السلام عليكم، اليوم سأقوم بترجمة مقابلة مع أحد قادة سرايا الدبابات الإيرانيين أثناء حرب العراق و إيران و يدعى (أدار فوروزان)، و المقابلة جيدة جدا لما تحويه من معلومات عسكرية قيمة و بعيدة عن الطائفية أو العصبية العرقية و لنبدأ الأن:
بدأت حرب العراق و إيران في الشهر التاسع من سنة 1980 و أستمرت 8 سنوات و لقد قتل خلالها الألف و دمرت العديد من المرافق في البلدين و أنتهت دون تحقيق إنتصار واضح لأي من الطرفين. و على الرغم من إنتهاء الحرب، ما تزال أثارها موجودة إلى اليوم إقليميا و عالميا. (أدار فروزان) خدم كقائد سرية دبابات في الجيش الإيراني خلال المراحل الأولى للحرب بين ربيع سنة 1981 و نهاية خريف سنة 1982 و خلال هذه الفترة، كانت الحرب بين الطرفيين ما تزال تصنف على أنها حرب حركة، و لقد أكمل فوروزان خدمته قبل أن تتحول الحرب خلال مراحلها اللاحقة إلى حرب خنادق تتصف بطابع الجمود، و ذلك أيضا أدى لنجاته من الضربات الكيميائية العراقية التي أصبحت شائعة خلال حرب الخنادق تلك، و مع ذلك، فإن هذا لا يقلل من خبرته و مشاركته في الإشتباكات المدرعة الدامية التي حدثت خلال المراحل الإولى للحرب، في مقابلة مع (إد مكويل)، فوروزان إستعرض ذكرياته في تلك المعارك، و تلك الذكريات صريحة و بدون تلاعب مثلها مثل ذكريات الكثير من المحاربين المخضرمين في أنحاء أخرى من العالم.
و الأن لنص المقابلة
الصحفي: لقد كنت طالب كلية عندما تمت الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي سنة 1979؟
فوروزان: هذا صحيح، الثورة حدثت في السنوات الإخيرة من دراستي الهندسة في جامعة أريامهير، و كان لدينا العديد من المظاهرات و الإضرابات عندما كنت طالب، و بسبب ذلك تخرجت بعد 6 سنوات من الدراسة.
الصحفي: متى إلتحقت بالجيش؟
فوروزان: في خريف سنة 1980، لأنه وفق القانون، على كل شاب أن يخدم في الجيش مدة سنتين، و تلك الخدمة لم تكن إلزامية علي خلال فترة الدراسة في الجامعة، و بعد الجامعة كان هناك مدة لدي قبل الإلتحاق بالجيش، و خلال تلك الفترة كنت أعمل في إقليم لورستان الفقير، حيث كنت أساعد في بناء الطرق و ا لمدارس و توفير مصادر المياه العذبة و عندما إلتحقت بالجيش، كانت الحرب قد بدأت بالفعل.
الصحفي: كيف أصبحت ضابط؟
فوروزان: وفق القوانين المعمول بها، أي خريج جامعة يصبح تلقائيا ضابط، و لأني كنت أحمل بكالوريوس فقط، أعطيت نجمة واحدة و أصبحت ملازم، أما حملة الماجيستير و الدكتوراه فكانوا يعطون نجمتين و يصبحوا ملازمين أوائل، و عند إلتحاقي بالجيش، طلب مني التوجه لقاعدة عسكرية في طهران للتدريب لمدة 3 أشهر.
الصحفي: ما هي نوعية التدريب الذي تلقيته؟
فوروزان: كان تدريبا مبدئيا، و أبلغنا بالمسؤوليات و القواعد و الحقوق العامة، و طبعا في الجيش ليس لديك أي حق سوى إطاعة الأوامر الصادرة من ذوي الرتب الأعلى.
الصحفي: أين تلقيت التدريبات المتقدمة؟
فوروزان: كان ذلك في شيراز، هناك تعلمت أن أصبح قائد دبابة تشيفتن، و وفق ما أتذكر، بقيت هناك 3 أشهر، لقد كان تدريبا متكاملا فعلا، و عندما أنهيت التدريب كنت على معرفة تامة بكيفية تشغيل التشيفتين في كل المستويات، و لقد كنت قادرا على قيادة الدبابة و تلقيم مدفعها و إطلاقه، كان طاقم التشيفتين يتكون من أربعة و هم السائق و الرامي و الملقم و القائد، لقد تم تدريبنا نظريا ثم بواسطة المشبهات ثم أجرينا تدريبات على دبابات حقيقية، و لكننا لم نقم بأي عمليات إطلاق حية و أقتصرت تدريبات الرماية على المشبهات فقط، و تم تدريبنا أيضا على المحركات و أجهزة اللاسلكي و غيرها من أنظمة الدبابة، و لقد تم إختبارنا بعد كل مرحلة من التدريب للتأكد من تمرسنا في أي وظيفة داخل الدبابة قبل الإنتقال لمرحلة التدريب التكتيكي، لقد أدرك الجميع أنهم سيذهبون لخطوط الجبهة الأمامية، لذا عملوا بجد على إكتساب أكبر قد من المعرفة لتفيدهم في معاركهم، و هناك بعض المتدربين الذين بذلوا قصارى جهدهم ليظهروا مستوى عالي من التعلم لكي يتمكنوا من إختيار الوحدة التي يودون أن يخدموا بها و غالبا ما كانوا يودون إختيار الوحدات القريبة من مناطقهم، أما أنا، فعلى الرغم من أني كنت متدربا جيدا، فلم أبذل قصارى جهدي لعلمي بأن ذلك لن يخلق أي إختلاف، و لقد كنت على حق، لأن جميعنا ذهب في النهاية للجبهة.
الصحفي: و هل ذهبت إلى الجبهة مباشرة؟
فوروزان: لا، لقد إعطينا إجازة و على إثرها ذهبت لزيارة عائلتي، و لم أبلغ أمي أبدا بأني في الجبهة، لقد أبلغتها دائما بأني في مدينة و بأني سعيد، أعلم بأنها لا تستطيع أن تفعل أي شئ، لذا لم أرد أن أحزنها، و بعد نهاية إجازتي إلتحقت بوحدتي في ربيع سنة 1981.
الصحفي: و كم كان عدد الدبابات في وحدتك؟
فوروزان: لقد كنت قائد سرية دبابات، و كان لدينا فقط 10 دبابات من أصل 15 كان من المفترض أن تكون لدينا، لقد كانت الخمسة دبابات الأخرى متضررة و لا تصلح للمعركة، و أستخدم بعضها للحصول على قطع الغيار، و كان هناك 3 ملازمين أخرين في الوحدة، و على إثر ذلك تم تناوب دور القيادة بيننا، فكنت أصبح القائد لمدة أسبوع، ثم في أبقى في معسكر الراحة لأسبوعين، ثم أعطى إجازة لأسبوع، و حين وجودنا في معسكر الراحة، كان بإمكاننا الذاهب للمدينة لعمل إتصال هاتفي و الإستحمام، لقد كان عدد الأشخاص المتوفرين لدينا يفوق بمعدل الضعف عدد الدبابات لدينا، و قام الجميع بالتناوب بالخدمة و ليس فقط الضباط، لقد كنا نقوم بالتناوب كطاقم كامل للدبابة و ليس كأفراد، و كان أثنين من الضباط منتسبين للجيش، و الثالث كان خريج جامعة في الإنكليزية، و كان مثلي يعد الأيام المتبقية للخدمة في الجيش، و كانت هناك معركة بعد يومين أو ثلاثة من إلتحاقي بالوحدة، و لم أشارك في تلك المعركة لأنهم أبلغوني بأني لا أعلم شئ عن الحرب الحقيقية، و مع الوقت، بدأت أعتاد على القتال الحقيقي بدأت الوحدة تكلفني بمسؤوليات قتالية بعد عدد من المعارك، و لكن العملية كانت تدريجية، حيث أنه في أول يوم ذهبت فيه للخط الأمامي لم يكن هناك أي قتال.
الصحفي: هل أحببت الدبابة التشيفتين؟
فوروزان: عندما ذهبت إلى الجيش، لم أكن أعلم أي شئ عن الدبابات، و لكن الجنود الأخرين في المجموعة، و خصوصا المنتسبين للجيش النظامي، أبلغونا أن التشيفتين لم تكن جيدة أبدا، و بعد أن تعلمت أكثر عن هذه الدبابة، توصلت أيضا لنفس القناعة، و أكبر مشاكلها كانت تتمثل في إرتفاع درجة حرارة محركها في الأجواء الحارة، و نتيجة لذلك، لم نكن نقوم بقيادة الدبابة لمسافة طويلة، لأننا سنظر بعد ذلك لتبريد المحرك، و لقد وقعت كل العمليات القتالية التي إشتركت بها في جنوب إيران، لذا كانت مشكلة إرتفاع حرارة المحرك مشكلة كبيرة، خصوصا أن الأجواء خلال الصيف تصبح حارة جدا لدرجة أنك لا تستطيع لمس جسم الدبابة لفترة طويلة، إضافة لذلك، كانت قوة محرك الدبابة ضعيفة مقارنة بوزنها، و نتيجة لذلك، لم نكن نستطيع التحرك بالسرعة التي نتحتاجها أو نرغب بها، ببساطة لم تكن الدبابة جيدة حين مقارنتها بما كان لدينا من دبابات أخرى، كالـإم 60 (باتون) مثلا.
الصحفي: ما هو أكثر سلاح كنتم تخشونه من الأسلحة العراقية؟
فوروزان: لقد تسلح العراقيون ببعض الدبابات الجديدة من طراز تي 72، و كانت سرعتها و قدرته على إصابة الهدف جيدة، علاوة على أن دروعها كانت قادرة على الصمود ضد قذائف الأربي جي (rpg) المحمولة من قبل مشاتنا، لقد كانت الـتي 72 (t-72) تهديدا خطيرا بالنسبة لنا.
الصحفي: و هل إضطررت مرة لقتال الـ t-72؟
فوروزان: نعم، خلال معركتي الأولى، لقد بادرنا إلى معركة ضد العراقيين في (دشت عباس) قرب (دزفل) و كان ذلك ضمن عملية الفتح المبين في ربيع سنة 1982، و كنت قائد الوحدة حين صدرت الأوامر للتقدم بإتجاه وحدة عراقية عند منتصف الليل، و لم يكن لدينا أي أجهزة رؤية ليلية، على الرغم من أن الوحدات الأخرى كانت تمتلك مثل تلك الأجهزة، لذا كان التحرك صعبا خلال الليل، و كان علينا قطع مسافة 5 كيلومترات، و هي ليست مسافة طويلة، و لكننا إصطدمنا بحقل ألغام في طريقنا، و لحسن الحظ كانت حقول ألغم مضادة للأفراد و قد تم تفجير أحدها بواسطة دبابتي، واصلت مجموعتنا التحرك و أصدرت الأوامر لأفراد الوحدة بالبقاء بداخل الدبابات و عدم الخروج منها، و مع ذلك، أبطأت الألغام تقدمنا و شتتت تركيزنا، و عندما حل الصباح، أبلغنا أحد الضباط بأننا لم نبلغ النقطة المحددة لنا، لذا علينا الحركة بشكل أسرع، و بعد وصولنا للموقع المطلوب، بدأنا بقصف القوات العراقية المتراجعة، و تمكن رامي المدفع في دبابتي من إصابة شاحنتين عراقيتين، لقد كان الجميع سعداء و فرحين، و بدأت التفكير في التقدم أكثر لتحرير المزيد من الأراضي و مطاردة العراقيين لإجبارهم على مواصلة التراجع، ربما لم يعلم الضباط الأعلى رتبة بأن بإمكاننا ملاحقة العراقيين، لذا أقنعت طاقم دباباتي و طاقم دباباتين أخريين بالتقدم للأمام أكثر.
الصحفي: يعني أنت لم تأمر كل دباباتك بالتقدم؟
فوروزان: عليك أن تتذكر أنني حينه لم أمضي الكثير من الوقت كجندي، لذا لم أكن معتادا على إعطاء الأوامر للأفراد للقيام بعمل ما، و كنا نحاول تغيير أرائهم، يجب أن نتذكر بأن قواعد الجيش لم تكن متبعة خلال تلك الفترة الزمنية، و أنا لم أكن أصدر الأوامر بقدر ما كنت أحاول الإقناع، لذا كنت قادرا على إقناع طاقم دبابتي، و أطقم دباباتين أخريين للتقدم، و أعتقد أننا تقدمنا خمسة كيلومترات أخرى أمام الموقع المعين لنا، و كان لدي رامي مدفع نظامي جيد جدا، كانت هوايته الصيد و كان جيدا جدا في الرماية، و كان يراقب حولنا أثناء تقدمنا و كان هذا أمرا طيبا لأني كنت ما أزال أتعلم الكثير، لقد كنت متهورا و لم أكن أعلم الأخطار المحدقة، لقد رأي الرامي مجموعة من الدبابات تتقدم بإتجاهنا فقام بسؤالي هل هي دبابات أيرانية أم عراقية؟ فقمت بالنظر بالإتجاه الذي أبلغني بقدوم الدبابات منه و رأيت عددا هائلا من الدبابات يتقدم بإتجاهنا، و عبر المنظار المئفاق (بيرسكوب) كانت تبدو هذه الدبابات صغيرة جدا و كجيش من النمل يتوجه نحونا، لقد كنت قادرا على التحقق من أنها ليست دبابات إيرانية، أبلغت الرامي بأنها دبابات عراقية فرد علي و قال إننا بخطر شديد و علينا أن نتراجع فورا بإتجاه الدبابات الأخرى، لذا أبلغت الدبابات الأخرى بأن علينا التراجع، و أثناء التراجع، ضرب محرك دبابتي بقذيفة، مما أدى لإرتفاع الضغط بشكل كبير داخل حجرة القتال و تمزيق الخوذة و رميها من على رأسي، و لحسن الحظ كانت الكوة فوق رأسي مفتوحة و إلا لكنت قتلت، و بما أننا جميعا كنا نعلم خطر إنفجار الدبابة عند إصابتها، لذا قمنا بالقفز منها فورا، و عندما لامست الأرض بعد القفزة، كانت الدبابة ما تزال تتحرك، و كان علينا الهرب على الأقدام، و لا أستطيع إبلاغك كم المسافة التي قطعناها مشيا و لكنها بدت بعيدة بالنسبة لي، و أستمر العراقيين بإطلاق النار بإتجاهنا و في بعض الأوقات بدا ذلك و كأنه رصاص ماطر، و كان علينا الإنبطاح أثناء إطلاق النار و الركض عند توقف الرصاص.
الصحفي: و هل تمكنت الدباباتين الأخريين من النجاة؟
فوروزان: نعم تمكنوا من ذلك.
الصحفي: و هل أصيب أحد من أفراد طاقمك؟
فوروزان: لم يصب أحد منا بأذى، لقد قام الأخرين في السرية بإنتقادي لقراري بالتقدم، و كذلك قراري بالتراجع وعدم القتال، و كنت مستعد للتحقيق، و لكن القادة لم يجروا أي تحقيق معي، و بعد المعركة التي إستغرقت حوالي شهر، قام بعض الضباط الكبار بزيارة وحدتنا التي كانت مهزومة بعكس باقي كل الوحدات الإيرانية التي كانت منتصرة في المعركة، لقد أبلغونا بأنه تم إختيارنا لنكون هدف لإمتصاص هجمات الـ t-72 و لهذا السبب أمرنا بالهجوم قبل باقي الوحدات، و أنه أثناء قيامنا بمشاغلة دبابات الـ t-72 قامت الوحدات الأخرى بشن هجماتها و حققت الإنتصارات المطلوبة.
الصحفي: و كم هو عدد الدبابات التي أصيبت في سريتك؟
فوروزان: فقط دباباتي، و لكن عند نهاية المعركة، شاهدت الكثير من الدبابات الإيرانية المصابة من وحدات أخرى، في كل المعارك التي خضتها بإستثناء المعركة الأخيرة، تمكنا من هزيمة العراقيين و تحرير المزيد من أراضينا، و المعركة الأخيرة التي خضتها كانت في الأراضي العراقية.
الصحفي: يعني أنك لم تبقى في الجيش حتى نهاية الحرب؟
فوروزان: لا، لقد كان علي أن أقضي في الجيش، فقط سنة واحدة، و لكن نتيجة ظروف الحرب، طلب مني البقاء لستة أشهر إضافية.
الصحفي: و هل أصيبت دباباتك مرة أخرى؟
فوروزان: نعم، خلال المعركة الأخيرة في شهر أكتوبر سنة 1982، حين أستولينا على نقطة حدودية عراقية تدعى زيد و كان العراقيون يحاولنا إستعادتها بإستماتة، و في أحد الأيام حين كنت مستلما مهامي كقائد، تم إبلاغنا بأن العراقيون سيشنون هجومهم في اليوم التالي، و فعلا شنوا هجومهم بإستخدام دبابات t-72، و أثناء تعاملي و تصويبي على أحد هذه الدبابات، تمكنوا من إطلاق النار بإتجاهي قبل أن أقوم بفتح النار، و كانت دبابتي متمركزة خلف كومة رمل و لا يظهر منها غير البرج، و نتيجة لذلك بصورة مفاجئة لم أعد أستطيع الرؤية من خلال منظار الأفق (بيرسكوب)، فأخرجت رأسي من كوة قائد الدبابة لأرى ما حدث، و فعلا رأيت جزء من كومة الرمل أمامنا قد إختفت فيما كان الغبار يطوق دبابتنا من كل الإتجاهات، و حين نظرت لمقدمة البرج، رأيت بقعة حيث أصيب درع الدبابة بواسطة القذيفة العراقية التي إخترقت كومة الرمل أمامنا و أصابت الدبابة، و لكن لحسن الحظ لم تخترق الدرع بكامل سماكته، لذا أرجعت الدبابة للخلف لإخفاءها، و لقد كان لدينا العديد من المتطوعين في ذلك اليوم، لقد كان هناك مجموعتين إيرانيتين رئيسيتين في الجبهة، المتطوعون المسلحون فقط بقذائف الـ rpg و البنادق الألية فقط، و الذين لم يخشوا الموت، و لم يرتدوا خوذ الرأس الحديدية إذا أعطيت لهم، و بما أنهم متطوعون، فقد كانوا ذو فعالية كبيرة، لقد كانوا دائما سعداء و مرحين، لأنهم تطوعوا للدفاع عن بلادنا و ثورتنا، و عليك أن تتذكر أن عمر الثورة حينها كان سنوات قليلة، و كان هناك العديد من المتطوعون للدفاع عنها، و كان هؤلاء المتطوعون مستعدون لفعل أي شئ، و عادة كل المعارك التي نشنها، تبدء بالمتطوعين، و نحن نقوم بإتباعهم، نحن لم نكن جنود الخط الأمامي، و كانت خسائر المتطوعين أكبر من خسائرنا بكثير، و كان المتطوعون يقومون بتطهير حقول الألغام أمامنا بأجسامهم، و مع ذلك كانوا دائما فرحين و يطلقون النكات، و في معركتي الأخيرة، و بحلول منتصف اليوم خسرنا أكثر من 70% من المتطوعين الذين كانوا معنا، و بعض دباباتي كانت تحترق، لقد كان يوما حزينا جدا، حافظنا على خط الجبهة، و لكننا منينا بخسائر فادحة، و حيثما نظرت، كنت تجد الجثث ملقاة على الأرض.
الصحفي: و كم عدد الدبابات التي خسرتها سريتك في ذلك اليوم؟
فوروزان: لقد أصيبت خمس من دباباتي، فيما كانت الدبابات الباقية لا تطلق النار، لقد أدركنا أن عدد القوات العراقية يفوق مقدرتنا على التعامل معها، و لم تكن هناك قوة قادمة لمساعدتنا، و كان يخيل لنا أن هناك جيش من دبابات الـ t-72 متوجه بإتجاهنا، و لحسن حظنا كان هناك دعما جيد من مدفعيتنا، و كان لديهم عدد من المراقبين المتقدمين في خط الجبهة لتوجيه نيرانهم، و كانت نيران المدفعية على العراقيين بعد الظهر قوية جدا لدرجة أجبرت العراقيين على التراجع، لقد حسمت مدفعيتنا المعركة لصالحنا.
الصحفي: و كيف كان الجيش العراقي يومها؟
فوروزان: أستطيع القول أن وحدات الـ t-72 كانت جيدة جدا، حيث أنها كانت تتمتع بحركية عالية جدا، و مرونة، إضافة لوجود العديد منها.
الصحفي: خلال فترة خدمتك التي أمتدت لسنة و نصف، كم عدد المعارك التي خضتها؟
فوروزان: لقد كنت في خمس معارك رئيسية، معظمها حدث داخل الأراضي الإيرانية، و فيها كنا نقوم بتحرير أراضينا مدينة مدينة، و لم تكن الحرب متواصلة، حيث أنه كانت هناك فترات زمنية بين المعارك كنا لا نقاتل فيها.
الصحفي: كيف كانت خدمات الدعم الخاصة بكم من صيانة و إمدادات طعام و غيره؟
فوروزان: خدماتنا كانت ممتازة، لقد كانت لدينا إمدادات كافية من قطع الغيار وخدمات الإصلاح الخاصة بالدبابات العاملة، و الطعام و الإحتياجات الخاصة كانت جيدة جدا، و كانت إمداداتنا لا تأتي فقط من الجيش، و لكن من تبرعات الأهالي أيضا، الطعام و الملابس و الهدايا كانت ترسل للوحدات في خط الجبهة، كما كان يوجد مراكز خاصة نستطيع التوجه لها، و الهدايا كانت عبارة عن أكياس خاصة بالنوم، ملابس، محافظ، حلويات، أو أي شئ يخطر لمخيلتك مما يستخدمه الجندي في خط الجبهة، لقد كان الشعب يدعم الجنود بشكل كامل في الجبهة، و مستعدون للقيام بأي شئ لتسهيل مهمتهم هناك.
الصحفي: و كيف كان نظام المدفوعات يعمل لديكم للمتطوعين و الجيش النظامي؟
فوروزان: لم يتم دفع أي شئ للمتطوعين، لقد أتوا فقط للتضحية بحياتهم، و ليس لنيل أي مقابل، أما بخصوصي كضابط مجند، لقد تم دفع مقابل بسيط لي كافي لشراء بعض الحاجيات حين التواجد في المدينة، و لكن ليس بشكل كافي لمصاريف الحياة اللازمة كلها، لقد تم إعطائي نقود، ملابس و كل ما أحتاجه، لذا لم تكن حاجتي للنقود كبيرة، أما الأفراد النظاميين في الجيش فقد تم إعطاءهم أكثر منا.
الصحفي: هل كنت ترى الجنود العراقيين (و ليس دباباتهم) كثيرا ؟
فوروزان: رأيتهم كأسرى و حين كنت في الخطوط الأمامية، كنت أراهم على بعد كيلو أو إثنين كيلومتر، و كان هناك العديد من الأوقات التي لم يكن فيها قتال، و في بعض الأحيان كانت الخطوط تقترب من بعضها كثيرا، و أقرب مرة كنت فيها للخطوط العراقية كانت 300 متر، و كنا قريبين لدرجة تمكننا من سماعهم في حالة إثارة ضجة ما، أو في حالة كان هناك ريح خفيفة تهب من إتجاههم، و كنا نتمكن من رؤية بعضنا بسهولة بواسطة عيننا المجردة، و في صباح أحد الأيام كنت أغني، فأطلق العراقيون 3 قذائف هاون سقطت كلها بالقرب مني، فتوقف عن الغناء فورا، لقد كان ذلك الموقع خطيرا، و كنا هناك لمدة 3 أشهر، و عندما كنا هناك، كنا دائما نعيش في خوف من الهجمات الليلية المفاجئة، خصوصا في الليالي حالكة الظلام، و في أوقات أخرى كنا نبعد عن العراقيين 2 كيلومتر، و حاولت إسترقاق النظر على خطوط العراقيين من فوق تلة صغيرة، و ذهبت لأعلى تلك التلة لرؤيتهم بواسطة منظاري، و تمكنوا هم من رؤؤيتي بالعين المجردة و بدأووا بإطلاق النار بإتجاهي، فقفزت من فوق التلة، و فكرت بإلإنتقام منهم بإستخدام المدفع الرشاش عيار 0,5 بوصة و الذي كان قريبا مني، و كان بإمكاني إصابتهم بسهولة، بما إني كنت قادر على رؤيتهم، و لكني عدلت عن ذلك، على الرغم من حالة الحرب بينهم، و كنت أعلم أن لديهم عوائل مثلي، و لم أكرههم.
الصحفي: هل تتذكر حادثة معينة خلال المعارك الثلاثة الأخرى التي خضتها؟
فوروزان: لحسن الحظ، خلال تلك المعارك كنت في الإحتياط و ليس في الخط الأمامي، و خلال تلك المعارك، كان علينا الدفاع عن الخطوط المستولى عليها، و أتذكر في أحد المرات إنني حصلت على إجازة و ذهبت فيها لمدينتي المشهورة بنوع معين من الحلويات، و كان من عادتي دائما إحضار بعض الحلويات عن عودتي للجميع، و كان من عادتي أفراد وحدتي عن عودتي مناداتي بصوت عالي للحصول على بعض تلك الحلوى، وعند عودتي في أحد المرات، لم ينادني أحد و أبلغني أحد الأفراد على إنفراد بأن لا أبدي أي نوع من الفرح، لأنه خلال فترة غيابي، حدث قتال و قتل فيه أحد أفراد الجيش و الأفراد حزينون لمقتله، و أبلغني أيضا بأن علي تقديم التعازي، و الرجل الذي قتل، أطل برأسه من خارج الدبابة ليرى بشكل أوضح خلال القتال و أصيب برأسه بطلقة أثناء ذلك، و كانت وحدتنا خلال ذلك تحقق إنتصارات و تحرر المزيد من الأراضي، لذا قمت بتهنأتهم على ذلك الإنجاز، فتم توجيه اللوم لي بسبب ذلك، و بما أن أحدهم قد قتل خلال المعركة، لقد كان فعلا موقفا مربكا بما أني لم أدري هل أهنأهم أو أعزيهم بقتلاهم.
الصحفي: و ماذا كنت تفعل خلال فترة الأسبوعين التي تقضيها عادة في مخيم الراحة؟ هل كانت هناك أي مهام خاصة بكم؟
فوروزان: لا، لقد كانت فقط فترة إنتظار، و كنت أقوم خلالها بالدراسة، فيما كان البعض يقوم بلعب كرة الطائرة، و البعض الأخر يمارس هوايات أخرى، فيما ينخرط الباقون بالنقاشات، و في بعض الأحيان يشن العراقييون هجمات على معسكرات الراحة بالطيران و المدفعية، لقد إمتلك العراقييون الكثير من الدعم الجوي و كنت أتمكن من رؤية طائراتهم التي كانت من نوع ميراج إف 1 و لكنهم كانوا يبقون على علو مرتفع، لذا لم نكن في مأمن تام خلال وجودنا بمعسكرات الراحة.
الصحفي: هل قمتم بإجراء أي تمارين خلال أسابيع الراحة؟
فوروزان: لا شئ معين، لقد قضيت معظم وقتي أدرس كتب الهندسة و أقرأ الكتب الثقافية، مما جعل الكثير من الذين حولي يتعجبون من فعلي، لقد ذهبت للأماكن الهادئة للدراسة، و أكملت خدمتي الإلزامية في الجيش في وقت متأخر من خريف سنة 1982.
الصحفي: هل تود أن تضيف شئ في الختام؟
فوروزان: الحرب عبارة عن خبرة حزينة، فإذا سلمت منها بدون جراح، فإنها فرصة للتفكير بأرائك و أمنياتك، و كذلك مسئولياتك، فالعديد من الذين يعتبرون كوادر وطنية يقتلون أو يصابون في هذه الحرب، و بما أني شخصيا لم أكن موجود أثناء الحرب الكيماوية التي جرت لاحقا، لكني رأيت من أصيبوا بهذه الأسلحة الكيميائية، فالرجل الذي يصاب بها، يصبح لديه عاهة مستديمة، و في الحرب، عدد المصابين يكون أكثر من عدد القتلى، و من يقتل، يكون هناك أثر على أسرهم لفترة طويلة من الزمن، لقد رأيت العديد من المدن في بلادي دمرت بالكامل بسبب الحرب، لقد دخلت العديد من غابات النخيل التي دمرت بشكل متعمد، و مع كل أسف ستحدث حروب أخرى بالمستقبل بسبب طمع بعض الناس و عدوانيتهم، و لهذا السبب نرى العديد من الدول تحاول صناعة المزيد من الأسلحة الأكثر قوة، و على السياسيين أن يسعوا لحل المشاكل قدر الإمكان بواسطة الحوار بدل الحرب، هذه هي القناعة التي توصلت لها بعد خوضي للحرب.
المصدر:
http://www.iran-heritage.org/interestgroups/war-iraqiran-news2.htm
بدأت حرب العراق و إيران في الشهر التاسع من سنة 1980 و أستمرت 8 سنوات و لقد قتل خلالها الألف و دمرت العديد من المرافق في البلدين و أنتهت دون تحقيق إنتصار واضح لأي من الطرفين. و على الرغم من إنتهاء الحرب، ما تزال أثارها موجودة إلى اليوم إقليميا و عالميا. (أدار فروزان) خدم كقائد سرية دبابات في الجيش الإيراني خلال المراحل الأولى للحرب بين ربيع سنة 1981 و نهاية خريف سنة 1982 و خلال هذه الفترة، كانت الحرب بين الطرفيين ما تزال تصنف على أنها حرب حركة، و لقد أكمل فوروزان خدمته قبل أن تتحول الحرب خلال مراحلها اللاحقة إلى حرب خنادق تتصف بطابع الجمود، و ذلك أيضا أدى لنجاته من الضربات الكيميائية العراقية التي أصبحت شائعة خلال حرب الخنادق تلك، و مع ذلك، فإن هذا لا يقلل من خبرته و مشاركته في الإشتباكات المدرعة الدامية التي حدثت خلال المراحل الإولى للحرب، في مقابلة مع (إد مكويل)، فوروزان إستعرض ذكرياته في تلك المعارك، و تلك الذكريات صريحة و بدون تلاعب مثلها مثل ذكريات الكثير من المحاربين المخضرمين في أنحاء أخرى من العالم.
و الأن لنص المقابلة
الصحفي: لقد كنت طالب كلية عندما تمت الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي سنة 1979؟
فوروزان: هذا صحيح، الثورة حدثت في السنوات الإخيرة من دراستي الهندسة في جامعة أريامهير، و كان لدينا العديد من المظاهرات و الإضرابات عندما كنت طالب، و بسبب ذلك تخرجت بعد 6 سنوات من الدراسة.
الصحفي: متى إلتحقت بالجيش؟
فوروزان: في خريف سنة 1980، لأنه وفق القانون، على كل شاب أن يخدم في الجيش مدة سنتين، و تلك الخدمة لم تكن إلزامية علي خلال فترة الدراسة في الجامعة، و بعد الجامعة كان هناك مدة لدي قبل الإلتحاق بالجيش، و خلال تلك الفترة كنت أعمل في إقليم لورستان الفقير، حيث كنت أساعد في بناء الطرق و ا لمدارس و توفير مصادر المياه العذبة و عندما إلتحقت بالجيش، كانت الحرب قد بدأت بالفعل.
الصحفي: كيف أصبحت ضابط؟
فوروزان: وفق القوانين المعمول بها، أي خريج جامعة يصبح تلقائيا ضابط، و لأني كنت أحمل بكالوريوس فقط، أعطيت نجمة واحدة و أصبحت ملازم، أما حملة الماجيستير و الدكتوراه فكانوا يعطون نجمتين و يصبحوا ملازمين أوائل، و عند إلتحاقي بالجيش، طلب مني التوجه لقاعدة عسكرية في طهران للتدريب لمدة 3 أشهر.
الصحفي: ما هي نوعية التدريب الذي تلقيته؟
فوروزان: كان تدريبا مبدئيا، و أبلغنا بالمسؤوليات و القواعد و الحقوق العامة، و طبعا في الجيش ليس لديك أي حق سوى إطاعة الأوامر الصادرة من ذوي الرتب الأعلى.
الصحفي: أين تلقيت التدريبات المتقدمة؟
فوروزان: كان ذلك في شيراز، هناك تعلمت أن أصبح قائد دبابة تشيفتن، و وفق ما أتذكر، بقيت هناك 3 أشهر، لقد كان تدريبا متكاملا فعلا، و عندما أنهيت التدريب كنت على معرفة تامة بكيفية تشغيل التشيفتين في كل المستويات، و لقد كنت قادرا على قيادة الدبابة و تلقيم مدفعها و إطلاقه، كان طاقم التشيفتين يتكون من أربعة و هم السائق و الرامي و الملقم و القائد، لقد تم تدريبنا نظريا ثم بواسطة المشبهات ثم أجرينا تدريبات على دبابات حقيقية، و لكننا لم نقم بأي عمليات إطلاق حية و أقتصرت تدريبات الرماية على المشبهات فقط، و تم تدريبنا أيضا على المحركات و أجهزة اللاسلكي و غيرها من أنظمة الدبابة، و لقد تم إختبارنا بعد كل مرحلة من التدريب للتأكد من تمرسنا في أي وظيفة داخل الدبابة قبل الإنتقال لمرحلة التدريب التكتيكي، لقد أدرك الجميع أنهم سيذهبون لخطوط الجبهة الأمامية، لذا عملوا بجد على إكتساب أكبر قد من المعرفة لتفيدهم في معاركهم، و هناك بعض المتدربين الذين بذلوا قصارى جهدهم ليظهروا مستوى عالي من التعلم لكي يتمكنوا من إختيار الوحدة التي يودون أن يخدموا بها و غالبا ما كانوا يودون إختيار الوحدات القريبة من مناطقهم، أما أنا، فعلى الرغم من أني كنت متدربا جيدا، فلم أبذل قصارى جهدي لعلمي بأن ذلك لن يخلق أي إختلاف، و لقد كنت على حق، لأن جميعنا ذهب في النهاية للجبهة.
الصحفي: و هل ذهبت إلى الجبهة مباشرة؟
فوروزان: لا، لقد إعطينا إجازة و على إثرها ذهبت لزيارة عائلتي، و لم أبلغ أمي أبدا بأني في الجبهة، لقد أبلغتها دائما بأني في مدينة و بأني سعيد، أعلم بأنها لا تستطيع أن تفعل أي شئ، لذا لم أرد أن أحزنها، و بعد نهاية إجازتي إلتحقت بوحدتي في ربيع سنة 1981.
الصحفي: و كم كان عدد الدبابات في وحدتك؟
فوروزان: لقد كنت قائد سرية دبابات، و كان لدينا فقط 10 دبابات من أصل 15 كان من المفترض أن تكون لدينا، لقد كانت الخمسة دبابات الأخرى متضررة و لا تصلح للمعركة، و أستخدم بعضها للحصول على قطع الغيار، و كان هناك 3 ملازمين أخرين في الوحدة، و على إثر ذلك تم تناوب دور القيادة بيننا، فكنت أصبح القائد لمدة أسبوع، ثم في أبقى في معسكر الراحة لأسبوعين، ثم أعطى إجازة لأسبوع، و حين وجودنا في معسكر الراحة، كان بإمكاننا الذاهب للمدينة لعمل إتصال هاتفي و الإستحمام، لقد كان عدد الأشخاص المتوفرين لدينا يفوق بمعدل الضعف عدد الدبابات لدينا، و قام الجميع بالتناوب بالخدمة و ليس فقط الضباط، لقد كنا نقوم بالتناوب كطاقم كامل للدبابة و ليس كأفراد، و كان أثنين من الضباط منتسبين للجيش، و الثالث كان خريج جامعة في الإنكليزية، و كان مثلي يعد الأيام المتبقية للخدمة في الجيش، و كانت هناك معركة بعد يومين أو ثلاثة من إلتحاقي بالوحدة، و لم أشارك في تلك المعركة لأنهم أبلغوني بأني لا أعلم شئ عن الحرب الحقيقية، و مع الوقت، بدأت أعتاد على القتال الحقيقي بدأت الوحدة تكلفني بمسؤوليات قتالية بعد عدد من المعارك، و لكن العملية كانت تدريجية، حيث أنه في أول يوم ذهبت فيه للخط الأمامي لم يكن هناك أي قتال.
الصحفي: هل أحببت الدبابة التشيفتين؟
فوروزان: عندما ذهبت إلى الجيش، لم أكن أعلم أي شئ عن الدبابات، و لكن الجنود الأخرين في المجموعة، و خصوصا المنتسبين للجيش النظامي، أبلغونا أن التشيفتين لم تكن جيدة أبدا، و بعد أن تعلمت أكثر عن هذه الدبابة، توصلت أيضا لنفس القناعة، و أكبر مشاكلها كانت تتمثل في إرتفاع درجة حرارة محركها في الأجواء الحارة، و نتيجة لذلك، لم نكن نقوم بقيادة الدبابة لمسافة طويلة، لأننا سنظر بعد ذلك لتبريد المحرك، و لقد وقعت كل العمليات القتالية التي إشتركت بها في جنوب إيران، لذا كانت مشكلة إرتفاع حرارة المحرك مشكلة كبيرة، خصوصا أن الأجواء خلال الصيف تصبح حارة جدا لدرجة أنك لا تستطيع لمس جسم الدبابة لفترة طويلة، إضافة لذلك، كانت قوة محرك الدبابة ضعيفة مقارنة بوزنها، و نتيجة لذلك، لم نكن نستطيع التحرك بالسرعة التي نتحتاجها أو نرغب بها، ببساطة لم تكن الدبابة جيدة حين مقارنتها بما كان لدينا من دبابات أخرى، كالـإم 60 (باتون) مثلا.
الصحفي: ما هو أكثر سلاح كنتم تخشونه من الأسلحة العراقية؟
فوروزان: لقد تسلح العراقيون ببعض الدبابات الجديدة من طراز تي 72، و كانت سرعتها و قدرته على إصابة الهدف جيدة، علاوة على أن دروعها كانت قادرة على الصمود ضد قذائف الأربي جي (rpg) المحمولة من قبل مشاتنا، لقد كانت الـتي 72 (t-72) تهديدا خطيرا بالنسبة لنا.
الصحفي: و هل إضطررت مرة لقتال الـ t-72؟
فوروزان: نعم، خلال معركتي الأولى، لقد بادرنا إلى معركة ضد العراقيين في (دشت عباس) قرب (دزفل) و كان ذلك ضمن عملية الفتح المبين في ربيع سنة 1982، و كنت قائد الوحدة حين صدرت الأوامر للتقدم بإتجاه وحدة عراقية عند منتصف الليل، و لم يكن لدينا أي أجهزة رؤية ليلية، على الرغم من أن الوحدات الأخرى كانت تمتلك مثل تلك الأجهزة، لذا كان التحرك صعبا خلال الليل، و كان علينا قطع مسافة 5 كيلومترات، و هي ليست مسافة طويلة، و لكننا إصطدمنا بحقل ألغام في طريقنا، و لحسن الحظ كانت حقول ألغم مضادة للأفراد و قد تم تفجير أحدها بواسطة دبابتي، واصلت مجموعتنا التحرك و أصدرت الأوامر لأفراد الوحدة بالبقاء بداخل الدبابات و عدم الخروج منها، و مع ذلك، أبطأت الألغام تقدمنا و شتتت تركيزنا، و عندما حل الصباح، أبلغنا أحد الضباط بأننا لم نبلغ النقطة المحددة لنا، لذا علينا الحركة بشكل أسرع، و بعد وصولنا للموقع المطلوب، بدأنا بقصف القوات العراقية المتراجعة، و تمكن رامي المدفع في دبابتي من إصابة شاحنتين عراقيتين، لقد كان الجميع سعداء و فرحين، و بدأت التفكير في التقدم أكثر لتحرير المزيد من الأراضي و مطاردة العراقيين لإجبارهم على مواصلة التراجع، ربما لم يعلم الضباط الأعلى رتبة بأن بإمكاننا ملاحقة العراقيين، لذا أقنعت طاقم دباباتي و طاقم دباباتين أخريين بالتقدم للأمام أكثر.
الصحفي: يعني أنت لم تأمر كل دباباتك بالتقدم؟
فوروزان: عليك أن تتذكر أنني حينه لم أمضي الكثير من الوقت كجندي، لذا لم أكن معتادا على إعطاء الأوامر للأفراد للقيام بعمل ما، و كنا نحاول تغيير أرائهم، يجب أن نتذكر بأن قواعد الجيش لم تكن متبعة خلال تلك الفترة الزمنية، و أنا لم أكن أصدر الأوامر بقدر ما كنت أحاول الإقناع، لذا كنت قادرا على إقناع طاقم دبابتي، و أطقم دباباتين أخريين للتقدم، و أعتقد أننا تقدمنا خمسة كيلومترات أخرى أمام الموقع المعين لنا، و كان لدي رامي مدفع نظامي جيد جدا، كانت هوايته الصيد و كان جيدا جدا في الرماية، و كان يراقب حولنا أثناء تقدمنا و كان هذا أمرا طيبا لأني كنت ما أزال أتعلم الكثير، لقد كنت متهورا و لم أكن أعلم الأخطار المحدقة، لقد رأي الرامي مجموعة من الدبابات تتقدم بإتجاهنا فقام بسؤالي هل هي دبابات أيرانية أم عراقية؟ فقمت بالنظر بالإتجاه الذي أبلغني بقدوم الدبابات منه و رأيت عددا هائلا من الدبابات يتقدم بإتجاهنا، و عبر المنظار المئفاق (بيرسكوب) كانت تبدو هذه الدبابات صغيرة جدا و كجيش من النمل يتوجه نحونا، لقد كنت قادرا على التحقق من أنها ليست دبابات إيرانية، أبلغت الرامي بأنها دبابات عراقية فرد علي و قال إننا بخطر شديد و علينا أن نتراجع فورا بإتجاه الدبابات الأخرى، لذا أبلغت الدبابات الأخرى بأن علينا التراجع، و أثناء التراجع، ضرب محرك دبابتي بقذيفة، مما أدى لإرتفاع الضغط بشكل كبير داخل حجرة القتال و تمزيق الخوذة و رميها من على رأسي، و لحسن الحظ كانت الكوة فوق رأسي مفتوحة و إلا لكنت قتلت، و بما أننا جميعا كنا نعلم خطر إنفجار الدبابة عند إصابتها، لذا قمنا بالقفز منها فورا، و عندما لامست الأرض بعد القفزة، كانت الدبابة ما تزال تتحرك، و كان علينا الهرب على الأقدام، و لا أستطيع إبلاغك كم المسافة التي قطعناها مشيا و لكنها بدت بعيدة بالنسبة لي، و أستمر العراقيين بإطلاق النار بإتجاهنا و في بعض الأوقات بدا ذلك و كأنه رصاص ماطر، و كان علينا الإنبطاح أثناء إطلاق النار و الركض عند توقف الرصاص.
الصحفي: و هل تمكنت الدباباتين الأخريين من النجاة؟
فوروزان: نعم تمكنوا من ذلك.
الصحفي: و هل أصيب أحد من أفراد طاقمك؟
فوروزان: لم يصب أحد منا بأذى، لقد قام الأخرين في السرية بإنتقادي لقراري بالتقدم، و كذلك قراري بالتراجع وعدم القتال، و كنت مستعد للتحقيق، و لكن القادة لم يجروا أي تحقيق معي، و بعد المعركة التي إستغرقت حوالي شهر، قام بعض الضباط الكبار بزيارة وحدتنا التي كانت مهزومة بعكس باقي كل الوحدات الإيرانية التي كانت منتصرة في المعركة، لقد أبلغونا بأنه تم إختيارنا لنكون هدف لإمتصاص هجمات الـ t-72 و لهذا السبب أمرنا بالهجوم قبل باقي الوحدات، و أنه أثناء قيامنا بمشاغلة دبابات الـ t-72 قامت الوحدات الأخرى بشن هجماتها و حققت الإنتصارات المطلوبة.
الصحفي: و كم هو عدد الدبابات التي أصيبت في سريتك؟
فوروزان: فقط دباباتي، و لكن عند نهاية المعركة، شاهدت الكثير من الدبابات الإيرانية المصابة من وحدات أخرى، في كل المعارك التي خضتها بإستثناء المعركة الأخيرة، تمكنا من هزيمة العراقيين و تحرير المزيد من أراضينا، و المعركة الأخيرة التي خضتها كانت في الأراضي العراقية.
الصحفي: يعني أنك لم تبقى في الجيش حتى نهاية الحرب؟
فوروزان: لا، لقد كان علي أن أقضي في الجيش، فقط سنة واحدة، و لكن نتيجة ظروف الحرب، طلب مني البقاء لستة أشهر إضافية.
الصحفي: و هل أصيبت دباباتك مرة أخرى؟
فوروزان: نعم، خلال المعركة الأخيرة في شهر أكتوبر سنة 1982، حين أستولينا على نقطة حدودية عراقية تدعى زيد و كان العراقيون يحاولنا إستعادتها بإستماتة، و في أحد الأيام حين كنت مستلما مهامي كقائد، تم إبلاغنا بأن العراقيون سيشنون هجومهم في اليوم التالي، و فعلا شنوا هجومهم بإستخدام دبابات t-72، و أثناء تعاملي و تصويبي على أحد هذه الدبابات، تمكنوا من إطلاق النار بإتجاهي قبل أن أقوم بفتح النار، و كانت دبابتي متمركزة خلف كومة رمل و لا يظهر منها غير البرج، و نتيجة لذلك بصورة مفاجئة لم أعد أستطيع الرؤية من خلال منظار الأفق (بيرسكوب)، فأخرجت رأسي من كوة قائد الدبابة لأرى ما حدث، و فعلا رأيت جزء من كومة الرمل أمامنا قد إختفت فيما كان الغبار يطوق دبابتنا من كل الإتجاهات، و حين نظرت لمقدمة البرج، رأيت بقعة حيث أصيب درع الدبابة بواسطة القذيفة العراقية التي إخترقت كومة الرمل أمامنا و أصابت الدبابة، و لكن لحسن الحظ لم تخترق الدرع بكامل سماكته، لذا أرجعت الدبابة للخلف لإخفاءها، و لقد كان لدينا العديد من المتطوعين في ذلك اليوم، لقد كان هناك مجموعتين إيرانيتين رئيسيتين في الجبهة، المتطوعون المسلحون فقط بقذائف الـ rpg و البنادق الألية فقط، و الذين لم يخشوا الموت، و لم يرتدوا خوذ الرأس الحديدية إذا أعطيت لهم، و بما أنهم متطوعون، فقد كانوا ذو فعالية كبيرة، لقد كانوا دائما سعداء و مرحين، لأنهم تطوعوا للدفاع عن بلادنا و ثورتنا، و عليك أن تتذكر أن عمر الثورة حينها كان سنوات قليلة، و كان هناك العديد من المتطوعون للدفاع عنها، و كان هؤلاء المتطوعون مستعدون لفعل أي شئ، و عادة كل المعارك التي نشنها، تبدء بالمتطوعين، و نحن نقوم بإتباعهم، نحن لم نكن جنود الخط الأمامي، و كانت خسائر المتطوعين أكبر من خسائرنا بكثير، و كان المتطوعون يقومون بتطهير حقول الألغام أمامنا بأجسامهم، و مع ذلك كانوا دائما فرحين و يطلقون النكات، و في معركتي الأخيرة، و بحلول منتصف اليوم خسرنا أكثر من 70% من المتطوعين الذين كانوا معنا، و بعض دباباتي كانت تحترق، لقد كان يوما حزينا جدا، حافظنا على خط الجبهة، و لكننا منينا بخسائر فادحة، و حيثما نظرت، كنت تجد الجثث ملقاة على الأرض.
الصحفي: و كم عدد الدبابات التي خسرتها سريتك في ذلك اليوم؟
فوروزان: لقد أصيبت خمس من دباباتي، فيما كانت الدبابات الباقية لا تطلق النار، لقد أدركنا أن عدد القوات العراقية يفوق مقدرتنا على التعامل معها، و لم تكن هناك قوة قادمة لمساعدتنا، و كان يخيل لنا أن هناك جيش من دبابات الـ t-72 متوجه بإتجاهنا، و لحسن حظنا كان هناك دعما جيد من مدفعيتنا، و كان لديهم عدد من المراقبين المتقدمين في خط الجبهة لتوجيه نيرانهم، و كانت نيران المدفعية على العراقيين بعد الظهر قوية جدا لدرجة أجبرت العراقيين على التراجع، لقد حسمت مدفعيتنا المعركة لصالحنا.
الصحفي: و كيف كان الجيش العراقي يومها؟
فوروزان: أستطيع القول أن وحدات الـ t-72 كانت جيدة جدا، حيث أنها كانت تتمتع بحركية عالية جدا، و مرونة، إضافة لوجود العديد منها.
الصحفي: خلال فترة خدمتك التي أمتدت لسنة و نصف، كم عدد المعارك التي خضتها؟
فوروزان: لقد كنت في خمس معارك رئيسية، معظمها حدث داخل الأراضي الإيرانية، و فيها كنا نقوم بتحرير أراضينا مدينة مدينة، و لم تكن الحرب متواصلة، حيث أنه كانت هناك فترات زمنية بين المعارك كنا لا نقاتل فيها.
الصحفي: كيف كانت خدمات الدعم الخاصة بكم من صيانة و إمدادات طعام و غيره؟
فوروزان: خدماتنا كانت ممتازة، لقد كانت لدينا إمدادات كافية من قطع الغيار وخدمات الإصلاح الخاصة بالدبابات العاملة، و الطعام و الإحتياجات الخاصة كانت جيدة جدا، و كانت إمداداتنا لا تأتي فقط من الجيش، و لكن من تبرعات الأهالي أيضا، الطعام و الملابس و الهدايا كانت ترسل للوحدات في خط الجبهة، كما كان يوجد مراكز خاصة نستطيع التوجه لها، و الهدايا كانت عبارة عن أكياس خاصة بالنوم، ملابس، محافظ، حلويات، أو أي شئ يخطر لمخيلتك مما يستخدمه الجندي في خط الجبهة، لقد كان الشعب يدعم الجنود بشكل كامل في الجبهة، و مستعدون للقيام بأي شئ لتسهيل مهمتهم هناك.
الصحفي: و كيف كان نظام المدفوعات يعمل لديكم للمتطوعين و الجيش النظامي؟
فوروزان: لم يتم دفع أي شئ للمتطوعين، لقد أتوا فقط للتضحية بحياتهم، و ليس لنيل أي مقابل، أما بخصوصي كضابط مجند، لقد تم دفع مقابل بسيط لي كافي لشراء بعض الحاجيات حين التواجد في المدينة، و لكن ليس بشكل كافي لمصاريف الحياة اللازمة كلها، لقد تم إعطائي نقود، ملابس و كل ما أحتاجه، لذا لم تكن حاجتي للنقود كبيرة، أما الأفراد النظاميين في الجيش فقد تم إعطاءهم أكثر منا.
الصحفي: هل كنت ترى الجنود العراقيين (و ليس دباباتهم) كثيرا ؟
فوروزان: رأيتهم كأسرى و حين كنت في الخطوط الأمامية، كنت أراهم على بعد كيلو أو إثنين كيلومتر، و كان هناك العديد من الأوقات التي لم يكن فيها قتال، و في بعض الأحيان كانت الخطوط تقترب من بعضها كثيرا، و أقرب مرة كنت فيها للخطوط العراقية كانت 300 متر، و كنا قريبين لدرجة تمكننا من سماعهم في حالة إثارة ضجة ما، أو في حالة كان هناك ريح خفيفة تهب من إتجاههم، و كنا نتمكن من رؤية بعضنا بسهولة بواسطة عيننا المجردة، و في صباح أحد الأيام كنت أغني، فأطلق العراقيون 3 قذائف هاون سقطت كلها بالقرب مني، فتوقف عن الغناء فورا، لقد كان ذلك الموقع خطيرا، و كنا هناك لمدة 3 أشهر، و عندما كنا هناك، كنا دائما نعيش في خوف من الهجمات الليلية المفاجئة، خصوصا في الليالي حالكة الظلام، و في أوقات أخرى كنا نبعد عن العراقيين 2 كيلومتر، و حاولت إسترقاق النظر على خطوط العراقيين من فوق تلة صغيرة، و ذهبت لأعلى تلك التلة لرؤيتهم بواسطة منظاري، و تمكنوا هم من رؤؤيتي بالعين المجردة و بدأووا بإطلاق النار بإتجاهي، فقفزت من فوق التلة، و فكرت بإلإنتقام منهم بإستخدام المدفع الرشاش عيار 0,5 بوصة و الذي كان قريبا مني، و كان بإمكاني إصابتهم بسهولة، بما إني كنت قادر على رؤيتهم، و لكني عدلت عن ذلك، على الرغم من حالة الحرب بينهم، و كنت أعلم أن لديهم عوائل مثلي، و لم أكرههم.
الصحفي: هل تتذكر حادثة معينة خلال المعارك الثلاثة الأخرى التي خضتها؟
فوروزان: لحسن الحظ، خلال تلك المعارك كنت في الإحتياط و ليس في الخط الأمامي، و خلال تلك المعارك، كان علينا الدفاع عن الخطوط المستولى عليها، و أتذكر في أحد المرات إنني حصلت على إجازة و ذهبت فيها لمدينتي المشهورة بنوع معين من الحلويات، و كان من عادتي دائما إحضار بعض الحلويات عن عودتي للجميع، و كان من عادتي أفراد وحدتي عن عودتي مناداتي بصوت عالي للحصول على بعض تلك الحلوى، وعند عودتي في أحد المرات، لم ينادني أحد و أبلغني أحد الأفراد على إنفراد بأن لا أبدي أي نوع من الفرح، لأنه خلال فترة غيابي، حدث قتال و قتل فيه أحد أفراد الجيش و الأفراد حزينون لمقتله، و أبلغني أيضا بأن علي تقديم التعازي، و الرجل الذي قتل، أطل برأسه من خارج الدبابة ليرى بشكل أوضح خلال القتال و أصيب برأسه بطلقة أثناء ذلك، و كانت وحدتنا خلال ذلك تحقق إنتصارات و تحرر المزيد من الأراضي، لذا قمت بتهنأتهم على ذلك الإنجاز، فتم توجيه اللوم لي بسبب ذلك، و بما أن أحدهم قد قتل خلال المعركة، لقد كان فعلا موقفا مربكا بما أني لم أدري هل أهنأهم أو أعزيهم بقتلاهم.
الصحفي: و ماذا كنت تفعل خلال فترة الأسبوعين التي تقضيها عادة في مخيم الراحة؟ هل كانت هناك أي مهام خاصة بكم؟
فوروزان: لا، لقد كانت فقط فترة إنتظار، و كنت أقوم خلالها بالدراسة، فيما كان البعض يقوم بلعب كرة الطائرة، و البعض الأخر يمارس هوايات أخرى، فيما ينخرط الباقون بالنقاشات، و في بعض الأحيان يشن العراقييون هجمات على معسكرات الراحة بالطيران و المدفعية، لقد إمتلك العراقييون الكثير من الدعم الجوي و كنت أتمكن من رؤية طائراتهم التي كانت من نوع ميراج إف 1 و لكنهم كانوا يبقون على علو مرتفع، لذا لم نكن في مأمن تام خلال وجودنا بمعسكرات الراحة.
الصحفي: هل قمتم بإجراء أي تمارين خلال أسابيع الراحة؟
فوروزان: لا شئ معين، لقد قضيت معظم وقتي أدرس كتب الهندسة و أقرأ الكتب الثقافية، مما جعل الكثير من الذين حولي يتعجبون من فعلي، لقد ذهبت للأماكن الهادئة للدراسة، و أكملت خدمتي الإلزامية في الجيش في وقت متأخر من خريف سنة 1982.
الصحفي: هل تود أن تضيف شئ في الختام؟
فوروزان: الحرب عبارة عن خبرة حزينة، فإذا سلمت منها بدون جراح، فإنها فرصة للتفكير بأرائك و أمنياتك، و كذلك مسئولياتك، فالعديد من الذين يعتبرون كوادر وطنية يقتلون أو يصابون في هذه الحرب، و بما أني شخصيا لم أكن موجود أثناء الحرب الكيماوية التي جرت لاحقا، لكني رأيت من أصيبوا بهذه الأسلحة الكيميائية، فالرجل الذي يصاب بها، يصبح لديه عاهة مستديمة، و في الحرب، عدد المصابين يكون أكثر من عدد القتلى، و من يقتل، يكون هناك أثر على أسرهم لفترة طويلة من الزمن، لقد رأيت العديد من المدن في بلادي دمرت بالكامل بسبب الحرب، لقد دخلت العديد من غابات النخيل التي دمرت بشكل متعمد، و مع كل أسف ستحدث حروب أخرى بالمستقبل بسبب طمع بعض الناس و عدوانيتهم، و لهذا السبب نرى العديد من الدول تحاول صناعة المزيد من الأسلحة الأكثر قوة، و على السياسيين أن يسعوا لحل المشاكل قدر الإمكان بواسطة الحوار بدل الحرب، هذه هي القناعة التي توصلت لها بعد خوضي للحرب.
المصدر:
http://www.iran-heritage.org/interestgroups/war-iraqiran-news2.htm
التعديل الأخير: