بقلم العميد مهندس ركن (م) سبأ بن عبدالله باهبري
تقنيات التخفّي ليست حكراً على الطائرات فقط، لكن الطيران كان السبّاق إلى استخدامها
ولا يوجد الآن طائرات صنعت استناداً إلى حقائق التخفي العلمية سوى المقاتلة
(ف 117) الشبح، وقاذفة القنابل (ب 2) (F-117) و (B-2) الأمريكيتين
، واللتين شُوهِدَ أول استخدام عملياتي لهما خلال حرب تحرير الكويت، وحققتا نجاحاً في
مفاجأة الدفاعات الجوية العراقية وتدميرها بعد الاقتراب منها بهدوء تام ومباغتتها دون
الظهور على شاشات الرادار، أو التعرّض لنقاط الرصد البشري، وقد خصصت مقاتلات
(ف 117) لقصف الأهداف المهمة جداً في قلب بغداد، وقامت بذلك بكفاءة دون أن
تتعرض أي منها لأي تحدٍ جدّي من قِبل القوات العراقية، لكنها في ثاني تجربة لها خلال
الحرب ضد يوغوسلافيا فقد الأمريكيون إحدى هذه الطائرات، وبدأت منذ ذلك الحين
الحقائق العلمية تخرج إلى الضوء تباعاً عن هذا الأمر. وعلى الرغم من كون الموضوع
قديماً نوعاً ما، إلاّ أني سأحاول أن أشرح أهم حقائقه لغير المختصين في علوم الطيران
حتى يتمكنوا من فهم هذه الظاهرة، ظاهرة الاختفاء من شاشات الرادار.
1. تقنية التخفّي Stealth.
تهدف هذه التقنية أساساً إلى استخدام كافة الظواهر العلمية المكتشفة حول تقليل الانعكاس
الراداري أو القضاء عليه لإنتاج مركبات قادرة على امتصاص أشعة الرادار المصطدمة
بها، أو بعثرتها في الفضاء بما يحول دون انعكاسها ورجوعها في الاتجاه الذي انطلقت
منها، ومن هذه الظواهر المواد الداخلة في إنتاج المركبات وشكلها الهندسي، والطلاء الذي
تُطلى به، وكذلك نوعية الوقود. ثم يتم استكمال التخفّي بمراعاة الجوانب الأخرى التي
من شأنها أن تشي بوجود المركبة وتفضح وجودها، كالصوت والاتصالات اللاسلكية
الصادرة منها وإليها، وكذلك الأشعة تحت الحمراء المنبعثة منها، و بالتالي نستطيع أن
نقول إن تقنيات التخفي تهدف بشكل أساسي إلى محاربة:
أ. البصمة الرادارية الناتجة عن انعكاس أشعة الرادار عن المركبة التي تتوقف على المواد والشكل والحجم.
ب. البصمة البصرية الناتجة عن الحجم واللون والارتفاع والقرب.
ج. البصمة الصوتية الناتجة عن المحرك ومرور الرياح حول المركبة.
د. البصمة الحرارية الناتجة عن حرارة المحرك وإحراق الوقود وما يصاحبه من انبعاث للأشعة تحت الحمراء.
وتعد البصمتان الرادارية والحرارية من أخطر وأبرز العوامل التي تكشف وجود الطائرات
وتسهّل إسقاطها، إذ إن اكتشاف الطائرة بواسطة الرادار يسهّل عملية متابعتها، وتوجيه
وسائل الدفاع الجوي إليها رادارياً، أما الأثر الحراري للمحرك فهو أداة التوجيه الرئيسية
في المرحلة النهائية لمعظم صواريخ الدفاع الجوي المنطلقة من الأرض أو من الطائرات.
ولذا فإن الإنجازات العلمية والهندسية ركّزت خلال العشرين عاماً الماضية على تحقيق
القضاء على هاتين البصمتين الرادارية والحرارية بشكل رئيسي، أما ما يسمّي بالبصمة
المغناطيسية وهي تتأثر بالمجال المغناطيسي في منطقة ما عند دخول جسم معدني ثقيل إليه
مثلما يتم رصد واكتشاف وجود الغواصات من خلال قياس اختلاف المجال المغناطيسي في
منطقة ما من خلال أجهزة خاصة تُعرف بالاختصار (MAD)، فإنه في عالم الطيران
ليست له أهمية أو جدوى تستحق الذكر نظراً لصغر حجم الطائرات ووزنها الخفيف
وصعوبة رصد التغيّر في المجال المغناطيسي.
2. التطوّر التاريخي لظاهرة التخفّي.
كان العلماء الألمان خلال الحرب العالمية الثانية هم أول من فكّر في تحييد الرادار والحدّ
من فاعليته بطلاء الطائرات بمواد تمتص الإشعاع الراداري، وكذلك إعادة تصميم
الطائرات بشكل يجعل الهياكل تعكس أقل قدر ممكن من أشعة الرادار إلى مصدر الإرسال،
بل يكون الشكل مصمماً لتشتيت الأشعة الساقطة عليه في اتجاهات مختلفة، وبذلك تضعف
الإشارة المرتدة إلى محطة الرادار ولا يتم اكتشاف الطائرة إلاّ في مرحلة متأخرة، وأخيراً
وليس آخراً قرروا العودة إلى بناء جسم الطائرة من الخشب لتقليل الانعكاس الراداري.
وكان العلماء الألمان خلال الحرب قد توصلوا إلى مادة تُطلى بها أعمدة جهاز الرؤية في
الغواصات (البيروسكوب) لمنع اكتشافه بواسطة رادارات السفن، ولذا فكروا في طلاء
الطائرات بها وسمّى الحلفاء هذه المواد (RAM) أو المواد الماصة للرادار، وقام
الأخوان (هورتون) الألمانيان بتصميم أول طائرة قادرة على التخفّي عن الرادار في عام
1944م وعرفت باسم القاذفة (Horton Ho IX-V-2)، وقد كانت قاذفة نفاثة
وأُطلق عليها اسم (V-2) في نهاية الإسم، أي أنها ستكون في فاعلية الصواريخ
(1 7) التي قصف الألمان لندن بها خلال الحرب ولم يكن في مقدور البريطانيين
اعتراضها، وهي عبارة عن جناح طائر يحتوي في باطنه على مخازن القنابل
(شديد الشبه بالأجنحة الطائرة التي طوّرها الأمريكيون بعد الحرب)، وكان جسمها
مصنوعاً من الخشب، وتمكّن الإخوان (هورتون) من بناء نموذجين من هذه القاذفة في
مصانع "جوثر واجن فابريك" وحقق النموذج الثاني سرعة بلغت
حوالي 800 كم- ساعة،
إلاّ أن ظروف الهزيمة التي كانت تحيق بألمانيا أدّت إلى توقّف المشروع، واختفاء
أسراره، إلى أن ظهر من جديد في كل من بريطانيا والولايات المتحدة في شكل جديد مطور
ومحسّن ومعدني الهيكل، من خلال القاذفة الأمريكية (نورثروب ب 49) التجريبية،
والقاذفة البريطانية "فولكان".
ورغم أن هذه المشاريع توقفت خلال الخمسينيات، إلاّ أن شركة نورثروب الأمريكية أبقت
الأبحاث المتعلقة بهذا الأمر تحت التطوير، الأمر الذي جعلها رائدة في هذا المجال، ومكّنها
من مفاجأة العالم في أواسط الثمانينيات بإنتاج القاذفة الخفية (ب 2) الشديدة الشبه
بالقاذفة (ب 49). ولذا فإنه ليس هناك شك في أن الحلفاء الذين احتلوا المناطق الألمانية
التي كانت مهداً لتجارب وأبحاث هذا النوع من الطائرات وضعوا أيديهم على تلك الأسرار
وأغروا العلماء الألمان بالانتقال إلى الولايات المتحدة، وبريطانيا لمتابعة أبحاثهم هناك
بدلاً من الوقوع في الأسر والتعرّض للمحاكمة في أسوأ الظروف، أو مواجهة البطالة
وقسوة الشتاء في ألمانيا المحطمة في أحسن الأحوال.
3. الإجراءات الرئيسية لتقنيات التخفّي.
أ. حل مشكلة الانعكاس الراداري:
(1) طلاء الجسم بالمواد الماصة للإشعاع الراداري :
في عام 1944م تمكّن معهد (MIT) الأمريكي من تطوير طلاء أُطلق عليه اسم
(هارب)، وهو اختصار لعبارة طلاء هاربن المضاد للرادار (HARP)، ويتكون من
مادة النيوبرين المطاطية المختلطة بحبيبات معدنية صغيرة، ثم مكن ذلك توصل سلاح
الجو الأمريكي إلى إنتاج طلاء مماثل ذي قدرة أفضل عُرف باسم (MX-410)من
خليط المطاط ورقائق الألمونيوم. وفتح هذان الطلاءان الباب لمزيد من المواد المشابهة،
وأثبتت التجارب أن فاعلية هذه المواد تصل إلى حدّها الأقصى إذا كانت على شكل طبقات
متتالية بسمك يكون في حدود مربع طول موجة الرادار المراد مكافحته، ولكن استخدام
هذه المواد بشكل عملي على الطائرات كان مخيّباً للآمال، أي أنه تم خلال الستينيات
اكتشاف مواد جديدة لا تحتوي على معادن، بل أملاح ويمكن إلصاقها على جسم الطائرة
على شكل شرائح متعامدة، وقد بلغ من فاعليتها إلى كونها لا تعكس أكثر من
(01ر0%) أي تقليل الانعكاس إلى واحد في الألف. ويمكنها كذلك تغطية نطاق واسع
من الترددات بين (130) ميجاهيرتز و (38 جيجا هيرتز) خصوصاً عند سقوط
الأشعة عليها بزاوية صغيرة، أما عندما تصبح زاوية السقوط أكثر من 70ْ فإن مقدرة
هذه المواد على امتصاص الأشعة تتدهور بشكل سريع.
ومن خلال ما نشر مؤخراً عن هذه المواد، فإنها توجد على شكل شرائط عريضة تلصق
على أسطح الطائرات، ويدخل في تركيبها السيلكون والسيراميك والجرافيت، وتعد اليابان
من الدول الرائدة في هذا المجال وهي تتعاون مع الولايات المتحدة في تطوير هذه المواد.
(2) تصغير المقطع الراداري للطائرات :
المقطع الراداري هوالمساحة السطحية من جسم الطائرة التي تقوم بعكس الأشعة الساقطة
عليها وهي تتوقف بشكل أساسي على حجم الطائرة ثم على خطوط التصميم الرئيسية
فيها، فكلما كان الجسم مسطحاً أو مستوياً زاد المقطع الراداري المعاكس، ولذلك فإن
تقنيات التخفّي تتطلب تصغير حجم الطائرة وتقليل المساحة السطحية وتصميم زوايا التقاء
الأسطح، بحيث تشتت الأشعة الساقطة ولا تعكسها بشكل مباشر، وهذا يتطلب تقليل
الخطوط المستقيمة وإحداث انكسارات في الأسطح المستوية الكبيرة، وهذا هو التحدي
الهندسي الأساسي الذي يتطلب إجراءات وتجارب وخبرات كبيرة، فليست جميع التصاميم
المثالية للتخفي ممكنة التنفيذ، إذ إن تحديات التصنيع لا تقل عن معوقات التصاميم
خصوصاً أن إنتاج هذه الطرازات من الطائرات أمر يتطلب دقة كبيرة في تقنيات تصنيع
المواد ولحام اللدائن وهو الأمر الذي جعل إنتاج الطائرات الخفية أمراً بالغ التكاليف
إذ تصل قيمة القاذفة (ب 2) إلى حوالي ال (800) مليون دولار.
ب. تقليل الانبعاث الحراري من الطائرة :
يعد الانبعاث الحراري الصادر من الطائرة أحد مصادر كشفها بواسطة مناظير الأشعة تحت
الحمراء، ولكن مشاهدتها بهذه المناظير من الأرض تشوبه معوقات كثيرة، ولا يحقق
فرصة الإنذار الكافية لأطقم الدفاع الجوي إما بواسطة كاميرات الأشعة تحت الحمراء
المحمولة في الطائرات فإن الحرارة المنبعثة من محرك وجسم الطائرة في الأجواء الباردة
على ارتفاعات عالية يجعل منها هدفاً سهل الرصد من مسافات كافية للتعامل معها
والتصدي لها بالاشتباك المباشر أو الصواريخ المتتبعة للحرارة. وعلى الرغم من أنه لم
تحدث حتى الآن اشتباكات مباشرة بين المقاتلات التقليدية والمقاتلة الخفية، فإن التقديرات
تشير إلى محدودية قدرة طائرات التخفي من منازلة المقاتلات الحديثة مثل ال (ف 15)
، والأجيال الحديثة من السوخوي أو الميراج والتورنادو.
ولذلك كان لابد من معالجة البصمة الحرارية للطائرات الخفية بعدد من الإجراءات التي
تقلل من الحرارة المؤكدة على جسم الطائرة من جراء الاحتكاك في الهواء السريع والتي
تصل إلى أكثر من (200ْ) درجة مئوية في أطراف الأجزاء الأمامية مثل
(الرأس ومقدمة الجناح)، أو تلك الناتجة عن احتراق الوقود في المحرك وتلك الغازات
الملتهبة التي تخرج من عوادم المحركات، ولذا فإن إخفاء البصمة الحرارية يتطلب
الآتي :
(1) تغليف المناطق الحارة بتيارات هوائية لتبريدها :
وخاصة في المنطقة المحيطة بالمحرك، إذ يتم إحداث فتحات لجلب الهواء الخارجي
وتمريره في تجاويف تحيط بالمحرك لتقليل فارق الحرارة بين المحرك وباقي أجزاء
الطائرة وكذلك الوسط الهوائي الذي تتحرك فيه الطائرة.
(2) تعدد المحركات ذات الدفع الصغير بدل المحركات العالية الدفع :
إذ إن المحركات العالية الدفع تولّد هواءً عالي السخونة، سهل الرصد بأجهزة رصد الأشعة
تحت الحمرات، ولذلك يستعاض عن كل محرك قوي الدفع بعدد من المحركات الأقل دفعاً،
وأقل حرارة في نواتج احتراق الوقود داخلها.
(3) استخدام اللدائن غير الموصلة للحرارة في صناعة الأجزاء القابلة للتسخين :
وقد أدّى التطور الذي أُحرز في مجال تصنيع اللدائن الزجاجية والبلاستيكية التي تتحمل
درجات الحرارة العالية إلى تشكيل الأجزاء المتعرضة للاحتكاك الهوائي في مقدمة رأس
الطائرة والأجنحة من هذه اللدائن التي لا تسخن بسهولة ولها خاصية للتخلص من الحرارة
بشكل سريع.
ج . إخفاء البصمة الصوتية :
يتولّد الصوت الذي هو عبارة عن موجات بسيطة من التداخل والتخلخل من عدة مصادر
في الطائرة أولها وأهمها الحركة الميكانيكية للمحرك، ثم من جراء سحب الهواء إلى
المحرك وخروجه منه بسرعة عالية، وكذلك أيضاً من احتكاك جسم الطائرة بالهواء
واصطدام الهواء الساخن السريع بالوسط الهوائي خلف الطائرة. وبدأ الاهتمام بهذه
البصمة في الطائرات المدنية في أواخر الستينيات بعد أن أصبح استخدام المحركات
العملاقة ذات قوة الدفع الخارقة من سمات طائرات الركاب المدنية النفاثة وبشكل جعل
السكن بالقرب من المطارات ظاهرة مرهقة صحياً بسبب الضجيج المتوالي الذي تولّده
المحركات.
وعندما اهتم المصممون بظاهرة التخفي وجدوا أن اعتماد المحركات الصغيرة وتصغير
الحجم يسهم كثيراً في تخفيض البصمة الصوتية، كما أن إتقان صناعة جسم الطائرة وجعل
المكونات قصيرة وتغليف نقاط الالتصاق بين الأسطح بشرائح مطاطية مرنة تمتص
الاهتزاز يقلل كثيراً من الطاقة الصوتية المنبعثة من الجسم أثناء الطيران. وبالنسبة
للمقاتلات والقاذفات التي تحلق على ارتفاعات شاهقة فإن مشكلة الصوت تصبح ثانوية
مقارنة بالبصمة الرادارية والحرارية، أما بالنسبة للطائرات العمودية الخفية التي يتم
تصميمها الآن والعمل على إنتاجها في القريب العاجل، فلا يزال موضوع إخفاء الصوت،
وخاصة ذلك المتولد من جراء دوران ريش المروحة العملاقة يجري التعامل معه حالياً.
التطبيقات العملية الحديثة لتقنيات التخفي في العالم اليوم.
منذ أن أثبتت المقاتلة (ف 117) والقاذفة (ب 2) جدارتهما بالاقتفاء خلال الصراعات
المسلحة في الأعوام العشر الماضية في تحرير الكويت والبلقان، ثم في أفغانستان أخيراً
اتجه المفكرون العسكريون إلى تعميم هذه الظاهرة على باقي فروع القوات المسلحة، فنحن
نسمع اليوم عن مشاريع إنتاج السفن الخفية، وهي مشاريع قيد التنفيذ، ثم سمعنا
بالمدرعات الخفية، وقد يكون ذلك ممكناً في أوروبا والمناطق ذات الطبوغرافيا غير
الصحراوية.
أما في الصحراء فإن الغبار المتصاعد من حركة المدرعات في تقديري الشخصي سيكون
صعب الإخفاء، ولكن المستقبل الواعد سيكون في مجال الطائرات العمودية الخفية التي
ستزود بها القوات الخاصة، وخصوصاً ما يمكن أن تحرزه في مجال المدن وعمليات
اختراق عمق الخصم، والعمل ضد الخطوط الخلفية الآمنة للعدو وهو ما تحاول الولايات
المتحدة الآن أن تنتجه من خلال برنامج تطوير الطائرة العمودية المقاتلة (كومانشي)
(Comanche) التي تقوم بصناعتها الآن شركة (سايكورسكي) والتي تضمن
تصميمها التجريبي المبدئي عدداً من الخصائص الجديدة تماماً في مجال طبيعة تصميم
ريش المروحة الرئيسية لمكافحة الصوت وإخفاء جميع منظومات الأسلحة داخل هيكل
الطائرة ليقلل الانعكاس الراداري واستخدام الملاحة بوساطة الأقمار الصناعية خلال
الصمت اللاسلكي والراداري التام. علماً بأن من لا يملك الطائرة الخفية يستطيع تحقيق
المفاجأة والغياب عن شاشات الرادار باتباع التخطيط التكتيكي المفصل لتفادي نقاط
الرصد، ولكن ذلك هو موضوع آخر متشعب وبالغ التعقيد ويعتمد على التخطيط الدقيق
المعتمد على معطيات استخباراتية شاملة
المصدر : مجلة كلية الملك خالد العسكرية العدد 72
تقنيات التخفّي ليست حكراً على الطائرات فقط، لكن الطيران كان السبّاق إلى استخدامها
ولا يوجد الآن طائرات صنعت استناداً إلى حقائق التخفي العلمية سوى المقاتلة
(ف 117) الشبح، وقاذفة القنابل (ب 2) (F-117) و (B-2) الأمريكيتين
، واللتين شُوهِدَ أول استخدام عملياتي لهما خلال حرب تحرير الكويت، وحققتا نجاحاً في
مفاجأة الدفاعات الجوية العراقية وتدميرها بعد الاقتراب منها بهدوء تام ومباغتتها دون
الظهور على شاشات الرادار، أو التعرّض لنقاط الرصد البشري، وقد خصصت مقاتلات
(ف 117) لقصف الأهداف المهمة جداً في قلب بغداد، وقامت بذلك بكفاءة دون أن
تتعرض أي منها لأي تحدٍ جدّي من قِبل القوات العراقية، لكنها في ثاني تجربة لها خلال
الحرب ضد يوغوسلافيا فقد الأمريكيون إحدى هذه الطائرات، وبدأت منذ ذلك الحين
الحقائق العلمية تخرج إلى الضوء تباعاً عن هذا الأمر. وعلى الرغم من كون الموضوع
قديماً نوعاً ما، إلاّ أني سأحاول أن أشرح أهم حقائقه لغير المختصين في علوم الطيران
حتى يتمكنوا من فهم هذه الظاهرة، ظاهرة الاختفاء من شاشات الرادار.
1. تقنية التخفّي Stealth.
تهدف هذه التقنية أساساً إلى استخدام كافة الظواهر العلمية المكتشفة حول تقليل الانعكاس
الراداري أو القضاء عليه لإنتاج مركبات قادرة على امتصاص أشعة الرادار المصطدمة
بها، أو بعثرتها في الفضاء بما يحول دون انعكاسها ورجوعها في الاتجاه الذي انطلقت
منها، ومن هذه الظواهر المواد الداخلة في إنتاج المركبات وشكلها الهندسي، والطلاء الذي
تُطلى به، وكذلك نوعية الوقود. ثم يتم استكمال التخفّي بمراعاة الجوانب الأخرى التي
من شأنها أن تشي بوجود المركبة وتفضح وجودها، كالصوت والاتصالات اللاسلكية
الصادرة منها وإليها، وكذلك الأشعة تحت الحمراء المنبعثة منها، و بالتالي نستطيع أن
نقول إن تقنيات التخفي تهدف بشكل أساسي إلى محاربة:
أ. البصمة الرادارية الناتجة عن انعكاس أشعة الرادار عن المركبة التي تتوقف على المواد والشكل والحجم.
ب. البصمة البصرية الناتجة عن الحجم واللون والارتفاع والقرب.
ج. البصمة الصوتية الناتجة عن المحرك ومرور الرياح حول المركبة.
د. البصمة الحرارية الناتجة عن حرارة المحرك وإحراق الوقود وما يصاحبه من انبعاث للأشعة تحت الحمراء.
وتعد البصمتان الرادارية والحرارية من أخطر وأبرز العوامل التي تكشف وجود الطائرات
وتسهّل إسقاطها، إذ إن اكتشاف الطائرة بواسطة الرادار يسهّل عملية متابعتها، وتوجيه
وسائل الدفاع الجوي إليها رادارياً، أما الأثر الحراري للمحرك فهو أداة التوجيه الرئيسية
في المرحلة النهائية لمعظم صواريخ الدفاع الجوي المنطلقة من الأرض أو من الطائرات.
ولذا فإن الإنجازات العلمية والهندسية ركّزت خلال العشرين عاماً الماضية على تحقيق
القضاء على هاتين البصمتين الرادارية والحرارية بشكل رئيسي، أما ما يسمّي بالبصمة
المغناطيسية وهي تتأثر بالمجال المغناطيسي في منطقة ما عند دخول جسم معدني ثقيل إليه
مثلما يتم رصد واكتشاف وجود الغواصات من خلال قياس اختلاف المجال المغناطيسي في
منطقة ما من خلال أجهزة خاصة تُعرف بالاختصار (MAD)، فإنه في عالم الطيران
ليست له أهمية أو جدوى تستحق الذكر نظراً لصغر حجم الطائرات ووزنها الخفيف
وصعوبة رصد التغيّر في المجال المغناطيسي.
2. التطوّر التاريخي لظاهرة التخفّي.
كان العلماء الألمان خلال الحرب العالمية الثانية هم أول من فكّر في تحييد الرادار والحدّ
من فاعليته بطلاء الطائرات بمواد تمتص الإشعاع الراداري، وكذلك إعادة تصميم
الطائرات بشكل يجعل الهياكل تعكس أقل قدر ممكن من أشعة الرادار إلى مصدر الإرسال،
بل يكون الشكل مصمماً لتشتيت الأشعة الساقطة عليه في اتجاهات مختلفة، وبذلك تضعف
الإشارة المرتدة إلى محطة الرادار ولا يتم اكتشاف الطائرة إلاّ في مرحلة متأخرة، وأخيراً
وليس آخراً قرروا العودة إلى بناء جسم الطائرة من الخشب لتقليل الانعكاس الراداري.
وكان العلماء الألمان خلال الحرب قد توصلوا إلى مادة تُطلى بها أعمدة جهاز الرؤية في
الغواصات (البيروسكوب) لمنع اكتشافه بواسطة رادارات السفن، ولذا فكروا في طلاء
الطائرات بها وسمّى الحلفاء هذه المواد (RAM) أو المواد الماصة للرادار، وقام
الأخوان (هورتون) الألمانيان بتصميم أول طائرة قادرة على التخفّي عن الرادار في عام
1944م وعرفت باسم القاذفة (Horton Ho IX-V-2)، وقد كانت قاذفة نفاثة
وأُطلق عليها اسم (V-2) في نهاية الإسم، أي أنها ستكون في فاعلية الصواريخ
(1 7) التي قصف الألمان لندن بها خلال الحرب ولم يكن في مقدور البريطانيين
اعتراضها، وهي عبارة عن جناح طائر يحتوي في باطنه على مخازن القنابل
(شديد الشبه بالأجنحة الطائرة التي طوّرها الأمريكيون بعد الحرب)، وكان جسمها
مصنوعاً من الخشب، وتمكّن الإخوان (هورتون) من بناء نموذجين من هذه القاذفة في
مصانع "جوثر واجن فابريك" وحقق النموذج الثاني سرعة بلغت
حوالي 800 كم- ساعة،
إلاّ أن ظروف الهزيمة التي كانت تحيق بألمانيا أدّت إلى توقّف المشروع، واختفاء
أسراره، إلى أن ظهر من جديد في كل من بريطانيا والولايات المتحدة في شكل جديد مطور
ومحسّن ومعدني الهيكل، من خلال القاذفة الأمريكية (نورثروب ب 49) التجريبية،
والقاذفة البريطانية "فولكان".
ورغم أن هذه المشاريع توقفت خلال الخمسينيات، إلاّ أن شركة نورثروب الأمريكية أبقت
الأبحاث المتعلقة بهذا الأمر تحت التطوير، الأمر الذي جعلها رائدة في هذا المجال، ومكّنها
من مفاجأة العالم في أواسط الثمانينيات بإنتاج القاذفة الخفية (ب 2) الشديدة الشبه
بالقاذفة (ب 49). ولذا فإنه ليس هناك شك في أن الحلفاء الذين احتلوا المناطق الألمانية
التي كانت مهداً لتجارب وأبحاث هذا النوع من الطائرات وضعوا أيديهم على تلك الأسرار
وأغروا العلماء الألمان بالانتقال إلى الولايات المتحدة، وبريطانيا لمتابعة أبحاثهم هناك
بدلاً من الوقوع في الأسر والتعرّض للمحاكمة في أسوأ الظروف، أو مواجهة البطالة
وقسوة الشتاء في ألمانيا المحطمة في أحسن الأحوال.
3. الإجراءات الرئيسية لتقنيات التخفّي.
أ. حل مشكلة الانعكاس الراداري:
(1) طلاء الجسم بالمواد الماصة للإشعاع الراداري :
في عام 1944م تمكّن معهد (MIT) الأمريكي من تطوير طلاء أُطلق عليه اسم
(هارب)، وهو اختصار لعبارة طلاء هاربن المضاد للرادار (HARP)، ويتكون من
مادة النيوبرين المطاطية المختلطة بحبيبات معدنية صغيرة، ثم مكن ذلك توصل سلاح
الجو الأمريكي إلى إنتاج طلاء مماثل ذي قدرة أفضل عُرف باسم (MX-410)من
خليط المطاط ورقائق الألمونيوم. وفتح هذان الطلاءان الباب لمزيد من المواد المشابهة،
وأثبتت التجارب أن فاعلية هذه المواد تصل إلى حدّها الأقصى إذا كانت على شكل طبقات
متتالية بسمك يكون في حدود مربع طول موجة الرادار المراد مكافحته، ولكن استخدام
هذه المواد بشكل عملي على الطائرات كان مخيّباً للآمال، أي أنه تم خلال الستينيات
اكتشاف مواد جديدة لا تحتوي على معادن، بل أملاح ويمكن إلصاقها على جسم الطائرة
على شكل شرائح متعامدة، وقد بلغ من فاعليتها إلى كونها لا تعكس أكثر من
(01ر0%) أي تقليل الانعكاس إلى واحد في الألف. ويمكنها كذلك تغطية نطاق واسع
من الترددات بين (130) ميجاهيرتز و (38 جيجا هيرتز) خصوصاً عند سقوط
الأشعة عليها بزاوية صغيرة، أما عندما تصبح زاوية السقوط أكثر من 70ْ فإن مقدرة
هذه المواد على امتصاص الأشعة تتدهور بشكل سريع.
ومن خلال ما نشر مؤخراً عن هذه المواد، فإنها توجد على شكل شرائط عريضة تلصق
على أسطح الطائرات، ويدخل في تركيبها السيلكون والسيراميك والجرافيت، وتعد اليابان
من الدول الرائدة في هذا المجال وهي تتعاون مع الولايات المتحدة في تطوير هذه المواد.
(2) تصغير المقطع الراداري للطائرات :
المقطع الراداري هوالمساحة السطحية من جسم الطائرة التي تقوم بعكس الأشعة الساقطة
عليها وهي تتوقف بشكل أساسي على حجم الطائرة ثم على خطوط التصميم الرئيسية
فيها، فكلما كان الجسم مسطحاً أو مستوياً زاد المقطع الراداري المعاكس، ولذلك فإن
تقنيات التخفّي تتطلب تصغير حجم الطائرة وتقليل المساحة السطحية وتصميم زوايا التقاء
الأسطح، بحيث تشتت الأشعة الساقطة ولا تعكسها بشكل مباشر، وهذا يتطلب تقليل
الخطوط المستقيمة وإحداث انكسارات في الأسطح المستوية الكبيرة، وهذا هو التحدي
الهندسي الأساسي الذي يتطلب إجراءات وتجارب وخبرات كبيرة، فليست جميع التصاميم
المثالية للتخفي ممكنة التنفيذ، إذ إن تحديات التصنيع لا تقل عن معوقات التصاميم
خصوصاً أن إنتاج هذه الطرازات من الطائرات أمر يتطلب دقة كبيرة في تقنيات تصنيع
المواد ولحام اللدائن وهو الأمر الذي جعل إنتاج الطائرات الخفية أمراً بالغ التكاليف
إذ تصل قيمة القاذفة (ب 2) إلى حوالي ال (800) مليون دولار.
ب. تقليل الانبعاث الحراري من الطائرة :
يعد الانبعاث الحراري الصادر من الطائرة أحد مصادر كشفها بواسطة مناظير الأشعة تحت
الحمراء، ولكن مشاهدتها بهذه المناظير من الأرض تشوبه معوقات كثيرة، ولا يحقق
فرصة الإنذار الكافية لأطقم الدفاع الجوي إما بواسطة كاميرات الأشعة تحت الحمراء
المحمولة في الطائرات فإن الحرارة المنبعثة من محرك وجسم الطائرة في الأجواء الباردة
على ارتفاعات عالية يجعل منها هدفاً سهل الرصد من مسافات كافية للتعامل معها
والتصدي لها بالاشتباك المباشر أو الصواريخ المتتبعة للحرارة. وعلى الرغم من أنه لم
تحدث حتى الآن اشتباكات مباشرة بين المقاتلات التقليدية والمقاتلة الخفية، فإن التقديرات
تشير إلى محدودية قدرة طائرات التخفي من منازلة المقاتلات الحديثة مثل ال (ف 15)
، والأجيال الحديثة من السوخوي أو الميراج والتورنادو.
ولذلك كان لابد من معالجة البصمة الحرارية للطائرات الخفية بعدد من الإجراءات التي
تقلل من الحرارة المؤكدة على جسم الطائرة من جراء الاحتكاك في الهواء السريع والتي
تصل إلى أكثر من (200ْ) درجة مئوية في أطراف الأجزاء الأمامية مثل
(الرأس ومقدمة الجناح)، أو تلك الناتجة عن احتراق الوقود في المحرك وتلك الغازات
الملتهبة التي تخرج من عوادم المحركات، ولذا فإن إخفاء البصمة الحرارية يتطلب
الآتي :
(1) تغليف المناطق الحارة بتيارات هوائية لتبريدها :
وخاصة في المنطقة المحيطة بالمحرك، إذ يتم إحداث فتحات لجلب الهواء الخارجي
وتمريره في تجاويف تحيط بالمحرك لتقليل فارق الحرارة بين المحرك وباقي أجزاء
الطائرة وكذلك الوسط الهوائي الذي تتحرك فيه الطائرة.
(2) تعدد المحركات ذات الدفع الصغير بدل المحركات العالية الدفع :
إذ إن المحركات العالية الدفع تولّد هواءً عالي السخونة، سهل الرصد بأجهزة رصد الأشعة
تحت الحمرات، ولذلك يستعاض عن كل محرك قوي الدفع بعدد من المحركات الأقل دفعاً،
وأقل حرارة في نواتج احتراق الوقود داخلها.
(3) استخدام اللدائن غير الموصلة للحرارة في صناعة الأجزاء القابلة للتسخين :
وقد أدّى التطور الذي أُحرز في مجال تصنيع اللدائن الزجاجية والبلاستيكية التي تتحمل
درجات الحرارة العالية إلى تشكيل الأجزاء المتعرضة للاحتكاك الهوائي في مقدمة رأس
الطائرة والأجنحة من هذه اللدائن التي لا تسخن بسهولة ولها خاصية للتخلص من الحرارة
بشكل سريع.
ج . إخفاء البصمة الصوتية :
يتولّد الصوت الذي هو عبارة عن موجات بسيطة من التداخل والتخلخل من عدة مصادر
في الطائرة أولها وأهمها الحركة الميكانيكية للمحرك، ثم من جراء سحب الهواء إلى
المحرك وخروجه منه بسرعة عالية، وكذلك أيضاً من احتكاك جسم الطائرة بالهواء
واصطدام الهواء الساخن السريع بالوسط الهوائي خلف الطائرة. وبدأ الاهتمام بهذه
البصمة في الطائرات المدنية في أواخر الستينيات بعد أن أصبح استخدام المحركات
العملاقة ذات قوة الدفع الخارقة من سمات طائرات الركاب المدنية النفاثة وبشكل جعل
السكن بالقرب من المطارات ظاهرة مرهقة صحياً بسبب الضجيج المتوالي الذي تولّده
المحركات.
وعندما اهتم المصممون بظاهرة التخفي وجدوا أن اعتماد المحركات الصغيرة وتصغير
الحجم يسهم كثيراً في تخفيض البصمة الصوتية، كما أن إتقان صناعة جسم الطائرة وجعل
المكونات قصيرة وتغليف نقاط الالتصاق بين الأسطح بشرائح مطاطية مرنة تمتص
الاهتزاز يقلل كثيراً من الطاقة الصوتية المنبعثة من الجسم أثناء الطيران. وبالنسبة
للمقاتلات والقاذفات التي تحلق على ارتفاعات شاهقة فإن مشكلة الصوت تصبح ثانوية
مقارنة بالبصمة الرادارية والحرارية، أما بالنسبة للطائرات العمودية الخفية التي يتم
تصميمها الآن والعمل على إنتاجها في القريب العاجل، فلا يزال موضوع إخفاء الصوت،
وخاصة ذلك المتولد من جراء دوران ريش المروحة العملاقة يجري التعامل معه حالياً.
التطبيقات العملية الحديثة لتقنيات التخفي في العالم اليوم.
منذ أن أثبتت المقاتلة (ف 117) والقاذفة (ب 2) جدارتهما بالاقتفاء خلال الصراعات
المسلحة في الأعوام العشر الماضية في تحرير الكويت والبلقان، ثم في أفغانستان أخيراً
اتجه المفكرون العسكريون إلى تعميم هذه الظاهرة على باقي فروع القوات المسلحة، فنحن
نسمع اليوم عن مشاريع إنتاج السفن الخفية، وهي مشاريع قيد التنفيذ، ثم سمعنا
بالمدرعات الخفية، وقد يكون ذلك ممكناً في أوروبا والمناطق ذات الطبوغرافيا غير
الصحراوية.
أما في الصحراء فإن الغبار المتصاعد من حركة المدرعات في تقديري الشخصي سيكون
صعب الإخفاء، ولكن المستقبل الواعد سيكون في مجال الطائرات العمودية الخفية التي
ستزود بها القوات الخاصة، وخصوصاً ما يمكن أن تحرزه في مجال المدن وعمليات
اختراق عمق الخصم، والعمل ضد الخطوط الخلفية الآمنة للعدو وهو ما تحاول الولايات
المتحدة الآن أن تنتجه من خلال برنامج تطوير الطائرة العمودية المقاتلة (كومانشي)
(Comanche) التي تقوم بصناعتها الآن شركة (سايكورسكي) والتي تضمن
تصميمها التجريبي المبدئي عدداً من الخصائص الجديدة تماماً في مجال طبيعة تصميم
ريش المروحة الرئيسية لمكافحة الصوت وإخفاء جميع منظومات الأسلحة داخل هيكل
الطائرة ليقلل الانعكاس الراداري واستخدام الملاحة بوساطة الأقمار الصناعية خلال
الصمت اللاسلكي والراداري التام. علماً بأن من لا يملك الطائرة الخفية يستطيع تحقيق
المفاجأة والغياب عن شاشات الرادار باتباع التخطيط التكتيكي المفصل لتفادي نقاط
الرصد، ولكن ذلك هو موضوع آخر متشعب وبالغ التعقيد ويعتمد على التخطيط الدقيق
المعتمد على معطيات استخباراتية شاملة
المصدر : مجلة كلية الملك خالد العسكرية العدد 72