آل عمران) .
وجاء في الجامع الصغير. الإصدار3,21 لجلال الدين السيوطي في: المجلد الثالث ، فصل: في المحلى بأل من حرف الخاء.
وجدت الكلمات في الحديث رقم: 4141 - الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر
وجاء في فيض القدير، شرح الجامع الصغير، الإصدار2.09 للإمامِ المناوي
وجدت في: الجزء الثالث. وجدت الكلمات في الحديث رقم: 4141 - (الخمر أمّ الفواحش) أي التي تجمع كل خبيث
وجاء في الآية الكريمة: { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33)}(لأعراف).
وجاء في تفسير الطبري *** وجدت في: الجزء 2في تفسير سورة البقرة. الآية: 83
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة: ( لا تكوني فحاشه فإن الفحش لو كان رجلا لكان رجل سوء ). وليس من المعقول أن الرسول في هذا الحديث يقصد الزنا وهو بخاطب السيدة عائشة رضي الله عنها وجميع أمهات المؤمنين.
والأمثلة كثيرة تؤكد أن الفاحشة والفواحش لا تعنى بالضرورة الزنا ولكن أي فعل فاحش يغضب الله عز وجل.
نعود إلى هذه الآية:
{ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15)}(النساء).
تكون الفاحشة هنا ليست الزنى وذلك لأن العقاب لم يشمل الرجل ولا يكون زنى إلا برجل وامرأة وليس من المعقول أن يكون الله وقع على المرأة العقاب دون الرجل ويكون ما يدعيه أعداء الإسلام في أن الإسلام متعصب ضد المرأة يكون قول صحيح!!!! ,ولكن الفاحشة هنا لم تصل إلى حد الزنى لأن الله جعل له وحده العقاب المناسب وهو الجلد لكل من الرجل والمرأة وتكون الفاحشة في الآية محل التدبر( رقم 15 من سورة النساء) قد يكون السحاق بين امرأتين أو فعل إن أتت به المرأة يكون فاحشة وان أتاه الرجل لا يكون فاحشة مثال ذلك إن الرجل يمكن له إن يسير وصدره عاري أو أسفل ركبته لكن المرأة إن فعلت فتكن أتت بفاحشة ويطبق عليها العقاب الذي جاء بالآية السابقة لأنها أظهرت عورة منها فان منعت من الظهور نسى الناس ماكان من مفاتنها ومثال آخر الرجل يستطيع أن يرقص ويغنى ولا شئ عليه ولكن المرأة لو فعلت ذلك تكون أتت بفاحشة أيضا ويطبق عليها كذلك ما جاء في الآية الكريمة بعد شهادة الأربعة شهود عليها وهنا تكون الفاحشة لم تصل بعد إلى حد فاحشة الزنى كما ذكرت لان الله جعل للزنى عقاب يتساوى فيه الرجل والمرآة وهذا عدل الله والذي لم يفرق فيها بين الرجل والمرأة في الفعل الواحد ولو أن هذه الآية نسخت فيكون للتي تأتى السحاق مع امرأة أخرى أو تسير عريانة أو الراقصة المبتذلة او السفور فى التبرج والتزين فى الشارع ليس لهن حكم من الشريعة ليردعهن .
مما سبق نجد أن الآية التي يقول الله فيها:- { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)}(النور) لم تنسخ الآية { وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15)}(النساء) والله أعلم
الرسول لا يخالف أبدا تعاليم القرآن والتي قالت السيدة عائشة رضي الله عنها وعن أمهات المؤمنين جميعا بأن الرسول كان قرآن يسير على الأرض وكان خلقه القرآن وكان يفسر بعض منه ولكن لم يعدل فيه ولا يعطل أمرا او حكما جاء به الله عز وجل في كتابه العزيز . ولماذا لا نبحث عن تفسير آخر غير القول بالنسخ, وانا لا أظن والله اعلم أن السنة تلغى فرضا جاءت به آية في كتاب الله
أما الآية 65 والتى نسختها ألاية 66 من سورة الأنفال كما ذكر المفسرين.
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ (65) ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ (66)}(الأنفال).
في الآية 65 بقول الله للمجاهدين ان الفرد من المجاهدين يغلب عشرة من الكفار بإذن الله وهذا هو الحد الأقصى الذي يجب الثبات فيه أمام الكفار, فلو كانت النسبة بين المجاهدين والكفار في حدود هذا العدد 10:1 أو اقل فلا يهرب المجاهد وإلا سيغضب الله عليه ويعذبه كما جاء في هذه الآية من سورة الأنفال:
{ يَآأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ (15) وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِير (16)}(الأنفال).
ثم خفف الله عن المجاهدين فجعل النسبة بين المجاهدين والكفار 2:1 ولو زاد عن ذلك فلا حرج عليه لو انسحب من ساحة المعركةُ.
ولكن السؤال هنا لو ان المجاهدين ثبتوا امام الكفار فى حالة زيادة النسبة عن التي سمح للمجاهدين بالانسحاب أمام الكفار فهل عليهم وزر لأنهم خالفوا كلام الله لأنهم اتبعوا آية منسوخة ؟.
الجواب طبعا لا وزر عليهم بل يحبهم الله وهذا مثل ما جاء فى القرآن عن فريضة صيام رمضان والتي أباح الله للمريض والمسافر بالفطر فان صام احدهم أثابه الله وان أفطر آخر فله أجره كذلك كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ان الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه ).
فلم ينسخ حكم الإفطار للمسافر أو المريض فريضة الصوم عنهم أو العكس ومن افطر منهم يصوم الأيام التي افطرها فى أى وقت من السنة.
الإسلام دين قيم وقيما ودين رحمة وان القول بالنسخ في القرآن اخرج الدين من القيم الجميلة التى يتحلى بها ويميزه عن غيره في القيم التي يرسيها لعباده لأنه دين قيم ، قال تعالى : { مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40)}(يوسف).
{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30)}(الروم).
{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)}(الأنعام).
{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43)}(الروم).
إن الإسلام ذلك الدين القيم ودين القيم لم يكن لأتباعه فقط ولكنه للناس كافة وينظم العلاقة والمعاملة بين المسلمين وغيرهم من الملل الأخرى ولا يمكن لأتباعه أن يتخلوا عن حسن المعاملة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة لغير المسلمين ليجذبوا الناس للإسلام والا فر الناس من الاسلام ونحن نعلم أن لدول مثل اندونسيا وماليزيا وغيرها من هذه الدول التى دخلها الاسلام عن طريق التجار المسلمين وذلك كان لحسن المعاملة وتطبيق ما جاء به ذلك الدين من التعاليم العظيمة .
ثانيا:/ أن الرسول لم يدع القبائل العربية للاسلام تحت تهديد السيف ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة وكان الرسول اكثر الناس حلما وحكمة مع الناس جميعا ولم يكن فظا غليظ القلب حتى مع غير المسلمين ودخلت قبائل العرب الى الاسلام طائعة وقد ارسل الرسول الكريم رسله الى ملوك الفرس والروم وكذلك المقوقس حاكم مصر وكانت الرسائل لا تحمل تهديدا من الرسول لأي منهم ا حتى أن الرسول الكريم عندما جهز الجيش لقتال الروم بعد ان شنوا غارات على القبائل المسلمة أمر قائده الا يقتل اعزل ولا شيخ ولا طفل ولا امرأة ولا يقطع شجرةوكان هذا آخر ايامه حتى ان الجيش خرج بعد موته صلى الله عليه وسلم , هل الرسول لم يكن يعلم بالآيات الناسخة التى تنسخ كل القيم الجميله للاسلام فى الحرب والتى تمنع المسلمين من قتل الا من يحمل السلاح فى وقت الحرب وهذا أكثر مما جاءت به اتفاقية جنيف
ثالثا ؛/ أن من القيم الجميلة للاسلام أن يأمرأتباعه المسلمين الا يعتدوا
{ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)}(البقرة).
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)}(المائدة).
حتى ان الاسلام أمر بأن يجير المسلم المشرك اذا استجاره:
{ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6)}(التوبة).
{ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)} (لأنفال).
اليس هذا من عناصر القيم القيمة التى يدعوا لها الإسلام وترغب فيه.
رابعا :/أن الغزوات التى كانت فى عهد الصحابة كانت تأمين لإرض الإسلام أو كما يسمى الآن بالأمن القومى لأراضى المسلمين خاصة وأن دول الجوار ناصبت المسلمين العداوة فالروم كما ذكرت كانوا يعتدوا على المسلمين على الحدود والفرس كانوا يتربصوا بالمسلمين .
خامسا:/ اما عن أهل الكتاب فالمقصود هم اليهود الذين كانوا بالمدينة والذين خانوا العهد مع الرسول لصالح كفار مكة فى الحرب هم ومن على شاكلتهم الذين يخونون العهد ولا يلتزموا به فى اى زمان ومكان وهو ما تخأذ به الدول الآن فى عدم احترام المواثيق والعهود بينهم .
الرسول وهو أعلم خلق الله جميعا بالقرآن وتفسيره, لما ذهب إلى مكة معتمرا لم يشهر سيفا في وجه كفار مكة وعسكر خارج مكة وأرسل لهم عثمان بن عفان ليستأذنهم وليسمحوا له بالدخول ليطوف بالبيت ولكنهم رفضوا ولم يدخلها ولما رفضوا دخوله مكة عاهدوه على أن يأتي العام القادم لدخوله مكة مع المسلمين وأن من الصحابة قد احتج على المعاهدة التي ابرمها الرسول الكريم مع كفار مكة ولما كان العام التالي دخل مكة أمر الصحابة إلا يشهروا سيوفهم فى وجه أهل مكة رغم ما كان منهم مع الرسول فى أول الدعوة إلى الإسلام .
هل الصلح الذي تم بين الرسول الكريم وبين كفار مكة او العفو عنهم لما دخل مكة بفضل الله تعالي كان قبل نزول آية السيف التي نسخوا بها كثير من الأحكام او بعدها وهل الرسول الكريم لم يكن يعلم الآيات والأحكام المنسوخة التي اكتشفوها علمائنا الأجلاء!!!!! ؟
المسلمين يدعون الى الاسلام بالحكمة والموعظة الحسنة فى البلاد التى دخلوها اسوة برسول الله فى الدعوة للاسلام.
ولكن كانوا لايسمحوا بعبادة الاوثان او النار ولكن تركوا أهل الكتاب على دينهم بل أمنوا لهم كنائسهم وأمنوا لهم القيام بطقوس عبادتهم وأمنوا أموالهم وممتلكاتهم ولم يستعبدوهم ولم يرهقوهم فى عمل يخص المسلمين بل تركوهم على ما هم عليه دون أى ضغط ولم يستخدموهم قى غزواتهم وكان هذا نظير ما يعرف بالجزية – وهو معروف عند اهل الكتاب كما جاء فى العهد القديم فى الكتاب الذى يقدسه النصارى يشوع 16: 10((10فَلَمْ يَطْرُدُوا الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي جَازَرَ. فَسَكَنَ الْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِ أَفْرَايِمَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ, وَكَانُوا عَبِيداً تَحْتَ الْجِزْيَةِ.)--وقد اعفى منها الطفل والشيخ وغير القادر على الكسب حتى روى عن عمر بن الخطاب انه اعطى اليهودى الذى كان غير قادر على الكسب ويتسول عيشه من بيت مال المسلمين فأى نسخ فى هذه الآيات التى تحث على الرحمة وليس القتل لمجرد انه غير مسلم قبل أن ندعوه حتى الى الاسلام ؟ وفى الزمن الحاضر الم تأخذ الدول بمبدا جمع الضرائب من الناس او الجزية ان شأت ان تسميها بذلك.
أن الشباب الذين أباحوا لأنفسهم قتل من يظنون أنه غير مسلم هم ضحية فكرة النسخ هذه في القرآن وجعلوا أعداء الدين يقولوا إن الإسلام دين إرهاب وليس دين يصلح للتعامل مع غيره .
الغريب في الأمر أن مشايخنا الأجلاء الذين يدافعوا عن قضية النسخ في القرآن ويؤمنوا بها هم ألآن يتبرؤوا من هؤلاء الشباب الذين سموهم إرهابيين لأنهم آمنوا بقضية النسخ في القرآن وطبقوا بطريقة عملية ما جاء به الفقهاء من أن آية السيف نسخت كل أية فيها حسن معاملة الغير دفاعا عن الإسلام ويقولوا في كل المحافل ووسائل الأعلام أن الإسلام دين محبة وسلام ويستشهدوا بكل الآيات التي قالوا بنسخها بآية السيف والسؤال لمشايخنا هل هم فعلا تخلوا عن قضية النسخ في القرآن رغم ما قال بعضهم بأنها من المعلوم من الدين بالضرورة أم أنهم لا يستطيعوا الجهر بما آمنوا به من قضية النسخ ويقولوا بغير ما يعتقدوا دفاعا عن الإسلام وتحرجوا من الجهر به رغم أن الإسلام ليس فيه ما يحرج ، قال تعالى :
{ كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)} (الأعراف)
{ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)}(الحج).
إن الإسلام هو الدين الخاتم وجعله الله جل شانه لكل الناس في كل مكان وزمان فلا بد إن يكون فيه لكل حدث حديث فيه ولم يكن أبدا جامدا مثل باقي العقائد ,ففي الحرب مثلا مادام العدو يتربص بنا فلابد أن نتربص به ونقتله حيث وجدناه لأنه هو حريص كذلك على قتالنا أما لو أن احد من المشركين في حالة الحرب استجار بالمسلمين وجب عليهم أن يجيروه ويسمعوه كلام الله ويعرض عليه الإسلام وان ظل على عناده وكفره فيبلغوه لأقرب مكان يكون فيه آمنا على حياته ، قال سبحانه :
{ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6)}(التوبة) .
أليس هذا أفضل ويكون هذا المشرك خير من يشيد بأخلاق المسلمين ويعطى انطباعا حسنا عن هذا الدين مما يثير فضول غيره من المشركين ليعرفوا المزيد عن هذا الدين وقد يسلموا أو على الأقل يسلم نفر منهم ولو قليل.
هذا هو الإسلام وعظمته لأنه دين رحمة على أتباعه وغيرهم ماداموا لم يقاتلوا المسلمين او يخرجوهم من ديارهم كما جاء فى قوله تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم.. (8)}(الممتحنة). ولم يجعل أتباعه وحوشا ضارية كل همها افتراس كل من لا يتبعه ويكون هو الإرهاب بعينه!! قال تعالى : { أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }
لاحظ أن الله يؤكد أن أهل الكتاب يعلمون أنه منزل مفصلا بالحق ونحن نصر على نشككهم فيه ونكون من الممترين!!!!!
وهذا قليل من كثير ولا استطيع حصر ما نسخوه مشايخنا الأجلاء من الآيات" رحمنا الله وإياهم"
الإعجاز العلمي فى هذه الآية الكريمة:
أولا :/
{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } نلاحظ أن زمن هذه الآية في الفعل ( المضارع ).
أن الله لم يقل في الآية 106من سورة البقرة "ما نسخنا من آية" ويكون الفعل في الزمن الماضي لنعرف نحن في زمننا أن النسخ قد يكون وقع في القرآن ولكن الله يقول ما ننسخ وهو فعل مضارع وكل سياق الآية في الفعل المضارع وليس الماضي
ثانيا:/أن الآية الكريمة تنتهي بقول الله جل شأنه إن الله على كل شئ قدير وصفة القدرة تكون لآيات كونية عظيمة لا يقدر عليها أي مخلوق وأن كلمة"قدير" وردت في القرآن فى 37 موضع في القرآن وقد يلاحظ أن هذه الكلمة تأتى في أعقاب آيات كونية
مثل:/
{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)}(آل عمران).
{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير (6)ٌ}(الحج).
ويكون تدبر هذه الآية لإظهار الإعجاز كما أري والله اعلى وأعلم:-
اولا:/
إن كان المقصود بكلمة (آية)—فى هذه الآية 106من سورة البقرة –آية قرآنية (مقروءة) هي التي نسخت فلا حاجة إلى أن تنتهي الآية بصفة (القدير) فان نسخ آية او نسح حكم بآخر لا تحتاج الى قدرة الله العظيمة الغير محدودة بل تكون صفة (الحكيم, أو العليم, أو الخبير) هي الأولى بذلك كما جاء فى قوله تعالى :
{ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)}(هود). واكرر تفصيل الآيات (المقروءة) سواء بالتغير أو التبديل أو النسخ تحتاج إلى صفة الحكيم أو الخبير وليست صفة القدير .
ثانيا:/ يقول الله جل شأنه { وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)}(الإسراء).
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ...(185)}(البقرة).
{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1}(القدر).
نلاحظ أيضا أن الله يؤكد على نزول القرآن كله في ليلة مباركة وهى ليلة القدر والسؤال هو هل القرآن نزل كما هو معلوم لدينا الآن أم نزل منه آيات ثم نسخت لتبدل بأخرى؟
وهكذا على طول زمن الدعوة ثم استقر الله على ماهو عليه "استغفر الله " بعد أن نسخ هذه بتلك وحذف بعض من الآيات كما قيل في أن سورة الأحزاب كانت أطول من سورة البقرة ثم حذفت منها بعض الآيات أو كما أخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنبا ري في المصاحف عن ابن عمر قال: لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله، ما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل: قد أخذت ما ظهر منه.واننى أرى هذا تشكيك آكبير في كتاب الله رغم ما جاء في سورة القيامة:
{ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (21)}(القيامة).
رابعا :/أن كلمة آية لا تعنى بالضرورة أية قرآنية لأن الله خلق الخلق وكله آيات عظيمة وكل آية تتكون من آيات فالبصر آية ولكنه يتكون من مجموعة آيات فتركيب العين كلها آيات عظيمة وكذلك ميكانيكية (عملية) الرؤية مجموعة من الآيات العظيمة فى هذه الآيات يطلب الكفار من الرسول ان ينزل عليهم آية وبالتأكيد ليست آية قرآنية لأنهم قالوا أنت مفتر هذا القرآن فهم يريدوا ان يروا آية كونية ويرد عليهم القرآن بأية 106 من سورة البقرة والتي محل التدبر وكذلك يرد عليهم الله { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (101)}(النحل) (والتي استدل بها من قال بالنسخ فى كتاب الله ) !!!!
خامسا :/ كذلك الآيتان اللتان تأتيان في أعقاب هذه الآية(108,107)وهما :
{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107)} ، في هذه الآية يحدد الله المسرح الذي ينسخ فيها الآيات أو ينسها للناس ويبدلها كما يشاء وهو ملك السماوات والأرض وليس كالقرآن كما زعموا ويزعمون.
{ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108)}
سادسا:/ تؤكد الآية 107 أن الله عز وجل يشير في الآية 106 (والله أعلم) أن المقصود بالآية هي أية كونية ترى بالعين وليست آية قرآنية تقرأ لأنه يؤكد أنه على كل شئ قدير .
فى الأية 107 يؤكد أن له ملك السماوات والأرض وهى مسرح ما جاء فى ألآية 106 من سورة البقرة وهى كلها آيات كونية عظيمة ويبدل الله فيها ما يشاء وينسينا منها أو يخفيها عنا كيف ما يشاء.
إذا كان معنى النسخ هو طبع صورة طبق الأصل:
فهذا النسخ جعله الله جل شأنه فى الكون ظاهرة واضحة لكل ذي عينين فالتكاثر في الأشجار يكون بزرع عقلة (جزء يؤخذ من الشجرة) منها فتنبت شجرة طبق الأصل من الشجرة الأم كذلك التكاثر في البكتريا يتم بالانقسام فالخلية تنقسم إلى خليتين والخليتين إلى أربع خلايا وهكذا تتم هذه العملية في جميع المخلوقات ذات الخلية الواحدة كالفيروسات وغيرها أما عن النمو في الإنسان والحيوان يتم بانقسام الخلايا إلى خلايا صور طبق الأصل من الخلية الأولى وكذلك في عملية نمو النباتات ثبت علميا أن خلايا الإنسان التي تموت في جسمه ينسخ الله مثلها وان 250 مليار خلية تموت يوميا وتبدل بأخرى وهكذا في النبات وهذه بعض الأمثلة في خلق الله .
وإذا كان المقصود بالنسخ هو المحو,: وقد ثبت علميا أن كثير من الحيوانات وأنواع من النباتات قد اندثرت ونسخت وكثير مما خلق الله عز وجل لا ندرى عنها أي شئ وأنسيت لنا وصدق الله في قوله { ويخلق مالا تعلمون }.
وقد تأكد العلماء من أن بعض النجوم قد انتهت ومحيت(نسخت) تماما وان كنا مازلنا نراها بالعين لأن شعاع الضوء الصادر منها والذي نراها من خلاله انطلق منها قبل 34 مليار سنة ضوئية وعالم الجن لا نعرف عنهم إلا ما أخبرنا به القرآن أما طريقة معيشتهم وتكاثرهم وموتهم لا نعلم عنها شئهذا غير الرسل الذين بعثوا فيهم وهذه من الأمور التي غيبت عنا .والله سبحانه وتعالى خلق الكون متحرك وليس ثابت فيخلق الله كل لحظة ما يشاء ويميت ما يشاء ومن المخلوقات يظهرها لنا ومنها مالم نعرف عنها شي إلى يوم القيامة وصدق الله اذ قال : بسم الله الرحمن الرحيم { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)}(البقرة).
سبحانه قادر على كل شئ لأنه على كل شئ قدير.
سيظل خلق مخلوقات وموت أخرى ومخلوقات لا ندرى عنها شئ تخلق وتنتهي ولا ندرى عنها شئ إلى ما شاء الله فله مطلق القدرة على ذلك فهو على كل شئ قدير وله ملك السماوات والأرض لا ينازعه فيها أحد يخلق ما يشاء وينسخ ما يشاء( يبدله بمثله تماما او خير منه أو ينسخه بالموت والفناء) ويعمٍي علينا ما يشاء. أما كتابه العزيز فهو منزه تماما من هذا العبث وكل حكم فيه له وقته وظروفه لأنه دين لكل الناس جميعا ولم يكن لفئة معينة لزمانها ومكانها .وصدق الرسول الكريم في قوله (لا تضربوا القرآن بعضه ببعض) واكرر الآيات :
{ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }(الأنعام).
كذلك آيات الرسل السابقين لسيدنا محمد مثل سيدنا إبراهيم وموسى وعيسى عليهم وعلى رسولنا أفضل الصلاة وأذكى السلام فكلها آيات كونية وكانت كل آية لرسول تنسخ ولا تتكرر مع الرسول الذي بعده
{ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27)} (الكهف) ،
{ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)}(يونس).
تم بحمد لله رب العالمين , وما كنا لنعلم هذا لولا أن علمنا الله جل شانه ,فان كان صوابا فمن فيض علم الله وان كان غير ذلك فمني وليغفرا لله لي فهو الغفور الرحيم وما أريد إلا وجه الله جل شأنه وصل اللهم وسلم على نبيك ورسولك أفضل الصلاة والسلام والحمد لله.
يتبع