كيف يحرس الملك برا وبحرا وجوا؟
قبل تنقل الملك إلى أي مدينة، يسبقه مدير الأمن الملكي لمراقبة الإقامة الملكية ومحيطها والاجتماع بالأفراد العاملين بها والتنسيق مع والي الجهة ووالي الأمن وقائد الدرك الملكي بالمنطقة المعنية دون أن يكشف لهم كل التفاصيل الدقيقة.
ولما يتم تحديد موعد الزيارة، تُهيأ خطة الأمن لحماية الملك، وتقسم الأدوار، ويتم الحرص على معرفة برنامج الملك اليومي لمسح الأماكن التي سيزورها أو ينوي زيارتها وتمشيطها وتغطيتها بعناصر أمنية بالزي المدني ( الحراس الطلائعيون).
وهناك من يتولى عملية فتح الطريق وتأمين الأماكن المزمع زيارتها (مدرسة، سد، حي صناعي، دار الطالب...إلخ) والاطلاع على كل المنافذ (في المقدمة وفي المؤخرة) تحسبا لكل طارئ.
وهناك ما يسمى بالقلب وهو مكان وجود الملك، ويضم بالأساس الحراس المقربين منه (الجعايدي، فكري، مارس ومقتبل) يتموضعون بالقرب من محمد السادس للتمكن من التدخل بسرعة ونجاعة إذا دعت الظروف إلى ذلك.
ثم هناك حراس في المقدمة وحراس في المؤخرة، وهم من المقاتلين الأشداء، وفي الغالب خبراء في الرماية والقنص ومدربين على استعمال مختلف أنواع الأسلحة.
وهناك من يتولى الإشراف على خطة حماية الملك وتأمين تنقله في حالة إذا وقع طارئ ما وتأمين نقله إلى مكان آخر (فندق، طائرة، مدرسة...).
وهناك من سيباشر عملية تشتيت العدو المحتمل بمواجهته عبر سلاح خفيف أو بالقنابل المولدة للدخان تحجب الرؤية.
وهناك من يكون على آهبة التدخل (وهم الحراس المقاتلون) بالسلاح الثقيل المحمول في انتظار وصول التعزيزات الأمنية اللازمة.
هذا على المستوى البري، أما على المستوى الجوي فتتولاه أجهزة الدرك الملكي والقوات المسلحة الجوية، إذ حينما تكون تنقلات الملك بواسطة الطائرة، فإن كل الأجهزة تتولى المراقبة بدءا من الربان وحالته النفسية والصحية إلى الطاقم التقني الذي سيتولى صيانة وفحص الطائرة، مرورا بالطاقم الأمني الذي سيتولى حراسة الطائرة الملكية ليلا ونهارا، وإخضاعها في ما بعد لتحليق تجريبي بقيادة ضابط سامي من الدرك الملكي.ثم تضبط مواقع الهبوط الاختيارية والاضطرارية والاطلاع على آخر تقارير الأرصاد الجوية وفحص وضعية ونوعية الوقود المستعمل( الكيروزين).
أما على المستوى البحري ( حينما يكون الملك في نزهة أو يمارس رياضته المفضلة:جيت سكي) فإن الدرك البحري والبحرية الملكية تنسقان مع الأمن الملكي، حيث تقوم طائرة عمودية بمسح جوي ويمنع الاقتراب من محيط الملك في حدود مساحة تقارب 60 عقدة بحرية.
وأيا كانت التنقلات الملكية( برية أم بحرية أم جوية) فإن قائد العمليات ومنسقها هو مدير الأمن الملكي.
كيف تتم حماية الأمراء؟
كل أمير يحظى بحراسة أمنية لصيقة، لكن أشهرهم هو الأمير مولاي الحسن، ليس لأنه صغير السن ويحتاج إلى رعاية، بل لأنه الملك المقبل للمغرب. وهو بهذه الصفة ينسج أولى علاقاته مع شخصين اثنين ،خارج دائرة الأب والأم، وهما مربيته التي تتولى كل ما يهمه منذ صغره، وقد تلازمه وتصبح مقربته من محيطه حينما يكبر ،حالة كل الأمراء الذين حافظوا على أواصر العلاقة مع مربياتهن، والشخص الثاني هو حارس الأمير ولي العهد، وهذا الحارس يشرف على كوكبة من الحراس الخاصين بملازمة ملك المستقبل وعددهم يتراوح بين 4 و6 أشخاص يتناوبون على حراسته وتنقلاته طيلة 24 ساعة أما باقي الأمراء، فكل واحد يحظى بحراسة يؤمنها له أربعة أفراد تابعين للأمن الملكي مباشرة. ولكن وضعية الأمراء تختلف، فهناك أمراء كثيرو الأنشطة والتنقلات مقارنة مع آخرين، وبالتالي فهؤلاء يكون العدد المخصص لحراستهم ،والتناوب على ذلك، أعلى من ذاك المخصص للأمراء الذين لا يرتبطون بأنشطة مكثفة.
من يساعد مدير الأمن الملكي؟
تنقلات الملك لا تخضع لاحترازات يضبطها الأمن الملكي لوحده، فهناك أجهزة أخرى تكون لها الكلمة الفصل في الموضوع، ونقصد فرقة الدرك الملكي بقيادة الكولونيل ماجور ،حرمو، المكلف بالخفر،الدراجات، وبالحراسة. تم هناك فرقة ،التدخل السريع للدرك الملكي، المعروفة باسم GIGR، برئاسة الكولونيل ماجور الطناشري، وهي الفرقة المجهزة بأحدث وآخر التجهيزات.
الملك المتمرد
أغلب مدراء الأمن الملكي، وحراس الملك الـ25، إن لم يكن جميعهم، تلقوا تداريبهم في المدارس الفرنسية أو الأمريكية.وبإمكانهم، نظرا لتميزهم العقلي والجسماني، أن يتفوقوا على زملائهم الأجانب في الرماية والمناورة وطرق تضليل العدو والتغطية الأمنية.هذا على الأقل ما تعلموه وأتقنوه وتخرجوا منه بتفوق، إلا أنهم يعملون مع ملك تعود على إرباك الخطط الأمنية وبعثرة المسارات والخروج على البروتوكول، مما دفعهم إلى مضاعفة اليقظة والتحول تدريجيا إلى استراتيجيين متخصصين في تغطية مسرح التنقلات الملكية.
لاختبارات التي واجهها مهراد
من بين أهم الاختبارات التي واجهت الأمن الملكي الخاص لا يمكن إغفال الزيارات التي قام بها الملك محمد السادس لعدد من البلدان الإفريقية، خاصة تلك التي تتميز بقلاقل سياسية وإثنية مزمنة، مما كان يتطلب من حراس الملك حذرا فوق العادة، خوفا من أية مفاجأة في بلاد المفاجآت المتربصة خلف الأذغال بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل تنقلات الملك المارطونية بين مختلف الجهات المغربية، علما أن المغرب ظل يعيش طيلة الخمس سنوات الماضية تحت إيقاع مواجهة الإرهابيين وعتاة المجرمين، إلى جانب الاحتجاجات التي لا تنام في هذه الجهة إلا لتستيقظ في الجهة الأخرى.ولعل أصعب محك داخلي عاشه الأمن الملكي هو ذلك المتعلق بتأمين الموكي الملكي أثناء زيارته للأقاليم الصحراوية التي لا تخرج من أزمة أمنية إلا لتقع في أزمة ثانية، بالإضافة إلى تأمين المنصة الملكية أثناء الاستعراض العسكري.
من هو إدريس مهراد؟
لم يكن خروج عبد العزيز إيزو، مدير الأمن الملكي، من الباب الخلفي للأمن، إلا مدا للبساط الأحمر أمام أقدام خلفه مهراد الذي يعرفه الملك محمد السادس حق المعرفة؛ فالرجل سبق له أن كان رئيسا لحرسه حينما كان وليا للعهد، وقام بخدمته حيث أبان عن قوة انضباطه المهني والأخلاقي، مما سمح للملك باحترام قدراته وأهليته وهذا هو المعطى الذي حذا به- حسب مراقبين- إلى انتقاء رجل يمكن أن يكون عنوانا بارزا لعملية ،التنظيف، التي انشغل الملك بإنجازها في مداخل بيته بعد اعتقال إيزو في ملف بين الويدان.
مهراد لم يكن ملفه أبيض وخاليا من الشوائب مع مسؤولي الأمن السابقين؛ فقد سبق له، حينما كان في خدمة ولي العهد، أن تعرض للتوقيف وأعفي من مهامه لمدة شهرين، بسبب دخوله في احتكاك مع المتنفذين في مديرية الأمن، قبل أن يعين رئيسا للمنطقة الأمنية (اتواركة). وهو المنصب الذي ظل مستقرا فيه إلى أن تمت المناداة عليه مجددا ليحل محل إيزو الذي تنتظره جولات ساخنة لدحض أية علاقة محتملة مع الشريف بن الويدان بارون طنجة المتخصص في ترويج المخدرات وتبييض الأموال.
وقد بدأ مهراد مسيرته المهنية عميدا بأمن سلا، ولم يكن يحلم أن يتحول ذات حظ إلى مفتاح أو أمينا للأمن الملكي، وهو المنصب الذي بدأ الاشتغال به منذ انقلابات السبعينات، حيث عين في هذا المنصب بودريس في العام 1971. ثم أتى المديوري خلفا له، وظل لصيقا بالحسن الثاني إلى أن توفي عام 1999، ليتولى المهمة نائبه زكري، رفقة مساعده حسن حرمة الله الذي كان مكلفا بالحماية المقربة.وحينما استقام الأمر للملك محمد السادس، تعاقب على الأمن الملكي كل من الزبيدي الذي أحيل على التقاعد، ثم نائبه ساجير الذي تقاعد هو الآخر، فالبقالي المختار الذي ظل في هذا المنصب لوقت قصير قبل أن تتم إزاحته باقتراح من الجينرال حميدو لعنيكري الذي استقدم عبد العزيز إيزو من طنجة وقدمه للملك .
مهراد التحق بأمن والي العهد عام 1981 ورافقه طوال حياته الجامعية بالرباط وأيضا لما كان يتنقل محمد السادس ،ولي العهد، إلى الخارج إما للتداريب وإما لتهيئ دكتوراه الدولة بجامعة نيس الفرنسية أو في تنقلاته الخاصة.
للملك ثلاثة أصدقاء بين الحراس
ثلاثة حراس فقط، هم الذين يستأثرون بعطف خاص من طرف الملك محمد السادس أثناء حله وترحاله، وهم ينحدرون من مدن فاس والرباط والدار البيضاء.وجميعهم يرافقونه في الخرجات الرسمية.
فالحارس الأول هو عزيز الجعايدي وهو من أبناء فاس، انتقل إلى مراكش وأقام في منزل خالته، حيث بدأ يمارس كرة السلة بالكوكب المراكشي إلى أن وقعت عليه عين محمد المديوري الذي ألحقه بالأمن الوطني كمفتش، ثم نقله في ما بعد إلى الأمن الملكي، ومكنه من دورات تدريبية بالداخل والخارج، إلى أن أصبح حارسا لإحدى الأميرات، ثم حارسا لولي العهد، ثم بعد ذلك حارسا للملك بعد وفاة الملك الحسن الثاني.أما الحارس الثاني، فهو خالد فكري وهو من أبناء الرباط، وهو من أقرب المقربين للملك، تزوج حديثا، وهو معطل الآن بعد إصابته بكسر في يده في إحدى التداريب.بينما الحارس الثالث هو محمد مارس وهو من أبناء الدار البيضاء، وينحدر من درب السلطان، وكان هو الآخر من مرافقي الملك حين كان وليا للعهد والجدير بالذكر أن هؤلاء الحراس، إى جانب 22 حارسا آخرين، مدربين أحسن تدريب على الرماية والمناورة والسياقة وإصابة الهدف بسرعة وتضليل العدو والتغطية الأمنية