خمسون عاماً على حرب السويس 2 أسرار التواطؤ بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل لماذا أراد إي

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
خمسون عاماً على حرب السويس (2) أسرار التواطؤ بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل لماذا أراد إيدن إتلاف وثائق المعاهدة وما يثبت وجودها ...؟؟؟

لم تحظي "معاهدة سيفر" التآمرية ، بنصيبها من الأهتمام الذي تستحقه ، رغم أن هذه الإتفاقية السرية ، تعتبر من أهم الأتفاقات التي تمت بين إسرائيل والدول الغربية ، حيث أنها أمنت مستقبل وحياة إسرائيل .. عندما زودتها فرنسا ليس فقط بمعامل "الذرة" .. ولكن أيضا بالعلم والمساعدات اللأزمة ....

وكان ذلك بداية لدخول إسرائيل "نادي" الدول التي تمتلك أسلحة ذرؤية ... قبل دخول باكستان أو الهند لهذا النادي ... رغم أن إسرائيل ما زالت تنكر رسميا أنها تمتلك أسلحة نووية ... ولكنه "السر المكشوف" والمعروف في جميع العالم

وتحظي هذه الإنفاقية ب÷تمام كبير من الفرنسين ، لدرجة أن القنال الخامس الفرنسي قد أنتج فيلم خاص عنها ... وكان مؤلف موضوعه يستشيرني في العديد من نقاطه الهامة

ويمكن متابعة مواضيعي عن هذه الأتفاقية ومحتوياتها

فيما يلي سطور رياض الريس من فصول من كتاب يصدر للمؤلف في الخريف المقبل بعنوان:
«الحرب المنسية: السويس 1956» «عن شركة رياض الريّس للكتب والنشر» ـ بيروت».
د. يحي الشاعر
خمسون عاماً على حرب السويس (2):
أسرار التواطؤ بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل
لماذا أراد إيدن إتلاف «اتفاق سيفر»؟
بقلم: رياض نجيب الريّس
& تفترض بعض المصادر البريطانية والفرنسية وسواها، وخصوصاً وزارة الخارجية البريطانية التي فتحت معظم ما في خزائنها وأرشيفها من وثائق أمام الباحثين (بموجب القانون الذي يتيح الاطلاع على أوراق الدولة بعد 30 أو 50 سنة على مرور زمنها)، كما تتفق معها في أتعس حالاته، متضايقاً من تكليفه هذه المهمة. وكان أحد أهم أسباب الضيق الذي شعر به لويد، هو أنه كان يقوم بتنظيم حملة اتصالات ديبلوماسية مع الرئيس جمال عبد الناصر منذ تأميم شركة قناة السويس في 26 تموز/ يوليو لمنع تهديد مكانة بريطانيا ومصالحها في المنطقة، وعلى رأسها إمدادات النفط إلى أوروبا. وجاء هذا الاجتماع ليقضي على خطة لويد الديبلوماسية. كل هذا في الوقت الذي كان فيه إيدن قد «روكبَ» على عبد الناصر، فساعة يقارنه بهتلر وساعة أخرى يشبّهه بموسوليني.
كان مبعث الخوف لدى الغرب من الاستيلاء على قناة السويس هو أن تكون بداية حملة لطرد النفوذ الغربي كلياً والمصالح الغربية نهائياً من البلاد العربية. كما كان الخوف المعلن في الولايات المتحدة في أيلول/ سبتمبر، هو أن يؤدي نجاح تأميم القناة إلى قيام وحدة عربية بزعامة مصرية ورعاية سوفياتية. وكان هذا هو رأي الرئيس الأميركي الجمهوري دوايت أيزنهاور الذي كان يصرّح به. إلّا أن الجنرال الأميركي وبطل الحرب العالمية الثانية، كان يريد تطويق هذه المخاوف الغربية بوسائل سياسية وبحلول سلمية لا بواسطة عمل عسكري.
& & & في أواسط تشرين الأول/ أكتوبر بدت الحرب وكأنها أمر لا مفر منه، بالدرجة الأولى بسبب التعنت الذي كان يمارسه التحالف بين فرنسا وإسرائيل، اللتين كانتا تدعوان إلى حرب وقائية على مصر، وخاصة إسرائيل التي تعرضت لسلسلة من المناوشات على الحدود المصرية ــــ الإسرائيلية في الأشهر التي سبقت تأميم القناة. أما غي موليه، رئيس وزراء فرنسا الاشتراكي، فقد كان مستقتلاً لإيقاف مصر عن دعم ومساعدة الثورة ضد فرنسا في الجزائر. وكانت الاتصالات الفرنسية ــــ الإسرائيلية تتمّ عبر قنوات خلفية في باريس وتل أبيب، بواسطة وزير الدفاع الفرنسي موريس بورغيس ــــ مونوري، أحد أبطال المقاومة ضد الاحتلال النازي لفرنسا، ووزير الخارجية الفرنسي كريستيان بينو، الذي سجن خلال الحرب العالمية الثانية في أحد المعتقلات النازية في بوشنوالد، وبحكم هذه الخلفية السياسية المعادية للنازية لكل من الرجلين، كان هذا التعاطف الفرنسي مع إسرائيل في حرب السويس. أما بريطانيا، ولم يكن قد مرّ على انسحابها من فلسطين إلّا ثماني سنوات، فكانت بالمقابل ترتاب كثيراً من أية علاقة بـإسرائيل، إلى درجة أنها كانت تعدّ لخطة هجومية على إسرائيل إذا شنّت هذه حرباً على الأردن. وسط هذا التناقض في المواقف من إسرائيل بين الحميمية الفرنسية من جهة والبرود الإنكليزي من جهة ثانية، جاءت فرنسا لتقوم بدور «الخاطبة» التي قربت بين لندن وتل أبيب، لتربطهما في مصلحة واحدة ضد مصر عبر اتفاق «سيفر».
وكان إيدن قد عقد اجتماعاً سرياً في 14 تشرين الأول/ أكتوبر مع مبعوثين فرنسيين، شطبا اسميهما من دفتر الزوار في مقره الريفي في «تشيكرز» بأمر منه. ونبّه إيدن سكرتيره الخاص، غاي ميلارد، الذي حضر اللقاء، من تدوين ما دار في الاجتماع، محذراً بأن «لا داعي لذلك» ــــ كما جاء في مذكراته. وبعد ثمانية أيام من هذا اللقاء، وصل سلوين لويد إلى منزل في شارع «إمانيول جيرو» في باريس، كان يستعمل بيتاً سرياً في الحرب العالمية الثانية لإخفاء رجال المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي، ليجد أن اجتماعاً قد بدأ بحضور دافيد بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل وموشي ديان وزير الدفاع، اللذين كانا كلاهما يشككان بنوايا بريطانيا وسياستها. ولفت نظر لويد أن ديان أخذ يرسم على ظهر علبة سجائر خطة عملية غزو القناة. ويقول مورداخاي بار ــــ أون، مساعد ديان، وأحد الباقين على قيد الحياة منذ ذلك الاجتماع، إن الوجوم قد خيّم على وجه لويد، وكأنه شعر بمغص حاد معتبراً أن المشهد كله كان بشعاً.
في 24 تشرين الأول/ أكتوبر، عاد وزير الخارجية الفرنسي كريستيان بينو إلى باريس من زيارة لإيدن في لندن، حيث وضع الفرقاء الثلاثة بروتوكولاً بالفرنسية طبع على الآلة الكاتبة في مطبخ البيت إياه. وتتعهد إسرائيل بموجب هذا البروتوكول بالهجوم على مصر، وأن تتخذ بريطانيا وفرنسا هذا الهجوم ذريعة لغزو مصر تحت ستار فصل المتحاربين لحماية قناة السويس. وكان فصل المتحاربين يعني في هذا البروتوكول إسناداً ودعماً جوياً وبحرياً للقوات الإسرائيلية من بريطانيا وفرنسا أثناء هجوم إسرائيل على مصر. وكان من المفترض أن تبقى وثيقة هذا الاتفاق «سرّية للغاية»، وقد وقّعها عن الجانب البريطاني باتريك دين، كبير موظفي الخارجية البريطانية في حينه، الذي وجد أن جو الاجتماع لم يكن ودياً بما فيه الكفاية. وما إن غادر الجانب البريطاني الاجتماع، حتى بدأت محادثات بين فرنسا وإسرائيل في البيت نفسه حول التعاون النووي بين البلدين.
& & & عند عودة الوزير البريطاني إلى لندن، أمر إيدن بـإتلاف البروتوكول المكتوب، قبل أن يجف حبر التواقيع عليه، وأحرق نورمان بروك أمين عام الحكومة، النسخة البريطانية من الاتفاق، مع أوراق أخرى لها علاقة بالتآمر الثلاثي كيلا يبقى شيء يدين بريطانيا. أحرق نورمان بروك هذه الأوراق في مدفأة «10 داونينغ ستريت» مقر رئاسة الوزارة البريطانية. وفي الوقت نفسه، أمر إيدن عضو الوفد البريطاني الذي جاء بنسخة البروتوكول الإنكليزية، بالعودة فوراً إلى باريس لإقناع الجانب الفرنسي بحرق النسخة العائدة لهم. لكن الفرنسيين تركوا الوفد البريطاني ينتظر لساعات طوال في غرفة الانتظار في «الكي دورسيه»، قبل أن يقابله بينو. واعتذر وزير الخارجية الفرنسي للبريطانيين عن إحراق نسخة بلاده من البروتوكول. أما الجانب الإسرائيلي فكان قد غادر باريس عائداً إلى بلاده حاملاً نسخته من الاتفاق قبل وصول الديبلوماسيين البريطانيين. وعاد الوفد إلى لندن بخفّي حنين.
ولم يعد من الممكن الحفاظ على سرّ إيدن، فمنذ أن بدأت إسرائيل بالهجوم على صحراء سيناء في 29 تشرين الأول/ أكتوبر حسب الجدول المتفق عليه، اعتبرت كل الأوساط السياسية المراقبة في العالم أن هذا الهجوم معدّ سلفاً، وأن التواطؤ بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل واضح جداً في العمليات العسكرية. حتى إن ديبلوماسياً في السفارة البريطانية في واشنطن اتصل بلويد عشية بدء الهجوم، ليقول له إن «سي.آي.إي.» لديها معلومات مؤكدة عن هذا التواطؤ، وأنه، أي الديبلوماسي البريطاني، يحتاج إلى معلومات من وزيره لدحض تهمة التواطؤ لدى إدارة أيزنهاور الأميركية. حتى إن أيزنهاور قال لوزير خارجيته جون فوستر دالاس، إن بريطانيا قد «خدعته». في الوقت نفسه، حافظ لويد على موقفه في نفي تهمة التواطؤ عن رئيسه وحكومته في مجلس العموم. وكرر إيدن نفيه كاذباً في مجلس العموم، ليؤكد أن ليس هناك أي اتفاق مسبق مع فرنسا وإسرائيل للهجوم على مصر. وكان ذلك في 20 كانون الأول/ ديسمبر، آخر مرة يقف فيها إيدن في مجلس العموم، قبل أن يقدم استقالته.
ويقول بار ــــ أون، مساعد ديان، الذي احتفظ بمذكرة تفصيلية عن اجتماعات «سيفر»، والتي بقيت سرية لمدة 35 عاماً، احتراماً لموقف وذكرى إيدن، إن بن غوريون خصوصاً وإسرائيل عموماً، لا سبب لديهما للحفاظ على سرّية هذا الاتفاق. وكان بن غوريون يقول إن من مصلحة إسرائيل أن تعلن عن اتفاق «سيفر» وتنشر تفاصيل البروتوكول حتى لا تبدو وكأنها هي وحدها التي قامت بهذا الاعتداء. إلّا أن لوغان، سكرتير لويد إبّان الأزمة، حصل بعد سنوات عديدة على نسخة من إسرائيل عن بروتوكول «سيفر» وأودعه في الأرشيف الوطني البريطاني في منطقة «كيو» في لندن. وبذلك اكتملت وثائق مرحلة حرب السويس. وقد وصف أحد المؤرخين هذا الاتفاق بأنه «صورة عن انتهازية فرنسا، وتحايل بريطانيا، وهلع إسرائيل».
ويروي أحد مؤرخي تلك الفترة، في إشارة إلى اختلاف السياسات والنتائج بين كل من بريطانيا وفرنسا، أنه في مصادفة عجيبة كان كونراد أديناور مستشار ألمانيا الغربية، في زيارة لباريس في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 1956، للتفاوض بشأن «معاهدة روما» التي أوجدت السوق الأوروبية المشتركة وأسست فيما بعد للاتحاد الأوروبي. وبينما كان أديناور جالساً عند غي موليه، رئيس الحكومة الفرنسية، اتصل أنطوني إيدن رئيس الحكومة البريطانية هاتفياً بنظيره الفرنسي، ليبلغه أنه قرر التراجع عن استمرار الحرب في السويس وأنه وافق على وقف لإطلاق النار بناء على ضغط أميركي لم يستطع مقاومته، أدى إلى انهيار الجنيه الاسترليني، بعدما رفضت واشنطن إقراضه من صندوق النقد الدولي. وصرخ أديناور عندما أبلغه موليه بما قاله إيدن: «لا وقت لنضيّعه. الآن هو وقت بناء أوروبا». «أوروبا ستنتقم لكم». وكانت لحظة تاريخية لا مثيل لها.
& & & يقول كيث كايل، أحد أهم مؤرخي أزمة السويس، إن المشكلة في اجتماعات «سيفر» ليست في أنها كانت سرّية، والسرّية جزء من العمل الديبلوماسي، ولا لأنها كانت مع إسرائيل، ولإسرائيل قبول واسع في أوساط المعارضة الرسمية واليسار في العام 1956، . ولا لأن الموقف السياسي الذي اتخذته قد فشل. بل المشكلة في سقوط الاتفاق وفشله يعود إلى سببين. الأول أن بريطانيا كانت العنصر الأساسي في الاعتداء بصفتها الأكبر والأهم. والثاني أن الحكومة البريطانية كذبت على شعبها ونوابه وأحزابه ونقاباته إذ نفت التواطؤ، وزعمت أن دعوة القوات البريطانية إلى إعلان الحرب كانت دفاعاً عن مصالح بريطانيا، وقد تمَّ ذلك بالخديعة والمواربة والكذب حتى النهاية. &
الحلقة المقبلة:
حكاية العشاء الأخير
بين نوري السعيد وإيدن
 
عودة
أعلى