البوسنة والهرسك

رد: البوسنة والهرسك

فتح البوسنة والهرسك


د. عبد العزيز بن راشد العبيدي



سيكون الحديث عن منطقة من مناطق العالم الإسلامي تواجه أعظم هجمة صليبية في العصر الحديث، حيث يُقضى على المسلمين بالقتل والأسر والتهجير، وحيث يموت الآلاف بأيدي الصليبيين، أو نتيجة الجوع والعطش والمرض، حيث هم محاصرون منذ سنوات.

إنها منطقة البوسنة والهرسك، نعود إليها عبر سنين مضت لنعرف كيف وصلها الإسلام وانتشر فيها، وكيف انتصر المسلمون على النصارى الصرب في ذلك الوقت، وضموها إلى بلادهم.

في ذلك التاريخ كانت الدولة العثمانية في أوج قوتها وازدهارها حينما اكتسحت أوربا الشرقية، فتهاوت مدنها ودولها تحت ضربات الجيش العثماني المسلم، ووصلت طلائع هذا الجيش إلى مدينة فيينا لتحاصرها فترة من الزمن، ويتسابق ملوك أوربا بإعلان الولاء والانقياد للسلاطين العثمانيين، في ذلك التاريخ كان همُّ هؤلاء السلاطين الجهاد في سبيل الله، ونشر كلمة التوحيد في كل مكان.

لنتوقف قليلاً في عهد السلطان مراد الأول بن السلطان أورخان الغازي، فقد كان من السلاطين العظام الذين جاهدوا في سبيل الله، ففتحوا المناطق الواسعة من أوربا.

ولد هذا السلطان سنة ست وعشرين وسبعمائة للهجرة (726هـ)، ونشأ على كريم الأخلاق، ولما شبَّ اشترك مع والده في جهاد اليونان، فأظهر بسالة لا توصف، وإقدامًا لفت الأنظار، وبعد وفاة والده تولى الحكم سنة إحدى وستين وسبعمائة هجرية (761هـ)، فقضى كل سِنِي حكمه في جهاد مستمر.

كانت أول أعماله الجهادية فتح مدينة (أدرنة) فجعلها عاصمة لدولته، وظلت كذلك حتى فتحت القسطنطينية، ثم ساق جيشه نحو البلقان فتبوءوا مدنها وافتتحوا حصونها، وأبرم معاهدة مع ملك اليونان، بيد أن هذه المعاهدة لم تستمر طويلاً، حيث نقضها اليونان، وهكذا استطاع السلطان مراد الأول أن يستولي على جزء كبير من أوربا الشرقية، وأن يحيط بالقسطنطينية من جميع الجهات.

وهنا اضطرب ملوك أوربا النصارى وارتعدت فرائصهم، وأدركوا عظيم الخطر الذي تشكله هذه الدولة المسلمة الفتية، فطلبوا من البابا (أوربانوس) الخامس أن يأمر جميع الدول النصرانية أن تتحد للوقوف في وجه المسلمين، وإخراجهم من أوربا قبل أن يجتازوا حدود البلقان، وحينئذٍ لا يستطيع أحد الوقوف في وجههم، فيكتسحوا أوربا كلَّها.

ولبَّى البابا استغاثتهم وكتب لجميع ملوك أوربا النصارى يأمرهم بالتأهُّب لمحاربة المسلمين، وأن يشنوا حربًا دينية للحفاظ على النصرانية في وجه الإسلام، ولم ينتظر الملك أوروك الخامس ملك الصرب وصول الإمدادات من أوربا، بل استعان بالدول القريبة منه وكوَّن جيشًا جرارًا من اليونان والصرب والمجر والرومان، وسار بهم إلى عاصمة العثمانيين أدرنة فحاصرها، وكان السلطان مراد خارجها فعاد مسرعًا بجيشه، وهاجم النصارى بغتة، حيث فوجئوا بالتهليل والتكبير وسيوف المسلمين تعلوهم، فلم يلبثوا إلا قليلاً حتى ولوا الأدبار تاركين الثرى مخصبًا بدمائهم، وهكذا فشلت محاولة الصرب هذه ضد المسلمين.

وكان من نتيجة هذه المعركة أن تسابق حكام البلقان لإعلان الولاء للمسلمين، ودفع الجزية لهم.

وفي سنة إحدى وثمانين وسبعمائة (781هـ) تحالف ملك الصرب الجديد (لازارجر بلينانوفتش) مع ملك البلغار على مهاجمة المسلمين، لكنهما بعد عدة مناوشات تحققا من عجزهما عن هزيمة العساكر الإسلامية، فأبرما صلحًا مع السلطان مراد، على أن يدفعا له خراجًا سنويًّا.

ولم يستمر هذا الصلح طويلاً فقد نقضه النصارى، وبدءوا يُعِدُّون العُدَّة لمحاربة المسلمين، إلا أن العثمانيين لم يمهلوهم، فاجتاحت جيوشهم بلاد البلغار، وهزمت ملكها واحتل مدنها، وانتهى الأمر بأسر ملك البلغار.

ولما علم ملك الصرب لازار بذلك، بدأ يستعد لمواجهة المسلمين فألَّف جيشًا من الصرب والبوسنة والهرسك والألبان والأفلاق والبُغدان، وتعاهد الجميع على محاربة المسلمين والاستيلاء على الدولة العثمانية، وبلغ الخبر مسامع السلطان مراد، فألف مجلسًا للشورى والنظر في الأمر، لكن ولده بايزيد هتف قائلاً في المجلس: "الحرب الحرب، والقتال القتال"، فأبطل كل مشورة.

ودقت طبول الحرب وسار الجيش الإسلامي إلى الأعداء، فالتقاهم في سهل (قوص أوه) سنة إحدى وتسعين وسبعمائة (791هـ)، ونشب القتال بين الجانبين، ووثب المسلمون على النصارى والتحموا معهم في القتال التحامًا لم يعد يُرى معه إلا جماجم طائرة وفرسان غائرة، ودويّ سلاح يدك الجبال الشامخة، وبقيت الحرب بينهما سجالاً مدة من الزمن، دافع الصليبيون الصرب خلالها دفاعًا مستميتًا، وتناثرت الرءوس، وأزهقت النفوس، وفي أثناء المعركة انحاز صهر ملك الصرب بفرقته إلى المسلمين، ودارت الدائرة على الصربيين، وجرح ملكهم لازار، ثم وقع أسيرًا في يد المسلمين، وانتصر المسلمون على الصربيين، وكانت من المعارك الحاسمة في تاريخ أوربا الشرقية، وظلَّ ذكرها شهيرًا في أوربا بأسرها، وزال استقلال الصرب وخضعت كل بلادها للمسلمين، كما فقدت البلغار استقلالها من قبل.

وبعد المعركة أخذ السلطان مراد يتمشى بين الجثث وينظر إليها بعين الاندهاش، إذ قام من بينها جندي صربي اسمه (ميلوك كوبلوفتش)، فطعن السلطان بخنجر طعنة قاضية، وسقط -رحمه الله- ليسلم الروح بعد قليل.

وهكذا شهد سهل كوسوفو بولجي معركة (قوص أوه) الحاسمة بين المسلمين والصرب، وانتصر المسلمون انتصارًا عظيمًا، وأخذ الإسلام ينتشر في تلك البقاع حتى تحولت مناطق كاملة إلى الإسلام، كما هو الحال في البوسنة والهرسك وكوسوفو وغيرها.

وكما يشهد هذا السهل انتصار المسلمين، فقد شهد أيضًا غدر الصرب الذي ذهب ضحيته سلطان المسلمين مراد، فمات -رحمه الله- أوائل شهر رمضان من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة من الهجرة (791هـ)، وسجل التاريخ منذ ذلك الوقت -وإلى يومنا هذا- أن الصرب لا يلتزمون بعهد ولا ميثاق، ولا يعرفون في تعاملهم مع المسلمين إلا لغة القوة والبطش وسفك الدماء.

واليوم وكما غدر الصرب وأعوانهم بقائد المسلمين في تلك المعركة، يغدرون بالمسلمين جميعًا في البوسنة والهرسك، فيقتلون ويأسرون ويغتصبون، لا يردعهم خلق ولا دين، ولا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة، والعجب كل العجب أن يقف المسلمون جميعًا موقف المتفرج على هذا كله.
 
رد: البوسنة والهرسك

الآثار التاريخية في البلقان.. رمز للتواصل بين الناس والثقافات

http://defense-arab.com/الآثار_التاريخية_في_البلقان_رمز_للتواصل_بين_الناس_والثقافات_أخبار/طباعة
الآثار هي الجذور التي تربط الحاضر بالماضي، والماضي بالمستقبل، وهو ما يتجسد في مقولة «لا مستقبل لمن لا ماضي له» والماضي ليس تحفًا يحتفظ بها في زوايا المنازل وأفنية القصور، بل ثروة وكنوز لا تقدر بثمن؛ فإلى جانب قيمتها التاريخية والحضارية والثقافية، تمثل رافدًا اقتصاديًّا مهمًّا للكثير من الدول. وفي هذا الإطار تبرز السياحة الأثرية، كأحد عطاءات الماضي، واستلهام العِبَر واستخلاص الاستفادة من تجاربه. والماضي أو الآثار ليست كل ما هو مادي، بل كل ما سبق في مختلف المجالات المعرفية؛ إذ إن تاريخ الفلسفة على سبيل المثال، ليس سوى شروح لما قاله أرسطو قبل أكثر من 2400 سنة. وتتعدد الروائع الأثرية الإسلامية في البلقان، سواء فيما يتعلق بالمساجد التاريخية، أو قنوات ونوافير المياه أو الجسور أو الخانات ومحطات القوافل التي تجاوز عددها الخمسين في سراييفو بحلول سنة 1878، فعلى الطريق الفاصلة بين سراييفو ونوفي بازار عاصمة السنجق (ملحقة بصربيا حاليًا) ويعتبر خان موريتشا، أو موريتشا خان من الآثار التي تثير الحنين في نفوس زائريها من الأتراك وبقية المسلمين في العالم، والتي تحولت الآن إلى مطاعم ومقاهٍ وبازارات لبيع السجاد ومكاتب. وليس صدفة أن تتخذ جمعية الشباب المسلم -التي كان الرئيس المفكر علي عزت بيجوفيتش رحمه الله عضوًا بارزًا فيها- جانبًا من الخان مقرًّا لها، فللتاريخ إيحاءات وآمال واستشرافات، وليس ماضيًا وحسب. ويمثل الماء في الثقافة الإسلامية سر الوجود، وشرط بقائه "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ" (الأنبياء: 30). وقد اعتنت الثقافة الإسلامية بالماء، وورد في ذلك أحاديث نبوية كثيرة، منها ما يتعلق بالطهارة، ومنها ما يتعلق بالاقتصاد، ومنها ما يتعلق بالدور المحوري للماء في التاريخ؛ كقصة موسى وفرعون، وقصة طالوت، وقصة هاجر عليها السلام وزمزم، وغير ذلك من القصص التي مثَّل الماء دورًا مهمًّا فيها. وقال الباحث محمد تشايلاكوفيتش: إن الاهتمام الذي كان يوليه المسلمون والتفنن في ذلك، نابعٌ من حرص الإسلام على النظافة، الوضوء والغسل من الجنابة، وغسل الجمعة، ودعوة من يحمل رائحة تؤذي المصلين بعدم دخول المساجد. فالمسجد هو الصورة المثالية لما يجب أن يكون عليه المسلم في الحياة العامة؛ إذ إن حياة المسلم بكل تفاصيلها من الفراش إلى المختبر عبادة، أو هكذا ينبغي أن تكون. ويمثِّل الماء أحد الرموز الدينية البارزة، وللماء ثلاث وظائف غالبًا ما تتداخل فيما بينها، الوظيفة النفعية والجمالية والرمزية. والجميع يعرف أن مدنًا إسلامية في البلقان مثل سراييفو توفرت فيها شبكة للتزود بالمياه، وقد سبقت في هذا المضمار كبرى المدن الأوربية، وفي ذلك عبرة لمن يعتبر. ويؤكد المهندس كمال زكي في حديثه مع «الشرق الأوسط» على أن «الحمامات العمومية التي لم يكن لها مثيل في الغرب، والذي نسج على منوالها في العصر الحديث بما يسمى «السونا»، كانت تعبر عن مدى أهمية الطهارة والنظافة في الإسلام، وذلك من خلال بنائها المحكم وحجمها وجماليتها. وقد بني أول حمام عمومي في سراييفو عام 1462م، وبلغ عديد تلك الحمامات 7 في أواخر القرن السادس عشر. وشيد حمام «دوت باشا» في سكوبيا عام 1489م، ويتميز بقبتين كبيرتين و11 قبة صغيرة، وبذلك يعتبر من أكبر الحمامات في منطقة البلقان». و«شيد حمام الغازي خسرف بك عام بين (1556- 1573م). وهذه الحمامات منقسمة كما هو معروف إلى قسم للرجال وآخر للنساء؛ ولذلك علاقة بفلسفة الأخلاق في الإسلام. وهناك حمامات مماثلة في مدن أخرى بالبلقان مثل بيتولي، وديبار وأهريد (مقدونيا) وبرليب، وستروكا، وتيتوفو وكوسوفو ونوفي بازار وبريشتينا وبريزرن وتتيتو جراد، وفوشترن وغيرها. كما يتجلى حسن استغلال المياه في النافورات العمومية التي تجمع بين الأبعاد الرمزية والجمالية والعلمية، وأجمل هذه الإبداعات هي التي توجد في ساحات المساجد، مثل نافورات مسجد محمد كوسكي باشا، ومسجد هرتدوس باي، ومسجد سنان باي في كاينينيش، ومسجد سلطان اسمي في بايتشا، ومسجد مصطفى باشا في سكوبيا، ومسجد الغازي خسرف بك في سراييفو، ومسجد ألاجا في فوتشا». وتعتبر النافورات من ميزات الكثير من المدن الإسلامية عبر العالم، ولا سيما في البلقان. ومياهها صالحة للشرب فضلاً عن الوضوء والاستحمام. «وكان في بلجراد أكثر من 600 نافورة عمومية تم تدميرها جميعًا، في حقد أعمى منقطع النظير. وفي البوسنة صممت المدن بحيث تدمج الأنهار التي تقع عليها بشكل متناغم مع مجالها الحضاري. وتعدّ الجسور من المآثر الكبرى للتاريخ الإسلامي في البلقان، فهي ترمز للتواصل وتجسير العلاقات بين الناس والأماكن والثقافات. ويذكر كمال زكي أنه «في 1566 بدأ المهندس فجر الدين في بناء أروع الجسور على نهر نيرتفا (موستار)، وهو يشبه هلال يحتضن النهر في حنو ولطف كبيرين، ومن خلاله تبدو مئذنة وجامع، إذا نظرت إليهما من تحت الجسر تبدو لك المياه وكأنها زجاج، والجسر عدسة كاميرا تصوير مصوبة نحو المسجد والمئذنة. وفي سنة 1571 شرع الصدر الأعظم محمد باشا سوكولوفيتش ببناء جسر على نهر درينا، وقد استدعى لتلك المهمة أحد أمهر المهندسين الذين تركوا بصماتهم واضحة على تاريخ المعمار والآثار الخالدة في البلقان، وهو المهندس المعروف بـ«سنان». وبعد 6 سنوات تمكّن المهندس العبقري من التغلب على كافة الصعوبات التي اعترضت طريق تشييد تحفته الفنية، وأتم بناء الجسر الذي يبلغ طوله 180 مترًا، وعرضه 7 أمتار، ويرتكز على 10 قواعد و11 قوسًا». وتزخر ربوع البلقان بهذه الروائع التي تعكس شغف الثقافة الإسلامية بالماء، مثل جسر زيبا، وجسر كوزيا نوبوريا، وجسر تشابلينا، وجسر شيهان، وجسر بلاجوي، وجسور نهر ميليتسكا في سراييفو، ويزيد عددها على 12 جسرًا. وفي المجال العلمي سبق إنشاء مدرسة الغازي خسرف بك 1537م، جامعات هارفارد، وأكسفورد، والسوربون، والتي كانت معاهد ثانوية قبل أن تتحول إلى جامعات عريقة. وقد عرقل تحويل الغازي خسرف بك إلى جامعة إسلامية أوربية، شروط البعض وتعصبهم، وضيق أفق آخرين وانغلاقهم
 
رد: البوسنة والهرسك

عدة لقاءات مع مجموعة من أهل العلم في البوسنة والهرسك قد تجيب عن بعض تساؤلات الأخوة الأعضاء في المنتدى

..................................................​


لقاء مع مفتي البوسنة والهرسك الشيخ مصطفى سيريتش





أشاد مفتي البوسنة والهرسك مصطفى سيريتش بعمق العلاقات القوية التي تربط الكويت ببلاده، مؤكدًا أنها علاقة شعبين شقيقين، ومشيرًا إلى أن الدور الكويتي إبان ظروف الحرب القاسية التي مرت بها بلاده خير دليل على تميز هذه العلاقات التي تعد مثالًا يحتذى بين الدول. وعن مدى انتشار الإسلام بين سكان البوسنة قال سيريتش إن 51% من سكان البوسنة مسلمون، وهم يمثلون بحق أندلس الغرب، لأنهم يرتقون سلم الحضارة الإنسانية، مؤكدًا أن المسلمين في البوسنة يعيشون في وضع جيد يغبطهم عليه الأعداء، ولا يتمنونه لهم، لأنهم في مرحلة نماء وتقدم، "أما الأصدقاء والإخوان المقربون فربما لا يرضون عن وضعنا، أو على الأقل يرونه غير كافٍ، لأنهم يتطلعون إلى صحوة أكبر، ونحن لا ندخر جهدًا للوصول إلى ذلك". كما ثمن سيريتش دور الكويت في نشر رسالة الإسلام وتكريسها كل الجهود الداعمة للعمل الخيري، وذلك من خلال وزارات الدولة والمؤسسات الدعوية الأخرى للعمل على توسيع دائرة التواصل وعولمة الدعوة والحرص على مواكبتها التقنيات الحديثة..
كل ذلك وغيره تفاصيله في هذا الحوار الذي خص به "البشرى". أوضاع المسلمين في البوسنة والهرسك شغلت العالم الإسلامي فترة طويلة، وتصدرت عناوين وسائل الإعلام المختلفة، ومع ندرة أخبارها في الفترة الأخيرة، فإنها مازالت في وجدان المسلمين، فماذا عن هذه الأوضاع الآن؟ الحمد لله أوضاعنا طيبة، فنحن في وضع يكره أعداؤنا أن نصل إليه، ويغبطوننا عليه، لكنه أقل مما يتمناه الأشقاء المسلمون لنا، إذ يتطلعون إلى أكثر من ذلك، وبعون الله نضاعف دعوتنا لنصل إلى هذه الدرجة المبتغاة من الصحوة، لكن تحول دون ذلك مجموعة من الحوائل أهمها التمويل، ومع ذلك فإننا يمكنا القول إن المسلمين في البوسنة يمثلون بحق أندلس الغرب، لأنهم يرتقون سلم الحضارة الإنسانية دون تعثر. ولا يخفى عليكم ما يمكن أن تخلفه فترة الحرب والدمار التي عاشتها البوسنة والهرسك، إذ أدت إلى تدمير كثير من المساجد، وكانت هناك محاولات شديدة لطمس الهوية الإسلامية وتشريد وتغريب المسلمين، ولكن الحق جل وعلا حفظنا وأراد لنا البقاء، وأوضاعنا الحالية تبشر بالخير، فالحمد لله لدينا صحوة إسلامية مميزة، وبفضل الله جل وعلا، ثم بمعاونة أهل الخير من ذوي الأيادي البيضاء من المحسنين تم بناء كثير من المساجد وارتفعت المآذن مرة أخرى بعد هدمها ليصدح فوقها صوت الأذان عاليًا خفاقًا، وليس معنى ذلك أننا لا نعيش في تحدٍ لما يروج له البعض من الإسلاموفوبيا والأفكار التي تدعو إلى كراهية الإسلام ووصفه بأنه دين الحرب وسفك الدماء.. هذا بالنسبة للوضع الديني.
أما فيما يخص المستوى المعيشي للفرد فـ 25% من السكان لا يجدون ثمن الوجبات الرئيسية اليومية، وفيما يتعلق بالدعوة، فلدينا ما يسمى بالنهج الإبراهيمي، وهو أن نتخذ من سيدنا إبراهيم أسوة وقدوة عندما كان يدعو أباه للإسلام ويصبر عليه في دعوته. هل كان للعمل الخيري الكويتي أثر في تغيير هذه الأوضاع المادية المتردية للمسلمين في البوسنة؟ هذا الأثر يحتاج إلى صفحات طويلة ليبسط عليها، لأن التاريخ الخيري للكويت في البوسنة طويل، يستعصي على الإحصاء، فقد كانت الكويت في طليعة الدول التي دعمت البوسنة وأرسلت الإغاثات في أحلك الأزمات، كما احتلت الكويت مجال السبق في هذا العمل المبارك، وحق لها أن تعتز وتفتخر بما قامت به من دعم للمسلمين في البوسنة. ونيابة عن مسلمي البوسنة والهرسك وعن المشيخة الإسلامية أتقدم بالشكر بالشكر الجزيل لدولة الكويت أميرًا وحكومة وشعبًا لدعمهم المتواصل للشعب البوسني، ونخص بالشكر وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المستشار راشد الحماد على حرصه الدائم على التواصل مع إخوانه في البوسنة والهرسك، وكذلك نشكر مؤسسة البابطين على حرصها على دعم البوسنة والهرسك، ولا أنسى أخواتنا من نساء الكويت اللائي حرصن على التواصل مع أخواتهن المسلمات في البوسنة، فلدينا جمعية خاصة بالنساء حظيت بدعم كبير من اللجان النسائية في الكويت. ماذا عن حجم إقبال غير المسلمين في أوروبا عامة والبوسنة خاصة على التعرف على شريعة الإسلام؟
نحن نركز على أن نكون أسوة حسنة لغير المسلمين في شتى المعاملات، وعندما نتعامل معهم وفق مبادئ الإسلام فلا شك في أن ذلك يكون عملًا دعويًّا بطريقة غير مباشرة، فهو طرق للأبواب قبل الولوج إلى الداخل، والحمد لله المسلمون في البوسنة 51% من السكان. وكذلك نسعى إلى توضيح الإسلام للغرب بصورة علمية حديثة، بما يتواكب مع عصر التكنولوجيا الذي نعيشه الآن، ونعمل على تطوير الوسائل العلمية التي تعرف بالإسلام، وبالنسبة لتقبل غير المسلمين للإسلام في الدول الغربية، فالحمد لله هناك زيادة مطردة في نسبة دخول الناس إلي الإسلام، وذلك يبعث القلق والخوف في قلوب أعداء الإسلام، لأنهم يخشون أن تسيطر الهوية الإسلامية عليهم.
سيريتش في سطور
درس مصطفى سيريتش في المدرسة الثانوية في سرايفو، ثم سافر إلى القاهرة للدراسة في جامعة الأزهر الشريف، في الفترة من 1974 وحتى عام 1978، وحصل على درجة الليسانس في اللغة العربية (شعبة عامة)، وبعد العودة إلى بلاده عمل إمامًا وخطيبًا ثلاث سنوات سافر بعدها إلى شيكاغو لاستكمال الدراسات العليا. حصل سيريتش على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية من إحدى جامعات شيكاغو، ثم عاد مرة أخرى إلى البوسنة عام 1986 ومكث فيها أربع سنوات، ثم سافر إلى كوالالمبور، وعمل هناك مدرسًا بالجامعة الإسلامية لمدة عامين، وفي عام 1993 اختير لمنصب المفتي العام للبوسنة والهرسك، وكان وقتها خارج البلاد، وهذا المسمى في البوسنة والهرسك يطلق عليه لقب "رئيس العلماء".

...​

مفتي البوسنة والهرسك يؤكد دعم طلب فلسطين في مجلس الأمن


سراييفو – "وفا": أطلع وزير الخارجية والمبعوث الشخصي للرئيس محمود عباس، رياض المالكي، أمس، رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك الشيخ مصطفى تسيريتش، على آخر المستجدات بشأن النشاطات الدولية لدعم طلب فلسطين بالحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وأعرب وزير الخارجية، عقب استقباله والوفد المرافق له من قبل الشيخ تسيريتش في العاصمة سراييفو، عن شكر وامتنان القيادة والشعب الفلسطيني وتقديرهم لمواقف المشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك، وعلى رأسها الشيخ تسيريتش، على موقفها الأخوي المؤيد بقوة لحق دولة فلسطين بالعضوية الكاملة بالأمم المتحدة.
من جانبه، قال المفتي العام للبوسنة والهرسك، إن رئاسة المشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك، التي تضم أيضاً المشيخات الإسلامية في كرواتيا وسلوفينيا وصربيا- السنجق، أصدرت عقب جلستها الثالثة الدورية الثالثة التي انعقدت في الثالث عشر من الشهر الجاري قراراً بالإجماع يقضي بتوجيه خطاب لرئاسة دولة البوسنة والهرسك تطلب فيه أن تعطي الدولة صوتها لصالح طلب فلسطين العادل بالحصول على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة.
وأضاف الشيخ تسيرتيش: كما أن رئاسة المشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك ترى أنه لا يمكن لأي شخص عاقل وشعب واع ودولة مسؤولة وعضو في الأمم المتحدة أن ترفض طلب الفلسطينيين العادل ليصبحوا عضواً كامل العضوية وعنصراً متساوي الحقوق للمشاركة في تحقيق الأمن والسلام بالعالم، وأن التصويت لصالح فلسطين في الأمم المتحدة هو أفضل ضمان للسلام في المنطقة بما في ذلك سلام إسرائيل وأمنها.
وأكد أن المشيخة في البوسنة والهرسك تدعم بقوة موقف عضو مجلس رئاسة البوسنة والهرسك عزت بيغوفيتش، في تأييد طلب فلسطين بالحصول على العضوية الكاملة بالأم المتحدة.
وقال المفتي العام موجهاً حديثه لوزير الخارجية المالكي: 'نتوقع أن يكون العضوان الآخران في مجلس رئاسة البوسنة والهرسك، جيلكو كومشيتش، ونيبويشا رادمانوفيتش، على مستوى المسؤولية التاريخية عن السلام والأمن في العالم وخاصة في الشرق الأوسط والبلقان، وأن يؤيدا طلب فلسطين بالعضوية الكاملة بالأمم المتحدة، لأن ذلك هو لتصرف الأخلاقي الوحيد، وهو تاريخياً الطريق الممكن الوحيد للتوصل إلى حل دائم وعادل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي يثقل كاهل العالم لعقود طويلة، وإن البديل عن ذلك صراعات جديدة وحروب جديدة وسفك جديد للدماء في الأراضي المقدسة'.

...........................................................
...........................................................​


لقاء مع مفتي وسط البوسنةالشيخ نصرت عبده بيجوفيتش




أكد مفتي وسط البوسنة الشيخ نصرت عبده بيجوفيتش أن المسلمين في البوسنة والهرسك يعانون من اضطهاد في توليهم مناصب سياسية في بلادهم، فنسبة مشاركتهم في العملية السياسية أقل من غيرهم، مطالباً المجتمع الدولي بضرورة تحديد نسبة مشاركة سياسية لهم في جميع المجالات. مؤكداً أن هناك مواطنين من البوسنة لا يجدون أي أمل في العودة لبلادهم، فالأمن ليس على المستوى المطلوب. وأشاد بيجوفيتش، في حوار مع «الراي»، بالمساعدات الكويتية، مشيراً الى أن صلات حكومة بلاده مع الكويت قوية. وهذا ما دار معه من حوار في العاصمة المصرية قبل أيام قليلة:
• ما علاقة البوسنة مع دولة الكويت خصوصا أن هناك دعاة ونشرات ترسلهما وزارة الأوقاف الكويتية لكل المسلمين في أنحاء العالم؟
- شعب الكويت ساعد كثيراً البوسنة والهرسك، ولنا هناك سفارة، وتربطنا علاقات قوية، وأنا أشكر شعب الكويت والحكومة الكويتية على ما قدماه من مساعدة الى البوسنة.
• ما حال مسلمي البوسنة الآن خصوصا بعد تزايد وتيرة اضطهاد المسلمين في العالم؟
- في الحقيقة نحن نشكر كل مسلمي العالم والعرب الذين ساندونا في حربنا مع الصرب والكروات من 1992 حتى 1995. والآن في البوسنة والهرسك نشعر بأن الحرب بالسلاح قد انتهت لكن انتقلنا الى الحرب الاقتصادية والاعلامية، والى حالة من التخطيط ضد الاسلام والمسلمين في العالم كله، وليس فقط في البوسنة بل على جميع المسلمين حتى لا يعيشوا في سلام واطمئنان كما هي حالة الناس في العالم. فالمسلمون الآن غرباء في العالم، ونحن كمسلمين في البوسنة والهرسك فاننا نهتم بالسلام.
• ما عدد المسلمين الآن في البوسنة والهرسك وخصوصا بعد الحرب الشعواء التي شنت عليهم وما المشكلات التي تواجههم اليوم؟
- يبلغ عدد المسلمين في البوسنة والهرسك 2 مليون مسلم من اجمالي 4 ملايين، وقد بدأنا بعد انتهاء الحرب ترتيب أمورنا ومنها الأمور النظامية والثقافية والدينية، ونحن نشعر الآن بحرية كاملة مع أن هناك أوضاعاً غير سليمة، حيث تنتشر دعاوى مغلوطة عن أن الاسلام دين ارهابي، كما أن مشكلة الاقتصاد في البوسنة صعبة للغاية، واقتصاد البوسنة بالنسبة لأوروبا تحت الصفر، لأن البوسنة دولة أوروبية. وفيما يخص نشاطنا الاسلامي فقد بدأنا في ترتيب الأمور بقيادة عالم كبير وهو رئيس العلماء بالبوسنة وقد وضع مع 8 من المفتين تخطيطاً للوضع الديني للبوسنة، وقمنا بفتح المدارس الدينية، وأدخلنا مادة الدين في المدارس الحكومية. وأنا كمفتي وسط البوسنة أشرف على 120 اماماً، و70 معلماً بالمدرسة الحكومية الذين يعلمون الدين.
• بما أنكم تبلغون نصف عدد سكان البلاد فهل هناك مساواة في ميزان القوى والمشاركة السياسية بينكم وغير المسلمين في البوسنة والهرسك؟
- تلك هي المشكلة، فالمسلمون يشعرون أن لهم نسبة أقل في المشاركة السياسية مما يستحقون، وهذا وضع غير طبيعي لأن عدد المسلمين يحتم أن تكون لديهم مشاركة في البرلمان، وأيضاً في الحكومة لكننا نجد غير المسلمين يميلون الى الصرب والكروات، ويريدون أن يستغلوا الفرصة حتى يكون هناك ضغط على البوسنة كما هو على المسلمين في السودان والعراق وغيرهما من الدول التي تعاني من الضغوطات الغربية.
• في الصيف الماضي سقط ردوفان كرادزتشي وقال رئيس الوزراء انه بسقوط كرادزتشي يسقط مشروعه في التطهير العرقي وهيمنة الصرب على البوسنة، فهل حدث هذا على الواقع بالفعل وماذا عن مدى عودة اللاجئين المسلمين الى البوسنة؟
- أقول ان المسلمين المهاجرين الذين يعودون للبلاد التي يشرف عليها الصرب والكروات ليسوا مطمئنين وليسوا في سلام، وفي عيد الأضحى المبارك الأخير تم حرق مسجد في جنوب البوسنة والهرسك، ويسمى «جاسكوا»، وأيضاً صدر حكم في بنيالوك يلزم الصرب بدفع أكثر من ستين مليون دينار بوسني وذلك لحرق 16 مسجداً في بنيالوك، وهي المدينة التي لم تكن فيها حرب، معنى ذلك أن هذا التخطيط لا يزال موجوداً ولم يسقط. أما عن نسبة عودة البوسنيين الى ديارهم فهي نسبة قليلة وصعبة لأن هناك مواطنين من البوسنة لا يجدون أي أمل في العودة فالاقتصاد صعب، وكذلك الأمن ليس على المستوى الذي يريدونه.
• الشيخ مصطفى سيرتش قال ان هناك من الأوروبيين والمجتمع الدولي من يحمي مشروع تقسيم البوسنة ويحاول الحفاظ على المكاسب التي حققها سلوبيدان ميلوفيتش مثل اتفاق «ديكون» فكيف ترون ذلك؟
- أنا أصدق ما يقوله الدكتور سيرتش، لأن أوروبا لا تسمح بوجود دولة في أوروبا غالبيتها من السكان المسلمين لذلك أجازوا تخطيط «كرادزتش» و«ميلوفيتش» أن يجعلوا المسلمين من دون سلاح، مع أن الجيش اليوغسلافي السابق كان في المرتبة الرابعة في أوروبا.
• لقد تعالت في أوروبا النبرة الاضطهادية للاسلام في الغرب وأنتم تعيشون ذلك بشكل واقعي... فكيف تجدون تلك النبرة لديكم الآن؟
- الغرب يعيش ويتحرك في الدنيا كما يلعب الأطفال بألعابهم الخاصة، فكل عشرة أعوام يجد الغرب هدفاً خاصاً به، وكانت الشيوعية في وقت ما هدفا للعداء الغربي، والآن هناك مشكلة اقتصادية صنعوها، وقد وجد الغرب أن المشكلة الآن في القرن الحادي والعشرين هو الاسلام، لكن ورغم كل ما يفعلون نرى أن الاسلام منتشر في العالم كله، شاء الغرب أو لم يشأ لأنه دين عالمي ودين حياة.
• في العام الماضي ظهرت مشكلة تهجير العرب الذين شاركوا في تحرير البوسنة وكونوا عائلات هناك لكن الحكومة أصرت على أخذهم من عائلاتهم في البوسنة وتهجيرهم، فما مصير هؤلاء العرب الآن وكيف تم حل المشكلة؟
- نحن كنا مستائين لذلك، لأن الحكومة في البوسنة ارتبطت بما قالته أميركا في أن ترسل هؤلاء العرب الى غوانتانامو، لكن البوسنة هي الدولة الوحيدة التي قبلت هؤلاء الثلاثة الذين خرجوا من غوانتانامو والآن هم يسكنون البوسنة، والحكومة أصدرت الآن بيانا تقول فيه انها أخطأت وأنها ستحمي هؤلاء وسيدفع لهم ما تقره حقوق الانسان، ونحن آسفون لذلك. فشعب البوسنة يعرف قيمة اخواننا العرب الذين جاءوا الى بلادنا ليدافعوا عنا، لكن ليس لنا، كشعب في البوسنة ذنب، فيما حدث كان تصرفا من الحكومة وحزب «الألدبي» هم شيوعيون ونكلوا بهؤلاء العرب في مخالفة لحقوق الانسان.
• هل هناك تواجد قوي للمنظمات الاسلامية والعالمية في البوسنة للحفاظ على المكاسب التي تحققت؟
- لنا في البوسنة تنظيم ديني على مستوى الدولة وهو يماثل وزارة الأوقاف في البلاد الاسلامية، ولنا جمعية اسلامية في البوسنة وعلى رأسها الدكتور مصطفى أفندي سيرتش ومعه ثمانية مفتين مساعدين. ونحن كجمعية اسلامية تمويلنا يعتمد على المسلمين الذين يدفعون شهرياً لتسجيلهم كأعضاء في الجمعية الاسلامية، وهناك تبرع شهري وسنوي ومن هذه الأموال تؤخذ رواتب الأئمة.
• هناك الكثير من المرجعيات الدينية التي أطلقت تحذيرات من المنظمات التنصيرية التي تعمل في البوسنة، وأنها تمثل خطراً فما مدى خطورة ذلك الأمر؟
- أنا لست خائفاً من ذلك الأمر، لأن الله سبحانه وتعالى يحفظ الدين، وأيضاً الناس في البوسنة متمسكون بدينهم ودولتهم، وكان من الأسهل على المسلمين أيام الحرب والابادة أن يتنصروا من أن يدافعوا عن دينهم، ودولتهم بدمائهم لكنهم حفظوا دينهم وأموالهم، وهذه اشارة الى أن التخطيط للتنصير لن ينجح في البوسنة بالنسبة للمسلمين.

.....................
..................

لقاء مع مفتي مدينة موستار المفتي سعيد سمايكيتش



تعرضت موستار البوسنية ( 120 كيلومتر شرق سراييفو ) لعدوان صربي كرواتي مزدوج أثناء الحرب ( 1992 / 1995 م) ولا سيما في الفترة ما بين 1992 و1993. حيث عمل الصرب على إجلاء السكان المسلمين منها، لإقامة مشروع صربيا الكبرى. ثم تولى الكروات هذه المهمة سنة 1993 م لجعل موستار عاصمة لدولة " هرسك بوسنة " التي عملوا على إقامتها أثناء الحرب، ولا يزال البعض منهم يحلم بإقتطاعها من البوسنة حتى الآن. وبعد الحرب، لم تتوقف الاستفزازات الكرواتية، المتمثلة في إطلاق النار على عدد من المساجد، وكتابة شعارات معادية للمسلمين على جدرانها، ومنع إقامة مركز اسلامي في الشق الغربي من المدينة، وهدم مسجد في ليفنو. وفي المقابل أقاموا كنيسة ضخمة في الجانب الشرقي من المدينة والذي يسيطر عليه المسلمون، دون أخذ إذن قانوني بذلك، وأقاموا صليبا ضخما على مشارف موستار في محاولة لتغيير معالم المدينة وإعطائها هوية نصرانية. حول هذه القضايا وغيرها زار " المسلم " موستار للقاء المفتي سعيد سمايكيتش.

** ما هي صورة الوضع في موستار بعد 15 عاما على انتهاء الحرب، المدينة، والعلاقة مع الكروات؟

موستار من الناحية مدينة واحدة، ولكنها في الواقع، مقسمة مع الأسف الشديد، فهي لا تزال تحمل اسمين، موستار الشرقية والتي يقطنها المسلمون، وموستار الغربية التي يهيمن عليها الكروات. حتى المؤسسات الرسمية مقسمة، المدارس مقسمة، هناك مدارس رسمية وكليات تحت سيطرة الكروات، ونادرا ما تجد غير الكروات بهذه المؤسسات التي أعطيت لها صبغة كرواتية من الناحية الإثنية، وصبغة كاثوليكية من الناحية الدينية، ولذلك يلجأ الكثير من المسلمين المقيمين في ممتلكاتهم بالجزء الغربي لارسال أبنائهم للدراسة عندنا في الجانب الشرقي. وعندما نتحدث عن التقسيم، فإننا نتحدث عن تقسيم شامل وكلي، بما في ذلك الكهرباء، والأنشطة الثقافية كالمسرح.

** أي أن ما قاله رئيس وزراء صرب البوسنة ميلوراد دوديك، من أن كروات البوسنة بنوا لهم كيان خاص صحيح تماما ؟

الكروات لم يتوقفوا عن المطالبة بكيان خاص على غرار صرب البوسنة، وفي الحملة الانتخابية الأخيرة ( جرت الانتخابات يوم 3 أكتوبر 2010 م ) أعلنوا أنهم يريدون كيان خاص بهم في البوسنة، تكون موستار عاصمة له.

** هل حصلت مناوشات أو احتكاكات بين المسلمين والكروات في المدة الأخيرة؟

لا توجد حوادث عنف ولا مناوشات بين الطرفين، ولكن هناك حرب باردة يخوضها الكروات ضد المسلمين، من خلال الممارسات السياسية، والخطاب الاعلامي، الذي لم يتغير منذ 1993 م حتى إنك عندما تستمع لإذاعة، هرسك بوسنة، تتخيل أن الحرب قامت، أو بالأحرى لا تزال قائمة، وعلى كل حال، هم يعتقدون ذلك، ومستمرون في الاستفزاز.

** هل هناك مخاوف من تجدد الصدام مع الكروات؟

نحن نأمل أن لا يصل الوضع إلى هذا الحد، وهناك استفزازات كثيرة، ومتواصلة، وربما هناك محاولات للدفع باتجاه التصعيد، ولكننا ننتهج أسلوب الحكمة وتجاوز الإساءة.

** لو تحدثونا بالضبط عما حدث في ليفنو؟

مسجد ليفنو الذي جرفه الكروات في المدة الأخيرة، كان تحت الانشاء، وهو في الأصل بيت بدأ صاحبه في تشييده، ثم تبرع به للمشيخة الاسلامية وجعله وقفا في سبيل الله، وقد عقدنا العزم على تحويل المنزل إلى مسجد، وهو ما رفضه رئيس البلدية الكرواتي، واستقوى بالشرطة لهدمه، وهذا ليس من حقه. فالبيت حصل على الترحيص، وكان بامكانه أن يقول لا يوجد ترخيص لتحويله إلى مسجد، ولكنه تجاوز صلاحيته واعتدى على ممتلكات الغير بدون موجب قانوني. وقد صدمتنا جريمة تجريف المنزل وكنا نعد العدة لاقامة صلاة التروايح فيه في رمضان الماضي. إن رئيس البلدية، والأشخاص الذين وقعوا على قائمة تطالب بعدم السماح بإقامة المسجد، يعبرون بصنيعهم المشين هذا عن كراهية للاسلام والمسلمين، وهم بذلك يخالفون قول المسيح عليه السلام، أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم. بل لم نر منهم تسامحا قط فضلا عن الحب والمباركة.

** ما هو إذن مصير مسجد ليفنو؟

نحن سنبني هذا المسجد، ورب ضارة نافعة، فقدر ألمنا بسبب العدوان الذي تعرض له المسجد، فإننا نبارك الشعور العارم بالانتماء الذي انتاب المسلمين عقب العدوان على المسجد، والجميع يقول، لقد كنا في غفلة، ونسينا بعد مرور 15 عاما على انتهاء الحرب، ولكن الآخرين يذكروننا مشكورين من حين إلى آخر بأننا لا زلنا تحت التهديد. وهناك تضامن واحتشاد كبير في جميع مناطق البوسنة، وأعرب الكثير منهم على الاستعداد لتقديم المساعدة المطلوبة من أجل تنفيذ مشروع المسجد في ليفنو

** ما موقف المبعوث الدولي فلانتينو انزكو، حيث قام رئيس العلماء بارسال رسالة احتجاج له على العدوان الذي تعرض له المسجد؟

كان يمكن أن يكون له موقف، لو حصل العكس، أي لو كان المسجد كنيسة. بل لهاج العالم وماج لو حصل العكس. وأمامنا قضية أخرى وهي المرأة المسلمة والأخت فاطمة أورليتش، والتي بنى الصرب فوقها كنيسة بدون موجب حق، ولم يقع إزالة هذه الكنيسة حتى اليوم، وإنما تم تجريف المسجد الذي بني فوق أرض وقف اسلامي. واسمح لي بأن أشيد بموقف رئيس العلماء الذي زارنا وذهبنا معا إلى ليفنو وصلينا التروايح مع السكان وشجعناهم على الصمود.

** أين وصل مشروع المركز الاسلامي في موستار؟

منذ 10 سنوات، ونحن ننتظر الترخيص من محافظ موستار ( كرواتي ) دون جدوى، قدمنا الطلب ولكنهم لم يردوا علينا لا سلبا ولا ايجابا. بل يتدخلون في شؤوننا بالقول لديكم 20 مسجدا في المدينة، ولم يلاحظوا أنهم يبنون كنائس في مناطق يعد الكروات فيها على أسابع اليدين، وقد بنوا كنيسة ضخمة في موستار الشرقية دون الحصول على ترخيص من رئيس البلدية المسلم، ولم يقم أحد بتجريفها.

** لو تصف لنا مشروع المركز الاسلامي؟

يقع المشروع على مساحة 5 آلاف متر مربع، ويتكون من مسجد يتسع لألفي مصل، وصالة محاضرات، ومطعم، ونادي انترنت، وصالة رياضية، وموقف للسيارات، ومحلات تجارية للوقف. أما تكلفته فتبلغ 5 ملايين يورو. ولا توجد أي موانع حقيقية لبناء المشروع، سوى كونه قضية سياسية وثقافية تتعلق بهوية موستار، فالكروات يريدون المدينة لهم فقط. وقيام مساجد ومراكز ومؤسسات اسلامية يقلل من مشروعهم الفاشي في موستار.

** كيف ترون الوضع الاجتماعي والاقتصادي في موستار؟

عدد سكان موستار 120 ألف نسمة، نصفهم من البوشناق المسلمين، والنصف الآخر من كروات البوسنة، وكان ما يزيد عن 15 ألف مسلم قد تركوا المدينة أثناء وبعد العدوان، وهم الآن في الدول الاسكندنافية، ودول أوروبية أخرى، وفي الولايات المتحدة، واستراليا وغيرها. وكبر أبناءهم هناك، ولن يستطيعوا التأقلم مجددا في موستار. لقد تكيفوا مع الأوضاع هناك. والكروات يأملون بأن يصبحوا أغلبية.
الوضع الاقتصادي صعب جدا، لا توجد مصانع تعمل، فقط دكاكين صغيرة للتجارة البسيطة، لا توجد استثمارات عربية ولا اسلامية في موستار، الشركات الكبيرة دمرت ولم يعاد بناؤها، وبعضها يقع تحت هيمنة الكروات حاليا كمصنع الطائرات، ومصنع الالمنيوم، ولا نزال نعاني من عدم العدالة فالصرب والكروات يحتفظون بما لديهم ويطالبون باقتسام ما لدينا، ولسان حالهم يقول، ما لنا هو لنا، وما عندكم نحن فيه شركاء. أما نسبة البطالة في موستار، فهي تصل إلى 60 في المائة.

** أثناء العدوان، تعرضت المساجد، والمدارس الاسلامية للقصف، والهدم والتفجير، كيف حالها اليوم؟

بحمد الله تمكنا من إعادة بناء 20 مسجدا تم هدمها وتدميرها أثناء العدوان، وتمكنا بعون الله من بناء مسجدين جديدين آخرين هدمهما الشيوعيون في خمسينات القرن الماضي. وعثرنا على أساسات 3 مساجد هدمها الشيوعيون أيضا، ونحن نحاول إعادة بنائها من جديد.

** وكيف هو حال المساجد من حيث حضور المؤمنين لأداء الشعائر؟

الحمد لله، المسلمون يستعيدون وعيهم بأهمية العقيدة والاسلام عموما في حياتهم، ونحن نلاحظ زيادة في الوعي بين صفوف المسلمين. هم يدركون بأن مستقبلهم يحتم عليهم أن يكونوا أكثر التزاما بالاسلام، لأنهم يحفظون وجودهم بحفظه ويتلاشون ويذوبون بدونه. الاسلام والالتزام بالشعائر يملئ الانسان ثقة في النفس وفي الشعب والامة وقبل ذلك عون الله وتوفيقه. ونستطيع القول بأن العدوان أعاد للكثير من المسلمين وعيهم، والجيل الجديد لديه إقبال كبيرعلى الالتزام بالاسلام عقائد، وعبادات، ومنهج حياة.

** توجد في موستار مدرسة اسلامية لو تحدثونا عنها؟

المدرسة الاسلامية نشطة والحمد لله، وهي ركيزة من ركائز الحفاظ على الهوية الاسلامية في موستار. وبها حاليا 200 طالب وطالبة. يمكنهم الالتحاق بالكليات العلمية الأخرى، كالطب، والهندسة، والاعلام، والاقتصاد، والحقوق، والزراعة وغير ذلك. كما يمكنهم مواصلة دراساتهم الاسلامية في مختلف صنوف التخصص الشرعي، سواء في البوسنة أو خارجها. ونحن نعمل على توسيع المدرسة لتتسع ل 400 طالب وطالبة، وهذا المشروع يحتاج للمساعدة، ولدينا مشاريع معمارية لا تزال قيد الانشاء لهذا الغرض.أما المبلغ المطلوب فهو 500 ألف يورو.

** كيف نختم هذا اللقاء؟

أريد القول بأننا نحتفل في هذه الأيام بالذكرى الخامسة عشر لاعادة نشاط المدرسة الذي توقف أثناء فترة الحكم الشيوعي للبوسنة وقد وجهنا دعوات لجهات اسلامية لحضور الذكرى. وأريد التعبير في الختام عن روح متفائلة رغم الظروف الصعبة، فقد عشنا العدوان وتمكنا بعون الله ثم بوسائل بسيطة من الصمود وحفظ وجودنا البيولوجي والروحي المتمثل في الاسلام، لقد دافعنا عن أنفسنا ومستعدون للتضحية من أجل ذلك مجددا وأنتم تعرفون ماذا جرى هنا. الناس وجدوا ذواتهم في الاسلام وهذه الشعلة يجب أن تبقى متقدة، وأن تستلم الأجيال المقبلة الشعلة وهي في أحسن حال. وذلك بمساعدة إخوانهم في ديار الاسلام.

.................................
....................................
 
التعديل الأخير:
رد: البوسنة والهرسك

صحفي يسأل الجنرالجيشكم يقدر بالملايين و لم تقدروا على القضاء على بعض الآلاف من المتمردين
كان الجواب: "أخبرني كيف ستهزم جندي يرى في فوهة بندقيتك الجنة..."
 
رد: البوسنة والهرسك

خبر قديم :

الجهود السعودية لدعم مسلمي البوسنة




أمير الرياض يفتتح أكبر مسجد ومركز ثقافي في البوسنة والهرسك




أمير الرياض يفتتح أكبر مسجد ومركز ثقافي في البوسنة والهرسك سراييفو - 15 - 9 (كونا) -- افتتح أمير منطقة الرياض سلمان بن عبدالعزيز ال سعود هنا اليوم مسجد ومركز ثقافي كبيرين وسط مراسم خاصة شارك فيها كبار القادة البوسنيين وجمع كبير من المسؤولين السياسيين والدينيين.
وأكد الامير سلمان بن عبدالعزيز وهو رئيس الهيئة السعودية العليا لمساعدة البوسنة والهرسك في كلمة له في حفل افتتاح المسجد والمركز الثقافي الملحق به حرص المملكة العربية السعودية على تقديم الدعم والمساعدة الانسانية اللازمة للبوسنيين وعونهم في تخفيف اثار المحنة الكبرى التي أصابتهم.
ونفى الامير سلمان أن تكون لبلاده أي أهداف أو أغراض أخرى وراء تلك المساعدات والمشاريع الانسانية التي يفتتحها أثناء زيارته الحالية للبوسنة والهرسك سوى "ارضاء الله سبحانه وتعالى وطلب عفوه وغفرانه".
وتحدث في الاحتفال الكبير الذي حضرة أيضا وفد سعودي كبير رئيس الحكومة الفيدرالية الاسلامية الكرواتية أدهم بيشاكشيتش ممثلا عن الرئيس البوسني علي عزت بيكوفيتش حيث أشاد بالدعم والمساعدة العربية السعودية ومساهماتها الكبيرة في بناء المساجد وترميم المنازل والمراكز الطبية والثقافيه.(يتبع) لار0078 4 0206 /كوناقثا65 ديانات/بوسنة/سعودية/سلمان1-وأخيرة أمير الرياض يفتتح أكبر مسجد ومركز ثقافي في البوسنة والهرسك سراييفو - وجرى بعد مراسم افتتاح المركز الثقافي والمسجد الذي يعتبر من أكبر المساجد في أوروبا أداء فريضة صلاة الجمعة اذ قام امام المسجد الحرام بمكة المكرمة والذي حضر هنا خصيصا لهذه المناسبه بالقاء خطبة الجمعة وأم المصلين في المسجد الجديد.
وقد جرى نقل مراسم افتتاح المسجد والمركز الثقافي وخطبة وصلاة الجمعة على الهواء مباشرة في تلفزيون العاصمة البوسنية ومحطات تلفزيون سعودية واذاعات مختلفة في ما تابع تلك المراسم الدينية عشرات الالاف من البوسنيين الذين اصطفوا أمام ساحة المسجد للمشاركة في الاحتفالات.
وتحظى زيارة الامير السعودي سلمان بن عبدالعزيز بصفته رئيسا للهيئة السعودية العليا لمساعدة البوسنة والهرسك تحظى هنا باهتمام سياسي ودبلوماسي واعلامي بارز.
وقد التقى الامير سلمان بن عبدالعزيز خلال الاربعة والعشرين ساعة الاخيرة مع الزعماء السياسيين والدينيين الكبار وعلى رأسهم المفتي البوسني مصطفى سيريتش ومع رئيس الفيدراليةالبوسنية "الاسلامية الكرواتية" أيوب غانيتش ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية مرصاد كورتوفيتش.
كما التقى الامير سلمان بن عبدالعزيز مع رئيس الوزراء السابق وعضو البرلمان الحالي حارث سيلاجيتش كما عقد لقاءا مشتركا مع زعماء الطوائف الدينية المسيحية الكاثيوليكية والارثوذكسية واليهودية البوسنية.(النهاية) ي


 
عودة
أعلى