"اليوم السابع" يكشف القصة الكاملة لمعركة المعتصمين الجديدة.. بدأت بحديث عن اختطاف متظاهر.. وانتهت بإصابة 10 بطلق نارى و300 بالحجارة.. المحتجون حاولوا إشعال النيران بـ"الشعب" و"الجيش" ردها فى خيامهم
الجمعة، 16 ديسمبر 2011 - 16:10
جانب من المواجهات
كتب محمد البديوى ودانة الحديدى وهانى الحوتى وإيمان على - تصوير عمرو دياب
ينشر "اليوم السابع" التفاصيل الكاملة للاشتباكات التى بدأت فى نحو الثالثة من صباح اليوم، بين معتصمى مجلس الوزراء وقوات الجيش، والتى أسفرت حتى الآن عن 300 إصابة بالطوب والزجاج بين المعتصمين، على حد تأكيد المستشفى الميدانى، بالإضافة لإحراق المتظاهرين مبنى يحمل لافتة وزارة النقل، ومحرك كهربائى، وسيارة، ورد الجيش على اقتحام المبنى الإدارى لمجلس الشعب وإشعال النيران بالدور الأرضى، بإصابة 10 أشخاص بطلق نارى فى أقدامهم.
بدأت الواقعة باتهام المعتصمين للشرطة العسكرية المتواجدة بمبانى مجلس الشعب والشورى المجاورة لشارع قصر العينى مقر الاعتصام، باختطاف أحد الشباب وتعذيبه، مما دفعهم للرد على أفراد الجيش بالرشق بالحجارة، ليبدأ التراشق بالحجارة بين الطرفين، بالإضافة لإطلاق المياه عليهم، غير عابئين بما ستفسر عنه الأحداث.
وسيطرت الفوضى على الطرفين، وقرر المتظاهرون قطع شارع قصر العينى، وأقاموا المتاريس، واعتلى أفراد من الجيش، سطح أحد المبانى، وقاموا برشق المعتصمين بغزارة بالحجارة، وسط هتافات بسقوط العسكر، وسباب للحكومة وللمجلس العسكرى، وأصيبت فى أول ساعتين حالات محدودة، وتمكن "بوكس" شرطة ينقل سجينا قادما من شارع قصر العينى فى طريقه لميدان التحرير ليتخذ وجهته من الهرب من بين أيدى بعض المتظاهرين الغاضبين، فى حين دافع بعض المتظاهرين عن "بوكس" الشرطة، وقالوا "مينفعش نخرب ونحرق البوكس".
وفوجئ الجميع فى الساعة الخامسة باشتعال النيران فى إحدى خيام المتظاهرين ووجهوا أصابع الاتهام إلى أفراد الجيش، خاصة أنهم لن يشعلوا النيران فى خيامهم، وبعدها أطلق أفراد الجيش من جديد خراطيم المياه باتجاه المتظاهرين، كما بدءوا فى إطلاق طلقات صوت فى الهواء، ومع اتجاه المياه إلى الخيام، فوجئ عدد من المعتصمين ببعض الشباب ينقلون خيمة، ويحذرون من أن بها قنابل مولوتوف، وطالبوا الناس بالابتعاد عن طريقهم، ثم فوجئ المتظاهرون باعتلاء أفراد الجيش أول مبنى من مبانى مجلسى الشعب والشورى، وهو المبنى الإدارى المطل على شارع مجلس الشعب مع تقاطع قصر العينى، والذى يحمل العبارة الشهيرة "الشعب مصدر السلطات"، ومن أعلى المبنى الذى يتجاوز 10 طوابق بدأ أفراد الجيش فى رشق المتظاهرين بالحجارة أحيانا، وبالزجاج أحيانا أخرى.
وبالقرب من شباب يجهزون قنابل ملوتوف، دار نقاش حاد، حول أهمية الرد على "الجيش"، وعلى الإهانة الموجهة لهم، خاصة بعد أن تأكد أن أفرادا من الجيش قاموا بإحراق معظم خيامهم المطلة على مبنى مجلس الشعب، فقررت مجموعة "الشباب" إحراق مجلس الشعب نفسه، بينما اختلفت معهم مجموعة أخرى وطالبت بإحراق مجلس الوزراء، لأن اعتصامهم ضد الحكومة الجديدة، وحتى لا يتهمهم أحد برغبتهم فى تعطيل البرلمان المقبل من خلال إحراق مبناه، ودار نقاش حاد، انتهى بضرورة إحراق مبنى "الشعب مصدر السلطات"، لأن قوات الجيش التى ترشقهم بالحجارة تعتليه، ولأن القوات الأخرى من داخل مجلس الوزراء لم تتدخل ضدهم نهائيا حتى هذه اللحظة، وأثناء هذا النقاش قالوا "شوفوا أحسن تلاقوا حد بيصورنا واحنا بنعمل من الناس ولاد ال...........".
بعدها بدأ عشرات الشباب فى إطلاق العشرات من الشعلات النارية وقنابل المولوتوف لإحراق المبنى الإدارى لمجلس الشعب، ولكن خراطيم المياه التى يتم تشغيلها مع كل دفعة "شعلات نارية" تتمكن من إطفاء الحريق، الذى اشتعل أكثر من مرة، حتى تمكنوا من إشعال النيران فى المولد الكهربائى بين المبنى الإدارى، وبين مبنى "وزارة النقل الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى" المجاور له، ولكن لم يهدأ بال مشعلو "قنابل المولوتوف" إلا بكسر الحاجز الحديدى، ثم إشعال النيران فى إحدى الحجرات بمبنى وزارة النقل التى انتقلت سريعا إلى باقى الحجرات، وسط سخط عشرات من المعتصمين لإحراق المبنى، ولكن عندما دخل بعض المتظاهرين فى نقاش مع من يشعلون النيران فى مبنى لا علاقة له بمجلس الشعب قالوا لهم "كله حكومة"، ثم كان الاتهام جاهزا لمن يرفض مبدأ إشعال الحرائق "انتوا فلول أطلعوا من وسطينا، واللى مش عاجبه يمشى"، ووقتها وضح تماما أن أى صوت للعقل ليس له مكان فى هذا الحشد إلا همسا، وحتى عندما جاءت سيارة الإطفاء متأخرة "خوفا من إشعال النيران بها" فى نحو الساعة الثامنة، تم تحطيم زجاجها، ومنع موظفوها من إنقاذ المبنى الذى يشغله أيضا جهاز حى بولاق الدكرور.
كما أشعل طفل صغير النيران فى سيارة من السيارات أمام مبنى الحى المجاور لمجلس الشعب، لكن العشرات من المعتصمين عادوا وأكدوا سلمية الاعتصام، ووصلوا للباب الرئيسى لمجلس الشورى، وطالوا قوات الجيش الموجودة بالتدخل لإطفاء مبنى وزارة النقل، وهو النداء الذى ضاع مع الريح، كما طالبوا موظفى مبنى الحى بإنقاذه، وتم استخدام حنفية المطافى بالمبنى فى منع امتداد حريق السيارة المشتعلة إلى سيارات أخرى، كما بدأ عدد من المتظاهرين فى استخدام "المطافى" لإنقاذ مبنى وزارة النقل ولكن كان الأمر متأخرا بعض الشىء، واحترق على الأقل أكثر من نصف المبنى.
ونجح أفراد الجيش الذين يحمون السفارة الأمريكية على بعد أمتار من شارع قصر العينى موقع الاشتباكات فى تحييد أنفسهم تماما، ومنع احتكاك المتظاهرين بهم، حيث أعلنوا عن عدم تدخلهم نهائيا فى الأوضاع الحالية.
وتواصل الكر والفر بين الطرفين، وفى نحو الثامنة، أطلقت قوات الجيش أعيرة نارية فى الهواء، لينسحب المتظاهرون من شارع مجلس الوزراء، وبعدها أحرق أفراد يرتدون ملابس مدنية، خيام المتظاهرين تماما، مع استمرار الرشق بالحجارة الذى يتواصل منذ الثالثة، باستثناء فترات هدنة بسيطة.
واستخدم أفراد الجيش الرصاص الحى، بعد 9 ساعات من اشتعال الأحداث، حيث أصابوا فى نحو الثانية عشر ظهرا، عقب اقتحام المبنى الإدارى لمجلس الشعب، من قبل المتظاهرين واستخدام المولوتوف فى إشعال الطابق الأرضى بالمبنى، 10 حالات من بينهم طفل "13 سنة"، فى أقدامهم ماعدا واحد أصيب برصاصة فى كتفه.
فيما رفض المصابون بطلقات حية إثر اشتباكهم مع قوات الجيش أمام مجلس الوزراء، ركوب سيارات الإسعاف التى جاءت لتنقلهم إلى المستشفيات لإسعافهم بعد أن فشلت المستشفى الميدانى بالتحرير فى إيقاف النزيف بجروحهم، وذلك بحجة خوفهم من أن تقوم تلك السيارات بتسليمهم إلى قوات الجيش.
ومن جانبها تراجعت قوات الجيش المسئولة عن تأمين مجلس الوزراء إلى تقاطع شارع القصر العينى مع شارع مجلس الشعب لتأمينه وإقامة حاجز بشرى وإلقاء الحجارة بكثافة على المتظاهرين الذين يبادلونهم إطلاق الحجارة والمولوتوف، فيما قامت قوات الجيش بإغلاق شارع الشيح ريحان بالحواجز الحديدية والأسلاك الشائك واصطف خلفها العشرات من أفراد الجيش منعا لتسلل المتظاهرين إلى وزارة الداخلية.
كما فشلت دعوة عدد من النشطاء السياسيين، وعلى رأسهم أسماء محفوظ فى دعوة المعتصمين إلى التراجع لميدان التحرير، والاكتفاء بالتظاهر فى الميدان لحقن الدماء، حيث رفض المعتصمون الدعوة، بحجة أن قوات الجيش منعتهم من الاعتصام أمام مجلس الوزراء.
وفى إطار المفاوضات بين أفراد الجيش والمتظاهرين، أفرجت قوات الجيش المسئولة عن تأمين مجلس الوزراء عن نحو 20 متظاهر من شباب وفتيات كان قد تم إلقاء القبض عليهم أثناء هجوم قوات الجيش لمنع اقتحام المتظاهرين للمبنى الإدارى الملحق بمجلس الشعب، ولا زال التفاوض بين قيادات الجيش وأحد المتظاهرين جاريا للإفراج عن بقية المعتقلين، ولفض الاعتصام أمام مجلس الوزراء.
ومن جانبه أكد نور أيمن نور نجل أيمن، نور المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، أنه تم اعتقاله ضمن نحو 15 متظاهر وأن قوات الجيش اعتدت بالعنف على المتظاهرين بالركل بالأقدام والعصا الخشبية، مضيفا أنه أعتقل أثناء إنقاذه إحدى الفتيات التى سقطت أثناء هروبها من قوات الجيش، مؤكدا أن جميع المعتقلين أفرج عنهم ما عادا متظاهر واحد يدعى محمد مجدى وأنها ستسلمه للشرطة.
وفى الساعة الواحدة ظهرا، شكل عدد من المتظاهرين جدارا بشريا بشارع الشيخ ريحان أمام الجدار الذى شكلته قوات الجيش لمنع احتكاك المتظاهرين مع القوات المتمركزة أمام الشارع، وتجمع العشرات من المتظاهرين وقاموا بالهتاف ضد المجلس العسكرى والمشير، مرددين هتافات "ارحل ارحل يا مجلس عار"، "يسقط يسقط حكم العسكر"، "ارحل سيبها مدنية.. انت مش أد المسئولية".