بين غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم والحروب الصليبية / إعداد : د. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي

Nabil

طاقم الإدارة
مـراقــب عـــام
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
27,386
التفاعل
23,037 405 0
بين غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم والحروب الصليبية

إعداد : الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي


توجد شبهةٌ لطالما ترنّم بها أعداء الإسلام.
ما هي حقيقة هذه الشبهة وهل الإسلام- كما يزعمون- انتشر بحدّ السيف؟
استمع لهذه الأرقام فهي تجيب عن هذا السؤال بوضوح تام:
بدأت الحرب العالمية الثانية في سنة 1937 وانتهت في سنة 1945 وخلال هذه الفترة التي لا تتجاوز تسع سنوات أزهقت أرواح نحو 62 مليون من البشر معظمهم من المدنيين الأبرياء، وهذا العدد شكّل نحو 2.4% من إجمالي سكان الكرة الأرضية في ذلك التاريخ. وفي دراسة حديثة لجامعة متشيجن الأمريكية بلغ عدد ضحايا الحروب والنزاعات المسلّحة التي شنّها المسيحيون خلال القرن الماضي وحده نحو 100 مليون قتيل معظمهم من المدنيين الأبرياء (الأطفال والنساء)!

في الأمريكيتين الشمالية والجنوبية كان عدد السكان الأصليين من الهنود الحمر 150 مليون نسمة، ينتمون إلى أربعمائة قبيلة، تعرّضوا إلى سلسلة من حروب الإبادة الجماعية البشعة بمختلف الوسائل! فأين هم الآن؟ لقد تمَّت إبادتهم بالكامل، وسُلبت أراضيهم وممتلكاتهم، ومُحي تاريخهم وآثارهم، ولم يبقَ منهم الآن إلا مليون إنسان فقط، أو أقل من ذلك!

ما يُميِّز الحروب التي يشنها الغرب على العالم الإسلامي، أو الحروب التي تنشب داخل العالم الغربي نفسه هي القسوة المفرطة التي تصل إلى حد البشاعة، ليس بين المتحاربين فحسب ولكن مع الأطفال والنساء الذين لا ذنب لهم. في الفقرة الآتية يصف لنا المستشرق الشهير جوستاف لوبون جانبًا من بشاعة الحروب الصليبية قائلًا:
"وكان سلوك الصليبيين حين دخلوا القدس غير سلوك الخليفة الكريم عمر بن الخطاب (رضي اللَّه عنه) نحو النصارى حين دخلها منذ بضعة قرون، حيث عقد الصليبيون مؤتمرًا أجمعوا فيه على إبادة جميع سكان القدس، من المسلمين، واليهود، وخوارج النصارى، الذين كان عددهم نحو ستين ألفًا، فأفنوهم عن بَكْرَةِ أبيهم في ثمانية أيام، ولم يستثنوا منهم امرأة ولا ولدًا ولا شيخًا! فقد قطعت رءوس بعضهم، وبُقِرت بطون بعضهم، وحُرِّق بعضهم في النار، فكانوا يضطرون إلى القذف بأنفسهم من أعلى الأسوار!".

وفي الوجه الآخر والمناقض تمامًا لهذه الصورة البشعة تأتي رؤية المسلمين للحرب. ففي الفترة التي عاشها النبي مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- وهو يدعو البشرية إلى الإسلام والسلم، دارت بين المسلمين والمشركين 28 غزوة (يقودها النبي -صلى الله عليه وسلّم- بنفسه) ونحو 40 سرية (يقودها أحد أصحابه)، وكانت حصيلة هذه الغزوات والسرايا جميعها 386 قتيلًا فقط من الطرفين!! وبمعنى آخر، في 23 عامًا كان عدد القتلى 386 رجلًا مقاتلًا (ليس بينهم طفل ولا امرأة)، نقلهم لنا التاريخ بأسمائهم جميعًا! وبعد هذا كلّه يقول أعداء الإسلام إنه انتشر بحدّ السيف!! إن هذا السيف الذي يتحدّثون عنه لم يرد ذكره في القرآن ولا مرّة واحدة، بينما جاء ذكره في "الكتاب المقدَّس" وحده أكثر من 350 مرّة!
والآن نعيد لكم السؤال مرّة أخرى: هل الإسلام انتشر بحدّ السيف؟!
وما رأيكم في المقارنة ما بين غزوات الرسول -صلى الله عليه وسلّم- والحرب العالمية!
وما رأيكم في بشاعة الحروب الصليبية وعدد ضحاياها من المدنيين الأبرياء؟

إن الإسلام ينتشر بقيمه النبيلة ومبادئه السمحة لا بحد السيف، ولذلك فهو أسرع الديانات انتشارًا في جميع دول العالم اليوم. إن السيف يمكنه أن يفتح أرضًا، ويحتل بلدًا، ولكن لا يمكنه أن يفتح قلبًا. فكيف دخل الإسلام إلى إندونيسيا، وهي أكبر بلد إسلامي، حيث يعيش فيها اليوم أكثر من 210 مليون مسلم؟! وكيف دخل الإسلام إلى بنغلاديش التي يعيش فيها أكثر من 150 مليون مسلم، ويشكلون ما يزيد على 90% من إجمال السكان؟!

إن ما يزيد على ربع عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية اليوم كانوا مسيحيين في الأصل! ويعيش في الدول الأوروبية حاليًّا ما يقرب من 60 مليون مسلم. ويشير خبراء الديموغرافية إلى أن عدد المسلمين في أوروبا يتضاعف كل 10 سنوات! وبحلول عام 2040 يتوقع أن يشكّل المسلمون غالبية سكان أوروبا! والآن.. أين هو السيف من هذه الحقائق الدامغة؟!

مقتطعة من مقالة بعنوان السلم والحرب عن موقع طريق القرآن
 
عودة
أعلى