اللواء أركان حرب محمود شيت خطاب

IF-15C

عضو مميز
إنضم
3 سبتمبر 2007
المشاركات
2,746
التفاعل
81 0 0
بسم الله الرحمن الرحيم
..............
محمود شيت خطاب (1337 1418هج - 1919 1998م)

ولد سنة 1919م بمدينة الموصل من أسرة تعمل في التجارة وقد تولت جدته لأبيه حضانته لأن والدته سرعان ما رزقت بأخ له بعد سنة من ولادته وكان لجدته الدور الكبير في تربيته على الإسلام والأخلاق الإسلامية فقد كانت تصحبه إلى المسجد لصلاة المغرب وتبقى معه حتى تصلي العشاء ثم تعود به إلى البيت واستمرت رعايتها إياه إلى أن توفاها الله وعمره ستة عشر عاماً.

وكانت البيئة التي نشأ فيها والمحيط الذي عاش فيه يلتزمان العبادة من صلاة وصيام وزكاة وتلاوة للقرآن الكريم ويلتزمان الخلق الإسلامي من تعاون وإخاء وتواصل وتزاور.

وقد درس في الكتّاب مبادئ الإسلام وتجويد القرآن وتلاوته وحفظه وتعلم فيه الخط ثم التحق بالمدرسة الابتدائية في السنة الثامنة من عمره وواصل تعليمه فيها حتى أكمل المراحل الثلاث/ الابتدائية والمتوسطة والثانوية.

وكان يصحب والده إلى مجالس الحيّ حيث يجتمع الأعيان في مجلس يسهرون فيه على سماع الأخبار وقراءة الكتب النافعة وتدارس مشكلات الناس ومساعدة من يحتاج إلى المساعدة وحلّ المعضلات التي تعترض الأفراد والأسر.

وكان والده يكلفه بقراءة أحد كتب التاريخ على الحضور ومعظمهم من أهل العلم واللغة فكان ذلك سبباً من أسباب حرصه على إتقان القراءة وعشقه للتاريخ وانصرافه للكتابة فيه وكانت باكورة إنتاجه كتابه "الرسول القائد" الذي صدر سنة 1958م ثم تتابعت كتبه الأخرى بعد ذلك.
...
حياته العلمية والعملية

وقد كان يرغب بدراسة الحقوق بعد حصوله على الثانوية ولكن شاء الله غير ذلك حيث التحق بالكلية العسكرية سنة 1937م وتخرّج فيها برتبة ملازم في سلاح الفرسان وقد سأله آمر السرية:
أتشرب الخمر؟ أتلعب القمار؟ أتحب النساء؟..ولما نفى خطاب ذلك قال آمر السرية/إن انضمامك إلى سريتي نكبة عليّ!!.

واستكمل مراحله العسكرية حيث تخرج برتبة ضابط ركن وابتعث إلى دورة في بريطانيا لمدة سنتين حتى وصل إلى رتبة لواء أركان حرب.

وقد شارك في ثورة رشيد عالي الكيلاني سنة 1941م وأصيب بشظايا من قنابل الإنجليز ولكن شاء الله له الشفاء رغم شكوك الأطباء كما تعرض لمؤامرات الشيوعيين أيام عبدالكريم قاسم بعد ثورة الشواف بالموصل وناله التعذيب الشديد وأصابته كسور كثيرة حيث اعتقل لمدة ثمانية عشر شهراً وقد مارس التدريس في الكليات العسكرية في العراق ومصر.

وكان من فراسته ودقة دراسته للعدو الصهيوني أنه حدد اليوم الذي عزمت فيه إسرائيل أن تضرب ضربتها وهو يوم 5-6-1967م ونشر هذا في جريدة "العرب" البغدادية يوم 1-6-1967م حتى إن المؤلف الإسرائيلي صاحب كتاب "الحرب بين العرب وإسرائيل" قد أثنى على عبقرية شيت خطاب ووصفه بأنه أكبر عقلية استراتيجية في العرب ولكنه لا يجد من يستفيد منه.

وقد اختير رئيساً للجنة توحيد المصطلحات العسكرية في الجيوش العربية ودعا لوضع معجم عسكري موحد وصدر المعجم في أربعة أجزاء/ بثلاث لغات هي: العربية والإنجليزية والفرنسية كما ألف كتاب "المصطلحات العسكرية في القرآن الكريم".

وقد شارك في عضوية كثير من المجامع العلمية واللغوية والمؤسسات الإسلامية وتولى عدداً من الحقائب الوزارية فقد كان:
عضو المجمع العلمي العراقي/عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة/ رئيس لجنة توحيد المصطلحات العسكرية للجيوش العربية في جامعة الدول العربية /عضواً مؤسساً لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة/عضواً في المجلس الأعلى العالمي للمساجد بمكة المكرمة/مناصب وزارية لعدة مرات/وهو إلى جانب ذلك يقرض الشعر وله فيه إسهام طيب وإن كان مقلاً فيه.


معرفتي به

زارنا بالكويت أواخر سنة 1969 بدعوة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لحضور الموسم الثقافي وإلقاء المحاضرات وقد كنتُ أقدّمه في المحاضرات وأصحبه في الزيارات للشخصيات والهيئات والمؤسسات وقد ألقى محاضرات عدة وكانت إحداها بعنوان "إرادة القتال" وفيها تطرق بصراحة ووضوح إلى عدم جدية الحكومات العربية في محاربة إسرائيل.

حيث إن الحكام يضطهدون شعوبهم ويتصرفون في مقدرات البلاد وفق أهوائهم ونزواتهم وتعبئة الجنود لم تكن إيمانية ولم يكن ثمة إرادة للقتال ولا تدريب على مستوى المواجهة مع العدو الصهيوني فكانت الأغاني هي زاد الجنود وصور الزعيم والممثلين والممثلات والمغنين والمغنيات هي سلاحهم ومن هنا كانت الهزيمة الكبرى وضياع المقدسات وانتهاك الحرمات.

وكانت محاضراته وندواته وأحاديثه دواء وبلسماً وكانت توجيهاته للشباب بالكويت وبخاصة للشباب المسلم بجمعية الإصلاح الاجتماعي ذات أثر بالغ في تجديد العزم ورفع الروح المعنوية لأن الإسلام لم يخض المعركة ولكنها الزعامات الفارغة التي كشف الله عوارها وأبان هزالها وأسقط دعاواها وشعارها وليس سوى الإسلام طريقاً لعزتها وسيادتها وكل ما عداه باطل وهراء.

وتكررت اللقاءات به بعد ذلك في المملكة العربية السعودية وغيرها وكان آخرها حين قدم للعلاج في الرياض سنة 1410ه بالمستشفى العسكري وزرته مع الأخ أبي غزوان فإذا هو ذاك الرجل الفذ والقائد الشجاع والمؤمن الصادق الذي يعيش الإسلام بكل جوارحه ويدعو إليه وهو في أشد حالات مرضه لأنه يؤمن بقضاء الله وقدره صابراً محتسباً.

مؤلفاته

له أكثر من مئة وعشرين كتاباً ومنها: الرسول القائد الوجيز في العسكرية /الإسرائيلية العسكرية الإسرائيلية/ حقيقة إسرائيل/ دراسات في الوحدة العسكرية العربية/ أهداف إسرائيل التوسعية في البلاد العربية/ طريق النصر في معركة الثأر/ الأيام الحاسمة قبل معركة المصير وبعدها/ بين العقيدة والقيادة/ الإسلام والنصر/ عدالة السماء/ تدابير القدر/ تاريخ جيش النبي/ دروس عسكرية في السيرة النبوية/ غزوة بدر الكبرى/ العسكرية العربية الإسلامية/ المصطلحات العسكرية في القرآن الكريم/ الصديق القائد/ الفاروق القائد/ عمرو بن العاص/ خالد بن الوليد المخزومي/ قادة فتح المغرب العربي/ قادة فتح مصر/ القتال في الإسلام/ جيش النبي/ العدو الصهيوني والأسلحة المتطورة/ التصور الصهيوني للتفتيت الطائفي/ التدريب الفردي ليلاً/ القضايا الإدارية في الميدان/ تعريف المصطلحات العسكرية وتوحيدها/ المجمع العسكري الموحد/ الشورى في المواثيق والمعاهدات النبوية/ ومضات من نور المصطفى/ قادة فتح الجزيرة/ قادة فتح فارس/ إرادة القتال في الجهاد الإسلامي/ الشورى العسكرية النبوية/ قادة النبي/ قادة فتح السند وأفغانستان/قادة الفتح الإسلامي في بلاد ما وراء النهر/ قادة الفتح الإسلامي في بلاد أرمينيا/ سفراء النبي عقبة بن نافع الفهري/قادة فتح بلاد الشام/ قادة فتح بلاد الروم/ قادة فتح بلاد الأندلس/ الرسالة العسكرية للمسجد/ دروس في الكتمان/ أسباب انتصار الرسول القائد/ التوجيه المعنوي للحرب/ الرقيب العتيد/ اليوم الموعود/ أقباس روحانية/ نفحات روحانية/ السفارات النبوية/ أسرار الحرب العالمية الثانية/ الأمثال العسكرية في كتاب "مجمع الأمثال"/ أهمية توحيد المصطلحات العسكرية/ وله عدد كبير من الأبحاث والمقالات المنشورة في معظم الصحف والمجلات العربية والإسلامية.


مقتطفات من شعره

قال في رثاء جدته:
أجهدت نفسك فاستريحي قليلا ..قد كان عبئك في الحياة ثقيلا
نزلت ْعليك مصائب الدنيا.. ولو نزلت على جبل لخرَّ مهيلا
وجد القنوط إلى الرجال سبيله.. وإليك لم يجد القنوط سبيلا
ولربَّ فرد في سمو فعاله.. ووعلوه خُلقاً يعادل جيلا


معركة جنين

وقال بعد استرداد قواته لمدينة جنين من اليهود وقبل انصراف قواته إلى العراق بعد الهدنة:

هذي قبور الخالدين وقد قضوا ..شهداء حتى ينقذوا الأوطانا
المخلصون تسربلوا بقبورهم ..والخائنون تسنموا البنيانا
لا تعذلوا جيش العراق وأهله..بلواكمُ ليست سوى بلوانا
أجنين يا بلد الكرام تجلدي..ما ضاع حق ضرَّجته دمانا
إني لأشهد أن أهلك قاوموا..غزو اليهود وصاولوا العدوانا
فإذا نُكبت فلست أول صارم..بهظته أعباء الجهاد فلانا
مرجُ ابن عامر خضبته دماؤنا..أيصير مُلكاً لليهود مهانا
وهو الخلود لمن يموت مجاهداً..ليس الخلود لمن يعيش جبانا


من أقواله


لما ذهبت للدراسة في الكلية العسكرية بلندن سألني عميد الكلية: لماذا قدمت؟ قلت: لتجديد معلوماتي العسكرية ولتلقي أي جديد في العلم.
فعقَّب العميد على كلامي: بل قدمت لتتعلم مغازلة الفتيات فكظمت غيظي وقلت في نفسي: إن هذا لا يلقي كلامه جزافاً وإنما يحكم عليَّ بما شاهده في سواي.
ولما ذهبت إلى السكن المخصص لي وجدت فراشاً وفتاة تعمل على ترتيب غرفة نومي فانتظرت في البهو دون أن أعيرها اهتماماً حتى إذا خرجت سألتني:

هل لديك توجيهات؟قلت: شيء واحد، هو أن تحضري لأداء مهمتك عندما لا أكون حاضراً".

ويروي أيضاً فيقول:

"بعد تخرجي ضابطاً سنة 1938م كان من تقاليد الجيش أن تولم وليمة للضباط الجدد وشهدت الحفلة مع زملائي فجاء قائد الكتيبة وقد ملأ كأساً بالخمر وأمرني أن أبدأ حياتي بشرب الخمر وكان الليل قد أرخى سدوله وكانت السماء صافية تتلألأ فيها النجوم وكان قائد الكتيبة برتبة عقيد يحمل على كتفيه رتبته العسكرية وهي بحساب النجوم: اثنتا عشرة نجمة، فقلت له:

إني أطيعك في أوامرك العسكرية وأطيع الله في أوامره فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إنك تحمل على كتفيك اثنتي عشرة نجمة فانظر إلى سماء الله لترى كم تحمل من نجوم.فبُهت القائد وردد: السماء.. السماء.. نجوم السماء!.

ومضى غضبان أسفاً وشعرتُ بأن موقفي هذا ليس مصاولة بيني وبين القائد ولكنها مباراة بين إرادته بشراً وبين إرادة الله خالق البشر".

ويقول: "إن الدعوة التي تبناها المبشرون وعملاء الاستعمار وأذنابهم في إبعاد الدين الإسلامي عن الحياة دعوة مريبة هدفها إبعاد العرب عن الناحية المعنوية في حياتهم فالعرب جسم والإسلام روحه ولا بقاء للجسم بدون الروح.

إن قوى هائلة تعمل على تحطيم هذا الجيل وتفتيت قدراته وكانت قبل مقصورة على العدو الخارجي أما اليوم فقد وجدت لها مرتكزات لا تحصى في الداخل وإن ارتباط مستقبل هذا الجيل صعوداً أو هبوطاً بمدى التزامه هداية الإسلام أو إعراضه عنه. إن المسلمين اليوم في حاجة ماسة إلى قادة كخالد والمثنى وغيرهم إلا أن حاجتهم إلى العلماء العاملين أمسّ وأشدّ.

هناك أزمة ثقة بين الشيوخ والشباب ومردُّ ذلك إلى فقدان عنصر القدوة الصالحة في معظم الذين يُعدُّون في الشيوخ ويظنون أن كل ما عليهم هو أن يحسنوا عرض الموعظة السطحية ولو كان سلوكهم الشخصي أبعد ما يكون عما يدعون إليه".


مواقفه

يروي الأخ عبدالله الطنطاوي عن اللواء الركن محمود شيت خطاب أنه حدثه عن رحلته إلى مصر بصحبة رئيس الجمهورية العراقية المشير عبدالسلام عارف وهناك في القاهرة طلب من عبدالسلام عارف أن يتوسط لدى صديقه عبدالناصر للإفراج عن سيد قطب وتحدث عارف مع ناصر بحضور خطاب ووافق عبدالناصر للإفراج عن سيد قطب وعندها طلب خطاب من عبدالناصر أن يسمح له بزيارة سيد قطب في سجنه فسمح له بذلك، وحين قابله وأخبره بالوساطة، قال سيد قطب في حزن:

سامحكم الله.. لو شاورتموني لرفضتُ الوساطة ولما خرجتُ بهذه الصورة.

وحين خرج سيد قطب أهدى مؤلفاته لعبدالسلام عارف ومحمود شيت خطاب وكتب لهما عليها إهداءً لطيفاً بخط يده.

وتكرر الموقف مع العلامة أبي الأعلى المودودي حيث كان في السجن في زمن أيوب خان ورفض المودودي الوساطة من عبدالسلام عارف للإفراج عنه وأصر على البقاء في السجن.

كما كان للواء الركن محمود شيت خطاب موقف مجيد في الدفاع عن اللغة العربية ومحاربة الدعوة إلى اللهجة العامية والشعر الحر وأن الشعر الموزون المقفى هو من دعائم اللغة العربية كما حارب الدعوة لكتابة العربية بالأحرف اللاتينية ورحب بالجانب العلمي من الحضارة الغربية ورفض ما عداه من المبادئ والأخلاق والعادات والسلوك الغربي الذي انحدر إلى الحضيض في العلاقات الجنسية والإباحية والمادية وغيرها من المبادئ المادية وما تتركه من آثار على إنسانية الإنسان وروحه وسلوكه.

وقد كانت الصهيونية أعدى أعدائه ومحور تفكيره وهمومه كان يرى أن العلاج لها هو الجهاد فإسرائيل لا تفهم غير لغة القوة وهي الطريق لتحرير فلسطين وسحق إسرائيل العنصرية.

وأن الإسلام هو الحل لسائر القضايا السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية للأمة الإسلامية ونحن أمة أعزنا الله بالإسلام فإذا طلبنا العزة بغيره أذلنا الله وأن الوحدة قدر والقدر أقوى من البشر ويجب العمل للوحدة من أجل العزة والمجد ومن أجل القضاء على إسرائيل.

قالوا عنه


يقول الدكتور يوسف إبراهيم السلوم:

"زرته في المستشفى العسكري بالرياض عام 1410ه قبل وبعد إجراء العملية التي أجريت له في القلب ولمست منه الشجاعة الأدبية والإيمان القوي والرضاء بالقدر وصبره على الآلام مع كبر سنه ورغم ذلك كانت حقيبته لا تخلو من بعض المؤلفات الجديدة له وتفضل مشكوراً بإهدائي نسخاً منها وكان يتحدث مع زواره بروح عالية فازددت تعلقاً به ومحاولة معرفة المزيد عن سيرته وحياته وقد كنت أتابع ما يصدر له من كتب ومؤلفات وبحوث ومقالات فأجد فيها المعين لي في حياتي العسكرية لتأصيل العلوم والثقافة العسكرية حتى أصبحت مدرسة متميزة".

ويقول الأديب عبدالله الطنطاوي:

"عاش اللواء خطاب عصراً متفجراً من أعنف العصور وكان نصيب العراق كبيراً من الحرائق والمعاول بعد فلسطين الذبيحة وكان اللواء خطاب شاهد القرن على تلك الكوارث والمآسي التي اجتاحت العراق والشعوب العربية والإسلامية فكان ميلاد الكيان الصهيوني ثم شهد هزيمة الأنظمة العربية في حرب حزيران- يونيو سنة 1967م.

عاش محمود شيت خطاب عصره بكل ما فيه وناله الكثير مما فيه وعاه بعقله وذكاء قلبه وأسهم في إطفاء بعض الحرائق".

ويقول الإمام العلامة الشيخ محمد أبوزهرة:

"إن صديقي الكريم اللواء الركن محمود شيت خطاب القائد العظيم المدرك والوزير المخلص وقليل ما هم سعدت بمعرفته وأحسست بأني أعرفه منذ سنين يسير بفكره وقوله وعمله في خط مستقيم كاستقامته وقد جمع الله له من الصفات ما تسمو به واحدة منها عن سفاسف الأمور وتتجه إلى معاليها:

أولها: الإخلاص في القول والعمل.

وثانيها: الإدراك الواسع والعلم بما حوله وتعرف الأمور من وجوهها وإدراكها من مصادرها فقلمه نقي وفكره ألمعي.

وثالثها: إيمان صادق بالله ورسوله النبي الأمين.

ويكمل هذه الصفات همة عالية وتجربة ماضية وخبرة بالعلم والحرب وخصوصاً ما كان بين العرب واليهود وهو عالم بالعربية، وملم إلماماً عظيماً في شؤون الدين وقارئ يتقصّى الحقائق فيما يقرأ ينفر من التقليد للفرنجة ويؤثر ما في القرآن والسنة وهو قائد يعرف خصمه ويدرك مراميه حتى إنه ليتوقع الحرب أو الهجوم من عدوه في ميقاتها وقبل أن يعلنها وقبل أن يفكر فيها من سيكونون حطبها لأنه يعلم الخصم ومآربه وحاله ويتعرف من ذلك مآله، لقد علم بهجوم اليهود سنة 1967م قبل أن يعلنوه وقبل أن يقدره الذين كانوا في زعمهم يديرون الأمور ويلبسون لكل حال لبوسها".


تكريمه


وفي حفل تكريمه ألقى الشاعر وليد الأعظمي هذه القصيدة/اليوم أنشد في تكريم "محمود"
شعراً يعبر عن عن حب وتمجيد..أشدو به بين أهل الفضل مبتهجاً

ولا ابتهاجي في عُرس وفي عيد..هذا سروري لم أنعم به زمناً

مما أكابد من هم وتسهيد..موكّل بهموم الناس أحملها

وقراً على كاهلي المكسور أو جيدي..أسعى وأركض في إطعام ذي سغب

ودفن موتى المساكين المناكيد..واليوم ألقي همومي جانباً لأرى

هذا التجمع من أعلامنا الصيد..جاؤوا يُحيُّون "محمود" الصفات صفت

أخلاقه وزهت بين الأماجيد..ويصدحون بألحان الثناء كما

تشدو الطيور بتطريب وتغريد..هذي سجاياه كالريحان عاطرة

كالمسك ديف بأطياب من العود..يفوح منها أريج العلم ينعشنا

كالبارد العذب للظمآن في البيد..له أياد علينا جِدّ سابغة

بالفضل والعلم والإحسان والجود..يراقب الله في سرٍّ وفي علن

يقضي الليالي بتسبيح وتحميد..لسانه الرطب بالأذكار منشغل

عن ذم "سعد" وعن إطراء "مسعود"..وبالتلاوة في الأسحار متعته

وبالمناجاة للمولى وتوحيد..ذاق الأذى في سبيل الله محتسباً

ما كان عاناه في أيامنا السود..من اضطهاد وتعذيب وسخرية

يشيب من هولها شَعر المواليد..وهو الصبور على ما ذاق من محن

وكان أصلب من صمِّ الجلاميد..فما استكان لطاغوت ولا صنم

ولا تهيَّب من أحفاد "نمرود"..أخباره من ظلام السجن نافذة

تسري على ألسن النجوى بترديد..وسنة الله في الأبرار ماضية

بالابتلاءات من ضيق وتشريد..يُمحص الله أحوال الرجال بها

بين الصناديد منهم والرعاديد..أقلامه لسطور المجد راقمة

سفر الفتوحات من خير الأسانيد..و"قادة الفتح" نبراس يضيء لنا

نهج البطولات في عزٍّ وتخليد..وفي "السفارات" عند المصطفى خطط

تدعو لحسن اتباع في التقاليد..لطف ورأي وإخلاص وتضحية

وحكمة ووفاء بالمواعيد..مضى يدافع عن تاريخ أمتنا

يردُّ شبهة تنصير وتهويد..يردُّ كيد العدى في نحرهم قلم

يأتي على حجج الأعدا بتفنيد..وفي "فلسطين" أيام له سلفت
مجاهداً مع أبطال صناديد

يصول كالليث في غاراته جلداً..يطارد البغي في الوديان والبيد

وذكريات له في "القدس" باقية..لا ينمحي ذكرها من قلب "محمود"

يا رب بارك له في سعيه وأدم..عليه فضلك بالإنعام والجود
....

وفاته

في صباح اليوم الثالث عشر من شهر ديسمبر سنة 1998م كان اللواء خطاب يجلس على كرسي عتيق تحت درج منزله وجاءت ابنته تودعه وقبل أن تغادر المنزل إلى الجامعة طلب منها أن تجلس معه لتقرأ سورة "يس" فجلست وجاءت زوجته وجلست وقرأت البنت سورة "يس" وكان يقرأ معها فأحس بجفاف في حلقه بعد الانتهاء من قراءة السورة فطلب من زوجته أن تأتيه بكأس من الشراب وأسرعت الزوجة إلى المطبخ وهي تسمع زوجها يردد: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. وكررها مراراً ثم سكت وابنته تنظر إليه وتردد معه شهادة الحق، فأسرعت زوجته إليه لتراه كالنائم، قد أسلم الروح لبارئها رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين كل خير. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


بقلم : المستشار عبد الله العقيل الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي سابقا
.........................
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
لدى كتاب لهذا الكاتب (المفخرة) .. وقد افادنى كثيرا فى ترجمة هذا الكتاب .. حيث اوضح كيف تفسر بعض المصطلحات العسكرية بالعربية فى تعليقاتة .. كما ان الترجمة دقيقة ومفهومة جدا .. للعسكرين وغير العسكرين .. هذا بالاضافة الى اننى لاحظت الاختلاف بين ترجمة الكتب العسكرية بواسطة عسكرين او مدنين .

فمثلا فى كتاب (اسرار الحرب العالمية الثانية) ترجمة (محمود شيت خطاب) قام بترجمة armed الى (دروع)
بينما فى كتاب (مذكرات مونتجمري) والذى اصدر فى سلسة (كتب سياسية) فى الستينات .. وكان المترجمون مدنين .. قامو بترجمة الكلمة الى (مصفحات) .!

ومن هنا الفرق

وهذة بعض مؤلفاتة وترجماتة .

(الكتب العسكرية)
القضايا الادارية فى الميدان
التدريب الفردى ليلا

(الكتب التاريخية الاسلامية)
الرسول القائد
قادة فتح العراق والجزيرة
قادة فتح الشام ومصر
قادة فتح بلاد فارس
الفاروق القائد
المهلب بن ابى صفرة الازدى
الاحنف بن قيس التميمى
قتيبة بن المسلم البتهلى

(ترجمات)
اسرار الرحرب العالمية الثانية (سيرة حياة المشير فون رونشتد)
 
وذهب وانطوي التاريخ عليها بخيره وشره عاش معنا 79عاما ماذا فعلنا له
هذه العبقريه العسكريه كان يمكن الاستفاده منها ولاكن للاسف كما هو الحال مع كل العقليات العربيه المسلمه
وشكرا اخوي ادمن
 
اللواء أركان حرب محمود شيت خطاب/رباح آل جعفر


جندي من ذلك الجيش

رباح آل جعفر

هنالك سؤال حائر لا بُدّ أن نتوقف عنده طويلاً ..نسأله لأنفسنا بجميع ما ينطوي عليه من أحزان وأشجان ، فهو السؤال الأكثر مدعاة للحيرة والألم.
ما الجائزة التي ربحها المشاركون ، أو الموافقون على قرار بول بريمر الحاكم الأميركي للعراق بعد الاحتلال بحلّ منظومة الجيش العراقي السابق ، ثمّ ما لبث المتورّطون أن تنبّهوا للخطيئة ، فأحالوه في الآتي من الزمن إلى ذكريات جنرال متقاعد بنظرات من عطف ، وكلمات من رثاء ؟!.
أمس مرّت ذكرى تأسيس الجيش العراقي وكان لي في المناسبة أن أتذكر تاجاً من تيجانه وراية خفاقة من راياته ، وأن أفتح صفحة من دفاتر اللواء الركن الراحل محمود شيت خطاب ، الذي بلغت كتبه المطبوعة والمخطوطة نحو ( 400 ) كتاب في السيرة والتاريخ والقصص والتراجم والإسلاميات والعلوم العسكريّة ، وعدا عن ذلك كله فقد كان نموذجً العسكريّ النادر . حفظ القران الكريم منذ صباه الباكر ، وكان يقضي أكثر ساعات الليل في تهجّد وخشوع فإذا غلب الخشوع النعاس أجهش بكاءً من خشية الله .
ومن عجائب هيبة هذا الجنديّ أنه صلّى صلاة العيد في مسجد السيّدة زينب في القاهرة ، وعندما انتهى من الصلاة ، التفت إليه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، فرآه بين الصفوف ، فجاءه وأخذه معه إلى ضريح السيدة زينب يداً بيد بطريقة ملفتة للنظر حتى انتهت مراسيم الزيارة ، وفي الطريق حدّثه وزير الأوقاف المصري ـ آنذاك ـ الدكتور عبد الغني كامل ، وقال له : لم أر عبد الناصر عامل أحداً قبلك ، بما عاملك اليوم من الاهتمام والاحترام !.
ومرّة كان يصلّي في مسجد أبي يوسف في الكاظمية ، فلمح عالماً من الهنود ، فسلّم عليه ، وسأله : هل ترغب أن أعاونك في شيء ، فقال العالم الهنديّ: أريد زيارة محمود شيت خطاب ، فصحبه خطاب معه إلى داره ، والهنديُّ لا يعرفه ، ولمّا حل في داره وعرفه ، اندهش الهنديّ وفرح كثيراً .. وهنا تمتم خطاب قائلاً : حمداً لله وكلّ شيء بقدر !.
روى لي الراحل ذات يوم ، أنه كان يعمل في القاهرة رئيساً للجنة معجم توحيد المصطلحات العسكرية ، وهناك بقي مدة خمس سنين يتعاون مع المجموعات الفدائية ، ويمدّها بالمعلومات العسكرية والتوجيهات الملائمة للصراع ، وقد قدّموا له مبلغاً كبيراً من المال مكافأة على عمله ، لكنه رفض استلامه ، وتبرّع به إلى هذه المجموعات ، التي كانت تعمل تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية .
احتفظ خطاب بعلاقات واسعة مع رجال كان لهم دور منهم شيخ الأزهر الأسبق الدكتور عبد الحليم محمود ، وقد شاءت ظروف السياسة أن يفترق الاثنان بسبب فتوى شيخ الأزهر، التي أجازت زيارة السادات إلى القدس، ثمّ جمع الله بينهما في لقاءٍ ببغداد .. وانصرف خطاب بكثير من النقد لشيخ الأزهر وتفجّر غضباً عليه من دون مراعاة لمقامه ، حتى إذا هدأ روعه وانتهى من كلامه ، قال له الأزهري : ولكنني كنت في الحج يا سيادة اللواء ، وهناك من زوّر برقية التأييد باسمي !.
رحم الله هذا الجنديّ العراقيّ الباسل الذي عاش حياته زاهداً في الدنيا براتب تقاعدي بائس لا يتجاوز ستمائة دينار في أحسن الأحوال .. ولا بدّ من السؤال مرّة تلو مرّة : من المسؤول عن حلّ الجيش السابق فارتكب أكبر الخطايا ؟!.
 
اللواء الركن محمود شيت خطاب/د.أكرم عبد الرزاق المشهداني

اللواء محمود شيت خطاب 1919 ــ 1998

القائد العراقي الذي توقع حرب حزيران قبل وقوعها

الدكتور أكرم عبد الرزاق المشهداني


محمود شيت خطاب، أحد عمالقة العراق والأمة العربية، في عالم الفكر والعسكرية والتاريخ الاسلامي والأدب واللغة، طغت شهرته في الآفاق لما تركه وراءه من مؤلفات فاقت العشرات.

محمود شيت خطاب هو ذلك القائد العسكري العراقي الذي توقع وقوع حرب حزيران عام 1967، وحدد موعدها في اليوم الذي تعتزم فيه إسرائيل شن حربها يوم 5»6»1967، ونشر توقُّعه في جريدة العرب ، الصادرة في بغداد يوم 1»6»1967، تحت عنوان حربٌ أو لا حرب قال فيه
إن نفير إسرائيل سيكتمل يوم الخامس من يونيو» حزيران سنة 1967م، فتكون إسرائيل جاهزة للحرب في هذا اليوم، وستهاجم إسرائيل العرب في هذا اليوم حتماً ، ولكن لا مجيب وسناتي للقصة لاحقا.

ولد بمدينة الموصل عام 1919 من اسرة تمتهن النجارة، ونشأ نشأة إسلامية ملتزمة، وهو شريف النسب إذ ينتهى نسبه إلى الحسن بن علي بن ابي طالب، وهو رجل عسكري، درس العسكرية في العراق وبريطانيا، شارك في حرب فلسطين عام 1948م، وتقلّد مناصب وزارية عدة، وشارك في عضوية لجان عربية وإسلامية عديدة، وهو شقيق شيخ قضاة العراق القاضي العراقي المعروف المرحوم ضياء شيت خطاب. أما والدته فإنها قيسية. وهي ابنة الشيخ مصطفى خليل قره مصطفى من علماء الموصل المشهورين بعلمهم وورعهم. وقد تولت جدته لأبيه حضانته، لأن والدته سرعان ما رزقت بأخ له بعد سنة من ولادته، وكان لجدته الدور الأكبر في تربيته على الإسلام، والأخلاق الإسلامية، فقد كانت تصحبه إلى المسجد لصلاة المغرب، وتبقى معه حتى تصلي العشاء ثم تعود به إلى البيت، واستمرت رعايتها له إلى أن توفاها الله وعمره ستة عشر عاماً.

نشأ محمود شيت خطاب في بيت علم ودين يقرأ فيه القرآن الكريم صباح مساء. ويضم مكتبة عامرة بالمصادر المطبوعة والمخطوطة. قرأ القرآن الكريم على احد الشيوخ وحفظ شطراً منه. وخلال سني دراسته في مدينة الموصل درس علوم اللغة والتفسير والحديث على شيوخ مدينته وحج الى بيت الله الحرام عام 1935 حين كان في الصف الثالث المتوسط. لقد كانت البيئة التي نشأ فيها، والمحيط الذي عاش فيه يلتزمان العبادة، من صلاة، وصيام، وزكاة، وتلاوة للقرآن الكريم، ويلتزمان الخلق الإسلامي من تعاون وإخاء وتواصل وتزاور. درس لدى الكُتّاب مبـادئ الإسـلام، وتجـويد الـقـرآن وتلاوتـه وحفظـه وتعلم فـيه الخط، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية في السنة الثامنة من عمره، وواصل تعليمه فيها حتى أكمل المراحل الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية. وكان يصحب والده إلى مجالس الحيّ، حيث يجتمع الأعيان في مجلس يسهرون فيه على سماع الأخبار، وقراءة الكتب النافعة، وتدارس مشكلات الناس، ومساعدة من يحتاج إلى المساعدة، وحلّ المعضلات التي تعترض الأفراد والأسر. وكان والده يكلفه بقراءة أحد كتب التاريخ على الحضور، ومعظمهم من أهل العلم واللغة، فكان ذلك سبباً من أسباب حرصه على إتقان القراءة، وعشقه للتاريخ، وانصرافه للكتابة فيه، وكانت باكورة إنتاجه كتابه الرسول القائد الذي صدر سنة 1958م، ثم تتابعت كتبه الأخرى بعد ذلك.

حياته العلمية والعملية

كان محمود شيت خطاب يرغب في دراسة الحقوق بعد حصوله على الثانوية، ولكن شاء الله غير ذلك، حيث التحق بالكلية العسكرية سنة 1937م وتخرّج فيها برتبة ملازم في سلاح الفرسان، وقد سأله آمر السرية
أتشرب الخمر؟ أتلعب القمار؟ أتحب النساء؟..
ولما نفى خطاب ذلك، قال آمر السرية إن انضمامك إلى سريتي نكبة عليّ .
واستكمل مراحله العسكرية، وتخرج برتبة ضابط ركن، وابتعث إلى دورة في بريطانيا لمدة سنتين، وهكذا حتى وصل إلى رتبة لواء ركن.

شارك في ثورة رشيد عالي الكيلاني سنة 1941م، وأصيب بشظايا من قنابل الإنكليز، ولكن شاء الله له الشفاء، رغم شكوك الأطباء، كما تعرض لمؤامرات الشيوعيين أيام عبدالكريم قاسم بعد ثورة الشواف بالموصل، وناله التعذيب الشديد وأصابته كسور كثيرة، وبقي في المعتقل لمدة ثمانية عشر شهراً.
مارس التدريس في الكليات العسكرية في العراق ومصر، وكان من فراسته ودقة دراسته للعدو الصهيوني، أنه حدد اليوم الذي عزمت فيه إسرائيل أن تضرب ضربتها وهو يوم 5»6»1967م، ونشر هذا في جريدة العرب البغدادية يوم 1»6»1967م، حتى إن المؤلف الإسرائيلي صاحب كتاب الحرب بين العرب وإسرائيل أثنى على عبقرية اللواء محمود شيت خطاب، ووصفه بأنه أكبر عقلية استراتيجية في العرب، ولكنه لا يجد من يستفيد منه.

التحق بالكلية العسكرية ببغداد عام 1937 وتخرج فيها برتبة ملازم ثانٍ. وتخرج في كلية الأركان وهو برتبة نقيب عام 1947. وحصل على شهادة عليا في كلية الضباط الأقدمين عام 1954. وبشهادة مماثلة من كلية الضباط الاقدمين في انكلتراعام 1955 وشهد اربعاً وعشرين دورة تدريبية عسكرية في العراق وشمال افريقيا وانكلترا. ومنها دورات الفروسية والأسلحة والتعبئة والضباط الاقدمين جرح في الحرب مع الانكليز عام 1941. وشارك في حرب فلسطين عام 1948. وبقي مع الجيش العراقي في جنين اكثر من سنة. وتولى مسؤولية النظام والأمن في مدينة الموصل ابان الانتفاضة عام 1956 ورفض الاوامر التي صدرت له بضرب المتظاهرين المناصرين لمصر ابان العدوان الثلاثي.

دخل السجن بعد ثورة الموصل عام 1959 وبقي فيه حتى عام 1961. وتولى منصب الوزراء عدة مرات وعين وزيراً للمواصلات بعد ثورة تموز 1968. وكان وقتها في مصر رئيساً للجنة توحيد المصطلحات العسكرية للجيوش العربية. وتفرغ كلياً لبحوثه ودراساته وللتدريس في الجامعات العسكرية العربية على الرغم من انه عرضت عليه عدة مناصب رفيعة.

وقدم محمود شيت خطاب عدداً من الاحاديث المختلفة في الاذاعات العربية في موضوعات تاريخية وعسكرية بين عامي 1966 ــ 1980 في عدد من الاقطار العربية والعراق. عني محمود شيت خطاب عناية خاصة بدراسة التاريخ العربي الاسلامي ولا سيما تاريخ البطولة والحروب والفتوحات. واوضح في كتابه الرسول القائد اهمية الرسول الكريم قائداً عسكرياً ويقرر محمود شيت خطاب واقعية الرسول الاعظم وأنه اذا أراد شيئاً هيأ له أسبابه وبين دوره في الحروب التي قادها ضد المشركين مبيناً قدرته الفائقة على اعدائه من الناحية القيادية والادارية والحربية. ويثبت عبر فصول الكتب الخمسة عشر بأن انتصارات الرسول الاعظم تعود الى شجاعته الشخصية وسيطرته في احلك المواقف وقدراته السريعة الجازمة في أخطر الظروف وعزمه الأكيد على التشبث باسباب النصر وتطبيقه مبادئ الحرب المعروفة في كل معاركه تلك العوامل الشخصية التي جعلته يتفوق على اعدائه في الميدان. ويعزو المؤلف تميز الرسول الكريم في القيادة الى ميزتين 1 ــ انه قائد عصامي 2 ــ ان معاركه كانت لفرض حماية الاسلام ونشرها وتوطيد أركان السلام لا العدوان والاغتصاب. ويقسم حياة الرسول من الناحية العسكرية الى اربعة أدوار دور التحشد، ودور الدفاع عن العقيدة. ودور الهجوم، ودور التكامل.

لقد كان هذا الكتاب العلمي المنصف السبب في شهرة محمود شيت خطاب بين قرائه في جميع أقطار الوطن العربي. وتوالت كتبه في هذا الصدد فظهر في عام 1964 عدة كتب حول قادة الفتوح وبعد مقدمة عن النواحي الاجتماعية والسياسية والدينية في هذه الامصار والعقائد والديانات السائدة فيها قبل الفتح الاسلامي بدأ بفتح بلاد فارس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وبدأ بقادة فتح الجبل ضرار بن الخطاب الفهري فاتح ماسيذان والنعمان بن مقرن المزني فاتح رام هرمز وحذيفة بن اليماني العبسي فاتح همدان والري والبراء بن عازب الانصاري فاتح ابهر وقزوين وجيلان وزنجان ثم انتقل المؤلف الى دراسة قادة فتح الاحواز وهم حرملة بن مريطة التميمي وسلمة بن القين التميمي وحرقوص بن زهير التميمي السعدي وجزء بن معاوية التميمي وأبو سبرة بن ابي رهم القرشي العامري، وزير بن عبد الله الفقي والربيع بن زياد الحارثي وسلمة بن قيس الاشجعي وابو موسى الاشعري ثم انتقل الى قادة فتح طبرستان وقادة فتح الشام ومصر وليبيا وبّيّن الدور الذي لعبه عمر بن الخطاب في قيادته الحكيمة واعتماده على الشورى والمعلومات والحرص والفطنة وبعد النظر والشجاعة والقابلية البدنية وتحمل المسؤولية ومعرفة مبادىء الحرب العادلة. واعداد الخطط التسويقية والاستراتيجية وتنظيم الناحية الاقتصادية وتأمين السكن للمجاهدين. والحرب العادلة. وكان يقرض الشعر إلى جانب ذلك، وله فيه إسهام طيب، وإن كان مقلاً فيه.
ويقول إن الدعوة التي تبناها المبشرون وعملاء الاستعمار وأذنابهم في إبعاد الدين الإسلامي عن الحياة، دعوة مريبة، هدفها إبعاد العرب عن الناحية المعنوية في حياتهم فالعرب جسم الإسلام وروحه، ولا بقاء للجسم بدون روح. إن قوى هائلة تعمل على تحطيم هذا الجيل، وتفتيت قدراته وكانت قبل مقصورة على العدو الخارجي، أما اليوم فقد وجدت لها مرتكزات، لا تحصى في الداخل وإن ارتباط مستقبل هذا الجيل صعودا أو هبوطا بمدى التزامه هداية الإسلام، أو إعراضه عنه. إن المسلمين اليوم في حاجة ماسة إلى قادة كخالد والمثنى وغيرهم إلا أن حاجتهم إلى العلماء العاملين أمس وأشد. هناك أزمة ثقة بين الشيوخ والشباب.. ومرد ذلك إلى فقدان عنصر القدوة الصالحة في معظم الذين يعدون في الشيوخ ويظنون أن كل ما عليهم هو أن يحسنوا عرض الموعظة السطحية ولو كان سلوكهم الشخصي أبعد ما يكون عما يدعون إليه .

وفي 17 تموز سنة 1968 عُيّن وزيراً للمواصلات، وكان يومها في مصر رئيساً للجنة توحيد المصطلحات العسكرية للجيوش العربية التي أعدت المعجمات العسكرية الأربعة الموحدة، فاعتذر عن عدم قبول هذا المنصب فقد آثر العمل في المجالات العلمية على العمل في المناصب الحكومية، وبقي في القاهرة حتى أخرج المعجمات العسكرية الموحدة الأربعة المعروفة، والتي أعيد طبعها مرات عديدة، وكان هو الذي اقترح توحيد هذه المصطلحات، وهو الذي وضعها حيز التنفيذ. عاد شيت خطاب من مصر إلى العراق سنة 1973م، فعُرضت عليه عدة مناصب حكومية رفيعة، لكنه اعتذر عن عدم قبولها، وتفرغ كلياً لبحوثه ودراساته، وللتأليف، والتدريس في المدارس والمعاهد والجامعات العسكرية في أرجاء البلاد العربية. من ذلك شهادة العلامة الشيخ محمد أبو زهرة الذي قال عنه قائد يعرف خصمه، ويدرك مراميه، حتى إنه ليتوقع الحرب أو الهجوم من عدوه في ميقاتها وقبل أن يعلنها. علم بهجوم اليهود سنة 1967م قبل أن يعلنوه، وقبل أن يقدره الذين كانوا ــ في زعمهم ــ يديرون الأمور.
ويقول الإمام العلامة الشيخ محمد أبو زهرة :
إن صديقي الكريم اللواء الركن محمود شيت خطاب القائد العظيم المدرك، والوزير المخلص ــ وقليل ما هم ــ سعدت بمعرفته، وأحسست بأني أعرفه منذ سنين، يسير بفكره، وقوله وعمله في خط مستقيم كاستقامته، وقد جمع الله له من الصفات ما تسمو به واحدة منها عن سفاسف الأمور، وتتجه إلى معاليها
أولها الإخلاص في القول والعمل.
وثانيها الإدراك الواسع، والعلم بما حوله، وتعرف الأمور من وجوهها، وإدراكها من مصادرها، فقلمه نقي وفكره ألمعي.
وثالثها إيمان صادق بالله ورسوله النبي الأمين.

ويكمل هذه الصفات همة عالية، وتجربة ماضية، وخبرة بالعلم والحرب، وخصوصاً ما كان بين العرب واليهود، وهو عالم بالعربية، وملم إلماماً عظيماً في شؤون الدين، وقارئ يتقصّى الحقائق فيما يقرأ، ينفر من التقليد للفرنجة، ويؤثر ما في القرآن والسنَّة، وهو قائد يعرف خصمه، ويدرك مراميه، حتى إنه ليتوقع الحرب أو الهجوم من عدوه في ميقاتها وقبل أن يعلنها، وقبل أن يفكر فيها من سيكونون حطبها، لأنه يعلم الخصم ومآربه وحاله، ويتعرف من ذلك مآله، لقد علم بهجوم اليهود سنة 1967م، قبل أن يعلنوه، وقبل أن يقدره الذين كانوا في زعمهم يديرون الأمور، ويلبسون لكل حال لبوسها.

وبعد مقابلة تمت بينه وبين الأديبة الكبيرة الدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ في حضرة الأديب الأستاذ عبد الله الطنطاوي، والشاعر الأستاذ محمد الحسناوي، وذلك أواخر الثمانينيات، بعد هذه المقابلة قالت عنه بنت الشاطئ لقيته شيخاً جليلاً، وعالماً وقوراً، يغلبه هم المسلمين، ويبكي مآسيهم، ويتحرق لعمل يستنقذ فيه أمة العرب والإسلام، ويستحث همم جلسائه وزوّاره، ويحرّك عزائمهم، ويثير فيهم الغيرة الدينية للنهوض بواجب الإسلام والدعوة إليه، والعمل لإعزازه، وإعادة مجده.

يقول الدكتور يوسف ابراهيم السلوم زرته بالمستشفى العسكري بالرياض عام 1410هـ قبل وبعد العملية التي أجريت له في القلب، ولمست منه الشجاعة الأدبية والإيمان القوي، والرضاء بالقدر، وصبره على الآلام، مع كبر سنه، ورغم ذلك كانت حقيبته لا تخلو من بعض المؤلفات الجديدة له، وتفضل مشكورا بإهدائي بعض النسخ منها، كان يتحدث مع زواره بروح عالية، فازددت تعلقا به، ومحاولة معرفة المزيد من سيرته وحياته، وكنت أتابع ما يصدر له من كتب ومؤلفات وبحوث ومقالات، فأجد فيها المعين لي في حياتي العسكرية لتأصيل العلوم والثقافة العسكرية حتى أصبحت مدرسة متميزة .

ويقول الأديب عبد الله الطنطاوي
عاش اللواء خطاب عصراً متفجراً من أعنف العصور، وكان نصيب العراق كبيراً من الحرائق والمعاول بعد فلسطين الذبيحة، وكان اللواء خطاب شاهد القرن على تلك الكوارث والمآسي التي اجتاحت العراق والشعوب العربية والإسلامية، فكان ميلاد الكيان الصهيوني، ثم شهد هزيمة الأنظمة العربية في حرب حزيران يونيو سنة 1967م.

عاش محمود شيت خطاب عصره بكل ما فيه، وناله الكثير مما فيه، وعاه بعقله وذكاء قلبه، وأسهم في إطفاء بعض الحرائق .
ويقول اللواء المهندس المتقاعد عبد الستار هاشم سعيد الكيلاني
ان العلامة محمود شيت خطاب من اعلام المؤرخين العراقيين ومن أوائل العسكريين الذين كتبوا في التاريخ الإسلامي ولقد كان قوي الفكر قوي الارادة رحمة الله عليه.

وسط فوضى التصريحات والتنظيرات التي سيقت عدوان الخامس من حزيران عام 1967، كانت هناك جريدة عراقية تصدر ببغداد، بثمان صفحات وعدد العاملين فيها ستة إدارة وتحريراً هي جريدة العرب تنشر على صفحتها الثالثة يوميا، سلسلة دراسات عسكرية، إعتبارا من العشرين من شهر مايس 1967 تحت عنوان حرب ام لا حرب بقلم اللواء الركن محمود شيت خطاب، وكان العبد لله، مكلفاً من رئيس تحرير الجريدة الحاج نعمان العاني، بجلب تلك المقالات.. وقد تعوّد الكاتب خطاب، الذي ودّع الدنيا في العام 1999، وفي رأسه خزين هائل لا يقدر بثمن من المعلومات والقراءات للفكر العسكري الاسرائيلي، أن يهيئ ثلاث مقالات في كل مرة بحيث يكون، تحت يد رئاسة التحرير، مقالان، عدا المقال المنشور… وهكذا إستمر الحال.. كانت سعادتي، وأنا أتوجه الى دار ذلك الرجل الكبير، النابغة، لا توصف.. كنت أقضي عنده وقتاً يزيد على الساعة، قبل أن يسلمني مقالاته التي أصبحت الآن تاريخاً مضيئاً في مسيرة العقل العسكري العراقي والصحافة العراقية، أستمع فيها الى ينابيع الكلام من فم مليء بالحكم والعبر… ذهنه مرتب ويمتلك عقلية علمية منظمة .
ويضيف الاستاذ الحلي المقال الذي أراد كاتبه أن ينشر سريعاً.. يا إلهي.. المقال، يحذر بصورة أكيدة ومؤكدة، بأن العدوان الإسرائيلي، واقع لا محال يوم الاثنين 5 حزيران .

كان تحذير اللواء شيت خطاب، هواء في شبك الفوضى العربية، فاللحظات الحاسمة تحتاج الى حكمة وجرأة ومبادرة وتشخيص صحيح… كانت تلك الايام، تمثل لحظات خطيرة جدا في تأريخنا العربي، غير ان الفشل في إقتناصها أدى الى خسارة فادحة جداً… ولم يلتفت القادة العرب ووزراء الدفاع ورؤساء أركانهم الى صرخة الصحافة العراقية، التي أعلنت إحدى صحفها عن موعد العدوان بدقة.. كان العسكر والقادة نيام فيما الصحافة العراقية كانت يقظة.
ويتساءل الاستاذ الحلي وإنني أتساءل بعد كل هذه السنين ترى كيف سيصبح حال العرب لو أخذوا بتحذير اللواء خطاب وقاموا بضربة إستباقية للحشود الاسرائيلية وهم يمتلكون آلاف الطائرات الهجومية وآلاف الصواريخ وملايين العسكريين. ألم ستتحول نكبة حزيران الى نصر حزيران ؟

وفاته
في صباح اليوم الثالث عشر من شهر كانون اول سنة 1998م، كان اللواء خطاب يجلس على كرسي عتيق تحت درج منزله، وجاءت ابنته تودعه، وقبل أن تغادر المنزل إلى الجامعة، طلب منها أن تجلس معه لتقرأ سورة يس ، فجلست وجاءت زوجته وجلست وقرأت البنت سورة يس وكان يقرأ معها، فأحس بجفاف في حلقه بعد الانتهاء من قراءة السورة، فطلب من زوجته أن تأتيه بكأس من الشراب، وأسرعت الزوجة إلى المطبخ وهي تسمع زوجها يردد أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. وكررها مراراً ثم سكت، وابنته تنظر إليه وتردد معه شهادة الحق، فأسرعت زوجته إليه لتراه كالنائم، قد أسلم الروح لبارئها.

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع النَّبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين كل خير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

عن جريدة الزمان
 
التعديل الأخير:
رد: اللواء أركان حرب محمود شيت خطاب

## اللواء محمود شيت خطاب رحمة الله رحمة واسعه واسكنه فسيح جنانه ##

images


tantawi+khatab.jpg

 
رد: اللواء أركان حرب محمود شيت خطاب

## عام نكبة العلماء 1419-1420 هجري ##

..... نعم انه عام نكبه لعلماء الامة ففي هذا العام لقي العلامة الكبير والقائد المجاهد والداعية العامل والمؤرخ الأديب اللواء الركن محمود شيت خطاب لقي وجه ربه الجليل بتاريخ 24 شعبان عام 1419هـ الموافق 10 كانون الأول (ديسمبر) 1998م في منزله الكائن في حي اليرموك ببغداد عاصمة الجمهورية العراقية ....


..... (( وقد كان قسم الدراسات الإسلامية التابع لكلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز في جدة قد اتخذ توصية بترشيح اللواء الركن محمود شيت خطاب لجائزة الملك فيصل التقديرية بتاريخ 4 شعبان 1419هـ وكذلك أصدرت جامعة الإيمان بفلسطين نفس التوصية وكان المتوقع أن تصدر توصيات أخرى وعن جامعات أخرى عربية واسلامية في هذا الشأن ولكن سبق قدر الله واختاره مولاه إلى جواره وتوقف كل بحث في أمر الترشيح وكان رحمه الله أحق من يكرم بهذه الجائزة )) .....


..... ويشاء الله أن تتوالى محن الأمة الإسلامية بفقد علمائها العاملين ووفاة شيوخها الأبرار ورحيل قممها العلمية الشامخة فبعد وفاة العلامة الخطاب بشهرين توفى مفتي المملكة العربية السعودية العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز حيث وافته المنية بتاريخ 27 محرم عام 1420هـ وبعد خمسة أسابيع وبتاريخ 4 ربيع الأول من نفس العام توفي العلامة الأديب القاضي الشيخ علي الطنطاوي، وبعد أسبوعين من هذا التاريخ توفي فقيه العصر وعالم الأمة الشيخ مصطفى الزرقا حيث وافته المنية بتاريخ 19 ربيع الأول عام 1420هـ، وبعد هذا التاريخ بأسبوع كذلك توفي العالمان الجليلان الشيخ مناع القطان عميد قسم الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، والشيخ عطية سالم مدرس الحرم النبوي الشريف حيث لقيا وجه الله الجليل بتاريخ 6 ربيع الآخر عام 1420هـ. .....



## وهكذا..... وفي شهور قليلة...... فجعت الأمة الإسلامية بوفاة هذه الكوكبة من العلماء والفقهاء والدعاة والأدباء والقادة من أعلام القرن العشرين، وفجيعة الأمة بالعلماء والمفكرين لا تعوّض –إلا أن يشاء الله- خاصة هذا الزمان الذين قلّ فيه العلماء العاملون والدعاة المخلصون ##

 
رد: اللواء أركان حرب محمود شيت خطاب/رباح آل جعفر


جندي من ذلك الجيش

رباح آل جعفر

.. ولا بدّ من السؤال مرّة تلو مرّة : من المسؤول عن حلّ الجيش السابق فارتكب أكبر الخطايا ؟!.

قرار امريكي بمباركة عربية
 
عودة
أعلى