ظهرت الكتابات عن الحرب اللاتماسية الافتراضية الجديدة في مطلع القرن الحالي الجديد في الأدبيات العسكرية الروسية , و التي سميت الحرب اللاتماسية بحروب ,, الجيل السادس ,, sixth generation , وهذا التصنيف الجديد في الحروب يتأثر بوسائط و قوى الصراع المسلح المستخدمة في كل حرب من الحروب السابقة.إن الأهداف الإستراتيجية و السياسية الرئيسية لحروب الجيل الجديد – الذي نحن بصدده – ستتحقق بأسلوب لاتماسي وذلك باستخدام أسلحة فوق تقليدية ذات دقة عالية , وليست نووية وفق منظور الاستراتيجيين الروس الحاليين, لأن السلاح النووي سوف يفقد تأثيره و سيتحول إلى سلاح ردع Deterrence of arms أكثر منه سلاح قوة استخدام , وقد أظهرت الحروب الأخيرة صحته هذه المقولة في حروب يوغوسلافيا – 1991, وأفغانستان – 2002 .م و غزو العراق عام 2003.م .
وللنجاح في الحروب اللاتماسية لابد من إجراء إصلاحات جذرية للقوات المسلحة في أية دولة على أساس ارتباطها بتوفير إمكانية حقيقية في تحقيق الأمن الوطني ... و الإصلاح العسكري يهدف إلى زيادة القدرة الدفاعية للدولة , و ذلك عن طريق تحويل كامل البنية التحتية العسكرية وقدراتها إلى الشكل الذي يلبي متطلبات العصر, وهذا يعني أنه للقيام بالإصلاح العسكري يجب الانطلاق من حقيقة شروط الحرب اللاتماسية, تتطلب فورا وميدانيا بإنشاء قوات مسلحة مختلفة جدا ذات تقسيمات اختصاصية واضحة وظيفيا تحقق الأمن العسكري للدول دون الاعتماد على الردع النووي .
أولا :- ضرورة الإصلاح العسكري للدول
إن الإصلاح العسكري في أي دولة يجب أن يكون مرتبطا بتوفر إمكانية حقيقية في تحقيق الأمن الوطني عن طريق تحييد التهديدات ( الأخطار ) العسكرية بأساليب ووسائط عسكرية و غير عسكرية، إن الإصلاح العسكري في معظم الدول يتم بشكل مستمر بهدف زيادة القدرة الدفاعية للدول و ذلك عن طريق تحويل كامل البنية التحتية العسكرية وقدراتها إلى الشكل الذي يلبي متطلبات الزمن.ولكن في مرحلة التبدل الجذري لأجيال الحروب فان الإصلاح العسكري يجب أن يكون جذريا أيضا.و المقصود هنا ليس إصلاح القوات المسلحة و إنما الإصلاح العسكري في الدولة .
يعتبر الإصلاح العسكري جزءا من عملية إصلاح الدولة و المجتمع و يمثل ظاهرة اجتماعية معقدة تشمل التغيرات الاقتصادية و الاجتماعية و القانونية و العسكرية بشكل خاص و ترتبط بشكل وثيق بالجيش و المجتمع.يجب أن ينطلق الإصلاح العسكري من التقييم الموضوعي لما هو مواكب في العالم ومن القدرات الذاتية , وينفذ خلال فترة زمنية محددة حتما , ويجب أن يكون الإصلاح كرد فعل على متغيرات في الظروف الداخلية و الخارجية .
و هنا تجدر الملاحظة أن الإصلاح العسكري في ظروف الحروب اللاتماسية يجب أن لا يكون مرتبطا بضرورة الاستعداد لمجابهة جار ( عدو محدد ) أو جيران (أعداء محددين ) , بل يجب الاستعداد للقتال بأسلوب لا تماسي ضد أي عدو محتمل أينما وجد على كوكبنا.وهنا لا يكفي حتما القيام بإعادة بناء القوات المسلحة لدولة مستقلة مع بقائها وفق البنية القديمة ولو أصبحت أفضل تجهيزا و أكثر حركية وزودت بأسلحة حديثة إن مثل هذه المتطلبات كانت دائما موضوعية للقوات المسلحة , بما في ذلك في ظروف الأجيال السابقة من الحروب.ولكن لحروب الأجيال القادمة تعتبر هذه المتطلبات شرط لازم و غير كاف .
و من الواضح أنه للقيام بالإصلاح العسكري يجب الانطلاق من حقيقة أن شروط الحروب اللاتماسية تتطلب و بشكل عملي و منذ الآن البدء بإنشاء قوات مسلحة مختلفة جدا , إن القوات المسلحة في الدول المستقلة يجب أن يتم إنشاؤها عمليا من جديد , مع الأخذ بعين الاعتبار ليس الأخطارو التهديدات الحالية و إنما الأخطار و التهديدات الممكنة في المستقبل القريب الممتد من ( 2020 - 2015 ) , و البعيد (حتى 2030 ).وهذا يتطلب التخلي عن مهام القوات المسلحة في حروب الجيل السابق ووضع مهام مختلفة جدا , تكون مناسبة لما يظهر في حروب الجيل الجديد.إن تغيير القوات المسلحة وتحقيق توافقها مع المتغيرات الراديكالية و الجيوبوليتيكية و العسكرية الإستراتيجية للدولة في العالم المتغير , ممكن فقط لتنفيذ الإصلاح العسكري للدولة .
تجدر الإشارة إلى أن ضرورة التغيير الجذري العسكري بشكل أو بأخر يمس عمليا جميع الدول لأن ذلك ناجم عن تبدل جيل الحروب.وحاليا يجري في بعض الدول وبشكل خفي سباق ليس في مجال التسلح فقط وإنما في مجال الإصلاح العسكري, ومن ينجح في هذا السباق المزدوج حتى عام 2007 – 2010 تقريبا سوف يقوم على الأغلب بقيادة استعراض النصر في الحروب اللاتماسية.
لقد كان لزمن طويل من تطور أجيال الحروب تجهيز القوات المسلحة في معظم الدول قائما على عناصر عمومية يمكنها وحسب طبيعة الموقف القيام بوظائف دفاعية وهجومية على حد سواء.و المثال الواضح لذلك هي القوى البرية التي تعتبر المكون الرئيسي في الأجيال الأربعة الماضية للحروب .
تتطلب الحروب اللاتماسية و الصراع المسلح في المستقبل قوات مسلحة ذات تقسيمات اختصاصية واضحة وظيفيا ,لان هذه الوظائف سوف تنفذ عمليا بان واحد. وهذا يستوجب ضرورة القيام بالتغييرات المناسبة في بنية القوات المسلحة و صنوفها و تسليحها.إن البنية التنظيمية المحددة و التوجه الاستراتيجي للقوات المسلحة , وكذلك مجمل الوزارات و الإدارات الفاعلة سوف يتم إحداثها في كل دولة انطلاقا من إمكانياتها الاقتصادية و تقاليدها الوطنية مع تفهم للمهام الملقاة على عاتقها.ويمكن التأكيد بأن القوات المسلحة القادرة على شن الحروب اللاتماسية في المستقبل المنظور سوف تكلف المقدار المساوي لما تقيم الدولة فيه استقلالها , وما يقيم كل شعب فيه حريته.سوف تكون الخصوصية الهامة هي أن القوات المسلحة التي يتم إصلاحها أو إحداثها من جديد يجب أن تحقق الأمن العسكري للدولة المستقلة دون الاعتماد على الردع النووي , بغض النظر عن نوع و حجم العدوان , وعلى الرغم من أن السلاح النووي يمكن أن يبقى طويلا في التسليح.
إن تضمين الدستور أو المنهج العسكري في الدولة نصا عن الردع النووي و إمكانية استخدامه أولا مثل السلاح التكتيكي النووي لتوجيه ضربة رادعة أو نازعة للسلاح ضد العدو , سوف يؤكد عمليا تأخرت القوات المسلحة في التطور و الضعف العسكري في هذا البلد , بل وخطورته على الدول الأخرى
حاليا وفي المرحلة الانتقالية إلى حروب الجيل الجديد يجري الحديث عن الإصلاح العسكري عمليا في جميع الدول , ويفهم ذلك في كل مكان بشكل مختلف كما يتم ذلك بأشكال مختلفة :
* إما بوتيرة سريعة , وإما بحركة بطيئة, وإما يقفون في مكانهم.وهناك حيث يتوقف الإصلاح العسكري يمكن عمليا ذكر الأسباب ذاتها وهي :
1 – لا توجد الإمكانيات المالية العادية.
2 – لا يولى ذلك الاهتمام اللازم لا من قادة الدولة ولا من الحكومة .
3 – لا يبدي القادة العسكريون الحاليون في هذه الدول اهتماما بالإصلاح العسكري .
4 – لا يتوفر حرص على المشاركة في الإصلاح العسكري , وهذا ببساطة يقطع الطريق على قادة الإدارات الأخرى .
في الواقع , إن القيادة في كل دولة هي المسؤولية عن الإصلاح العسكري بالدرجة الأولى.ومن الواضح أنه في تلك الدول التي يجري فيها الإصلاح العسكري لا توجد وحدة في وجهات النظر لدى المسؤولين في السلطة و القادة العسكريين في البلاد , بل ولا يوجد فهم عادي لمسائل البناء العسكري ولا أساليب مبررة لحلها.عدا عن ذلك , يجري في بعض الدول المستقلة عمليا إنشاء ,من على التوازي , 8 إلى 15 تشكيلا من القوات دون احتساب المنهج الموحد لبناء القوات المسلحة الموحدة , وغالبا ما تبلغ النفقات السنوية الوسطية لهيئات أخرى تكاليف مساوية تقريبا لنفقات بناء القوات المسلحة ذاتها , أما عدد قوات الأمن الداخلي مثلا (الحرس الجمهوري ) في بعض الدول تزيد أحيانا عن أعداد القوات البرية.نعتقد أن الخطأ هنا يعود إلى الأركان العامة للقوات المسلحة في البلاد .
في أي دولة يجب أن تبقى في الهيئات العسكرية فقط الإدارات العسكرية التي تشكل مع بعضها القوات المسلحة الموحدة: وزارة الدفاع و قوات الداخلية ( الحرس الجمهوري ) في إطار وزارة الداخلية , و القوات و التشكيلات الخاصة بحرس الحدود , وأجهزة الأمن الحكومية , و أجهزة الاستطلاع الخارجي و غيرها.
إن القضية العامة للبلاد التي توقف فيها الإصلاح العسكري هي أن الوثائق الهامة و التوجيهية و الخاصة بالإصلاح يتم وضعها من قبل إدارات تشريعية و سلطات تنفيذية , وغالبا ما يتم ذلك بدون مشاركة الهيئات و الإدارات العسكرية و قادتها.في هذه الحالة تتكرر عملية الاتهامات المتبادلة بين فروع السلطتين التنفيذية و التشريعية. فمنهم من يعتبر إن سياسة الدولة تؤدي إلى الانكماش في الإصلاح العسكري و إفقار العسكريين و غير ذلك , و الآخرون يعلنون أن المشرعين يستخدمون قوانين عمومية غير مغطاة بنفقات من الميزانية ولا تستطيع الحكومة تنفيذ هذه القوانين .
نرى أنه على كل دولة أن تبحث عن الآليات الأكثر فعالية لتحقيق تناسق بين فروع هذه السلطات , وهذه الآلية يجب أن توضع في مرحلة التخطيط لوضع الوثائق القانونية المعيارية اللازمة للإصلاح العسكري .
كما يمكن على مستوى الحكومة , إحداث جهاز ( لجنة , لجنة استشارية , مستشارين ) خاص مشترك بين الهيئات يكون من ضمن مهامه وضع الوثائق المنهجية الخاصة بالإصلاح العسكري في الدولة.
إن هذا الجهاز يجب أن يكون على مستوى عال و يملك صلاحيات اتخاذ القرار لأن عليه ليس فقط تنسيق لوائح مشاريع القوانين , بل و إيجاد السبل التنسيقية السياسية و غيرها بين جميع فروع السلطات و الهيئات ذات العلاقة .
عمليا لم يتم حتى الآن في أي بلد,, باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية المقصود هنا منهجية ,, المستقبل الموحد حتى 2010.م ,, وضع وتصديق قانون حول منهجية علنية للإصلاح العسكري , وأسس البناء العسكري مع الأخذ بعين الاعتبار الاستعداد لحروب الجيل الجديد .
في الكثير من الدول التي تقوم بالإصلاح العسكري لا يوجد حتى الآن فهم منهجي حيال ما يجب أن تتضمنه القوات المسلحة في الدول : الجيش و الأسطول فقط أم جميع الهيئات التي تضم قوات الدولة.إن حل القضايا الهامة في المرحلة الانتقالية إلى حروب الجيل الجديد مثل : تعداد المصادر الاحتياطية للنشر الاستراتيجي Strategically spreading للقوات المسلحة في زمن الحرب غير ممكن بدون تحديد وضع دستوري و منهجي لهذه البنود, هناك قضية جدية إلى حد كبير للعديد من الدول التي يتوجب عليها تنفيذ الإصلاح العسكري هي : التأمين المالي و الاقتصادي للبناء العسكري في الوقت الحالي وفي جميع الدول تعتبر عمليا القوات المسلحة و القوات العسكرية التي تتبع هيئات أخرى عبئا ثقيلا للحكومة و المجتمع و الميزانية. و عن أي تمويل للإصلاح العسكري يمكن الحديث , ولنقل في روسيا مثلا , إذا كانت نفقات الدفاع أقل ب 62 مرة مما هي عليه في الولايات المتحدة الأمريكية .
إن الإصلاح العسكري و إصلاح القوات المسلحة في أي دولة هو ليس فقط ذو حجم كبير و مسؤولية كبيرة بل ويتطلب جهودا كبيرة و نفقات اقتصادية كبيرة جدا.لابد من وضع دراسة تفصيلية دقيقة لجميع الهيئات التي تضم قوات , حيث يمكن بعد ذلك تقليص أو إلغاء التشكيلات العسكرية غير اللازمة و الإدارات و المعاهد المكررة و غيرها.وانطلاقا من التعداد الإجمالي لجميع القوات المسلحة ( إجمالي جميع القوات في الهيئات المختلفة ) يمكن تخصيص المعايير اللازمة لصنوف القوات المسلحة و القوات الداخلية و حرس الحدود الداخلية ( الحرس ) في معظم الدول هي ذات إعداد ضعيف جدا , وعمليا غير قادرة على المشاركة في المعارك , على الرغم من تجهيزها بشكل كامل من حيث العدد و العتاد.ويغلب الظن أنه في حال تكليف هذه القوات بالمهام التي كانت تجبر على حالها القوات البرية بشكل قانوني أو غير قانوني , فإن مستوى هذه القوات من حيث التدريب و القدرة القتالية سوف يتم رفعه.
ثانيا :- الإصلاح العسكري في الدول الغنية.wealthy states
بعد أن تعرفنا على مسألة الإصلاح العسكري للدول و متطلباتها و شروطها , بات لزاما علينا أن نضرب أمثلة على خطوات الإصلاح المنشود في كل من الدول الغنية, المتقدمة صناعيا و خاصة في تطوير وتصنيع أنظمة السلاح و العتاد الحربي, و الدول النامية التي لا تقوي قدرتها الاقتصادية و المالية على مجاراة الدول الغنية , أو ما يطلق عليها دول العالم الثالث مبتدئين بالدول القوية .
1 – الولايات المتحدة الأمريكية :- أبقت الولايات المتحدة في جيشها حوالي (10 ) فرق قوى برية ( كانت في عام 1992 حوالي ( 18) فرقة. مما يؤكد التوجه نحو قوات مسلحة جديدة و نحو حروب الجيل الجديد , ففي عام 1999.م فقط تم تخفيض القوات المسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية بمقدار ( 59 ) ألف عسكري و (51) ألف عسكري في الاحتياط , و (130) ألف عنصر مدني , و يتم دوريا إغلاق عدد القوات العسكرية البرية.
2 – روسيا الاتحادية :-
بالنسبة إلى روسيا على سبيل المثال, فإنه في 1 كانون ثاني 2001 بلغ التعداد العام للجيش و التشكيلات العسكرية في هيئاتها الإحدى عشر 2.3 مليون عسكري.وهذا يشكل عبئا كبيرا جدا على الميزانية الحكومية المتواضعة و على الاقتصاد المتأزم.ومن المتوقع أنه تم خلال عملية الإصلاح العسكري وحتى نهاية عام 2001 تخفيض العدد العام و بدون أية عواقب كحد أدنى حتى 1.8 مليون عسكري , و حتى 2005 يكون التعداد حتى 1.5 مليون عسكري.
وبذلك يمكن تحقيق قدرة عملياتية كبيرة و تجهيز فني أفضل للقوات.إن عام 2000 في روسيا كان صعبا و مع أن الرئيس النشيط الجديد للبلاد (بوتين)لم يتمكن من تحقيق نسبة 3.5 % المقررة من الدخل القومي لصالح الدفاع , فإنه خلال الأعوام التالية يجب العمل على أساس نسبة لا تزيد على 2.7 حتى 2.9 % من قيمة الناتج القومي. وفي هذه الحالة سيكون واضحا أن 90 % من هذه المبالغ سوف تنفق على تكاليف القوات المسلحة الفائضة , أما ما يمكن فعله لمصلحة الإصلاح العسكري فهو 10? المتبقية و بالتالي فالإجابة هنا واضحة. سيكون هناك 10 هيئات أخرى من القوات تسعى لزيادة حصتها من الناتج الإجمالي وفي هذا المجال تجدر الإشارة مرة أخرى إلى أن منهجيات إصلاح القوات المسلحة الروسية و المدرجة في إطار الإصلاح العسكري , وكذلك وضع البنى المثلى لأنواع وصنوف القوات حتى عام 2005 موجهة بصراحة نحو الحرب السابقة.إن منهجية القوات المسلحة لم تتغير عمليا.فقد نفذ فقط تقليص العدد إلى اثنين مليون شخص.
من الواضح أن هذه المنهجية قد طبقت تحت عنوان أنواع الإصلاح شمولية إجبارية عن طريق تغيير التبعية و استيعاب قوات الصواريخ الإستراتيجية لأسلحة غير متجانسة معها من حيث المهام و التسليح وأساليب الاستخدام القتالي لأنواع وصنوف القوات , وهي القوات العسكرية الفضائية وقوات الدفاع المضاد للصواريخ و قوات الدفاع الفضائي و قوات الإنذار عن الهجوم الصاروخي.
3 – دول الاتحاد الأوربي :- Nato )
وتجدر الإشارة إلى أن القادة العسكريين في عدد من الدول الأوربية بما فيهم أعضاء حلف الناتو سوف يكونوا مضطرين حتى عام 2010 – 2015 لأن يأخذوا بالحسبان نقص التمويل لحاجات الدفاع و الذي يصل إلى حد الكارثة , وغالبيتهم لا يستطيعون تنفيذ الإصلاح العسكري و إصلاح القوات المسلحة الشامل و الموجه نحو الاستعداد لحروب الجيل الجديد.و لذلك لا يبقى لديهم خيار سوى الموافقة على أن تبقى قواتهم البرية كحد أقصى خلال الـ ( 10) سنوات التالية في تسليح القوات.ومع ذلك عليهم الاستعداد لتنفيذ (عملية في العمق) على مسرح العمليات العسكري , على الرغم من أن الحرب في يوغوسلافيا قد أكدت أن ذلك غير متوقع في المستقبل القريب. وهذا يعني أن بعض الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو و المتأخرة بمقدار جيل من الحروب , سوف تصبح أوزانا ثقيلة على سيقان الولايات المتحدة الأمريكية , ولا يستبعد أن يؤدي ذلك إلى انشقاق هذا الحلف.يتضح أنه بالإمكان , قياسا على دور القوات البرية في المرحلة الانتقالية أو المرحلة موضوع التحليل ( الدراسة ) , أن تحدد و بدون خطأ , وكأننا نستخدم ورقة عباد الشمس , الاتجاه الذي يسلكه تطور القوات المسلحة في أي دولة , و لأي حروب يتم الاستعداد.ويتوقع أن يستمر لدى القيادة العسكرية في عدد من الدول ارتباطا وثيق بوجهات النظر القديمة عن طبيعة الحروب, ويصعب عليهم تصور القوات المسلحة بدون قوات برية .
إن مثل هذه الآراء غالبا ما يعبر عنها المحاربون القدماء و القادة العسكريون المعروفون , الذين شغلوا في الأعوام الماضية مناصب قيادية عالية.وللأسف يصعب عليهم فهم حقيقة أن الحروب اللاتماسية قد اكتسبت طبيعة مختلفة جدا وتتطلب أسلحة أخرى و قوات مسلحة أخرى و أشكالا و أساليب أخرى للصراع المسلح. و هنا يمكن أن نتذكر كلمات الفيزيائي الموهوب و حامل جائزة نوبل (السيد بلانكا) , الذي قال أن الأفكار الجديدة لا يثبت تفوقها ما لم يمت حاملو الأفكار القديمة.و هذا واضح للعيان , خاصة في الدول التي ظهرت بعد انحلال حلف وارسو و انهيار الاتحاد السوفييتي , حيث ارتبطت هذه الدول لسنوات ال (10 - 15) القادمة بالقوات البرية , وستقوم لاحقا ليس بممارسة الإصلاح العسكري و إصلاح القوات المسلحة فقط , بل بإعادة خلط الأوراق في قوام المناطق العسكرية و جيوش الدبابات و مختلف الصنوف و الفيالق و الفرق و الألوية.وهنا لا يمكن الحديث عن المستقبل المتوسط ولا البعيد.سوف يتم و بشكل مستمر تفصيل تغييرات جديدة و إعادة ربط القوات داخل وزارة الدفاع , ولا يستبعد محاولة ربط تبعية جميع التشكيلات العسكرية على أراضيها بهذه الوزارة .
ثالثا :- الإصلاح العسكري في الدول النامية. growth states
على الأغلب وفي معظم الدول الفتية و الضعيفة اقتصاديا يمكن أن نجد إصلاحا عسكريا على شكل تقليص مرحلي للقوات المسلحة و التشكيلات الأخرى.ولكن تنفيذ ذلك ممكن انطلاقا من التقييم المستقبلي للموقف العسكري و السياسي و استشفاف تطورها في المستقبل القريب و المتوسط و البعيد , وكذلك التنبؤ بالتطور الاقتصادي للبلاد و الجدوى الإستراتيجية للإصلاح العسكري .
من المتوقع أن يبقى في المنهج العسكري للدول المتخلفة في تطورها و الغير مستعدة للقتال بالأسلوب اللاتماسي , حتما ثغرة تسمح عند حل النزاعات العسكرية الداخلية باستخدام القوات المسلحة بالإضافة إلى القوات الداخلية.إن القوات المسلحة في بعض الدول يمكنها وفق لذلك أن تتحول إلى القوة البوليسية الرئيسية في الدولة.وحاليا تلحق القوات البرية في الكثير من الدول المستقلة وبدون أي مستند قانوني بالقوات الداخلية , ويقوم قادتها و أمراؤها بقيادة العمليات في النزاعات العسكرية داخل الدولة.عدا عن ذلك يجب فهم حقيقة أن النصوص المنهجية الخاصة باستخدام القوات المسلحة في النزاعات العسكرية الداخلية توجه ضربة إلى القوات المسلحة ذاتها و إلى السياسة الاجتماعية و الوطنية للحكومة بل و للدولة بشكل عام. ولا يستبعد أن نصادف خلال المرحلة الانتقالية إلى حروب الجيل الجديد في تلك الدول التي يستشعر فيها التأخر في تطور القوات المسلحة , عملية عكسية , ألا وهي سعي الوزارة العسكرية الرئيسية من حيث القوات إلى إلحاق القوات الداخلية ( الحرس) بها.و من المعتقد إن معظم قيادات القوات الداخلية يوافقون على ذلك وبرغبة كبيرة لأن نتيجة ذلك سيكون إضعاف الضغط على وزارة الداخلية و إعفاء هذه الوزارة من مسؤولية حل النزاعات المسلحة الداخلية, ومن المسؤولية عن عدم تنسيق تحركات قوات مختلف الوزارات و الأجهزة.وإذا ما حدث ذلك في بلد ما , فيمكننا اعتباره نصرا لأجهزة القيادة العسكرية في وزارة الدفاع , التي تزيد من حجم قواتها البرية , و تحصل على مناصب أكثر للجنرالات , ولكن ذلك سيكون خطأ جسيما في التاريخ الحديث.و على الأغلب سيكون ذلك مناقضا للدستور و للمذهب العسكري للدولة , و يقلل من هيبة القوات المسلحة و بالتالي يجعلها ذات مهام مشبوهة (يجعل مهامها موضع شك ).
إن توسع مهام القوات المسلحة بهذا الشكل لا يزيد من جاهزيتها أو قدرتها القتالية على التصدي للعدوان الخارجي, ولا يمتن علاقتها مع الشعب.في الدول المستعدة بشكل تام للقتال بشكل جيد سوف تختفي القوات البرية كصنف مستقل من القوات.جزء من هذه القوات يتحول إلى قوات محمولة , وتكون وظائفها مرتبطة حصرا بالتأثير الخارجي ( العمل الخارجي).
رابعا :- التغيير في التسليح و العتاد الحربي
equipment The changing in arm & war
و على الأغلب فان الأسلحة و العتاد الجديد سوف تبدأ بالدخول في تسليح القوات المسلحة ذات المهام العامة في عدد من الدول المستقلة و لكن ليس قبل عام 2005 , وحتى ذلك التاريخ سوف تتم عمليات تخفيض تعداد الوحدات ذات القدرة القتالية المنخفضة و تشكيل وحدات و قطعات الجاهزية الدائمة و القادرة في وقت قصير جدا البدء بتنفيذ المهام الموكلة في الحرب و النزاعات العسكرية من الجيل القديم .
و من الواضح انه و من كل ما يجري في الدول المستقلة الفتية يصعب الحصول على قوات ذات قدرة قتالية بل وعلى قيادة فعالة لهذه القوات .وواضح للعيان أن هذه الدول مازالت لا تحاول تغيير منهجيتها في القوات المسلحة ولا توجهها نحو حروب الجيل الجديد .سوف يستمرون بعناد بل و بشكل استعراضي بإعداد قواتهم لحروب الماضي.بعد التنفيذ الكامل لخطط الإصلاح العسكري وفق المناهج المصادق عليها بحلول عام (2010 ) يتبين أن عددا من الدول المستقلة قد تأخرت عن الدول الأخرى و بمقدار جيل كامل من الحروب , وهذا يمكن أن يشكل لبعضها كارثة .
وقد أصبح اليوم واضحا للعيان أن تقليص و إصلاح القوات المسلحة في دول العالم الأكثر تقدما يجري بان واحد مع تغييرات كبيرة في التسليح و العتاد الحربي و الفن العسكري.إن تهديد الأمن للعديد من الدول أصبح الآن و بشكل رئيسي يكمن في التخلف التكنولوجي في التصميم و الاستيعاب السريع في التسليح لكميات كبيرة من أحدث أنواع الأسلحة الضاربة و الدفاعية ذات الدقة العالية و الأسلحة على مبادئ فيزيائية جديدة و الوسائط المعلوماتية ووسائط الحرب الالكترونية و الوسائط الملاحية.عمليا يجري الآن وبشكل حثيث سباق خفي لمنظومات أسلحة الدقة العالية , و يحتل المركز الأول في ذلك ديناميكية الاستيعاب في التسليح لكمية كبيرة من أنواع هذه الأسلحة .
ولكن العديد من الدول المستقلة الفتية , وخاصة تلك التي لا تدخل في أحلاف عسكرية , فإن تمويل الدفاع يتم بشكل سيئ لدرجة أنه يخرب عمليا كل عام, ليس القوات المسلحة فقط , بل و المجتمع الصناعي الحربي التابع لها.في حال المحافظة على الوتائر الموجهة الحالية حتى عام 2005 – 2007 فإن المجمع العلمي للصناعات الدفاعية في هذه الدول يمكن أن يفقد كليا القدرة على تصميم سلاح ذاتي لحروب الجيل الجديد.و أصبح الآن من الضروري اتخاذ برامج أخرى مختلفة للتسليح و تنفيذها بشكل كامل دون تردد و بشكل استثنائي ,إن الدول التي لن تكون قادرة على تصميم (تصنيع ) أو الحصول على هذه الأسلحة خلال ال10 – حتى 15 عام القادمة و بالكمية المطلوبة فإنها سوف تتخلف خلال هذه المدة عن دول العالم الأكثر تطورا بمقدار جيل كامل من الأسلحة , و هذا يعني جيل كامل من الحروب.وينتج عن ذلك أنه في حال نشوب حرب أو حتى نزاع عسكري فإن هذه الدول ستكون مضطرة على الاستمرار بالاعتماد على السلاح النووي و القوى الحية و الأشكال و الأساليب السابقة للعمليات العسكرية.
إن الدول التي تكون قادرة في المستقبل القريب على شن حروب من الجيل السادس, سوف تحل جميع مشاكلها ليس بواسطة مجموعات القوات على أساس القوى الحية و السلاح النووي بل باستخدام عدد كبير و بشكل رئيسي من أسلحة الدقة العالية و الأسلحة على مبادئ فيزيائية و الصراع المعلوماتي.
الحدود الدولية , وكذلك امتلاك احتياطي استراتيجي متحرك و مصادره و القيام بالانتشار الاستراتيجي و تنفيذ إعادة التجميع الاستراتيجي أيضا , سوف يكون من آثار الماضي .
من هنا لابد من الإشارة مرة أخرى أنه خلال المرحلة الانتقالية إلى الحروب الجيل الجديد يجب عدم الاعتماد بشكل كبير على تنمية الجاهزية القتالية و الإمكانيات القتالية للقوات المسلحة الموحدة في البلاد على حساب إحداث منظومة موحدة للقوات على أساس التغييرات العسكرية و الإدارية .
من الواضح أن القوات المسلحة النظامية وقوات الأجهزة الأخرى لها مهام مختلفة مبدئيا في زمن السلم و لها خصوصية في تنفيذ المهام.وفي حال إحداث قوت مسلحة موحدة في الدول و تتبع جهاز قيادة واحد, فانه سيكون لدينا منظومة عسكرية تم تجميعها بشكل ميكانيكي بحت معقدة و صعبة القيادة .في زمن السلم لا توجد ضرورة لحل هذه القضية.ولكن الوضع يختلف في زمن الحرب.فهنا من الصعب الاقتناع بأن قيادة القوات المسلحة الموحدة يجب أن تكون واحدة , ولكن ذلك يمكن أن يكون ذا جدوى فقط في المرحلة الانتقالية إلى حروب الجيل الجديد.
تجدر الإشارة بشكل خاص إلى أن هذه القوات الكثيرة العدد و الباهظة الثمن , و التي تم إحداثها على أساس توحيد مختلف البنى التي لديها قوات مسلحة , يمكن أن تكون في حروب المستقبل غير مطلوبة ليس من قبل قيادتها فقط بل يمكن أن تبقى خارج نطاق التأثير حتى من ظروف العدو .
إن أكبر فعالية في الصراع المسلح المستقبلي يمكن تحقيقها في حالة واحدة وهي القيام منذ اليوم وفي إطار الإصلاح العسكري بتنسيق تفصيلي لتحرك جميع الهيئات المشاركة في البناء العسكري وفي بناء القوات المسلحة و إنشاء القوات الإستراتيجية الدفاعية و الضاربة , وتصميم و استيعاب في التسليح الكمية اللازمة من وسائط الدقة العالية و الأسلحة على مبادئ فيزيائية جديدة .
إن تصنيع هذه الأنواع من السلاح يجب أن يتم في إطار الآفاق الحالية و المستقبلية القريبة للبرامج العلمية و البحثية و الأعمال التصميمية قي قطاعات الصناعة الدفاعية .
إن استكمال معظم هذه البرامج يتم خلال الأعوام 2000 – 2003 , وفيما بعد يجب البدء بتحقيقها بشكل كامل .
يتطلب من بعض الدول القيام بخطوات شجاعة للانتقال من الأنواع الأربعة (الثلاث ) للقوات المسلحة المبنية على أساس مجالات العمل أي الجوي الفضائي و البري و البحري , إلى أنواع القوات المسلحة الوظيفية ثنائية النوع (الإستراتيجية الضاربة و الإستراتيجية الدفاعية ) العامة على أساس الوسائط الذكية جدا للقيام بالصراع المسلح و حروب المستقبل .
إن آلية و مستوى تعميم أنواع و صنوف القوات سوف يتم وضعها في كل بلد انطلاقا من المهام و الإمكانيات.إن المهمة الأهم هي اختيار المنهج و المبررات لمثل هذه القوات المسلحة الجديدة.إن هذا المنهج يجب أن يكون مرتبطا بالاعتماد على الكمية الكبيرة من الوسائط المسيرة ذات الدقة العالية للتدمير و العمل على أمدية قارية أو على الدفاع الاستراتيجي ذي الدقة العالية ضد وسائط الدقة العالية المعادية , وعلى مصدر معلوماتي لإدارة الحرب .
وتجدر الإشارة إلى أن بعض العناصر الجديدة و غير الملزمة في القوات المسلحة لبعض الدول قد أصبحت موجودة و لكن بنماذج منفردة , أما غيرها فيتطلب تصنيعه أو الحصول عليه و حسب الأفضلية طبعا .
إن أول مستوى للافضليات يجب أن يعطي القوى و الوسائط الضاربة ذات الدقة العالية الإستراتيجية وذات الردع غير النووي لجميع الحروب و النزاعات العسكرية و المسلحة.المستوى الثاني من الأفضليات هو للمنظومات القتالية الاستطلاعية الضاربة و للقوى و الوسائط الدفاعية الإستراتيجية ذات الدقة العالية , و كذلك القوى و الوسائط الخاصة بالحماية الغير نارية للمواقع الاقتصادية .
المستوى الثالث من الأفضليات هو لقوى ووسائط الحرب الإلكترونية و الصراع المعلوماتي. المستوى الرابع من الأفضليات للأسلحة و الأعتدة الحربية الخاصة بالقوات المحمولة.إن الأسلحة النووية لدى بعض الدول و قواه ووسائطه التي كانت و لفترة طويلة في المستوى الأول من الأفضليات , يجب أن تنتقل إلى المستوى الخامس و تبقى بالشكل الذي توجد فيه حاليا أو على المستوى الذي يتناسب مع الاتفاقيات الدولية التي تم التوصل إليها. ولكن يجب أن نتوقع استمرار اعتبار بعض الدول النووية للقدرات الصاروخية النووية و لفترة طويلة كعامل حماية في تحقيق الأمن العسكري , وتسعى هذه الدول إلى المحافظة عليه في المستوى الأول و لو بشكل غير طبيعي.بآنٍ واحد مع ذلك يجب أن تتوقع صعوبات في تحقيق الأمن الإقليمي , و خاصة عندما تحمل التهديدات طبيعة اقتصادية و سياسية و إيديولوجية و حتى عسكرية.إن السلاح النووي هنا سوف يكون ضعيفا و عاجزا.في المرحلة الانتقالية إلى حروب الجيل الجديد وسوف تعطى الأفضلية في إعادة التسليح ليس لأنواع القوات المسلحة بل لمجموعات القوات الوظيفية الإستراتيجية الضاربة أو الدفاعية على الاتجاهات الإستراتيجية الهامة.وهذا يسمح فيما بعد بالتحول بسرعة و بدون أية تبعات إلى قوات مسلحة وظيفية و ثنائية النوع : إستراتيجية دفاعية و إستراتيجية ضاربة .
على الدول المستقلة عند قيامها بالإصلاح العسكري و إنشاء قوات مسلحة موحدة جديدة , الانطلاق من ضرورة استخدامها لحل المهام الإستراتيجية الكبيرة في الحروب غير النووية على المستوى القاري و الإقليمي , أما المهام الأخرى , على سبيل المثال , المتعلقة بالحروب و النزاعات المحدودة و بتنفيذ مهام حفظ السلام فإنه يمكن أيضا حلها بل وبدون استخدام تشكيلات و طاقات بشرية .
خامسا :- الأهداف و المهام الإستراتيجية لحروب المستقبل .
نظرا لأهمية المحتوى العسكري – الاستراتيجي للحرب اللاتماسية, و الحروب المحتملة في السنوات العشر القادمة , فإننا سوف نبدأ بحث المؤشرات indications التي توصف المحتوى العسكري – الاستراتيجي للحرب.ونعددها, على أن ندرس بشيء من التفصيل , أول هذه المؤشرات ألا وهي الأهداف و المهام الإستراتيجية للحرب.ولعل أبرز هذه المؤشرات – بصورة عامة – هي: الأهداف و المهام الإستراتيجية للحرب, ثم طبيعة الحرب المحتملة و هي الظروف و الأساليب المحتملة لنشوب الأعمال القالية , ثم السلاح المستخدم في الحرب , ثم المدة التي تستغرقها الحرب و أخيرا تطور الاستطلاع الجوي – الفضائي .ولا يتسع المجال للدخول في التفصيلات عن تلك المؤشرات , وسوف نكتفي بالمؤشر الأول المتضمن الأهداف و المهام الإستراتيجية:
الأهداف الإستراتيجية للحرب :- targets Strategical و هي النتائج المتوخاه ( المخططة ) للأعمال القتالية التي يؤدي تنفيذها أو تحقيقها إلى تغيير جذري في الموقف العسكري – السياسي و الاستراتيجي في الحرب ككل , أو إلى تغيير جذري في بعض مراحلها مما يحقق أهدافا سياسية محددة.و هذه الأهداف هي :
1 – هزيمة القوات المسلحة المعادية على مسرح الأعمال القتالية , أو على اتجاه الاستراتيجي هام .
2 – السيطرة على مناطق واسعة وذات أهمية حيوية من أراضي العدو .
3 – إلحاق الضرر الجسيم بالعدو في المجال العسكري و الاقتصادي و غيره مما يخفض إلى درجة كبيرة قدرته على خوض الأعمال القتالية لاحقا .
4 – إخراج حلفائه من الحرب مما يؤمن عزله و محاصرته بشكل كامل .
يتحقق الهدف الاستراتيجي في الحرب ( أو العملية الإستراتيجية ) بحل وتنفيذ المهام الإستراتيجية فما هي المهام الإستراتيجية ؟
المهام الإستراتيجية : Strategical missions : هي تنفيذ قرارات (توجيهات ) القيادة العسكرية – السياسية العليا و المعبر عنها على شكل متطلبات محددة لتنفيذ أعمال قتالية بالقوات المسلحة ( تجميعات القوات المسلحة ) موجهة نحو تحقيق أهداف الإستراتيجية عبارة عن تفصيل و تقسيم الهدف الاستراتيجي المحدد وفق مراحل تحقيقه و أغراض الأعمال القتالية.أي تركيز جهود القوات المسلحة و تجسيد الهدف في زمن و مجال أرضي محدد , و الأهداف الإستراتيجية إذا أخذت كإجمالي فهي تعبر عن محتوى الهدف الاستراتيجي بشكل أكثر تحديدا , وعما ينبغي عمله على طريق تحقيقه .
و ينسب إلى المهام الإستراتيجية : صد العدوان و الضربة المعاكسة الإستراتيجية في العملية الدفاعية , و التأثير على الاحتياطات الإستراتيجية المعادية, و كذلك إحراز التفوق في الجو و البحر. ويجب عند تحديد الهدف الاستراتيجي للعدو في الحرب الانطلاق من أعقد حالات
( احتمالات ) الموقف العسكري – السياسي للدولة .
وهكذا فان الهدف الاستراتيجي للمعتدي في الحرب قد يتلخص في التأثير ( التدمير ) على :
الأغراض الاقتصادية , منظومة القيادة الحكومية و العسكرية , تجميعات القوات المسلحة , و في إنزال الهزيمة (دحر) تجميعات القوات المسلحة الأمامية و الاحتياطات المتحركة نحو الجبهة , الوصول إلى الخطوط المخططة سابقا و التمسك بها و تعزيزها و إجبار قيادة البلاد على قبول ( التسليم ) الشروط و الإملاءات المقدمة من قبل العدو .
الخاتمة
تؤكد الحروب و النزاعات المسلحة التي جرت منذ عملية ((عاصفة الصحراء)) التي انتهت بتحرير دولة الكويت عام 1991 وحتى يومنا هذا , على ولادة جيل جديد هو حروب الجيل السادس sixth generation wars التي تتميز بطبيعتها عن الحروب التي سبقتها , حيث ينتهي إليها الشكل الجديد من الحروب و هو الحروب اللاتماسية untangential wars,التي استخدمت فيها أسلحة الدقة العالية سواء التي تطلق من الأرض أو الجو أو البحر(والغواصات).
وأسلحة على مبادئ فيزيائية و أسلحة معلوماتية , و قوات ووسائط حرب الكترونية.و الهدف الرئيسي لهذه الحرب الجديدة هو القيام و بالوسائط اللاتماسية بتدمير القدرات الاقتصادية لأية دولة ومهما كانت المسافة التي تفصلها عن مصدر الاعتدة.
و إن الإصلاح العسكري military repairing الذي هدف إليه هذا المقال و متطلباته و شروطه , يصعب تطبيقه في كل دولة , باستثناء الدول المتقدمة صناعيا و تكنولوجيا و تملك صناعات حربية وطنية و متطورة مثل : الولايات المتحدة و روسيا الاتحادية, و إسرائيل.لكن الدول العربية الشقيقة لو وحدت إرادتها ولمت شملها و رصت صفوفها تستطيع أن تبني صناعات عسكرية – ولو جزئية – وترفع من القدرة القتالية للقوات المسلحة العربية وتلحق بركب الحضارة و التطور , ويصبح لها مكانا مرموقا بين الأمم الناهضة و الدول ذات الوزن العالمي الثقيل.كي تدافع عن أراضيها وحياضها و مقدساتها , وتحمي أمنها القومي العربي المنشود .