سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,487
التفاعل
17,614 43 0
بسم الله الرحمن الرحيم
التحدى بالقرآن-ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
{ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً }
( الإنسان خليفة )

الحمد لله رب العالمين الذي خلق الإنسان وعلمه البيان والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم يبعثون.
يقول الله عز وجل في محكم آياته { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } (البقرة30)

يقول الطبري في تفسيره هذه الآية الكريمة.
(وقيل: إن الملائكة قد رأت وعلمت ما كان من إفساد الجن وسفكهم الدماء. وذلك لأن الأرض كان فيها الجن قبل خلق آدم فأفسدوا وسفكوا الدماء, فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة فقتلهم وألحقهم بالبحار ورءوس الجبال, فمن حينئذ دخلته العزة. فجاء قولهم: "أتجعل فيها" على جهة الاستفهام المحض: هل هذا الخليفة على طريقة من تقدم من الجن أم لا؟ قال أحمد بن يحيى ثعلب. وقال ابن زيد وغيره. إن الله تعالى أعلمهم أن الخليفة سيكون من ذريته قوم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء, فقالوا لذلك هذه المقالة, إما على طريق التعجب من استخلاف الله من يعصيه أو من عصيان الله من يستخلفه في أرضه وينعم عليه بذلك, وإما على طريق الاستعظام والإكبار للفصلين جميعا: الاستخلاف والعصيان. وقال قتادة: كان الله أعلمهم أنه إذا جعل في الأرض خلقا أفسدوا وسفكوا الدماء, فسألوا حين قال تعالى: " إني جاعل في الأرض خليفة " أهو الذي أعلمهم أم غيره.) .
وجاء في الدر المنثور فى التفسير المأثور فى الاصدار1,34 للإمام جلال الدين الاسيوطى:
(وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: لقد أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يدخلها قال الله { وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } وقد كان فيها قبل أن يخلق بألفي عام الجن ينو الجان، ففسدوا في الأرض، وسفكوا الدماء. فلما أفسدوا في الأرض بعث عليهم جنودا من الملائكة، فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر البحور، فلما قال الله { وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } يعنون الجن بني الجان، فلما أفسدوا في الأرض بعث عليهم جنودا من الملائكة فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر البحور قال: فقالت الملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيها كما فعل أولئك الجن بنو الجان؟ قال: فقال الله: { إني أعلم ما لا تعلمون } هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

وجاء في مختصر تفسير ابن كثير (مختصر الصابوني):
{ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون }.
التفسير: "يخبر تعالى بامتنانه على بني آدم بتنويهه بذكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم بقوله: { وإذ قال ربك للملائكة } أي واذكر يا محمد إذا قال ربك للملائكة واقصص على قومك ذلك، { إني جاعل في الأرض خليفة } أي قوماً يخلف بعضهم بعضاً قرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، كما قال تعالى: { هو الذي جعلكم خلائف الأرض }، وقال: { ويجعلكم خلفاء الأرض }، وقال سبحانه : { ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون } وليس المراد هاهنا بالخليفة آدم عليه السلام فقط كما يقوله طائفة من المفسرين، إذ لو كان ذلك لم تقول الملائكة: { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء }، فإنهم أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك، وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص، أو بما فهموه من الطبيعة البشرية، فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من { صلصال من حمأ مسنون } أو فهموا من الخليفة أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ويردعهم عن المحارم والمآثم (قاله القرطبي) .أو أنهم قاسوهم على من سبق كما سنذكر أقوال المفسرين في ذلك.

وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على اللّه، ولا على وجه الحسد لبني آدم كما قد يتوهمه بعض المفسرين، وقد وصفهم اللّه تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول أي لا يسألونه شيئاً لم يأذن لهم فيه، وههنا لما أعلمهم بأنه سيخلق في الأرض خلقاً وقد تقدم إليهم أنهم يفسدون فيها فقالوا: { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء }؟ الآية. وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك، يقولون: يا ربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء، مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء؟ فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبِّح بحمدك ونقدِّس لك أي نصلّي لك ولا يصدر منا شيء من ذلك، وهل وقع الاقتصار علينا؟ قال اللّه تعالى مجيباً لهم عن هذا السؤال: { إني أعلم ما لا تعلمون }، أي إني أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم، فإني سأجعل فيهم الأنبياء، وأرسل فيهم الرسل، ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون، والعُبَّاد والزهاد، والأولياء والأبرار، والمقربون، والعلماء العاملون، والخاشعون والمحبون له تبارك وتتعالى، المتبعون رسله صلوات اللّه وسلامه عليهم .
وقيل: معنى قوله تعالى: { إني أعلم ما لا تعلمون } إني لي حكمة مفصلة في خلق هؤلاء والحالة ما ذكرتم لا تعلمونها، وقيل: إنه جواب { ونحن نسبِح بحمدك ونقدس لك }، فقال: { إني أعلم ما لا تعلمون } أي من وجود إبليس بينكم وليس هو كما وصفتم أنفسكم به. وقيل: بل تضمن قولهم: { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبِّح بحمدك ونقدس لك } طلباً منهم أن يسكنوا الأرض بدل بني آدم، فقال اللّه تعالى ذلك: { إني أعلم ما لا تعلمون } من أن بقاءكم في السماء أصلح لكم وأليق بكم. ذكرها الرازي مع غيرها من الأجوبة واللّه أعلم.
وقال ابن جرير عن ابن عباس: إن أول من سكن الأرض الجن، فافسدوا فيها، وسفكوا فيها الدماء، وقتل بعضهم بعضاً قال: فبعث اللّه إليهم إبليس، فقتلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال ثم خلق آدم فأسكنه إياها، فلذلك قال: { إني جاعل في الأرض خليفة }. وقال الحسن: إن الجن كانوا في الأرض يفسدون ويسفكون الدماء، ولكن جعل اللّه في قلوبهم (الضمير في (قلوبهم) يعود على الملائكة لا على الجن فتنبه) أن ذلك سيكون، فقالوا بالقول الذي علمهم. وقال قتادة في قوله { أتجعل فيها من يفسد فيها }: كان اللّه أعلمهم أنه إذا كان في الأرض خلق أفسدوا فيها وسفكوا الدماء، فذلك حين قالوا: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}؟.
قال ابن جرير: وقال بعضهم إنما قالت الملائكة ما قالت { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } لأن اللّه أذن لهم في السؤال عن ذلك بعد ما أخبرهم أن ذلك كائن من بني آدم، فسألته الملائكة فقالت على التعجب منها: وكيف يعصونك يا رب وأنت خالقهم؟ فأجابهم ربهم { إني أعلم ما لا تعلمون }، يعني أن ذلك كائن منهم، وإن لم تعلموه أنتم ومن بعض ما ترونه لي طائعاً، قال، وقال بعضهم ذلك من الملائكة على وجه الاسترشاد عما لم يعلموا من ذلك، فكأنهم قالوا: يا رب خبرنا - مسألة استخبار منهم لا على وجه الإنكار - واختاره ابن جرير.
وقوله تعالى: { ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك }، قال قتادة: التسبيح والتقديس الصلاة، وقال السدي عن ابن عباس { ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك }: نصلي لك. وقال مجاهد { ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك }، قال نعظمك ونكبرك. وقال ابن جرير: التقديس هو التعظيم والتطهير. ومنه قولهم: سبوح قدوس، يعني بقولهم سبوح تنزيه له، وبقولهم قدوس طهارة وتعظيم له، وكذلك قيل للأرض: أرض مقدسة، يعني بذلك المطهرة فمعنى قوله الملائكة إذا { ونحن نسبح بحمدك }: ننزهك ونبرئك مما يضيفه إليك أهل الشرك بك، { ونقدس لك } ننسبك إلى ما هو من صفاتك من الطهارة من الأدناس وما أضاف إليك أهل الكفر بك.
عن أبي ذر رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللَه عليه وسلم سئل أي الكلام أفضل؟ قال: "ما اصطفى اللّه لملائكته: سبحان اللّه وبحمده" (رواه مسلم عن أبي ذر الغفاري) وروي أن رسول اللّه صلى اللَه عليه وسلم ليلة أسري به سمع تسبيحاً في السماوات العلا "سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى" (رواه البهيقي عن عبد الرحمن بن قرط) { قال إني أعلم ما لا تعلمون } قال قتادة: فكان في علم اللّه أنه سيكون في تلك الخليقة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنوا الجنة.
وقد استدل القرطبي وغيره بهذه الآية على وجوب نصب الخليفة، ليفصل بين الناس فيما اختلفوا فيه، ويقطع تنازعهم وينتصر لمظلومهم من ظالمهم، ويقيم الحدود، ويزجر عن تعاطي الفواحش إلى غير ذلك من الأمور المهمة التي لا تمكن إقامتها إلا بالإمام، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. والإمامة تنال بالنص كما يقوله طائفة من أهل السنّة في أبي بكر. أو بالإيماء إليه كما يقول آخرون منهم، أو باستخلاف الخليفة آخر بعده كما فعل الصدّيق بعمر بن الخطاب، أو بتركه مشورة في جماعة صالحين كذلك كما فعله عمر، أو باجتماع أهل الحل والعقد على مبايعته أو بمبايعة واحد منهم له، فيجب التزامها عند الجمهور، وحكى على ذلك إمام الحرمين الإجماع، واللّه أعلم.
نرى أن المفسرين ومنهم الشيخ الشعراوى اجمعوا على أن قول الملائكة في الآية الكريمة { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } .أن الأرض كان يسكنها الجن وقامت بينهم مقتلة عظيمة وسالت دماؤهم زمن طويل ثم نزل إبليس ومعه نفر من الملائكة ليصلح بينهم لوقف نزيف الدماء بين الجن الى آخر ما قالوا في هذا الشأن ولكن السؤال هنا ,هل الجان مخلوق مثلنا تجرى في عروقهم دماء فتسيل منهم في المعارك ؟ومن أخبر بذلك ؟

وقولي في هذه لآية بعد استعراضي للتفاسير المختلفة لعلماء المسلمين الأجلاء.
نحن نصدق بأن الأرض يسكن فيها جن كما أخبرنا ربنا تبارك وتعالى وكما اخبرنا رسولنا عليه الصلاة والسلام ولكن مالا نعلمه الصفة التشريحية والى الآن لم يمسك أحد من البشر جن واحد وأخضعه للتشريح والدراسة لنعلم إذا كان لهم دورة دموية مثلنا وتسفك دماؤهم في المعارك أم لا
إذا قول أن الملائكة قالوا قولهم هذا لم يكن لأنهم شاهدوا الجن وحروبهم المزعومة بينهم وتطوع إبليس بعقد الصلح بينهم.
ولكن الثابت علميا ملا يقبل الشك أن الإنسان كان آخر المخلوقات التي سكنت الأرض وكانت الأرض قبل أن يهبط إليها الإنسان بها نباتات وغابات كثيفة وكثيرة وخلق أيضا حيوانات تأكل النباتات وتهلكها ثم كانت الحيوانات المفترسة التي كانت تقتل الحيوانات التي تتغذى على النباتات وتسفك دمائها وتتغذى عليها وثبت أيضا أن كثيرا من النباتات قد أهلكت واندثرت وكذلك كثيرا من الحيوانات مثل الديناصورات وغيرها من الحيوانات التي اندثرت وكان الإنسان هو آخر المخلوقات التي نزلت الى الأرض وسكنتها.
إذا قول الملائكة لربهم { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } لما رأوه على سطح الأرض من هلاك النباتات بفعل الحيوانات آكلة النبات وكذلك قتل هذه الحيوانات وسفك دمائها بفعل الحيوانات المفترسة وهذا ثابت علميا كما الثابت أيضا أن الحيوانات المختلفة لها دورة دموية وإذا قتلت أو ذبحت سالت دماؤها وسفكت.
أما قول الله تبارك وتعالى { إني جاعل في الأرض خليفة } ، اى أن الإنسان يتناسل ويخلف بعضه بعضه ولا ينقرض مثل باقي الإحياء التي تتعرض للانقراض منهم مثل انقراض الدينصورات وكثير من الحيوانات والنباتات انقرضت وكثير من الحيوانات والنباتات معرضه للانقراض ويحاول العلماء جاهدين أن ينقذوا هذه المخلوقات من الانقراض رغم ان هذه الكائنات لم تتعرض مثل الإنسان لعوامل الهلاك من الحروب المدمرة والتي تحصد ألاف بل ملايين من الرجال والنساء والأطفال مثل الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية وقد حصدت هذه الحروب ملايين من البشر والحوادث الكثيرة والأمراض الفتاكة ولكن سبحان الله فالإنسان في تزايد مضطرد فى العدد.
وما يهمني هنا هو هل سيدنا محمد كان باحثا جيولوجياgeology وحاصل على درجة الدكتوراه في علم طبقات الأرضstratigrphy أو علم الحفرياتfossiles ؟
بالتأكيد لا ولم يكن يعلم عن هذا شيئا وكان أميا لا يعلم القراءة ولا الكتابة والثابت أيضا أن هذا العلم حديث وهو علم نشأ على ايدى العلماء الغير مسلمين وهم الذين أكدوا من غير قصد منهم صدق القرآن وأكدوا أيضا إنما القرآن هو من عند الله عز وجل وهم لايدرون وليس كما يدعى المشككين من الكافرين وغيرهم من أن القرآن هومن تأليف محمد.
فما قولهم في هذا؟
أما مناقشة الملائكة لله عز وجل على هذا الوجه فله حديث آخر
اللهم انك تعلم اننى ما كتبت هذا إلا من فيض علمك لي وليس لي فيه فضل إنما الفضل لك في الأولى والآخرة .
وما رجائي ربى إلا أن تحتسبه لى عندك لترحمني به يوم لقاك اللهم تقبل آمين
تم بحمد الله وتوفيقه
المصدر
emadkotob.blogspot.com
 
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/الصلاة الوسطى

بسم الله الرحمن الرحيم
تحدي القرآن ـ ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
الصلاة الوسطى

الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم القيامة.
يقول الله تبارك وتعالى في الآية 238 من سورة البقرة :
بسم الله الرحمن الرحيم { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ }.
اختلف المفسرون في تحديد ما هية الصلاة الوسطى ولنأخذ بعض من هذه الآراء من امهات التفاسير ومن التفاسير الحديثة.
ورد فى تفسير جامع البيان في تفسير القرآن للإمام الطبري رحمه الله تعالى:
إنها صلاة العصر وأورد كثير من الأراء التى تعزز هذا الرأى.
وجاء فى الجامع لأحكام القرآن للإمام الطبري رحمه الله تعالى:
واختلف المفسرون في تعيين الصَّلاة الوسطىٰ على عشرة أقوال:
الأوّل ـ أنها الظهر؛ لأنها وسط النهار على الصحيح من القولين أن النهار أوّله من طلوع الفجر كما تقدّم، وإنما بدأنا بالظهر لأنها أوّل صلاة صُلِّيت في الإسلام. وممن قال إنها الوسطى زيد بن ثابت وأبو سعيد الخدريّ وعبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم. ومما يدل على أنها وسطى ما قالته عائشة وحفصة حين أمْلَتَا: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى } « وصلاة العصر » بالواو. وروي أنها كانت أشق على المسلمين؛

الثاني ـ أنها العصر؛ لأن قبلها صلاتْي نهارٍ وبعدها صلاتْي ليلٍ. قال النحاس: وأجود من هذا الاحتجاجُ أن يكون إنما قيل لها وُسْطَىٰ لأنها بين صلاتين إحداهما أوّل ما فرض والأُخرىٰ الثانية مما فُرض. وممن قال إنها وسطى عليّ بن أبي طالب وٱبن عباس وٱبن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد الخدريّ، وهو ٱختيار أبي حنيفة وأصحابه، وقاله الشافعي وأكثر أهل الأثر، وإليه ذهب عبد الملك بن حبيب وٱختاره ٱبن العربي في قَبَسِه وٱبن عطية في تفسيره وقال: وعلى هذا القول الجمهورُ من الناس وبه أقول.

الثالث ـ أنها المغرب؛ قاله قُبَيْصة بن أبي ذؤيب في جماعة. والحجَّة لهم أنها متوسطة في عدد الركعات ليست بأقلها ولا أكثرها ولا تُقْصَر في السفر، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخِّرها عن وقتها ولم يعجِّلها، وبعدها صلاتا جَهْرٍ وقبلها صلاتا سِرٍ. ورُوي من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أفضل الصلوات عند الله صلاة المغرب لم يُحّطها عن مسافر ولا مقيم فتح الله بها صلاة الليل وختم بها صلاة النهار".

الرابع ـ أنها الصبح؛ لأن قبلها صلاتي ليل يُجهَر فيهما وبعدها صلاتي نهار يُسرّ فيهما؛

الخامس ـ صلاة الجمعة؛ لأنها خُصّت بالجمع لها والخطبة فيها وجُعِلَت عيداً؛

السادس ـ أنها الصبح والعصر معاً. قاله الشيخ أبو بكر الأبهرِيّ؛ وٱحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار " الحديث، رواه أبو هريرة. وروى جرير بن عبد الله.

السابع ـ أنها العتمة والصبح. قال أبو الدرداء رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه: ٱسمعوا وبلِّغوا من خلفكم حافظوا على هاتين الصَّلاتين ـ يعني في جماعة ـ العشاء والصبح،.

الثامن ـ أنها الصَّلوات الخمس بجملتها؛ قاله معاذ بن جبل؛.

التاسع ـ أنها غير معيَّنة؛ قاله نافع عن ٱبن عمر، وقاله الربيع بن خَيْثَم؛ فخبأها الله تعالىٰ في الصَّلوات كما خبأ ليلة القدر في رمضان، وكما خبأ ساعة يوم الجمعة وساعات الليل المستجاب فيها الدعاء؛.
العاشر ـ وهذا الاختلاف في الصَّلاة الوسطى يدل على بطلان من أثبت «وصلاة العصر» المذكور في حديث أبي يونس مولى عائشة حين أمرته أن يكتب لها مصحفاً قرآناً. قال علماؤنا: وإنما ذلك كالتفسير من النبيّ صلى الله عليه وسلم، يدل على ذلك حديث عمرو ابن رافع قال: أمرتني حفصة أن أكتب لها مصحفاً؛ الحديث. وفيه: فأملت عليّ { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ ـ وهي العصر ـ وَقُومُواْ للَّهِ قَانِتِينَ } وقالت: هكذا سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها. فقولها «وهي العصر» دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسَّر الصَّلاة الوسطىٰ من كلام الله تعالىٰ بقوله هو ( وهي العصر )
وجاء في الجلالين رحمهما الله :
{ حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوٰتِ } الخمس بأدائها في أوقاتها { وَٰالصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَى } هي العصر أو الصبح أو الظهر أو غيرها أقوال وأفردها بالذكر لفضلها { وَقُومُواْ لِلَّهِ } في الصلاة { قَٰنِتِينَ } قيل مطيعين لقوله صلى الله عليه وسلم " كل قنوت في القرآن فهو طاعة " رواه أحمد وغيره، وقيل ساكتين لحديث زيد بن أرقم: " كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام " رواه الشيخان.
وجاء فى تفاسير (خواطر) الشيخ الشعراوى رحمه الله:
( وما العلة هنا في تفرد الصلاة الوسطى بالخصوص؟ إن " وسطى " هي تأنيث " أوسط " ، والأوسط والوسطى هي الأمر بين شيئين على الاعتدال، أي أن الطرفين متساويان، ولا يكون الطرفان متساويين في العدد ـ وهي الصلوات الخمس ـ إلا إذا كانت الصلوات وتراً؛ أي مفردة؛ لأنها لو كان زوجية لما عرفنا الوسطى فيها، ومادام المقصود هو وسط الخمس، فهي الصلاة الثالثة التي يسبقها صلاتان ويعقبها صلاتان، هذا إن لاحظت العدد، باعتبار ترتيب الأول والثاني والثالث والرابع والخامس.
فما دامت الصلاة الوسطى تصلح لأن تكون الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء فذلك أدعى للمحافظة على الصلوات جميعا. فإبهام الشيء إنما جاء لإشاعة بيانه. ولذلك أبهم الله ليلة القدر للعلة نفسها وللسبب نفسه، فبدل أن تكون ليلة قدر واحدة أصبحت ليال أقدار).

هذا ما جاء في أشهر كتب التفاسير ونلاحظ الاختلاف في تحديدها رغم استدلال بعضهم فى تحديدها بحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام واني أظن انه لو ثبت عندهم حديث صحيح عن الرسول الكريم ما اختلف فى تحديدها احد ولهذا فتح باب الاجتهاد فى تحديدها بين الأئمة العظام رحمهما الله تعالى .

من ما سبق نرى ان المفسرين يبحثوا عن الصلاة الوسطى بين الصلاة المفروضة رغم ان الصلاة المفروضة اوصى بها الله تبارك وتعالى ذكرت فى القرآن 68 مرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
{ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلٰوةَ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } (البقرة 3).
{ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ } (البقرة 43)
{ وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَٰوةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ } (البقرة 45).
وكذلك في هذه الآية محل التدبر{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ }(البقرة 238).
حتى في هذه الآية أوصانا الله تبارك تعالى على[ ٱلصَّلَٰوةِ ] وهى جمع صلاة وهى مجمل الصلاة المفروضة من أول صلاة الصبح إلى صلاة العشاء ويوصينا الله تبارك وتعالى على الصلاة الوسطى ونلاحظ حرف الواو[و] وهو للمغايرة اى أن الصلاة التي يوصينا الله تبارك وتعالى ليست من ضمن الصلوات التي كانت في أول الآية فهي صلاة مغايرة .
إذن ماهى الصلاة الوسطى؟

لنبحث في القرآن والسنة المشرفة عن صلاة أخرى غير المفروضة ومن هذه الآيات.
{ وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } (الفرقان 64)
{ وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً }( الإنسان 26).
{ كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب } (العلق 19)
{ لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } (آل عمران 113)
جاء في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي:
{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }(الزمر 9) وجاء في تفسير هذه الآية:
وعن ابن عباس: « آنَاءَ اللَّيْلِ » جوف الليل. قال ابن عباس: من أحبّ أن يهوّن الله عليه الوقوف يوم القيامة، فليره الله في ظلمة الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة، ويرجو رحمة ربه .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الليل وذكر الله تبارك وتعالى هذا فى الآية 20 من سورة المزمل : { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ } . وكان رسول اله صلى الله عليه وسلم يرغب فى قيام الليل لمن استطاع .
وحديث عائشة الآخر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد ، وصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه ، فاصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بصلاته ... الحديث نحو حديث جابر وفيه ولكن خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها . ( رواه البخاري ومسلم ).
عن عمرو بن عبسة قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله من أسلم معك قال حر وعبد قلت هل من ساعة أقرب إلى الله من أخرى قال نعم جوف الليل الأوسط * ( صحيح ) إلا الجملة الأخيرة منه ، وقد مضى بزيادة في متنه .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن يزيد ابن طلق عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عمرو بن عبسة قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت هل من ساعة أحب إلى الله من أخرى قال نعم جوف الليل الأوسط فصل ما بدا لك حتى يطلع الصبح )... ( صحيح ) _ إلا قوله : جوف الليل الأوسط فإنه منكر والصحيح : جوف الليل الآخر _ صحيح أبي داود 1158 وهو في صحيح ابن ماجه برقم 1034الحديث جاء فى سنن ابن ماجة.
حدثنا محمد بن أبي عمر العدني حدثنا عبد الله بن معاذ عن معمر عن عاصم ابن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال لقد سألت عظيما وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ النار الماء وصلاة الرجل من جوف الليل ثم قرأ ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) حتى بلغ ( جزاء بما كانوا يعملون ) ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى فأخذ بلسانه فقال تكف عليك هذا قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم * ( صحيح ) _ الارواء 413 ، التعليق الرغيب 5/4 - 6 ، تخريج الإيمان لابن أبي شيبة 1 و 2 .

هذه بعض مما جاء في القرآن والسنة وكلها ترغيب في الصلاة في جوف الليل اى الصلاة بين صلاة العشاء وصلاة الصبح وهى تتوسط الصلاتين اى تتوسط بين الصلاة المفروضة لأنها تكون بين صلاة الأمس
(صلاة العشاء) وصلاة اليوم (صلاة الصبح) هذا غير التنفل وهى صلاة ركعتين قبل صلاة الفرض وركعتين بعده ماعدا صلاة العصر او كما هو مبين في كتب الفقه وتكون صلاة السنن سواء قبل وبعد الصلوات المفروضة أو في الثلث الأخير من الليل هي الصلاة الوسطى والله اعلى واعلم .

يتبع​
 
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/فأتوا بسورة من مثله

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن-ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
فأتوا بسورة من مثله

{ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (يونس37).
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

تعريف الآية:

باختصار هي المعجزة البينة التى لا يستطيع الإنس ولا الجن أن يفعلا مثلها مهما بلغا من علم ومعرفة مهما كان مستواهما العلمي والثقافي في أي مكان وأي زمان والآية تنقسم إلى آيات مقروءة مثل آيات القرآن الكريم وآيات كونية كالتي أجراها الله عز وجل على أيد الأنبياء والرسل وكذلك آيات الله في الخلق.
ولأن القرآن معجز وهو رسالة من الله عز وجل للعالمين عالم الأنس و عالم الجن فلن يكون تحديه للعرب فقط في البلاغة وألا يكون مقصورا على العرب ولكن تحديه لابد أن يكون اشمل وأعم لكل الأجناس على جميع مستوياتهم العلميه والثقافية وفى كل مكان وزمان والدليل على أن الرسالة المحمديه للناس جميعا في كل مكان وكل زمان ما جاء في قول الله عز وجل: { مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا }(النساء 79).
{ هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } (ابراهيم 52)
{ هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين } (آل عمران138)
{ بِالْبَيِّنَاتِ والزير وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } ( النحل 44)
{ اقتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ }(الأنبياء 1 )
{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } (سبأ28 )
ونرى مما سبق إن القرآن كما أشرنا انزل للناس كافة وأنه لا تقتصر الدعوة المحمدية على جماعة دون جماعة ولا شعب دون شعب ولا زمن دون زمن ولكنه انزل لكل الناس ولكل الأزمنة.
ونعود لإعجاز القرآن فهو تحدى العرب فيما برعوا فيه وتحداهم أن ياتوا بسورة مثله بعد أن سمعوه من النبي وزعموا أنه كلام مفترى:
{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }(يونس38 )
وتحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله ويستعينوا بأي أحد من دون الله:
{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }(هود13).
في الآية ألتاليه يتحدى الله العرب أن يأتوا مثل هذا القرآن :
{ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }(الأسراء88)
مما سبق نرى أن الله جل شأنه تحدى العرب فيما برعوا فيه وهى البلاغة بعد أن سمعوه وقرؤوه وتدرج في التحدي من سورة مثله إلى عشرة سور مثله أو القرآن كله ولو اجتمع الأنس والجن لهذا الأمر ونلاحظ أن الله عز وجل لم يترك الحكم في هذا الشأن لأحد من الخلق (انس أو جن) فيما يفترونه مثل القرآن ولكن الحكم له وحده جل شأنه دون أي أحد من خلقه { لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } ولم يطلب منهم شهداء في الآيات السابقة
سبق أن أشرت أن الله جل شأنه تحدى العرب فيما برعوا فيه(يونس38,هود13,الاسراء88) ولأن الرسالة المحمدية رسالة للناس كافة فلابد أن يشمل التحدي كل الأجناس على مختلف نوعياتهم العلمية والثقافية في أي مكان وأي زمان كل فيما برع فيه.
أما هنا في سوره البقرة { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }(23){ فَإِنْ لَمْ تفعلوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }(24).

هذا وقد اجتمع كل المفسرين القدامى والمعاصرين على أن هذه الآية مثل غيرها من آيات التحدي للعرب في أن يأتوا بسورة من القرآن كما في سور هود ويونس والإسراء كما أوضحنا من قبل فأين التحدي لغير العرب أو الناطقين بغيرالعربية
ولنتدبر قليلا :.

أولا: ماهى السورة ؟:
السورة كما نعرفها هي التي تحتوى على ثلاث آيات أو اكثر فسورة { اٍنا أعطيناك الكوثر } تعتبر سورة وهى لا تحتوى الا على ثلاث آيات كذلك سورة البقرة وهى أطول سورة في القرآن, ولأن آيات الله ليست في القرآن فقط بل إن الخلق كله آيات معجز فالآيات المرئية والآيات المسموعة, وفى أنفسنا فالسمع والبصر وخلق السماوات ولأرض والليل والنهار و كل شئ من مثل آيات القرآن وكل خلق الله آيات معجزات ومن مثل آيات القرآن والقرآن يحتوى على 72موضع يشير فيها إلى آيات كونية(راجع تفسير الآية106من سورة البقرة { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ) .
والله عز وجل تحدى العرب أن يأتوا مثل القرآن لأنهم أهل بلاغه ولم يتحداهم بان يأتوا من مثله ونعود إلى الآية محل التدبر
في هاتين الآيتين : { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَة ٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }(23){ فَإِنْ لَمْ تفعلوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }(24) من سورة البقره بعض المعطيات لا يجب أن نغفلها و نلقى نظرة عليها:

أولا : { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا }
المقصود هنا اللذين هم في شك من أن للكون خالق هو الله والقرآن كتاب من عنده أنزله على خاتم الأنبياء والرسل صلى الله عليه وسلم فبالتالي لا يكون التحدي لهم من آيات القرآن وهم كثيرون على مر الزمان وهم من المشركين والكفار وخاصة من أصحاب العلم والثقافات المختلفة فلا يعقل أن يكون التحدي لهم بسورة من آيات القرآن(المقروءة) ولكن يكون التحدي فيما برعوا فيه من العلم

على هذه المعطيات

ثانيا: { فَأْتُوا بِسُورَ ٍ مِنْ مِثْلِهِ }
بعض المفسرين ومنهم (الطبري) ذكروا أن مثل القرآن هو التوراه والإنجيل ولكن التوراة الذي بين يدي أهل الكتاب ليس هو التوراة الذي انزل على موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام أما الإنجيل الذي انزل على عيسى عليه السلام فأيهما من الأربع أناجيل التي بين يدي النصارى وهم على أي حال قد فهموا أن المقصود هنا ليس سورة من القرآن الكريم وإنني أعتقد أنه فهم صحيح الى حد ما لأن الله عز وجل تحدى العرب بأن يأتوا بسورة مثله أو عشر سور مثله أو مثل القرآن كله في السور(يونس38-هود13-الاسراء88 (التكرار له مغزاه)

ثالثا: { وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ }
هنا التحدي من الله عز وجل أن من يأتوا بسورة من مثل القرآن عليه أن يأتوا بشهدائهم ( شهداء من مثلهم غير مؤمنين بالله ) ليقولوا شهادتهم فيما يزعموا .
أ ـ هذا ما حدث بالفعل فمسيلمة الكذاب مدعى النبوة افترى كلاما وأدعى أنه مثل القرآن وصدقه قوم كثيرين- إذا اللذين قالوا بان تفسير ألآية23,24 من سورة البقرة هي تحدى للعرب باللغة جانبهم الصواب خاصة وأن كثيرا من المهووسين فعلوا مثل مسيلمة الكذاب وصدقتهم أقوامهم وكانوا عددا غير قليل.
ب ـ إذا افترضنا أن تفاسير جميع المفسرين بأن{ فَأْتُوا بِسُورَة ٍ مِنْ مِثْلِه } هو تحدى للعرب أيضا بأن يأتوا بسورة من القرانِ مثل الآيات التالية يونس38,هود ،ألاسراء88 وبذلك يكون آيات التحدي كلها فى القرآن موجه للعرب فقط أو الناطقين بالعربية رغم أن الله عز وجل أرسل رسوله ألي الناس كافة إذا أين التحدي للآخرين من غير العرب ونحن نقول إن القرآن هو معجزة الرسول الباقية دائماعلى مر الزمان؟
ج ـ التوراة والإنجيل آمن بهما مليارات من اليهود والنصارى وهذا ضد التفاسير لأن الله تحداهم أن يأتوا بشهدائهم ليشهدوا انه مثل آيات الله وقد آمن اليهود والنصارى أن التوراة والأناجيل الأربعة هي الكتب السماوية الوحيدة وهم شهود على ذلك.

رابعا : { فَإِنْ لَمْ تفعلوا وَلَنْ تَفْعَلُوا }
{ فاٍن لم تفعلوا }
المعروف أن (لم) تنفى الفعل في الماضي وهذا حكم الله عز وجل من يوم أن نزلت هذه الآبه على الرسول عليه افضل الصلاة وأذكى السلام ونحن نقراها ألان ويكون ما سبقنا هو ماضي والمفروض إننا اليوم لم نسمع عن مثل مسيلمة الكذاب أو غيره ولكن مسيلمة الكذاب وأمثاله ممن ادعوا النبوة وافتروا من عندهم كلام يزعمون أنه من عند الله وآمن لهم آلاف من الناس وهذا دليلا آخر على أن التفاسير السابقة والمعاصرة جانبها الصواب

{ وَلَنْ تَفْعَلُوا }
المعروف أيضا أن(لن) تنفى الفعل في المستقبل والمستقبل هنا من يوم أن نزلت هذه الآيات من سورة البقرة24,23 على الرسول عليه الصلاة والسلام ولكن فعلها مدعين النبوة كما سبق أن أوضحت في الفقرة السابقة
مما سبق نلاحظ بأن اللذين فسروا هذه الآيات 23/24 من سورة البقرة لم يأخذوا بهذه المعطيات التي أوضحتها ولذلك جانبهم الصواب كما سبق وان ذكرت.
إنني اعتقد أن الآية 26 من سورة البقرة هي التي سوف تفسر الآيات التي نحن بصددها كيف؟
بسم الله الرحمن الرحيم
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ }(الحج 73)
{ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ }(البقرة:26)
ثم يوضح الله تعالى التحدي لغير العرب من الكفار والمشركين في أن يخلقوا ذبابة (لانها آية من آيات الله ) ويأتوا بشهداء منهم يشهدوا لهم بان هذه ألذبابه مثل التي خلقها الله في كل صفاتها.

الله عز وجل أمرنا أن نتدبر القرآن:

{ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً } (النساء:82)
{ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } (محمد:24)
ولأن القرآن يفسر بعضه بعضا ولا تفسر آية بمفردها دون النظر والربط بين باقي الآيات وهذا من مجمل إعجاز هذا الكتاب الخالد.
نجد هنا أن الله عز وجل يضرب مثلا للذين كفروا { ما بعوضة فما فوقها } البعوضة تحتوى على آيات بينات كثيرة جدا-(فالسمع والبصر والنمو والتكاثر وغيرها من وظائف الحياة كلها آيات بينات في البعوضة)- بذلك تعتبر سورة من سور الله عز وجل في خلقه وهى (من) مثل سور القرآن وهنا يتحدى الله هؤلاء - (المشركين والكافرين ممن لا يؤمنون أصلا بالله خالق الكون والقرآن كلامه ) ـ الخلق جميعا على مر الزمان وعلى مختلف ثقافاتهم وعلمهم أن يخلقوا بعوضة ويأتون بشهداء من عندهم ليقولوا أن ما صنعوه مثل البعوضة التي خلقها الله عز وجل في كل شئ من وظائف الحياة المختلفة وهذا لم يحدث حتى الأن ولن يحدث إن شاء الله وهذا هو الحق من ربنا

اللهم أنك تعلم أنني أجتهد قدر علمي المتواضع فان كنت أصبت فمن فيض علمك وان كنت أخطأت فمن جهلي فاغفر لي خطئي وجهلي – لعلمي اليقين بأنك أنت الغفور الرحيم –والحمد لله رب العالمين

يتبع​
 
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن- ليس بكلام بشر*
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
{ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ }

الحمد لله رب العالمين, الحمد لله الذي أرسل رسوله بدين الحق ولم يجعل له عوجا والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز :
بسم الله الرحمن الرحيم:
1:-البقرة الآية: 97 { قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين }
2:-آل عمران الآية: 3 { نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل }
3:- الأنعام الآية: 92 { وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون }.
4:-يونس الآية: 37 { وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين }.
5:-يوسف الآية: 111 { لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون }.
6:-سبأ الآية: 31 { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ }.
7:-فاطر الآية: 31 { والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير }
8:-فصلت الآية42 { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد }.
9:-الأحقاف الآية: 30 { قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم } * { يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم }.
قبل أن نستعرض ما جاء به المفسرون في قول الله عز وجل "ٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ " التي لم يختلف المفسرون في تفسيرها على أن القرآن مصدقا للكتب السابقة وهى "الإنجيل والتوراة"
ولكني أرى فيها رأيا آخر وذلك للأسباب الآتية:

1:- أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يبعث إلى بني إسرائيل ولكن للناس كافة , *سورة سبأ الآية: 28 { وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ولكن جاء ليكشف لهم ما كان يخفوه من كتبهم لعلهم يؤمنوا كما جاء في سورة المائدة : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }(14) { يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَه سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }(15).

2:- إن الرسول لم يكن التوراة والإنجيل هو الذي بين يديه ولم يدعوا به ولكنه أتى بشريعة جديدة وكان الذي بين يدي الرسول هو ما كان يوحى إليه من القرآن يدعوا به قومه إلى الإيمان بالله جل شأنه وكان يحكم بالذي جاء فيه من أحكام ولم يحكم بما جاء بالتوراة والإنجيل بل جاءت التوراة ليحكم بها اليهود وجاء الإنجيل ليحكم بها أتباع عيسى عليه السلام وجعل الله لكل شرعة ومنهاجا {المائدة41-42 إلى الآية 49}.

3:- ألقرآن كشف زيف أهل الكتاب وتحريفهم وما فعلوا بكتبهم من إضافة وحذف واخفوا كثيرا من آياته خاصة ما جاء فيه بالتبشير بالرسول بل إنهم كتبوا كتب بأيديهم وادعوا أنها من عند الله وهى ليست من عند الله كما جاء فى الآية: { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } [البقرة: 79] .

4:-إن تلاعب وعبث أهل الكتاب في كتبهم كان قبل بعثة الرسول الكريم بدليل ما جاء به القرآن من الآيات التي كشفتهم وما زال العبث بكتبهم مستمر حتى أن التوراة والإنجيل الحقيقي لم يعدا موجودان بل كتبوا بأيديهم أربع أناجيل بفعل شياطينهم من الإنس غير ما أضيف له من خزعبلات والتوراة التي الصقوا فيها أبشع التهم لأنبياء الله ورسله , والغريب أن أهل الكتاب ينفون أي تحريف في كتبهم بحجة أن القرآن رغم عدم الإيمان به مصدقا عليها كما جاءت به كتب التفاسير وادعوا أن المسلمين يقولون على كتبهم بأنها محرفة لأنهم لم يجدوا البشارة برسولهم كما جاء به القرآن حتى برنابا الذي له إنجيل باسمه فيه بعض من الحقيقة أدعوا عليه انه مجنون حتى وصل الأمر لأحد القساوسة في مقالة له نشرت على ألنت في موقع "النور" أن برنابا كان مسلما من أتباع محمد وكتب هذا الإنجيل ليظهر فيه البشارة بمحمد رسول الله.

5:-اليهود الذين كانوا بالمدينة وقت وجود الرسول بها علموا أن الآيات لا تعنى تصديقا على كتبهم وإلا كانوا حاجوا الرسول بالقرآن نفسه وادعوا صدق ما بين أيديهم من الكتب, وادعوا كذلك أن هناك تضارب في القرآن فكيف بنقد كتبهم وفى نفس الوقت يصدق عليها.

والآن لايوجد أي نسخة من أصل التوراة والإنجيل من قبل بعثة الرسول --قد يكون نفر من أهل الكتاب استحفظوا بعضا منه-- بدليل أن القرآن يخاطب أهل الكتاب دون استثناء من وقت نزول القرآن.

6:-أن ما بين يدي الشئ يكون من جنسه كما جاء في كتاب روح المعاني للإمام الالوسي وعليه يكون ما بين يدي القرآن هو الآيات التي جاءت فيه-- قد يقول قائل أن التوراة والإنجيل من جنس القرآن هذا كلام صحيح ولكن أين أصل هذه الكتب من قبل بعثة الرسول الكريم ليكون مصدقا عليها؟-- كما سنرى في تفسير بعض الآيات المشار إليها.

7:-القرآن مصدقا وهو مستمر فى التصديق فى كل ألازمنه ولم يقل كان مصدقا أو سيصدق .

قبل وبعد كل شئ لا يوجد في القرآن أي تناقض ولكن علينا نبحث عن تفسير آخر لهذه الآيات التي وردت بها كلمات " مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ "
نستعرض بعض هذه الآيات ونرى قول المفسرين فيها:

البقرة الآية: 97 { قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين }.
يقول الشيخ الشعراوى رحمه الله فى خواطره(.. وهو "يقصد ألقرآن " مصدق لما بين يديهم من التوراة)
يقول سيد قطب فى ظلال القرآن (ان المقصود أن القرآن مصدقا لما بين يدي أهل الكتاب "التوراة والإنجيل")
جاء فى مفاتيح الغيب , التفسير الكبير للرازي رحمه الله (قوله تعالى: { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } فمحمول على ما أجمع عليه أكثر المفسرين من أن المراد ما قبله من كتب الأنبياء ولا معنى لتخصيص كتاب دون كتاب، ومنهم من خصه بالتوراة وزعم أنه أشار إلى أن القرآن يوافق التوراة في الدلالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ).
أرى أن الصواب والله أعلم في تفسير ما جاء بالآية الكريمة{ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ }

:- من سياق الآية أن الخطاب من الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لليهود الذين يحتجوا على الرسول بان الذي انزل القرآن عليه هو جبرائيل وهذا الملك عدو لهم حسب زعمهم فيقول له الله جل شانه أن من كان عدوا لهذا الملك فهو عدو لله ويرد الله عليهم كذلك بان جبرائيل انزل القرآن من عند الله والله مصدقا لما بين يدي جبرائيل من الآيات التي أرسله بها, فليس هذا سببا إلى عدم الإيمان بمحمد لآن القرآن جاء من عند الله نزل به جبريل على قلب الرسول والله مصدقا عليه آية آية ولم يكن القرآن من عند جبرائيل
آل عمران الآية: 3 { نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل }.
يقول الطبري في قول الله . { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يعنـي بذلك القرآن، أنه مصدّق لـما كان قبله من كتب الله التـي أنزلها علـى أنبـيائه ورسله، ومـحقق ما جاءت به رسل الله من عنده، لأن منزل جميع ذلك واحد، }
يقول النسفى :- { مُصَدِّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } لما قبله
ونعود إلى الآية التي قبلها { الۤمۤ } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } * { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } .
*الله جل شانه لا إله غيره وهو الحي القيوم وانه انزل القرآن على محمد وانه (الله) مصدقا لما في هذا الكتاب وهو القرآن من أول حرف إلى آخر حرف وهذا التصديق مستمر إلى يوم القيامة لان { مُصَدِّقاً } {نصِب على الحال من الله وهو مستمر{ وأنزل التوراة والإنجيل }.

الأنعام الآية: 92 { وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون }.
جاء فى أنوار التنزيل وأسرار التأويل للإمام البيضاوي رحمه الله:- { مُّصَدّقُ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } يعني التوراة أو الكتب التي قبله.

تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) جاء فيه:-
فصل في معنى التصديق في الآية معنى كونه " مصدقاً لما قبله " من الكتب المنزلة قبله أنها [توافقنا في نفي الشرك وإثبات التوحيد].
قال تعالى: { وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.(يونس 37).

تفسير فتح القدير/ الشوكانى (ت 1250 هـ)
{ تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } من الكتب المنزلة على الأنبياء.

في تفسير روح المعاني للألوسى(متوفى 1270هجرية)
{ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } أي من الكتب الإلهية كالتوراة والإنجيل
في تفسير هذه الآية والله اعلم : الله ينفى عن القرآن أن يكون مفترى من عند محمد ولكن تصديق الذي يحتويه وتفصيله بلا شك هو من عند الله. لان الله ما دام نفى عن الرسول عليه الصلاة والسلام أن يكون افترى القرآن ويكون جواب النفي هو أن الله جل شانه هو الذي انزل القرآن ومصدق على كل كلمة منه لان الكلام والتفصيل لترتيب الآيات وترتيب السور لا ريب –لا شك- هو من عند الله أي ان ترتيب الآيات والسور موقوفة ولا يمكن التغير أو التعديل فيها .

قال سبحانه: { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } (يوسف 111).

جاء فى مفاتيح الغيب التفسير الكبير للإمام الرازي :/ { وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } وهو إشارة إلى أن هذه القصة وردت على الوجه الموافق لما في التوراة وسائر الكتب الإلهية،

قال عز وجل: { وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ هُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ }فاطر (31).
جاء في الوسيط في تفسير القرآن /طنطاوي:-{ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي: أن من صفات هذا القرآن أنه مصدق لما تقدمه من الكتب السماوية. كالتوراة والإِنجيل.}
جاء في الكشاف للزمخشرى:-{ ٱلْكِتَـٰبِ } القرآن. ومن للتبيين أو الجنس. و«من» للتبعيض { مُصَدّقاً } حال مؤكدة؛ لأنّ الحق لا ينفك عن هذا التصديق
{ لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } لما تقدّمه من الكتب .
في هذه الآية يقول الله جل جلاله { وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } الذي أوحى الله إلى الرسول هو القرآن :-{ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } ونجد هنا الدقة في التعبير بالذي أوحينا أي القرآن والقرآن لم يحدث به الله جل شأنه الرسول مباشرة ولكن وحيا عن طريق جبريل عليه السلام ولذلك يطمأن الله الرسول بان ما أوحي إليه عن طريق جبريل هو الحق من عند الله جل جلاله ومصدق عليه منه ولم يأتي جبريل من عنده بأي آية منه لان الله بعباده خبير بصير.
قال عز من قائل: { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ }(الأحقاف 30).
جاء فى الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي{ أنزل من بعد موسى }وهو القرآن { مصدقا لما بين يديه } يعني ما قبله من التوراة.
أي أن القرآن مصدقا على التوراة
تفسير الجلالين. الإصدار 1,13
للإمام جلال الدين المحلِّي وجلال الدين السيوطي { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً } هو القرآن { أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي تقدمه التوراة { يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ } الإسلام { وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي طريقه إن الجن لما استمعوا إلى القرآن وذهبوا إلى قومهم قالوا إنا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى ونلاحظ أن الجن اختزلوا المسافة بن الرسول وسيدنا موسى حتى لا يظن احد أن التوراة التي كانت بين يدي اليهود في زمن الرسول ولكنهم يتكلمون عن أصل التوراة التي أنزلت على موسي عليه السلام وان التوراة التي يعرفها الجن من قبل هي تصدق على القرآن الذي يدعون له بين قومهم فى كل ما جاء به التوراة من التوحيد وعبادة الله الواحد الأحد وهم عرفوا لقومهم المجهول للجن وهو القرآن بالمعلوم عندهم وهو توراة موسى.

أما ما جاء فى سورة المائدة { وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }(48).
جاء فى تفسير الشيخ الشعراوى (خواطر) رحمه الله:
(ولذلك قال الحق: { وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ } ونرى أن آيات القرآن تتآزر وتخدم كل منها الأخرى. ونزول الكتاب بالحق يحتاج إلى صدق دليل أنه ينزل من الله حقا، وأن تأتي كل قوانين الحق في حركة الحياة بالانسجام لا بالتنافر، وهناك آية تشرح كلمة " الحق ":
{ وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ }(الإسراء 105))
أي أنه نزل من عند الله وليس من صناعة بشر. { وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ } أي نزل بالمنهج من عند الله الذي يقيم منطق الحق في كل نفس وكل مكان، ويَضمن كل حق يقيم حركة الحياة.
وهنا أجملت الآية، فقالت: { وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَابِ } أي أن القرآن مصدق للكتب السماوية السابقة. وما الفارق بين كلمة " الكتاب " الأولى التي جاءت في صدر الآية، وكلمة " الكتاب " الثانية؟
إننا نعلم أن هناك " ال " للجنس، و " ال " للعهد، فيقال " لقيت رجلا فأكرمت الرجل " ، أي الرجل المعهود الذي قابلته. فكلمة الكتاب الأولى اللام فيها للعهد أي الكتاب المعهود المعروف وهو القرآن، وكلمة الكتاب الثانية يراد بها الجنس أي الكتب المنزلة على الأنبياء قبله، فالقرآن مهيمنٌ رقيبٌ عليها؛ لأنها قد دخلها التحريف والتزييف.)
وحاء فى جامع البيان لأحكام القرآن للإمام الطبري (رحمه الله)
هذا خطاب من الله تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم، يقول تعالـى ذكره: { وأنْزَلْنا إلَـيْكَ } يا مـحمد { الكِتابَ } ، وهو القرآن الذي أنزله علـيه. ويعنـي بقوله: { بـالـحَقّ }: بـالصدق، ولا كذب فـيه، ولا شكّ أنه من عند الله. { مُصَدّقاً لِـمَا بـينَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتابِ } يقول: أنزلناه بتصديق ما قبله من كتب الله التـي أنزلها إلـى أنبـيائه. { وَمُهَيْـمِناً عَلَـيْهِ } يقول: أنزلنا الكتاب الذي أنزلناه إلـيك يا مـحمد مصدقاً للكتب قبله، وشهيداً علـيها أنها حقّ من عند الله، أميناً علـيها، حافظاً لها. وأصل الهيـمنة: الـحفظ والارتقاب، يقال إذا رقيب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيـمن فلان علـيه، فهو يهيـمن هيـمنةً، وهو علـيه مهيـمن!.) ).

اما القول بأن القرآن امينا وحافظا لكتب السابقة مثل التوراة والانجيل فالسؤال هنا اذا كان القرآن امينا وحافظا للكتب السابقة فلماذا حرفت هذه الكتب وتم التغير والتبديل فيها؟
جاء فيما ذكره فضيلة الشيخ الشعراوى في تفسير الآية الكريمة (48) من سورة المائدة ما نصه : (ونزول الكتاب بالحق يحتاج إلى صدق دليل أنه ينزل من الله حقا).
ولكن لم يذكر فضيلته ذلك الدليل الذي أشار إليه ليؤكد ان القرآن من عند الله تعالى)........إنتهى
ولكن الدليل هو أن الله مصدقا لما بين يدي القرآن لأنه كذلك مهيمنا عليه اى أن الله حفيظا على هذا الكتاب كما جاء ايضا فى سورة (الحجر:9) { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ولم يتركه كغيره من الكتب السابقة للناس .
يقول الله سبحانه وتعالى انه انزل القرآن للرسول ليكون له منهاجا الدعوة وشرعتها وان الله مصدق لما بين يدي الكتاب وهو القرآن والله مهيمنا على القرآن وحافظا له .
وجاء في تفسير الطبري
{ وَمُهَيْـمِناً عَلَـيْهِ } يقول: أنزلنا الكتاب الذي أنزلناه إلـيك يا مـحمد مصدقاً للكتب قبله، وشهيداً علـيها أنها حقّ من عند الله، أميناً علـيها، حافظاً لها).
ولكن المفسر يعلم ان الكتب السابقة حرفت واخفوا منها الكثير حتى أنهم كتبوا غيرها وادعوا انه من عند الله تعالى فكيف يكون القرآن أمينا عليها حفيظا لها والقرآن نفسه فضحهم.

الخلاصة:
القرآن انزل على سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ليهدي الله به الناس أجمعين على مر الزمن والى ان تقوم الساعة وهو حجة على من استمعه ويصحح لأهل الكتاب كتبهم من التحريف والحذف والإضافة ويعرفهم أن ما كتبوا ليوهموا الناس انه من عند الله يعلمهم ويعلم الجميع أن هذا ليس من عند الله ولم ينزل القرآن ليكون مصدقا ومهيمنا(حافظا) علي كتبهم خاصة بعد تحريفهم إياها وتمسكهم بها ولم يعد لأصل التوراة والإنجيل وجود حسب تأكيد علماء النصاري.

والله أعلى واجل واعلم .

• بتصرف بسيط

يتبع
 
التعديل الأخير:
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/غُلِبت الروم

بسم الله الرحمن الرحيم
تحدي القرآن ــ ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
غُلِبت الروم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم القيامة.

جاء فى سورة الروم:
الآية: 1 - 5 { الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم }

جاء في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي:

قوله تعالى: " الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض " روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت: " الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض - إلى قوله - يفرح المؤمنون * بنصر الله ". قال: ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس. قال: هذا حديث غريب من هذا الوجه. هكذا قرأ نصر بن علي الجهضمي " غلبت الروم ". ورواه أيضا من حديث ابن عباس بأتم منه. قال ابن عباس في قول الله عز وجل: " الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض " قال: غلبت وغلبت، قال: كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم لأنهم وإياهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب؛ فذكروه لأبي بكر فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( أما إنهم سيغلبون ) فذكره أبو بكر لهم فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلا، فإن ظهرنا كان لنا كذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا فجعل أجل خمس سنين، فلم يظهروا؛ فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( ألا جعلته إلى دون ) - أراه قال العشر - قال قال أبو سعيد: والبضع ما دون العشرة. قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال: فذلك قوله " الم * غلبت الروم - إلى قوله ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ". قال سفيان: سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب. ورواه أيضا عن نيار بن مكرم الأسلمي قال: لما نزلت " الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين " وكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم لأنهم وإياهم أهل كتاب، وفي ذلك نزل قول الله تعالى: " ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم " وكانت قريش تحب ظهور فارس لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث، فلما أنزل الله هذه الآية خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه يصيح في نواحي مكة: " الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين ". قال ناس من قريش لأبي بكر: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبك أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: بلى. وذلك قبل تحريم الرهان، فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان. وقالوا لأبي بكر: كم تجعل البضع؟ ثلاث سنين أو تسع سنين؟ فسم بيننا وبينك وسطا تنتهي إليه؛ قال فسموا بينهم ست سنين؛ قال: فمضت الست سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس، فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين، قال: لأن الله تعالى قال " في بضع سنين " قال: وأسلم عند ذلك ناس كثير. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب. وروى القشيري وابن عطية وغيرهما: أنه لما نزلت الآيات خرج أبو بكر بها إلى المشركين فقال: أسركم أن غَلبت الروم؟ فإن نبينا أخبرنا عن الله تعالى أنهم سيغلبون في بضع سنين. فقال له أبي بن خلف وأمية أخوه - وقيل أبو سفيان بن حرب -فقال له أبي بن خلف وأمية أخوه - وقيل أبو سفيان بن حرب - : يا أبا فصيل - يعرضون بكنيته يا أبا بكر - فلنتناحب - أي نتراهن في ذلك فراهنهم أبو بكر. قال قتادة: وذلك قبل أن يحرم القمار، وجعلوا الرهان خمس قلائص والأجل ثلاث سنين. وقيل: جعلوا الرهان ثلاث قلائص. ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: ( فهلا احتطت، فإن البضع ما بين الثلاث والتسع والعشر ولكن ارجع فزدهم في الرهان واستزدهم في الأجل ) ففعل أبو بكر، فجعلوا القلائص مائة والأجل تسعة أعوام؛ فغلبت الروم في أثناء الأجل. وقال الشعبي: فظهروا في تسع سنين. القشيري: المشهور في الروايات أن ظهور الروم كان في السابعة من غلبة فارس للروم، ولعل رواية الشعبي تصحيف من السبع إلى التسع من بعض النقلة. وفي بعض الروايات: أنه جعل القلائص سبعا إلى تسع سنين. ويقال: إنه آخر فتوح كسرى أبرويز فتح فيه القسطنطينية حتى بنى فيها بيت النار؛ فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فساءه ذلك، فأنزل الله تعالى هاتين الآيتين. وحكى النقاش وغيره: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما أراد الهجرة مع النبي صلى الله عليه وسلم تعلق به أبي بن خلف وقال له: أعطني كفيلا بالخطر إن غلبت؛ فكفل به ابنه عبدالرحمن، فلما أراد أبي الخروج إلى أحد طلبه عبد الرحمن بالكفيل فأعطاه كفيلا، ثم مات أبي بمكة من جرح جرحه النبي صلى الله عليه وسلم، وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية على رأس تسع سنين من مناحبتهم. وقال الشعبي: لم تمض تلك المدة حتى غلبت الروم فارس؛ وربطوا خيلهم بالمدائن، وبنوا رومية؛ فقمر أبو بكر أبيا وأخذ مال الخطر من ورثته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ...)انتهى كلام القرطبي.
هذا ماقاله المفسرين من القرطبي إلى الطبري إلى غيرهم حتى آخرهم الشيخ الشعراوى .

جاء فى ظلال القرآن لسيد قطب:
{ الۤـمۤ } * { غُلِبَتِ ٱلرُّومُ } * { فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ } * { فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ }.
نزلت الآيات الأولى من هذه السورة بمناسبة معينة. ذلك حين غلبت فارس على الروح فيما كانت تضع يدها من جزيرة العرب. وكان ذلك في إبان احتدام الجدل حول العقيدة بين المسلمين السابقين إلى الإسلام في مكة قبل الهجرة والمشركين.. ولما كان الروم في ذلك الوقت أهل كتاب دينهم النصرانية، وكان الفرس غير موحدين ديانتهم المجوسية، فقد وجد المشركون من أهل مكة في الحادث فرصة لاستعلاء عقيدة الشرك على عقيدة التوحيد، وفألاً بانتصار ملة الكفر على ملة الإيمان.

ومن ثم نزلت الآيات الأولى من هذه السورة تبشر بغلبة أهل الكتاب من الروم في بضع سنين غلبة يفرح لها المؤمنون، الذين يودون انتصار ملة الإيمان من كل دين.

وجاء فى تفسير الشعراوى – خواطره-:
وفي قوله سبحانه: { وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ } [الروم: 3] بشرى للمسلمين، فالفرس قوم كانوا يعبدون النار، أما الروم فأهل كتاب، إذن: فالخلاف بيننا وبين الفرس في القمة الإلهية، أمَّا الخلاف بيننا وبين الروم ففي القمة الرسالية، فَهُم أقرب إلينا؛ لأنهم يؤمنون بإلهنا، وإنْ كانوا لا يؤمنون برسولنا.
هذا ما جاء به اغلب المفسرين وان لم يكن جميعهم ولكن ملة الكفر واحده فالإيمان ليس بينه وبين الشرك أو الكفر منطقة وسط فإما مؤمن موحد او كافر ومثله مثل كل الكفرة.فلماذا يفرح المؤمنون لمن قال عليهم الله فى كتابه العزيز فى سوره المائدة الآيات 73الى75:
{ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم * أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم * ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون * قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم }.
من الآيات يتضح أن أهل الكتاب من النصارى هم كفرة وليس بينهم وبين الفرس شئ الفرس كفره وأهل الكتاب كفره .

اما عن القول بانهم اهل كتاب فالكتاب الذى بين ايديهم قال الله فيه:
لقد قال الله عز وجل عن هذا الكتاب الذي بين يدي أهل الكتاب من يهود ونصارى فى سورة البقرة: { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }(79) . وتوعدهم الله تبارك وتعالى بالويل كما جاء فى الآية { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم }.

حتى أن تفسيرهم لكتابهم لم يكن بالدقة التي يجب أن تكون لمثل هذا الكتاب وقال تعالى أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه كما جاء فى الآية 79 من سورة البقرة : { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا } وقال تعالى :
{ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } (سورة آل عمران / 78).

اهل الكتاب يحرفون الكلم عن مواضعه كما جاء فى فى ثلاث آيت فى القرآن ومنها على سبيل المثال :
جاء فى الآية 41 من سورة المائدة: { يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَٱحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم }.

هذا ما قاله القرآن عن أهل الكتاب فلا معنى أن يفرح لهم المسلمين تعصبا لهم ضد الفرس وجميعهم كافرين ولكن السؤال هنا لنوضح ما أراده الله عز وجل من هذه الآية
( والله اعلى وأعلم) .

لو حدث إن لم ينتصر الروم على الفرس بعد هذه النبوءة من الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .ماذا سيكون الوضع؟.
يكون القرآن ليس بكلام الله ويفرح الكفار لهذا الانتصار لهم على المسلمين ويشككوا فى الرسالة كلها لأن القرآن قال أن الروم سيغلبوا ولم يحدث ولكن لو حدث العكس (اى انتصر الروم على الفرس كما ذكر القرآن) يفرح المسلمين لأن ما قاله القرآن تحقق وهو انتصارا لله ورسوله والمؤمنون ودليل على ذلك ما كان من أبى بكر رضي الله عنه عندما راهن الكافر على أن ما قاله الوحي لرسوله فى القرآن صدق ولابد أن يكون وروى انه (قال ناس من قريش لأبي بكر: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبك أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: بلى. وذلك قبل تحريم الرهان، فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان. وقالوا لأبي بكر: كم تجعل البضع؟ ثلاث سنين أو تسع سنين؟ فسم بيننا وبينك وسطا تنتهي إليه؛ قال فسموا بينهم ست سنين؛ قال: فمضت الست سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس، فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين، قال: لأن الله تعالى قال "في بضع سنين" قال: وأسلم عند ذلك ناس كثير. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب. وروى القشيري وابن عطية وغيرهما:
واضح مما سبق أن المؤمنون سيفرحون لنصر الله لرسوله والمؤمنين وتحقق ما ذكره الله فى القرآن وتلاه الرسول على المؤمنين ولم يكن أبدا تعصبا لأهل الروم لأنهم أهل كتاب وذلك لأنهم كفرة ولا فرق بينهم وبين الفرس . والله أعلى واعلم .

تم بحمد لله وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

يتبع
 
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة التحدي بالقرآن ـ ليس بكلام بشر
تدبر /محمد ابراهيم عبد الغنى قطب
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }*

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه باحسان إلى يوم القيامة
يقول الله تعالى فى الآية الكريمة المحكمة 11 من سورة الشورى :
بسم الله الرحمن الرحيم { فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }

جاء فى ظلال القرآن للمرحوم سيد قطب :
{ ليس كمثله شيء }.. والفطرة تؤمن بهذا بداهة. فخالق الأشياء لا تماثله هذه الأشياء التي هي من خلقه.. ومن ثم فإنها ترجع كلها إلى حكمه عندما تختلف فيما بينها على أمر، ولا ترجع معه إلى أحد غيره؛ لأنه ليس هناك أحد مثله، حتى يكون هناك أكثر من مرجع واحد عند الاختلاف.

جاء فى الوسيط فى تفسير القرآن الكريم:للشيخ طنطاوي
(ثم نزه - سبحانه - ذاته عن الشبيه أو النظير.. فقال { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }.
أى: مثله شئ - تعالى -: لا فى ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فالكاف مزيدة في خبر { لَيْسَ } و { شَيْءٌ } اسمها. أي: ليس شئ مثله.
أو أن الكاف أصلية. فيكون المعنى: ليس مثله - تعالى - أحد لا فى الذات ولا فى الصفات ولا فى الأفعال.
وذلك كقول العرب: مثلك لا يبخل، يعنون: أنت لا تبخل على سبيل الكناية، قصدا إلى المبالغة فى نفى البخل عن المخاطب بنفيه عن مثله، فيثبت انتفاؤه عنه بدليله.
والمقصود من الجملة الكريمة على كل تفسير: تنزيهه - تعالى - عن مشابهة خلقه فى الذات أو الصفات أو الأفعال.

قال صاحب الكشاف: قالوا: مثلك لا يبخل، فنفوا البخل عن مثله، وهم يريدون نفيه عن ذاته، قصدوا المبالغة فى ذلك فسلكوا به طريق الكناية، لأنهم إذا نفوه عمن يسد مسده، وعمن هو على أخص أوصافه، فقد نفوه عنه.
ونظيره قولك للعربى: العرب لا تخفر الذمم، كان أبلغ من قولك: أنت لا تخفر الذمم
والله الذي يجب أن يرجعوا إلى حكمه فيما يختلفون فيه من شىء هو خالقهم الذي سوى نفوسهم، وركبها: { جعل لكم من أنفسكم أزواجاً }.. فنظم لكم حياتكم من أساسها، وهو أعلم بما يصلح لها وما تصلح به وتستقيم. وهو الذي أجرى حياتكم وفق قاعدة الخلق التي اختارها للأحياء جميعا: { ومن الأنعام أزواجاً }.. فهنالك وحدة في التكوين تشهد بوحدانية الأسلوب والمشيئة وتقديرها المقصود.. إنه هو الذي جعلكم ـ أنتم والأنعام ـ تتكاثرون وفق هذا المنهج وهذا الأسلوب. ثم تفرد هو دون خلقه جميعا، فليس هنالك من شيء يماثله ـ سبحانه وتعالى ـ: { ليس كمثله شىء }.. والفطرة تؤمن بهذا بداهة. فخالق الأشياء لا تماثله هذه الأشياء التي هي من خلقه.. ومن ثم فإنها ترجع كلها إلى حكمه عندما تختلف فيما بينها على أمر، ولا ترجع معه إلى أحد غيره؛ لأنه ليس هناك أحد مثله، حتى يكون هناك أكثر من مرجع واحد عند الاختلاف.

جاء فى تفسير الطبرى رحمه الله :
(وقوله: { لَيْس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } فيه وجهان: أحدهما أن يكون معناه: ليس هو كشيء، وأدخل المثل في الكلام توكيداً للكلام إذا اختلف اللفظ به وبالكاف، وهما بمعنى واحد، كما قيل:واستدلال على القرآن بأبيات من الشعر).

جاء فى الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي رحمه الله:
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } قيل: إن الكاف زائدة للتوكيد؛ أي ليس مثله شيء.ثم استدلال ببعض من الشعر.

جاء فى تفسير الجلالين ؛
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ } الكاف زائدة لأنه تعالى لا مثل له { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ } لما يقال { ٱلبَصِيرُ } لما يفعل..

جاء فى تفسير القرآن لابن كثير:
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ } أي: ليس كخالق الأزواج كلها شيء؛ لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له.

جاء في مفاتيح الغيب التفسير الكبير للإمام الرازي.
قال تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } وهذه الآية فيها مسائل:
المسألة الأولى: احتج علماء التوحيد قديماً وحديثاً بهذه الآية في نفي كونه تعالى جسماً مركباً من الأعضاء والأجزاء وحاصلاً في المكان والجهة، وقالوا لو كان جسماً لكان مثلاً لسائر الأجسام، فيلزم حصول الأمثال والأشباه له، وذلك باطل بصريح قوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } ويمكن إيراد هذه الحجة على وجه آخر، فيقال إما أن يكون المراد { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } في ماهيات الذات، أو أن يكون المراد ليس كمثله في الصفات شيء، والثاني باطل، لأن العباد يوصفون بكونهم عالمين قادرين، كما أن الله تعالى يوصف بذلك، وكذلك يوصفون بكونهم معلومين مذكورين، مع أن الله تعالى يوصف بذلك، فثبت أن المراد بالمماثلة المساواة في حقيقة الذات، فيكون المعنى أن شيئاً من الذوات لا يساوي الله تعالى في الذاتية، فلو كان الله تعالى جسماً، لكان كونه جسماً ذاتاً لا صفة، فإذا كان سائر الأجسام مساوية له في الجسمية، أعني في كونها متحيزة طويلة عريضة عميقة، فحينئذ تكون سائر الأجسام مماثلة لذات الله تعالى في كونه ذاتاً، والنص ينفي ذلك فوجب أن لا يكون جسماً.

وجاء فى كتاب إعراب القرآن للنحاس :
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } أي لا يقدر أحد على هذا غيره والكاف/ 221/ ب في { كَمِثْلِهِ } زائدة للتوكيد لا موضع لها من الإِعراب لأنها حرف، ولكن موضع { كَمِثْلِهِ } موضع نصب. والتقدير: لَيسَ مِثلَهُ شيءٌ { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }
ومع أنه - سبحانه - { ليس كمثله شىء }.. فإن الصلة بينه وبين ما خلق ليست منقطعة لهذا الاختلاف الكامل. فهو يسمع ويبصر: { وهو السميع البصير }.. ثم يحكم حكم السميع البصير.

هذا ما جاء به المفسرين وقد اجمعوا على أن الآية تشير الى ذات الله وليس لها من مثل .
يقول الله فى الآية الكريمة 11 من سورة الشورى: { فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }
أوردت من ما جاء به بعض المفسرين واجمعوا على ان ليس مثل الله شئ فى الكون كله ولان اشتبهت عليهم الجملة و لو فسروها حسب نص الآية فيكون ليس مثل مثل الله شئ ولكن هذا غير جائز وغير معقول فمنهم من قال أن الكاف زائدة ليخرجوا من المأزق فى تفسيرهم
هذا بعض ما جاء به المفسرين القدامى والمعاصرين ومنهم من قال ان الكاف زائده فى الجمله وهذا لا يجوز القول به فى القرآن فالقرآن انزل من لدن حكيم خبير كما جاء فى الآية الأولى من سورة هود : { الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } فليس معقول ان يكون هناك حرف واحد زائد أو ناقص فى القرآن .
لو دققنا فى الآية الكريمة 11 من سورة الشورى { فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }
نجد الله تعالى يذكر بعض من آياته فى الخلق ففي هذه السورة يذكر الله انه خالق السماوات والأرض وجعل من أنفسنا أزواجا وهى المرأة - فالرجل زوج والمرأة زوج وهما زوجان - ,وكلمة أزواجا هى جمع لكلمة زوج والزوج لابد له من زوج آخر يكمله ولا غنى لزوج عن زوجه الآخر فالرجل لا غنى له عن المرأة والعكس صحيح فالمرأة لا غنى لها عن الرجل .أما قول الله تبارك وتعالى ( وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً ) .كلمة أنعام هي كل ما يتمتع به الإنسان وهى الخيرات التي جعلها الله له فى الأرض من الحيوان والنبات فالحيوان زوج للنبات والنبات زوج للحيوان لأنه لا غنى عن احدهما عن الآخر فالحيوان لا غنى له عن النبات وكذلك النبات لا غنى له عن النبات الذي يساعد على إنباته وهناك نباتات تعتمد فيها على الانتشار على الحيوانات فبعض النباتات التي لها بذور التي يأكلها الحيوان وينتقل الحيوان من مكان إلى آخر ثم ينزل البذور مع روث البهائم من مكان إلى مكان وتنبت البذور فى مكان آخر وكذلك بعض النباتات التي بذورها لها أشواك فتعلق هذه البذور فى صوف أو وبر الحيوانات وتنتقل إلى مكان آخر كذلك بعض النباتات التى تتغذى على افتراس الحشرات. وما دام لا غنى عن احدهما عن الآخر فيكونا أزواجا .وفى هذه الآية الكريمة يقول لنا الله أنه خلق كل الخلائق , السماء وما فيها والأرض ومافيها (الإنسان والحيوان والنبات) .
( يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ) الخطاب للإنسان فيقول الله تبارك وتعالى انه خلقنا من هذه الأنعام .كيف؟
الله خلق الانسان من طين وينموا ويكبر من عناصر الطين ولكن الإنسان لا يأكل التراب ولا يصنع طينا يأكله فجعل النبات والحيوان همزة الوصل بين الإنسان والطين ووزع عناصر ومواد تكوينه فى النبات والحيوان فالنبات يمد الإنسان بالفيتامينات التي لا غنى له عنها وكذلك الكربوهيدرات التي تولد الطاقة التي يحيى بها الإنسان والحيوان يمد الإنسان بالبروتينات التي تساعد على نمو جسده والدهون التي تمده أيضا بالطاقة وكذلك بعض العناصر كالحديد وغيره من العناصر التي يأخذها الحيوان من النبات .
إذن الله خلق الإنسان كله من النباتات والحيوانات أي أن الله ذرأ ووزع ما يتكون منه جسم الإنسان فى هذه الأنعام وكلمة ( ذرأ ) تعنى خلق كما جاء فى القاموس المحيط
إذن الإنسان فى حياته من البداية إلى النهاية يعتمد فى نشأته ومعيشته على النبات والحيوان الذي يتغذى على النبات أيضا ليكون ما يحتاجه جسم الإنسان فى النمو هذا معنى ( يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ) فى الآية .
والله تعالى أعلى واعلم .
أما قول الله جل وعلا فى الآية ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) اى ليس كمثل خلقه خلق والضمير هنا فى هذه الآية يعود على خلق الله تبارك وتعالى .
لم ولن يستطع إنسان أن يخلق سماء ولا ارض وذرأ فيها كل هذه الخلائق من نبات وحيوان ويجعلهم أزواجا اى لا غنى لأحد عن الآخر أما القول بان ليس كمثله شئ تعنى ان لا احد مثل الله فى ذاته فهذا حيود عن سياق الآية التي يتكلم فيها الله تبارك وتعالى عن بعض من خلقه والعلاقة بين الخلائق والله سميع بصير فلا يستطيع احد أن يدعى خلق مثل خلق الله تبارك وتعالى والله سميع لهم وبصير بهم .

تم بحمد الله والله أعلى واعلم
* بتصرف بسيط
يتبع
 
رد: سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني

الله يجزيك الخير يا أخونا
 
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/حكمة التوريث

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن-ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
حكمة التوريث

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
يقول الله عز وجل في محكم آياته
بسم الله الرحمن الرحيم { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا }النساء11.

يقول فضيلة الشيخ شعراوي رحمه الله تعالي في تفسيره لهذه الآية ما نصه:
(لقد أراد الله أن يكون المقياس، أو المكيال هو حظ الأنثى، ويكون حظ الرجل هنا منسوبا إلى الأنثى، لأنه لو قال: " للأنثى نصف حظ الرجل " لكان المقياس هو الرجل، لكنه سبحانه جعل المقياس للأنثى فقال: { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ }.
والذين يقولون: هذا أول ظلم يصيب المرأة، نريد المساواة. نقول لهم: انظروا إلى العدالة هنا. فالذكر مطلوب له زوجة ينفق عليها، والأنثى مطلوب لها ذكر ينفق عليها، إذن فنصف حظ الذكر يكفيها إن عاشت دون زواج، وإن تزوجت فإن النصف الذي يخصها سيبقى لها، وسيكون لها زوج يعولها.
إذن فأيهما أكثر حظا في القسمة؟ إنها الأنثى. ولذلك جعلها الله الأصل والمقياس حينما قال: { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ } فهل في هذا القول جور أو فيه محاباة للمرأة؟ إن في هذا القول محاباة للمرأة؛ لأنه أولا جعل نصيبها المكيال الذي يُرد إليه الأمر؛ لأن الرجل المطلوب منه أن ينفق على الأنثى، وهي مطلوب لها زوج ينفق عليها. ...... انتهى
في التعليل لفضيلة الشيخ الشعراوى ماذا لو إن امرأة لم تتزوج أيكون هذا النصف كاف؟ وماذا لو إن امرأة مات عنها زوجها ولها أولاد وليس لها دخل غير نصيبها من الميراث أيكفيها؟
كيف يكون إذا لم يكن للبنت أخ ألا يرث العم أو ابن العم الذى لا يقل نصيب اى منهم عن الثلث وحده اى أكثر من نصيب الأخ لو كانوا البنات أكثر من واحده مثلا.؟

والله أعلم بمراده, ولكني اجتهد في حدود علمي القليل { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا }الإسراء85
مات رجل وترك ابنة وابن فيكون للولد ثلثي التركة والبنت الثلث ألباقي وهكذا يكون التقسيم في جميع الأحوال للذكر مثل حظ الأنثيين والذكر هنا هو أخ للبنات ويكون نصيبه ضعف نصيب البنت فى حالة ما يكون عدد البنات اكثر من واحده حتى لو كانوا عشرة بنات فالأخ يكون نصيبه نصيب بنتين فقط ولكن العم او ابن العم يرث الثلث وحده ان لم يكن لهن أخ بمعنى ان نصيب العم او ابن العم اكبر فى جميع الحالات عن الأخ والذى نصيبه يتوقف على عدد اخواته البنات لماذا وهل ينطبق كلام فضيلة الشيخ الشعراوى فى حالة ان لم يكن للبنات اخ ؟ وهل الله يعاقب البنات لأن لم يكن لهم أخ؟
حاشاه ان يكون ذلك فالله هو العدل وله كمال الحق المطلق علي ذلك أونبحث عن حكمته تعالى فى هذا التوزيع الدقيق العجيب الذى لا يكون الا من خبير حكيم .

الله عز وجل فرض على المسلمين روابط كثيرة وأوصانا بها مثل أخوة ألإسلام وصلة الرحم وصلة الدم وأوصانا بها وشدد عليها وصلة الجوار وغيرها من الصلاة التي أوصانا بها الدين الحنيف:
{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } النساء36
{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل 90
{ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا }الإسراء26
البقرة 177 { وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي ٱلْقُرْبَىٰ }

وقد ذكرت(ذي القربى)11 مرة في القرآن الكريم وكثير من ألأحاديث النبوية الشريفة التي توصى بصلة الرحم والأحاديث القدسية الشريفة:
والرجل هو المنوط الرئيسي به لصلة الرحم أما الأنثى فهي الجانب الضعيف فهي طوع أمر زوجها , والصلة التي دائما في مقدمة الوصايا هي صلة الرحم وهذا لايوجد في العقائد الأخرى وهو تفضل من الله عز وجل علينا كمسلمين فالأخت طوال حياتها يجب على ألأخ أن يودها ويزورها ويجاملها ولأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها فقد اقتطع جزء معلوم من حقها وأضافه إلى ألأخ كأمانة او ( وديعة )عنده ليرده اليها هى او غيرها من الاخوات فقد تتعرض البنت لمشاكل مع زوجها أوحتى مع أولادها هنا يكون دور ألأخ فيكون لها سند وهو ليس تفضلا منه ولا يعطيها من رزقه أو رزق أولاده لكن من نصيبها الذي أضافه الله عز وجل له في التوريث ويكون ترك عنده حقا يقابله حق عليه وان لم يفعل ذلك سوف يحاسب عليه لأنه أكل الحق وقاطع للرحم وقد قال الله جل شأنه (الرحم اشتققته من أسمى من وصله وصلته ومن قطعه قطعته)أو كما قال, وعن الرسول عليه الصلاة وأزكى السلام ( من أراد إن يبارك له في رزقه وينسأ له في عمره فليصل رحمه ) أو كما قال, وكثير من ألأحاديث التي ترغب في صلة الرحم وكذلك تتوعد قاطعه.

ودليل آخر في حالة ما إذا لم يكن للبنات أخ فان العم أو ابن العم يكون له نصيب اكبر من ألأخ لوكان موجودا فالعم أو ابن العم لا يقل نصيبهم عن الثلث مهما كان عدد البنات رغم أن الأخ نصيبه يتوقف على عدد أخواته لماذا؟
هل الله يريدأن يعاقب البنات لأن ليس لهم أخ فيورث العم أو ابن العم في تركة والدهم ويعطيهم نصيب اكبر مما لو كان لهم أخ؟ .
حاشى لله وهو العدل ولكن لأن درجة القرابة بعدت قليلا--(الأخ درجة ثانيه والعم درجه ثالثة وابن العم درجة رابعة بالنسبة لبنات المتوفى ) – فأعطى العم أو ابن العم نصيب اكبر وكأنه أستأجره لهم ليأخذ جزء منه كأجرة له والباقي عنده (كوديعة ) لا يتحرر منه واولاده من بعده ويرده عليهم فيزورهم ويفتح لهم بيته ويقوم بدور الأب أو ألأخ ويكون للبنات سند في حياتهم ويصل فيهم رحمه ويفتح لهم بيته إذا اضطرتهم الظروف بلا تفضل منه عليهم لأنه حقهم في أبيهم الذي شاء الله أن يستأجره لهم بجزء منه والباقي لابد إن يرد للبنات ويكون سند لهم بمال أبيهم وليس من ماله ويكون الله تبارك وتعالي فرضه له حق يقابله حق اكبر واشد لأن ما جعله الله له فى مال اخيه انما هو امانة او وديعة للبنات اولاد اخوه وان لم يفعل ذالك يكون اكل حقهم فى والدهم ولن يتركه الله ويحاسبه حسابا عسيرا .
أما المفهوم السائد بأن البنت إذا أخذت حقها فتكون أخذت حقها من أرث والدها وليس لها بعد ذلك اىشئ عند أخوها أو عمها أو ابن عمها وهذا مفهوم خاطئ وسوف يحاسب عليه حسابا عسيرا لأنه آكل حق البنات الذى تركه الله عنده ولم يصل رحمه في أخواته رغم أن الله ترك له جزء معلوم من نصيب أخواته البنات له وقس على ذلك ما جاء في حكمة التوريث والتي جعل من توزيع التركة أنصبة مختلفة لكي يتحقق منها الصلاة المختلفة صلة الرحم وصلة الدم وتشيع الروابط بين المسلمين.قال تعالى:
{ وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } النساء 9 .

اللهم اجعلنا من المتقين....آمين .
والله أعلى واعلم والحمد لله رب العالمين.

يتبع
 
التعديل الأخير:
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/شهادة امرأتين

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن ــ ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
شهادة امرأتين

الحمد لله الذي انزل القرآن علي عبده وتحدي به البشر من يوم أن انزل على سيدنا رسول الله إلى أن يرث الله الأرض وما عليها والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه الكرام ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم القيامة.
يقول الله تعالى في الآية282 من سورة البقرة: بسم الله الرحمن الرحيم { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِٱلْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِٱلْعَدْلِ وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ وَلاَ يَأْبَ ٱلشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوۤاْ أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَٰدَةِ وَأَدْنَىٰ أَلاَّ تَرْتَابُوۤاْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوۤاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }.

نستعرض ما جاء به بعض المفسرين من امهات كتب التفسير:
جاء في تفسير القرآن الكريم لابن كثير رحمه الله قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ } هذا إرشاد منه تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها؛ ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها، وأضبط للشاهد فيها، وقد نبه على هذا في آخر الآية حيث قال: { ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَـٰدَةِ وَأَدْنَىٰ أَلاَّ تَرْتَابُوۤاْ }.

وجاء في تفسير الجلالين رحمهما الله تعالى في تفسير { وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ } (أي الشهيدان) { فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ } يشهدون { مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَاء } لدينه وعدالته وتعدّد النساء لأجل { أَن تَضِلَّ } تنسى { إْحْدَاهُمَا } الشهادة لنقص عقلهن وضبطهن { فَتُذَكّرَ } بالتخفيف والتشديد { إْحْدَاهُمَا } الذاكرة { ٱلاْخْرَىٰ } الناسية وجملة الأذكار محل العلة أي لتذكر إن ضلت ودخلت على الضلال.

أما ما جاء في تفسير الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى غي قوله سبحانه : { فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ } إن الحق سبحانه وتعالى قد طلب منا على قدر طاقتنا أي من نرضى نحن عنهم، وعلل الحق مجيء المرأتين في مقابل رجل بما يلي: { أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ }؛ لأن الشهادة هي احتكاك بمجتمع لتشهد فيه وتعرف ما يحدث. والمرأة بعيدة عن كل ذلك غالبا.
أن الأصل في المرأة ألا علاقة لها بمثل هذه الأعمال، وليس لها شأن بهذه العمليات، فإذا ما اضطرت الأمور إلى شهادة المرأة فلتكن الشهادة لرجل وامرأتين؛ لأن الأصل في فكر المرأة أنه غير مشغول بالمجتمع الاقتصادي الذي يحيط بها، فقد تضل أو تنسى إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، وتتدارس كلتاهما هذا الموقف، لأنه ليس من واجب المرأة الاحتكاك بجمهرة الناس وبخاصة ما يتصل بالأعمال.

أما بالنسبة للمرحوم سيد قطب ، فقد جاء في تفسير في ظلال القرآن عن سبب لماذا يكون شهادة المرأتين فقد ينشأ من قلة خبرة المرأة بموضوع التعاقد، مما يجعلها لا تستوعب كل دقائقه وملابساته ومن ثم لا يكون من الوضوح في عقلها بحيث تؤدي عنه شهادة دقيقة عند الاقتضاء، فتذكرها الأخرى بالتعاون معاً على تذكر ملابسات الموضوع كله. وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية. فإن وظيفة الأمومة العضوية البيولوجية تستدعي مقابلا نفسياً في المرأة حتماً. تستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانية الانفعالية لتلبية مطالب طفلها بسرعة وحيوية لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء.. وذلك من فضل الله على المرأة وعلى الطفولة.. وهذه الطبيعة لا تتجزأ، فالمرأة شخصية موحدة هذا طابعها - حين تكون امرأة سوية - بينما الشهادة على التعاقد في مثل هذه المعاملات في حاجة إلى تجرد كبير من الانفعال، ووقوف عند الوقائع بلا تأثر ولا إيحاء. ووجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكر إحداهما الأخرى - إذا انحرفت مع أي انفعال - فتتذكر وتفيء إلى الوقائع المجردة.

كان لهذه الآية الكريمة وقفه عند بعض المستشرقين والذين يتربصوا بكلام الله عز وجل واعتبروا أن الإسلام ينتقص من حق المرأة حتى في الشهادة بين الناس بعد أن انتقصها حقها في التوريث وقد أوضحنا الحكمة في توزيع التركات -- (اقرأ حكمة التوريث للكاتب) –وبينا أن التوزيع بالطريق التي أمر بها الله كان لصالح المرأة وليس انتقاصا من حقها أو قدرها.
أما ما جاء في هذه الآية الكريمة والتي جاء فيها { وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ } .فقد اشتد المفسرين في التعليل لهذا الأمر كل حسب ما استطاع .
ولكن الله شاء أن يرد ويوضح الحكمة في تشريعه عن شهادة امرأتين والشهادة من غير المسلمين فقد جاء في جريدة الأهرام في العدد 44257 ‏السنة 132- الخميس 7 فبراير 2008 ، ‏30من المحرم 1429 هـ : الحمل يضعف الذاكرة‏.‏
لاتعولوا كثيرا علي ذاكرة المرأة الحامل فهي كثيرة النسيان وقد يستمر الأمر بعد الولادة لعام كامل قبل أن تستعيد ذاكرتها تماما‏,‏ وهذه النتائج أكدتها دراسة استرالية حديثة أثبتت أن الحمل يتسبب في ضعف ذاكرة النساء‏,‏ وأن هذه الحالة تستمر لفترة ما بعد الولادة أحيانا‏.‏
وتقول جوليا هنري‏,‏ وهي واحدة من فريق البحث بجامعة نيوساوث ويلز بسيدني ما وجدناه هو أن المجهود الذهني المرتبط بتذكر تفاصيل جديدة أو أداء مهام متعددة المراحل‏,‏ يصاب باضطراب‏..‏ وأضافت قد تعجز المرأة الحامل مثلا عن تذكر رقم جديد‏,‏ لكنها ستستعيد بسهولة الأرقام القديمة التي كانت تطلبها علي الدوام‏,‏ ورجحت الدراسة أن يكون السبب تغييرا في هرمونات الجسد والتغير السريع في نمط المعيشة وانشغال النساء بالحياة الجديدة ورعاية الطفل إلي جانب تأثير اضطرابات النوم التي تؤدي إلي ضعف الحضور الذهني‏.‏
هذا ما جاء في جريدة الأهرام واعتقد أن البحث الذي تم في استراليا رد ردا قويا على المشككين في القرآن وفسر الآية تفسيرا علميا غير قابل للشك .
هذا وقد ثبت علميا أن الدورة الشهرية عند النساء تصيبهن الأنيميا التي تؤثر على الذاكرة
وصدق الله العظيم إذ قال في كتابه العزيز في سورة الملك،الآية 14 { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ }
وفى سورة فصلت الآية 53 { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }
ولا أجد ابلغ من كلام الله للرد على المشككين في كتابه العزيز في ختام المقالة والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام.

يتبع
 
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/رد شبهات النصارى حول القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن- ليس بكلام بشر
تدبر /محمد ابراهيم عبد الغنى قطب
رد شبهات النصارى حول القرآن*

الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين عليه وعلى آله وصحبه الكرام ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
قبل ان اكتب فى هذا الموضوع لا بد ان أعلن براءة السيد المسيح من هذه الخرافات وإننا نحن المسلمين نحب ونقدر السيد المسيح كحبنا لرسولنا عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام.
عجز النصارى على أن يثبتوا عقيدتهم من كتابهم المسمى الكتاب المقدس وعجزوا أن يردوا كل الشبهات حوله ليس فقط من المسلمين ولكن أيضا من النصارى أنفسهم واخذوا يتخبطوا ولم يجدوا إلا أن يتقولوا على القرآن ما ليس فيه وادعوا أن الذي أملاه على الرسول هو كاهن وهو ورقة ابن نوفل وهو مسيحي حسب كلامهم وقالوا إن الذي أملاه على الرسول هو الشيطان وهذا هو بالضبط الذي يقولونه فى دروس الأحد لأطفالهم وشبابهم ثم ادعوا أن به أخطاء نحوية وذلكم للحد من كثرة إسلام شبابهم وشباتهم ودخولهم دين الله الحق وهم فى تخبط واضح وعجزوا تماما أن ينالوا من القرآن .
اننى سوف أرد على مزاعمهم باختصار على قدر علمي المتواضع رغم أن فقهائنا الأفاضل فندوا لهم أباطيلهم وأكاذيبهم ولأنهم قوم لا يفقهون ما زالوا يرددون أباطيلهم ظنا منهم أن شبابهم لا يتابعوا القنوات الفضائية وما يكتب من علماء المسلمين فى هذا الشأن وزاد عدد المسيحيين والمسيحيات فى دخول الإسلام حسب قولهم فى مناقشة زيادة عدد حالات الارتداد عن المسيحية وكان ذلك فى المجمع المقدس وقالوا إن استمر هذا المعدل فمصر ستخلو تماما من النصارى وينقرضوا فى سنة2200 ميلادية ولا يبقى ولا نصراني واحد وعندي تسجيل للاجتماع الذي ناقشوا فيه هذا الأمر فى المجمع المقدس.
يقول الله تعالى فى كتابه العزيز:.
بسم الله الرحمن الرحيم. { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } الحاقة 42
ونبدأ بفضل الله :

أولا: القول بان القرآن أملاه كاهن وهو ورقة ابن نوفل النصرانى على الرسول صلى الله عليه وسلم:

اذا كان هذا زعم النصارى فلنرى إيمان النصارى وما قاله القرآن فيهم.
ايمان رهبان النصارى يدعوا أن المسيح هو ابن الله .
جاء فى كتابهم على سبيل المثال لا الحصر:
( رسالة يوحنا الرسول الأولى) 1 يو 5: 11 (وهذه هي الشهادة ان الله اعطانا حياة ابدية وهذه الحياة هي في ابنه.)
(( رسالة يوحنا الرسول الأولى) 1 يو 5: 12(من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة)
( رسالة يوحنا الرسول الأولى) 1 يو 5: 13(كتبت هذا اليكم انتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا ان لكم حياة ابدية ولكي تؤمنوا باسم ابن الله).
( رسالة يوحنا الرسول الأولى) 1 يو 5: 20(ونعلم ان ابن الله قد جاء واعطانا بصيرة لنعرف الحق.ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح.هذا هو الاله الحق والحياة الأبدية.)
(رسالة يوحنا الرسول الثانية) 2 يو 1: 3(تكون معكم نعمة ورحمة وسلام من الله الآب ومن الرب يسوع المسيح ابن الآب بالحق والمحبة)
هذا إيمان النصارى من كتابهم.
ماذا قال الله فى القرآن فى هذا القول: في سورة مريم :
{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا(92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا )(95)}.

ثانيا: صلب االمسيح
ان النصارى يؤكدون صلب المسيح وهو أساس العقيدة النصرانية وبدون صلب المسيح لا توجد عقيدة النصارى لأنهم بنو عليها إيمانهم وعقيدتهم.
لنرى ماذا جاء فى كتابهم عن صلب السيد المسيح:
متى 27 [25 فأجاب جميع الشعب وقالوا دمه علينا وعلى اولادنا.26 حينئذ اطلق لهم باراباس.واما يسوع فجلده واسلمه ليصلب]
(ما جاء فى اصحاح 27 العدد 25-26-)سلموا المسيح حسب اعتقادهم للصلب
متى 27(43 قد اتكل على الله فلينقذه الآن ان اراده.لانه قال انا ابن الله.44 وبذلك ايضا كان اللصّان اللذان صلبا معه يعيّرانه).
اللصوص الذان صلبا معه ربهم كانوا يعيرانه.ّ!!!!.
مر 15: 25 (وكانت الساعة الثالثة فصلبوه.)
هذا ما جاء به مرقص فى إنجيله انه صلب الساعة الثالثة !!!
لا ندري كانت الساعة الثالثة مساءا أم صباحا وهل كانت الساعة من النوع الكوارتز كاسيو مثلا أو أي ماركة من الساعات لنطمئن لدقة التوقيت!!!!
المسيح(ربهم) لعن من اجلهم وصار لعنة كما جاء فى غلاطية:
غل 3: 13 (المسيح افتدانا من لعنة الناموس اذ صار لعنة لاجلنا لانه مكتوب ملعون كل من علّق على خشبة).!!!!!!!!
هذا بخلاف الضرب على القفا الذي أكله ربهم من الجنود حسب ما جاء فى كتابهم.
متى 27: 30 (وبصقوا عليه واخذوا القصبة وضربوه على راسه).
مرقس 15: 19 وكانوا يضربونه على راسه بقصبة ويبصقون عليه ثم يسجدون له جاثين على ركبهم.
لوقا 22: 64 (وغطوه وكانوا يضربون وجهه ويسألونه قائلين تنبأ.من هو الذي ضربك)

ماذا قال القرآن الكريم:
{ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا }(156) { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا } (157){ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا }(158).
{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا }(171){ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا }(النساء 172).
{ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }(آل عمران 55).

ملحوظة:
نصارى هذا الزمن لا يتبعون دين المسيح ولكن دين بولس الكذاب الذى افسد عقيدتهم ، قال تعالى:
{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }(المائدة 17)
{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ }(المائدة 72).
{ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }(المائدة 75).
{ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)}(المائدة).

هذا ما جاء به القرآن فأين وجه الشبه بين القرآن وما يؤمنون به النصارى فى كتابهم لو أحصيت الاختلاف بين ما جاء به كتابهم وما جاء به القرآن لكتبت مجلدا كبيرا خاصة على السيد المسيح وأمه الطاهرة مريم والتي اتهموها بالزنا .حاشاها أن تكون غير ما قال عنها القرآن.
سؤال إلى كل نصراني يقول بان الذي أملي القرآن على الرسول هو ورقة ابن نوفل الحبر النصراني.لماذا لا تؤمنوا بالقرآن وتتبعوا ما جاء به وتنازعوا المسلمين عليه لأنكم انتم الأولى به من اى مسلم لأنه من كلام الحبر النصراني حسب زعمكم ؟ .
أما الذين قالوا أن الذي أملى القرآن على الرسول هو الشيطان لا غرابه عندي فى ذلك لأن الشيطان أكثر خبرة وعلم من ربهم يسوع لأنه أخذه إلي البرية ليجربه وحسب ما جاء به احد القمامصة عندما سئل عن سبب عدم إعلان الرب يسوع انه هو الله وطلب عبادته قال بالحرف لأن الرب يسوع خاف من الشيطان حتى لا يفسد عليه ما جاء به وهو الصلب على حد زعمهم .
الشيطان فى الكتاب الذي يقدسه النصارى هو الوحيد المحترم واقوى من الرب.
كما جاء في إنجيل مرقص الاصحاح1:
الشيطان يجرب الرب يسوع أربعين يوما فى البرية.
)12 وللوقت أخرجه الروح إلى البرية.13 وكان هناك في البرية أربعين يوما يجرب من الشيطان.وكان مع الوحوش.وصارت الملائكة تخدمه).
مت 4: 1 (ثم أصعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من ابليس.)
اصحاح 4 :5ثم اخذه ابليس الى المدينة المقدسة واوقفه على جناح الهيكل. 6 وقال له ان كنت ابن الله فاطرح نفسك الى اسفل.لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك.فعلى اياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك.
أما القول بان الذي أملى القرآن على الرسول هو الشيطان:
لنقرأ بعض ما جاء فى القرآن عن الشيطان .
ذكر لفظ الشيطان فى القرآن55 مرة وكلها تحذير المؤمنين منه ، قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ }(البقرة 168).
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةًوَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ }(البقرة 208).
{ وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا }(النساء 28).
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا }(النساء 60).
{ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا }(النساء 120).
{ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ..}(المائدة 91).
{ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }(الاعراف200)
{ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ }(الأنفال 48).
{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }(إبراهيم 22).
هذا قليل من كثير يحذر الله عباده من الشيطان وأمرهم ان يتخذوه عدو لهم فلا يمكن يكون الشيطان أملى القرآن للرسول عليه أفضل الصلاة وأذكى السلام.

ثالثا :القول بان القرآن به أخطاء نحوية حسب قولكم ونقول انه كسر القاعدة وهذا ليس بغريب لأن القرآن آيات معجزات من الله تعالى وتحدي به البشر الى يوم القيامة وهو المعجزة الباقية على مر الزمان وجاء ذلك فى قول الله تعالى:
{ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ }(الطور 34)
{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }(هود 13).
{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }(يونس 38).
المعجزة تبدأ بأفعال طبيعية ويكون بها فعل لا يخضع للقواعد المعرفة ولنعطي مثلا من كتاب النصارى الذين يتغنون بهذا القول .
جاء في انجيل مرقص لاصحاح7(32 وجاءوا اليه باصم اعقد وطلبوا اليه ان يضع يده عليه.33 فاخذه من بين الجمع على ناحية ووضع اصابعه في اذنيه وتفل ولمس لسانه. 34 ورفع نظره نحو السماء وان وقال له افثا.اي انفتح. 35وللوقت انفتحت اذناه وانحل رباط لسانه وتكلم مستقيما.)
ما جاء فى إنجيل مرقص أنهم احضروا رجل أصم إلى السيد المسيح عليه السلام وهذا شئ طبيعي فأخذه السيد المسيح من وسطهم ووضع أصابعه فى آذن الأصم وتفل ولمس لسانه ورفع نظره الى السماء الى هنا كل شئ يسير بأفعال طبيعية ويتفق ونواميس الطبيعية فانفتحت أذن الرجل وأصبح يسمع وانحل رباط لسانه وتكلم هنا انكسرت القاعدة ولا تعلم لها كيفية ولا يسال عنها لأنها معجزة أتاها عيسى بإذن الله
انجيل متى الاصحاح9 (6 قال هذا وتفل على الارض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عيني الاعمى. 7 وقال له اذهب اغتسل في بركة سلوام.الذي تفسيره مرسل.فمضى واغتسل واتى بصيرا)
اما ما جاء فى إنجيل متى :
جاء رجل أعمى وطلب من السيد المسيح ان يمكنه من الرؤية ماذا فعل السيد المسيح من الأشياء الطبيعية انه تفل على الأرض وصنع من التفل طينا وطلي بالطين عين الأعمى وقال له اذهب فاغتسل كل هذه الأفعال أشياء تخضع لقوانين الطبيعة المعروفة ثم اتي الرجل بصيرا وهذا كسر لنوامس الكون او الطبيعة المعروفة.

والقرآن كتاب انزل من الله تعالى على قلب رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام ليبشر به المؤمنين وينذر الكافرين وهو المعجزة الباقية إلى يوم القيامة فلا غرابه ان يكون به آيات تتفق وقواعد النحو وآيات أخرى تكسر القاعدة المعرفة مثل ما جئت به من كتابكم عن المعجزات التي أتى بها السيد المسيح فما الغرابة فى ذلك .
علم النحو بدا على يد رجل اسمه أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر البصري، المعروف بسيبَوَيه (140 هـ/760 م-180 هـ/796 م) الذى بدأ يكتب هذا العلم هو علم الصرف والنحو بعد الهجرة النبوية ب 140هجرية أي لم يكن قبل نزول القرآن لنحتج به على القرآن.

هذا ملخص بسيط للرد على شبهات النصارى حول القرآن الكريم بادلة من كتابهم حتى لا يكون لهم حجة بعد ذلك.

ملحوظة: الأخطاء اللغوية والإملائية فى أنجيل النصارى رأيت عدم التدخل لتصحيحها

* العنوان الأصلي رد الشبهات حول القرآن

يتبع
 
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/ما تنقص الأرض منهم

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن- ليس بكلام بشر
تدبر/ محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
ما تنقص الأرض منهم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم القيامة.

يقول الله جل جلاله في سورة ق: بسم الله الرحمن الرحيم
{ ق والقرآن المجيد * بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب * أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد * قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ * بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج } (1 ـ 5)

جاء فى الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي:
{ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } أي ما تأكل من أجسادهم فلا يضل عنا شيء حتى تتعذرعلينا الإعادة.

وجاء في الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام جلال الدين السيوطي:
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس: { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } قال: من أجسادهم وما يذهب منها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } قال: ما تأكل الأرض من لحومهم وأشعارهم وعظامهم.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في الآية قال: يعني الموتى تأكلهم الأرض إذا ماتوا. انتهى

أما الإمام الطبري رحمه الله قال:/
{ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } يقول : قد علمنا ما تأكل الأرض من أجسامهم بعد مماتهم، وعندنا كتاب بما تأكل الأرض وتفني من أجسامهم

( جاء في اختصار الصابوني )مختصر تفسير بن كثير:
قال ابن عباس { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } أي ما تأكل من لحومهم وأبشارهم، وعظامه) انتهى
اجمع جمهور الفقهاء على أن علم الله فى هذه الآية هو قدر ما تأكله الأرض من أجسادهم ولكن الإنسان خلق من الأرض ويعود إليها ولا يتغير من الأمر شئ فسواء كان الإنسان فوق الأرض او تحت الثرى فلن يزيد أو ينقص من الأرض شئ.

وجاء في تفسير الإمام جلال الدين السيوطي: { وألقت ما فيها } أخرجت ما فيها من الموتى { وتخلت } عنهم.

وجاء فى ظلال القرآن للمرحوم سيد قطب فى تفسيره لهذه الآية:
{ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم، وعندنا كتاب حفيظ }..(لكأنما التعبير يجسم حركة الأرض ويحييها وهي تذيب أجسادهم المغيبة فيها، وتأكلها رويداً رويداً. ويصور أجسادهم وهي تتآكل باطراد وتبلى. ليقول: إن الله يعلم ما تأكله الأرض من أجسادهم، وهو مسجل في كتاب حفيظ؛ فهم لا يذهبون ضياعاً إذا ماتوا وكانوا تراباً. أما إعادة الحياة إلى هذا التراب، فقد حدثت من قبل، وهي تحدث من حولهم في عمليات الإحياء المتجددة التي لا تنتهي) .....انتهى.

وجاء فى تفسير الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله:
(وأخرج أبو القاسم الختلي في الديباج عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: { إذا السماء انشقت } الآية قال: " أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة فأجلس جالسا في قبري وإن الأرض تحركت بي، فقلت لها: مالك؟ فقالت: إن ربي أمرني أن ألقي ما في جوفي، وأن أتخلى فأكون كما كنت إذ لا شيء في، فذلك قوله: { وألقت ما فيها وتخلت } )....انتهى

أجمع فقهاء التفاسير على أن الله عز وجل يعلم ما تنقصه الأرض من جسم الإنسان بعد الموت. نعم الله يعلم ذلك ولكن الآية تتكلم عن ما تنقص الأرض بفتح التاء وضم القاف اى أن الأرض هي التي تنقص منهم لماذا :

إذا نظرنا إلى الآية السابقة لهذه الآية محل التدبر في السورة الذي يقول فيها أن الكافرين يتعجبوا من كلام القرآن الذي انذرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم سوف يبعثون ويقولوا كيف إذا متنا وكنا ترابا أن نبعث من جديد إذن الكافرين يتعجبوا من هذا القول فعجبهم أنهم كيف يبعثون مرة أخرى ولكن الله يرد عليهم في هذه الآية أن الله يعلم ما تنقص منهم الأرض بعد البعث وفى سورة أخرى يقول لهم انه قادر على أن يجمع بنان كل واحد منهم كما جاء في سورة القيامة : { بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } .

ولو نظرنا في سورة الانشقاق الذي يقول فيها بسم الله الرحمن الرحيم:
{ إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5) يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)} .
{ وألقت ما فيها وتخلت } أي أخرجت أمواتها، وتخلت عنهم"

ملخص القول:
مما سبق يكون المشهد كالآتي :
يبعث الله الموتى كما جاء في سورة يس: { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } (51) { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } (52)
وعلى ما جاء في هذه الآيات من سورة يس فالله تعالى يبعث الموتى كما كان كل إنسان في حياته حتى أن الله سوف يسوى بصمات يديه ولن يترك مخلوق لن يبعث كما جاء في سورة الكهف 47 { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } ثم تتحرك الأرض كما جاء في سورة الانشقاق: { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ(5)}
اى أن الأرض تمتد وتلقى ما فيها من خلائق إلى الأرض الأخرى التي قال عنها الله تعالى فى سورة إبراهيم { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } ثم تعود إلى ما شاء لها الله أن تكون عليه لأنه ستبدل الأرض بالأرض الأخرى كما جاء { يوم تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ وَبَرَزُواْ للَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } (سورة إبراهيم الآية48 ).

ملخص القول:
بعد أن تلقى الأرض ما عليها من خلائق فان الله يعلم المقدار الذي نقصت منهم الأرض بعد أن بعثوا منها وأعيدوا للحياة من جديد وبعد أن تخلت عنهم إلى ارض أخري كما جاء في سورة إبراهيم 48 { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ وَبَرَزُواْ للَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } ثم تعود إلى ما شاء لها الله تعالى أن تكون ولا تشير الآية إلى ما ذهب إليه جمهور المفسرين ما تآكله الأرض من الميت –وهو يعلمه – لان الإنسان سواء على سطح الأرض يتحرك ويحيى آو تحت التراب بعد الموت لم ولن يؤثر في الأرض لا في حجمها أو في كتلتها أي وزنها ولا في أي شئ منها لأنه جزء منها.

والله محيط علمه بكل شئ خلقه.
والله أعلى واعلم

تم بحمد الله وتوفيقه والله اسأل أن يتقبله منى ولا أريد به إلا وجهه الكريم ويجعله لي في ميزان حسناتي وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

يتبع
 
التعديل الأخير:
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن ـ ليس بكلام بشر
تدبر/محمد ابراهيم عبد الغنى قطب
{ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

الحمد لله الذي أرسل رسوله مبشرا ونذيرا ليبشر الذين آمنوا وينذر الذين كفروا والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين عليه وعلى آله وصحبه الكرام ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
الله تبارك وتعالى وهو الرحيم بعباده أرسل لهم رسله لينذرونهم عذاب الحريق ويبشر الذين آمنوا بأن لهم الجنة وهو الغنى عن العباد ولا يضره من كفر ولو كفر الناس جميعا ولا ينفعه من آمن ولو آمن الناس جميعا فانه الغنى الحميد فله كل الحمد والشكر ان تفضل على العباد بالرسل ليحذرونهم بالعذاب ويبشر المؤمنين منهم بالجنات والنعيم يوم القيامة.
وقال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز ,بسم الله الرحمن الرحيم:
{ يَٰا مَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا }(الأنعام130) .
جاء فى تفسير الطبري رحمه الله في قول الله تبارك وتعالى : { وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } :
يقول: يحذّرونكم لقاء عذابي في يومكم هذا وعقابي على معصيتكم إياي.
إذن مهمة الرسل أن يحذروا الناس من عذاب يوم القيامة.

قال تعالى : { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }(النساء165).

جاء في تفسير الجلالين:
({ رُسُلاً } بدل من (رسلاً) قبله { مُبَشّرِينَ } بالثواب من آمن { وَمُنذِرِينَ } بالعقاب من كفر أرسلناهم { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ } تقال { بَعْدَ } إرسال { ٱلرُّسُلَ } إليهم.

وجاء في خواطر الشيخ الشعراوى :
أي مبشرين من آمن وأطاع بالجنة والثواب ومنذرين من كفر وعصى بالنار والعقاب.
من الآيتين الأنعام 130 والنساء165 نستنتج أن الرسل الذي يرسلهم الله هم أولا منذرين للكافرين ومبشرين للذين يؤمنوا
وفى تفسير الجلالين أن رسل الله إلى العباد مبشرين من آمن من العباد ومنذرين بالعذاب من كفر منهم ولم يؤمن.
مما تقدم نقول ان الله تعالى لا يبشر الا المؤمنين ولا ينذر إلا الكافرين فلا بشرى لكافر حتى ولو كان كما قال بعض المفسرين على سبيل التهكم. وجاء فى الآية { وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }(الحج: من الآية37).
{ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً } (الأحزاب:47) وتكون البشرى للمؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا فى الجنة يوم القيامة وكذلك يبشرهم بعذاب الكافرين والمنافقين بأن لهم عذاب السعير يوم القيامة.
قال سبحانه فى الآيات : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } (التوبة:34).
{ كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم }(لقمان: من الآية7).

جاء في تفسير جامع البيان فى تفسير القرآن للإمام الطبري:
وقوله { فَبَشِّرْهُ بعَذَابٍ ألِـيـمٍ } يقول تعالـى ذكره: فبشر هذا الـمعرض عن آيات الله إذا تُلِـيت علـيه استكبـاراً بعذاب له من الله يوم القـيامة مُوجع، وذلك عذاب النار.

وجاء في خواطر الشيخ الشعراوى :
{ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } (لقمان: 7) ونحن نعلم أن البشارة لا تكون إلا في الخير، فهي الإخبار بأمر سارٍّ لم يأْت زمنه، كما تبشر ولدك بالنجاح قبل أنْ تظهر النتيجة. أما البشارة بالعذاب فعلى سبيل التهكّم بهم والسخرية منهم، كما تتهكم من التلميذ المهمل فتقول له: أبشرك رسبت هذا العام. واستخدام البُشرى في العذاب كأنك تنقله فجأة من الانبساط إلى الانقباض، وفي هذا إيلام للنفس قبل أن تُقاسي ألم العذاب، فالتلميذ الذي تقول له: أُبشِّرك يستبشر الخير بالبشرى، ويظن أنه نجح لكن يُفَاجأ بالحقيقة التي تؤلمه.). انتهى
في المثل الذي ضربه الشيخ الشعراوى بالتلميذ الذي يتهكم منه ويبشره بالرسوب فان التهكم في محله لان التلميذ كان يتمنى النجاح أو على الأقل يعرف أن فيه نجاح للجاد من التلاميذ ولكن الكفار لا يؤمنوا لا بالجنة ولا بالنار وهم لا ينتظروا أن يدخلوا الجنة أصلا لأنهم لا يؤمنوا بها فلا مجال للتهكم بالبشرى لهم بالعذاب فلا بشرى أبدا من الله إلا للمؤمنين ولا إنذار وتهديد ووعيد من الله جل وعلا إلا للكافرين.

جاء في كتاب الله العزيز الحكيم : بسم الله الرحمن الرحيم
{ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ }(يونس: من الآية2)
{ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }(الحج: من الآية34)
{ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }(الحج: من الآية37)
{ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً }(الأحزاب:47) .

من الآيات السابقة نرى أنه لا بشرى إلا للمؤمنين.
ويكون في الآية { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } (لقمان: 7) اى يا محمد- صلى الله عليه وسلم- بشر المؤمنين بان الكافر الذي جاءت صفاته في الآية له عذاب مهين وهذه البشرى لا بد منها للمؤمنين لأن الكفار لم يتركوا لمسلمين فى حالهم ولكن آذوهم وأخرجوهم من ديارهم .
وجاء في سورة لقمان:{ كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم }(لقمان: من الآية7) أي أن يا محمد صلى الله عليه وسلم بشر المؤمنين أن الرهبان الذين يكنزون الذهب والفضة ويصدون عن سبيل الله هم بعذاب اليم يوم القيامة.

وتكون كل الآيات التي جاءت في القرآن الكريم تبشر الذين كفروا أو من هم على شاكلتهم بالعذاب الأليم إنما هي بشرى للمؤمنين بان هؤلاء الكفار هم بالعذاب الأليم يوم القيامة ويكون هذا عزاءا للمؤمنين مما كان من هؤلاء الكفار ضد المؤمنين وذلك لان الكافرين لا يؤمنوا بالرسالة كلها فلم تردعهم آيات الإنذار أوالتهديد أوالوعيد ولو كانوا ينتظروا الجنة لجاز القول بان البشرى لهم فى هذه الآيات للتهكم منهم (كما ذكر الشيخ الشعراوى فى خواطره) ولكن الله يبشر المؤمنين بالجنة ونعيمها وكذلك يبشرهم ان هؤلاء الكفار هم بالعذاب يوم القيامة وذلك ليفرح المؤمنون لانتقام الله من الكفار يوم القيامة..

والله أعلى واعلم وان آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

 
التعديل الأخير:
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/تعدد الزوجات في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن - ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
تعدد الزوجات في الإسلام

الحمد لله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا
الحمد لله الذي شرع لهم ما فيه خيرا لهم ولم يفرق بينهم فى أحكامه وأصلى واسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وسيد الخلق أجمعين عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .

لم أرد على السفهاء من النصارى ولكنى أردت أن اجتهد فى إظهار الحكمة فى السماح للرجال بان يجمعوا بين أربع زوجات فى عصمته ومن ذلك يكون الرد على هؤلاء السفهاء.

.يقول الشيخ محمد متولي الشعراوى رحمه الله .
إن آفة الأحكام أن يؤخذ حكم جزئي دون مراعاة الظروف كلها، والذي يأخذ حكماً عن الله لابد أن يأخذ كل منهج الله.هات إنسانا عدل في العشرة وفي النفقة وفي البيتوتة وفي المكان وفي الزمان ولم يرجح واحدة على أخرى، فالزوجة الأولى إن فعلت شيئا فهي لن تجد حيثية لها أمام الناس. أما عندما يكون الأمر غير ذلك فإنها سوف تجد الحيثية للاعتراض، والصراخ الذي نسمعه هذه الأيام إنما نشأ من أن بعضا قد أخذ حكم الله في إباحة التعدد ولم يأخذ حكم الله في عدالة المعدد. والعدالة تكون في الأمور التي للرجل فيها خيار. أما الأمور التي لا خيار للرجل فيها فلم يطالبه الله بها.

وحين توجد مثل هذه العدالة يشيع في الناس أن الله لا يشرع إلا حقا، ولا يشرع إلا صدقا، ولا يشرع إلا خيرا. ويسد الباب على كل خصم من خصوم دين الله، حتى لا يجد ثغرة ينفذ منها إلى ما حرم دين الله، وإن لم يستطع المسلم هذه الاستطاعة فليلزم نفسه بواحدة.

السؤال لماذا شرع الله التعدد في الزوجات ؟
ليس حراما أن نبحث عن حكمة تشريع من الشرائع ولكن الحرام أن نبحث عن حكمة فرض من الفرائض أو كيفيته فلا نسأل عن لماذا جعل الله الصبح ركعتين بينما الظهر والعصر والعشاء أربعة أو لماذا كانت صلاة المغرب ثلاث ركعات أما البحث عن حكمة تشريع من الله تبارك وتعالى فهو يجوز لتبيان حكمة الله عز وجل في أحكامه التي هي في صالح العباد دائما.

أن الله جل شأنه لا يفرق بين عباده المؤمنين في التشريع ولكنه في صالح كلا الجنسين كيف؟
أن الرجل دائما معرض للمخاطر من حروب فالحرب العالمية الثانية حصدت أرواح 15 مليون رجل ناهيك عن خسائر الرجال في الحرب العالمية الأولى وغيرها من الحروب قد يقول قائل أن النساء تشترك الآن في الحروب مثل الرجال وهذا صحيح لكن النساء يشتركن في الحروب في التمريض مثلا أو إعداد التموين اللازم للقوات المقاتلة أما الرجال فهم دائما في الخطوط الأولى للحرب الى الحوادث غير الأمراض كضغط الدم الذي يصيب الرجال أكثر من النساء ومرض السكر وغيره من الأمراض التي يكون للرجل فيها النصيب الأكبر ولهذه الأسباب أو غيرها يتناقص عدد الرجال عن النساء ويكون عدد النساء الراغبات في الزواج أكثر . ولان المشرع رب الجميع فكان لحكمته أن يعطى فرصة للنساء جميعا في الزواج تحت اى ظرف تكون على مر الزمن ولو حرم على الرجل أن يتزوج إلا بواحدة لتضررت بعض النساء لعدم وجود رجل في المقابل لها وأصبحت عرضة للانحراف والضياع وسط هذا المجتمع كما في المجتمعات التي لا تبيح للرجل إلا واحده انظر فيها كم الفسق والفجور والزانيات يعملن تحت سمع وبصر القوانين ولا تدخل من الدولة في منعه وزاد عدد اللقطاء من الأطفال . لماذا لان دائما الإحصائيات التي تجرى في أي بلد يكون عدد النساء أكثر من عدد الرجال في هذه البلاد .

إذن السماح للرجل أن يتزوج بحد أقصي أربع نساء هو في صالح المرأة قبل أن تكون في صالح الرجل ونرى البلاد التي تتبع الديانة المسيحية وتحرم التعدد أنها تفشت فيها البغاء حتى إنها لا تجرم بقانون وهو مباح تحت حماية القانون في هذه الدولة.

سبب آخر قد يحدث مشاكل بين الرجل وزوجته ويصعب معها العيش وهم معهم أولاد ويخشى الرجل من ضياع أبنائه لو طلق زوجته فانه يتزوج بأخرى _بشرط العدل بينهم _فالزوجة الثانية قد تكون علاجا وإصلاحا للزوجة الأولى كذلك الثالثة والرابعة وينصلح حالهم ويعيشوا بين أولادهم في كنف والدهم , أليس هذا أفضل للمرأة ,أم الأفضل أن تطلق ويكون مصيرها مجهول ؟
إن أصلاح الزوجة الأولى بالثانية هذا من الواقع الذي نعرفه عن الأسر التي كانت مهدده بالانفصال لولا أن تزوج الرجل بزوجة أخرى والتأم شمل الأسرة وكذلك في حالة الزواج بالثالثة والرابعة إذا كان الرجل في استطاعتة المالية والبدنية

السؤال هنا لكل عاقل هل تعدد الزوجات في الإسلام في صالح الرجل أم لصالح المرأة.
الجواب المنطقي هو في صالح المرأة بالدرجة الأولى.

تم بحمد الله تعالى .
اللهم إن كنت أصبت من فضلك وان كنت أخطأت فمن نفسي والشيطان فاغفر لى وارحمني يا أرحم الراحمين

يتبع
 
رد: سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن - ليس بكلام بشر
تدبر/ محمد ابراهيم عبد الغنى قطب
{ أتَى أَمْرُ اللّهِ }


الحمد لله صدق وعده والحمد لله الذي نصر عبده ولم يخذله وكان له هاديا ومرشدا ليكون للناس بشيرا ونذيرا وأصلى واسلم وأبارك على المبعوث رحمة للعالمين عليه وعلى آله وأصحابه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم يبعثون.

يقول الله جل جلاله في محكم آياته :
بسم الله الرحمن الرحيم { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } (النحل 1)
سوف نتعرف على تفسيرما جاء في كتب أمهات التفسير:

جاء في تفسير القرطبى للإمام القرطبى رحمه الله "الجامع لأحكام القرآن:
ما نصه قوله تعالى: { أتى أمر الله فلا تستعجلوه } قيل: { أتى } بمعنى يأتي؛ فهو كقولك: إن أكرمتني أكرمتك. وقد تقدم أن أخبار الله تعالى في الماضي والمستقبل سواء؛ لأنه آت لا محالة، كقوله: { ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار } (الأعراف: 44). و{ أمر الله } عقابه لمن أقام على الشرك وتكذيب رسوله.
أما الحسن وابن جريج والضحاك فقالوا: إنه ما جاء به القرآن من فرائضه وأحكامه. وفيه بعد؛ لأنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة استعجل فرائض الله من قبل أن تفرض عليهم، وأما مستعجلو العذاب والعقاب فذلك منقول عن كثير من كفار قريش وغيرهم، ومنهم النضر بن الحارث ، قال تعالى: { وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } (الأنفال 32) ، فاستعجل العذاب .

وجاء في الدر المنثور للتفسير بالمأثور للإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله:
وأخرج ابن مردويه من طريق الضحاك، عن ابن عباس { أتَى أَمْرُ اللّهِ } قال: خروج محمد صلى الله عليه وسلم.

وجاء في" جامع البيان عن تأويل آي القرآن" للإمام الطبري رحمه الله" القول في تأويل قوله تعالى { أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون }
يقول تعالى ذكره: {أتَى أَمْرُ اللّهِ } فقرب منكم أيها الناس ودنا، فلا تستعجلوا وقوعه. ثم اختلف أهل التأويل في الأمر الذي أعلم الله عباده مجيئه وقربه منهم ما هو، وأي شيء هو؟ فقال بعضهم: هو فرائضه وأحكامه. ذكر من قال ذلك.

وجاء أيضا في نفس التفسير للإمام الطبري (حدثنا ابن حميد، قال: ثنا ابن المبارك، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: { أتى أمر الله فلا تستعجلوه } قال: الأحكام والحدود والفرائضٍ)
وجاء في اختصار الصابونى يرحمه الله { أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون }
التفسير: يخبر تعالى عن اقتراب الساعة ودنوها، معبّراً بصيغة الماضي الدال على التحقق والوقوع لا محالة، كقوله: { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون }.

وجاء فى تفسير سيد قطب فى ظلال القرآن عن هذه السورة:
(هذه السورة هادئة الإيقاع، عادية الجرس؛ ولكنها مليئة حافلة. موضوعاتها الرئيسية كثيرة منوعة؛ والإطار الذي تعرض فيه واسع شامل؛ والأوتار التي توقع عليها متعددة مؤثرة، والظلال التي تلونها عميقة الخطوط.
وهي كسائر السور المكية تعالج موضوعات العقيدة الكبرى: الألوهية. والوحي. والبعث. ولكنها تلم بموضوعات جانبية أخرى تتعلق بتلك الموضوعات الرئيسية. تلم بحقيقة الوحدانية الكبرى التي تصل بين دين إبراهيم ـ عليه السلام ـ ودين محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتلم بحقيقة الإرادة الإلهية والإرادة البشرية فيما يختص بالإيمان والكفر والهدى والضلال. وتلم بوظيفة الرسل، وسنة الله في المكذبين لهم. وتلم بموضوع التحليل والتحريم وأوهام الوثنية حول هذا الموضوع. وتلم بالهجرة في سبيل الله، وفتنة المسلمين في دينهم، والكفر بعد الإيمان وجزاء هذا كله عند الله.. ثم تضيف إلى موضوعات العقيدة موضوعات المعاملة: العدل والإحسان والإنفاق والوفاء بالعهد، وغيرها من موضوعات السلوك القائم على العقيدة.. وهكذا هي مليئة حافلة من ناحية الموضوعات التي تعالجها..)
ثم يقول سيد قطب رحمه الله: ( لقد كان مشركوا مكة يستعجلون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يأتيهم بعذاب الدنيا أو عذاب الآخرة. وكلما امتد بهم الأجل ولم ينزل بهم العذاب زادوا استعجالاً، وزادوا استهزاء، وزادوا استهتارا؛ وحسبوا أن محمد يخوفهم ما لا وجود له ولا حقيقة، ليؤمنوا له ويستسلموا ) .
ويستطرد: (وهذه الصيغة الحاسمة الجازمة ذات وقع في النفس مهما تتماسك أو تكابر، وذلك فوق مطابقتها لحقيقة الواقع؛ فأمر الله لا بد واقع، ومجرد قضائه يعد في حكم نفاذه، ويتحقق به وجوده، فلا مبالغة في الصيغة ولا مجانبة للحقيقة، في الوقت الذي تؤدي غايتها من التأثر العميق في الشعور)

أما تفسير الشيخ الشعراوي رحمه الله فلم يزد عن ما جاء به تفسير القرطبي والطبري رحمهما الله

قبل أن نبدأ في التدبر لهذه الآية نذكر :

أولا:
قصة انقطاع الوحي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قال ابن جريج: احتبس عن الرسول عليه الصلاة والسلام الوحي اثني عشر يوما. وقال ابن عباس: خمسة عشر يوما. وقيل: خمسة وعشرين يوما. وقال مقاتل: أربعين يوما. فقال المشركون: إن محمدا ودعه ربه وقلاه، ولو كان أمره من اللّه لتابع عليه، كما كان يفعل بمن كان قبله من الأنبياء.
وفي البخاري عن جندب بن سفيان قال: اشتكى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلم يقم ليلتين أو ثلاثا؛ فجاءت امرأة فقالت: يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث؛ فأنزل اللّه عز وجل { والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى }. ونزل جبريل بهذه السورة؛ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ( ما جئت حتى اشتقت إليك ) فقال جبريل: ( أنا كنت أشد إليك شوقا،ولكني عبد مأمور )
وفي الترمذي :عن جندب البجلي قال: كنت مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في غار فدميت إصبعه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ( هل أنت إلا إصبع دميت، وفي سبيل اللّه ما لقيت ) قال: وأبطأ عليه جبريل فقال المشركون: قد ودع محمد؛ فأنزل اللّه تبارك وتعالى: { ما ودعك ربك وما قلى }. هذا حديث حسن صحيح. لم يذكر الترمذي: "فلم يقم ليلتين أو ثلاثا" أسقطه الترمذي. وذكره البخاري، وهو أصح ما قيل في ذلك. واللّه أعلم.
وقد ذكره الثعلبي أيضا عن جندب بن سفيان البجلي، قال: رُمي النبي صلى اللّه عليه وسلم في إصبعه بحجر، فدميت، فقال: ( هل أنت إلا إصبع دميت، وفي سبيل اللّه ما لقيت ) فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يقوم الليل. فقالت له أم جميل امرأة أبي لهب: ما أرى شيطانك إلا قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث؛ فنزلت { والضحى }.
وروى عن أبي عمران الجوني، قال: أبطأ جبريل على النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى شق عليه؛ فجاء وهو واضع جبهته على الكعبة يدعو؛ فنكت بين كتفيه، وأنزل عليه: { ما ودعك ربك وما قلى }. وقالت خولة - وكانت تخدم النبي صلى اللّه عليه وسلم - : إن جروا دخل البيت، فدخل تحت السرير فمات، فمكث نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم أياما لا ينزل عليه الوحي. فقال: ( يا خولة ما حدث في بيتي ما لجبريل لا يأتيني ) قالت خولة فقلت: لو هيأت البيت وكنسته؛ فأوهيت بالمكنسة تحت السرير، فإذا جرو ميت، فأخذته فألقيته خلف الجدار؛ فجاء نبي اللّه ترعد لحياه - وكان إذا نزل عليه الوحي استقبلته الرعدة - فقال: ( يا خوله دثريني ) فأنزل اللّه هذه السورة. ولما نزل جبريل سأله النبي صلى اللّه عليه وسلم عن التأخر فقال: ( أما علمت أنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة ). وقيل: لما سألته اليهود عن الروح وذي القرنين وأصحاب الكهف قال: ( سأخبركم غدا ). ولم يقل إن شاء اللّه. فاحتبس عنه الوحي، إلى أن نزل جبريل عليه بقوله تعالى: { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا (23) { إلا أن يشاء الله .. } (الكهف) فأخبره بما سئل عنه. وفي هذه القصة نزلت "{ ما ودعك ربك وما قلى }.
وقيل: إن المسلمين قالوا: يا رسول اللّه، مالك لا ينزل عليك الوحي؟ فقال: ( وكيف ينزل علي وأنتم لا تنقون رواجبكم - وفي رواية براجمكم - ولا تقصون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم ). فنزل جبريل بهذه السورة؛ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ( ما جئت حتى اشتقت إليك ) فقال جبريل: ( أنا كنت أشد إليك شوقا، ولكني عبد مأمور ) ثم أنزل عليه
{ وما نتنزل إلا بأمر ربك } (مريم: 64).

من هذه القصة التي نعرفها ومدلولها أن الوحي انقطع عن الرسول عليه الصلاة والسلام واختلف الرواة في المدة كما اختلف الرواة في السبب ولكن علي أية حال عاد الوحي وكان الرسول عليه الصلاة والسلام قد خاف من انقطاع الوحي وبدأ الناس في السخرية منه وهذه امرأة عمه تسخر منه وتقول له :انقطع عنك شيطانك" ثم عاد اليه جبريل عليه السلام وروي ان الرسول قال له ( ما جئت حتى اشتقت إليك ) فقال جبريل: ( أنا كنت أشد إليك شوقا، ولكني عبد مأمور ) ثم أنزل عليه { وما نتنزل إلا بأمر ربك.. } (مريم: 64).وهو ما يفسر قول الله تبارك وتعالى { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }(النحل 1)
المهم أن انقطاع الوحي ادخل الخوف في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وخاف كذلك الصحابة أيضا عليهم رضوان الله .

ثانيا:
وكما جاء في تفسير سيد قطب رحمه الله فى ظلال القرآن ما يلي "(هذه السورة يقصد سورة النحل" هادئة الإيقاع، عادية الجرس؛ ولكنها مليئة حافلة. موضوعاتها الرئيسية كثيرة منوعة؛ والإطار الذي تعرض فيه واسع شامل؛ والأوتار التي توقع عليها متعددة مؤثرة، والظلال التي تلونها عميقة الخطوط."
إذن السورة فعلا هادئة الإيقاع ولا تشتمل على تهديد ولا وعيد يتناسب مع تفسير الفقهاء بان المقصود بهذه الآية "1" من سورة النحل هو يوم القيامه بسبب أن الكفار كانوا يستعجلونه بالعذاب فهذا ليس صحيح لان الله رد على الكفار في آيات أخرى على استعجالهم بالعذاب بقوله سبحانه :
{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } (الحج 47)
{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }(العنكبوت 53)
{ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } (العنكبوت 54)

ثالثا:
ولو رجعنا إلى آخر الآيات في السورة التي قبل سورة النحل وهي سورة الحجر والتي يقول الله تبارك وتعالى فيها: بسم الله الرحمن الرحيم:
{ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ }(95)
{ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }(96)
{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ }(97)
{ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ }(98)
{ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }(99)
فإذا انتقلنا مباشرة إلى سورة النحل نرى أن أول سورة النحل هو (بسم الله الرحمن الرحيم { َأتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }(1){ يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِه أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ }(2)... لا تشعر انك انتقلت من سورة إلي سورة لان بداية سورة النحل تكمل نهاية سورة الحجر
عليه مما سبق نستنج تفسير الآية رقم 1 من سورة النحل { َأتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَتَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }وهو أن أمر الله أتى إلى جبريل ليكمل الرسالة بالوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوف يستمر الوحي في تنزيه الله عما يشركون وتبيانا لآياته في الكون وذكر بعض من نعمه على الإنسان.

ملخص:
إن هذه الآية تعنى والله أعلى واعلم أن أتى آمرا لله إلى جبريل عليه السلام بالعودة إلى الوحي كما كان ليكمل ما اراده الله لعباده ويؤكد هذا المعنى أواخر سورة الحجر والآية التالية للآية محل التدبر { َأتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (1) والآية التى تليها توضح المعنى بقول الله تعالى { يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِه أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ }.

فبعد أن يبشر الله تعالى نبيه على أن الأمر بالوحي قد بدا بقوله {أتَى أَمْرُ اللّهِ} ولما كان الرسول وأصحابه يستعجلونه بعد الانقطاع الذي كان والذى خاف منه الرسول والصحابة فيقول الله تعالى { يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِه أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ }. انه ينزل الملائكة بالقرآن --القرآن روح من أمر الله-- كما جاء فى الشورى 52 { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }.

انتهى والله أعلى واعلم .

يتبع

 
التعديل الأخير:
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/الْأَمَانَة

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن ـ ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
{ الْأَمَانَة }​

الحمد لله رب العالمين ,الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان والصلاة والسلام على سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان وسلم تسليما.
يقول الله عز وجل في الآية 72 من سورة الأحزاب:

بسم الله الرحمن الرحيم​
{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا }(72) الأحزاب صدق الله العظيم.

يقول القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة : والأمانة:
( (1) تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال, وهو قول الجمهور
(2) هي الفرائض التي ائتمن الله عليها العباد.
(3) وفي حديث مرفوع (الأمانة الصلاة) إن شئت قلت قد صليت وإن شئت قلت لم أصل.
(4) وكذلك الصيام وغسل الجنابة.
(5) هي ائتمان آدم ابنه قابيل على ولده وأهله, وخيانته إياه في قتل أخيه.
6) الأمانة عرضت على السماوات والأرض والجبال, قالت: وما فيها؟ قيل لها: إن أحسنت جوزيت وإن أسأت عوقبت. فقالت لا
(7) هذه الأمانة هي ما أودعه الله تعالى في السماوات والأرض والجبال والخلق, من الدلائل على ربوبيته أن يظهروها فأظهروها, إلا الإنسان فإنه كتمها وجحدها
وقد قال فضيلة الشيخ الشعراوى أن الأمانة هي التكاليف (أفعل ولا تفعل).

وقد لخص الدكتور سيد طنطاوي أراء المفسرين فى كتابه الوسيط في تفسيرا لقرآن الكريم لهذه الآية الكريمة:
وأرجح الأقوال وأجمعها في المراد بالأمانة هنا: أنها التكاليف والفرائض الشرعية التي كلف الله - تعالى - بها عباده، من إخلاص في العبادة، ومن أداء للطاعات، ومن محافظة على آداب هذا الدين وشعائره وسننه.
والمراد بالإِنسان: آدم - عليه السلام - أو جنس الإِنسان.
والمراد بحمله إياها: تقبله لحمل هذه التكاليف والأوامر والنواهي مع ثقلها وضخامتها.
وللعلماء فى تفسير هذه الآية اتجاهات، فمنهم من يرى أن الكلام على حقيقته، وأن الله - تعالى - قد عرض هذه التكاليف الشرعية المعبر عنها بالأمانة، على السماوات والأرض والجبال { فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا } لثقلها وضخامتها {وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } أي: وخفن من عواقب حملها أن ينشأ لهن من ذلك ما يؤدى بهن إلى عذاب الله وسخطه بسبب التقصير في أداء ما كلفن بأدائه.
ويرى بعضهم أن العرض في الآية الكريمة من قبيل ضرب المثل، أو من قبيل المجاز.

قال الإِمام القرطبى ما ملخصه:
لما بين - تعالى - في هذه السورة من الأحكام ما بين أمر بالتزام أوامره، والأمانة تعم جميع وظائف الدين، على الصحيح من الأقوال، وهو قول الجمهور..
وقيل: { عَرَضْنَا } يعنى عارضنا الأمانة بالسماوات والأرض والجبال، فضعفت هذه الأشياء عن الأمانة. ورجحت الأمانة بثقلها عليها...
هذا رأى بعض المفسرين
ولكن لابد أن نبحث وندقق في الآية الكريمة { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْيَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا االاِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا }(72) الأحزاب صدق الله العظيم
يقول الله عز وجل انه عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وتبع هذا بأن الإنسان هو الذي حملها وحده فقط ونعته الله عز وجل بأنه كان ظلوما وجهولا.
نلاحظ هنا أن الإنسان لم يذكر في الحصر بمعنى آخر لم يقل الله تبارك وتعالى أن الأمانة عرضت على السماوات والأرض والجبال والإنسان ولو كان هذا لفهمنا أن الأمانة عرضت على الأربع مخلوقات التي ذكرت وهى (السماوات,والأرض.والجبال والإنسان) فقط ولكن هذا لم يحدث في سياق الآية ,ولوكان سياق الآية (السماوات,والأرض.والجبال ثم الإنسان )لفهمنا منها أن الأمانة عرضت على (السموات,والأرض.والجبال)وأبين أن يحملنها وأشفقن منها ثم بعد ذلك عرضت على الإنسان الذي حملها وحده فقط.
والآن ندقق في سياق الآية :
أولا:.
نجد أن الإنسان لم يِـُذَكر في الحصر عندما ذكر ألله سبحانه وتعالى عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال ولكنه ذكر على انه (الإنسان) هو الذي تحمل الأمانة وحده ومن ذلك نفهم إن الله عز وجل عندما ذكر السماوات والأرض والجبال لم يكن على سبيل الحصر ولكن كان على سبيل المثال وان الأمانة عرضت على كافة المخلوقات التي خلقها الله جل شأنه إلى يوم القيامة (أي كل الخلائق) ومنها إنا وأنت وجمع البشر إلي يوم القيامة لأنه لو كان آدم فقط لقال وحملها آدم مثل قول الله تعالي في سورة الأعراف : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ } (172) فجميعنا شهدنا لله بالوحدانية والربوبية

ثانيا : ماهى الأمانة؟
نعلق على ما ذكره المفسرين في هذه الآية.:
تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال.هذا رأى جمهور الفقهاء أوهي الفرائض التي ائتمن الله عليها العباد هذا راىآخر.
إذا ما اتفقنا على أن الامانة عرضت على كل خلق الله جميعا وان جميع وظائف الدين هي مجموع الفرائض من تكاليف العبادات وهى(افعل ولا تفعل)وهذا ليس شأن الإنسان وحده فقد اشترك الجن في هذا ففي سورة الذاريات قال تعالى :
{ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } (56) وفى سورة الأنعام قال سبحانه :
{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَفِرِينَ } (130) . وفي سورة الأحقاف قال عز وجل :
{ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ }(29){ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ }(30){ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }(31){ وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }(32) .

إذن الجن هو الآخر مكلف بالعبادة ومن ثم عليه كل تكاليف العبادات من (افعل ولا تفعل) .وعلى هذا يكون الجن هو الآخر حمل الأمانة مع الإنسان وهذا لم يذكره الله في هذه الآية الكريمة بل اختص بها الإنسان وحده وبذلك يكون هذا الرأي غير صحيح.
أما من قال أن الأمانة هي الصلاة أو الصوم والذي قال هي أمانة المال أو الودائع نجد أن كل هذا يدخل في نطاق العبادات وقد قلنا أن الجن اشترك مع الإنسان في العبادات ومنها الصلاة والصوم وغيره من التكاليف المختلفة .
إذا كان الإنسان هو وحده الذي حمل الأمانة فلن يشاركه فيها احد وان الله سبحانه وتعالى خصه بها وحده لرغبته في إن يحملها عند العرض وإذا كان ما قاله علماؤنا الأفاضل فكل ما جاءوا به للتعريف بالأمانة يشترك مع الإنسان فيه مخلوق آخر مثل الجن
ومنهم من قال إنها العقل : ولكن العقل لم يميز الإنسان وحده فالجن تفهم ما جاء به موسى ومحمد ويعظون بعضهم بعض كما جاء ى الآيات السابقة كذلك الهدهد الذي قال لسليمان انه أحاط بقوم تتملك عليه امرأة ويعبدون الشمس من دون الله كما جاء في سورة النمل:
{ إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ }(23) { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ }(24).
أليس هذا دليلا على إن الهدهد له عقل يفهم به ما يهم سليمان إن يعلمه. كذلك النمل كما جاء في سورة النمل:
{ حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } (18)
وكل الحيوانات والجن لهم عقول يدبرون بها شؤونهم. فالعقل ليس هو الامانة لان كثير من خلق الله جعل له عقل يدبر له حياته .
إذن ما هي الأمانة؟:

نعود إلى القرآن الكريم:
يقول الله جل شأنه في سورة الجاثية : { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } (13).
وفي سورة ابراهيم: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ }(33){ وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } (34) { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }(35).

ما معنى كلمة( سخر ) في القواميس ؟:
جاء في القاموس المحيط : وسَخَّرَهُ تَسْخِيراً: ذَلَّلَهُ، وكَلَّفَهُ عَمَلاً بلا أجْرَةٍ.
وجاء في قاموس النهاية في غريب الحديث للإمام ابن الأثير: والتَّسخِير، بمعنى التكليف والحْمل على الفعل بغير أُجْره.
الله جل شأنه سخر كل ما في السماوات والأرض للإنسان وهذا لم يكن لأي مخلوق آخر بنص الآية الكريمة13 من سورة الجاثية.
وجاء في مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني:" التسخير: سياقه إلى الغرض المختص قهر"
وجاء في القرآن الكريم أمثلة لبعض من خلقه والذي سخرهم للإنسان مثل ما جاء فى:
سورة لقمان: { أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ...}(20)
سورة الجاثية { ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }(12)
سورة إبراهيم : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } }(33){ وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ }(34){ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }(35)
وكثير من الآيات التي تشير إلى خلق الله الذي سخره للإنسان وكما قلنا إن سخر تعنى حسب ما جاء في القواميس هي:تعنى التكليف والحْمل على الفعل بغير أُجْره أو التسخير: سياقه إلى الغرض المختص قهر"أو ذَلَّلَهُ، وكَلَّفَهُ عَمَلاً بلا أجْرَةٍ.الله تبارك وتعالى سخر للإنسان الأرض وما عليها جميعا,منهم من تركه للإنسان يكتشف علمه وبيانه كما جاء فى أول سورة الرحمن : { ٱلرَّحْمَـٰنُ } * { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } * { عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ }
ولو أن الله لم يعلٌمه -[الإنسان]- البيان ما استطاع إن يستخرج هذه القوانين من الأشياء التي حوله فالله جعل لكل شئ علمه وقوانينه التي تحكم علاقته بنفسه وعلاقته بغيره وقد قال الله جل شانه في سورة الطلاق الآية 12{ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }....الآية فالغازات لها قوانينها التي تحكمها وكل غاز من الغازات له قوانينه التي تميزه عن غيره وهكذا مع السوائل والمواد الصلبة حتى الطاقة من ضوء وحرارة وكهرباء وميكانيكا ومغناطيسية وغيرها فكل شئ له علمه الذي يميزه عن غيره حتى النجوم والكواكب التي في السماء لها علمها التي استطاع الإنسان بقدرة الله الذي علمه البيان وإظهارها ليستفيد منها ويفيد غيره من البشر وغيره ممن سخرهم له كما جاء سورة إبراهيم : { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار }(35).

الله سخر ما في الأرض وما في السماء للإنسان فبعض من هذه المخلوقات التي سخرها للإنسان[مثل الأنعام] هي ملك طوعه يفعل بها ما يشاء كما هي اغلب المخلوقات التي على الأرض وهناك مخلوقات سخرت لخدمة الإنسان لكن ليست في متناول يده مثل الشمس والقمر والنجوم والملائكة وكل المخلوقات التي في السماء فهي تخدم الإنسان دون أن يتدخل في عملها .

السؤال هل هذه الأنعام والمخلوقات التي في الأرض وتكون في متناول يد الإنسان ليفعل بها ما يشاء. هل هذه هي الأمانة؟

نعم . فالله تبارك وتعالى خلق له هذه الأنعام لتكون عنده أمانة يستفيد منها هو وغيره ويسلمها إلي من بعده كما خلقها الله دون ان يفسد فيها ويتوارثها الإنسان لينعم بها ويحمد الله عليها ولا يضيعها ويفسدها لتكون غير صالحة له ولمن يعيش معه ولمن بعده .ولكنه أفسدها وتدخل فى عملها وتركيبها ويكون قد ظلم هذه النعم التي سخرها له الله ونتيجة عبثه المتواصل في إفساد البيئة المحيط به (وهى النعم التي سخرها له الله تبارك وتعالى ) فعادت عليه بالضرر بجهله وغبائه وتناولت من يؤتى بعده من بني جنسه ومن الأنعام التي يستخدمها كما حاصل الآن فالاحتباس الحراري وتلوث الأنهار والبحار بالنفايات التي يرمي بها في كل منهم بجهل واستخدام الطاقة الذرية التي مكنه الله منها لتعود عليه وعلى من بعده بالفائدة استخدمها لتكون له ضرر كبير عليه وعلي من بعده ومن كثير من خلقه أليس هذا الإنسان ظلوما وجهولا كما وصفه الله جل جلاله .
إن الإنسان الذي لا يتعامل مع ما سخره الله له بإحسان وحسنى قد ظلمه وتجاهل فضل الله عليه الذي أنعمها له ليستفيد بها وينعم بهذه النعم هو ومن يعيش معه على الأرض ومن بعده من الخلائق يكون ظلوما جهولا.
ودليل آخر على أن الأمانة هي كل ماسخره الله للإنسان ما جاء في سورة إبراهيم:
{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } (33){ وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } (34) { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ (كَفَّار)ٌ }(35).
ونري أن الله نعت الإنسان في هذه السورة بانه { لَظَلُومٌ كَفَّار } وهو نفس الوصف فى الآية فى الأحزاب 72 للإنسان { ظلوما جهولا
( والكفار) هو الجهول الذي يجهل ان الله وحده هو الذي سخر له كل هذه النعم فالله ينعم ويعبد غيره.

الخلاصة:/
مما سبق تكون الأمانة- {الله أعلى واعلم}- هي كل ما سخره له الله في الأرض وما في السماء للأسباب الآتية:

اولا : لم يسخر الله كل ما في السماوات والأرض لأي مخلوق غير الإنسان وتفرد بها دون غيره.
ثانيا : استأمنه الله عليها لينعم بها دون أن يفسدها لتكون له ولمن يعيش معه بعده نعمة .
ثالثا : لم يتعامل الإنسان بالحسنى مع النعم التي جعلها الله له مثل الأنعام ليركبها وتحمل أثقاله أو التي أحلها له لمطعمه وكان هذا ظلما لها لأنها مخلوقات لله مثله شاء لها الله أن تكون في خدمته بلا مقابل منه ويكون لها ظلوما وجهولا ايضا !.
رابعا . لما افسد الإنسان هذه النعم التي بين يده أضرته ومن يعيش معه من مخلوقات ضررا بالغا كما أضر تلويث البحار والأنهار والاحتباس الحراري الذي حدث نتيجة إسرافه في استخدام الطاقة الغير نظيفة وإلقاء النفايات في البحار والأنهار وكذلك سبب فسادا في الأرض له ولمن بعده من الأجيال التالية وكان بذلك ظلوما جهولا وصدق الله العظيم إذ قال :
{ ....وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } (72)الأحزاب
{ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ } (205) البقرة .الإنسان كان ظلوما جهولا.
{ ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }(41)الروم. الإنسان كان ظلوما جهولا لأن هذا الفساد سيعود عليه وعلى من بعده بالضرر.
{ فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } (12) الفجر .كان ظلوما لهذه النعم

وأسألكم الدعاء.

يتبع
 
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن-ليس بكلام بشر
محمد ابراهيم عبد الغني قطب
{ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ }

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه باحسان الى يوم القيامة.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة البروج:
بسم الله الرحمن الرحيم { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ }(21){ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ }(22) .
ما هو اللوح المحفوظ؟
جاء فى جامع فى تفسير القرآن للإمام الطبري رحمه الله :
{ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ } * { فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ }
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { بَلْ هُوَ قُرآنٌ مَجِيدٌ } يقول: قرآن كريم.
اما اللوح المحفوظ , { مَحْفُوظٍ } فقرأ ذلك من قرأه من أهل الحجاز، أبو جعفر القارىء، وابن كثير. ومن قرأه من قرّاء الكوفة عاصم والأعمش وحمزة والكسائي، ومن البصريين أبو عمرو { محفوظٍ } خفضاً على معنى أن اللوح هو المنعوت بالحفظ. وإذا كان ذلك كذلك كان التأويل في لوح محفوظ من الزيادة فيه، والنقصان منه، عما أثبته الله فيه. وقرأ ذلك من المكِّيين ابن مُحَيْصِن، ومن المدنيين نافع « مَحْفُوظٌ » رفعاً، ردّاً على القرآن، على أنه من نعته وصفته. وكان معنى ذلك على قراءتهما: بل هو قرآن مجيد ، محفوظ من التغيير والتبديل في لوح.
والصواب من القول في ذلك عندنا: أنهما قراءتان معروفتان:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد { فِي لَوْحٍ } قال: في أمّ الكتاب.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ } عند الله.
وقال آخرون: إنما قيل محفوظ ، لأنه من جبهة إسرافيل.

جاء فى تفسير القرطبى رحمه الله تعالى:
1/ مكتوب في لوح. وهو محفوظ عند الله تعالى من وصول الشياطين .
2/ هو أمّ الكتاب؛ ومنه انتُسخ القرآن والكتب.
3/ وروى الضحاك عن ابن عباس قال: اللوح من ياقوته حمراء، أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر مَلَك يقال له ما طِرْيون، كتابه نور، وقلمه نور، ينظر الله عزّ وجلّ فيه كل يوم ثلثمائة وستين نظرة؛ ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء؛ يرفع وضيعا، ويضع رفيعاً، ويغنى فقيراً، ويفقر غنياً؛ يحيى ويميت، ويفعل ما يشاء؛ لا إله إلا هو.
اين الدليل على هذا الكلام ؟ ليس هناك دليل!!!
4/ وقال أنس بن مالك ومجاهد: إن اللوح المحفوظ الذي ذكره الله تعالى في جبهة إسرافيل.
5/ اللوح المحفوظ الذي فيه أصناف الخلق والخليقة، وبيان أمورهم، وذكر آجالهم وأرزاقهم وأعمالهم، والأقضية النافذة فيهم، ومآل عواقب أمورهم؛ وهو أم الكتاب.
وأقوال أخرى مثل ما سبق.

جاء فى تفسير الجلالين رحمهما الله تعالى :
{ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ }
{ فِى لَوْحٍ } هو في الهواء فوق السماء السابعة { مَّحْفُوظٍ } بالجر من الشياطين ومن تغيير شيء منه طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب، وهو من درة بيضاء، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.

جاء فى الظلال لسيد قطب رحمه الله تعالى :
(وهو في لوح محفوظ لا ندرك نحن طبيعته، لأنه من أمر الغيب الذي تفرد الله بعلمه. إنما ننتفع نحن بالظل الذي يلقيه التعبير، والإيحاء الذي يتركه في القلوب. وهو أن هذا القرآن مصون ثابت، قوله هو المرجع الأخير، في كل ما يتناوله من الأمور. يذهب كل قول، وقوله هو المرعي المحفوظ ).
والرد على ذلك ان الله تعالي لم يدرج اللوح المحفوظ فى غيبياته لم ينفي عنا العلم به
وكما قلت قبل ذلك أن ما قاله أولهم هو ما انتهى إليه آخرهم في تفاسير القرآن.

جاء فى تفسير الدر المنثور فى التفسير بالمأثور للسيوطي من ضمن مقاله:
( وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة، كان طول اللوح إثني عشر ذراعاً ).

تنبيه:
ما ذكره المؤلف هنا من وصف الألواح بأنها كانت من سدر الجنة، أو زبرجد، لا يستخلص منه حكم شرعي، ولذلك تساهل في ذكر هذه الأوصاف المبنية على أحاديث ضعيفة، وذلك مقبول في التفسير والوعظ. قال الإمام أحمد بن حنبل أنهم في الرقائق (أي الأمور المتعلقة بالأخلاق يتساهلون في الأسانيد، أما في الحلال والحرام، " فنريد رجالا هكذا "، وقبض بيده إشارة إلى القوة.
أما في الأمور التي يبنى عليها استنتاج الأحكام الشرعية، فإن العلماء والمفسرون، ومنهم السيوطي والمحلي، لا يأخذون إلا بالآثار الصحيحة.
وقد سها عن هذا التفصيل وعن هذه القاعدة الكثير من الكتاب والمعلقين، فبالغوا في التهويل على من تساهل في أسانيد التفسير، بدون تمييز حول موضوع التفسير ونوعه.السؤال هو ما هو الوح المحفوظ وهل ما جاء فى كتب التفاسير هو الوح المحفوظ الذى تعنيه الآية الكريمة ؟.
ننظر إلى القرآن لنعرف معنى اللوح :
جاء فى كتاب الله العزيز ,بسم الله الرحمن الرحيم.
{ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ } (الأعراف 145)
{ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ }(الأعراف150)
{ وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } (الأعراف 154).
جاء فى القواميس معنى كلمة لوح هو السبورة او ما يكتب عليه من الخشب أو من الحديد أو من أي مادة ويكتب عليه

لنرى والله أعلى واعلم ما يقصد بكلمة (لوح) فى القرآن:
واضح من سرد قصة سيدنا موسى عليه السلام أن التوراة كانت فى ألواح وقالوا أنها من الحجارة أو كما ذكر فى الحديث الذي روى عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام الذي ورد فى تفسير السيوطي " الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة، كان طول اللوح أثني عشر ذراعاً ".
المهم أن الذي يكتب عليه كلام الله عز وجل الذي انزل على موسى عليه السلام سماه الله فى القرآن ألواح وكانت كثيرة والحجر الواحد اسمه لوح لأنه يصعب جمعه فى لوح واحد فى وقتها
وهذه الألواح هي التوراة وهو الكتاب الذى انزل على سيدنا موسى عليه السلام .

جاء فى خواطر الشبح الشعراوى رحمه الله تعالى:
{ يٰا يَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً }(مريم12)
وقوله: { خُذِ ٱلْكِتَابَ } أي: التوراة، وفيها منهج الله الذي يُنظِّم لهم حركة حياتهم.

وإلا فقد قال تعالى في بني إسرائيل:
{ مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً }

ويكون القرآن الذي نعرفه كتب فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم على رقاع من الجلد أو قطع من العظام وغيرها من المواد المتاحة فى البيئة ثم تطورت مواد الكتابة إلى انتهت إلى الكتابة على الورق ثم على شرائط من البلاستك ثم علىc.d وكما ذكر الله اسم الألواح على الحجارة التي كتبت عليها التوراة فيكون كل ما كتب عليه كلام الله يكون لوح لأن جمعه كان سهلا فى وقتها وقد جمعه أبو بكر وعمر و عثمان رضي الله عنهم ومنه يكون القرآن مكتوب فى لوح.
أما قول الله فى الآية الكريمة 22 من سورة البروج كلمة { مَّحْفُوظٍ } نرى ان الله جل شأنه قال عن القرآن الذي بين أيدينا فى سورة الحجر 9 { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }.
ويكون اللوح المحفوظ الذي جاء ذكره فى سورة البروج 22 هو القرآن الذي بين أيدينا سواء كتب على ورق أو شرائط أو غيرها حسب تطور العلم يسمى لوحةعلى ذلك وهو محفوظ من الله تعالى ولن يأتيه الباطل أبدا من بين يديه أو خلفه.
أما القول بان اللوح المحفوظ هو ماجاءت به كتب التفاسير فلا دليل عندهم على صحته .

والله أعلى واعلم.
تم بحمد الله تعالى عسى الله أن يجعل لي هذا الذي اكتبه فى ميزان حسناتي وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين.
.والله من وراء القصد.

يتبع
 
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/قُرًى مُّحَصَّنَة

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدى بالقرآن- ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
{ قُرًى مُّحَصَّنَةٍ }*

الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين .
يقول الله تعالى في الآية 14 من سورة الحشر :
بسم الله الرحمن الرحيم { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ}

جاء فى تفسير القرآن للإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية:
(قال تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأنتم أيها المؤمنون أشدّ رهبة في صدور اليهود من بني النضير من الله: يقول: هم يرهبونهم أشدّ من رهبتهم من الله { ذَلكَ بأنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ } يقول تعالى ذكره: هذه الرهبة التي لكم في صدور هؤلاء اليهود التي هي أشد من رهبتهم من الله من أجل أنهم قوم لا يفقهون، وقوله سبحانه : { لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ } أي لا يقاتلكم هؤلاء اليهود من بني النضير مجتمعين إلا في قرى محصنة بالحصون، لا يبرزون لكم بالبراز، { أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ } يقول: أو من خلف حيطان ).

وجاء في الجامع لأحكام القران للإمام القرطبي رحمه الله تعالى :
قوله تعالى: { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً } يعني اليهود { إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } أي بالحيطان والدُّور؛ يظنون أنها تمنعهم منكم. { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } أي من خلف حيطان يستترون بها لجُبْنِهم وَرَهْبَتِهم.

وجاء فى تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى:
قال تعالى: { لاَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } يعني: أنهم من جبنهم وهلعهم لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام بالمبارزة والمقاتلة، بل إما في حصون، أو من وراء جدر محاصرين،

وجاء فى الوسيط فى تفسير القرآن الكريم للدكتور طنطاوي في تفسير هذه الآية:
أى: أن هؤلاء اليهود وحلفاءهم من المنافقين، لا يقاتلونكم مجتمعين كلهم فى موطن من المواطن إلا فى قرى محصنة بالخنادق وغيرها، أو يقاتلونكم من وراء الجدران التي يتسترون بها، لأنهم يعجزون عن مبارزتكم، وعن مواجهتكم وجها لوجه، لفرط رهبتهم منكم...

هذا ما أجمع عليه جمهور الفقهاء والمفسرين على أن اليهود لا يقاتلون المؤمنين إلا من وراء جدار أو فى قرى محصنة .

نعود إلى الآية الكريمة :
بسم الله الرحمن الرحيم { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ }(الحشر14).
فى هذه الآية وان كان الخطاب موجه إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة –فهو موجه أيضا إلى كافة المسلمين فى كل مكان وزمان لأن اليهود هم اليهود وهم أجبن من المواجهة المباشرة مع المسلمين ولكن فى هذا العصر لم يعد تنفع الجدار أو الجدر أو القرى المحصنة فى الحروب الحديثة التي بها من المعدات الحربية ما يستطيع أن يصل إلى أى مكان فى العالم بالطائرات الحديثة أو بالصواريخ ولا يمنعها جدار أو جدر ولو كانوا فى قرى محصنه فالقنابل تستطيع أن تدك أى حصن ومن مكان بعيد عن مسرح القتال.
كما قلنا أن هذه الآية تقرر حقيقة مهمة توضح جبن بني إسرائيل وعدم قدرتهم على المواجهة المباشرة مع المسلمين ولأن اصدق الكلام هو كلام الله تعالى وهو الحق فلابد أن يكون.
فكيف تكون هذه الآية القرآنية إعجاز؟.

في هذه الأيام أو فى هذا العصر وما بعده كيف يكون تفسير هذه الآية وما أراده الله تعالى لنا أن نعرفه عن اليهود وكيف يقاتلون المسلمين -(والله أعلى واعلم)-.

اليهود لكي يقاتلوا المسلمين لابد لهم من الاعتماد على مساندة قوية من دول قوية أيضا وهى تمثل لهم هنا الجدر المحصنة وتكون لهم دولة قوية تتعهد بالحفاظ عليهم ومؤازرتهم فى أى حرب ومستعدين ان يقاتلوا معهم اى قوة تحاول قتالهم وهى تمثل الجدار أو الجدر التي أشارت إليها الآية الكريمة هذا واليهود خبراء فى استجداء دول العالم القوية ذات النفوذ ولو نظرنا إلى حال اليهود فى هذه الأيام وتاريخهم مع المسلمين فى احتلال فلسطين نجد أنهم أتوا إلى فلسطين وسط العرب المسلمين بحماية من بريطانيا ووعد بلفور الذي كان وزيرا لخارجية بريطانيا فى تلك الأيام - وكانت قوة عظمى- بإقامة دولة لهم ولولا هذا التعهد ومساعدة البريطانيين ما استطاع اليهود من دخول فلسطين, ووسط مباركة من الدول القوية الأخرى مثل دول أوربا وأميريكا والتي أمدت اليهود بوسائل التكنولوجيا الحديثة والسلاح وكذلك فرنسا وهى دولة نووية ساعدت ألدوله اليهودية على بناء مفاعل ذرى وأنتجت منه العديد من القنابل الذرية الخطيرة إضافة الى الأموال الطائلة التي أمدتها بها ألمانيا وتعهدت جميع الدول الكبرى فى العالم بالحفاظ على أمن هذه الدولة اليهودية الصهيونية ولولا قيام هذا الحشد الهائل من دول العالم بمساعدتها لما تمكنوا من المواجهة مع المسلمين ، وهذه الولايات المتحدة الأميريكية وهى اقوى قوة فى هذا العصر تعهدت أمام العالم اجمع أنها ستجعل إسرائيل اقوي من العرب مجتمعين ولولا اندفاع الولايات المتحدة الأميريكية لاتقاذ اليهود الصهاينة فى حرب أكتوبر سنة 1973 ميلادية لانتهت إسرائيل, وأيضا وقف معها اغلب دول العالم وهم يمثلون لهم الجدر التي تحميهم في قتالهم مع المسلمين واصبح اليهود فى اسرائيل محمية طبيعية تحت الحماية من الولايات المتحدة الأميريكية والدول الغربية فكانوا لليهود جدارا يمنعهم من اعدائهم واصبحت الولايات المتحدة الأميريكية هى القرية الحصينة لهم التى تمنعهم من المسلمين .

أما الظهير الصهيوني لهذه الدولة الصهيونية العنصرية:
اليهود يتوزع اغلبهم فى البلاد الصناعية مثل دول أوربا الغربية والولايات المتحدة الأميريكية وسيطر اليهود فيها على البنوك وعلى وسائل الإعلام حتى أصبحوا أصحاب القوة والمال والنفوذ فى تلك الدول واستغلوا خبرتهم فى الدسيسة والكذب والافتراء على المسلمين مما جعل حكام هذه الدول تفرض عليهم الحماية وجعل هؤلاء اليهود ينافقون هذه الدول وأخذوا يبثوا سمومهم على المسلمين في وسائل الإعلام التي تملكوها واستغلوا حالة الديمقراطية وحرية الإعلام في هذه البلاد وأداروا منها حربا قذرة من الأكاذيب والافتراءات على الإسلام والمسلمين مما جعل هذه الدول وشعوبها تكره الإسلام و المسلمين واظهروا لتلك الدول بأنهم الدولة الضعيفة التي تعيش وسط بحر من العرب المعادين لهم وأن المسلمين يريدون أن يلقوا دولة إسرائيل في البحر وهى الدولة الصغيرة التى تريد ان تعيش بين العرب فى أمن وسلام وكسبوا تعاطف دول كثيرة من دول العالم واخذوا يمدوهم بالمال والسلاح والمتطوعين في أي صراع بينهم وبين العرب المسلمين وأصبحت هذه الدول لهم قرى محصنة لا يستطيع العرب والمسلمون ان يقاتلوهم فيها أو ينالوا منهم هناك ورغم ذلك ليس لهم ولاء لهذه الدول التي تحميهم ولا لشعوبهم ولا يتورعوا عن ان ينفذوا ضد هذه الدول التى يعشوا فيها أى عمل من أعمالهم القذرة وشكلت هذه العصابات من اليهود طابورا خامسا اقوى في تأثيره ضد المسلمين من الجيوش المسلحة فى دولة اسرائيل.
وباتت إسرائيل الطفل المدلل لتلك الدول وجاز لها ما لا يجوز لغيرها من دول العالم وما حصل للعراق إلا مثالا واضحا لحماية إسرائيل وأمنها لمجرد قول للرئيس العراقي فى غير موضعه بأنه سيدمر إسرائيل فما كان من اللوبي الصهيوني فى أمريكا أن أثاروا العالم بأسره و ضغطوا على الرئيس الأمريكي واخذوا في الافتراء على هذه الدولة المسلمة العربية بأنها تحاول امتلاك السلاح النووي واخذوا ينشرون أكاذيبهم حتى انتهى الأمر بغزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأميريكية وبريطانيا وكثير من الدول التي تدور فى فلكهم وتدمير دولة العراق وأعادوها إلى الوراء قرنا من الزمن وقتلوا أهلها وشردوهم فى دول العالم وعاثوا فى العراق الفساد وكل هذا لمجرد ان رئيسها قال انه سيدمر إسرائيل وهم يعلمون تماما أنه ليس لدولة العراق القوة أن تفعل هذا الأمر مع إسرائيل أو حتى تشتبك معها فى حرب عادية ولكن ليكون عبرة لغيره من الدول العربية.هؤلاء هم اليهود دائما . قاتلهم الله

أما قول الله تبارك وتعالى { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } هو ما نشاهده الآن من الوضع العنصري الرهيب داخل المجتمع الإسرائيلي وابسط مثل عليه هو ذلك التمييز بين اليهود من الأصول الشرقية واليهود من الأصول الغربية وهو يشكل شرخا عميقا داخل المجتمع الإسرائيلي وهذا يهدد أمنهم من الداخل.
وما كان هذا ليحدث إلا لحكمة يعلمها الله وقد أشار إليها فى الآية 104 من سورة الإسراء { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً }, وجاء فى تفسير الطبري لهذه الآية: (حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن منصور، عن ابن أبـي رَزِين { جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـاً } قال: من كلّ قوم.

وجاء فى خواطر الشيخ الشعراوى رحمه الله :
(وكما تحقق وعد الله فى هذه الآية: { وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً.. }(الأعراف: 168)
لقد صدق وعد الله فقد قطعهم الله تعالى فى بلاد العالم وهم ينكمشون على أنفسهم ولا يندمجون مع غيرهم وكأنهم امة واحد فى البلد الذي يسكنون فيه ثم قال عز وجل فى سورة الإسراء: { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } , وهو ما نحن بصدده الآن، حيث سيتجمع اليهود في وطن واحد ليتحقق وَعْد الله بالقضاء عليهم، وهل يستطيع المسلمون أن ينقضُّوا على اليهود وهم في شتات الأرض؟ لا بُدَّ أن الحق سبحانه أوحى إليهم بفكرة التجمُّع في وطن قومي لهم كما يقولون، حتى إذا أراد أَخْذهم لم يُفلتوا، ويأخذهم أخْذ عزيز مقتدر.) انتهى كلام الشيخ الشعراوى.

هكذا حكمة الله فلولا مساندة الدول الكبرى القوية وامداداها بالمال والسلاح والتعهد بحمايتها وكانوا لها تلك القرى المحصنة والجدر او الجدار الذي يحميهم من المسلمين فلولا هذا ما استطاعوا أن يجتمعوا وسط المسلمين ويغتصبوا أراضيهم ويطردوا شعبا بأكمله من أرضه حتى إذا جاء وعد الآخرة اجتمعوا فى هذا المكان وأهلكهم الله بكفرهم على يد عباده المؤمنين.

والله أعلى واعلم .
انتهى بحمد الله تعالى وفضله وما نريد به إلا وجه الله تبارك وتعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

*بتصرف بسيط علما ان المقالة لم تذكر الجدار العازل الذي بناه اليهود الصهاينة في الأرض المحتلة.

يتبع
 
التعديل الأخير:
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِن

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن – ليس بكلام بشر
تدبر/محمد ابراهيم عبد الغنى قطب
{ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِن }*

الحمد لله حمدا يليق بجلال عظمته واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين عليه وعلى آله وصحبه الكرام ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

يقول سبحانه وتعالى:
{ وَما هُوَ بقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (42)}(الحاقة) .

جاء في جامع البيان فى تفسير القرآن للإمام الطبري رحمه الله تعالى فى تفسيره لهذه الآية حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَما هُوَ بقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنونَ } طهَّره الله من ذلك وعصمه { وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ } طهَّره الله من الكهانة، وعصمه منها.

ان النصارى الذين لا يعلمون شيئا حتى عن كتابهم والمفاسد التي به يزعمون ليل نهار بان القرآن كلام الراهب بحيرة أو اشترك مع بحيرة ورقة ابن نوفل ولكن أين دليلهم على ذلك لا شئ وظنوا إن المسلمين لا يقرءون كتابهم ولا يدرسوه وان قرءوه لا يعقلوه مثلهم وكما قال مارتن لوثر والأنبا شنودة فى تسجيل له مسجل بان عقيدتهم والكتاب المقدس لا تمر على العقل ولكن نؤمن بها بالقلب وهذا هو إيمان عبده البقر وعبده النار فليس لهم دليل على عقيدتهم أنما هي كالتراث توارثوها وأدمنوها ولم يستطيعوا أن يدافعوا عن المهاترات التي فى كتابهم وأصبح كتابهم كله رموز من عندهم لعدم قدرتهم على الدفاع عن ما جاء فى كتابهم من تحريض على الزنا ولم تخلوا صفحة واحدة وإلا فيها حالات زنى محارم حتى أن لوقا كتب نسب المسيح فى ما سمي بإنجيل لوقا وذكر 43 جيل لنسب الرب يسوع كما يسمونه وفيه أربعة من الزوانى أو ابن زانية حسب كتابهم (امرأة اسمها راعوث وتمار ورحاب وفى نسله سليمان الذي ادعوا عليه ابن زنا ) . لن أتكلم كثيرا عن كتابهم وكتبت فيه ملخص لمن أراد أن يتعرف على كتاب ألنصارى الذي يقدسونه.

يقول الله تعالى فى كتابه العزيز:. بسم الله الرحمن الرحيم { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (42)} الحاقة .
فى هذه الآية الكريمة يرد الله تعالى على الكفار جميعا فى كل زمن وفى أي مكان بان هذا الكتاب ليس بكلام كاهن ويلفت نظر الجميع بأنهم قليلا ما يتذكرون . السؤال ما هو الذي أرادنا الله أن نتذكره؟
ونبدأ بخلق السماوات والأرض :

إيمان الكهنة عن خلق السماوات والأرض:
(جاء في سفر التكوين : عن خلق السماوات والأرض وما بينهما (إصحاح 2 الأعداد 2(وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. 3 وبارك الله اليوم السابع وقدسه.لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقا)

ماذا قال القرآن الكريم فى هذا الشأن: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38)}( سورة ق).
لغوب تعنى التعب .
وجاء أيضا فى سفر التكوين الإصحاح 2 عن خلق آدم:
(15 وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها. [16] وأوصى الرب الإله آدم قائلا من جميع شجر الجنة تأكل اكلا.[17]واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها.لانك يوم تأكل منها موتا تموت.).
جاء فى الاصحاح 3من سفر التكوين (وكانت الحيّة أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله.فقالت للمرأة أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة. 2 فقالت المرأة للحيّة من ثمر شجر الجنة نأكل. 3 واما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمسّاه لئلا تموتا. 4 فقالت الحيّة للمرأة لن تموتا. 5 بل الله عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح اعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر. 6 فرأت المرأة ان الشجرة جيدة للأكل وانها بهجة للعيون وان الشجرة شهيّة للنظر.فأخذت من ثمرها واكلت واعطت رجلها ايضا معها فأكل. 7 فانفتحت اعينهما وعلما انهما عريانان.فخاطا اوراق تين وصنعا لانفسهما مآزر 8 وسمعا صوت الرب الاله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار.فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الاله في وسط شجر الجنة. 9 فنادى الرب الاله آدم وقال له اين انت. 10 فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لاني عريان فاختبأت. 11 فقال من اعلمك انك عريان.هل اكلت من الشجرة التي اوصيتك ان لا تأكل منها. 12 فقال آدم المرأة التي جعلتها معي هي اعطتني من الشجرة فأكلت. 13 فقال الرب الاله للمرأة ما هذا الذي فعلت.فقالت المرأة الحيّة غرّتني فاكلت. 14 فقال الرب الاله للحيّة لانك فعلت هذا ملعونة انت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية.على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل ايام حياتك. 15 واضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها.هو يسحق راسك وانت تسحقين عقبه. 16 وقال للمرأة تكثيرا اكثر اتعاب حبلك.بالوجع تلدين اولادا.والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك. 17 وقال لآدم لانك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي اوصيتك قائلا لا تأكل منها ملعونة الارض بسببك.بالتعب تأكل منها كل ايام حياتك. 18 وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل. 19 بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود الى الارض التي أخذت منها.لانك تراب والى تراب تعود 20 ودعا آدم اسم امرأته حوّاء لانها ام كل حيّ. 21 وصنع الرب الاله لآدم وامرأته اقمصة من جلد والبسهما 22 وقال الرب الاله هوذا الانسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر.والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة ايضا ويأكل ويحيا الى الابد. 23 فاخرجه الرب الاله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها. 24 فطرد الانسان واقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة ) هذا ما جاء فى كتاب النصارى :.
جهل الرب بالذي يحدث في الجنة حتى مكان آدم وزوجه لم يكن يعلم اين هم وماذا فعلا فى الجنة وما صاروا اليه من كشف عوراتهم .

قبل كل شئ أن عقيدة النصارى تبنى على ما يسمى الخطيئة الأولى والتي تتلخص فى اكل آدم من الشجرة بتحرض من حواء والحية وحكم عليه الرب بموت تموت وحكم على زوجته بان تلد بتعب وتشتاق الى الرجل وتسحق رأس الحية اما حكمه على الحية انها تأكل الطين ّ!! وتعقر قدم حواء فى رجلها.
حكم على آدم وزوجه والحية ما جاء فى سفر التكوين الإصحاح 3 الحية تأكل الطين !!! هل الرب ما كان يعلم ماذا تأكل الحية التي هو خالقها ؟!!!! والاهم عند النصارى هى الخطيئة الاولى التى ورثها اولاد آدم من ابيهم آدم لأنه اكل من الشجرة فى الجنة وعليه بنيت العقيدة المسيحية.

أما ما جاء به القرآن الكريم :
{ وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّٰلِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36) فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ(37) قُلْنَا ٱهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38)}(البقرة).

ثم ذكر تفاصيل ما حدث معهما فى الجنة :
{ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ (22) }(الأعراف).
{ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121)}(طه).

وجاء في إيمان الكهنة أن الله ثالث ثلاثة. مت 28: 19 (فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس.)

اما ما جاء فى القرآن الكريم: { لقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) }(المائدة).

إيمان الكهنة في عزير والمسيح عند النصارى:
اليهود يقولون ان عزير بن الله ويقول النصارى المسيح ابن الله كما جاء فى متى 28:19

جاء فى القرآن الكريم: { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (30)}(التوبة).

ايمان الكهنة عن الانسان :
سفر ايوب الاصحاح11 سفر 12 [اي 11: 12](اما الرجل ففارغ عديم الفهم وكجحش الفراء يولد الانسان)

ما جاء في القرآن الكريم عن الإنسان:
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) }(الإسراء).

إيمان الكهنة عن الزنا (الرب يسوع يبيح الزنا):
جاء فى انجيل يوحنا اصحاح 8 الاعداد الآتية 3 وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4 قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5 وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6 قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. 7 وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» 8 ثُمَّ انْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. 9 وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسَطِ. 10 فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» 11 فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً».

انظر إلى القرآن الكريم ماذا قال في الزانية والزاني وفي واقعة الزنا:
إذا كانا الزانيان غير محصنين :
{ ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ (2)}(النور) .
اما اذا كانا محصنين فيكون العقاب هو الرجم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمرأة الزانية.
اذا كان القرآن هو من قول الراهب بحيره اوغيره من الكهنة وهم الذين يؤمنوا بان المسيح هو اله ويؤمنوا بالتثليث ويؤمنون بالخزعبلات التى جاءت فى كتابهم الذى يقدسونه فلماذا لم ينشروها فى القرآن ولماذا ترك القرآن ينقض ويفضح عقيدتهم . اخى المسلم هذا قليل من كثير ولكن رأيت ان اذكر بعض من الامثلة لانه لا يمكن حصر الفروق بين القرآن وما يؤمن به الكهنة .

تم بحمد الله .

ملحوظة : النصوص التى انسخها من الكتاب المقدس للنصارى أطبعها كما هي دون تصحيح لغوى او نحوى فلزم التنويه

* بتصرف بسيط

يتبع
 
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن - ليس بكلام بشر
تدبر / محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
{ خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ }


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
يقول الله جل شأنه في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم } خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } ( الأنبياء37)
لنرى ما جاء في بعض كتب التفسير:

جاء في: جامع البيان لتفسير القرآن للإمام الطبري رحمه الله.
"حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يـمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد فـي قوله: { خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ } قال: لـما نفخ فـيه الروح فـي ركبتـيه ذهب لـينهض، فقال الله:
{ خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ }.
وجاء أيضا "حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: { خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ } قال: خـلق عجولاً.
وقال آخرون: معناه: خـلق الإنسان من عجل، أي من تعجيـل فـي خـلق الله إياه ومن سرعة فـيه وعلـى عجل. وقالوا: خـلقه الله فـي آخر النهار يوم الـجمعة قبل غروب الشمس علـى عجل فـي خـلقه إياه قبل مغيبها.) انتهى
واختلفت الآراء في تفسير الطبري.

وجاء في :مدارك التنزيل وحقائق التأويل للإمام النسفى رحمه الله تعالى :
(وقيل: نزلت حين كان النضر بن الحارث يستعجل بالعذاب. والعجل والعجلة مصدران، وهو تقديم الشيء على وقته، والظاهر أن المراد الجنس وأنه ركب فيه العجلة فكأنه خلق من العجل ولأنه يكثر منه، والعرب تقول لمن يكثر منه الكرم «خلق من الكرم» فقدم أولاً ذم الإنسان على إفراط العجلة وأنه مطبوع عليها ثم منعه وزجره كأنه قال: ليس ببدع منه أن يستعجل فإنه مجبول على ذلك وهو طبعه وسجيته فقد ركب فيه. وقيل: العجل الطين بلغه حمير.)

وجاء وفى ظلال القرآن للمرحوم السيد قطب رحمه الله تعالى :
{ خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون (37) ويقولون متى هـذا الوعد إن كنتم صادقين (38)}..
{ خلق الإنسان من عجل }.. فالعجلة في طبعه وتكوينه. وهو يمد ببصره دائماً إلى ما وراء اللحظة الحاضرة يريد ليتناوله بيده، ويريد ليحقق كل ما يخطر له بمجرد أن يخطر بباله، ويريد أن يستحضر كل ما يوعد به ولو كان في ذلك ضرره وإيذاؤه. ذلك إلا أن يتصل بالله فيثبت ويطمئن، ويكل الأمر لله فلا يتعجل قضاءه. والإيمان ثقة وصبر واطمئنان.
وهؤلاء المشركون كانوا يستعجلون بالعذاب، ويسألون متى هذا الوعد. الوعد بعذاب الآخرة وعذاب الدنيا.. فها هو ذا القرآن يرسم لهم مشهداً من عذاب الآخرة، ويحذرهم ما أصاب المستهزئين قبلهم من عذاب الدنيا:

وجاء في تفسير الشيخ محمد متولي لشعراوي رحمه الله تعالى:
معنى: { مِنْ عَجَلٍ... } أي: مُتعجِّلاً كأن في طينته عجلة، والعجلة أن تريد الشيء قبل نُضْجه، وقبل أوانه، وقد يتعجَّل الإنسان الخير، وهذا أمر جائز، أما أنْ يتعجّل الشر فهذا هو الحمق بعينه والغباء، ألم يقولوا لرسول الله:
{ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (38)}

ألم يقولوا: { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } (الأنفال: 32).
إذن: تعجَّل هؤلاء العذاب؛ لأنهم غير مؤمنين به، لا يُصدِّقون أن شيئاً من هذا سيحدث؛ لذلك يردُّ عليهم: { سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } وخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: { ....فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77) } (غافر).

أقول والله اعلم:فيما جاء في بعض التفاسير:
جاء في تفسير الطبري :{ قوله: { خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ } قال: لـما نفخ فـيه الروح فـي ركبتـيه ذهب لـينهض، فقال الله:
{ خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ } على مرات .
جاء فى تفسير الشيخ متولي الشعراوى : { ..ثُم سَوَّاكَ.. } [الكهف: 37] التسوية: هي إعداد الشيء إعداداً يناسب مهمته في الحياة،
وفي قوله تعالى: {..على أن نسوي بنانه }(القيامة4)اى نجعل بنانه كما كانت بالضبط.
نعود إلى الآية الكريمة من سورة الأنبياء { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ }.
قبل ان نبحث عن كلمة عجل : نلقى نظرة على تفسير فقهائنا رحمهم الله.
من قال أن آدم لما نفخ الله روحه في آدم واستعجل القيام قبل ان تصل الروح إلى رجله لأنها لم تكن وصلت رجله بعد .
هذا يتنافى مع قوله تعالى { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }( الحجر 29).
قوله سبحانه: { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }(ص72)
لان الله بعد أن سواه رجلا كاملا حي نفخ فيه من روحه مرة واحدة
اما من قال ان الكافرين كانوا في عجل لأنهم استعجلوا العذاب أيضا هذا القول مردود عليه بان المؤمنين كانوا مشفقين من عذاب الآخرة ويستجيرون بالله منه ولكن الآية تقول الإنسان اى الآية تتكلم عن كل البشر ليست عن فئة منهم فقط الذين يستعجلون العذاب.
ومن قال أن الإنسان دائما في عجلة من أمر فهذا أيضا مردود علبه بان هناك من البشر يتصفون بالحلم, ومنهم مرضى بأمراض عقليه لا يحسون بالزمن ولا يعنى عندهم شئ وكما سبق القول بان الآية تتكلم عن كل البشر(الإنسان).
نعود إلى معنى العجلة :
والعِجْلَةُ، بالكسر: جاء في القاموس المحيط للإمام الفيروز آبادي :هي السِّقاءُ والدولابُ (الدائرة) .
الدولاب هو العجلة (الدائرة) وكذلك السقاء هي عبارة عن عجلة تدور لتنقل الماء من أسفل إلى اعلى
إذن العجلة ممكن أن تكون الدولاب عجله أي دورة كاملة اى تبدأ من نقطة وتنتهي عند نفس النقطة(دائرة ) circle))
الإنسان خلق من عجل أي من دورات للحياة ومنها:
الدورة الأولى (المرحلة الأولي خلق الإنسان من تراب وهى النشأة الأولى)، وجاء في
قول الله العظيم في كتابه العزيز: بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ (20) }(الروم ).
{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ (2)}(الأنعام ).
{ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ (11)} (الصافات) الطين اللازب هو الطين المخلوط بالماء ويكون متلاصق
ثم خلق الإنسان من طين لازب أي طين متلاصق.
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26)}(الحجر).
الصلصال هو: التراب الـيابس الذي يسمع له صلصله كَالْفَخَارِ وجاء فى سورة الرحمن : { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ (14)}.
وفي سورة عبس { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) }.
وفي سورة المؤمنون { قَالُوۤاْ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82)}.
وتكون المرحلة الأولى الدورة الأولى أو العجلة الأولى تبدأ من التراب
وتنتهي بالقبر ثم بالتراب ويكون خلقه من تراب ويخلط بالماء ليكون طين لازب، وصلصال، وحمأ مسنون الذي يتكون نتيجة تحلل المواد العضوية التى في الطين. والطين اللازب: اللازق الـجيد او اللاصق، والصلصال: الـمرقق الذي يصنع منه الفخار، والـمسنون: الطين فـيه الـحَمْأة. وصدق الله العظيم اذ قال
{ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ (55)}(طه).
أي الدورة الأولي هي الخلق من تراب – طين- طين لازب- حمأ مسنون وصلصال—ثم النبات –ثم الأنعام.وهذه الدورة نراها عند زراعة النبات فيبدأ بالتراب ويصب عليه الماء فيصبح طين وبعد فترة يصير طين متماسك (لازب) ثم تعمل البكتريا التي فى الأرض وتحلل المواد العضوية التي فى التربة وتصير حمأ مسنون ثم يجف ويترك إلى أن يصبح كالفخار (صلصال كالفخار).
ثم تنموا النباتات وتكبر وكما قال الله تعالى فى سورة الانعام: { وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)}.
ويأكل الإنسان منه وكذلك الأنعام قبل أن يحصد ثم ينتهي إلى الإنسان إما من النبات مباشرة كالفواكه وغيرها أو إلى اللحوم التي من الأنعام التي تغذت على النبات وصدق الله العظيم القائل:{ وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79)} (المؤمنون). والمعنى انه جعل عناصر تكوين الإنسان فى الأرض ومنها.
الإنسان لا يأكل التراب ولكن الله جعل النبات والأنعام هي همزة الوصل بين الإنسان والتراب.
وبعد موت الإنسان يمر الإنسان الى عكس الخلق إلى أن ينتهي إلى التراب أي أن الإنسان بدأ من تراب وانتهى الى التراب ثم النباتات.

المرحلة الثانية أو الدورة (العجلة) الثانية :
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)}(الحج).
{ ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ (8)}(السجدة).
{ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ (37)}(القيامة).
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)} (المؤمنون).
وتكون المرحلة أو الدورة (العجلة) الثانية :
نطفة من طين (ماء مخلوط بالتراب) ثم علقة ومضغة ثم طفلا ثم رجل يبلغ أشده ويخرج منه المنى أو أنثى تستقبل المنى ليلتقي بالبويضة التي تخرج منها لتبدأ الدورة من جديد فى خلق الإنسان ومنهم من يموت قبل ذلك ومنهم من يرد إلى أرذل العمر ثم يموت وينتهى إلى القبر الذي يتحول إلى تراب ويعود إلى عناصره الأولي ليعاد فى دورة أخرى.
الدورة الثالثة:
الإنسان خلق من التراب ويكبر وينمو من التراب .كيف؟
النبات يزرع في ارض ويأخذ من الأرض العناصر أللازمة ليصنع منها بقدرة الله تعالى المواد الغذائية اللازمة لنمو الإنسان والحيوان والإنسان يأكل النبات الذى يتغذى على المواد الأولية من التراب أو يتغذى الحيوان على النبات ثم يتغذى الإنسان على بعض من الحيوانات التي أحلها له الله بعد ذبحها وطهيها وينموا الإنسان ثم يموت وينتهى إلى القبر الذي يعود فيه من حيث بدأ وينتهى إلى التراب الذي يبدأ دورة جديدة في النبات ثم الإنسان أو الحيوان ثم إنسان آخر وتبدأ الدورة الأولى ثم الثانية ثم الدورة الثالثة.

الملخص :
بسم الله الرحمن الرحيم { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ }( الأنبياء 37)
هذه الآية تتكلم عن الدورات التي يمر بها خلق الإنسان :
الدورة الأولى(العجلة الأولى) النشأة الأولى :
خلق الإنسان من تراب الذي يتحول إلى طين ثم يتحول إلى طين لازب الذي يتحول إلى حمأ مسنون إلى صلصال ثم يموت ويرجع من حيث بدأ إلى أن يصل إلى التراب مرة أخرى الذي يبدأ دورة جديدة
الدورة الثانية (العجلة الثانية ) دورة التكاثر والخلافة في الأرض والاستمرارية إلى أن يشاء الله:

هذه الدورة جاءت بوضوح في هذه ألآيات الكريمة من سورة المؤمنون :
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)}
هذا الترتيب الذي جاء في الآية ينتهي بالموت ويتحول الإنسان الى تراب وتبدأ دورة جديدة في إنسان آخر.

الدورة الثالثة دورة النمو والحياة:
كما خلق الإنسان من تراب فان غذاؤه يكون من تراب أيضا ولكن الإنسان لا يأكل التراب مباشرة كما سبق وأشرت ولكن الله جعل النبات همزة الوصل بين الإنسان والتراب . وينموا الإنسان ويكبر وينتهى بالموت ثم يتحلل إلى تراب لتعاد الدورة مرة أخرى فى النباتات.
هذه الدورات الثلاثة تكون في حياة الإنسان على الأرض من يوم خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة وبمعنى آخر هذه الدورات متحركة (ديناميكية) والدائرة المتحركة فهي عجلة ويكون صدق الله العظيم في قوله :
{ خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ }.
وأظن هذا جزءا من الآيات التي وعد بإظهارها في نفس الآية الكريمة
{ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ }.
اما الآيات التى تشير الى ان الانسان دائما فى عجلة من امره فمنها هذه الآيات :
{ وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولا (19)}(الإسراء)
{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعا (19)}(المعارج)

انتهى بحمد الله وآخر دعوانا أن الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين .

يتبع
 
سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن ـ ليس بكلام بشر
محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
{ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ }
الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
جاء فى الآية 7 من سورة آل عمران : { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }.

جاء فى تفسير القرطبى رحمه الله تعالى :
وأما قوله: { مُتَشَـابِهَـاتٌ } فإن معناه: متشابهات فـي التلاوة، مختلفـات فـي الـمعنى، كما قال جلّ ثناؤه: { وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَـابِهاً } يعنـي فـي الـمنظر: مختلفـا فـي الـمطعم، وكما قال مخبرا عمن أخبر عنه من بنـي إسرائيـل أنه قال: { إِنَّ البَقَرَ تَشَـابَهَ عَلَيْنَا }
فقال بعضهم: الـمـحكمات من آي القرآن: الـمعمول بهنّ، وهن الناسخات، أو الـمثبتات الأحكام؛ والـمتشابهات من آية: الـمتروك العمل بهن، الـمنسوخات. ذكر من قال ذلك.

وجاء فى تفسير الشعراوى (الخواطر) رحمه الله تعالى .
)ويقول الراسخون في العلم في نهاية علمهم: آمنا { وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا }. وهنا تلتقي المسألة، فنحن نعرف أن المحكم نزل للعمل به، والمشابه نزل للإيمان به لحكمة يريدها الله سبحانه وتعالى، وهي أن نأخذ الأمر من الآمر لا لحكمة الأمر. وعندما نأخذ الأوامر من الحق فلا نسأل عن علتها؛ لأننا نأخذها من خالق محب حكيم عادل. والإنسان إن لم ينفذ الأمر القادم من الله إلا إذا علم علته وحكمته فإننا نقول لهذا الإنسان: أنت لا تؤمن بالله ولكنك تؤمن بالعلة والحكمة، والمؤمن الحق هو من يؤمن بالأمر وإن لم يفهم.
{ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } ، المحكم من عند ربنا والمتشابه من عند ربنا:
ويضيف سبحانه: { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } و { أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } أي أصحاب العقول المحفوظة من الهوى، لأن آفة الرأي الهوى، والهوى يتمايل به. { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } و " اللب " هو: العقل، يخبرنا الله أن العقل يحكم لُبّ الأشياء لا ظواهر الأشياء وعوارضها، فهناك أحكام تأتي للأمر الظاهر، وأحكام للُبّ. الحق يأمر بقطع يد السارق. وبعد ذلك يأتي من يمثل دور حامي الإنسانية والرحمة ويقول: " هذه وحشية وقسوة "!

ونقول:
الآيات المتشابهات هي الآيات آلتي ينسب الله لنفسه عضو من الأعضاء التي خلقها الله تعالى للإنسان مثل اليد والوجه والرؤيا أو السمع أو الكلام آلتي يتكلم بها الله عز وجل مثل ما قاله الله تعالى لموسى عليه السلام في الوادي المقدس آو أن الله محيط بكل شئ ولنأخذ بعض من الأمثلة:

سورة المائدة الآية 64 { وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء } ... الآية
سورة الفتح الآية 10 { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم }
سورة الزمر { ...والأرض جميعا قبضته يوم القيامة... } (67)
وفي صحيح مسلم: ( إن صدقة أحدكم لتقع في يد الله فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو فصيلة حتى يجيء يوم القيامة وإن اللقمة لعلى قدر أحد )

فى هذه الآيات التى ذكرت يذكر الله فيها كلمة { يد الله } واليد عضو من الأعضاء التى خلقها الله في عباده وكثيرا من خلقه فلا نسال عن ماهى هذه اليد وكيف تكون فهي آية متشابهة لا نقول فيها إلا ( آمنا به كل من عند ربنا ) وكذلك حديث رسول الله صلاة الله وسلامه عليه.
او كما جاء فى السورة { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } (الزمر:67)
قبضة الله او يمين الله هذه من المتشابهات التي لا نسأل عنها ونقول فيها كما امرنا الله تبارك وتعالى {... آمنا به كل من عند ربنا ..}(آل عمران 7).

او أن يذكر الله كلمة وجه الله كما في :
سورة البقرة (الآية 115 ) { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم }.
سورة البقرة ( الآية 272 ) { ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقوا إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون } .
‏جاء فى هاتين الآيتين كلمة وجه الله لا نتكلم عن ما هو وجه الله ولكن نقول: آمنا به كل من عند الله .

وفي سورة الأحزاب الآية 57 { إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا }.
فى هذه الآية يقول الله تعالى إن الذين يؤذون الله فلا نسأل كيف يؤذون الله تعالى وهو الخالق العظيم الذي يحيط بكل شئ ولكن علينا الا نتطرق إلى كيفية الأذى لله جل شأنه.

او قول الله تعالى انه السميع كما في هذه الآيات :
البقرة 181 { فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
البقرة227 { وَإِنْ عَزَمُواْ ٱلطَّلاَقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
البقرة 244{ وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
آل عمران 34 { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم }

كذلك فى ان الله بصير كما جاء فى هذه الآيات مثل:
{ مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }
{ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } (البقرة 110)
{ هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } (آل عمران 163)
{ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } (هود 121)
{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } (غافر 44)

او ما جاء فى بعض الآيات والأحاديث عن الكتاب او القلم مثل ما جاء فى كتاب الله:
{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } (الأنعام 38)
{ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } (الرعد 39)
{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } (الاسراء 4)
{ وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً } (الاسراء 58)
{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } (الكهف:49)
{ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } (الزمر 69)
{ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } (الزخرف 4)

روي عن ابن مسعود أنه قال: قلت أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا ابن أم عبد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأني جبريل عن اللوح المحفوظ عن القلم ).

هذه بعض من الآيات المتشابهات والتي ذكر الله جل جلاله صفات له أسماء أجزاء كما في الإنسان كاليد والسمع والبصر وغيره من الآيات مثل لذلك والله نهى المؤمنون ان يتكلموا فيها ولكن المؤمن الحق يقول أمنا به كل من عند ربنا.
سمعنا واطعنا يارب ولا نقول إلا كما أمرتنا ( يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ).

يتبع
 
عودة
أعلى