كلفة الدفاع في زمن التقشف!

night fury

عضو
إنضم
23 مارس 2008
المشاركات
4,508
التفاعل
1,268 1 0
الدولة
Jordan
كلفة الدفاع في زمن التقشف!
كلفة الدفاع في زمن التقشف!




لقد ارتفعت اسعار الاسلحة بشكل حاد للغاية، فتحولت الى مشكلة مزمنة. ولا بد من الكلام عن تأثير هذا الواقع على ميزانيات الدفاع في دول العالم بشكل عام، وعلى الولايات المتحدة الاميركية والدول الاوروبية بشكل خاص.

اللافت في معرض "فارنبوره" الجوي الدولي هذا العام، ان النجومية كانت محفوظة لطائرات القتال النفاثة. ولفتت الانظار الطائرة المقاتلة الاحدث حاليا في الولايات المتحدة الاميركية وهي F - 22 Raptor المعروفة بشعار "الطائرة التي لا تتكلم".

كثيرون عادة يقيّمون الطائرات المقاتلة النفاثة بالنسبة الى عوامل السرعة والعلو والمرونة العملانية. ولكن بالاضافة الى العوامل المذكورة، فقد ادهشت طائرة F - 22 Raptor المشاهدين، بأدائها المميز على السرعة البطيئة عندما حامت بشكل شبه ثابت في الجو وانفها موجه للأعلى! وفي المعارك التشبيهية، سمحت مواصفات الخفاء والمستشعرات لطائرة Raptor واحدة، بالقضاء على سرب كامل من المقاتلات الاخرى!
لكن مع الاسف، اصبحت المقاتلة النفاثة الحديثة، من الاصناف المعرّضة لاخطار الزوال. فالخطر الاول يأتي من النجاح: ففي العراق وافغانستان مثلا، كانت القوات الجوية الغربية، مسيطرة دون منازع على الاجواء، لكن المقاتلات الجوية الحديثة بدت غير مناسبة لهذه الحروب. والخطر الثاني يأتي من التكنولوجيا الحديثة: فالتقدم الكبير في اساليب الحرب الروبوطية (Robotic)، جعل ربما من الطيار تردادا لا تحتاج اليه قمرة القيادة. ولذلك فالطائرة التي يحتاج اليها حاليا قادة العمليات الحربية ليست طائرة F - 22، بل طوافة القتال المسلحة، وايضا الطائرة القتالية دون طيار التي تراقب وتستطلع وتقصف وتبقى مدة طويلة في الجو مثل الطائرة Predator. ويبدو ان طيار المقاتلات النفاثة يكاد يفقد دوره، ليترك المجال لموجهي الطائرات دون طيار الناشطين من مراكزهم في صحراء "نيفادا"! انما بالطبع، وككل مرحلة انتقالية، لا يزال البحث دائرا، وربما ستمرّ عشرات السنوات قبل ان يؤخذ القرار النهائي بالاستغناء عن الطائرات المقاتلة المأهولة.

بيد ان الخطر الثالث الداهم حاليا، هو الازمة الاقتصادية التي تدفع الدول الغربية الى الحد من اقتناء الاعتدة العسكرية الباهظة التكاليف!
وقد امر وزير الدفاع الاميركي "روبرت غايتس" بايقاف انتاج طائرة F - 22 Raptor في نهاية هذا العام بهدف الاكتفاء باسطول من 187 طائرة من هذا النوع، بدلا من انتاج 750 طائرة منها كما كان التوجه السابق. من ناحية اخرى، فقد تراجعت في اوروبا الطلبات على المقاتلة النفاثة Typhoon التي تصنعها معا بريطانيا والمانيا وايطاليا واسبانيا.
كما انه من المتوقع على طرفي الاطلسي هبوط الطلبيات جدا على طائرة القتال F - 35 الخفية الحديثة، بسبب الارتفاع الباهظ في سعرها.
واعلن وزير الدفاع الاميركي ايضا في التاسع من آب"اغسطس 2010، عن اجراءات تقشف لتوفير الاموال، وذلك بانقاص عدد الضباط من رتبة جنرال وادميرال الى النصف تقريبا، والغاء قيادة القوات المشتركة، وخفض مخصصات الالتزامات، وحتى انقاص عدد الموظفين في المكتب الخاص لوزير الدفاع. وهناك اسباب منطقية لهذه الاجراءات، لا سيما كلفة الحرب في افغانستان. ويدرك وزير الدفاع الاميركي انه بعد عشر سنوات من تزايد كلفة الدفاع، لا بد من وضع حد للامر، لا سيما انه يتخوف جدا من الاضطرار الى انقاص المصروف الدفاعي لضبط عجز الموازنة.

وهذا التخوف اصبح واقعا لدى الكثير من زملائه الاوروبيين. ومؤخرا اعلن وزير الدفاع الالماني "كارل - تيودور تزو غوتنبرغ" انه يفضل تعليق التجنيد في الوقت الحاضر مع امكانية العودة اليه لاحقا، وذلك بهدف "تحقيق جيش اصغر لكنه افعل من الناحية العملانية"، بحيث يتقلص عدده الى 165000 فقط. وهذا يدخل ضمن خطة المانيا لتوفير 3،8 مليار يورو من ميزانية الدفاع حتى العام 2014.
وحتى بريطانيا التي لديها اكبر قوة مشاركة في افغانستان، فمن المتوقع ان تقطع 10 - 20 من الميزانية الدفاعية خلال الخمس سنوات القادمة. كما ان اسبانيا خفضت 9 من موازنتها الدفاعية هذه السنة. واما ايطاليا فتراجعت ميزانيتها الدفاعية 10 للعام القادم. لكن فرنسا جمّدت مصاريفها الدفاعية.

ويبدو الامر بالنسبة للاميركيين كأنه السباق لنزع الاسلحة. فهل يعتبر هذا التضييق على المصاريف العسكرية بمثابة التراجع للنفوذ الغربي؟ هناك انتقادات كثيرة موجّهة لوزير الدفاع الاميركي انه يفرغ القوات المسلحة الاميركية من قدرتها، ويقبل بهيبة اقل للولايات المتحدة في العالم. وفي كتاب صدر عام 1987 "شروق وغروب الدول العظمى" للكاتب "بول كينيدي" من جامعة "يال"، اشاع الكاتب المبدأ القائل إنَّ قوة الدول العسكرية تنبع من قدرتها الاقتصادية، وان مكيال الدور الدولي يحدده الاداء الاقتصادي في السلام، والقدرات العسكرية اثناء الحرب. ولهذا السبب فان القوة الاقتصادية الصينية يجب ان تشغل بال الغرب، لا سيما ان الصين تبني قواتها البحرية ايضا.

بديل الاستراتيجية
يعتقد "اندرو كريبينيفيتش" مدير "مركز التقييم الاستراتيجي والمالي المتعلق بالموازنة" في واشنطن، ان الولايات المتحدة الاميركية اصبحت على مفترق طرق، كالوضع الذي جابهته الامبراطورية البريطانية مع اطلالة القرن العشرين، عندما بدأت المنافسة مع اميركا الصاعدة، وروسيا المتوسعة، والمانيا واليابان الناشطتين، بسرعة في المجال الصناعي. عندها اختارت بريطانيا ان تسلم مصالحها في اميركا اللاتينية الى الولايات المتحدة الاميركية، وان تساند اليابان في وجه روسيا، وان تتعامل مع فرنسا في وجه المانيا.

لذلك يقول "اندرو كريبينيفيتش"، "إنَّك تحتاج الى الاستراتيجية عندما تتضاءل اموالك" مضيفا "ان بريطانيا عندما بدأت قوتها تتراجع، اختارت ان تصمد مدة طويلة باعتمادها على استراتيجية ذكية".

ويعتقد "اندرو" "ان بداية السياسة الحكيمة التي يجب ان تعتمدها الولايات المتحدة حاليا هي ان تنسحب من الحرب المكلفة في افغانستان، وان تسحب قواتها من اوروبا. بالطبع، ربما ستفاجئ هذه الاجراءات اوروبا، التي تأمل ان يعوّض الوجود الاميركي عند الحاجة، التخفيض الذي لجأت اليه الدول الاوروبية بالنسبة الى موازاناتها الدفاعية". ولكن يعتقد الكاتب في المقابل "انه في الوقت الحاضر، يريد وزير الدفاع الاميركي من قواته ان تصبح بارعة في محاربة الثوار، وان تحافظ على قدرة كافية لحماية الحلفاء من اعتداءات كوريا الشمالية مثلا، او من السيطرة الصينية، كما لابقاء الخيارات مفتوحة في وجه البرنامج النووي الايراني. وهذا يعني بكل بساطة خيار ايجاد اموال اضافية ضمن موازنة متقشفة!.. لذلك فان الوزير "غايتس" يتشبث بالمشكلة المحيّرة التي واجهها قبله، الكثير من اسلافه، وهي تتمثل بالاسعار المرتفعة لعتاد وعديد القوات المسلحة، التي ترهق حتى الموازنة الاميركية العملاقة العائدة للدفاع 700 مليار د.أ.، اي ما يساوي مجموع موازنات الدفاع العالمية. ولذلك للمحافظة على الحجم الحالي للوحدات القتالية، فان الكلفة ترتفع بين 2 و3 كل سنة، بينما لا تزيد الموازنة الا بين 1 و2. ولذلك يطلب وزير الدفاع من البنتاغون ان يلجأ الى توفير 2 كل سنة من سقف المصاريف".

وهناك دراسة عن الاعمال الادارية الدفاعية وضعها السيد "ماكينزي" من مكتب استشارات اداري دولي، يقول فيها: "ان القوات المسلحة الاميركية، رغم كونها الاقوى في العالم، هي الاقل فعالية اذا نظرنا الى معدل عديد القوات المحاربة بالنسبة لعديد عناصر الدعم. فالقوات المسلحة الاميركية تحارب على المستوى الدولي، ولذلك تحتاج الى عدد اكبر من عناصر الدعم، مقارنة مع القوى المحاربة فقط على الحدود الوطنية لدولها. ورغم كل شيء تخلص الدراسة، الى الاعتقاد ان هناك تضخم في الموازنة ولا بد من تصحيحها!"

فعديد القوى في معظم الجيوش، ومنها الغربية، مكلف جدا هذه الايام. فالرواتب يجب ان تكون مشوقة. وهناك انزعاج كبير في الولايات المتحدة الاميركية، من كلفة البرامج الصحية العائدة للعسكريين الحاليين والسابقين وعائلاتهم. ويشكو الوزير "غايتس" ان كلفة العناية الصحية تلتهم موازنة وزارة الدفاع. لكنه يجد انه من الصعب الحد من كرم الكونغرس بالنسبة الى الجنود والابطال.

وهناك جواب بالنسبة الى الكلفة العالية لعديد القوى، هو الاعتماد على التكنولوجيا. لكن هذا الحل ليس رخيصا. وتظهر الدراسات المتتالية مثلا، ان اسعار طائرات القتال، ترتفع بسرعة اكبر من نسبة التضخم، واحيانا بنسبة اعلى من نسبة نمو الناتج القومي الاجمالي (GDP). والوضع بالطبع مشابه بالنسبة للسفن الحربية. وفي كتاب صدر عام 1983، ورد كلام مأثور وطريف للكاتب "نورمان اوغوسطين" درس فيه نمو اسعار الطائرة المقاتلة منذ العام 1910، فاستنتج من خلاله "انه في العام 2054، ربما لن تكفي موازنة الدفاع بكاملها لشراء طائرة مقاتلة واحدة. وهذه الطائرة سيتشارك في استعمالها سلاحا الطيران والبحرية على اساس ثلاثة ايام ونصف كل اسبوع لكل سلاح!.."

والآن، وبعد مرور ثلاثة عقود تقريبا، يقول السيد "اوغوسطين": "اننا ما نزال بالضبط على الخط المرسوم، ومع الاسف لم يتغير شيء". فهذه الايام تساوي طائرة واحدة من الجيل الخامس مثل طائرة F-22 Raptor، مبلغ 160 مليون د.أ. بالاضافة الى حصتها من كلفة الابحاث والتطوير، مقابل طائرة من الجيل الرابع F-16 يتراوح ثمنها بين 50 الى 60 مليون د.أ... هكذا ومع مرور الوقت، سيؤدي الارتفاع المتواصل، الى تناقص متواصل في عدد الطائرات. والامر مشابه بالنسبة للاعتدة الحديثة الاخرى للقوات البحرية والبرية. ومنذ العام 1970، تتقلص بشكل متواصل اساطيل الطائرات والبوارج الحربية الاميركية، بينما ترتفع في المقابل موازنات وزارة الدفاع.

فالجزء الاكبر من اداء الاسلحة الحديثة يعتمد على القدرة الكومبيوترية والبرمجيات. فلماذا لا تتبع هذه الاسلحة قانون "مور" (Moore's Law)، الذي يشير الى الهبوط السريع لاسعار القدرة الكمبيوترية (Computing Power)؟ لسبب واحد فقط، وهو ان العتاد العسكري يفتقد الى العدد الكبير الذي يستعمل الكترونيات السوق الاستهلاكية، الذي يؤدي الى تدني اسعار الوحدات. فالبرمجيات العسكرية غالبا ما يكون موصى بها مسبقا. فبدلا من اختيار المنتجات من الاسواق المفتوحة، فان الدول الكبيرة والقادرة تطور اسلحتها من الاساس، وبدلا من التفاوض للحصول على عقود باسعار ثابتة، تتحمل الحكومات محاذير تصميم نظم حديثة باسعار مرتفعة. فحتى الشركات الجوفضائية الماردة مثل Boeing وEADS، التي تتنافس على انتاج طائرات نقل مدنية غالية الثمن، تتردد في تطوير طائرة مقاتلة عسكرية على عاتقها!

التوجّه اللولبي التصاعدي
ارتفاع اسعار العتاد العسكري، هو لعنة قديمة. ويعتقد الكاتب "فيليب بوغ" في كتابه عام 1986 "كلفة القوة البحرية"، ان الثورة الصناعية جعلت المشكلة اكثر تعقيدا: فالتسارع المتواصل في التطور التكنولوجي، فرض سباقا لبناء سفن حربية اكبر حجما، واكثر قدرة وتسليحا وحماية. وفي مرحلة معينة، ومع ارتفاع الاسعار، لا بد من حصول واحد من شيئين: إما ان تحدّ الدول من طموحها، او ان تلجأ الى تكنولوجية تغيير اللعبة، كما جرى عندما فتحت السفينة الحربية الطريق، لانتاج الغواصة، ثم حاملة الطائرات.

واشار ايضا السيد "فيليب بوغ" الى ميول اخرى وهي: السعي بشراسة لانتاج اسلحة اكبر وافضل في مرحلة الهدوء، ثم يتلاشى هذا الحماس عند وقوع الحرب. والواقع ان الحرب الباردة لم تتحول ابدا الى ساخنة، مما يفسر لماذا اعتادت وزارات الدفاع على تطوير الاسلحة على مهل وبكلفة عالية. ويقول السيد "كريبينيفتش": "خلال الحرب الباردة حصلت التضحية بكل شيء على مذبح الجودة"، فالكلفة كانت امرا ثانويا، والوقت كان الاقل اهمية، في مرحلة الهدوء. فتطوير الطائرة المقاتلة F-22 بدأ قبل نهاية الحرب الباردة، وايضا الطائرة المقاتلة Typhoon.

كما ان الاكثرية توافق على المبادئ التي اطلقها السيد "اوغوسطين" ومنها "ان آخر 10 من قوة الاداء لسلاح معين، تُولّد الثلث الاخير من الكلفة، وثلثي المشاكل". بالاضافة الى ذلك، فان السعي للاحسن، غالبا ما تنتجه "مؤامرة التفاؤل"، كما ان الملتزمين والاداريين يقدرون قيمة الكلفة بأقل من قيمتها الحقيقية، وذلك قصداً او دون قصد. وعندما تتقرر الموافقة، فمن الصعب جداً الغاء مشروع عسكري مقرر.

ومن دوافع التأخير والتصاعد اللولبي للأسعار ما يلي: اعاقة التطوير بسب تعثر التكنولوجيات الجديدة، وارتفاع الاسعار بسبب التأخير، وبالتالي تأجيل العمل من الحكومات لتجنّب انهاك الموازنة السنوية مما يؤدي الى تضخم الاسعار على المدى الطويل. ومع الوقت تصبح التكنولوجية قديمة، وبالتالي يتم اللجوء الى اعادة تصميم نظم الاسلحة، مما يدفع الطبقة العليا من المسؤولين العسكريين، الى التمادي الى ما لا نهاية بالمتطلبات الجديدة. وفي النهاية تلجأ الحكومة الى تخفيض كمية الشراء، مما يدفع سعر الوحدة الى مزيد من التصاعد. وعلى سبيل المثال كان من المفترض شراء 132 طائرة قاذفة قنابل خفية من طراز B - 2 ولكن انتهى الامر ببناء 20 طائرة فقط، اما السعر فوصل الى ملياري دولار أ. لكل طائرة!.

والأمر اسوأ حتى في اوروبا
ان العلّة المذكورة اعلاه ليست اميركية فقط. فقد تراجعت فرنسا الى حاملة طائرات واحدة فقط. وتمتلك بريطانيا حاملتين صغيرتين للطائرات، وغالباً ما تبحران دون طائرات، وقد أمرت الحكومة البريطانية ببناء حاملتين كبيرتين جديدتين للطائرات لكنها ابطأت متابعة البناء فور البدء بالعمل. ويقول المكتب الوطني لمراقبة الحسابات انَّ مبدأ "وَفّر الآن، وانْفِق لاحقا"، يؤدّي الى توفير 450 مليون جنيه استرليني في السنوات الأربع الأولى، لكنه يضيف الى الكلفة الاجمالية مليار ومائة مليون جنيه استرليني!

وفي مختلف الحالات، وأمام كل صعوبة، فان الدول الاوروبية تثير ضجة كبيرة بالنسبة لأموالها، فالدول الأوروبية تمتلك عدداً اكبر من عدد القوات المسلحة الأميركية، لكنها تعادل جزءاً فقط من القدرة القتالية الاميركية. كما ان الموازنات الاوروبية موزعة على اكثر من 24 سلاح جو، وسلاح بحرية، وجيش بري. والكثير من الدول الأوروبية لديها صناعات دفاعية تريد حمايتها.

وبالنتيجة فان الخيارات الاوروبية في طريق الاحتضار كما تقول مجلة The Economist ويمكن للولايات المتحدة الأميركية ان تبحث مثلاً موضوع عدد الأسلحة النووية التي تحتاجها، لكن بريطانيا تعتقد ان الأسلحة النووية غالية الثمن جداً، ويتساءل وزير الدفاع الاميركي السيد "غايتس" اذا كانت اميركا بحاجة الى 11 حاملة طائرات، بينما بعض الناس في بريطانيا وفرنسا يتساءلون اذا كان بقدرتهم شراء حاملة طائرات واحدة. اما هولندا فقد تخلت عن الاستطلاع البحري، واستبعدت الدانمارك الغواصات، وليس لدى دول البلطيق اي سلاح جوي تتكلم عنه، بل تعتمد على قوات الحلف الاطلسي لمراقبة اجوائها.

وبسبب الافتقار الى جيش اوروبي موحد، فان احدى الخيارات هي ان تتوزع الاختصاصات على الدول الاوروبية، ولكن القوات العسكرية الكبرى ترفض الاعتماد على الآخرين، وتحاول الاحتفاظ بالقليل من كل شيء. وبعض دول حلف الاطلسي تتشارك مثلاً في كلفة انتاج طائرة النقل العسكرية الجديدة من طراز Boeing C - 17 ولكن يعتبر هذا الخيار حالة نادرة.

اما عملية التطوير المشترك للأسلحة، فهي تؤدي الى كلفة باهظة. فهناك صعوبات في اتخاذ القرارات، ويجب ان يتم تقاسم العمل. وتؤدي الاستجابة الى حاجات كل فريق، الى تطوير انواع كثيرة، او الى تراكم عدة حاجات على طائرة واحدة. وهذا ما حصل بالنسبة الى طائرة النقل العسكرية الاوروبية الجديدة من طراز A004M التي عانى برنامجها من تراكم كلفة تخطت مبلغ 11 مليار يورو.

ولذلك هل هناك طريقة لتطوير اسلحة بأسعار ارخص؟ ربما بواسطة التعاون عبر الاطلسي. وبصورة عامة تحتاج الدول الى اعتماد خطوات تكنولوجية اصغر، وان تصنع بسرعة لتخفيض مراحل الانقطاع، وان تحدّث نظم الأسلحة عندما تكون التكنولوجيا جاهزة، ومن المفيد ايضاً ان تعتمد الصناعة اكثر على تكنولوجيات حديثة متواجدة في الأسواق.

الكمية النوعية او التكنولوجيا؟
خلال معرض "فارنبوره" الدولي للطيران هذا العام، توزعت الشركات الجو فضائية الكبرى، احسن الشاليهات، لكن الذي لفت الانظار كان Neal Blue الرئيس التنفيذي لشركة General Atomics الذي اعتبرته بعض الاوساط ثائراً. وهذه الشركة التي كانت معروفة بعملها في مجال الفيزياء النووية، سبقت الشركات الكبرى بإنتاجها الطائرة دون طيار من طراز PREDATOR. طائرة التصوير الجوي هذه، تحولت الى نماذج مسلحة تستطيع قصف الاهداف بعد انذار قصير. ثم تحولت الى طائرة اكبر دون طيار REAPER قادرة على حمل كمية اكبر من الأسلحة. والآن يعرض السيد Blue طائرة نفاثة خفية دون طيار تدعى The AVENGER.

ويقول السيد Blue إن اخراج الطيار من قمرة القيادة، هو افضل طريقة لخفض الاسعار، مصرّحاً ان ثمن طائرة AVENGER دون طيار يعادل 1"10 من ثمن طائرة مقاتلة نفاثة حديثة يقودها طيار. ويضيف ان المستقبل هو للطائرات المقاتلة دون طيار، التي تستطيع ان تقلع وتنتشر بسرعة على ضوء الظروف والحاجات.

ولكن منتقدي نظرية السيد Blue يعتقدون ان الطائرة دون طيار تلبي فقط جزءاً محدوداً من المطلوب. كما ان هذه الطائرات تتطلب عدداً كبيراً من الاشخاص المشغّلين لها على الارض، وهي بطيئة ومعرّضة للاصابة من الرمايات العدوة، بالاضافة الى حاجتها الكبيرة لموجات البث الخاصة بالأقمار الاصطناعية.

ويسأل السيد Steve O'brien من شركة Lockheed Martin: "اذا حصل التشويش على وصلات البيانات لديك، هل تستطيع في الواقع ان تستغني عن سلاح الجو"؟ فان تطوير طائرات دون طيار قادرة على القتال الجوي الذاتي في حده الاقصى، يؤدي الى ارتفاع اسعارها وتراجع قابلية شرائها، فاذا كان السيد Blue يعتقد ان التكنولوجيا تؤمن النوعية والكمية معاً، فقد اثبت التاريخ ان ارتفاع الاسعار في التكنولوجيا الحديثة العسكرية، يؤدي الى تراجع الطلب على الشراء. وبالطبع فان النقاش حول هذا الموضوع سيطول.

 
رد: كلفة الدفاع في زمن التقشف!

المقال رهيب والكل يعلم انه سياتي يوم من الايام جيوش العالم ستحركها الالكترونيات فلا اعتماد على العنصر البشري الا في الامور التي تحتاج الى ذكاء حاد وتصرف بشري خاص وستحرك هذه الاات عن بعد بدون تعريض الحياه للخطر وسيتغير الاعتماد على البارود والمواد الكيميائيه الى الاشياء الكهرومغناطيسيه المعقده ينتظرنا زمن بسيط واقرب مثال طائرات البدون طيار
 
عودة
أعلى