رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

لواء طبيب

صقور الدفاع
إنضم
3 أبريل 2010
المشاركات
2,870
التفاعل
227 0 0
اللواء محمد غانم (86)عام
أحد أشهر ضباط المخابرات المصرية
والذى كان معروفا لكل أجهزة المخابرات العالمية.. حتى أنها كانت ترصد تحركاته حينما يحل بأى من الأقطار..
هذا الرجل الذى حاز على ثقة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر

محمد غانم ليس مجرد ضابط عادى فى الجيش المصرى
بل هو واحد من الذين ساهموا بشكل كبير فى كتابة تاريخ مصر المعاصر..
فقد كان رمز للفدائية فى حرب فلسطين عام 48
وكان واحد ممن شكلوا جهاز المخابرات المصرية فى بدايات عهد الثورة
وكان رأس الحربة فى العمليات الفدائية ضد الإنجليز فى معسكراتهم مما عجل بالجلاء الإنجليزى عن أرض مصر
ثم تحول محمد غانم إلى خدمة بلده عن طريق رئاسته لأول مجلس إدارة لشركة النصر للتصدير والإستيراد والتى كانت تعمل كغطاء شرعى للمخابرات المصرية..وقد غزت شركة النصر للتصدير والإستيراد إفريقيا والعالم من خلال 35 فرع وكانت الشركة مسئولة عن الحجم الأكبر من صادرات مصر ووارداتها عدا القطن والبترول

http://www.youtube.com/view_play_list?p=C7710BE1CA43D656
http://www.youtube.com/watch?v=t9UUIPL5CTw
http://www.youtube.com/watch?v=VQBXmIvgOuM
http://www.youtube.com/watch?v=16DWKuQmixg

 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

سجل تاريخى حافل

*خريج الكلية الحربية يوليو 1944
*ضابط مدفعية فى البطارية الأولى آلاى الأول مدفعية الميدان حتى يوليو 1949
*شارك فى أولى معارك الجيش المصرى فى فلسطين من 15 مايو 1948 حتى هدنة يناير 1949
*حصل على نجمة الملك فؤاد العسكرية أعلى الأوسمة العسكرية فى عهد الملكية لبطولته وفدائيته فى حرب فلسطين
*أركان حرب المدرسة الثانوية العسكرية من يوليو 1949 حتى قيام الثورة 1952
*أركان حرب مدفعية الفرقة من يوليو 952 حتى مايو 1953
*عضو أساسى فى المجموعة التى شكلتها المخابرات المصرية بعد الثورة لإنهاء الإحتلال الإنجليزى لأرض مصر
وقد كان رأس الحربة الذى دوخ الإنجليز بالعمليات الفدائية حتى تحقق الجلاء الإنجليزى عن أرض مصربتوقيع إتفاقية الجلاء بالأحرف الأولى عام 1954
ومنح عن ذلك النجمة العسكرية وهو أعلى وسام عسكرى بعد الثورة
*نائب مدير قسم الصحف والإذاعة المصرية بالإدارة العامة للمخابرات من يوليو 54 حتى أوائل 1955
*أحد المسئولين عن إفشال تشكيل حلف بغداد والذى كان حلف أمريكى إنجليزى فرنسى تركى عربى
*مدير فرع شركة النيل للإعلان ببيروت وفروعها فى المشرق العربى كغطاء للمخابرات المصرية منذ 55 وحتى عام 57
*المستشار الإعلامى فى السفارات المصرية فى لبنان وسوريا والأردن ومدير مكتب الإستعلامات المصرى فى بيروت خلال النصف الأول من عام 1958
*مؤسس ورئيس والعضو المنتدب لشركة النصر للتصدير والإستيرادوالبالغ عدد فروعها 35 فرع
منها 25 فرع غرب ووسط وشرق إفريقيا و10 فروع فى أوروبا والعالم العربى
*العضو المنتدب للشركة الأفريقية العربية للإستثمار والتجارة الدولية (أفاركو)ومقرها الكويت منذ 1971 حتى 1975
*صاحب ومدير المكتب الإستشارى للتجارة والإستثمار منذ 1975
*أحد مؤسسى وأمين عام وعضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين منذ 1975 حتى 1992
*رئيس وعضو مجلس إدارة جمعية مستثمرى العاشر من رمضان 1987-1989
*مؤسس وأمين عام جماعة اللقاء المشترك لقطاع الأعمال1990-1992
*عضو مجلس إدارة إتحاد الغرف التجارية 1990-1992
*رئيس الجانب المصرى فى مجلس الأعمال المصرى الأردنى حتى 1994
*رئيس الجانب المصرى فى مجلس الأعمال المصرى السورى حتى عام 1994
*عضو مجلس إدارة مجلس الأعمال المصرى الأمريكى حتى 1994
*عضو المجلس التنفيذى لمجلس الأعمال المصرى الإيطالى حتى 1994
*عضو المجلس التنفيذى لمجلس الأعمال المصرى المجرى حتى 1994
*عضو المجلس التنفيذى لمجلس الأعمال المصرى الفرنسى حتى 1994
*عضو المجلس التنفيذى لمجلس الأعمال المصرى الألمانى حتى 1994
*عضو المجلس التنفيذى لمجلس الأعمال المصرى االكندى حتى 1994
*عضو مجلس إدارة شعبة الإستثمار منذ أوائل التسعينيات
*عضو اللجنة الإستشارية للسياسات العلمية والتكنولوجية منذ أوائل التسعينات حتى 1994
*عضو جمعية تشغيل خريجى جامعة حلوان والمستشار الإقتصادى حتى 1994
*مؤسس وعضو منتدب لشركة النيل للزراير (نيبو)
*مؤسس وعضو مجلس إدارة شركة النيل للأحذية (كوتشى)
*أحد مؤسسى وعضو مجلس إدارة الشركة الإسلامية للتجارة الخارجية
* أحد مؤسسى وعضو مجلس إدارة شركة تصنيع أقلام (بيك)
* أحد مؤسسى وعضو مجلس إدارة شركة إتحاد الصناعات المعدنية حتى علم 2009

النشاط الرياضى
----------
*أحد المؤسسين وعضو مجلس إدارة المجلس الأعلى لرعاية الشباب والرياضة فى الخمسينيات
*نائب رئيس لجنة المعسكرات فى المجس الأعلى للشباب والرياضة فى الخمسينيات
*مدير إتحاد المدفعية والمشرف على النشاط الرياضى فى وحدات سلاح المدفعية 1945-1955
*مؤسس ورئيس مجلس إدارة الإتحاد الرياضى للشركات 1964-1971 ورئيس شرفى للإتحاد حتى الآن
*حائز على وسام الرياضة من الدرجة الثانية عام 1960 وعلى وسام الرياضة من الدرجة الأولى 1980
*فريق سلاح الفلوريه فى مدرسة القبة الثانوية وضمن منتخب المدارس الثانوية 1939-1940
*فريق الهوكى وفريق الرجبى بكلية الزراعة جامعة القاهرة 1940-1941
*فريق الهوكى بالنادى الأهلى ومنتخب مصر القومى 1944-1952
*سكرتير عام مساعد إتحاد الهوكى ثم وكيل فرئيس الإتحاد المصرى للهوكى وعضو الإتحاد الدولى للهوكى 1952-1970
*رئيس إتحاد التنس فى أحد دوراته
*وكيل اللجنة الأوليمبية المصرية ثم نائب رئيس اللجنة الأوليمبية
*عضو الإتحاد الرياضى للبلاد الأفريقية 1965-1969
*عضو مجلس إدارة النادى الأهلى 1989-1992

الأوسمة والنياشين التى حصل عليها محمد غانم
-----------------------------
-نجمة الملك فؤاد العسكرية 1949
-ميدالية فلسطين 1949
-ميدالية محمد على التذكارية 1949
-نوط الجدارة
-نوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى 1954
-وسام النجمة العسكرية
-وسام الرياضة من الطبقة الثانية
-دبلوم التقدير من اللجنة المنظمة للدورة الأوليمبية الثانية عشر طوكيو 1964
-وسام الأسد الفنلندى من طبقة جراند أوفيسيه 1967
-وسام من ساحل العاج(على درجة تعادل درجة رئيس وزراء)
-دبلوم التقدير من اللجنة المنظمة للبطولة الدولية العالمية الأولى للهوكى فى برشلونة 1971
-وسام الرياضة من الطبقة الأولى 1980
 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

فدائى لا يهاب الموت

فى أثناء حرب فلسطين 1948
ذهب إلى رئاسة المدفعية فى غزة البكباشى محمود رياض المسئول عن مخابرات الحملة المصرية فى فلسطين(أصبح بعد ذلك سفير ووزير خارجية وأمين عام الجامعة العربية)
وإلتقى باللواء الجارحى مدير مدفعية الحملة المصرية فى فلسطين
وطلب منه تكليف ضابط نقطة ملاحظة من ضباط المدفعية يكون مدرب تدريب عالى..بحيث يخترق الضابط الحدود الفاصلة بين لقوات المصرية والقوات الصهيونية أمام غزة فى منطقة تسمى((بين النهدين))
وهى مسافة لا تتجاوز 300 متر تفصل بين سلاسل الجبال الموازية للبحر الأبيض المتوسط فى مواجهة غزة ويسيطر عليها الصهاينة..
بحيث يقبع الضابط فى تلك المنطقة ثم يوجه نيران مدفعية الجيش المصرى بواسطة اللاسلكى إلى منطقة القوات الصهيونية..
يمكننا أن نتخيل ما هو مصير الضابط الذى سيكلف بتلك المهمة
حيث سيكون فى مجال النيران المتبادل بين القوات المصرية والقوات الصهيونية
طبعا عودة هذا الضابط ستكون شبه مستحيلة..لذلك إعترض اللواء الجارحى بشدة على هذه المهمة ورفض تكليف أحد ضباطه بها حيث أن ضباطه بالفعل معدودين
كان الملازم محمد غانم وهو الضابط الفنى فى أحد تروبى بطاريتى المدفعية حاضرا هذا اللقاء..
وقد أثاره كلام محمود رياض وشرحه لخطة الصهاينة التى تنصب فى تطويق الجيش المصرى فى غزة بين شقى رحى..فهم يجمعون بعض قواتهم فى محاولة للوصول إلى مدينة العريش بسيرهم بمحاذاة سلسلة الجبال الموازية للبحر مختفين فى حماها ..ولابد من قصفهم فى منطقة بين النهدين حتى يتم إفشال خطة التطويق
يقول محمد غانم: قدمت نفسى للواء الجارحى مستعدا للقيام بهذه التضحية لكنه أسكتنى بحزم اللواء القديم للملازم الحديث
هل إكتفى محمد غانم بهذا القدر وقال:خلاص أنا عملت اللى عليا؟
تقدم محمد غانم إلى البكباشى أحمد حسن الفقى أركان حرب مدفعية الحملة المصرية فى ذلك الوقت(وسفير ووكيل أول وزارة الخارجية فيما بعد)وأخبره بما تم بين اللواء الجارحى ومحمود رياض
وما تم بين اللواء الجارحى وبينه
فما كان من الفقى إلا أنه إستطاع إقناع اللواء الجارحى بتكليف محمد غانم بهذه المهمة
وعندما تم تقديمه إلى اللواء أركان حرب فؤاد صادق_ القائد العام لحملة الجيش المصرى فى فلسطين فى ذلك الوقت_ كأحد أحسن متدربى المدفعية ومتطوع لتنفيذ فكرة المخابرات الحربية بالتواجد وسط القوات الصهيونية لتوجيه شبكة نيران المدفعية المصرية باللاسلكى ضد القوات الصهيونية فى الوقت المناسب وبالتركيز المطلوب
اللواء فؤاد صادق:إنت مقدر خطورة اللى إنت ها تقوم بيه؟
محمد غانم: أيوة يا فندم
اللواء فؤاد:الأمانة تفرض على أن أقول لك أن إحتمال رجوعك تكاد تكون شبه مستحيلة..ها تكون وسطهم ولا بد يكتشفوك ويقتلوك إن ما قتلتش نفسك بنفسك بنيران مدفعيتك اللى ها توجها للمكان الموجود إنت فيه وموجود فيه القوات الإسرائيلية
محمد غانم: سيادة القائد أنا شاب ماليش إلتزامات(لم يكن قد تزوج)ولا أستطيع أن أواجه أهلى وأصدقائى لو حط العدو رجله على متر واحد من أرضنا فما بال وصولهم للعريش وتطويق الجزء الكبير من الجيش المصرى فى فلسطين؟
اللواء فؤاد:أحييك وأحيى روحك العالية ولكن الأمانة أيضا تفرض على أنى أقدر إحتمالات نجاح العملية دى بما لا يزيد عن 30%
محمد غانم:حتى لو كانت 3%

كلف غانم بالمهمة وأمر بتنفيذها فى نفس الليلة..وأعطيت تعليمات بأن توضع جميع مدفعية الميدان تحت إدارة محمد غانم
وطلب منه إعداد شبكة نيران مكثفة بحيث تنطلق جميع المدافع فى كل المواقع وفى نفس الوقت فى دفعات مركزة ومتلاحقة بإشارة من محمد غانم وفى الوقت الذى يراه مناسبا على منطقة بين النهدين
مارس عدد من ضباط صف وجنود الوحدة الضغط على محمد غانم من أجل إصطحابهم معه فى رحلة الموت..
لكنه لم يختر إلا عامل لاسلكى واحد كى يشاركه هذه المهمة بالإضافة إلى دليل عربى
إجتاز محمد غانم ورفاقه خطوط الألغام المصرية والتى كان يحمل خريطتها
كما إجتاز خطوط الألغام الصهيونية بتوفيق الله ورعايته وإستجابته لدعاء محمد غانم بأن ينجيه الله من الألغام حتى ينفذ مهمته بنجاح
أربعة كيلومترات من الأرض الوعرة ذات التضاريس الغير ممهدة والألغام المزروعة فى كل مكان
يقول محمد غانم:
وفى حمى شجرة من شجرات الطريق قبعت أنا ومعى زميلاى بلا نطق ونكاد نكون بلا نفس..نسمع حديثهم(الصهاينة)وصراخهم وضحكاتهم ..والتعليمات ألا يفتح الجهاز اللاسلكى إلا فى الوقت المناسب وبأقل عدد من الكلمات يشملها كود متفق عليه مع زملائى ضباط المدفعية خلف مدافعهم على الجانب الآخر من الجبهة..
وبعد حوالى الساعة مرت كما لو كانت دهرا ونحن قابعون فى مكمننا جاءت اللحظة التى عملنا لها ألف حساب وصدرت التعليمات للصهاينة بالتحرك متخطية مضيق بين النهدين..ومع أزير المحركات وزمجرة أصوات المجنزرات فتحت اللاسلكى وأصدرت التعليمات لأول طلقتين من أحد المدافع أختبر بهما صدق تصورى لخط النار..
وكان الله معى فلم أجد أن هناك من حاجة لأكثر منهما بعدما إستنفدت بعد ظهر ذلك اليوم من جهد فى حساب دقيق لتصور خط النار وصادف أن كانت سرعة الرياح على معدلها المحسوب عليه الحسابات رغم أننا كنا فى الشتاء وما يثار فى مثل ليالى الشتاء من تقلبات فى الجو..
كان الله معنا وفى أعقاب الطلقتين إختبار تأكدت من صدق حساباتى ونطقت بالكود الثانى الذى يعنى جحيم من القذائف فى وقت واحد من عشرات المدافع المجهزة لهذا الأمر..
نجحت العملية الفدائية التى قام بها محمد غانم..ودكت المدفعية المصرية القوات الصهيونية المتواجدة فى منطقة ما بين النهدين..
ولرعاية الله وتوفيقة لم يستطع الصهاينة الإنتباه إلى محمد غانم ورفاقه رغم أن من كانت آليته تتحطم يفر من فوقه ولا يرونه..
كما أن الله نجاهم من القذائف المصرية التى كادت أن تصيبه ورفاقه
وبعد تأكد محمد غانم من تمام نجاح المهمة أصدر أمره بإيقاف الضرب قبل أن تصيب اللاسلكى شظيه تجعل اللاسلكى يتعطل ويسكت تماما..وكانت رحلة العودة أسهل كثيرا بعد تحررهم من اللاسلكى ذو الوزن الكبير بعد أن أصابه التلف..وقد غمرت محمد غانم مشاعر السعادة لا سيما وأنه رأى بنفسه نجاح العملية بنسبة 100%
ورأى بنفسه الأعداد الكبيرة من عربات الإسعاف والأوناش الخاصة بالصهاينة و التى هرعت إلى منطقة ما بين النهدين لرفع مخلفات الضرب المصرى المركز على الصهاينة
وكانت القوات المصرية قد تصورت إستشهاد غانم ورفاقه بعد إنقطاع الإرسال اللاسلكى ووزعوا نشرة تمجد بطولتهم..لذلك فإن عودتهم كانت مفاجأة سارة للجميع
خير محمد غانم بين الحصول على ترقية إستثنائية كيوزباشى وبين حصوله على نيشان نجمة فؤاد العسكرية فإختار النيشان
وتم ترقية الجندى الذى كان يحمل اللاسلكى ترقية إستثنائية
وتم منح الدليل العربى مكافأة مالية مجزية
وطلب اللواء أركان حرب فؤاد صادق من محمد غانم إختيار عشرة مقاتلين بمعرفته ليشكل بهم وحدة فدائية يوجهها بنفسه فوافق على الفور
m09.jpg
 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

يسرق النوم من عيون الصهاينة

لم يعد اللواء أركان حرب فؤاد صادق فى حاجة إلى أن يسأل محمد غانم عن قبوله للمهام الفدائية من عدمه..كما لم يعد فى حاجة لأن يعرفه بالخطورة التى تكمن فى المهام الفدائية التى سيكلفه بها..
فقد رسخ فى يقينه أن هذا الضابط المصرى الشاب فدائى بالفطرة..ووطنى مخلص لوطنه ولجيش بلاده..
وبالفعل أصدر له الأمر بأن يتحرك مع مجموعته ليتسلل بين قوات العدو الصهيونى..ومن ثم يطلقون عدة أعيرة نارية ..ثم يفرون بسرعة من أماكنهم ليتخذوا موقع آخر..
كان المغزى من هذه الخطة هو إبقاء القوات الصهيونية فى حالة إستنفار وتأهب دائمين ..مما سيتسسب لهم بالإرهاق وتعب الأعصاب..وربما يطلقون على بعضهم البعض النيران عندما يحاولون الرد على طلقات غانم ورفاقه..
نجحت الخطة نجاحا عظيما..مما دفع باللواء الجارحى بتحديد عدة مواقع لمحمد غانم فى اليوم الواحد..
فى قطاعى خان يونس وغزة..ليتسلل خلف العدو..وينهكهم بالسهر طوال الليل للرد على مصادر النيران..
فيصيبون بعضهم البعض..وتفتر عزيمتهم وينال من قدراتهم ويحبط من معنوياتهم..
وإستمرت العمليات الفدائية لمحمد غانم من نجاح إلى نجاح..
وكلف مرة بنسف إثنين من الكبارى الصغيرة التى تصل بين قوات العدو..
وساعده رفاقه والأدلاء الفلسطينيون كثيرا فى إتمام عملياته الفدائية..
إلى أن طلب منه ترك ميدان المعركة هو ورفاقه بعد إعلان هدنة يناير 1949
وأشتهر محمد غانم بين أفراد المدفعية بالفدائية..
مما كان له أثر كبير فى إختياره كأحد أفراد المخابرات المصرية بعد ذلك
m18.jpg
 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

خطة إجلاء الإنجليز عن أرض مصر

جثم الإحتلال الإنجليزى على قلب مصر منذ عام 1882
وكم بذل المصريون على مدى سنوات طوال كل الجهد فى مقاومة هذا الإحتلال..
وحاول الزعماء والساسة على مدار سنوات الحصول لمصر على الإستقلال..
وكانوا يحاولون الضغط على إنجلترا من خلال المجتمع الدولى..
وأقيمت إتفاقيات وعقدت معاهدات ..
لكن العالم يا أبناء مصر الأوفياء لا يعترف إلا بالمصالح ولا يعترف إلا بموازين القوى..وهذا الدرس يجب أن يعيه كل من يتشدق بالسلام مع الصهاينة حاليا..
ويجب أن يعيه كل من يراهن على إحراج الصهاينة أمام المجتمع الدولى..
ويجب أن يعيه كل قارىء منصف للتاريخ..
ورغم أننى مثلى مثل الكثير الذين لديهم تحفظات على الأخطاء التى وقعت فيها ثورة يوليو 1952 بعد إنتقال السلطة إلى أيديهم وإنتهاء العهد الملكى..
وأن الحال لم يسير على نفس الأسس والمبادىء التى قامت عليها ثورة يوليو..
إلا أننى لا أملك إلا أن أعجب كثيرا وأشيد بالخطة التى وضعها جمال عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة لإنهاء أى تواجد عسكرى للإنجليز على أرض مصر..
فقد إستقر لديهم أن خروج الإنجليز لن يتأتى إلا بعد إستنفاد الإنجليز لأسباب تواجدهم على أرض مصر..
وكانت مصر بالنسبة للإنجليز كالدجاجة التى تبيض لهم ذهبا..
فهم يستنفذون مواردها..ويستغلون موقعها الجغرافى المتميز وإعتدال جوها طوال العام من أجل أن يتمركزوا فيها..ويجعلون منها موقعا متميزا يدربون فيه قواتهم..وينطلقون منه فى أى وقت للتدخل العسكرى ضد أى محاولات للتمرد عليهم فى مملكتهم التى لا تغرب عنها الشمس..
فتم العمل على جعل حياة الإنجليز على الأراضى مصرية جحيم لا يطاق..وأن تمثل عبء على خزانة الإنجليز شبه الخاوية بعد إنتهاء الحرب العاليمة الثانية..
وكانت القوات الإنجليزية قد تمركزت فى منطقة قناة السويس وتركت المدن الكبرى الآهلة بالسكان بعد أن أذاقها المصريون ويلات المقاومة الشعبية..وبعد أن طلب منها رد الجميل لوقوف مصر معها ضد الألمان وفى أثناء الحرب..
كلف زكريا محي الدين مدير المخابرات المصرية أو الأستاذ كما يحلو لمحمد غانم أن يطلق عليه بأن يدير خطة الضغط على الإنجليز وشن حرب نفسية لا هوادة فيها على الإنجليز..
على أن تكون هذه الحرب غير رسمية..أى أن تبدو وكأنها شعبية من الثوار والفدائيين المصريين..
وعلى ذكر الفدائية..فلم يكن هناك فى وجهة نظر زكريا محي الدين أنسب من محمد غانم والذى ذاعت شهرته وصيت أعماله الفدائية فى حرب فلسطين..وعليه فقد تم تكليفه على أن يكون رأس الحربة فى هذه العملية والتى سيتخفى فيها فى عدة شخصيات بدون أى صفة عسكرية..
إجتمع عبد الناصر بسفير إنجلترا..وأقنعه بأن مجلس إدارة الثورة يحترم معاهدة 1936 والتى ألغتها حكومة الوفد من جانب واحد..وأنه يمكن للإنجليز إستخدام مصريين للعمل بمعسكراتهم بعد أن كانت الوفد قد توعدت قبل قيام الثورة كل من يعمل من المصريين فى معسكرات الإنجليز وإتهامهم بالخيانة والعمالة..
كما ستسمح الدولة بتموين القوات الإنجليزية بالتموينات التى تحتاج إليها فى حدود 83000 جندى حسب نص المعاهدة شريطة الحصول على تراخيص من وزارة التموين بذلك..
وقد إنطلت الخدعة على الإنجليز..حيث كان عبد الناصر يريد زرع الفدائيين داخل معسكرات الإنجليز..كما أنه سيتم الحصول بفضل ذلك على معلومات دقيقة عن الأعداد التى تشغل كل معسكر من خلال تصاريح وزارة التموين..
عرف محمد غانم أنه قد أختير لدور رأس الحربة فى التنظيم السرى لمكافحة الوجود الإنجليزى..
ولكن بصفة غير صفته وبإسم غير إسمه..وبأنه غالبا ما سيتم تصفيته جسديا من الإنجليز فى حالة مساورتهم الشكوك حوله..وأن الدولة ستنكر أى صلة له بها فى حالة إكتشاف أمره..
وهيهات أن تتزعزع العقيدة الراسخة التى تشبعت بالوطنية وبالمبادىء الحرة الأبية..
فقد قبل غانم بكل لهفة هذه المهمة والتى إعتبرها واجب مقدس..وهكذا تحول فى يوم وليلة من اليوزباشى محمد غانم..إلى العواطلى محمد صلاح..والذى سيعمل كسائق على أحد اللوارى التابعة لمستر أنجليدس اليونانى المتمصر الثرى الوجيه والذى يعمل كمتعهد توريد مياه غازية للإنجليز..
وأغلب الظن أن مستر أنجليدس كان عميل مزدوج لكل من المخابرات المصرية والمخابرات الإنجليزية على حد سواء..
m15.jpg

كانت مهمة محمد غانم غاية فى الصعوبة..فأمامه مهمات عديدة لابد من تحقيقها..
كل ذلك وهو متخفى فى شخصية مختلفة عنه تمام الإختلاف..حتى أن هناك شخص كان من المفترض أن يساعده ويدعى عباس شوقى قد تركه وذهب إلى القاهرة لظنه بأن أمره قد إنكشف وأن الإنجليز يسعون فى أثره..
وكان لابد له من الحصول على تصريح المرور إلى داخل المعسكرات الإنجليزية..
وكان فى ذلك الوقت توجد فئة من الخارجين على القانون تسمى (الهبيشة)وكانوا يسرقون من المعسكرات الإنجليزية لمصلحتهم الشخصية..وكان من أشهرهم شخص يدعى محمود الكينج وقد حدثه عنه وعن قلبه الميت الذى لا يعرف الخوف عباس شوقى ..بحث محمد غانم أو محمد صلاح حسب إسمه الحركى عن محمود الكينج..عندما إلتقى به غانم وجد لديه كنز من المعلومات عن المعسكرات الإنجليزية وسر كثيرا بأن الكينج عرض عليه وضع جميع إمكانياته وإمكانيات رفاقه فى خدمة مصر..
وبالفعل طلب منه محمد غانم بأن يجتمع بهم ولكن بعد أخذ أسباب الحيطة والحذر..
وتم الإجتماع بهم..وسبحان الله يا أبناء مصر الأحباء..فلكم أن تتخيلوا أن تسعة أفراد من الذين كانوا يعدون من الأشرار المعتادى الإجرام والذين كان أحدهم محكوم عليه بالإعدام ونصفهم على الأقل كان محكوم عليه بالأشغال الشاقة..بسبب تعدياتهم الجريئة وبقلوب ميتة لا تعرف الخوف على معسكرات الإنجليز..
لكم أن تتعجبون من وطنية هؤلاء الأفراد والذين قد أقنعهم محمد غانم بأن يعملون تحت إمرته..وألا يقوموا بأى عمل ضد الإنجليز دون توجيه منه شخصيا عن الكيفية وعن المكان والزمان الذي سيقومون فيه بعملياتهم من ذلك الوقت فصاعدا..ووعدهم بإستخدام المخابرات للحق الدستورى لرئيس الجمهورية فى إعفائهم من الأحكام التى صدرت ضدهم..بشرط الإلتزام التام بتعليمات محمد غانم وعدم تعرضهم بالأذى لأى مواطن مصرى مهما كانت المبررات..وتعاهدوا جميعا على ذلك..
حصل محمد غانم على تصريح الدخول للمعسكرات الإنجليزية تحت إسم محمد أحمد حسين صلاح الدين الشهير بمحمد صلاح..وقاد عربة اللورى التى تحمل 300 صندوق من زجاجات السينالكو
وللأسف فإن التباع المكلف بتحميل العربة كان رجل متقدم فى العمر ومقطوع النفس إثر تدخينه بشراهة للسجائر المغموسة بالحشيش..
ولكن ذلك لم يمنع محمد غانم من تقديم المساعدة له فى رص وتستيف الصناديق داخل اللورى كلفتة أخلاقية غير مستغربة لمن يعرف أو شاءت له الأقدار أن يتعامل مع ذلك البطل..
ورغم أن هناك من نصحه بأن يبيع الزجاجة بأكثر من ثمنها وهو قرشان ونصف للزجاجة ويضع الفارق فى جيبه الخاص حيث أن الزجاجة كان يصل سعرها أحيانا إلى عشرة قروش بالذات بعد سريان إشاعة بأن الفدائيين المصريين قد سمموا المياه من أجل قتل الإنجليز..وسيدر ذلك عليه مبلغ كبير جدا من المال
إلا أن غانم كان له أهداف أخرى فباع الزجاجات بثمنها الأصلى ..ولذلك تجاهل أيضا نصيحة أخرى بأن يبيع الزجاجات لعدد محدود من الكامبات لتجنب الإرهاق..
فقد باع لأكبر عدد ممكن حتى يستطيع أن يدخل إلى المعسكرات من الإسماعيلية إلى السويس ويطبع فى ذهنه خرائط هذه المعسكرات تمهيدا للعمليات الفدائية التى ستتم بداخلها بعد ذلك..
 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

ثعلب فى عرين الذئاب

كان محمد غانم أو محمد صلاح يسابق الزمن..يتسلم كل يوم من أيامه الذى يبدأ فى السادسة صباحا حمولته اليومية المكونة من 300 صندوق من المياه الغازية..يساعد عن طيب خاطر (عم عويس)التباع فى رص وتستيف الصناديق..ويقود العربة اللورى مسيطرا عليها بشق الأنفس فالعربة تكاد تنقلب فى أى إنحناءة من فرط حمولتها الثقيلة المتمثلة فى صفوف الصناديق العالية..كان محمد غانم يطبع فى ذهنه خرائط المعسكرات لكى يرسلها لقيادة المخابرات..
وأخذ فى جمع كم هائل من المعلومات من خلال خلق صداقات مع المصريين العاملين فى المعسكرات..وكان يتوخى الحرص حتى لا ينكشف أمره..وعندما يعود لغرفته التى يقيم بها فى الفندق كان يقوم بإعداد التقارير ورسم الخرائط وترشيح الأسماء التى يمكن تجنيدها فى تلك المعسكرات..ويلتقى من حين لآخر بمحمود الكينج فى السينيما الشعبية لمتابعة ما فعله ((الهبيشة))أو الشياطين التسعة فى معسكرات الإنجليز..
كان غانم لا يحصل إلا على قسط ضئيل من النوم..والمثير أن عم عويس التباع قد فارق الحياة..فأصبح غانم يعمل على اللورى كسائق وتباع فى آن واحد..
إلا أن ذلك لم يفت فى عضده..بل وجد أن فرصته زادت فى تحقيق ما خطط له من دخوله وحده داخل المعسكرات الإنجليزية..ورغم أن ذلك أثقل عليه كمجهود بدنى..إلا أن مساحة الحرية فى التحركات إزدادت..
عمل غانم على إنجاز خطته من خلال 3 مراحل..
المرحلة الأولى..تثبيت وضعه داخل شركة المياه الغازية(إنتركونتيننتال) وإكتساب ثقة مسئوليها ليحصل على أكبر عدد ممكن من التصاريح التى تمكنه من دخول المعسكرات الإنجليزية..مع محاولة إبعاد أية شبهات قد تحوم حوله وقد نجح غانم أن يحقق نجاحات فى هذه المرحلة
1-أمد المخابرات المصرية برسومات وبيانات دقيقة عن المعسكرات
2-تجنيد عدد من المصريين العاملين بالمعسكرات وتكوين شبكة معلوماتية دقيقة من خلالهم
3-تجنيد بعض الأفراد من القبارصة والمالطيين والذين كانوا يعملون كرؤساء عمل داخل المعسكرات((إستعان بهم الإنجليز بعد إلغاء حكومة الوفد _ما قبل الثورة_معاهدة 36 من طرف واحد ومنع المصريين من العمل داخل المعسكرات..ومن أهم النتائج التى حصلت عليها مصر من تجنيد هؤلاء هو تمويل الجيش المصرى بإحتياجاته من الذخائر والمعدات العسكرية من المخازن البريطانية والتى كان القبارصة والمالطيين يعملون كأمناء عليها..
المرحلة الثانية
زرع بعض الأفراد الذين سيقومون بأعمال مستقبلية داخل المعسكرات ضمن العاملين فى خدمة القوات البريطانية بمساعدة بعض القبارصة رؤساء شئون العاملين داخل المعسكرات الإنجليزية
المرحلة الثالثة وهى المرحلة التى لم يكن لغانم تصور محدد لها حيث من المفترض أن تديرها قيادة المخابرات المصرية عند تأزم الأمر أو عند الضرورة..
وهى الحرب المباشرة الواضحة بين القوات البريطانية وجماعات الفدائيين فى معسكرات الإنجليز..

 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

نجاحات ملموسة

يوم بعد يوم..كانت المراحل التى خطط لها محمد غانم فى خططه تسفر عن نجاحات ملموسة..
ساعده على ذلك توخيه الحذر بألا يتسبب فى أية مشكلات أمنية مع أمن القوات البريطانية..
كانت تفلح أحيانا بعض زجاجات السينالكو المجانية التى يمنحها لحراس وأمن المعسكرات فى تحركه بشيء من الحرية داخل المعسكرات..
رغم أنه عندما كان يضبط أحيانا متوغلا فى أماكن من غير المصرح له بالتواجد فيها كان يتم إيقافه..وحبسه لمدة تقارب الساعة..وإستجوابه وتفتيشه بدقة..ولا يخلو الأمر من الصفعات الموجعة على جميع أجزاء جسده..أو ضربات مؤلمة ب (دبشك)البنادق..
و لكن أى آلام أو معاناة تهون من أجل الحبيبة مصر..مصر التى وضع غانم روحه على كفه من أجل رفعتها وعزتها وتحمل تلك الإهانات التى إرتضاها مؤقتا لنفسه من أجل تحقيق هدفه الأكبر..وهو إعلاء كرامة الوطن وإجلاء من يريدون لمصر الذل والهوان..هذا وهو الإنسان المفعم بالمحبة.. والمرهف المشاعر.. والذى لا يرتضى الإهانة لغيره فضلا عن أن يرتضيها لنفسه..
لكن برعاية الله كان الأمر ينتهى دائما بإطلاق سراحه..وكثيرا ما كان يتدخل معارف غانم داخل المعسكرات من القبارصة والمصريين الذين لهم صلات وطيدة بالحراس حتى يتم العفو عن محمد صلاح (محمد غانم)..
طبع محمد غانم داخل ذاكرته رسومات كروكية للمعسكرات..فلم يدون الرسومات أو البيانات فى أوراق أبدا حتى لا تقع فى يد أحد فيحدث مالا يحمد عقباه وتفشل الخطة..
أسماء الوحدات..والقيادات..وأعداد القوات..وتقسيمات الرتب والتخصصات..نوعية التسليح..مستودعات الذخيرة وأماكن الأسلحة ونوعياتها وأعدادها ومستوى التدريب عليها..كفاءة الحراسة وأماكن الدشم وتصميماتها ووسائل حمايتها..روح الجنود والحراس المعنوية..ومدى تيقظهم..ومصادر المياه والكهرباء وأماكنها فى كل وحدة..
كل هذه المعلومات التفصيلية التى لم يترك فيها غانم شاردة أو واردة إلا وأمد بها قيادة المخابرات المصرية..
حتى المصايف ودور السينيما وكل تجمعات البريطانيين التسويقية والترفيهية..حتى أماكن سكنهم..
كل ذلك إستطاعت المخابرات المصرية أن تحصل عليها وساعد على إستكمال تلك المعلومات القيمة أشخاص نجح غانم فى زرعهم أو تجنيدهم سواء من المصريين أو من القبارصة والمالطيين وبعض الرقباء (شاويشية)من الإنجليز..
ومن توفيق الله سبحانه وتعالى..أن مدام كونترفوس(زوجة أحد مدراء شركة إنتركونتينينتال)التى يعمل فيها محمد صلاح إحتاجت إلى سائق يقلها إلى قيادة القوات البريطانية..وكلف محمد صلاح بتلك المهمة..وسمح له بإجتياز البوابات رغم أنه لا يمتلك تصريح مرور يمكنه من الدخول إلى قيادة القوات البريطانية ..بالطبع لأنهم جميعا يعرفون المرأة حق المعرفة..كان محمد صلاح مهذب جدا مع السيدة كونترفورس..والتى كانت تفتقد دماثة الخلق والإحترام فى سائقها المشاغب..لذلك فقد إستجابت لإلحاح غانم عليها بأن تستخرج له تصريح مرور(pass) للأماكن الحساسة فى المعسكرات البريطانية التى لم يكن يسمح لأحد من المصريين بدخولها..
وقد فعلت وإستخرجت له التصريح..فإستطاع بفضل الله سبحانه وتعالى أن يستكشف العديد من الأماكن الحساسة والإستراتيجية داخل قيادة القوات البريطانية..
 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

القبض على محمد غانم

إزداد نهم محمد غانم إلى التواجد والإقامة الدائمة داخل المعسكرات..فقد كان يريد أن ينجز مهمته بأقصى سرعة من أجل إزاحة كابوس الإحتلال البريطانى الذى جثم على صدر الوطن لعشرات العقود..وتفتق ذهنه على فكرة تحقق له ما يريد..فأقنع مسئولى شركة إتركونتينينتال أن يستأجروا له أحد المحلات فى مركز التسوق بمدينة فايد(Fayed shopping center)وهذا المجمع يخدم عائلات القوات البريطانية..
أقنع غانم مسئولى الشركة بأنه سيحقق لهم أرباح تفوق تلك التى يدرها عليهم توزيع صناديق المياه الغازية..وتعهد بأن يقوم بتهريب البضائع التى تحتاج إليها تلك العائلات والتى كانت نادرة الوجود للحصار الغير معلن الذى تفرضه مصر حول البضائع التموينية والسلع الترفيهية التى تدخل إلى المعسكرات البريطانية..
نجح غانم فى تحقيق مأربه..وإزدادت فرحته حينما وافقوا على أن يتسلم سيارة van صغيرة ومقفولة ليستخدمها فى تهريب البضائع..إلا أن هدفه الحقيقى بالطبع هو التنقل بخفة وسرعة وحرية داخل المعسكرات..
وأمدته المخابرات المصرية بإثنين من المساعدين الجدد وأعادت عباس شوقى للمنطقة بعد تعريفه بالشخصية الحقيقية لغانم وطبيعة مهمته حتى يعمل عباس تحت قيادة غانم..
وكان محمد غانم يستعمل السيارة ال van فى نقل الألغام والقنابل اليدوية ورشاشات البرن والمسدسات التى يحصل عليها من أحد معسكرات سلاح المهندسين المصرى.. تمهيدا لإستخدامها فى المرحلة الثانية من الخطة..
وكان المصرى الشهم المعلم الأمير صاحب قهوة المعلم أمير بفايد واحد من أفراد شبكة الملومات التى إستكملها غانم يجعل من مقهاه مركزا يتجمع فيه _بعد إغلاق المقهى_فرسان من الفدائيين المصريين حتى يتعلمون من محمد غانم كيفية إستخدام المتفجرات والألغام..لكنهم كانوا متمرسين فى إستخدام الرشاشات وإلقاء القنابل..
إزدهر المحل الذى تم إستئجاره فى مجمع فايد التجارى..
وذاع صيته بعد أن إمتلأ بأصناف وألوان من البضاعة المهربة..وهكذا إكتسب محمد صلاح صفة المهرب الكبير..
وفى أحد الكمائن التموينية المصرية تم إيقاف غانم وكانت السيارة محملة بالبضائع (لم تكن مهربة فى حقيقة الأمر ولكن الأمر كان يبدو كذلك ..فقد كان غانم يحصل على البضائع بطريقة سليمة..وكان يحمل تصريح سلطات التموين المصرية)
لكن أثناء توقيفه فى الكمين لمح بعض من يعرفهم فى مجمع فايد التجارى..لذلك لم يبرز التصريح..حتى يعزز السمعة المأخوذة عليه كمهرب بضائع..وبالفعل ..تم القبض على غانم على مرأى من الناس..وسيق وسط الإهانات بعد ذلك إلى مكتب إدارة المخابرات العامة بالإسماعيلية..وإستقبله إستقبال غير كريم اليوزباشى سمير غانم(ليس من أقرباء محمد غانم وإنما تشابه أسماء) وشكر سمير غانم أفراد الكمين على يقظتهم وأمرهم بالإنصراف مطمئنا إياهم أن هذا المهرب الخائن سيتم عقابه بمعرفة المخابرات المصرية..وأمر أحد الشاويشية بإيداعه بالسجن..
وبعد إنصرافهم إستدعاه ضاحكا ومازحا وتركه ينصرف من أجل إكمال مهمته

 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

بداية إظهار العين الحمراء

فى نفس اليوم الذى تم إلقاء القبض فيه على محمد غانم من قبل أفراد الكمين المصرى ثم إطلاق سراحه بواسطة سمير غانم..كانت ليلة ذلك اليوم توافق إحدى المناسبات التى تتجمع فيها العائلات الإنجليزية ليلا وتقيم إحتفالات صاخبة وسهرات راقصة..وخطط محمد غانم لأن يقوم مع الفدائين بنسف كشك توزيع الكهرباء الذى يغذى المنطقة بالكهرباء..لتحويل الليلة إلى صدمة مرعبة للبريطانيين..ولمزيد من إلقاء الرعب تم التخطيط لإطلاق عدد من الأعيرة النارية بواسطة الأسلحة الرشاشة (البرن)..بغرض التخويف لا الإصابة..
وبالفعل أحيط الكشك بالألغام والمتفجرات وتم مد أسلاك التفجير..وبعدها بخمسة دقائق..تم حدوث الإنفجار الذى خلع قلوب الإنجليز من أماكنها..وحدث هرج ومرج زاده إنطلاق الطلقات من رشاشات الفدائيين الذين يفيضون بالحماسة والوطنية وعشق تراب كنانة الله فى أرضه..وإمتلأت المنطقة بصفارات الإنذار وصخب سيارات الإسعاف والأمن فى كل الإتجاهات..
ورغم قلق محمد غانم البالغ على حملة الرشاشات والذى إنتهى بعد أن إطمأن إلى أن الجميع قد نجحوا فى الإنصراف بسلام ولم يلحق بهم أى أذى..
إلا أن هناك صراع داخلى نشب بداخله..
هل من الإنسانية أن يلحق أى أذى بتلك العائلات البريطانية أو أن تزهق أرواح بعضهم؟أليس ذلك يتنافى مع ما جبل عليه غانم من الإنسانية والوداعة والمسالمة؟
لكن ذلك الصراع تم حسمه..فقد إنتصر المنطق إلى أن إجلاء المحتلين عن بلدنا الحبيبة هو الهدف والغاية التى ينبغى أن يعول عليها..وكيف سيتم إنهاء هذا الإحتلال إذا؟!
تذكر غانم كيف كان الجنود البريطانيون يعيثون فى شوارع القاهرة فسادا فيغتصبون النساء ويسرقون المحلات ويقتلون من يقف لهم....تذكر أن هؤلاء الجنود السكارى إختطفوا طربوش والده وأخذوا يركلون الطربوش بأقدامهم كأنهم يتناقلون كرة قدم..ولولا أن الله سلم لتطور الأمر أكثر من ذلك..
إستقر فى ضمير غانم أن معركته فى القرنص لا تختلف عن معركته التى خاضها فى فلسطين..
وصمم محمد غانم على المضى قدما فى تنفيذ بقية خططه فى المرحلة الثانية وهى إلحاق الخسائر وتحطيم الروح المعنوية للإنجليز وهز ثقتهم فى أنفسهم

 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

الزلزال

بدأت الأرض وكأنها تتزلزل تحت أقدام الإنجليزفى منطقة القناة..وبدأ غرورهم ينكسر..وإهتزت ثقتهم فى أنفسهم مع كل عملية فدائية يقوم بها غانم..أو يقوم بها الفدائيون تحت إشرافه..وضرب محمود الكينج وعصابتة الهبيشة مثالا رائعا فى الوطنية..فقد إستطاعوا ترويض ميولهم الشرانية وتسخيرها فى تنفيذ تعليمات غانم بكل دقة..رغم أن ذلك قد يأتى على حساب مصالحهم الشخصية..لكنهم إلتزموا بالخطط الموضوعة لهم بكل دقة..وكانوا يوقفون أية عمليات ويهدأون التصعيد عندما يطلب منهم محمد غانم ذلك..كذلك كان كل الوطنيون الذين نجح غانم فى تجنيدهم يلعبون أدوارهم بكل دقة..نصبت الكمائن للمعدات تارة ..وللأفراد الذين لهم حيثية وأهمية فى الجيش الإنجليزى تارة أخرى..حتى أن غانم نجح فى عمليات تموين الجيش المصرى بأسلحة ومعدات عسكرية كان يستولى عليها الفدائيون من مخازن الذخيرة الإنجليزية..ومن الطريف أن عصابة الكينج كانت تسرق من الإنجليز أحيانا بعض المتعلقات كالبطاطين وأدوات الطعام وأدوات الشاى والقهوة وتبيعها فى الأسواق بأبخس الأثمان..ومن المضحك أن عصابة الكينج وجدت صندوقين كبيرين فسرقتهما ممنية نفسها بغنيمة كبيرة وإتضح بعد ذلك أن الصندوقين الكبيرين ما هما إلا تابوتان محفوظ فيهما جثتى ضابط وجندى بريطانيين..فأمر غانم العصابة بأن تعيد التابوتين مرة أخرى..أما الهواة من الفدائيين والذين ليس لهم خبرات كبيرة فى القتال والإشتباك المباشر كان غانم يكلفهم بعمليات فردية داخل المعسكرات وكان أقصاها أن يزرعوا لغم مزود بميقاتى تفجير..وكان لهم دور مهم فى دس المنشورات داخل المعسكرات والتى كانت تنال كثيرا من الروح المعنوية للجنود الإنجليز بل وتدمرها تدميرا ..وكان محمد غانم يقوم بتدريب الفدائيين على عمليات زرع الألغام وتفجيرها وما يلزمها من توصيلات وما تستوجبه من الأخذ بإحتياطات الأمان..وهؤلاء الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه يا أصدقائى ضربوا لنا أروع الأمثلة فى التضحيات والفداء..كانوا يضعون أرواحهم على أكفهم مستعدين لبذل أنفسهم من أجل تحرير تراب هذا الوطن الغالى وهذه الأرض الطيبة..مصر..مصر الولادة والتى لا ينضب معين عظمتها ولا تجف منابع خيرها..يذكر محمد غانم أنه لم يحدث ولو لمرة واحدة أن يجادله أحد من الفدائيين فيما قد قدره له من مكافئة على عمل قاموا به..أو إستحثه أحد أن يكلفه بعمل فدائى يتكسب منه..رغم أن منهم من لم يكن له أى مصدر رزق...لكنها وطنية أبناء مصر ووإبائهم ومعدنهم الأصيل الذى حين يظهر فى أوقات الشدائد يأتون بأفعال تبهر كل العالم لأنها تتحلى بالبساطة والعبقرية فى آن واحد..وتتسم بالبطولات والفدائية التى لا نظير لها..
m21.jpg
 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

وتتوالى العمليات الفدائية

توالت العمليات الفدائية داخل المعسكرات الإنجليزية..وبدأ الإنجليز يفقدون توازنهم..ثم حدثت المفاجأة.. مجموعة من الفدائيين غير خاضعة لمحمد غانم قامت بإستدراج جندى بريطانى يدعى ريجدن من أحد البارات فى مدينة الإسماعيلية..وإنتهزت القوات البريطانية الفرصة لتحاول إستعادة هيبتها أمام جنودها وضباطها..فقامت قيادة القوات البريطانية بعمل حركة مسرحية..وسلمت محافظ الإسماعيلية إنذار شديد اللهجة بأنها ستقوم بإحتلال محافظة الإسماعيلية بالكامل إذا لم يتم تسليم الجندى المختطف قبل موعد أقصاه التاسعة من صباح اليوم التالى..كلفت المخابرات محمد غانم بالتحقق من مدى جدية التهديدات البريطانية..وما هى طبيعة تلك الإجراءات التى ستتخذ لتنفيذ هذا التهديد..قرر غانم أن يهرب للمعسكرات الإنجليزية سلع من التى يتلهفون عليها بسبب نقصها حتى تكون مفتاح دخول مرحب به داخل تلك المعسكرات..ولما كان هناك نقص شديد فى البيض أخذ غانم يتنقل بين كل الأماكن التى يمكن أن تزوده بالبيض..وبالصدفة تقابل مع الخواجة كونترفورس(أحد مديرى شركة كونتننتال التى يعمل بها غانم ) فى أحد المحال..وأصر الخواجة على أن يرافق محمد غانم..تضايق غانم فى بداية الأمر..ثم قال لنفسه :ربما كان ذلك أفضل فمرافقة الخواجة له ستبعد عنه أية شكوك محتملة أثناء تجواله داخل المعسكرات..وللأسف الشديد أثناء قيادة غانم للسيارة فى شارع الثلاثين إصطدمت السيارة التى يقودها غانم بإحدى الدراجات التى يركبها أحد العمال المصريين..تحطمت الدراجة وطار العامل فى الهواء وسقط فوق الإسفلت على بطنه((لحسن الحظ تعافى العامل من إصاباته بعد فترة))..لكن الموقف أمام المارة كان كالتالى:مهرب مصرى خائن يخدم الإنجليز..ومما يؤكد عمالته لهم هو إصطحابه لذلك الخواجة الأرعن..وقد صدم عامل كادح شريف ..لذلك فقد أحاطوا بالسيارة وقرروا الفتك بغانم والخواجة وقتلهما شر قتلة..كانت نقطة شرطة الثلاثين تبعد حوالى 50 متر عنهم.فأمر غانم الخواجة بالجرى بأقصى سرعة فى إتجاه نقطة شرطة الثلاثين..وكان ضابط النقطة الملازم عبدالله الشربينى يعرف اليوزباشى محمد غانم لكنه لم يكن يعرف شيئا عن طبيعة مهمته..لذلك فقد إلتبس عليه الأمر حينما رآه فى تنكره وفى ذلك الموقف الذى يحيط به الناس الذين يحيطون به ويوجهون له الشتائم ويصفونه بالخيانة ويريدون الفتك به..أخذ الضابط يتمعن فى وجه غانم محاولا تذكر أين رآه من قبل..وسأله عن إسمه فسارع غانم بتقديم نفسه:محمد صلاح..فإستدار الضابط ليتوجه إلى مكتبه..فهتف غانم: أنا قريب شاكر عبد الحى يا بيه(شاكر عبدالحى قريب وصديق للضابط)
..ولذكاء الضابط المصرى المتمرس عاد أدراجه..ودون أن يلتفت إلى غانم أعطى تعليمات بصوت جهورى للصول أن يطرد كل الموجودين فيما عدا المتهمين والشهود..وعندما أخبره الصول أن القضية تهريب للجيش البريطانى وإصابة مواطن نتيجة قيادة مسرعة لكن نتيجة الإصابة ((جت سليمة))أمر الضابط الصول أن يدخل الخائن بمفرده إلى غرفة الضابط..وسأله حينما أصبحا بمفردهما:تعرف شاكر عبد الحى منين؟
فقال غانم:يا عبدالله أنا محمد غانم
قال عبدالله :قوللى كده يا أخى..إنت برجلتنى..أول ما شفتك شبهت عليك لكن كان صعب أتصور إنك محمد غانم ولما قلت لى محمد صلاح إرتحت وقلت يخلق من الشبه أربعين..إنما مخولتنى تانى لما سمعتك بتجيب سيرة شاكر عبدالحى..إيه حكايتك؟
شرح غانم فى عجالة الحكاية ومدى أهمية خروجه الفورى لإكمال مهمته..إستدعى عبدالله الصول وأمره بصرف محمد صلاح والخواجة على أن يحضران باكر لإستكمال التحقيق..وإصطحاب الخواجة فى تاكسى إلى محل إقامته لضمان حمايته من الثائرين خارج القسم..لكن غانم فوجىء بمنعه من إستلام السيارة مما جعله يعود للضابط مرة أخرى فوافق على الإفراج عن السيارة بضمان شيخ الحارة..ترك غانم نقطة الشرطة فى حوالى التاسعة مساء فى حراسة الشرطة لحمايته من الثائرين..فتوجه إلى معسكر الإسماعيلية وبواسطة تصريح المرور وبمساعدة حمولة البيض بالسيارة رحب بدخوله إلى المعسكر..وإندهش محمد غانم من الهدوء الذى يسود المعسكر..وإستطلع رأى كل المجندين فى شبكة المعلومات الذين جندهم داخل المعسكر..وتيقن أن تهديدات الإنجليز غير جادة..وقبل منتصف الليل كان غانم قد أرسل للمخابرات المصرية بالخبر..وفى صباح اليوم التالى حرص على أن يستمع فى الراديو على البيان الذى ألقاه صلاح سالم وزير الإرشاد القومى والذى أعلن فيه رفض مصر للإنذار البريطانى وإستعداد مصر التام للدفاع عن الإسماعيلية دفاع الأبطال القادرين..وكانت هذه الواقعة تجسيد حقيقى لتزعزع موقف الإنجليز داخل مدن القناة ..وترجيح كفة مصر فى كفاحها المشروع ضد الإحتلال البريطانى الغاشم لأراضيها..
m12.jpg
 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

مفاوضات ومناورات

رأس جمال عبد الناصر بنفسه الجانب المصرى فى المفاوضات بين مصر وإنجلترا لإجلاء القوات البريطانية عن مصر بطريقة سلمية..وعندما كان الإنجليز يرفضون أى مطلب للجانب المصرى فإن ذلك معناه أن تتفجر الأوضاع داخل معسكرات الإنجليز وأماكن تجمعهم ..مما كان يجعل الإنجليز يرضخون فى نهاية الأمر للمطالب المصرية..
وبدأت حرب تصفية العملاء بين الجانبين المصرى والإنجليزى..ومن أهم المكاسب التى حققتها المخابرات المصرية نجاحهم فى القبض على عميل خائن يدعى كينج صبرى..فقد نجح الصاغ كمال رفعت فى إصطياده رغم الحراسة الشديدة التى كانت تحميه..وحوكم الخائن وأعدم..مما جعل الكثير من الخونة يفقدون الثقة فى أنفسهم..ويعلنون توبتهم وإستعدادهم لتقديم الخدمات للمخابرات المصرية مقابل الصفح عن تاريخهم المشين..وأعلنت الحكومة المصرية أن إجلاء بريطانيا عن مصر من أهم أهداف الثورة..وأعلنت بكل صراحة وجرأة أنها لن تتورع عن تنظيم حرب عصابات شاملة ضد الوجود البريطانى فى منطقة قناة السويس فى حالة فشل المفاوضات فى إجلاء بريطانيا عن مصر بصورة نهائية..ولكى يتأكد الجميع من جديتها أنشأت فى كل المحافظات معسكرات للتدريب المسلح تحت إسم الحرس الوطنى..مهمته الأساسية أن يتشكل منه ومن بعض أفراده بعد تمضية فترة تجنيدهم فصائل قادرة على خوض حرب العصابات..تعمدت قيادة الثورة أن تبرز أخبار تلك المعسكرات..ما عدا معسكر إنشاص السرى..ومع ذلك فقد كانت المخابرات البريطانية على علم بذلك المعسكر..وحاولت بكل جهد أن تلم بتفاصيل ما يحدث داخل تلك المعسكرات..وقد نمى إلى علم غانم من أحد معارفه بأن هناك شخص من المشكوك فى عمالتهم للإنجليز عرض عليه بأن يدفع له مبلغ مادى مقابل تسريب معلومات عن المعسكرات عن طريق قريبه الصول فى القوات المسلحة..إستغل غانم الفرصة وقدمت المخابرات أوراق وخطط بعضها صحيح وبعضها مغلوط بحيث لا تنكشف الحيلة وبحيث لا تضار الخطط الفعلية حينما يأن أوانها..وترك العميل فترة حتى لا تثار الشكوك..ثم ألقى القبض عليه فى أمر آخر وتم محاكمته على مجموع جرائمه..وتماشيا مع أهداف مجلس قيادة الثورة عمل محمد غانم فى المرحلة الثالثة من خطته على تدريب العديد من الفدائيين وتكوين مجموعات منهم قادرة على خوض حرب العصابات عندما يجد الجد..
m08.jpg
 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

حرب تصفية العملاء

إشتدت حرب تصفية العملاء بين المخابرات المصرية والإنجليزية..كان الإنجليز يقتلون كل من تحوم حوله الشبهات أو تثبت إدانته..بات وضع غانم ورفاقه فى حرج بالغ..وإشتد إحساس غانم بالخطر حينما ألح عليه رشدى شاكر وهو صاحب محل تصوير فوتوغرافى بالإسماعيلية أن يساعده فى أن يعمل بالسينما..حيث كان غانم قد رسم لنفسه شخصية العواطلى محمد صلاح أحد كومبارسات السينيما..وكان رشدى شاكر يعطى لغانم صور الجنود وصف الضباط الإنجليز الذين يذهبون للتصوير عنده..فكان غانم يأخذ منه الصور بلا إكتراث ويلقيها فى درج المكتب..كان محتاطا من رشدى فمن يدرى؟لعله يكون أحد عملاء الإنجليز..كان رشدى يلح كثيرا على غانم ويضيق عليه الخناق..وكان غانم يتهرب منه بكل الأساليب..لكن ذات يوم كان غانم فى موقف سيارات النقل الجماعى من الإسماعيلية للقاهرة وفوجىء برشدى يقف أمامه بسيارته الأوستن وألح عليه أن يوصله للقاهرة وهى فرصة لكى يقدمه غانم (محمد صلاح)لمعارفه فى السينيما من المخرجين وكبار الممثلين..وكان لا يريد أن يترك محمد صلاح إلا بعد أن يوصله لمنزله..لكن إستطاع غانم أن يقنعه بأن يتفرقا على أن يتقابلا عصرا ليقدمه لمعارفه فى السينيما..لم يضيع غانم الوقت ورتب إجراءات مقابلة ما بعد العصر ..وبالفعل قابلا المخرج جمال مدكور الذى بمجرد أن شاهد غانم ورفيقه رشدى صاح به:الله.. محمد صلاح..إنت مش شايف إن ده مش وقت مناسب لكومبارس يقابلنى؟ويلح غانم عليه لكن يتقن جمال مدكور دوره ويعاملهما بلا مبالاة ثم يقول لغانم بلا إكتراث:سيبونى دلوقتى علشان أنا بأراجع سيناريو الفيلم الجديد ولو إتصلتم بالريجيسير اللى بيشتغل معايا ها نحاول نشوف لكم فرصة إنتوا الإتنين..إصطحب غانم بعدها رشدى شاكر إلى شقة المخرج محمد كريم وفى سيناريو من إخراج محمد كريم تظاهرت السيدة التى فتحت الباب بعد أن سألتهم من هما وماذا يريدان بأنها ستغلق الباب فى وجههما قائلة لهما من فضلكم ده بيت مش مكتب..فيأتى صوت محمد كريم من داخل الشقة :مين يا مدام راقية..فتقول مدام راقية:دول ناس من طرف يوسف السباعى عايزين شغل وقلت لهم يروحوا لحضرتك المكتب..فيقول لها:معلهش..الأستاذ يوسف عزيز علينا خليهم يخشوا المكتب..ويبدع محمد كريم فى إخراج الموقف كإبداعه فى أفلامه ويقول لشاكر إن شكله فوتوجونيك ويترك لهما كارته الخاص..ثم يصطحب غانم رشدى إلى الممثل الراحل عباس فارس لأنه يحتضن محمد صلاح الكومبارس ويعطف عليه..ويتقن عباس فارس دوره أيضا فقد نصح محمد صلاح بأن يترك العمل فى السينيما لأنه غير مضمون..وأن عباس فارس نفسه غير مندمج فى جو الوسط الفنى فى الأيام الأخيرة..ثم يعدهما بأن يتصل بهما فى حالة توافر فرصة لهما..ثم ذهبا لأستوديو الأهرام لمقابلة عز الدين ذو الفقار الذى ما إن رآه حتى زغده فى كتفه قائلا:تعالى يا واد يا صلاح هنا..كنت متنيل فين ؟.أنا سألت عليك عشان كنت عايز أديك دور تنطق لك فيه كلمتين فى الفيلم ده مالقيتكش..ومين الجعر اللى معاك ده؟..كان سيناريو طريف من عز الدين ذو الفقار..لكن أفسد كل الجهد رزق الذى كان يعمل صول فى المدفعية ويعرف غانم حق المعرفة وكان يعمل مع عز الدين ذو الفقار بعد تفرغه لذلك العمل:أهلا حضرة اليوزباشى غانم..ويوجه حديثه لرشدى معددا صفات اليوزباشى الحميدة وأفضاله وكرمه..وأنه كان معه فى سلاح المدفعية قبل أن ينتقل للمخابرات..طلب غانم من رشدى أن يعودا للإسماعيلية..وفى منشية البكرى عند مقر المخابرات القديم..طلب غانم من رشدى أن يدخل بسيارته دقيقة واحدة..وشرح كل شيء للضابط النوبتجى..فتم التحفظ على رشدى كإجراء إحترازى فليس من المعقول تعريض مهمة خطيرة ونبيلة ومهمة كإجلاء الإنجليز عن أرض مصر للخطر أو ترك الأمور تجرى دون أخذ جميع الإحتياطات الواجبة لإنجاحها..
m19.jpg
 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

الحاسة السادسة والعناية الإلهية
فى أحد الأيام..لم ينم محمد غانم فى فايد شوبنج سنتر..ربما كان الفضل فى ذلك لحدسه وحاسته السادسة التى إكتسبها بحكم عمله المحفوف بالمخاطر..وعندما توجه إلى السنتر فوجىء بتجمعات عسكرية إنجليزية سحبوا منه تصريح مروره ومفاتيح سيارته وإقتادوه إلى الميجور البريطانى "وايت"وهو المسئول عن أمن القوات البريطانية..وكانت مقابلة تاريخية بين المسئول عن أمن القوات البريطانية والمسئول عن زعزعة هذا الأمن..وأخذ غانم يبدى ضيقه وخوفه بإصطناع متقن كأحد المتعهدين الذين يهربون المواد التموينية للإنجليز ويعرضون حياتهم للخطر ومع ذلك يصادرون تصريح مروره ويحتلون محل أكل عيشه..بينما ركز الميجور البريطانى أن يسأله عن المكان الذى بات فيه بالأمس ولماذا لم يبيت فى السنتر الذى تعرض لهجمة من الفدائيين المصريين الذين أطلقوا الرصاص على العملاء الخونة الذين يعملون فى السنتر..ثم طلب منه أن يمر عليه فى اليوم التالى فى رئاسة المخابرات البريطانية لكى يجزل له العطاء..عندما أخبر غانم زميله الصاغ عبدالفتاح نهاه أن يذهب إلى وايت فى الموعد وقال بأنه سيستصدر له أمر من زكريا محى الدين بمنعه..لكن غانم بروح المغامرة ذهب فى الموعد وداخل مركز قيادة المخابرات قابله صول قبرصى يعرفه جيدا ويركب موتوسيكل بكابينة ملحقة...قال له:إنت بتعمل إيه هنا؟أخبره غانم بأن لديه موعد مع الميجور وايت..
فقال له:إنت مجنون؟إركب..
وجد غانم نفسه محشورا ومختبئا داخل كابينة الموتوسيكل..
وقال له الصول القبرصى وهو يخرج به من مركز قيادة المخابرات البريطانية بالإسماعيلية:إنت فاكر هما مش عارفين إنت مين؟إنت عميل مخابرات مصرى مهم وكلنا تأكدنا من كده..تقدر تقول لى ليه إمبارح بالذات نمت خارج السنتر؟طبعا عارف اللى كان حيحصل وأكيد إنت اللى مدبره..تقدر تقوللى التموين اللى إنت بتجيبه ده كله منين؟وإزاى يفلت من كل كردون تموين مصرى؟عندك فكرة الميجور وايت طلبك ليه؟طبعا يهمه يستجوبك ويعذبك ويأخذ منك كل المعلومات اللى هو عايزها وبعدين بمجرد طلقة واحدة تقضى عليك ويرميك على السلك ويقولوا إنك كنت بتحاول تنط السلك..تعرف ؟لولا إنى من أشد المؤمنين بالأسقف مكاريوس ومقدر تماما اللى عمله جمال عبدالناصر لتأييد قبرص..ولولا إنك كنت كريم معايا ومع مراتى وأولادى؟ماكنت أجازف وأعمل اللى عملته معاك..على أى حال أنا قمت بالواجب ولو أنا منك دلوقت ما توريهومش خلقتك أبدا..
هنا كتبت لغانم حياة جديدة..وبدأ منعطف جديد من كيفية تواجده داخل منطقة القناة..

m22.jpg



 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

عطشجى فى السكة الحديد

إتفق محمد غانم مع إدارة المخابرات ألا يعود للقناة قبل إسبوعين على الأقل..قضاهم غانم فى معسكر التدريب الراقى للفدائيين فى إنشاص.وطلب أن يقضى تلك الفترة معه زميله فى الملاعب ضابط الشرطة اليوزباشى شاكر عبدالحى..ورغم قسوة التدريب وخشونة الحياة داخل المعسكر إلا أن غانم إستشعر كل الرضا والراحة..وذات صباح زار جمال عبد الناصر المعسكر وأثناء تناوله الفطور عرف بقصة غانم فإستدعاه للإفطار معهم..وفتح معه حوار عن الموقف داخل القناة وعن إستعدادتنا لكل الإحتمالات..أخبره غانم بتقييمه للموقف..وسأله عبدالناصر عن تقييمه لمعسكر إنشاص وتدريباته فأجابه بصدق..سعد عبدالناصر بغانم كل السعادة وختم تفقده للمعسكر بإجتماعه مع الفدائيين ..وبث فيهم الحماس والتشجيع..وعاد غانم للقناة مرة أخرى وهو متأكد من أنه قد أصبح مطلوبا من المخابرات البريطانية..وتنكر كعطشجى للسكة الحديد تحت إسم رمزى أرمانيوس إبن أخت معاون سكة حديد فايد المسيحى..وكان رجل وطنيا بحق..خبأ غانم بعض المتفجرات بتعليقها فى دناجل القطار فلم ينتبه لها جنود الحراسة الإنجليز..والتى إستخدمها فى تفجير مخازن الذخيرة البريطانية فى أبو سلطان..وتنكر غانم مرة أخرى فى شخصية ثرى إبن ذوات غاوى صيد سمك..وكان دائم التنقل والتنكر وشديد الحرص ..وضرب الكثيرون من المصريين أمثلة رائعة فى الوطنية حيث كانوا يخبئونه عندهم رغم أن ذلك يعرض حياتهم للخطر..وإتفق غانم مع مستر جيز الذى يعمل فى المطبعة السرية للإنجليز على أن يحصل على نسخة من مطبوعاتهم وخططهم المكتوب عليها سرى للغاية..فحصلت المخابرات المصرية على كنز من المعلومات.
m10.jpg
 
رد: رأس الحربة المصرى الذى دوخ الإنجليز

شكرا لك أخى لواء طبيب على الموضوع الرائع
 
عودة
أعلى