القصة التاريخية لنهب مياة النيل

yasoo63

عضو
إنضم
21 نوفمبر 2007
المشاركات
324
التفاعل
292 0 0
القصة التاريخية لنهب مياة النيل.. يسردها .. محمد عبد الرحيم.
الأربعاء, 20 أبريل 2011 13:22 أحمد بكر سليم












فكرة تحويل مياه النيل إلى إسرائيل كادت

تؤدي إلى انقلاب على الساداتالنيل الشريان التاجى لقلب العروبة النابض

خطططوارئ للتدخل المسلح في أية دولة من الدول الواقعة علي حوض النيل إذا ما تعرضت مياه النيل لتهديد مباشر

كان الرئيس السادات علي وشك السقوط أثر إنقلاب عسكري

.............................................................................................

كتب .. محمد عبد الرحيم

..................................................

من خلال المعلومات التي تتردد فى القاهرة ، وواشنطن ، والقدس ، وبدات تتجمع تفاصيل مؤامرتين لعزل الرئيس السادات وكانت الأسباب الداعية لعزله في كلتا المؤامرتين لا تكمن فقط في إنه أراد أن يعقد سلاما مع إسرائيل ، ولكن أيضا لإنه كان ينوي تحويل مياه النيل لري صحراء النقب في إسرائيل ، كنوع من الإغراء لإسرائيل للموافقة علي السلام وكان موضوع المياه سيعجل بسقوطه ، قبل أن تقتله رصاصات الجماعات الأصولية الإسلامية المتطرفة في ذكري( الإنتصار) في أكتوبر 1981 ، ففي إجتماع اللجنة السياسية الذي عقد أثناء مؤتمر السلام بين مصر وإسرائيل في كامب ديفيد عام 1978 ناقش المفاوض الإسرائيلي إمكانية التعاون في مشروعات المياه بين البلدين ، ولم تكن الفكرة جديدة ، ففكرة تحويل نسبة 1 % من مياه النيل خلال خط مواسير إلي إسرائيل قد ناقشها الهيدرولوجيون منذ سنوات عديدة ، وكانت لها جدوي إقتصادية مفيدة للطرفين ، فإسرائيل لن تدفع فقط ثمن المياه التي ستحصل عليها مصر ، ولكن ستمد أيضا مصر بخبراتها بينما يتم تمويل المشروع من الطرفين وستوظف فيه العمالة في كلا من مصر وإسرائيل . وحبذ السادات الفكرة ، ورأي من خلال نظرته الدولية أن العمل سيؤدي إلي التعاون بين الدول المجاورة الأخري ، فمن خلال مد خط المواسير إلي صحراء النقب سيمكن ربط لبنان والأردن بشبكة مياه أقليمية والذي لم يفطن إليه السادات هو المعارضة القوية لمبادرته ، سواء في داخل بلاده أم في خارجها . وكان جهاز الأمن المصري علي دراية تامة بالخطط العربية التي تستهدف إحداث القلق في مصر عن طريق مساندة منجستوهايلاماريام في أثيوبيا والمتمردين في جنوب السودان - وكلاهما يمكنه أن يؤثر علي جريان النيل إلي مصر - وكان رجال الأمن علي إستعداد تام للتصدي إلي هذه الخطط وحماية مصر من كل مكروه لكنهم لم يقبلوا فكرة تحويل جزء من مياه النيل إلي إسرائيل ، وأخبرنا أحد الضباط : " لقد كان من الصعب علينا أن نقنع رجالنا بحماية الخطط التي تسوي خلافا مع عدونا دلم لفترة ثلاثين عاما ، لكن عندما يتعلق الأمر بمد فرع من النيل مهما كان صغيرا خارج الحدود المصرية حينئذ ستفضل الأغلبية أن تفقد عينا من أن تري ذلك اليوم " وبدلا من أن يعمل رجال الأمن وحدهم فقد كانوا يحتاجون لمعرفة تفاصيل ما يجري من أمور بين رجال السياسة والوزراء السابقين وضباط الجيش وتولدت خطة الإنقلاب الاولي : إخلال بالأمن ومسيرات ينظمها ممثلو النقابات المهنية والعمالية والطلاب الثائرون المؤيدون للمعارضة ثم يحرك الجيش وحداته إلي الشوارع متظاهرا بأنه يحافظ علي الأمن ولكنه في الحقيقة لإنضمام قواته إلي صفوف المتظاهرين وكان سيتم القبض علي السادات وكانت إشارة البدء هي إن إعلان عن إتفاقية مع إسرائيل تتضمن مياه النيل . ولكي يكتسب عمل مدبري الإنقلاب صفة الشرعية إستطاعوا التوصل إلي عضو مشهور وله صوت مسموع في مجلس الشعب المصري ، هو كمال أحمد ذلك العضو المعروف بأمانته وآرائه الجريئة المعارضة للحكومة ولكن كان أحمد علي دراية كبيرة بأساليب الحياة السياسية في مصر فقد خشي أن يكون مكلفا برسم خطة للإنقلاب وعلي الرغم من إنه ينكر ذلك الآن فيبدو إنه توخي الحذر وأبلغ عن الضابطين وقد منيت هذه الخطة بالفشل وحتي هذا اليوم فقد ظل أسما الضابطين المتورطين والأحداث كلها في سرية تامة وتبعا للتفسيرات الهامسة لضباط الأمن فقد فصل الضابطان من الخدمة دون محاكمة حيث خشت الحكومة من إنكشاف مدي السخط الذي سيسود الجيش إذا ما تمت محاكمتهما أمام القضاء
تحذير أمريكي
حذر الأمريكيون السادات من المحاولة الثانية والأكثر خطورة والتي تم التخطيط لها للتخلص منه حيث سلم ستانسفيلد تيرنر الذي كان يشغل في ذلك الحين منصب رئيس وكالة الإستخبارات الأمريكية C I A رسالة شخصية للرئيس السادات عندما كان الرئيس السادات يتفاوض مع الرئيس جيمي كارتر ومناحم بيجين رئيس الوزراء الإسرائيلي في كامب ديفيد فقد كان لفت السلوك الغير طبيعي لأحد ضباط المخابرات المصرية في لندن إنتباه الأمريكيين فقد كان هذا الضابط برتبه رائد ويعمل ملحقا عسكريا في السفارة المصرية بلندن حيث أتصل سرا بجبهة المعارضة الوطنية المصرية لكن ذلك كان قبل ستة أشهر من أن يعرف رئيسه المتواجد بالقاهرة بالموضوع وفي خلال تلك الفترة قام بالإطلاع علي تفاصيل الإتفاقيات الموقعة مع إسرائيل وعرف أسرار الإنقلاب الذي خططت له المعارضة ومن خبرته بالخداع السياسي أدرك بسرعة إنه إذا كتب لهذا الإنقلاب النجاح فيجب أن يقوده شخصية معروفة ومحترمة من كل المصريين وكان الفريق سعد الشاذلي هو الرجل الوحيد الذي تنطبق عليه هذه المواصفات ، ذلك القائد العسكري الذي لاقي إستحسان الجماهيرعندما قاد القوات المصرية التي عبرت قناة السويس في حرب 1973 وقال مؤيدو الشاذلي : " إنه جعل كبش فداء للنجاح الإسرائيلي وتم نفيه إلي الجزائر والرائد نور الدين السيد الذي يعرف أيضا بمحمود نور الدين ضابط المخابرات في لندن طار إلي الجزائر حاملا معه الوثائق التي تثبت إن السادات كان يخطط لتحويل مياه النيل لإسرائيل وكان متأكدا من أن المعلومات التي في حوزته ستقنع الجنرال سعد الشاذلي بالقيام بالمهمة ، ثم من خلال خبرته الوظيفية أدرك نور الدين أن نشاطاته قد عرفت فآثر الإختفاء فترة وظهر أخيرا في القاهرة وقد سرب شريك له - عثر عليه ميتا فيما بعد - معلومات هامة للمخابرات البريطانية وقد وصلت المعلومات إلي المخابرات المركزية الأمريكية وكنتيجة للمعلومات التي توفرت لديهم بدأ الأمريكان في التنصت علي المكالمات التليفونية للفريق الشاذلي وبسرعة أستطاعوا التوصل إلي تفاصيل الخطة الذي كان يجري الإعداد لها . وفي هذه المؤامرة الثانية والأكثر تطورا كانت ستقوم فصائل من قوات خاصة بإحتلال مبني الإذاعة والتليفزيون بمجرد إذاعة أنباء تفيد بأن السادات وافق علي إعطاء مياه النيل لإسرائيل ولتوضيح مظاهر التأييد العام فقد تم الإتصال بضباط الجيش المستبعدين الذين خدموا في عهد عبد الناصر و بالتالي أقنعوا الحركات الناصرية القوية الموجودة بالجامعات والنقابات المهنية لكي يقدموا العون من خلال الإعداد لمظاهرات تأييد تلقائية للنظام الجديد بمجرد نجاحه وسينصب الفريق الشاذلي بصفته الرجل الشعبي الجدير بالثقة بديلا للسادات - حيث يعتقد معظم المصريين أن الشاذلي كان البطل الحقيقي لمعركة 1973 وقد طرد من الخدمة بطريقة ظالمة وكان مدبرو الإنقلاب قادرين علي تنصيب أصحاب النفوذ المصريين الموجودين بالخارج الذين قدموا الأموال المطلوبة والذين يسيطرون علي الصحف التي يقرؤها المغتربون المصريون وعلي محطات الراديو الثلاثة المعادية لنظام السادات التي تبث أحداها إرسالها من العراق والأخري من ليبيا والثالثة باخرة ترسو بالقرب من جزيرة مالطة . وحينما أخبر رئيس المخابرات المركزية الأمريكية السادات بهذه الأخبار كان السادات ميالا للشك فلم يكن مقتنعا بأن الجيش المصري سينقلب ضده فهو القائد الذي أعاد لهم ثقتهم بأنفسهم ومعنوياتهم في حرب 1973لكن السادات لم يكن علي علم بكل الأمور فحتي وسائل الإعلام المصرية التي كان يدلي بها المسئولون الذين كانوا يكتنفهم الذعر لما جري من أحداث وكان الجيش يعكس الحالة النفسية العامة للشعب . وعلي الرغم من أن عضو مجلس الشعب قد كشف عن المؤامرة الأولي إلا إنه لم يغير رأيه فعندما أحضرت إتفاقيات كامب ديفيد إلي مجلس الشعب للتصديق عليها تكلم هو بالنيابة عن كثيرين من الأعضاء عندما رفع صوته قائلا : " إن هذه الإتفاقيات خيانه عظمي يا أنور " . وبالرغم من تعدي أحد أعضاء المجلس عليه بالضرب فقد ظل يندد بالإتفاقية ، ولم يعد الهدوء إلي مجلس الشعب إلا عندما طرد رئيس مجلس الشعب كلا العضوين من قاعة المجلس
تراجع أمريكي
وفي واشنطن نصح الأمريكان السادات بأن يصرف النظر عن جميع الموضوعات المتعلقة بالتعاون مع إسرائيل بشأن المياه وبسبب ميله الدائم إلي إنه الأدري بمجريات الأمور ، تجاهل السادات هذه النصيحة لكنه عاد أخيرا وأقتنع بها عندما نبه أحد كبار القادة العسكريين المصريين الأمريكان بأن الجيش المصري يعارض أية تنازلات أخري لإسرائيل وكان هذا الضابط الكبير هو المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع الذي أخبر رئيسه بأنه لن يستطيع أن يضمن ولاء الجيش له ، إذ أخبر الضابط جنودهم بأن هناك إنقلابا لمنع إسرائيل من سرقة مياه النيل وكان ذلك هو النهاية لمحادثات المياه والقرار الذي جعل السادات يستمر في السلطة وظهر منذ ذلك الوقت أن عرض مياه النيل لإسرائيل قد لا يمكن الإلتزام به ، علي الرغم من موافقة السادات عليه وعندما علم الإسرائيليون بنهاية مشروع تحويل المياه المخطط له بعث بيجين برسالة إلي السادات حسب تصريح محمد حسنين هيكل الوزير المصري السابق ورئيس تحرير جريدة الأهرام قال بيجين في رسالته : " أن مبادئنا ليست للبيع من أجل مياه النيل أن أمن إسرائيل وحرمة القدس ليست للبيع من أجل مياه النيل .. " عندما كان الرئيس السادات يفكر في تحويل جزء صغير من مياه النيل لإسرائيل كان يتجاهل عن عمد سياسة مصرية تقف فيها مصر في صف المجموعة الشمالية من الدول العربية من أجل عودة الإهتمام التقليدي لمصر بالأحداث في أفريقيا وحوض النيل والسادات الذي كانت أمه سمراء اللون كان يعتبر نفسه مصريا كما إنه أفريقيا أيضا وشارك في الفكرة المصرية بأن بلاده لم تكن في الحقيقة جزء من العالم العربي علي الإطلاق قال السادات للصحفي المصري موسي صبري عندما كان يعقد مباحثات مع مناحم بيجين في أسوان 1978 : " لقد عشنا لما يزيد علي خمسة آلاف عام كأمة عظيمة بدون العرب ولكن انظر إلي هناك يا موسي ، وهو يشير بيده إلي الجنوب عند سطوع شمس الصباح علي صفحة النيل إننا لا نستطيع أن نعيش بدون أفريقيا .."
ألعاب إسرائيل
بعد وصول السادات إلي إتفاقه المبدئي مع إسرائيل رأي أن الأحداث في أفريقيا تشكل مصدر خطر كبير علي مصر ، وكان قلقا بصفة خاصة من تطور الأحداث في أثيوبيا ، تلك الدولة التي كان يعتقد أن إسرائيل تستخدمها وسيلة للضغط علي القاهرة وأخبر السادات مجموعة من مساعديه المقربين من بينهم الدكتور بطرس غالي : " إن المسألة الوحيدة التي يمكن أن تقود مصر للحرب مرة أخري هي المياه .." وكان تحذيره موجها لكل من إسرائيل وأثيوبيا تلك الدولة التي تشكل رافدا مهما من روافد النيل وتسيطر علي 80 % من مياه النيل سنويا
في ديسمبر عام 1979عندما كرر السادات تحذيره بنبرة أكثر غلظة للسفير الاثيوبي بالقاهرة كان معروفا أن إسرائيل متورطة بشكل مباشر في الموضوع وفي هذه المرة لكي تؤكد مصر تحذيرها الشفوي قامت بإرسال أسطول بحري صغير إلي المياه الجنوبية من البحر الأحمر وكان السبب في ذلك أن رجال الأمن وصل إلي علمهم أن المهندسين الإسرائيليين يساعدون في إعداد خطط أثيوبية لإنشاء سدود جديدة علي النيل
من المفارقات الغريبة في الموقف هو أن أثيوبيا كانت مهتمة بما يجري من أحداث في مصر مثلما كانت مصر قلقة بما يجري من أحداث في الأراضي الأثيوبية فوكالة الإستخبارات السوفيتية K G B التي كانت لا يزال لها شبكة إستخبارات نشطة في عام 1979 داخل مصر ، حذرت أثيوبيا والدول العربية المعارضة لمصر بأن السادات كان يفكر في تحويل 800 مليون متر مكعب سنويا من مياه النيل إلي صحراء النقب الإسرائيلية وقد أعتبرت الدول العربية أن هذه الأخبار مهينة سياسيا بينما أعتبرتها أثيوبيا سابقة خطيرة فإذا نجحت هذه المحاولة فستذهب مياه النيل خارج أراضي حوض النيل ذلك الشئ الذي لم يحدث إطلاقا علي مدي التاريخ وكانت أثيوبيا من حيث المبدأ تعارض مثل هذا التحويل وكانت مصممة أنه علي الأقل إذا حدث شئ من هذا القبيل فيجب أن توافق عليه دول حوض النيل
تأمين النيل
ولما كان النيل هو المصدر الوحيد تقريبا للمياه في مصر فإن إهتمام الأمن الرئيسي للدولة هو عدم السماح لأي دولة أخري من مجموعة الدول الثماني الأخري الواقعة علي حوض النيل بأن تملي سياستها علي مصر.... وللقيادة العليا للجيش المصري خطط طوارئ للتدخل المسلح في أية دولة من الدول الواقعة علي حوض النيل إذا ما تعرضت مياه النيل لتهديد مباشر ويرجع تاريخ بعض هذه الخطط إلي أوائل القرن التاسع عشر إلي تلك الأيام التي كان يعيد فيها محمد علي بناء الجيش المصري ومن ذلك التاريخ تم تحديث هذه الخطط عدة مرات وعدة مرات أخري من خلال البريطانيين مع مطلع هذا القرن ويوجد في الوقت الحالي فريق عمل كامل يعمل بصفة دائمة في أكاديمية ناصر العسكرية في شرق القاهرة يراجع ويعدل الخطط حسب المتغيرات الجديدة ومن المسلم به أن المسئولين المصريين يؤكدون أنهم يفضلون دائما الحلول الدبلوماسية ويقولون أنهم يريدون إتفاقيات شاملة بين كل الدول المعنية بغض النظر عن الخطط التي يعمل من خلالها المخططون العسكريون . ومن بين المشاكل القائمة هو أن المصالح المتصارعة تجعل من الصعب علي دول حوض النيل المختلفة جدا فيما بينها أن تجد أسلوبا للتعاون حتي أن الدبلوماسيين يجدون صعوبة بالغة في الوصول إلي إتفاق في ظل هذه المواقف المتباينة : فمن الصعب أن نجد أية معاهدات أو إتفاقيات بين دول حوض النيل التسع والتي علي أساسها يجري التحكم في إستغلال النهر بطريقة فعالة والإتفاقية الوحيدة التي لا تزال تحترم هي الإتفاقية المصرية السودانية الموقعة في عام 1929 وتعتد الدول الأفريقية الأخري التي وقعت في الماضي علي إتفاقيات مع مصر أو مع الدول الأخري تعتبر هذه الإتفاقية عديمة الجدوي أو ملغاة حيث تم توقيعها في ظل الحكم الإستعماري لافريقيا مع مصر ومنذ حصول الدول الأفريقية علي إستقلالها فإنها أما أن ترفض الإلتزام بالإتفاقيات القديمة أو تعلن عن رغبتها في إلغائها أو إعادة التفاوض بشأنها ...

 
عودة
أعلى