تركيا.. إيران.. هل من عودة لصراع جديد؟!
يوسف الكويليت
تركيا - إيران، هل حتمية الصراع بين البلدين قادمة، لأن الأولى عضو في حلف الأطلسي وقاعدته الأساسية في المنطقة، أم أن سورية جاءت في عمق الخلاف الذي بدأت مؤشراته تظهر على السطح، أم أن شيعية إيران، لا تريد سنية تركيا أن تقاسمها النفوذ؟!
وبدون شك فإن التاريخ يحضر في بعض أحواله عندما تتصادم المصالح، ويتجدد الخلاف، والأمر لا يؤخذ بظواهره، لأن «البراغماتية» التي يعتمدها قادة السياسة في البلدين قد تزيح التباينات أو تعمقها بسبب أن كلاً منهما تريد دوراً كبيراً في محيطها، وبالتالي لا تصلح القسمة على اثنين، لكن ماذا لو طرحنا استفتاءً يضم كل البلدان الإسلامية ولمن الفوز بالنتيجة تبعاً لتأثيرهما سياسياً ودينياً، واقتصادياً؟
كلا البلدين يملك ثروات جيدة ومركزاً جغرافياً حساساً، لكنهما يختلفان من حيث السلوك والتعامل المنطقي مع الأحداث، انعطافاتها واستقامتها، وهي قضية سيطرت عليها واقعيةُ تركيا عندما تكون دولة ديمقراطية وعلمانية يحكمها حزب إسلامي، وتحول اقتصادها إلى دور جديد في الاقتصادات الناشئة، وهي لا تصدر ثورة، أو تؤسس لنظام تريد فرضه على محيطها وخارجه، كذلك فهي قوة عسكرية كبيرة، لكنها ترفض أن تسيّرها لحروب تضرّ بها، والدليل أنه، رغم عضويتها في حلف الأطلسي رفضت غزو العراق، أو المساهمة فيه..
إيران على العكس، فهي تعتقد أنها الأب الروحي للشيعة في العالم، وترى أنها المؤهلة لحكم العالم الإسلامي بتصدير ثورتها، وتربط الخرافة بالحلم في البحث بالحلول من مجهول، لكن ذلك يخفي الصورة الحقيقية عن عقدة الامبراطورية القديمة، ويتجدد الهاجس بأن تكرّس ثرواتها نحو التسلح الذي يفيض عن حاجتها، ولعل تحالف الحرس الثوري «البسيج» وكذلك الجيش مع الملالي لا يكون في غالب الأحيان وخاصة عندما تقوى شوكة المؤسسة العسكرية التي لا «تتأدلج» مع أي نظام حين تكون المطامع أقوى من تبعية رجل دولة أو دين، لتنقلب عليه لاحقاً لأي سبب..
الموقف الآخر، أن تجانس القوميات والأثنيات في إيران لا يخضع لتعايشٍ تنظمه حقوق متعارف عليها تخضع للتساوي بين الأعراق والثقافات، والأمر الآخر أن الشيعة في العالم الإسلامي لاتتعدى نسبتهم العشرة في المائة لتبقى النسبة العليا سنية لا تلتقي مع طروحات أصحاب هذا المذهب..
السباق المحموم بين إيران وتركيا، وإن جاء هذه المرة بغياب إيران عن تحالفها القديم زمن الشاه مع الغرب، فهي تجد البديل في روسيا والصين وبعض دول أخرى، بينما تركيا تنطلق من مفاهيم واستراتيجيات لا تريد إعادة الحكم العثماني، وإنما بناء منظومة عمل تقوم على ما يشبه الاتحاد الأوروبي..
ووسط هذا الصراع بين الدولتين الإقليميتين لا يظهر موقف عربي واضح يكون كتلة ثالثة تملك مقوماتٍ تفوقهما مساحة وسكاناً وثروات متعددة، وقد تكون منطلقاتهما تجاه العرب نابعة من ضعف التأسيس الذي أوجد التنافر، وخلقَ وطناً ضائعة بوصلته، وتستطيع أي قوة ما ملء الفراغ، لكن الظرف الراهن قد يغير المعادلات ليس بسبب تغير الأنظمة واتساع البحث عن سبب يقلب الأسس كلها، وهنا اختلفت وجهة تركيا عن إيران عندما عملت على إعلان سياستها بشكل واضح، عكس إيران التي لا تزال تعتمد مبدأ (التقية) في فكرها وسلوكها!!
المصدر : جريدة الرياض
يوسف الكويليت
تركيا - إيران، هل حتمية الصراع بين البلدين قادمة، لأن الأولى عضو في حلف الأطلسي وقاعدته الأساسية في المنطقة، أم أن سورية جاءت في عمق الخلاف الذي بدأت مؤشراته تظهر على السطح، أم أن شيعية إيران، لا تريد سنية تركيا أن تقاسمها النفوذ؟!
وبدون شك فإن التاريخ يحضر في بعض أحواله عندما تتصادم المصالح، ويتجدد الخلاف، والأمر لا يؤخذ بظواهره، لأن «البراغماتية» التي يعتمدها قادة السياسة في البلدين قد تزيح التباينات أو تعمقها بسبب أن كلاً منهما تريد دوراً كبيراً في محيطها، وبالتالي لا تصلح القسمة على اثنين، لكن ماذا لو طرحنا استفتاءً يضم كل البلدان الإسلامية ولمن الفوز بالنتيجة تبعاً لتأثيرهما سياسياً ودينياً، واقتصادياً؟
كلا البلدين يملك ثروات جيدة ومركزاً جغرافياً حساساً، لكنهما يختلفان من حيث السلوك والتعامل المنطقي مع الأحداث، انعطافاتها واستقامتها، وهي قضية سيطرت عليها واقعيةُ تركيا عندما تكون دولة ديمقراطية وعلمانية يحكمها حزب إسلامي، وتحول اقتصادها إلى دور جديد في الاقتصادات الناشئة، وهي لا تصدر ثورة، أو تؤسس لنظام تريد فرضه على محيطها وخارجه، كذلك فهي قوة عسكرية كبيرة، لكنها ترفض أن تسيّرها لحروب تضرّ بها، والدليل أنه، رغم عضويتها في حلف الأطلسي رفضت غزو العراق، أو المساهمة فيه..
إيران على العكس، فهي تعتقد أنها الأب الروحي للشيعة في العالم، وترى أنها المؤهلة لحكم العالم الإسلامي بتصدير ثورتها، وتربط الخرافة بالحلم في البحث بالحلول من مجهول، لكن ذلك يخفي الصورة الحقيقية عن عقدة الامبراطورية القديمة، ويتجدد الهاجس بأن تكرّس ثرواتها نحو التسلح الذي يفيض عن حاجتها، ولعل تحالف الحرس الثوري «البسيج» وكذلك الجيش مع الملالي لا يكون في غالب الأحيان وخاصة عندما تقوى شوكة المؤسسة العسكرية التي لا «تتأدلج» مع أي نظام حين تكون المطامع أقوى من تبعية رجل دولة أو دين، لتنقلب عليه لاحقاً لأي سبب..
الموقف الآخر، أن تجانس القوميات والأثنيات في إيران لا يخضع لتعايشٍ تنظمه حقوق متعارف عليها تخضع للتساوي بين الأعراق والثقافات، والأمر الآخر أن الشيعة في العالم الإسلامي لاتتعدى نسبتهم العشرة في المائة لتبقى النسبة العليا سنية لا تلتقي مع طروحات أصحاب هذا المذهب..
السباق المحموم بين إيران وتركيا، وإن جاء هذه المرة بغياب إيران عن تحالفها القديم زمن الشاه مع الغرب، فهي تجد البديل في روسيا والصين وبعض دول أخرى، بينما تركيا تنطلق من مفاهيم واستراتيجيات لا تريد إعادة الحكم العثماني، وإنما بناء منظومة عمل تقوم على ما يشبه الاتحاد الأوروبي..
ووسط هذا الصراع بين الدولتين الإقليميتين لا يظهر موقف عربي واضح يكون كتلة ثالثة تملك مقوماتٍ تفوقهما مساحة وسكاناً وثروات متعددة، وقد تكون منطلقاتهما تجاه العرب نابعة من ضعف التأسيس الذي أوجد التنافر، وخلقَ وطناً ضائعة بوصلته، وتستطيع أي قوة ما ملء الفراغ، لكن الظرف الراهن قد يغير المعادلات ليس بسبب تغير الأنظمة واتساع البحث عن سبب يقلب الأسس كلها، وهنا اختلفت وجهة تركيا عن إيران عندما عملت على إعلان سياستها بشكل واضح، عكس إيران التي لا تزال تعتمد مبدأ (التقية) في فكرها وسلوكها!!
المصدر : جريدة الرياض