دور الإعلام في معركة التحرير المعارك السريّة للمخابرات الجزائرية ضد فرنسا الاستعمارية

شعلة الشهداء

صقور الدفاع
إنضم
15 يونيو 2011
المشاركات
2,710
التفاعل
409 0 0
كأي ثورة في العالم ، فقد كان للاعلام، والاستخبارات دور كبير في تحقيق الانتصارات والمفاجآت غير السارة بالنسبة للعدو، والذين قادوا الثورة الجزائرية رغم قلة عدتهم وعتادهم ، لكنهم أبهروا الاستعمار الفرنسي والعالم بحسن استغلالهم لمعركة الإعلام والاستخبارات لربح المعركة على الأرض ومن ثمة تحقيق الحرية والاستقلال على أعتى قوة عسكرية في ذلك الوقت.


صوت الجزائر من دمشق
لم تشأ دمشق أن تبقى بعيدة عن الساحة الإعلامية بخصوص الجزائر وثورتها خصوصا في قلب كل سوري وشائج حنين أن لم نقل قربى مع الجزائر التي تربطها بالشام روابط تاريخية يجسمها مثوى الأمير عبد القادر في مسجد أمية بدمشق رغم نقل رفاته لموطنه الجزائر

وهكذا رغم أن وسائل الإعلام السورية لم تقصر لحظة واحدة في حق الثورة الجزائرية إلا أن الجالية الجزائرية العتيدة بالشام وخصوصا لفيفا من طلبتنا اعتبروا من أقدس واجباتهم الإسهام في المعركة برؤاهم وآمالهم في جزائر الغد

وتفضل رئيس البعثة المغفور له الشيخ محمد الغسيري بأن فتح لهم الباب أمام السلطات السورية التي لبت النداء فورا وحققت الرجاء.

وصدح صوت الجزائر الثائرة من إذاعة دمشق على لسان الأخ محمد مهري الذي كان يتحمل وحده في المدة الأولى بث البرنامج كاملا بأنبائه عن الكفاح المسلح وتعليقه السياسي أو تحليله الإخباري وذلك كل يوم ، ثم استعان بجمع من الطلبة الجزائريين الدارسين في جامعة دمشق الذين كانوا يتداولون على البرنامج يوما بيوم أذكر من بينهم :

- الأخ سي الهاشمي قدوري

- الأخ محمد بوعروج

- الأخ منور الصم

- المرحوم الأخ عبود

ما يميز البرنامج الجزائري في إذاعة دمشق هو أنه كان حرا لا يخضع لأية رقابة من أي نوع كان.

غير أن تغيير نظام الحكم في سوريا بانفصالها عن مصر وخروجها من الجمهورية العربية المتحدة قد غير الأحوال.

فقد أعرب المسؤولون الجدد للأخ محمد مهري المشرف على البرنامج عن ضرورة تسلم النصوص المزمع بثها للرقيب قبل تسجيلها، في حين أكد صاحب البرنامج أنه لا يمكن للثورة الجزائرية أن تخضع الناطق باسمها لغير القيادة الجزائرة.

وتمسك كل طرف بموقفه، وطلب الأخ محمد مهري من المسؤولين في الإذاعة السورية نصا كتابيا في الموضوع، فأكدوا له كتابيا ضرورة مراقبة محتوى برنامج صوت الجزائر قبل بثه، فعاد إليهم بكتاب رسمي من البعثة الجزائرية يسجل هذا الموقف ويعلم باتخاذ قرار بوقف الحصة.

وهكذا سكت صوت الجزائر من إذاعة دمشق التي بقيت تتناول القضية الجزائرية برؤى وأصوات شامية.

صوت الجزائر من بغداد :

تحاشت السلطات العراقية في عهد نوري السعيد فتح إذاعتها الرسمية لبرنامج إعلامي خاص بالجزائر وذلك تحسبا وتخوفا من غليان الجماهير العراقية الذي قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه بالنسبة لنظام الحكم في ذلك العهد.

فقد كان الملك فيصل والأمير عبد الإله أشبه بالأراجوز في يد الأنكليز الذين راهنوا ومعهم الأمريكان على نوري السعيد.
وقد عبر القصر الملكي وخصوصا نوري السعيد لكل من زارهم من مسؤولي الثورة الجزائرية على استعداده الكامل لتقديم أي دعم مالي أو مادي للجزائر لكنه أكد كل مرة أنه لا يرى ضرورة أبدا لفتح أمواج الأثير لصوت الجزائر من إذاعة بغداد.
وبقي الأمر على هذه الحال حتى جاء صيف 1958.
فقد قام الجيش العراقي بقيادة اللواء الركن عبد الكريم قاسم رحمه الله بقلب نظام الحكم وأذن بفتح إذاعة بغداد الثورية لصوت الجزائر الثائرة إضافة إلى قراره بتخصيص ميزانية قارة سنوية لصالح كفاح الجزائر إلى جانب ميزانية الدولة العراقية.
إسمحوا لي اخواني عدم تمكني من الاتصال بالأخوين حامد روابجية ومحمد قصوري اللذين كان برنامج صوت الجزائر يبث من إذاعة بغداد تحت إشرافهما باعتبارهما تحملا رئاسة البعثة الجزائرية في العاصمة العراقية آنذاك، فلديهما تفاصيل ساعات الإرسال وأسماء المساهمين في التحرير والأداء فضلا عن محتويات البرنامج.

مفعول كل هذه البرامج الإذاعية
وما مدى صدى صوت الجزائر، يكفي التنبيه إلى أن أساطين الحرب النفسية الاستعمارية اضطروا - أمام عجز بل إفلاس إذاعة باريس بقنواتها العديدة - اضطروا إلى أحداث وإقامة إذاعة خاصة كان مركزها مدينة تولوز (Toulouse) جنوب فرنسا حشدوا لها إمكانيات ضخمة وجندوا لها أصواتا متنوعة انتقوها شبيهة بأصوات معلقي مختلف البرامج الإذاعية الثورية كعملية تمويه على الجماهير العربية عامة والجزائرية خاصة.
وكانت هذه الإذاعة الفرنسية تبث برامجها يوميا وكأنها صوت آخر لثورة الجزائر مليىء بالأخبار عن المعارك التي تنتهي دائما في روايتها بانسحاب المجاهدين من الميدان أو بالغلو في نتيجة المعارك مما يجعلها عرضة للريبة والشك.

وكانت تتخلل برامجها نفس الأناشيد الحماسية التي تذاع من صوت العرب بالقاهرة.
لكن وعي الجماهير كان كفيلا بكشف هذه الإذاعة المضللة التي عجز أسيادها في العثور على أصوات مكهربة شبيهة ولو من بعيد بصوت عيسى مسعودي أو صوت أحمد سعيد. أن برامج صوت الجزائر المجاهدة أدت ما عليها. فقد أعطت في الليالي الحالكات شحنة إيمان قوية لشعبنا المكافح الصامد كما عبرت بوضوح للرأي العام ودون انقطاع عن مواقفنا الراسخة، أغنى عن كشفها المتواصل لمناورات العدو واعتداءاته الوحشية ضد الأبرياء و في مستهل شهر جويلية 1962 صدح "صوت الجزائر" لآخر مرة في المحطات الإذاعية التي سبق ذكرها، وقدم باسم الثورة الجزائرية الظافرة وباسم شعبنا العتيد الشكر الجزيل لجميع الشعوب التي ساندت كفاحنا التحريري، وامتناننا لجميع البلدان التي احتضنت قضيتنا وآوت لاجئينا، معلنا انتقال الجزائر من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، داعيا أشقاء الجزائر وأصدقاءها في العالم إلى السير جنبا لجنب حتى يتحقق مستقبل أفضل لجميع شعوبنا التواقة للانعتاق من الاستعمار والتعبية.

مصير تسجيلات صوت الجزائر؟
إن إخوة من إذاعة تونس قدموا رجاء في نهاية عام 1962 يتمثل في رغبتهم تسليمنا جميع التسجيلات مقابل أشرطة جديدة لأن رصيد الإذاعة التونسية من الأشرطة وضعف ميزانيتها آنذاك لا يسمح لها بالتنازل عن الكمية الهائلة من التسجيلات "صوت الجزائر" دون تعويض. وأعتقد أن عدم التكفل بهذه القضية أدى إلى فسخ أغلب الأشرطة.
فهل من منقذ لما تبقى ؟ وهل من متابع لهذا الموضوع المرتبط بتاريخ ثورتنا المجيدة ؟
المؤمل استرجاع كل التسجيلات من كل الإذاعات السابقة ذكرها وإلا فكيف نكتب تاريخ ثورتنا بصفة جادة.
الإعلام عبر الصحف والنشريات :
النشريات :
منذ نداء أول نوفمبر 1954 الذي يعتبر المنشور رقم 1 في دعوة الشعب الجزائري إلى الكفاح صفا واحدا ضد الاحتلال الأجنبي، توالت البيانات والنشريات هنا وهناك توضح المواقف وتقسر الرؤى، وتجند كافة طبقات الشعب للمعركة الفاصلة. فقد كان لبعض الولايات وحتى المناطق نشريتها الخاصة، عرف بعضها وأندثر الجزء الأكبر منها.
و لا مناصب للباحث عن وسائل الإعلام إبان حرب التحرير من التنقيب عن هذه النشريات وما أكثرها، لكننا - واحسرتاه - لا نجد لها أثرا اللهم إلا بعض العناوين القليلة التي ما يزال من أسهموا فيها على قيد الحياة.
كانت عناوين هذه النشريات متعددة بتعدد قيادات الولايات والناطق و بالأخص بتوفر محافظين سياسيين أكفاء نذكر منها هذه النشريات على سبيل المثال :
"الجبل" ، "الفدائي"، "حرب العصابات"، "اوراس النمامشة"، "صدى الثورة"، "سيف الأسود" الخ ...
ولعل بعض المواطنين من المجاهدين والمناضلين يذكرون عناوين أخرى لنشريات كانت توزع سرا إبان حرب التحرير.

جريدة "المقاومة الجزائرية" :
أ- صدرت الطبعة الأولى من جريدة "المقاومة الجزائرية" في باريس. وكانت تستهدف إخوتنا في المهجر إضافة إلى المجتمع الفرنسي لتنويره بحقيقة المعركة التحريرية الدائرة في الجزائر.
وكانت هذه الطبعة بحكم المكان تصدر بالفرنسية كما كانت لمقتضيات القضية ميالة إلى الأسلوب الثوري المناسب لمجتمع ذاق مرارة الاحتلال النازي في الأربعينات وقاوم هذا الاحتلال ببطولة مشهودة.
وكانت هذه الطبعة تصدر في شكل ملزمة جيدة الطبع.
ب- أما الطبعة الثانية من المقاومة الجزائرية، فقد كانت تصدر بالمغرب الشقيق وبالضبط في تطوان وتحمل شارة طبعة (ب)، و قد أشرف على المبادرة بنشرها الفقيد محمد بوضياف و الأخ علي هارون الذي يحتفظ بمجموعة كاملة من هذه النشرية.
ج- أما الطبعة الثالثة و تسمى طبعة (ج)، فقد كانت تصدر في تونس، وتطبع في مطبعة صغيرة بنهج المفتي قرب جامع الزيتونة المعمور صدرت أعدادها الأولى باللغة العربية وكانت نصف شهرية ثابتة (العدد الأول منها صدر بتاريخ فاتح نوفمبر 1956).
كانت المقالات تصفف حرفا حرفا، ثم كلمة كلمة، ثم سطرا سطرا، ففقرة فقرة كما كان السحب يتواصل صفحة صفحة يتم في النهاية جمعها و طيها عددا بعدد.
ميزة هذا النوع من الطبع هو أن الصفحات تمتاز بالنظافة والدقة كما تبدو الصور المطبوعة كأنها الأصل.
غير أن عامل الزمن لم يكن في صالح هذا الأسلوب الذي يمكن أن يعتبر أقرب إلى الأسلوب البدائي منه للعصري.
كان أول مشرف على هذه الطبعة هو الأخ عبد الرزاق شنتوف المحامي كما كانت أسرة التحرير تتكون من الإخوة الآتية أسماؤهم :
- عبد الرحمان شيبان
- محمد الميلي
- محمد الصالح الصديق
- الأمين بشيشي الذي كانت مهمته سكرتارية التحرير والإشراف على الإخراج والطبع.
كانت الطبعة (ج) من المقاومة الجزائرية تشتمل على مآثر المجاهدين في الميدان كما كانت غنية بالتعاليق والتحاليل السياسية إضافة إلى الوجوه المشرفة من الرجال والنساء عبر تاريخنا البعيد والقريب كما نجد على صفحاتها قصصا من الواقع الثوري تخلد مآثر المجاهدين والمجاهدات.
الإيجابي في هذه الطبعة خلافا لكل من الطبعة (أ) و الطبعة (ب) هو أن أعدادها جمعت بكاملها في شكل سجل قريب من شكل الجريدة الأصلي حجما، و قد صدرت مجموعة المقاومة الجزائرية طبعة (ج) عن وزارة الثقافة والإعلام مشكورة بمناسبة الذكرى الثلاثين لثورتنا الخالدة نوفمبر 1984 .

من البديهي أن طبعات ثلاث تصدر في أماكن شتى (باريس - تطوان - تونس) بهيئات تحرير لا صلة بينهم يؤدي حتما إلى بعض الخلاف في الرؤى أن لم نقل التبادين في المواقف.
هذا ما أدى بقيادة الثورة إلى توقيف جميع الطبعات ثم إلغائها في جوان 1957 واستبدال "المقاومة الجزائرية" بجريدة "المجاهد" التي صارت منذ ذلك الوقت اللسان المركزي للثورة.
"المجاهد":

صدر أول عدد من جريدة "المجاهد" في الجزائر العاصمة في جوان 1957 على شكل نشرية مقاسها 27 x 31 سم تم سحبها على آلة رونيو . Roneo
وتواصل صدور "المجاهد" حتى العدد رقم 6 في يناير 1957 أي بمعدل عدد واحد شهريا.
ويشاء القدر أن تكتشف مطبعة "المجاهد" أثناء ما عرف باسم معركة الجزائر، وكان وقتها العدد السابع تحت الطبع، فأتلفت قوات الاحتلال المطبعة والوثائق بحيث لم ير العدد السلبع من المجاهد النور أبدا.
وهكذا انتهت الفترة العاصمية للمجاهد الذي انبعث من جدبد ليس فقط في الشكل بحيث أصبح جريدة مطبوعة ولكن بالخصوص بوصفه اللسان المركزي لجبهة التحرير الوطني.
فقد تحلى العدد الثامن المطبوع في مدينة تطوان في المغرب الشقيق بتاريخ 5 أوت 1957 ببلاغ صادر عن لجنة التنسق و التنفيذ (CEE) يقضي بإنهاء إصدار "المقاومة الجزائرية" بطبعاتها الثلاث ليصير "المجاهد" منذ ذلك التاريخ جريدة الثورة الجزائرية ولسانها الوحيد.
صدرت في تطوان ثلاثة أعداد فقط من "المجاهد" (من عدد 8 الآنف الذكر إلى العدد رقم 10 الذي صدر في شهر سبتمبر 1957).
الطبعة التطوانية كانت مزدوجة اللغة عربية وفرنسية وكان يشرف على رئاسة التحرير الأخ محي الدين موساوي.
و مع العدد 11 الذي صدر بتونس بتاريخ فاتح نوفمبر 1957 انفصلت الطبعتان العربية والفرنسية وأخذ "المجاهد" الشكل النهائي الذي عرف به بعد ذلك.
وتدعمت هيئتا التحرير العربية والفرنسية بشخصيات مختلفة المشارب نذكر منها عن الجانب العربي :
- الأخ المجاهد سي ابراهيم مزهودي كرئيس تحرير.
- الأخ محمد الميلي كمحرر.
- الأخ عبد الله شريط كمحلل سياسي.
- الأخ عيسى مسعودي مكلف بالجانب العسكري.
- الأخ عبد الرحمن شريط كمترجم انقليزي عربي - فرنسي .
- الأمين بششي كسكرتيرتحرير ومخرج للطبعة العربية.
أما هيئة التحرير بالفرنسية، فكانت تتكون من بعض المناضلين وأنصار الثورة الجزائرية أذكر من بينهم :
- الأخ رضا مالك كرئيس هيئة التحرير.
- السيد فرانز فانون كمحلل سياسي.
- السيد بيار شولي كمحرر سياسي.
- الأخ محي الدين موساوي كسكرتير تحرير و مخرج للجريدة.

أما قسم التصوير وهو مشترك بين الطبعتين فكان يشرف عليه المرحوم الأخ أحمد دحراوي بينما أوكلت مهمة التوزيع للأخ محمود حمروش.
يجدر القول هنا بأن لكل من الطبعتين العربية والفرنسية شخصيتها، فلم تكن إحداهما ترجمة للأخرى رغم اشتراكهما في الافتتاحية وفي النصوص الأساسية أو الرسمية الصادرة عن قيادة الثورة.
هذا ولزم التذكير بأن الراحل الأخ أحمد بومنجل كان يشرف على الخط السياسي للجريدتين تحت سلطة الفقيد عبان رمضان الذي كان يرأس قبل غيابه لجنة الإعلام الموسعة التي كانت تجمع كل الإخوة والسادة المذكورين آنفا في الطبعتين العربية والفرنسية.
ولا يمكن أن أختم هذا العرض دون الإشارة إلى الدور الفعال الذي لعبه الأخ محمد يزيد عندما آلت إليه الأمور كوزير للإعلام في الحكومة المؤقتة.
فقد كانت تجربته الميدانية في مجال الإعلام داخل اتحادية الجبهة بفرنسا ثم كممثل للثورة ومتكلم باسمها في المحافل الدولية خصوصا في هيئة الأمم المتحدة أكبر دافع لإعلام ديناميكي عصري فعال تترجمه الملاحظات التالية :
* ملاحظات :
طروحات "المجاهد" عددا وراء عدد لقضية التحرير بالجزائر خاصة و في العالم الثالث عامة جعلت من اللسان المركزي لجبهة التحرير الوطني مرجعا رئيسيا جديا لجميع المهتمين بقضايا الشعوب في العصر الحديث سواء كانوا من السياسيين الميدانيين أو من الباحثين في تطور المجتمعات وفي الكفاح التحريري للشعوب.
سمحت مقالات "المجاهد" العديدة بحيوتها المتميزة وتحليلاتها الجادة من أن تصبح بعد جمعها حول مراكز اهتمام معينة كتيبات هامة وجد مفيدة للتعريف عالميا بمختلف القضايا والمشاكل على المستوى الوطني والجهوي والقاري.
وفيما يلي بعض العناوين لكتيبات صدرت اقتباسا من "المجاهد"
أ- الثورة الجزائرية و تحرير إفرقيا
ب- إفريقيا تتحرر.
ج- إفريقيا في طريقها نحوة الوحدة.
د- النابالم في الجزائر
ه- مراكز التجمع
و- عبر ولايات الجزائر
ز- كلنا جزائريون
ق- الجزائر الصحراوية
مما سبق يتبين مدى الصيت الذي أصبح لجريدة "المجاهد" على جميع الأصعدة مما جعل الذهنية الاستعمارية الحقودة تتفتق على فكرة جهنمية تمثلت في تزييف "المجاهد" تماما كما فعلت "بصوت الجزائر" كما سبق أن ذكرت.
وبالرجوع إلى الأعداد 63 و 64 و 65 و 66 من جريدة المجاهد الصادرة خلال عام 1958، نلاحظ مقالات دخيلة وصور مستهجنة أقل ما يقال عنها أنها كانت تدفع بالقارىء البسيط إلى الاستغراب إن لم نقل الاستنكار الذي يريدون أن ينسبوه للثورة تجاه أبناء شعبها أو حيال أصدقائها في العالم.
وقد تم التصدي لهذه العملية الشيطانية كما تم رد كيد مصالح الحرب النفسية الفرنسية إلى نحور أصحابها فلم تجد بدا من الاقلاع عن أسلوبها التضليلي الذي لم تحصد من ورائهسوى الخزي و العار في كل مكان.

مجموعة "المجاهد" بالفرنسية تم إنجازها كاملة بيوغسلافيا في جوان 1962 في شكل ثلاثة مجلدات متوسطة الحجم تشتمل على كل الأعداد الصادرة من العدد رقم 1 إلى العدد رقم 91 باستثناء العددين 5 و 6 الذين لم يعثر على أي نسخة منهما عند طبع المجموعة إضافة إلى العدد رقم 7 الذي أتلفه جنود "ماسو" أثناء معركة الجزائر العاصمة كما أسلفنا.
أما النسخة العربية فقد طبعت بالجزائر بمناسبة الذكرى الثلاثين لاندلاع الثورة (نوفمبر 1984) أي 22 سنة بعد صدور المجموعة بالفرنسية.
وقد طبعت في أربعة مجلدات تشتمل على جميع النسخ من العدد 1 إلى العدد رقم 120 باستثناء الأعداد رقم 4، 5، 6 و 7.
نست أن أذكر بأن النسختين من "المجاهد" كانتا تطبعان في مطبعة "لابريس" La Presse بقلب "باب بحر بتونس" و كان الناضل التونسي الوفي الأخ عز الدين سويسي والد المسرحي الشهير منصف سويسي هو صاحب الفضل في صقل عملية الإخراج و تحسينه.
"نشرة سياسية" :
صدرت في تونس ابتداء من 21 أفريل 1959 عن وزارة الأخبار للحكومة المؤقتة وثيقة دورية تحمل عنوان "نشرة سياسية" أسندت رئاسة تحريرها للفقيد الراحل أحمد بومنجل رحمه الله.
بدأت النشرة شهرية ثم صارت نصف شهرية وكانت بتحاليلها المعمقة موجهة أكثر إلى النخبة من التخصصين في القضايا السياسية أو المهتمين بالمعضلات والمشاكل المعاصرة.
وكانت لا تخلو مما يحق أن يعتبر سجالا بين قيادة الثورة والسلطة الفرنسية خصوصا من اعتراف الجنرال ديغول بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره بنفسه.
كانت أحسن الأقلام مجندة للإسهام فيها كما كانت صفوة من المثقفين مكلفة بترجمة أهم محتوياتها.
نشرات أخرى
كان لنشر ملزمتين عن التعذيب الذي تمارسه قوات العدو ضد المثقفين الجزائريين بالخصوص تأثير كبير إعلاميا على الأوساط العاليمة بما فيها الفرنسية.
الملزمة الأولى بعنوان "السؤال" LA QUESTION للمناضل اليساري هنري علاق وصحافي مرموق في جريدة الجزائر الجمهورية ALGER REPUBLICAIN تم القبض عليه بتهمة التواطؤ مع الثوار وعذب أشد التعذيب أثناء الاستنطاق.
والكتيب الذي سجل فيه الوان التعذيب الذي تعرض له راج كالنار في الهشيم في الأوساط التقدمية في فرنسا التي تجندت لإدانة الأساليب الوحشية للاستعمار.
أما الكتيب الثاني فبعنوان "الجرح المتعفن" La Gangrène وهو عبارة عن رواية بعض طلبتنا بباريس من أعضاء الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين لما تعرضوا له من ألوان التعذيب في سجون فرنسا بسبب تعاطفهم مع شعبهم.
وقد تبين الرأي العام الفرنسي والدولي من خلال الكتابين مدى توغل السلطات الفرنسية في الخطأ بانتهاجها أسلوبا غير إنساني مخالف للقوانين الدولية فضلا عن القوانين الأخلاقية.
لا تحضرني عناوين نشرات أخرى اللهم إلا مجلة "الشباب" التي كانت تصدر عن مصلحة لشؤون الداخلية للثورة، وطبعا نشرة "صوت الجمهورية الجزائرية" التي كنا ننشر فيها دوريا أهم التعاليق السياسية لبرنامج "صوت الجزائر" من إذاعة تونس.
الإعلام عبر الوسائل السمعية - البصرية :
سلاح إعلامي آخر استعملته الثورة للتعريف بكفاح شعبنا وعدالة قضيتنا يتمثل في اقتحامنا ميدان السينما.
كان الأخ جمال شندرلي رحمه الله أول من برهن في صفوفنا على أن الكاميرا لا تقل خطورة عن البندقية في إصابة العدو.
غير أن الميدان السينمائي بخصوصياته التقنية أوسع وأكثر تعقيدا من أن يحط به الأخ جمال شندرلي وحده رغم كفاءته و صدق عزيمته.
لذا تمت الاستعانة بخبيرين من أكثر الفرنسين تحمسا للقضية الجزائرية و هما روني فوتي RENE VAUTIER و روني كليمان RENE CLEMENT اللذين وضعا فنهما في خدمة كفاح شعبنا، إيمانا منهما بعدالة قضيته.
وإذا كانت السينما بالأمس - على غرار التلفزة اليوم - سلاحا بتارا. فإن السيطرة على فنونها وتقنياتها ليس بالأمر الهين مما تسبب في قلة الإنتاج وحد بالتالي من فعالية النشاط السمعي البصري.
على أنني - إذ أنوه بالأشرطة التسجيلية التي أنجزها الأخ جمال شندرلي والرفيقان فوتيه و كليمون - أعتبر أن أحسن إنجاز لهذه الخلية يتمثل في تكوين عناصر جزائرية في الميدان السينمائي كان لها صداها فيما بعد، وأقصد الأخوين أحمد راشدي ومحمد الأخضر حامينا اللذين كانت مدرستهما الأولى في ميدان السينما هي هذه الخلية المتكونة من الرواد الآنف ذكرهم.
ينبغي أن أشير إلى أن هذه الوحدة السينمائية نشطت أساسا فس المنطقة الخامسة التي تمتد على مساحة واسعة في شرق الولاية الأولى متاخمة للمنطقة الشرقية وللولاية الثانية وكان مركز قيادتها آنذاك في نواحي سدراته تحت إشراف الأخ الرائد محمود قنز.



الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني

إدراكا منهم بدور الفنون في المعركة سواء من ناحية التعبئة النفسية للجزائريين أو من ناحية إبراز الهوية الجزائرية المتميزة عن الكيان الفرنسي خلافا للمقولة الاستعمارية "شعب واحد من دانكارك إلى تمنغاست.
قرر مسؤولون في الجبهة تجنيد الفنانين من مختلف المشارب لتطوين فرقة فنية وطنية توكل إليها مهمة التعريف بتراث الجزائر وكفاح شعبها من أجل الحفاظ على مقومات شخصيته.
وتم الاتصال الأول بعميد المسرح الجزائري الفقيد محي الدين باشتارزي رحمه الله وكان وقتها قد نزح إلى الدار البيضاء بالمغرب الشقيق، فاعتذر عن المسؤولية دون أن يقدم الأسباب التي دفعت به إلى اتخاذ هذا الموقف.
وهكذا فضل القدر للقيام بهذه المهمة رجل المسرح الكبير الفنان المناضل الفقيد مصطفى كاتب رحمه الله الذي جند لفيفا من الفنانين الجزائريين من مسرحيين و موسيقيين، وكون منهم فرقة فنية تحمل شهادة ميلادها تاريخ 24 ماي 1958 بالعاصمة التونسية حيث كان الجميع على موعد.
كان أول عنوان لأول مسرحية قدمتها هذه الفرقة هو "نحو النور" من تاليف المسرحي الراحل عبد الحليم رايس تلتها مسرحية "أولاد القصبة" ثم "الخالدون" شارك فيها جمع من الوجوه المعروفة أو التي اشتهرت فيما بعد أمثال طه العامري ويحيى بن مبروك (لابرانتي) والنمري رحمه الله ووافية وغيرهم. كما قامت الفرقة الموسيقية بجهود مركزة لإبراز ثروة التراث الغنائي الجزائري بواسطة أصوات أحمد وهبي وخليفي الشاب وفريد علي رحمه الله و الطاهر بن أحمد وغيرهم. وكان الشاعر الأخ محمد بوزيدي يرافق الفرقة في حلها و ترحالها عبر العواصم العربية والأجنبيةن يصدح بجلال الثورة ويعبر بما ينظمه من شعر غزير عن ىلام و آمال شعبنا المكافح. كما لا أنسى أن أذكر الفنان حسيسن رحمه الله وهو مطرب شعبي ناجح وافته المنية في تونس حيث دفن، كما أذكر عميد الجماعة عمي الدهماني من الأوراس والأخ بولعوينات يغمدهما الله بواسع رحمته. هذا وقد جالت هذه الفرقة الفنية عدة بلدان شقيقة وصديقة على غرار فريق كرة القدم العتيد المنوه به سالفا، وكانت بفضل ديناميكية مصطفى كاتب و خبرته وإخلاصه وجها وفيا للشخصية الجزائرية وكفاح شعبنا الدؤوب من أجل الحرية والانعتاق وتأكيد هويته الوطنية. وقد خلدت هذه الفرقة بعض أعمالها آنذاك في أسطوانيتين 33 لفة أنجزت أولاهما في الجزائر في مناسبة وطنية.

قضايا إعلامية أخرى :
المراسلون الأجانب :
أما الشكوك التي زرعتها التصريحات العدوة في مختلف الأوساط عبر العالم والتي تتعارض مع بياناتنا حول سير الثورة المحترم نحو النصر، قررت أجهزة إعلام أجنبية عديدة إيفاد مراسلين لها للتأكد من الحقيقة بالرؤية المباشرة.
والحقيقة أن أشقاء وأصدقاء مؤمنين بعدالة قضيتنا كانوا سباقين إلى زيارة الواجهات الحربية حيث يعتبرون العيش وسط المجاهدين شرفا أسمى وتحقيقا لحلم طالما راود خيالهم.
وهكذا عرفت ميادين القتال داخل الجزائر شخصيات من عدة جنسيات لا مجال لذكرهم جميعهم، لكني أستطيع أن أورد أسماء بعضهم وجنسياتهم الجهة الإعلامية التي أوفدتهم :
. المراسل الحربي زغلول سعد صاحب كتاب "90 مع الثوار في خط النار"
. المراسل الحربي محمد حسين شعبان صاحب كتاب "90 يوما مع ثوار الجزائر".
. الرسام أحمد طوغان صاحب كتاب "أيام المجد في جبال وهران" جريدة الجمهورية.
. المراسل الحربي إلهامي حسين مراسل مجلة "المصور".
. المفكر الناصري محمد عودة موفد من جريدة "الجمهورية".
. أبو الفتوح مراسل إذاعة "صوت العرب".
. السيد بيتشار مراسل حربي يوغسلافي موفد من جريدة بوربا (BORBA)
. مراسل حربي إيطالي عن جريدة (le Courreir de Trieste).
. الصحافية الأمريكية (CATHRYN UPDEGRAFF) عن مجلة نسوية أمريكية.

. كما سجلت شبكة NBC و CBS برامج في فائدة القضية الجزائرية كان لها تأثير كبير على الرأي العام خصوصا برنامج شبكة CBS الذي ضمنه المراسل تصريحات لقادة جيش الاحتلال ثم ختمه بكوكبة من الأطفال الجزائريين بألبسة رثة متشبثين بالجزء الأعلى من عمود كهربائي وهو ينشدون بحماس : "من جبالنا طلع صوت الأحرار ينادينا للاستقلال" .
والواقع أن بعض الصحفيين كانوا يريدون الاطلاع ليس فقط على جيش التحرير وتنظيمه بل وخصوصا تسليحه أمثال مراسل "نيويورك تايمس" السيد جامس مايكل فريدمان الذي كان يسأل : "هل يتلقى جيش التحرير أسلحة من المعسكر الشيوعي"؟ و "هل أنساق جيش التحرير مع التيار الشيوعي"؟.
. على أن بعثة تلفزيونية إيطالية هي التي كان لها سبق تسجيل مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التاريخية والتي يمكن أن يعتبر عملها بحق آخر مسمار في نعش الدعاية الفرنسية المضللة.
لقد جن جنون قادة الاحتلال عندما لاحظا بان صور المظاهرات العرمة في قلب العاصمة الجزائرية تبث عبر تلفزيونات العالم، فألقوا القبض على البعثة الإعلامية الإيطالية التابعة لقناه (RAI) ونكلوا بأفرادها قبل طردهم انتقاما لنجاحهم في تسريب تسجيلاتهم للخارج دون المرور على الرقيب العسكري وانقشع الضباب أمام حلفاء فرنسا أنفسهم بما فيهم أعضاء الحلف الأطلسي، و بدا للعيان بجلاء أن ثورة الجزائر شعبية جماهيرية، و أن الدعاية الفرنسية التي كانت تحصرها في عمل بعض من تصفهم "بالماقين" أو تسميتهم "الخارجين عن القانون" ليس سوى تزييف و تضليل.
ومازالت أذكر خطابا حماسيا مؤثرا للزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر يوم 23 ديسمبر 1960 ببور سعيد تعرض فيه لهذه المظاهرات قائلا :
"إنني أنحني بإجلال أمام هؤلاء الأطفال والنساء في شوارع الجزائر، هؤلاء الأبطال الذين رأيناهم على شاشة التلفزيون وأيديهم عزلاء من كل سلاح وصدورهم عارية إلا بالإيمان، رأناهم يتصدون لجحافل الاستعمار المدججة بدباباتها و السيارات المصفحة يصرخون في وجه المتعدي أن أخرج من أرضنا، هؤلاء جديرون بالحياة الحرة الكريمة.
إن الجماهير التي رأيناها على شاشة التلفزيون تكتب تاريخا ساطعا للأمة العربية وتبشر بغد مشرق لأمتنا المجيدة ..."
إثر هذا الخطاب المشهود، علق عدد من الصحافيين المرموقين بالقاهرة في ذلك الوقت على مدى تأثير الإعلام وخاصة التلفزيون على الراي العام والخاص بما في ذلك رجال شديدو البأس من أمثال الرئيس "جمال عبد الناصر".
أحداث فرضت نفسها على الإعلام الدولي

الضربات الهادفة التي كانت ثورتنا توجهها للعدو سواء بالحجة في الميدان السياسي أو باختيار مكان وزمان العملية العسكرية أو الفدائية دفعت بالمستعمر إلى التصرف خبط عشواء في كثير من المناسبات.
وكانت لغطاته ورعونة تصرفاته صدى واسع في المحافل الدولية. ويكفينا أن نذكر عينات من هذه التصرفات الحمقاء. وما أكثرها للتدليل على صحة ما نقولن و القائمة للمثال لا للحصر.
- اختطاف الطائرة المغربية المقلة لخمسة من قادة الثورة الجزائرية

كان لعملية اختطاف الطائرة المغربية المقلة للزعماء الجزائريين الخمسة المتوجهة من الرباط إلى تونس للمشاركة في قمة مغاربية وذلك يوم 22 أكتوبر 1956 صدى إعلامي واسع لفائدة القورة الجزائرية رغم نجاح عملية السطو تقنيا.
فبقدر ما أسقط في أيدي الداعين إلى إحلال السلام عن طريق التفاوض وفي مقدمتهم الرئيس الحبيب بورقيبة بقدر ما كانت خيبتهم كبيرة لنسف العملة التفاوضية بسبب تنطع القادة السكريين الفرنسيين ومن ورائهم كبار المعمرين المتغطرسين ومن سار على منوالهم من ضعفاء السياسيين.
- الاعتداء على قناة السويس :
ولا أجد ضرورة للإطالة في هذه القضية المعروفة لدى القاصي والداني والتي كشف الزمان على أن حكومة فرنسا برئاسة غي موللي الاشتراكي هي التي شجعت انكلترا وإسرائيل على القيام بها اعتقادا منها بأن ضرب القاهرة يعني القضاء على ما سمته رأس الأفعى، والأفعى لعلكم في رأي غي مللي هي الثورة الجزائرية الذي كان الزعيم الاشتراكي الفرنسي يعتقد - خطأ - أن رأسها المدبر هو الرئيس المصري جمال عبد الناصر، جاهلا أو متجاهلا إرادة الشعب الجزائري القوية في افتكاك حريته واستقلاله من الاستعمار مهما كان الثمن.

ولم تعد قضية الاعتداء على قناة السويس منحصرة في ضفتي حوض المتوسط، بل تسببت في تدخل القطبين السوفياتي والأمريكي مما أكسبها بعدا عالميا.
و هكذا فشل الاعتداء، وفشل المحرض عليه السيد غي موللي الذي تعتبر هزيمته في هذه القضية انتصارا للثورة الجزائرية ما دام قصده من التدخل العسكري في مصر هو محاولة إخماد ثورتنا المقدسة.
الحكم بالإعدام على الفدائية جميلة بوحيرد :
تناقلت وكالات الأنباء خبر حكم القضاء الاستعماري بإعدام الفدائية الجزائرية الشابة جميلة بوحيرد.
وأصبحت هذه القضية قضية الساعة في العالم أجمع بحيث تدخل ملوك ورؤساء دول من الشرق والغرب لدى الجنرال ديغول حتى لا يتم تنفيذ الحكم في فتاة لم تتجاوز العشرين من العمر.
وبرزت المطربة المعروفة وردة الجزائرية أول ما برزت كفنانة على الصعيد الواسع بفضل أغنية ناجحة جدا تحمل إسم "جميلة" كان لذيوعها الفضل في اشتهار المطربة وردة عربيا والتعريف بقضية تمجد كفاحنا التحريري دوليا.
كما تحولت قصة "جميلة" إلى فيلم مؤثر جماهيريا بطولة الفنانة ماجدة و إخراج الأستاذ يوسف شاهين.
وقد بلغ نجاح هذا الفيلم درجة جعلت السفير الفرنسي في كابول عاصمة أفغانستان يفقد أعصابه ويذهب شخصيا إلى القاعة التي يعرض فيها فيلم "جميلة" فيقطع بيديه الملصقات الدعائية صارخا "هذا كذب، هذان بهتان، هذا تضليل".
مما نتج عنه احتجاج رسمي من حكومة أفغانستان لدى وزارة الخارجية الفرنسية خصوصا وقد كاد السفير أن يأخذ لكمات من شبان أفغان مناصرين للثورة الجزائرية جاؤوا لمشاهدة فيلم "جميلة".
الغارة العدوانية على ساقية سيدي يوسف :
انتهت معركة جبل الوسيطي على الحدود الجزائرية التونسية يوم 11 يناير 1958 بمقتل عدد من جنود الاستعمار وأسر أربعة آخرين نقلهم المجاهدون إلى غابة شمال المنطقة الشرقية.
وعبثا حاولت الجحافل الفرنسية المدججة ملاحقتهم أياما وليالي لإنقاذهم لكنها رغم تمشيط المناطق المجاورة بقيت جهودها الكثيفة دون جدوى.
وقد حز هذا في نفوس كبار الضباط الفرنسيين فقرروا تنفيذ ماأسموه "بحق التتبع" داخل التراب التونسي لكنهم لم يجازفوا بإنجاز تهديداتهم برا بل أرسلوا سربا من طائراتهم المقاتلة التي رمت وابلا من القنابل على قرية سيدي يوسف التونسية وذلك يوم 8 فبراير 1958 فأزهقت نفوسا بريئة وألحقت أضرارا كبيرة بمنشآت اجتماعية وثقافية مما كان له رد فعل احتجاجي من أوساط عديدة في العالم لم تكن في الماضي تعبأ بما يقترفه الجيش الفرنسي من جرائم في بلادنا.
وقد وظفت الحكومة التونسية هذه الحادثة إعلاميا فنجحت في التشهير بالممارسات الحمقاء للعساكر الفرنسيين على المستوى الدولي.
سجلت ثورتنا بعد ذلك بمدة نجاحا سلمناهم للصليب الأحمر الدولي، مبرهنين بالتالي على احترام اللوائح الدولية خلافا للطرف المقابل.
سقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة :
وصل الأحباط بقادة الجيش الفرنسي في ربيع 1958 إلى درجة أم حاولوا تنفيذ انقلاب ضد حكومتهم المركزية في باريس.
فقد سادت فوضى في صفوف قيادة الجيش الميداني على أعلى مستوى حتى وصل بهم الأمر إلى التفكير وتخطيط إنزال قواتهم جوا بعاصمة بلادهم للإستيلاء على مقاليد الحكم هناك بدعوى أن الحكومات الفرنسية الكثيرة المتعاقبة مصابة بوهن جذري أعجزها عن تدبير شؤون الدولة مما وفت على الجيش الفرنسي كل مرة فرص الانتصار الميداني في الجزائر على حد زعمهم.
و هكذا تم استنجاد رئيس الجمهورية السيد روني كوتي" RENE COTY "بت "المنقذ" الجنرال ديغول وسلم له مقاليد الحكم إنقاذا للشرعية ولفرنسا كما يقال آنذاك.
وأسلمت الجمهورية الرابعة الروح غير مأسوف عليها وواصلت ثورتنا سيرها الثابت نحو النصر النهائي.
وكانت وسائل إعلامنا، مدعمة بأجهزة البلدان الشقيقة والصديقة، ترصد كل صغيرة وكبيرة و تبين لمن يريد أن يعي صدق مسعانا و ثبات عزمنا حتى رضخت فرنسا للتفاوض مع من يحاربونها لا مع صنائع أرادت أن تقدمهم كمخاطب كفء يمثل الشعب الجزائري المناضل.
خاتمة :
هذه ملامح عن الإعلام و دوره إبان حرب التحرير مع ذكر بعض جنوده في مختلف البقاع وشتى التخصصات، آمل أن تتاح للباحثين من الشباب فرصة التعمق فيه حتى يماط اللثام عن جنود معركة بالكلمة و القلم لا تقل ضراوة عن المعارك بالمدفع والبندقية، والتي أدت - متظافرة - إلى حرية الجزائر و استقلال شعبها.
بقي لي أن أنبه بأن الجزائر المستقلة طالبت إلى جانب عدد من دول العالم النامي بنظام إعلامي دولي جديد يسمح للمستضعفين بإسماع صوتهم ويمكنهم من التعبير عن تصوراتهم وآرائهم للتسيير العادل بالمعمورة التي أصبح سكانها بحكم وسائل الاتصال الجبارة كسكان عمارة واحدة لا تخفى فيها خافية بين الجيران.
غير أن الدول المتقدمة التي تسيطر على وسائل الاتصال لا ترضى طبعا لأمثالنا أن يرفعوا رؤوسهم. وتفرض عليهم مادتها الإعلامية والثقافية تماما كما تفرض عليهم منتوجاتنا الاستهلاكية من كل نوع. لذا فإن شعوبنا لا مناص لها من مواصلة الكفاح لافتكاك نصيبها المشروع في هذا المجال مثلما افتكت بعد جهاد مر حقها في الحرية.
ما يلي نص كتبه الأستاذ محمد ختاوي بمناسبة الذكرى ال55 لاندلاع الثورة الجزائرية المجيدة (أوال نوفمبر 1954/أول نوفمبر 2009)
د.محمد ختاوي
Iـ دور الدبلوماسية الجزائرية أثناء الثورة التحريرية:
مما لا شك فيه أنه كان للعمل الدبلوماسي إبان الثورة التحريرية دور هام إن لم نقل رئيسي في استقلالالجزائر. فقد ساهمت التحركات الحثيثة لأعضاء جبهة التحرير الوطني في بلوغ الهدف المنشود الذي اندلعت من أجله الثورة التحريرية في الفاتح من نوفمبر 1954، ألا وهو استقلال الجزائر. وإذا كان قادة جبهة التحرير الوطني عند تأكيدهم على ضرورة الإعتماد بالدرجة الأولى على العمل المسلح، فإن الأمور تغيرت مباشرة بعد حوالي 3 سنوات من اندلاع الثورة المجيدة، حيث عرفت هذه السنوات، تحركات دبلوماسية ركزت بالخصوص على:
ـ عزل العدو في الميدان الدبلوماسي
ـ ربح أصدقاء جدد في الداخل والخارج
ـ الحصول على مساعدات مادية ومعنوية
ـ تدعيم مؤسسات الدولة الجزائرية قصد الاعتراف بالنظام السياسي لها.
ـ الضغط المتواصل ومداهمة الاستعمار باستعمال سياسة الإنهاك الإعلامي.
ـ تدويل القضية الجزائرية
ـ حمل المعاناة الجزائرية والمحن الداخلية إلى الخارج من أجل إبلاغ الرأي العام الدولي بالأعمال الشرسة التي كان الجيش الفرنسي يرتكبها في حق الشعب الجزائري.
والجدير بالذكر أن الوضع الدولي السائد آنذاك والمتميز في الحرب الباردة، ساهم كثيرا في العمل الدبلوماسي، لأن وجود قطبين رئيسيين في العالم في ذلك الوقت، جعل الأمور ملائمة ومواتية للتحرك الدبلوماسي. ويمكن أن نقول أن المؤتمر الآفروآسياوي الذي انعقد في 17 أبريل 1955 بباندونق (اندونيسيا) كان بمثابة نقطة انطلاق وتحول رئيسية في كفاح الشعب الجزائري والدور السياسي لجبهة التحرير، خاصة وأنه اختتم بإصدار بيان تضامني مع الثورة الجزائرية في حربها الدائرة ضد الاستعمار. والأكثر من هذا، يرى بعض الملاحظين والمحللين السياسيين أن التنظيم العسكري والسياسي وحتى الدبلوماسي الذي ميز جبهة التحرير وجيش التحرير بدأ بعد انعقاد مؤتمر الصومام في 20 أغسطس 1956 على اعتبار أن المؤتمر أحدث تغييرات جذرية على هذا المستوى من خلال التقسيم الذي فرضه والذي بموجبه ضمت الولايات الثورية الست بعض ما كانت تسمى بالنواحي و المناطق و القسمات. وهذا ما سمح بتحقيق دفع إضافي للثورة إذ تم تحديد المهام بتسلسل ودقة سواء على الصعيد السياسي أو العسكري أو الجانب ألمخابراتي أوالاتصالي فضلا على الجانب المتعلق بالتموين والإعلام والدعاية والتكوين إلى غير ذلك. كما تم تنصيب عدد من الهياكل بالجبهة من بينها "لجنة التنسيق والتنفيذ" (CCE)، حيث لعبت هذه الأخيرة في السنة الأولى من تنصيبها دور هيئة مهتمة بالشؤون الخارجية.
ومن هذا المنطلق، صارت الدبلوماسية الجزائرية تلعب دورا حساسا رئيسيا يتمثل في التصريحات التي كان يدلي بها ممثلو المقاومة، وكذلك الندوات الصحفية التي كانوا يعقدونها في مختلف العواصم الأجنبية.
كما استغل ممثلو جبهة التحرير الوطني في الخارج وسائل الإعلام في البلدان الشقيقة والصديقة لإبراز الإنطلاقة والتعريف بالثورة الجزائرية وبأهدافها وأبعادها الحقيقية.وقد خدمت هذه البرامج الإعلامية الثورة الجزائرية خير خدمة.
فكانت أداة فعالة لغرس روح النضال وتقوية الإيمان بالنصر ورفع معنويات الجماهير الجزائرية في الداخل والخارج وحشدها وراء الثورة، وكانت أيضا خير وسيلة لتمرير الدور الدبلوماسي لقادة الثورة الجزائرية.
هذا، وقد تمكنت المقاومة بفضل توجيهها من قبل القادة السياسيين والدبلوماسيين في الداخل والخارج، في ظرف قصير، بالرغم من عملها الشاق والعسير أن تحقق رواجا وانتشارا كبيرا عبر كل الوسائل المتاحة لها من كتب، وشعر ومسرح، وسينما، وكذا النشرات التي أصبحت متواجدة عبر أنحاء العالم، ومنها من ترجمت إلى عدة لغات لإقناع الرأي العام الداخلي والخارجي بشرعية الثورة الجزائرية و عدالتها.
وكان ذلك، إن دل على شيء، فإنما يدل على إرادة قادة الجبهة في ضرورة الرد الفوري على أجهزة الإعلام الغربية المنحازة لوجهة النظر الفرنسي، كما كانت موجهة للشعب الفرنسي كذلك. وبفضل تلك النشاطات الثقافية والإعلامية والتحسيسية تمكنت قيادة الجبهة أن تقدم للرأي العام الدولي صورة متكاملة لكفاح الشعب الجزائري الشرعي وبسط الجرائم البشعة للاستعمار وحق الشعب في تقرير مصيره بنفسه.
كما استطاعت الدبلوماسية الجزائرية آنذاك أن تدق أبواب أوروبا والأمم المتحدة بنيويورك، وأن تنتزع وتكسب حماس الشعوب وقناعتها بعدالة القضية الجزائرية.
ولعل أول انتصار دبلوماسي على المستوى الدولي بالنسبة لقيادي الجبهة الموحدة، كان إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الجلسة العاشرة للأمم المتحدة، وكان ذلك في 20 سبتمبر سنة 1957 وتزامن هذا الحادث مع إضراب عام للتجار في الجزائر. كما مكنت هذه الواقعة بإسماع صوت الجزائر وإخراج القضية من أيادي الفرنسيين الذين كانوا دائما يتخوفون من حدوث هذه المسائل الحرجة وإبرازها إلى العالم بحيث كانوا يروجون إلى حلفائهم بأن القضية الجزائرية شأن داخلي فرنسي.
ولقد كان للدبلوماسية الجزائرية تأثير كبير في تحول المواقف التي كانت الإدارة الفرنسية تروج لها في شأن الذين أسمتهم "بالفلاقة" (الخارجين عن القانون) حيث عمدت في الأخير إلى إجراء أول لقاء سري مع محمد يزيد الذي كان يمثل الجبهة في الأمم المتحدة بنيويورك، وذلك في 21 يونيو 1956.
وقد ظهرت قوة الدبلوماسية الجزائرية إبان الحرب التحريرية في أول تحرك للهيئة الأممية بشأن القضية الجزائرية ،حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة لائحة في 15 أكتوبر 1957 تدعو فيها إلى إيجاد حل سلمي وديمقراطي للقضية الجزائرية التي صارت تشكل صداعا للعالم. وهو الأمر الذي دفع قادة الجبهة إلى التركيز على الخارج وربح معركة أخرى، معركة مواجهة الرأي العام الدولي، حيث أنه بعد شهر من لائحة الأمم المتحدة، خرجت لجنة التنسيق والتنفيذ التابعة لجبهة التحرير الوطني إلى الخارج قصد إعطاء بعث قوي للعمل الدبلوماسي.
كما ساهمت التقارير التي كانت تصدر وتنشر عن مختلف عمليات التعذيب والإبادة الجماعية الممارسة من قبل الجيش الوحشي الفرنسي إلى تجنيد المتطوعين في الخارج وتحسيس الرأي العام الدولي حول القضية الجزائرية.
وهكذا كانت سنة 1957 هي سنة الجزائر في الأمم المتحدة، فقد عرضت مرتين قضية الجزائر على الأمم المتحدة في الدورتين الحادية عشر والثانية عشر، واستمر طرح القضية بعد ذلك في كل دورة من دورات هيئة الأمم المتحدة وذلك نتيجة الكفاح السياسي والدبلوماسي الذي لعب، هو الآخر دورا مهما لخدمة القضية الجزائرية وإظهار حقيقتها.
وكان عدد أنصار الجزائر المكافحة يتزايد في كل مرة، في حين كان موقف فرنسا يتزايد تقهقرا وحرجا حتى أمام حلفائها، الأمر الذي أرغم حلفاء فرنسا في النهاية إلى التخلي عنها، وكان للعزلة الدولية التي منيت بها فرنسا دورها في التأثير على السياسة الفرنسية التي وجدت نفسها مضطرة لإعادة النظر في مواقفها. وقد لايتسع المجال هنا لعرض مراحل الصراع السياسي والدبلوماسي للجزائر على المستوى الدولي. وعلى هذا الأساس، يكون من المناسب ذكر بعض الانتصارات الدبلوماسية للجزائر الثورية وبالتالي الهزائم الدبلوماسية التي لحقت بالحكومة الفرنسية، نذكر منها خاصة:
1/ التقرير الذي بعثه السيناتور جون كنيدي الذي أصبح فيما بعد رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، حيث أتهم فيه كنيدي أمام الكونغرس، السياسية الفرنسية فيما يخص موقفها الاستعماري المتعنت والسياسة التي ألتزمتها الولايات المتحدة تجاه هذه المسألة. مما بدأ يغير مجرى الأحوال عبر العالم لاسيما في الدول الغربية.
2/ مذكرة بتاريخ 23 نوفمبر 1960 موجهة من طرف أعضاء البرلمان السويدي إلى الوزير الأول مطالبين حكومتهم التدخل لدى هيئة الأمم المتحدة لوقف الاعتداءات الفرنسية وإيجاد حل سلمي للقضية الجزائرية.
3/ الندوات الصحفية ووسائل الإعلام التي جندتها الجبهة للرأي العام الدولي ضد الحرب الفرنسية في الجزائر وإعطاء أرقام عن الشهداء والأسرى وحرق الأراضي وعدد المحتشدات، مما أعطى إحصائيات حقيقية للدمار الاستعماري ونظرة حقيقية للعمليات العسكرية والفدائية في المدن والمناطق الجبلية التي جعلت العدو لا يستقر ولا يهدأ له بال، إلى غير ذلك من الاتصالات المباشرة مع عواصم العالم.
4/ تنصيب البعثات والوفود الجزائرية في الخارج والتي كانت من جملة مهامها توسيع أعمال الجبهة السياسية منها لفت نظر العالم والاتصال الدائم بالهيئات الدبلوماسية للدول الشقيقة والصديقة والغربية وكذا الحكومات المركزية التابعة للدول حيث كان يوجد ممثل الثورة الجزائرية.
5/ تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية (GPRA) في 26 سبتمبر 1958 في تونس، وكان ذلك من نتائج الدبلوماسية الجزائرية حيث كان عملها الأساسي هو إسماع الصوت الرسمي للمثل الرئيسي للشعب الجزائري على المستوى الدولي. فقد عمد فرحات عباس الذي كان يترأس الحكومة المؤقتة آنذاك إلى إجراء عدد من اللقاءات والزيارات للوفود الجزائرية في الخارج، منها زيارة الوفد إلى بكين وموسكو وبلغراد ونيودلهي إلى غير ذلك من عواصم الدول الصديقة والعربية الشقيقة. وقد سجلت هذه الحكومة الفتية أول عمل دبلوماسي لها في هيئة الأمم المتحدة إذ أسمعت صوت ملايين الجزائريين فيما يخص الاستفتاء الذي اقترحه الجنرال دي غول رئيس الجمهورية الفرنسية آنذاك في 16 سبتمبر 1959.
6/ القرار الذي أصدرته هيئة الأمم المتحدة بتاريخ 19/12/1960 (أثناء الدورة الحادية عشرة) والذي ينص على أن الجمعية العامة قد أكدت الحاجة القصوىّ لوضع الضمانات الفعلية المناسبة التي تكفل تطبيق مبدأ تقرير المصير بنجاح وعدالة، على أساس الاعتراف بالوحدة والسلامة الإقليمية للجزائر.
7/ النصر الدبلوماسي إثر انضمام الجزائر المكافحة إلى اتفاقيات جنيف في 20 يوليو 1960 الذي حققته في القصر الفيدرالي بمدينة بارن (BERNE) السويسرية والذي كان له انعكاسات كبيرة بحصولها على تسجيل حكومة سويسرا وثائق انضمام الحكومة المؤقتة إلى اتفاقيات جنيف الأربعة المبرمة في 12 أغسطس 1949 بشأن حقوق الإنسان.
يقول الأستاذ محمد بجاوي الذي صار فيما بعد وزيرا للعدل في الجزائر المستقلة و رئيس محكمة العدل الدولية ثم وزيرا للخارجية قبل اعتزاله عن السياسة : " كانت هذه الاتفاقيات تنظم سلوك المتحاربين وأسرى الحرب وحقوق الإنسان، وكان الانضمام إلى هذه الاتفاقيات ، يعد في سياق ذلك العهد، نصرا سياسيا ودبلوماسيا وقانونيا هائلا، وكان لا يبدو في متناول أي حركة تحررية في ذلك العهد".
ومن الميادين التي تحقق فيها النجاح كاملا ـ يضيف محمد بجاوي ـ على الرغم من قيود الحياة في الجبال ميدان معاملة أسرى الحرب. وكان الإفراج على الأسرى عندما يتقرر يستلزم عبور الجزائر بكاملها عبر مخاطر هذه الجبال حتى حدود التراب التونسي أو الراب المغربي



 
عودة
أعلى