المراقبة من الجو .

لواء طبيب

صقور الدفاع
إنضم
3 أبريل 2010
المشاركات
2,870
التفاعل
227 0 0
591_456_s.jpg


منذ اقلاع اول طائرة عسكرية الى الجو قبل ١٠٠ سنة تقريباً، فان فرصة الاستفادة من العلو والنظر الى العدو على الارض لمشاهدة ما يجري، قدّرها القادة العسكريون في الميدان حق قدرها، حتى اذا اقتضى ذلك وقتاً اطول ليفهم القادة العسكريون والزعماء السياسيون تماماً كيف سيغيّر ذلك طبيعة الحرب الى الأبد. ذلك كان خلال الخمسينات، لدى دخول الحرب الالكترونية عصراً جديداً استعملت فيه على نطاق واسع الامكانية الكبيرة لاستثمار تكنولوجيات المراقبة والاتصالات. ففي البداية، استعملت الطائرات وقاذفات القنابل المكيّفة كمنصات للتجسس الالكتروني، لكن بعدما اصبحت الالكترونيات معقدة ومدمجة اكثر وامكانية تجهيز هيكل الطائرة بمزيد من النظم الالكترونية، بات ممكناً استعمال منصات اصغر وطائرات مصممة اصلاً لنقل المسافرين والحمولة. اما حالياً، فان الثورة الرقمية تشهد منصات قوية جداً للحرب الالكترونية، ويجري تركيب رادار انذار على متن طائرات معدلة من طائرات رجال الاعمال النفاثة وطائرات الخطوط الجوية القصيرة المدى وطائرات المنافع العامة وحتى المركبات الجوية دون طيار. وهناك ايضاً اقمار اصطناعية فضائية عسكرية متخصصة في الفضاء تدور في المدار وتعمل في المراقبة الاستراتيجية وتقوم بأدوار الانذار. ويجري حالياً تطوير مركبات جوية دون طيار جديدة تحلق طويلاً على ارتفاع شاهق (HALE)، وتستطيع البقاء في الجو لشهور عديدة دون ان يترتب عليها الهبوط الى الأرض.

ان القدرة على بقاء طائرات "UAVs" الجديدة في موقعها لفترات طويلة من الوقت دون ان يترتب عليها تغيير اطقمها او التزود بالوقود، سوف يخفض ذلك كثيراً من تكاليف عمليات المراقبة والاتصالات الخاصة. ولا تزال المنصات الحالية التي ترتفع الى علو شاهق (HALE) وتستخدم الطاقة الشمسية قيد التطوير، وليست متاحة لحد الآن بإنتاج مكثف. وسوف تحمل في البداية احمالاً نافعة خفيفة الوزن نسبياً فقط، لكن سوف يجري دون شك بناء منصات اكبر كلما ازدادت الخبرة العسكرية.

طائرات التجسس السرية
نشرت بلدان اوروبا الشرقية والغربية خلال فترة الحرب الباردة اساطيل صغيرة من الطائرات ذات سرية عالية مجهزة خصيصاً لاعتراض وفك رموز الاشارات اللاسلكية راديو، وقد ادت هذه المعلومات الى تشكيل قواعد بيانات كبيرة للمخابرات بالاشارات. وكانت المعركة دائمة بين الطرفين، مع انها غير مرئية، للتنصت على الاشارات وفك رموز البيانات المشفّرة، كما كان ممكناً متابعة جمع المخابرات النشطة والساكنة هذه، اذا كان الامر ضرورياً بالتشويش على الترددات المناسبة لتعطيل نشاط الاتصالات على الجانب الآخر. وقد اقتضى هذا النوع من العمليات استثماراً كبيراً في نظم الكترونية متخصصة جداً وطائرات مناسبة عولجت لتصبح "متينة" الكترونياً لمحاولة ضمان عدم تعرض مهامها الالكترونية الخاصة الى خطر التدابير المضادة على الجانب الآخر. والى جانب تطوير واختبار هذه الطائرات الخاصة، جاءت الحاجة الى تدريب خبراء يعملون في الحرب الالكترونية يمكن ان يستعملوا مهاراتهم المتخصصة لمعالجة النظم وتفسير البيانات. نظراً للصعوبات المرتبطة بتشغيل هذه الطائرات والعثور على الاطقم المناسبة وتدريبها، كان هذا النوع من النشاط المحمول جواً يمثل دائماً نسبة ضئيلة من اسطول القوة الجوية، ومع ذلك، فان القيمة الكبيرة لامتلاك وسيلة للحصول على اشارات مخابرات العدو، وانذار مسبق حول تهديدات محمولة جواً وسطحية، ادت الى تطوير منصات جوية من الجيل الجديد اعتمدتها قوات جوية رئيسية على نطاق واسع اكثر حول العالم. وكان احد المشغلين الرئيسيين لطائرات المهام الخاصة المحمولة جواً هو سلاح الجو الملكي البريطاني. وقد شغل من الخمسينات وما بعدها قاذفات قنابل (Conberra) مجهزة خصيصاً وطائرات نقل من طراز (Comet 2) تابعة لقيادة الاشارات. وقد استبدلت هذه الطائرات خلال السبعينات بعدد صغير من طائرات (Nimrod R1) كانت مجهزة بمعدات متقدمة جداً للاشارات وجمع المخابرات الالكترونية والاتصالات. وكانت تحمل تلك الطائرات عدداً كبيراً من الهوائيات في هيكلها وذيلها وأجنحتها وفي حجرة الهيكل وطاقماً مؤلفاً من ٣٠ مشغلاً. وتبقى قدرات هذه الطائرات ومثيلاتها التي تشغلها بلدان اخرى تتمتع بسرية عالية، لكن كانت كلها تحمل رادارات ومستشعرات اخرى تمكنها من اكتشاف وقراءة الارسال على مدى واسع جداً من نطاق الذبذبات العريضة. وكان الجزء الأكبر من قدرة نظام المهام اوتوماتيكياً، وكان في داخلها كونصولات تتمتع بأحدث شاشات العرض المتقنة فنياً. وكان طاقمها يتمتع ايضاً باتصالات بالأقمار الاصطناعية وبنظام (GPS)، الذي يوفر اتصالاً عالمياً، اضافة الى نظام ملاحة ضمني معقد يعمل بالقصور الذاتي. وكان يعتمد اكتشاف موقع بت الاشارات الدقيق ومتابعة الارسال يعتمد على تحديد مواقع الطائرات بدقة كبيرة. وليس هناك اي شك انه على مدى ٣٠ سنة من الوقت العملاني، مع اجراء تحديثات منتظمة على النظام، ربما كان اسطول طائرات (Nimrod R1) الصغير هو اكثر الاساطيل الفعالة من نوعه في العالم. وكان دائماً في الخدمة النشطة المتواصلة تقريباً منذ الثمانينات وخلال الحربين في الخليج وفوق افغانستان حيث لا يزال قيد الخدمة.
ان طائرة سلاح الجو الاميركي المماثلة لطائرة (Nimrod R1) هي طائرة (RC - 531 Rivet Joint) من شركة (Boeing) التي تؤدي وظيفة مماثلة. وسوف يشتري سلاح الجو الملكي (RAF) البريطاني ثلاث منصات (RC - 531 V/W Rivet Joint) لتحل محل طائرات (Nimrod R1) علاوة على المرافق الضرورية للمحطات الارضية وطائرة تدريب على المهام. ولما لم تعد طائرة (Boeing 707/KC - 531) قيد الانتاج، فسوف تحوّل طائرة (Rivet Joint) من طائرة الصهريج السابقة (KC - 531R). وقد استعملت الولايات المتحدة الأميركية منصة (707/KC - 531) الأساسية بكثافة، وبعض الحلفاء للحرب الالكترونية الخاصة والمراقبة اضافة الى صهريج لنقل الوقود والانذار الباكر المحمول جواً (AEW/AWACS). اما طائرة (E-3 Sentry AWACS) للانذار الباكر، فتحمل راداراً دواراً (AN/APY - 2) من شركة (Northrop Grumman) الذي تحمله ايضاً طائرة الانذار الباكر (Boeing 767 AWACS). وتم تصدير طائرات (E - 3 Sentry) الى سلاح الجو الملكي (RAF) البريطاني وسلاح الجو الفرنسي وحلف (NATO) وللمملكة العربية السعودية، كما تشغل اليابان طائرة الانذار الباكر نفسها (767 AWACS) وتستعمل البحرية الأميركية وفرنسا أحدث نموذج من منصة الانذار الباكر الجوية (E - 2C Hawkeye AEW) من شركة (Northrop Grumman) للعمليات التي تنطلق من على متون حاملات الطائرات. وقد تم تصدير طائرات اخرى الى مصر واسرائيل وتايوان وسنغافورة. وان الطائرة الروسية الصنع التي تقوم بدور الانذار الباكر الجوي (AEW) مع العديد من القوات الجوية هي طائرة (Ilyushin A-05) التي تتمتع بقبة دوارة كبيرة يبلغ قطرها ٤٣ قدماً وتحمل راداراً بخمس ذبذبات (5 - band) وهوائياً مركباً فوق هيكل الطائرة (Il - 67) التي تعمل مع القوات الجوية الروسية والصينية، والتي بيعت ايضاً الى الهند، وهي مجهزة بنظام راداري صُنع في اسرائىل.
اما احدث منصة انذار باكر (AEW&C) من شركة (Boeing) المعروفة باسم (Wedgetail) فتتألف من هيكل طائرة (737) المجهز برادار يمسح الكترونياً متعدد الأدوار (MESA) من شركة (Northrop Grumman) ومن نظام مهام شامل مع مجموعة كونصولات على متنها للمشغلين. وكان الزبون الأول للطائرة المعنية هو سلاح الجو الاسترالي الملكي، الذي عانى من تأخيرات تطوير مؤجلة ارتبطت بالبرنامج ورغم ان الطائرة هي حالياً في الخدمة لتدريب الأطقم، لكنها لم تنشر بعد تماماً عملانياً، وقد طلبت تركيا اسطولاً خاصاً بها من طائرات (Wedgetail 737).

الأسواق العالمية
هناك حالياً في الأسواق العالمية خيارات عديدة متاحة للزبائن الذين يحتاجون الى طائرات مراقبة الكترونية معززة وانذار باكر وقيادة وتحكم. وان احدى المنصات الجوية المجهزة بالطاقة النفاثة المنخفضة التكاليف كثيراً لمهام الحرب الالكترونية الخاصة ومهام الاستطلاع المختلفة هي التي تؤمنها شركة (Embraer) مع مجموعة من النماذج العسكرية التي تعتمد على طائرة النقل الجوي الاقليمية (EMB - 541) وعلى رغم انها طُورت لحاجة سلاح الجو البرازيلي، فقد اثبتت المنصة المعنية انها صالحة جداً لمهام متعددة، وتتمتع في دور المراقبة الالكترونية برادار انسيابي كبير تبث تحت الهيكل وفوقه. وقد ادت الحاجة الى كشف الانشطة السطحية غير الشرعية والتسلل الى الارضي الوطنية الى حل فعال معقول التكاليف تم تصديره الى العديد من الزبائن، بما فيهم اليونان. وتقدم طائرة الانذار الباكر (541 AEW & C) منصة انذار باكر وتحكم محمولة جوا من اكثر المنصات المدمجة في السوق المجهزة برادار ممتاز بني في السويد (Erieye) وبنظام قيادة وتحكم مفتوح التصميم. وتستطيع ايضا طائرة (Saab 042) المجهزة بمحركات دفع تربينية وطائرة (Saab 0002) الاكبر منها ان تصمما لتحملا نظام رادار الانذار الباكر (Erieye AEW)، ويستعمل نظام الانذار الجوي من شركة "SAAB" السويد وتايلاند.
تأتي في الهامش الكبير من سوق طائرات المهام الخاصة والانذار الباكر (EW) طائرات (C-031 Hercules) من شركة (L. Martin). هذه الطائرة هي افضل طائرة نقل عسكرية متوسطة الحجم والاكثر مبيعا في العالم، الى جانب نموذج (C-031J)، لذلك بقيت قيد الانتاج بعد مرور ٥٠ عاما، وتستعملها ايضا القوات الجوية الاميركية وبعض البلدان الاخرى في مهام خاصة. وهي مجهزة برادارات اضافية وبمستشعرات الكترونية - بصرية وبهوائيات اضافية جديدة متعددة، وفي بعض الحالات بحجرات لا يخترقها الصوت تتضمن محطات مجهزة جيدا للمشغلين.
استعمل سلاح الجو الاميركي منذ سنين عديدة طائرات (C-031) مجهزة بنظم (Elint) و (Comint) مع قدرة على المراقبة والبث والاتصال من الجو. وهذا ينطبق ايضا على مهام التشويش فوق منطقة شاسعة وانشطة سرية اخرى. وتستطيع طائرة (C-031J) بحجرتها الكبيرة للحمولة واستدامتها الطويلة تأمين منصة مثالية لمهام الحرب الالكترونية. وقد تم تحويل نماذج قديمة من طائرات (C-031) لدور المهام الخاصة، وكان بين الزبائن الذين حولوها مصر واسرائيل. واذا كانت هذه القدرة باهظة التكاليف ومتخصصة بالنسبة لمعظم زبائن التصدير، فان الطراز الشقيق الاصغر، طائرة (C-72 Spartan) المزدوجة المحركات من شركة (Alenia)، ذات القمرة والمحركات المماثلة لطائرة (C-031J) تصبح عندئذ بديلا آخر. وان طائرة (CN-532)، التي تبنيها شركة (EADS Casa)، وهي حاليا فرع من شركة (Airbus Military) هي طائرة اصغر قليلا. وقد طلبت تركيا طائرتين من طائرات النقل الخفيفة هذه للقيام بدور المراقبة للانذار الباكر (EW) والتشويش.

طائرات نفاثة اخرى
اثبتت الطائرات النفاثة الكبيرة لرجال الاعمال التنفيذيين انها مناسبة جدا للمراقبة الرادارية الخاصة وادوار الانذار الباكر (EW)، باعتبارها تتمتع باستدامة طويلة لغاية ١٤ ساعة. وتستطيع التحليق على ارتفاع ٥٠ الف قدم، وبذلك توسع تغطيتها الرادارية على مساحة واسعة. ولذلك، عدلت اسرائيل طائرة (Gulfstream G055) بكثافة للعمل كمنصة انذار باكر (AEW & C) بمستشعرات رادارية كبيرة مركبة حول الطائرة، تمنح تغطية دون انقطاع على ٣٦٠ درجة.
وطورت شركة (Raytheon) نظام رادار متقدم محمولا جوا يعمل على مسافة بعيدة (ASTOR) لسلاح الجو الملكي (RAF) البريطاني، الذي يمنح صورا دقيقة جدا على مسافة بعيدة في كل الاحوال الجوية لمساحات واسعة. وتحمل هياكل طائرات (Global Express) من شركة (Bombardier) المعدلة النظام على متنها الذي يستطيع ان يكشف ويتابع الوف التحركات على الارض والاهداف الثابتة عبر مساحة واسعة من الارض تمتد الى ٣٠٠ ميل. والنظام هو قيد الخدمة في افغانستان حيث منح صورا مفصلة في كل الاحوال الجوية في النهار والليل.

ازدياد المنصات
ان الحاجة الى تأمين صور مفصلة فوق المناطق العملانية، بما فيها المناطق الريفية البعيدة والمناطق المدينية، ادت الى زيادة كبيرة في عدد المنصات الجوية المستعملة فوق العراق وافغانستان. ففي الحرب ضد الارهاب، وبنوع خاص الحاجة الى كشف زراعة ادوات التفجير في مواقع الكمائن والمركبات التي يقودها انتحاريون، ثم تعديل الطائرات الخفيفة لتمكّن المراقبين الماهرين من معرفة ومتابعة التحركات المتعددة على الارض المشتبه بها في النهار والليل. فباستعمال منصات بمحركات دفع تربينية هادئة تحلق على ارتفاع متوسط او شاهق، تستطيع المنصات الجوية التي تحلق في المنطقة البقاء في موقعها دون مشاهدة، تستعمل مستشعرات الكترونية - بصرية تعمل بالاشعة تحت الحمراء لمراقبة وملاحقة التحركات على الارض. وتستطيع تلك المنصات الجوية، المجهزة بالقدرة على توزيع صور في الوقت المحدد للقوات البرية، او قوات جوية اخرى، توجيه الضربات على اهداف دون معرفة من انها تحت المراقبة. ويمكن استعمال اي طائرة خفيفة مناسبة تقريبا في ذلك. وان تلك الطائرات المجهزة بمحركات مزدوجة وبغرفة داخلية لمشغّل واحد او مشغلين لنظامين وطيار هي المفضلة على هذه العمليات.
ان اكثر طائرة منصة مستعملة على نطاق واسع لهذه المراقبة ومهام جمع مخابرات الاتصالات والالكترونيات (Elint) و (Comint) السرية هي طائرة (King Air) من شركة (Beechcraft)، التي تشمل طائرات (053 CER Shadow R1) من شركة (Beechcraft)، التي يستعملها سلاح الجو الملكي (RAF) وسلاح (RC-21N Guardrail) في الجيش الاميركي، التي تحمل كلها نظم مهام كثيفة وقبب دوارة وهوائيات متعددة. وتستعمل ايضا طائرة (B-N Defender) وطائرة (Islander BN-2T) لمهام المراقبة والاتصالات الخاصة. وان قدرتها على التحليق بسرعات بطيئة نسبيا كمنصات مستقرة للمستشعرات الالكترونية - البصرية تمنحها فائدة قيّمة في الدوريات الموسعة فوق المناطق المدينية.
ان استعمال المركبات الجوية دون طيار في ادوار المراقبة والانذار الباكر (EW) من المتوقع ان يزداد في السنوات القليلة القادمة، على رغم ان الطائرات المجهزة بطيارين تؤمن حاليا مرونة عملانية اضافية مع قدرة طاقمها الاختصاصي على متنها على مراقبة الاوضاع بسرعة والاستجابة فورا للاحوال المتغيرة على الارض.

المصدر
 
عودة
أعلى