رد: البوسنة والهرسك
عدة لقاءات مع مجموعة من أهل العلم في البوسنة والهرسك قد تجيب عن بعض تساؤلات الأخوة الأعضاء في المنتدى
..................................................
لقاء مع مفتي البوسنة والهرسك الشيخ مصطفى سيريتش
أشاد مفتي البوسنة والهرسك مصطفى سيريتش بعمق العلاقات القوية التي تربط الكويت ببلاده، مؤكدًا أنها علاقة شعبين شقيقين، ومشيرًا إلى أن الدور الكويتي إبان ظروف الحرب القاسية التي مرت بها بلاده خير دليل على تميز هذه العلاقات التي تعد مثالًا يحتذى بين الدول. وعن مدى انتشار الإسلام بين سكان البوسنة قال سيريتش إن 51% من سكان البوسنة مسلمون، وهم يمثلون بحق أندلس الغرب، لأنهم يرتقون سلم الحضارة الإنسانية، مؤكدًا أن المسلمين في البوسنة يعيشون في وضع جيد يغبطهم عليه الأعداء، ولا يتمنونه لهم، لأنهم في مرحلة نماء وتقدم، "أما الأصدقاء والإخوان المقربون فربما لا يرضون عن وضعنا، أو على الأقل يرونه غير كافٍ، لأنهم يتطلعون إلى صحوة أكبر، ونحن لا ندخر جهدًا للوصول إلى ذلك". كما ثمن سيريتش دور الكويت في نشر رسالة الإسلام وتكريسها كل الجهود الداعمة للعمل الخيري، وذلك من خلال وزارات الدولة والمؤسسات الدعوية الأخرى للعمل على توسيع دائرة التواصل وعولمة الدعوة والحرص على مواكبتها التقنيات الحديثة..
كل ذلك وغيره تفاصيله في هذا الحوار الذي خص به "البشرى". أوضاع المسلمين في البوسنة والهرسك شغلت العالم الإسلامي فترة طويلة، وتصدرت عناوين وسائل الإعلام المختلفة، ومع ندرة أخبارها في الفترة الأخيرة، فإنها مازالت في وجدان المسلمين، فماذا عن هذه الأوضاع الآن؟ الحمد لله أوضاعنا طيبة، فنحن في وضع يكره أعداؤنا أن نصل إليه، ويغبطوننا عليه، لكنه أقل مما يتمناه الأشقاء المسلمون لنا، إذ يتطلعون إلى أكثر من ذلك، وبعون الله نضاعف دعوتنا لنصل إلى هذه الدرجة المبتغاة من الصحوة، لكن تحول دون ذلك مجموعة من الحوائل أهمها التمويل، ومع ذلك فإننا يمكنا القول إن المسلمين في البوسنة يمثلون بحق أندلس الغرب، لأنهم يرتقون سلم الحضارة الإنسانية دون تعثر. ولا يخفى عليكم ما يمكن أن تخلفه فترة الحرب والدمار التي عاشتها البوسنة والهرسك، إذ أدت إلى تدمير كثير من المساجد، وكانت هناك محاولات شديدة لطمس الهوية الإسلامية وتشريد وتغريب المسلمين، ولكن الحق جل وعلا حفظنا وأراد لنا البقاء، وأوضاعنا الحالية تبشر بالخير، فالحمد لله لدينا صحوة إسلامية مميزة، وبفضل الله جل وعلا، ثم بمعاونة أهل الخير من ذوي الأيادي البيضاء من المحسنين تم بناء كثير من المساجد وارتفعت المآذن مرة أخرى بعد هدمها ليصدح فوقها صوت الأذان عاليًا خفاقًا، وليس معنى ذلك أننا لا نعيش في تحدٍ لما يروج له البعض من الإسلاموفوبيا والأفكار التي تدعو إلى كراهية الإسلام ووصفه بأنه دين الحرب وسفك الدماء.. هذا بالنسبة للوضع الديني.
أما فيما يخص المستوى المعيشي للفرد فـ 25% من السكان لا يجدون ثمن الوجبات الرئيسية اليومية، وفيما يتعلق بالدعوة، فلدينا ما يسمى بالنهج الإبراهيمي، وهو أن نتخذ من سيدنا إبراهيم أسوة وقدوة عندما كان يدعو أباه للإسلام ويصبر عليه في دعوته. هل كان للعمل الخيري الكويتي أثر في تغيير هذه الأوضاع المادية المتردية للمسلمين في البوسنة؟ هذا الأثر يحتاج إلى صفحات طويلة ليبسط عليها، لأن التاريخ الخيري للكويت في البوسنة طويل، يستعصي على الإحصاء، فقد كانت الكويت في طليعة الدول التي دعمت البوسنة وأرسلت الإغاثات في أحلك الأزمات، كما احتلت الكويت مجال السبق في هذا العمل المبارك، وحق لها أن تعتز وتفتخر بما قامت به من دعم للمسلمين في البوسنة. ونيابة عن مسلمي البوسنة والهرسك وعن المشيخة الإسلامية أتقدم بالشكر بالشكر الجزيل لدولة الكويت أميرًا وحكومة وشعبًا لدعمهم المتواصل للشعب البوسني، ونخص بالشكر وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المستشار راشد الحماد على حرصه الدائم على التواصل مع إخوانه في البوسنة والهرسك، وكذلك نشكر مؤسسة البابطين على حرصها على دعم البوسنة والهرسك، ولا أنسى أخواتنا من نساء الكويت اللائي حرصن على التواصل مع أخواتهن المسلمات في البوسنة، فلدينا جمعية خاصة بالنساء حظيت بدعم كبير من اللجان النسائية في الكويت. ماذا عن حجم إقبال غير المسلمين في أوروبا عامة والبوسنة خاصة على التعرف على شريعة الإسلام؟
نحن نركز على أن نكون أسوة حسنة لغير المسلمين في شتى المعاملات، وعندما نتعامل معهم وفق مبادئ الإسلام فلا شك في أن ذلك يكون عملًا دعويًّا بطريقة غير مباشرة، فهو طرق للأبواب قبل الولوج إلى الداخل، والحمد لله المسلمون في البوسنة 51% من السكان. وكذلك نسعى إلى توضيح الإسلام للغرب بصورة علمية حديثة، بما يتواكب مع عصر التكنولوجيا الذي نعيشه الآن، ونعمل على تطوير الوسائل العلمية التي تعرف بالإسلام، وبالنسبة لتقبل غير المسلمين للإسلام في الدول الغربية، فالحمد لله هناك زيادة مطردة في نسبة دخول الناس إلي الإسلام، وذلك يبعث القلق والخوف في قلوب أعداء الإسلام، لأنهم يخشون أن تسيطر الهوية الإسلامية عليهم.
سيريتش في سطور
درس مصطفى سيريتش في المدرسة الثانوية في سرايفو، ثم سافر إلى القاهرة للدراسة في جامعة الأزهر الشريف، في الفترة من 1974 وحتى عام 1978، وحصل على درجة الليسانس في اللغة العربية (شعبة عامة)، وبعد العودة إلى بلاده عمل إمامًا وخطيبًا ثلاث سنوات سافر بعدها إلى شيكاغو لاستكمال الدراسات العليا. حصل سيريتش على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية من إحدى جامعات شيكاغو، ثم عاد مرة أخرى إلى البوسنة عام 1986 ومكث فيها أربع سنوات، ثم سافر إلى كوالالمبور، وعمل هناك مدرسًا بالجامعة الإسلامية لمدة عامين، وفي عام 1993 اختير لمنصب المفتي العام للبوسنة والهرسك، وكان وقتها خارج البلاد، وهذا المسمى في البوسنة والهرسك يطلق عليه لقب "رئيس العلماء".
...
مفتي البوسنة والهرسك يؤكد دعم طلب فلسطين في مجلس الأمن
سراييفو – "وفا": أطلع وزير الخارجية والمبعوث الشخصي للرئيس محمود عباس، رياض المالكي، أمس، رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك الشيخ مصطفى تسيريتش، على آخر المستجدات بشأن النشاطات الدولية لدعم طلب فلسطين بالحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وأعرب وزير الخارجية، عقب استقباله والوفد المرافق له من قبل الشيخ تسيريتش في العاصمة سراييفو، عن شكر وامتنان القيادة والشعب الفلسطيني وتقديرهم لمواقف المشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك، وعلى رأسها الشيخ تسيريتش، على موقفها الأخوي المؤيد بقوة لحق دولة فلسطين بالعضوية الكاملة بالأمم المتحدة.
من جانبه، قال المفتي العام للبوسنة والهرسك، إن رئاسة المشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك، التي تضم أيضاً المشيخات الإسلامية في كرواتيا وسلوفينيا وصربيا- السنجق، أصدرت عقب جلستها الثالثة الدورية الثالثة التي انعقدت في الثالث عشر من الشهر الجاري قراراً بالإجماع يقضي بتوجيه خطاب لرئاسة دولة البوسنة والهرسك تطلب فيه أن تعطي الدولة صوتها لصالح طلب فلسطين العادل بالحصول على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة.
وأضاف الشيخ تسيرتيش: كما أن رئاسة المشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك ترى أنه لا يمكن لأي شخص عاقل وشعب واع ودولة مسؤولة وعضو في الأمم المتحدة أن ترفض طلب الفلسطينيين العادل ليصبحوا عضواً كامل العضوية وعنصراً متساوي الحقوق للمشاركة في تحقيق الأمن والسلام بالعالم، وأن التصويت لصالح فلسطين في الأمم المتحدة هو أفضل ضمان للسلام في المنطقة بما في ذلك سلام إسرائيل وأمنها.
وأكد أن المشيخة في البوسنة والهرسك تدعم بقوة موقف عضو مجلس رئاسة البوسنة والهرسك عزت بيغوفيتش، في تأييد طلب فلسطين بالحصول على العضوية الكاملة بالأم المتحدة.
وقال المفتي العام موجهاً حديثه لوزير الخارجية المالكي: 'نتوقع أن يكون العضوان الآخران في مجلس رئاسة البوسنة والهرسك، جيلكو كومشيتش، ونيبويشا رادمانوفيتش، على مستوى المسؤولية التاريخية عن السلام والأمن في العالم وخاصة في الشرق الأوسط والبلقان، وأن يؤيدا طلب فلسطين بالعضوية الكاملة بالأمم المتحدة، لأن ذلك هو لتصرف الأخلاقي الوحيد، وهو تاريخياً الطريق الممكن الوحيد للتوصل إلى حل دائم وعادل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي يثقل كاهل العالم لعقود طويلة، وإن البديل عن ذلك صراعات جديدة وحروب جديدة وسفك جديد للدماء في الأراضي المقدسة'.
...........................................................
...........................................................
لقاء مع مفتي وسط البوسنةالشيخ نصرت عبده بيجوفيتش
أكد مفتي وسط البوسنة الشيخ نصرت عبده بيجوفيتش أن المسلمين في البوسنة والهرسك يعانون من اضطهاد في توليهم مناصب سياسية في بلادهم، فنسبة مشاركتهم في العملية السياسية أقل من غيرهم، مطالباً المجتمع الدولي بضرورة تحديد نسبة مشاركة سياسية لهم في جميع المجالات. مؤكداً أن هناك مواطنين من البوسنة لا يجدون أي أمل في العودة لبلادهم، فالأمن ليس على المستوى المطلوب. وأشاد بيجوفيتش، في حوار مع «الراي»، بالمساعدات الكويتية، مشيراً الى أن صلات حكومة بلاده مع الكويت قوية. وهذا ما دار معه من حوار في العاصمة المصرية قبل أيام قليلة:
• ما علاقة البوسنة مع دولة الكويت خصوصا أن هناك دعاة ونشرات ترسلهما وزارة الأوقاف الكويتية لكل المسلمين في أنحاء العالم؟
- شعب الكويت ساعد كثيراً البوسنة والهرسك، ولنا هناك سفارة، وتربطنا علاقات قوية، وأنا أشكر شعب الكويت والحكومة الكويتية على ما قدماه من مساعدة الى البوسنة.
• ما حال مسلمي البوسنة الآن خصوصا بعد تزايد وتيرة اضطهاد المسلمين في العالم؟
- في الحقيقة نحن نشكر كل مسلمي العالم والعرب الذين ساندونا في حربنا مع الصرب والكروات من 1992 حتى 1995. والآن في البوسنة والهرسك نشعر بأن الحرب بالسلاح قد انتهت لكن انتقلنا الى الحرب الاقتصادية والاعلامية، والى حالة من التخطيط ضد الاسلام والمسلمين في العالم كله، وليس فقط في البوسنة بل على جميع المسلمين حتى لا يعيشوا في سلام واطمئنان كما هي حالة الناس في العالم. فالمسلمون الآن غرباء في العالم، ونحن كمسلمين في البوسنة والهرسك فاننا نهتم بالسلام.
• ما عدد المسلمين الآن في البوسنة والهرسك وخصوصا بعد الحرب الشعواء التي شنت عليهم وما المشكلات التي تواجههم اليوم؟
- يبلغ عدد المسلمين في البوسنة والهرسك 2 مليون مسلم من اجمالي 4 ملايين، وقد بدأنا بعد انتهاء الحرب ترتيب أمورنا ومنها الأمور النظامية والثقافية والدينية، ونحن نشعر الآن بحرية كاملة مع أن هناك أوضاعاً غير سليمة، حيث تنتشر دعاوى مغلوطة عن أن الاسلام دين ارهابي، كما أن مشكلة الاقتصاد في البوسنة صعبة للغاية، واقتصاد البوسنة بالنسبة لأوروبا تحت الصفر، لأن البوسنة دولة أوروبية. وفيما يخص نشاطنا الاسلامي فقد بدأنا في ترتيب الأمور بقيادة عالم كبير وهو رئيس العلماء بالبوسنة وقد وضع مع 8 من المفتين تخطيطاً للوضع الديني للبوسنة، وقمنا بفتح المدارس الدينية، وأدخلنا مادة الدين في المدارس الحكومية. وأنا كمفتي وسط البوسنة أشرف على 120 اماماً، و70 معلماً بالمدرسة الحكومية الذين يعلمون الدين.
• بما أنكم تبلغون نصف عدد سكان البلاد فهل هناك مساواة في ميزان القوى والمشاركة السياسية بينكم وغير المسلمين في البوسنة والهرسك؟
- تلك هي المشكلة، فالمسلمون يشعرون أن لهم نسبة أقل في المشاركة السياسية مما يستحقون، وهذا وضع غير طبيعي لأن عدد المسلمين يحتم أن تكون لديهم مشاركة في البرلمان، وأيضاً في الحكومة لكننا نجد غير المسلمين يميلون الى الصرب والكروات، ويريدون أن يستغلوا الفرصة حتى يكون هناك ضغط على البوسنة كما هو على المسلمين في السودان والعراق وغيرهما من الدول التي تعاني من الضغوطات الغربية.
• في الصيف الماضي سقط ردوفان كرادزتشي وقال رئيس الوزراء انه بسقوط كرادزتشي يسقط مشروعه في التطهير العرقي وهيمنة الصرب على البوسنة، فهل حدث هذا على الواقع بالفعل وماذا عن مدى عودة اللاجئين المسلمين الى البوسنة؟
- أقول ان المسلمين المهاجرين الذين يعودون للبلاد التي يشرف عليها الصرب والكروات ليسوا مطمئنين وليسوا في سلام، وفي عيد الأضحى المبارك الأخير تم حرق مسجد في جنوب البوسنة والهرسك، ويسمى «جاسكوا»، وأيضاً صدر حكم في بنيالوك يلزم الصرب بدفع أكثر من ستين مليون دينار بوسني وذلك لحرق 16 مسجداً في بنيالوك، وهي المدينة التي لم تكن فيها حرب، معنى ذلك أن هذا التخطيط لا يزال موجوداً ولم يسقط. أما عن نسبة عودة البوسنيين الى ديارهم فهي نسبة قليلة وصعبة لأن هناك مواطنين من البوسنة لا يجدون أي أمل في العودة فالاقتصاد صعب، وكذلك الأمن ليس على المستوى الذي يريدونه.
• الشيخ مصطفى سيرتش قال ان هناك من الأوروبيين والمجتمع الدولي من يحمي مشروع تقسيم البوسنة ويحاول الحفاظ على المكاسب التي حققها سلوبيدان ميلوفيتش مثل اتفاق «ديكون» فكيف ترون ذلك؟
- أنا أصدق ما يقوله الدكتور سيرتش، لأن أوروبا لا تسمح بوجود دولة في أوروبا غالبيتها من السكان المسلمين لذلك أجازوا تخطيط «كرادزتش» و«ميلوفيتش» أن يجعلوا المسلمين من دون سلاح، مع أن الجيش اليوغسلافي السابق كان في المرتبة الرابعة في أوروبا.
• لقد تعالت في أوروبا النبرة الاضطهادية للاسلام في الغرب وأنتم تعيشون ذلك بشكل واقعي... فكيف تجدون تلك النبرة لديكم الآن؟
- الغرب يعيش ويتحرك في الدنيا كما يلعب الأطفال بألعابهم الخاصة، فكل عشرة أعوام يجد الغرب هدفاً خاصاً به، وكانت الشيوعية في وقت ما هدفا للعداء الغربي، والآن هناك مشكلة اقتصادية صنعوها، وقد وجد الغرب أن المشكلة الآن في القرن الحادي والعشرين هو الاسلام، لكن ورغم كل ما يفعلون نرى أن الاسلام منتشر في العالم كله، شاء الغرب أو لم يشأ لأنه دين عالمي ودين حياة.
• في العام الماضي ظهرت مشكلة تهجير العرب الذين شاركوا في تحرير البوسنة وكونوا عائلات هناك لكن الحكومة أصرت على أخذهم من عائلاتهم في البوسنة وتهجيرهم، فما مصير هؤلاء العرب الآن وكيف تم حل المشكلة؟
- نحن كنا مستائين لذلك، لأن الحكومة في البوسنة ارتبطت بما قالته أميركا في أن ترسل هؤلاء العرب الى غوانتانامو، لكن البوسنة هي الدولة الوحيدة التي قبلت هؤلاء الثلاثة الذين خرجوا من غوانتانامو والآن هم يسكنون البوسنة، والحكومة أصدرت الآن بيانا تقول فيه انها أخطأت وأنها ستحمي هؤلاء وسيدفع لهم ما تقره حقوق الانسان، ونحن آسفون لذلك. فشعب البوسنة يعرف قيمة اخواننا العرب الذين جاءوا الى بلادنا ليدافعوا عنا، لكن ليس لنا، كشعب في البوسنة ذنب، فيما حدث كان تصرفا من الحكومة وحزب «الألدبي» هم شيوعيون ونكلوا بهؤلاء العرب في مخالفة لحقوق الانسان.
• هل هناك تواجد قوي للمنظمات الاسلامية والعالمية في البوسنة للحفاظ على المكاسب التي تحققت؟
- لنا في البوسنة تنظيم ديني على مستوى الدولة وهو يماثل وزارة الأوقاف في البلاد الاسلامية، ولنا جمعية اسلامية في البوسنة وعلى رأسها الدكتور مصطفى أفندي سيرتش ومعه ثمانية مفتين مساعدين. ونحن كجمعية اسلامية تمويلنا يعتمد على المسلمين الذين يدفعون شهرياً لتسجيلهم كأعضاء في الجمعية الاسلامية، وهناك تبرع شهري وسنوي ومن هذه الأموال تؤخذ رواتب الأئمة.
• هناك الكثير من المرجعيات الدينية التي أطلقت تحذيرات من المنظمات التنصيرية التي تعمل في البوسنة، وأنها تمثل خطراً فما مدى خطورة ذلك الأمر؟
- أنا لست خائفاً من ذلك الأمر، لأن الله سبحانه وتعالى يحفظ الدين، وأيضاً الناس في البوسنة متمسكون بدينهم ودولتهم، وكان من الأسهل على المسلمين أيام الحرب والابادة أن يتنصروا من أن يدافعوا عن دينهم، ودولتهم بدمائهم لكنهم حفظوا دينهم وأموالهم، وهذه اشارة الى أن التخطيط للتنصير لن ينجح في البوسنة بالنسبة للمسلمين.
.....................
..................
لقاء مع مفتي مدينة موستار المفتي سعيد سمايكيتش
تعرضت موستار البوسنية ( 120 كيلومتر شرق سراييفو ) لعدوان صربي كرواتي مزدوج أثناء الحرب ( 1992 / 1995 م) ولا سيما في الفترة ما بين 1992 و1993. حيث عمل الصرب على إجلاء السكان المسلمين منها، لإقامة مشروع صربيا الكبرى. ثم تولى الكروات هذه المهمة سنة 1993 م لجعل موستار عاصمة لدولة " هرسك بوسنة " التي عملوا على إقامتها أثناء الحرب، ولا يزال البعض منهم يحلم بإقتطاعها من البوسنة حتى الآن. وبعد الحرب، لم تتوقف الاستفزازات الكرواتية، المتمثلة في إطلاق النار على عدد من المساجد، وكتابة شعارات معادية للمسلمين على جدرانها، ومنع إقامة مركز اسلامي في الشق الغربي من المدينة، وهدم مسجد في ليفنو. وفي المقابل أقاموا كنيسة ضخمة في الجانب الشرقي من المدينة والذي يسيطر عليه المسلمون، دون أخذ إذن قانوني بذلك، وأقاموا صليبا ضخما على مشارف موستار في محاولة لتغيير معالم المدينة وإعطائها هوية نصرانية. حول هذه القضايا وغيرها زار " المسلم " موستار للقاء المفتي سعيد سمايكيتش.
** ما هي صورة الوضع في موستار بعد 15 عاما على انتهاء الحرب، المدينة، والعلاقة مع الكروات؟
موستار من الناحية مدينة واحدة، ولكنها في الواقع، مقسمة مع الأسف الشديد، فهي لا تزال تحمل اسمين، موستار الشرقية والتي يقطنها المسلمون، وموستار الغربية التي يهيمن عليها الكروات. حتى المؤسسات الرسمية مقسمة، المدارس مقسمة، هناك مدارس رسمية وكليات تحت سيطرة الكروات، ونادرا ما تجد غير الكروات بهذه المؤسسات التي أعطيت لها صبغة كرواتية من الناحية الإثنية، وصبغة كاثوليكية من الناحية الدينية، ولذلك يلجأ الكثير من المسلمين المقيمين في ممتلكاتهم بالجزء الغربي لارسال أبنائهم للدراسة عندنا في الجانب الشرقي. وعندما نتحدث عن التقسيم، فإننا نتحدث عن تقسيم شامل وكلي، بما في ذلك الكهرباء، والأنشطة الثقافية كالمسرح.
** أي أن ما قاله رئيس وزراء صرب البوسنة ميلوراد دوديك، من أن كروات البوسنة بنوا لهم كيان خاص صحيح تماما ؟
الكروات لم يتوقفوا عن المطالبة بكيان خاص على غرار صرب البوسنة، وفي الحملة الانتخابية الأخيرة ( جرت الانتخابات يوم 3 أكتوبر 2010 م ) أعلنوا أنهم يريدون كيان خاص بهم في البوسنة، تكون موستار عاصمة له.
** هل حصلت مناوشات أو احتكاكات بين المسلمين والكروات في المدة الأخيرة؟
لا توجد حوادث عنف ولا مناوشات بين الطرفين، ولكن هناك حرب باردة يخوضها الكروات ضد المسلمين، من خلال الممارسات السياسية، والخطاب الاعلامي، الذي لم يتغير منذ 1993 م حتى إنك عندما تستمع لإذاعة، هرسك بوسنة، تتخيل أن الحرب قامت، أو بالأحرى لا تزال قائمة، وعلى كل حال، هم يعتقدون ذلك، ومستمرون في الاستفزاز.
** هل هناك مخاوف من تجدد الصدام مع الكروات؟
نحن نأمل أن لا يصل الوضع إلى هذا الحد، وهناك استفزازات كثيرة، ومتواصلة، وربما هناك محاولات للدفع باتجاه التصعيد، ولكننا ننتهج أسلوب الحكمة وتجاوز الإساءة.
** لو تحدثونا بالضبط عما حدث في ليفنو؟
مسجد ليفنو الذي جرفه الكروات في المدة الأخيرة، كان تحت الانشاء، وهو في الأصل بيت بدأ صاحبه في تشييده، ثم تبرع به للمشيخة الاسلامية وجعله وقفا في سبيل الله، وقد عقدنا العزم على تحويل المنزل إلى مسجد، وهو ما رفضه رئيس البلدية الكرواتي، واستقوى بالشرطة لهدمه، وهذا ليس من حقه. فالبيت حصل على الترحيص، وكان بامكانه أن يقول لا يوجد ترخيص لتحويله إلى مسجد، ولكنه تجاوز صلاحيته واعتدى على ممتلكات الغير بدون موجب قانوني. وقد صدمتنا جريمة تجريف المنزل وكنا نعد العدة لاقامة صلاة التروايح فيه في رمضان الماضي. إن رئيس البلدية، والأشخاص الذين وقعوا على قائمة تطالب بعدم السماح بإقامة المسجد، يعبرون بصنيعهم المشين هذا عن كراهية للاسلام والمسلمين، وهم بذلك يخالفون قول المسيح عليه السلام، أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم. بل لم نر منهم تسامحا قط فضلا عن الحب والمباركة.
** ما هو إذن مصير مسجد ليفنو؟
نحن سنبني هذا المسجد، ورب ضارة نافعة، فقدر ألمنا بسبب العدوان الذي تعرض له المسجد، فإننا نبارك الشعور العارم بالانتماء الذي انتاب المسلمين عقب العدوان على المسجد، والجميع يقول، لقد كنا في غفلة، ونسينا بعد مرور 15 عاما على انتهاء الحرب، ولكن الآخرين يذكروننا مشكورين من حين إلى آخر بأننا لا زلنا تحت التهديد. وهناك تضامن واحتشاد كبير في جميع مناطق البوسنة، وأعرب الكثير منهم على الاستعداد لتقديم المساعدة المطلوبة من أجل تنفيذ مشروع المسجد في ليفنو
** ما موقف المبعوث الدولي فلانتينو انزكو، حيث قام رئيس العلماء بارسال رسالة احتجاج له على العدوان الذي تعرض له المسجد؟
كان يمكن أن يكون له موقف، لو حصل العكس، أي لو كان المسجد كنيسة. بل لهاج العالم وماج لو حصل العكس. وأمامنا قضية أخرى وهي المرأة المسلمة والأخت فاطمة أورليتش، والتي بنى الصرب فوقها كنيسة بدون موجب حق، ولم يقع إزالة هذه الكنيسة حتى اليوم، وإنما تم تجريف المسجد الذي بني فوق أرض وقف اسلامي. واسمح لي بأن أشيد بموقف رئيس العلماء الذي زارنا وذهبنا معا إلى ليفنو وصلينا التروايح مع السكان وشجعناهم على الصمود.
** أين وصل مشروع المركز الاسلامي في موستار؟
منذ 10 سنوات، ونحن ننتظر الترخيص من محافظ موستار ( كرواتي ) دون جدوى، قدمنا الطلب ولكنهم لم يردوا علينا لا سلبا ولا ايجابا. بل يتدخلون في شؤوننا بالقول لديكم 20 مسجدا في المدينة، ولم يلاحظوا أنهم يبنون كنائس في مناطق يعد الكروات فيها على أسابع اليدين، وقد بنوا كنيسة ضخمة في موستار الشرقية دون الحصول على ترخيص من رئيس البلدية المسلم، ولم يقم أحد بتجريفها.
** لو تصف لنا مشروع المركز الاسلامي؟
يقع المشروع على مساحة 5 آلاف متر مربع، ويتكون من مسجد يتسع لألفي مصل، وصالة محاضرات، ومطعم، ونادي انترنت، وصالة رياضية، وموقف للسيارات، ومحلات تجارية للوقف. أما تكلفته فتبلغ 5 ملايين يورو. ولا توجد أي موانع حقيقية لبناء المشروع، سوى كونه قضية سياسية وثقافية تتعلق بهوية موستار، فالكروات يريدون المدينة لهم فقط. وقيام مساجد ومراكز ومؤسسات اسلامية يقلل من مشروعهم الفاشي في موستار.
** كيف ترون الوضع الاجتماعي والاقتصادي في موستار؟
عدد سكان موستار 120 ألف نسمة، نصفهم من البوشناق المسلمين، والنصف الآخر من كروات البوسنة، وكان ما يزيد عن 15 ألف مسلم قد تركوا المدينة أثناء وبعد العدوان، وهم الآن في الدول الاسكندنافية، ودول أوروبية أخرى، وفي الولايات المتحدة، واستراليا وغيرها. وكبر أبناءهم هناك، ولن يستطيعوا التأقلم مجددا في موستار. لقد تكيفوا مع الأوضاع هناك. والكروات يأملون بأن يصبحوا أغلبية.
الوضع الاقتصادي صعب جدا، لا توجد مصانع تعمل، فقط دكاكين صغيرة للتجارة البسيطة، لا توجد استثمارات عربية ولا اسلامية في موستار، الشركات الكبيرة دمرت ولم يعاد بناؤها، وبعضها يقع تحت هيمنة الكروات حاليا كمصنع الطائرات، ومصنع الالمنيوم، ولا نزال نعاني من عدم العدالة فالصرب والكروات يحتفظون بما لديهم ويطالبون باقتسام ما لدينا، ولسان حالهم يقول، ما لنا هو لنا، وما عندكم نحن فيه شركاء. أما نسبة البطالة في موستار، فهي تصل إلى 60 في المائة.
** أثناء العدوان، تعرضت المساجد، والمدارس الاسلامية للقصف، والهدم والتفجير، كيف حالها اليوم؟
بحمد الله تمكنا من إعادة بناء 20 مسجدا تم هدمها وتدميرها أثناء العدوان، وتمكنا بعون الله من بناء مسجدين جديدين آخرين هدمهما الشيوعيون في خمسينات القرن الماضي. وعثرنا على أساسات 3 مساجد هدمها الشيوعيون أيضا، ونحن نحاول إعادة بنائها من جديد.
** وكيف هو حال المساجد من حيث حضور المؤمنين لأداء الشعائر؟
الحمد لله، المسلمون يستعيدون وعيهم بأهمية العقيدة والاسلام عموما في حياتهم، ونحن نلاحظ زيادة في الوعي بين صفوف المسلمين. هم يدركون بأن مستقبلهم يحتم عليهم أن يكونوا أكثر التزاما بالاسلام، لأنهم يحفظون وجودهم بحفظه ويتلاشون ويذوبون بدونه. الاسلام والالتزام بالشعائر يملئ الانسان ثقة في النفس وفي الشعب والامة وقبل ذلك عون الله وتوفيقه. ونستطيع القول بأن العدوان أعاد للكثير من المسلمين وعيهم، والجيل الجديد لديه إقبال كبيرعلى الالتزام بالاسلام عقائد، وعبادات، ومنهج حياة.
** توجد في موستار مدرسة اسلامية لو تحدثونا عنها؟
المدرسة الاسلامية نشطة والحمد لله، وهي ركيزة من ركائز الحفاظ على الهوية الاسلامية في موستار. وبها حاليا 200 طالب وطالبة. يمكنهم الالتحاق بالكليات العلمية الأخرى، كالطب، والهندسة، والاعلام، والاقتصاد، والحقوق، والزراعة وغير ذلك. كما يمكنهم مواصلة دراساتهم الاسلامية في مختلف صنوف التخصص الشرعي، سواء في البوسنة أو خارجها. ونحن نعمل على توسيع المدرسة لتتسع ل 400 طالب وطالبة، وهذا المشروع يحتاج للمساعدة، ولدينا مشاريع معمارية لا تزال قيد الانشاء لهذا الغرض.أما المبلغ المطلوب فهو 500 ألف يورو.
** كيف نختم هذا اللقاء؟
أريد القول بأننا نحتفل في هذه الأيام بالذكرى الخامسة عشر لاعادة نشاط المدرسة الذي توقف أثناء فترة الحكم الشيوعي للبوسنة وقد وجهنا دعوات لجهات اسلامية لحضور الذكرى. وأريد التعبير في الختام عن روح متفائلة رغم الظروف الصعبة، فقد عشنا العدوان وتمكنا بعون الله ثم بوسائل بسيطة من الصمود وحفظ وجودنا البيولوجي والروحي المتمثل في الاسلام، لقد دافعنا عن أنفسنا ومستعدون للتضحية من أجل ذلك مجددا وأنتم تعرفون ماذا جرى هنا. الناس وجدوا ذواتهم في الاسلام وهذه الشعلة يجب أن تبقى متقدة، وأن تستلم الأجيال المقبلة الشعلة وهي في أحسن حال. وذلك بمساعدة إخوانهم في ديار الاسلام.
.................................
....................................