الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

إنضم
22 أغسطس 2010
المشاركات
136
التفاعل
2 0 0
الإعجاز .. العلمانى

" رد الشبهات المكررة فى أفكار بعض المغيبين "


مما يُروى من قصص النبوغ أن أحد الأطفال جاء شيخه الذى يحفظه القرآن فاستوى أمامه كى يبدأ التحفيظ ..
وبالشكل التقليدى قال الشيخ " إقرأ يا ولد .. تبت يدا " يريد أن يحفظه بالشكل المجزئ المبسط
فحملق الطفل فى شيخه وهو صامت فنهره الشيخ قائلا .. ردد خلفي " تبت يدا "
فقال الطفل فى حيرة " يدا من تلك يا سيدى ..؟! "
رفض الطفل النابغ أن يردد الآية الكريمة خلف شيخه كالببغاء وأصر على أن يقرأ جملة مفهومة لا إشارة غامضة بالتلقين
وفى بداية التسعينيات بمصر
إستوت مدرسة العلوم بإحدى المدارس الاعدادية فى صعيد مصر جالسة تشرح لطلبة الصف الثانى الاعدادى منهجا مبسطا عن نظريات نشأة المجموعة الشمسية قررته الوزارة بما يناسب سن وعمر هؤلاء الطلبة الذى لا يزيد عن أربعة عشر عاما
ومن خلال المنهج كان المقرر محتويا على النظريات القديمة لعلماء أوربا وهى تلك النظريات التى سقطت بانتقاد علماء هذا العصر ومن ضمنها كانت نظرية التصادم الكونى التى تقرر أن نشأة الأرض بما فيها من معادن غريبة لا توجد بغيرها من كواكب المجموعة الشمسية قد نتجت عن تصادم جرم سماوى من خارج المجموعة الشمسية بالشمس وهذا الجرم كان محتويا على العناصر والمعادن المعروفة ونتج عن التصادم تكون كوكب الأرض بعد ذلك
وقد سقطت النظرية عندما انتقد العلماء فيها أنها بلا أى دليل علمى فضلا على أنها لا تفسر كيف احتفظت الأرض وحدها بتلك المعادن مع أن الانفجار كان من الممكن أن يترك أثرا منها على كواكب أخرى أو ينتج أقمارا تحتوى نفس العناصر عن طريق الشظايا
وقبل أن تكمل المدرسة بقية النظريات فوجئت بأحد طلبتها المشاغبين وقد ظهرت بوجهه علامات التساؤل ورفع يده مستأذنا
فأبدت المدرسة ضجرها لأنها تعرفه لحوحا وهى تريد أن تؤدى وظيفتها وفق القناعات المترسبة فى أذهان المعلمين بالتلقين وحسب ولا داعى للفهم !
لكن الطالب أصر وقام متسائلا
" يا أستاذة هل هناك انتقادات أخرى للنظرية لم يذكرها الكتاب ؟ "
فضحكت المدرسة بسخرية وقالت
" ألا تنتبه لما هو مقرر عليك وتفهمه قبل أن تطالب بالمزيد "
فرد الطالب فى ثبات
" أنا أسأل لأجل المعلومة .. أجيبي من فضلك ؟ "
فقالت المدرسة فى ملل
" لا توجد انتقادات أخرى .. هل ارتحت الآن "
فقال الطالب
" لا .. لأننى أرى أن هناك انتقاد لم أره مع أنه منطقي وطبيعى وكفيل بهدم النظرية تماما "
وبالطبع علت ضحكات المدرسة مع بقية الفصل فأطرق الطالب بوجهه ينتظر انتهاء ضحكاتهم وهو ينظر إليهم ببرود ثم قال
" ألا تلاحظوا أن النظرية تتحدث عن تصادم والتصادم كما أفهمه تلاقي جسمين ماديين فتنتج عن الصدمة شظايا تبعا لقوة التصادم أما إن كان التصادم بين شيئ مادى محسوس وآخر كالهواء مثلا فهو لا ينتج لا صوتا ولا شظايا .. لأن المادى سيعبر من الغازى ولن يصطدم به فهل لى أن أعرف كيف أن الجرم السماوى الذى يتكون من المعادن المعروفة من الفلزات على الأرض اصطدم بالشمس التى لا تتكون من أى عنصر فلزى ؟!
الطبيعى أن يعبر منها إلى الجانب الآخر أو يذوب تماما فى داخلها نتيجة لحرارتها الرهيبة "

وبعد تلك الإجابة بهتت المدرسة خريجة الجامعة من منطقية التفكير ولو أن العلم له رد بهذا الشأن فى أن حرارة الشمس والتفاعل قد تولد انفجارا ينتج الأثر المطلوب إلا أن هذا التفسير كان من المستحيل على الطفل إدراكه فجلست مع الطفل وشرحت له وهى تدارى انبهارها به وبعقله الذى رفض التقين وأصر على الفهم

ما الذى يمكن استنباطه من تلك الروايات .. ؟!
الذى يمكن تقريره منها أن التسليم المسبق بأى حقيقة خارج نطاق القرآن والسنة النبوية الصحيحة أمر يقف فى وجه الهدف من خلق الإنسان لأنه مُطالب بالسعى والإدراك وعدم أخذ الحديث على عواهنه طالما أنه فكر بشرى وبأقلام بشر لهم أهواؤهم وأغراضهم والحيادى فيهم أندر من الماس ..
وكنت أتمنى أن يكون هذا الرأى هو حاكم كل شاب عربي مثقف لأن فئة المثقفين هى المرهون بهم إصلاح الأمة ومن دواعى الأسي المطلق أن نجد من أهل المواهب الجادة أو حتى المحترفة من يُسند إلى كتابات غيره كما لو كانت وحيا دون أن يكلف نفسه عناء الشك فيستقصي بنفسه قبل أن يعلن تأييده أو رفضه لفكر معين .. وهذا مطلوب بالقطع فى جميع الأحوال ..
فمن باب أولى أن يكون البحث واجبا إذا ما كان الفكر المقروء ناتجا عن قلم معروفةٌ توجهاته أو عدم حيادية طرحه ..
ويتحول الواجب إلى فرض ثابت عندما يضاد هذا الفكر معلوما من الدين بالضرورة كالتسليم بعصمة كتاب الله تعالى وإعجازيته اللامحدودة والشاملة والمستمرة إلى يوم الدين

والفكر أو فكر المستشرقين أو الشيوعية أو أى من المذاهب التى اتخذت الإسلام هدفا رئيسيا لها كله كان عبارة عن فكر مغرض تماما لا سيما وأننا لم نسنتنج تلك النية بل قـيلت صراحة على ألسنتهم
وهؤلاء هم أنفسهم مواريث أصحاب الدس فى عصور الإسلام الأولى الذين هدفوا إلى هدم العقيدة من خلال نشر الأحاديث المكذوبة
فمجال الإستشراق أساسا يرمز إلى علماء الغرب الذين أمعنوا وقضوا السنوات فى دراسة الفكر الإسلامى كله بهدف الوصول إلى نقطة ضعف من داخله لضربه بعد أن أعجزتهم تلك العقيدة فى مجال المواجهة المباشرة عصورا طويلة فهدفوا إلى التشكيك الذى يؤدى الغرض بأفضل من السلاح لأنه سيخلق تيارا مضادا للعقيدة الاسلامية من أبنائها ..
وكذلك العلمانيون والشيوعيون وهى الفئات التى تنافي أى عقيدة دينية بالذات العقيدة الاسلامية ولا ننسي جوزيف فيسرافيتش " ستالين " الرئيس الثانى للإتحاد السوفياتى مهد العقيدة الشيوعية هو الذى قال " الدين أفيون الشعوب "
ورئيس الولايات المتحدة " رونالد ريجان " كان هو القائل عند سقوط الإتحاد السوفياتى " انتهت الشيوعية ولم يبق لنا إلا الإسلام "
وسابقه الرئيس نيكسون فى كتابه الفرصة السانحة " مذكراته الشخصية " قال " حاذورا من اتحاد مصالح العرب بالعقيدة وإلا تكررت كارثة حرب أكتوبر "
وجورج بوش الإبن وحليفه سيليفيو بيرلسكونى رئيس الوزراء الإيطالى الصفيق هما من أبتدعا مفهوم الحرب الصليبية الجديدة

أى أننا لم ندَع أن الغرب يترصدنا وينسج حولنا المؤامرات فما ظهر كان أقل بكثير مما خفي
أما العلمانيون فكان هدفهم فصل الدين عن الحياة البشرية وكثرت دعاواهم عن تحرير الحياة المعاصرة المتطورة من سيطرة رجال الدين وسيطرة العقيدة التى تحشر نفسها حشرا فى كل شيئ
كأنى بهم يريدون أن ينتهى القرآن الكريم إلى ما انتهت إليه التراتيل الكنسية من ألحان وكلمات غامضة المعنى والنطق يرددها أصحابها دون وعى أو فهم !
وقد تكفل أهل العلم من علمائنا بالرد والتفنيد على كل تلك الفئات من الغربيين ولم يتركوا نقطة واحدة دون رد حتى انقسم هؤلاء على أنفسهم فمن من أراد الله به خيرا فاعتنق الإسلام عن اقتناع ومنهم من غلبه هواه فلجأ لسبيل الإستعانة بأهل الهوى فى أرض العرب ذاتها وهم الفئات التى تعيش خارج إطار الواقع من العلمانيين واليساريين العرب
ويستبد بالمرء الدهشة عندما نراهم يصرون على قناعات ومسائل أثارها حلفاؤهم من الغرب وتراجعوا هم أنفسهم عنها فإذا بهم يعيدون الجدل فيها فاذا أعدنا الرد أعادوا الترديد ولذلك فقد كف عنهم علماؤنا تجنبا للمراء ولهوان شأن هؤلاء الفئة على الناس
فقد تصدى الشعراوى من أيام الستينيات لأقوال المستشرقين حول أن الإنسان مخير أم مسير وحول قصة الخلق والكون وحول ما ظنه المستشرقون تناقضا فى القرآن وبانت تلك الحجج تماما وكذلك فعل أحمد ديدات والغزالى ومحمود شلتوت وياسين رشدى وغيرهم ..
وفى هذه الأيام ومع ظهور منهج العلمى بشكل مكثف عما قبل بعد إنشاء لجانه المعتمدة بمصر والسعودية وعدد كبير من البلاد الإسلامية ظهرت نفس الإنتقادات التى بليت على يد المراهقين الفكريين الجدد ممن يحاولون لفت نظر الغرب إليهم متمنين من أعماقهم أن يلتفت إليهم علماء المسلمين بالرد والاهتمام حتى تصبح معركة يجنون فيها عطف الغرب وكسبه باعتبارهم حضاريين فى بلاد التخلف !!
الا أنهم اتسموا بالغباء الشديد فيما قرروه وكتبوه لسببين
الأول ..
جهلهم الواضح وأحيانا الفاضح بما يستشهدون به ويظنونه داعما .. فإذا به حليفا هادما
الثانى ..
ظهور غرضهم الأصلي فى الشهرة بشكل ساطع وذلك عندما اعترضوا علنا على مسلمات دينية لا تخفي على أصغر طفل مسلم

وبالتالى تجاهل العلماء التعرض لهم إلا فى حالات محدودة رآها العلماء تمس جمهور الناس وتبلل أفكارهم ليس لقيمة من قالوا بها بل لخطورة مواقعهم فى المجتمع فمنهم أساتذة جامعات ورجال فكر لهم جمهور وبالتالى كان لابد من إيقافهم
لكن مهما وقف العلماء وتصدوا فهذا لن يجدى إذا كانت الفئة القليلة من شباب المثقفين تأخذ الأقوال على عواهنها ويستبد بها هوى التغريب فتعجز عن رؤية حقائق أبرز من أن توضح كما حدث فى أمثلة تلك الوقائع

فرج فودة .. وكتاب الإمام الطبري


وهذا هو سبب حديثي فى المقدمة عن العقول التى غابت وهى العقول التى لا تقبل التلقين لا سيما وأن الأمانة العلمية والفكرية كانت غائبة تماما عندما تحدث العلمانيون الجدد وظهرت أنشطتهم تحمل مغالطات فادحة ومتعمدة بعض الأحيان كتدليل رهيب على سوء النية المتعمد ومثال ذلك ما تحدث به فرج فودة فى كتابه الماكر الحقيقة الغائبة والذى ينادى فيه بأن الخلافة الاسلامية بعد الراشدين كانت دولة تخلف وديكتاتورية كما أنها حوت مظاهر كفر !! ..
إضافة إلى أنه شكك فى كبار الصحابة أنفسهم كحبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بهدف هدم المصادر الرئيسية التى نقلت السنة والعقيدة ومن ثم يسهل ضرب أساس هذه المرجعيات عند الناس
فقد قال فى كتابه المشار إليه أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وفى خلال أزمة الفتنة الكبري قد خان الإمام على بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو فى حربه مع الخوارج وفرَ بالمال الذى معه إلى مكة ورفض إعادته للإمام على حتى استشهد الإمام على بخنجر بن ملجم وكنت أستشعر بين سطور كتابه هذا بأن ابتسامته العريضة تقفز فى وجهى وهو يؤكد فى حواشي الكتاب أن الواقعة مذكورة بهذا النص فى مرجع الإمام الطبري عن التاريخ الاسلامى المعروف باسم " تاريخ الأمم والملوك " ومع الواقعة خطاب الإمام على إلى بن عمه حبر الأمة وهو الخطاب المملوء لوما وتقريعا من الإمام على لبن عباس وتصل اللهجة فيه إلى حد الاتهام بالضلال ونص الخطاب ورد منسوبا للإمام على ورد ذكره فى كتاب " نهج البلاغه " الذى جمعه الشريف الرضي من خطب وحديث الإمام على بن أبي طالب

وهو بهذا يجنى الكسب من شقين فإما أن يضرب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بكل قيمته ومرجعيته وإما يضرب مصداقية الإمام الطبري صاحب التفسير الأشهر للقرآن وأحد أئمة السنة العظام

لكن
ولأن فرج فودة معروف بتوجهاته تلك فقد كان لزاما السعى خلف كتاب الطبري رضي الله عنه ليس لقراءته فقط بل والقراءة عنه أيضا خاصة بعد ملحوظة بسيطة يكتشفها المتفحص للكتاب أن فرج فوده لم يلجأ فى اتهاماته ومرجعية رواياته عن التاريخ الاسلامى إلا لتاريخ الطبري بصفة أساسية وبعض مراجع وكتب غير مرجعية من مؤرخى الوسط و المتقدمين ولا وجود لاستدلال واحد لمرجع يماثل الطبري فى قيمته الفكرية والتاريخية لا سيما لو عرفنا أن المراجع الأساسية فى التاريخ الاسلامى والتى تعد أمهات هذا المجال تزيد عن عشرين مرجعا كلها متوافرة فلماذا اختار فرج فودة التدقيق فى الطبري وحسب ؟! ..
وأهمل مثلا
الطبقات الكبري لبن سعد ـ البداية والنهاية لبن كثير ـ تاريخ الإسلام لشمس الدين الذهبي ـ الكامل فى التاريخ لبن الأثير ـ تاريخ البخارى ـ
كما أهمل المراجع المتخصصة فى حياة الصحابة مثل
الإصابة فى تمييز الصحابة لبن حجر العسقلانى ـ الإستيعاب فى أسماء الأصحاب لبن عبد البر ـ أسد الغابة لبن الأثير ـ حلية الأولياء للأصبهانى
فضلا عن عشرات الكتب المحققة والدراسات الإسلامية المعاصرة لأكبر كتابنا ومفكرينا مثل عباس العقاد وخالد محمد خالد والسيد سابق ورشيد رضا وغيرهم عشرات
وبالفعل
بمطالعة المراجع السابقة نكتشف أن أئمة الحديث الذين تلوا الطبري فى كتابة التاريخ عابوا عليه منهجه فى كتابة التاريخ القائم على ذكر جميع الروايات التاريخية حتى الشاذ منها على سبيل الأمانة ودون أن يعلق على المنكر من تلك الروايات فى زمن تعتمد فيه كتابة التاريخ على استقصاء الرواية من معاصريها ومستمعيها الثقات وبالطبع لم نجد لتلك الرواية أثرا فيمن جاء بعد الطبري ولا حتى الطبقات الكبري المرجع الوحيد الذى سبق تاريخ الطبري
وقال بن كثير فى تاريخه ما يفيد
" أن الطبري باهماله هذا الجانب فتح المجال أمام الهادفين لتلويث تاريخ الامام على أو معاوية بن أبي سفيان بسبب أغراض قبلية وكان يجدر به أن ينقي الروايات فيذكر الصحيح المسند منها وينوه عن ضعف الشاذ فيها "

ولم يعلم بن كثير رضي الله عنه أنه وبعد قوله هذا بتسعة قرون سيأتى من يستغل تلك الروايات لضرب ذات الشخصيات بهدف ضرب العقيدة
وكدليل آخر على افتراء الواقعة ..
فقد ورد بنفس كتاب تاريخ الطبري ومعه كل كتب أئمة السنة رواية موثقة عن خروج الامام الحسين رضي الله عنه إلى العراق بأهله قبيل واقعة كربلاء .. ويذكر الأئمة أن كثيرا من وجوه القوم عارضوا خروج الإمام الحسين لثقتهم بغدر أهل العراق وطلبوا منه البقاء بالمدينة أو مكة ثم خففوا الطلب إلى أنهم أملوا فى خروجه وحده دون أهله حتى لا يعرضهم للمهلكة وهو ما وقع فعلا بعد ذلك .. واستشهد الحسين مع أصحابه وأهل بيته وحدهم دون نصير إلا الله تعالى
وما يعنينا فى تلك الواقعة أن أكبر معارض لخروج الإمام كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بعد أن لجأ إليه الناس لمنع خروج الناس باعتباره كبير آل هاشم ومارس بن عباس دوره فعلا مع الإمام الحسين حتى كاد يمنعه الخروج بالقوة لولا مكانته التى لا تسمح بذلك ..

فهل من المنطقي يا ترى أن تكون العلاقة بين بن عباس اوالحسين رضي الله عنهما بمثل تلك القوة التى تسمح بتلك المعاملة بينهما بالرغم من موقف بن عباس المنسوب إليه من خيانة أبيه ؟!
من المنطقي أن تنقطع كل علاقة بين الامام الحسين عندئذ ببن عباس رضي الله عنه
أما عن الخطاب المنسوب ظلما إلى الامام علي رضي الله عنه متهما بن عباس بكل خبيث جزاء لواقعة السرقة المختلقة فلم يرد فى أى مصدر آخر بالطبع خلافا لكتاب نهج البلاغه لأن الواقعة نفسها من ضروب الافتراء
أما كتاب نهج البلاغه فالذى جمعه هو الشريف الرضي واختلق على الإمام على هذا النص وربما غيره جريا على أسلوب الرافضة فى طعن وكراهية الصحابة لا سيما من ولوا الخلافة قبل الإمام أو من كان ضده أو ممن انتسبوا لآل أمية وبنى العباس
فهل تظنون أن فرج فوده أو غيره غفلوا عن تلك الحقائق التاريخية وهم يتصدون لكتابة التاريخ الاسلامى لا سيما وأنها قضايا قديمة تناولها المؤرخون بالنقد فى شتى عصورهم
أم أن الأمر كان تدبيرا بليل .. لا سيما وهو يدرك مدى ضحالة الثقافة الإسلامية عند بعض الكتاب أنفسهم فما بالنا بالجمهور

نصر أبو زيد .. والامام الشافعى


وهذا مثال آخر يبعث هذه المرة على الضحك لا الغضب .. !
لأن الدكتور نصر أبو زيد أستاذ مساعد اللغة العربية سابقا بآداب القاهرة والرجل الذى أثار زوبعة من لا شيئ اسمها أزمة نصر أبو زيد فى بداية التسعينيات من القرن الماضي لم يكن إلا مهرجا لا أكثر ولا أقل
وما يحيرنى بالفعل كيف تمكن هذا الرجل من الوصول إلى مقعد مدرس الجامعة وكرسي الأستاذ المساعد !
والقصة بتلخيص أن الترقيات الجامعية فى أساتذتها تخضع لمعيار القدم ببحوث علمية بقيمة معينة حسب الدرجة المطلوب الترقية فيها فبعد الحصول على الدكتوراه يكتسب الباحث صفة مدرس جامعى ويكون عليه اعداد بحوث تالية على الدكتوراه لها قيمتها العلمية فيتقدم بها متى شاء إلى مجلس الجامعة الذى يقرر الترقية من عدمها بناء على قيمة البحوث بعد تحكيمها وتكون الدرجة التالية هى درجة أستاذ مساعد وتليها أخيرا درجة أستاذ جامعى ...
فتقدم د. نصر أبوزيد إلى مجلس الجامعة الذى يضم خيرة الأساتذة بعدد من البحوث منها ما نشر بمجلات غير معروفة كمجلة "إبداع" التى تصدرها وزارة الثقافة وتعتبر الثلاجة التى يعيش بها اليساريون عقب سقوط الشيوعية
وإما بحوث غير منشورة وذلك بغرض الحصول على درجة أستاذ جامعى فى فقه اللغه العربية
ورفضت اللجنة رفضا قاطعا بإجماع الآراء ترقية الأستاذ الفاضل الذى تقدم ببحوث أقل ما يقال عنها أنها فضيحة جهل علمى كاسح قبل أن تكون تعديا غير مسبوق على ثوابت العقيدة

ولكى لا أطيل سأعرض للأمر بعنوان كتاب واحد تقدم به وهو كتابه " الشافعى وتأسيس الأيدويولوجية الوسطية "
ويذكر فيه نصا ما يلي
أن الشافعى رضي الله عنه انتصر للقريش عندما أسس لعروبة القرآن ورفض غير العربية !!!
أن الشافعى باع دينه بدنياه عندما قبل التعاون مع العباسيين ضد الأمويين نظير أن يولوه ولاية نجران !!
وهنا نتوقف قليلا أمام هدف هذا الكتاب ..
فقد صعق المحكمون عندما قرأوا اتهام الشافعى بانتصار لقريش فى تأسيسه لعروبة القرآن وكأن القرآن نزل بعدة لغات إضافة الى أن تأسيس عروبة القرآن تعبير فاجر ينفي عن القرآن انتسابه للعربية بنزوله قبل أن يقوم الشافعى بتأسيسها !!
والخلط بين استخدام لفظ اللغة ولفظ القراءة أو اللهجة ومن أستاذ لغوى فى الأصل ليس خطأ هنا بل هو جريمة ..
أما الذى يضحك إلى حد البكاء فهو ما اتهم به الإمام العلم محمد بن إدريس الشافعى أنه ولى ولاية نجران للعباسيين على سبيل المكافأة لتعاونه معهم ضد بنى أمية وفى الواقع لست أدرى كف تمكن الشافعى من اجتلاب آلة الزمن ليعبر فوق السنوات حتى يبلغ السنة التى قامت فيها الدولة العباسية عام 150 هـ مع أنه توفي بمصر أساسا عام 132 هـ قبل قيامها وقبل تحول دعوة العباسيين لنشاط مناهض علنى !!
ناهيكم عن بقية البحوث التى تدعو لترك النص " وهنا يقصد القرآن فلم يشر اليه فى كتبه قط بأنه القرآن "
وغير ذلك مما يوجب الخروج من الملة حتما .. وكما حدث بالفعل فى دعوى التفريق بينه وبين زوجته وهو الأمر الذى أثار العلمانيين واليساريين فطفقوا يناصرونه داخل وخارج مصر وقام سلمان رشدى صاحب كتاب " آيات شيطانية " بكتابة وتدبيج المقالات فى أشهر الصحف الغربية لنجدة العالم الكبير المضطهد من شيوخ الاسلام وعلمائه بمصر لا سيما وأنه ـ على حد قول سلمان رشدى نصا ـ واحد من عباقرة القانون فى العالم والمشهود لهم بالكفاءة ..
" ونسي سلمان رشدى فى غمرة حديثه عن قيمة نصر أبو زيد أن يتذكر مهنة هذا الأخير كأستاذ لغة بآداب القاهرة !! "

وهذا هو الذى وددت الاشارة إليه من أن اليساريين والعلمانيين يتعاملون بمنطق القبلية الذى يرفضونه فتهب القبيلة لنجدة أذنابها بغض النظر عن فهم الموضوع أو إدراك المشكلة المهم أن من يهبون لنجدته واحد ممن يشككون بالإسلام وفقط مستخدمين فى ذلك أساليب المغالطات والجدل البيزنطى ودرايتهم وعلاقاتهم بوسائل الاعلام المتنوعة والتى يبثون فيها كتاباتهم دون أن يتحرى خلفهم إلا القليل بالرغم من أخطائهم التى تنوء بها أمة جهلا

وبالمثل وفى قضية الاعجاز العلمى للقرآن خرج بعض أشبالهم بعد أن احترفوا ليخرجوا علينا بدعاوهم المألوفة واشفاقهم المصطنع على المسلمين من التخلف الذى يحكمهم نتيجة تمسكهم بنصوص بليت من أربعة عشر قرنا
وإن تركنا مؤقتا اتهام للقرآن بتلك الأوصاف
فهل يتفضل أحدهم فيبين لنا كيف أن هؤلاء الذين يعيبون فيهم من أربعة عشرقرن من الزمان ما زالوا يثيرون انبهار الغرب نفسه من مطلع الدعوة الإسلامية حتى سقوط الخلافة العباسية ببغداد على أيدى التتار
لأن الغرب لم يمكنه التفسير حتى الآن ـ بمنطقهم الذى لا يعترف بالرسالة ـ كيف استطاع الرسول عليه الصلاة والسلام تأسيس دولة كاسحة بنت نفسها فى بضع سنين هى كالثوانى فى عمر الحضارات وتصبح هى القوة العظمى الوحيدة بالعالم بعد قضائها عى إمبراطوريتي الفرس والروم بالرغم من عدم تملك العرب لأى وسيلة تقدم بعكس الفرس والروم وحضارتهم التى امتدت لعشرات القرون السابقة دون هزيمة أو انهيار
وكيف أن الغرب ما زال حتى الآن يقيم بعض علومه على ما اكتشفه علماء الحضارة الاسلامية ويقفون أمامها كأنها مسلمات علمية لا شك فيها ـ وهى كذلك ـ كالخوارزمى فى الجبر وبن سينا فى الطب وبن حيان فى الكيمياء وبن خلدون وبن رشد فى الفسلفة والتاريخ
فلو كانت تلك العصور كما يعلقون عليها عصور بداوة وجهل فكيف أصبحت علومهم أسسا تتبع ؟!
ولو أن الغرب لا يعنيه الإسلام وحضارته لأنه بلاد لا تشغل البال لتخلفها فعلام كان نشاط المستشرقين إذا ؟! .. وعلام كانت المؤامرات والحملات المتكررة على الدين والفكر الاسلامى ؟!
والأهم من ذلك
كيف تتخذ التشريعات الاسلامية نظاما معترفا به فى التقنين ودراسة القانون وتفرد له جامعة السوربون بفرنسا قسما كاملا مستقلا بكلية الحقوق بها وهى أشهر معهد قانونى فى العالم أجمع ومنها يتخرج بعض حملة الدكتوراه فى التشريع والفكر الإسلامى ؟!
إن الكارثة ليست فى عداوة الغرب .. مطلقا والله
فمن الغرب أعداء عاقلون خير ألف مرة من أصدقاء وأبناء حكمهم الجهل بشريعتهم تارة ـ وبفكر دينهم تارة أخرى ..
هذا إن سمعوا من الأصل عن مجال شاسع الإتساع اسمه الفكر الإسلامى والفلسفة الإسلامية

 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

بينا مما سبق وبالأمثلة كيف أن العلمانية العربية وما يعضدها من المذاهب الأخرى سلكت سلوك المغالطات المتعمد والتضليل الكامل فى هجماتها المتوالية لردع أى انتماء إلى صحيح الدين الاسلامى وحصره فى نطاق المعتقد وفقط .. باعتبار أنه يحشر نفسه حشرا فى أمور علمية متقدمة ومتطورة ..

ولاحظنا استغلالهم لنقطتين رئيسيتين

وهما ضحالة الثقافة العامة بالفكر الاسلامى لدى الناس .. واستغلال المدعين فى العقيدة الإسلامية لضرب الإسلام نفسه باتخاذ هؤلاء الفئات كدليل وأمثلة على التمسك بالدين المؤدى إلى الإرهاب والتخلف وغلق العقل وما إلى ذلك
ولأنهم يجيدون التعامل مع الآلة الاعلامية بخبرات كبيرة ومعاونات أكبر !
فقد حرصوا على ارتداء مسوح الرهبان وهم يكررون أن هدفهم تحرير العقل من سلطة الشيوخ وتراهم يتمسكون بمحاكم التفتيش التى جرت فى العصور المظلمة لأوربا كدليل على أن إدخال الدين فى مختلف القضايا خطر على الفكر والعلم والإبداع

دون أن ينتبهوا أنهم خلطوا ووازنوا بين المعتقدات السابقة لأهل الذمة وبين الدين الاسلامى .. كما أدانوا الديانات السابقة بأفعال شواذ المؤمنين بها فوصموا المسيحية ومن قبلها اليهودية بنفس الأوصاف التى اكتسبها رهبان الكنائس والمعابد فى سيطرتهم السابقة على الحكم فى سائر الدول الأوربية وارتكابهم لعشرات الموبقات باسم الدين والكهنوت وهو الخلط الخبيث الطوية الذى لا يوضح لنا الخطأ الذى يتبينوه فى الديانة باعتبارها رسالة سماوية وبين جرائم المدعين بها ..
وهى ذات النقطة التى نفذ بها المذهب الماركسي كله إلى الاتحاد السوفياتى عندما تعاملوا مع جرائم القيصرية الروسية باعتبارها نتاجا طبيعيا لتمسك الروس بالسلطة الدينية والتى أفرزت أمثلة من المتحكمين بالكهنوت مثل " راسبوتين " الراهب الداعر الشهير والذى اكتسب نفوذا غير عادى طيلة فترة وجوده فى بلاط القيصرية وسيطرته التامة على عقل رأسي الحكم " القيصر وزوجته " بعد نجاحه فى شفاء ولى العهد من مرض سيولة الدم " الهيموفيليا " وهو المرض الذى كان سرا مغلقا على الطب فى تلك الفترة الغابرة من الزمن وبالطبع مهد هذا الشفاء الذى تم بوسيلة غامضة لراسبوتين أن يتبوأ تلك المكانة الخرافية فى البلاط القيصري حتى نهاية عهده بنجاح بعض النبلاء الروس فى قتله
وهى نفس اللعبة التى حاولوا تكرارها مع الإسلام فأغفلوا عمدا أى مثال مشرف للفكر الاسلامى والتفتوا فقط لأفعال المضللين من المنتمين إلى الدين دون إدراك لحقيقة بالغة البساطة وهى أن ظهور هذه الأمثلة المغيبة فى أبناء الإسلام إنما مرجعها الحقيقي إلى الغياب الكامل عن صحيح العقيدة وفكرها السليم لا نتيجة التمسك بها كما حاولوا وصمها
ناهيكم على المغالطة والمساواة المتعمدة بين الإسلام كرسالة عامة تجب ما قبلها من ديانات ـ مع الإعتراف بها كملل ـ وبين هذه الرسالات التى نزلت مرهونة بأمم محددة وبأوقات محددة ونُسخت بنزول رسالة الإسلام .. فضلا على غياب تلك الديانات نهائيا عن معيار الصحة حتى قبل نزول الإسلام مع التزييف والتحريف الذى عصف بكتبها طيلة عهودها السابقة
وهذا هو الدافع الحقيقي للهجمات الغربية والعربية العلمانية المستمرة حتى اليوم وهو العمق الشديد والصلة الوثيقة بين الإسلام وأهله على نحو أضر بمصالحهم على مر العهود .. الروح الإيمانية التى تصاحب المسلم فى شتى مجالات عمله ..
تلك الروح هى الهدف الحقيقي لكل تلك الهجمات
فمن قديم الزمن والإسلام ومبادئه تحرك طاقة المسلمين والبسطاء وكانت السبب فى أيام جليلة وأحداث أجَل عاشها المسلمون فى شتى أقطارهم وترصَدها الغربيون ومن عاونهم
تلك الروح التى عبر عنها الإمام القدير أبي الحسن الشاذلى عندما سأله تمليذه النجيب أبي العباس المرسي قائلا
" أيهما تفضل يا إمام منهج الإمام عمر بن الخطاب فى التقشف أم مذهب الإمام عثمان بن عفان فى اللين "
فنظر إليه الامام أبي الحسن الشاذلى فى عتاب قبل أن يجيبه فى صرامة مُنهيا القضية من جذورها قائلا
" يا أبا العباس .. اعرف الله وكن كيف تشاء "

وتلك المقولة تلخيصا لكل سفاسف القضايا التى أثارها المغرضون ..
فالإسلام ومبادئه يجب أن تبقي بقلب كل مسلم حاكمة له فى كل تصرف وله بعدها أن يقف فى أى موضع طالما كان الله تعالى حسبه ووكيله
ومحاولة العلمانية العربية قتل تلك الفطرة بعمد أو جهل هى المقصد الرئيسي للغرب والذى يمثل فيه العلمانيون العرب سن الرمح ..
لا سيما وأن العقيدة الإسلامية بفطرتها هى المرجع الرئيسي للإنتماء الوطنى وممارسة الأخلاق باعتبار الدافع هنا خشية الله عز وجل وهو الدافع الذى يفتقده الغربيون بطبيعة الحال فتختلف معايير الأخلاق والإلتزام بها ويستحيل عليهم الرهان ببقائها نظرا لانعدام المرجعية الدافعة لاتباع تلك القواعد وإلزامها الصعب لأن الدنيا هنا هى مجالهم الوحيد ..
وبالتالى فلا مبرر للتمسك بما يضنى ويقلل الفائدة
فلن ينسي الغرب مطلقا ما لاقوه فى يوم السادس من أكتوبر فى الحرب العربية الكبري والتى لا زالت مصدر دراسة حتى اليوم فى المعاهد الأميركية للبحث خلف كنه تلك القوة التى أعجزت العالم فى يوم النصر
ولذلك علت الضحكات وجوه الأسري المصريين الذين وقعوا فى يد الجيش الاسرائيلي أثناء عمليات حرب أكتوبر عندما فوجئوا بالمحققين الإسرائيليين يتساءلون فى جنون عن طبيعة عقار الشجاعة الذى سقاه القادة المصريون لجنودهم فقاموا بتأدية تلك العمليات المبهرة على نحو جعل الجيش الذى لا يقهر يفر مذعورا وأصر بعض قواد الوحدات الاسرائيلية على خط المواجهة على عدم العودة إلى هذا الجحيم كما وصفوه لقادتهم .. وهو يقصون عليهم بجنون مدى الانتحارية المعجزة التى رأوها فى الجنود الذين ينزفون من كل جزء بأجسامهم تقريبا ومع ذلك يتشبثون بالسلاح مقاتلين حتى اللحظة الأخيرة
" وكثير من تلك الحقائق المذهلة التى تضمنها كتاب " المحدال " ومعناه" التقصير " الذى احتوى على تحقيقات لجنة أجرانات المشكَلة من كبار أعضاء الكنيست الإسرائيلي لبحث أسباب القصور "
حاول الإسرائيليون التعامل بمنطقهم الذى لا يعرف العقيدة الاسلامية فاستنتجوا وجود عقار شجاعة دون أن يدركوا سر كلمة الله أكبر التى انطلقت دون أوامر بل بعفوية مطلقة من حناجر نصف مليون جندى على شاطئ قناة السويس وهم يستعدون للعبور بعد الضربة الجوية عندما تمكن هؤلاء الجنود من إحصاء عدد الطائرات الذاهبة والعائدة ليكتشفوا عدم وقوع خسائر إلا بخمسة طائرات مصرية فقط بالرغم من القوة المذهلة لسلاحىَ الجو والدفاع الجوى الإسرائيلي
انطلقت الحناجر بكلمة الله أكبر تصب العزيمة فى العروق على نحو تسبب فى هروب بعض المتحصنين خلف خط بارليف بالرغم من تسليحهم ودشمهم الأسمنتية المحصنة .. فروا من أمام الجنود حملة السلاح الخفيف بعد الرعب الذى استبد بهم من وجوه الجنود وهى تهاجم ولا تكف عن ترديد اسم الله بعد أن عبروا القناة بسلاحهم الخفيف وتمكنوا من تحطيم واحتلال معظم نقاط خط بارليف الحصينة قبل عبور السلاح الثقيل من المدرعات والذى عبر بعد ست ساعات كاملة من بدء الحرب بين المشاة المصريين وسلاح المدرعات الإسرائيلي
هى تلك الروح التى يفتقدها الغرب وبالتالى لا تحكم تصرفاتهم تلك الفدائية وإنكار الذات الذى يعد قوام العقيدة الاسلامية وفطرتها ويريدون لنا التخلى طواعية عنها !
هى نفس الروح التى تحكم المسلم عندما يتأمل مشهدا جميلا فيردد بعفوية " الله "
هى نفس تلك الروح عندما تطالع انتظام الكون ونظامه فتنبلج الألسنة عن تعبير " سبحان الله "
هى نفس تلك الروح التى تدفعنا لتدبر آيات القرآن العزيز فتنفطر الدموع تأثرا وخشية وإجلالا واعترافا ..
بالقوة قديما حاولوا وبالتزييف حاولوا والآن بعد فشل كل تلك المحاولات لجئوا إلى ما يحقق الهدف وهو ضرب العقيدة وما تفعله بأبنائها عن طريق سلب المسلمين هذا الاجلال الذى يقرونه للقرآن الكريم وحصره على الترديد فى الفروض وفقط .. واستجاب لهم بعض المغيبين عن عمد وإدراك لهذا الهدف واستجاب بعضهم عن اقتناع بتلك الدعاوى مع الجهل الذى يحكمهم بأصول الإسلام وفكره

إنكار الإعجاز العلمى بالقرآن والسنة


مع الهجمة الاخيرة التى تسلطت على الإعجاز العلمى بالقرآن والسنة ومحاولة ضرب المرجعيات الفقهية الكبري فى الحديث كالإمام البخارى ومن قبله أبي هريرة رضي الله عنهما فى بعض الصحف المصرية من صغار العلم والعقل والادراك ..
كانت الحملة تدور حول محورين فى فكر خالد منتصر طبيب الأمراض الجلدية والكاتب بصحيفة صوت الأمة ومحمد الباز الكاتب فى جريدة الفجر والمحورين يقومان على
أولا ...
أن التمسك بمفهوم الاعجاز العلمى بالقرآن هو ناتج عن عقدة النقص لدى العرب والتى تدفعهم للتشدق بالديانة الإسلامية كمصدر فخر فى مواجهة الغرب !
ثانيا ..
ومن قول خالد منتصر بالنص فى سلسلة مقالاته حول الإعجاز العلمى
( " وهنا كان الخطر الذى ينطوى عليه التلاعب بمثل هذه الكلمات من أمثال "الإعجاز العلمى فى القران"، فالقرآن كما ذكرنا من قبل ليس كتاباً فى الفيزياء ولا البيولوجيا ولا الجيولوجيا، وليس مطلوباً منه ذلك ،ولكنه كتاب دينى يضع ضوابط وخطوطاً عامة للأخلاقيات والسلوك والمعاملات ،ويتعامل مع المطلق والعموميات وربطه بالعلم الذى يتعامل مع النسبى والمتغير فيه خطورة شديدة على الدين وعلى العلم كليهما على السواء )
وهو إنكار الإعجاز العلمى كأصل ثابت فى القرآن الكريم وقصر القرآن على أنه كتاب دينى للأخلاقيات والمعاملات وليس كتابا للفيزياء والكيمياء ..!
وحول هذين المحورين تناول خالد منتصر عدد من النقاط المنتقاه وقام بنقدها مدللا بما أسماه تناقض الحقائق العلمية الثابتة مع القرآن
وبالتأمل فى هذا الكلام الملئ بالجهل الفادح بأصول القرآن ورسالته .. مع التجهيل المتعمد بالحقائق العلمية سنجد أن كل ما استند إليه خالد منتصر هو عبارة عن أوهام ونقاط ضعف اختلقها وقام بنقدها على نحو ما سنوضح

أولا .. التحجج بعقدة النقص

من الطريف أن خالد منتصر صاحب نظرية اللجوء للإعجاز العلمى بسبب عقدة نقص تحكمنا تجاه الغرب يتحجج بالمنطق فى قوله الذى يخلو من كل منطق ..!
ويعيب علينا عسف اللغة ولي عنقها لمواكبة أغراضنا بينما يفعل هو ما هو أكثر وأضل سبيلا
فبداية نظرته للغرب باعتباره مشعل الحضارة التنويرية التى يجب الإلتفات إليها والاقتداء بها " فى كامل ما يفعلون بدليل بقية مقالاته التى تسخر بوضوح من كل ثوابت الاسلام " ويصورنا لسنا عاجزين فقط عن اللحاق بها بل ننظر إليها بالحقد الذى يدفعنا لمداراة عقدة النقص !
والسؤال لصاحب المنطق ..
المفروض فى المقارنة تساوى الطرفين فى المجال لتستقيم المقارنة ..
والمنطق يقول أنك إن أردت مقارنة الإسلام وتعاليمه فيجب أن تقارنها بمعتقدات الغرب لا بتقدمه العلمى
وعندما تقارن التقدم العلمى فى الغرب فيجب أن تضع أمامه التقدم أو التخلف العربي فى هذا المجال
فضلا على أن الفخر بشيئ أيها العالم المنطقي يجب أن يكون فخرا بشيئ أنجزناه أو لنا فضل فيه على الأقل .. ولذلك لا أستطيع أن أفهم ماذا تعنى بأننا ندارى عقدة النقص بالحديث عن إعجاز القرآن كأننا أصحاب هذا الاعجاز أو أننا أنزلناه ؟!
وفى الواقع الخلط بين الرسالة السماوية والمذاهب الفكرية الإنسانية " التى يجوز فيها الفخر " هو مسألة من ابتكار الغرب أصلا وهذا يؤكد على نوعية ثقافة وانتماء المهاجمين..
فالغرب هوالذى وضع محمد عليه الصلاة والسلام على قمة أفضل مائة عظيم فى العالم نتيجة لأنه صاغ القرآن وصاغ الإسلام وتمكن من التأثير بهما طيلة القرون السابقة كما قرر بذلك مؤلف الكتاب الشهير " العظماء مائة أعظمهم محمد " وهو الكتاب الذى ترجمه الكاتب المصري أنيس منصور وفيه نجد مقارنة بين الأنبياء وبين ماركس ولينين رجلى الفكر الشيوعى وجوتاما بوذا مرجعية البوذية وكونفشيوس حكيم الصين وصاحب المذهب الذى يحمل اسمه
مما يدل على نظرة الغرب الحقيقية للديانات باعتبارها من ابتكارات عبقرية البشر
فكيف سنبادر من بالفخر بأننا أصحاب القرآن المعجز علميا فى مواجهة تقدم العلم بالغرب وما هو فضلنا فى هذا الأمر لنخترعه من الأساس ؟!
والنقطة الأكثر أهمية ..
بالرغم من معرفتك التامة بالتقدم الغربي وثقافتك القائمة عليه إلا أننا نجدك مغالطا أو جاهلا بمفهوم الحضارة الانسانية وكيف أن التقدم النوعى والتكنولوجى جزء من الحضارة وليس أساسها ..
ولو كان العلم والتقدم العلمى هو المعيار الوحيد لقياس الحضارات فكيف عاش الفكر الاغريقي بأوربا حتى اليوم وهو المنتهى منذ قرون والغرب دائم التذكير به .. على أساس أنه الحضارة الاغريقية التى أرشدت وعلت ولست أخالك تظنها أرشدت وعلت بسبب التقدم العلمى فى أثنائها ..
لأن التقدم العلمى بطبيعته ـ وإن كان أحد روافد الحضارة ـ الا أنه لا يُنشئها منفردا بل يكون للفكر المقام الأول فى ذلك وشيوع استخدام هذا الفكر فى إنشاء مجتمعات قوية ومتماسكة تبنى أسس الحضارة وتتركها شاهدة بها على مر الزمن
فالتقدم العلمى ليس له دوام بطبيعته ولعلك تعرف أن أديسون عندما ابتكر المصباح الكهربي فى زمنه وقف أحد الساسة يقول مفاخرا " لن يبلغ العالم ما بلغناه اليوم من تكنولوجيا "
وهو قول لو تذكره اليوم أحد فسيذكره على سبيل الطرفة والدعابة
وبالتأمل فى الغرب الآن والمجتمعات المتقدمة التى تتخذها مثلا ..
وهى تنحصر فى المجتمع الأوربي والأمريكى سنجد أنها تتفوق تفوقا كاسحا فى الشأن العلمى بينما يتراجع المسلمون فى هذا الشأن نسبيا إما بالضعف المطلق كالبلاد العربية وإما بالضعف النسبي .. ولاحظ أننا نتحدث عن الإسلام لا العروبة ..
وهو ما غفلت أو تغافلت عنه فالإسلام بلا حدود يمتد خارج أرض العرب فى دول يعدها الغربيون نمورا اقتصادية ويمتد حتى فى الغرب بأعداد وجاليات لها قوتها ومجتمعها
فاذا أعدنا التأمل فى الجانب الحضاري للمجتمعات الغربية .. وقوامه المجتمع المستقر المتماسك الذى يعمل تقدمه العلمى على زيادة رفاهيه وكشف السبل أمام تأسيس حضارة ورقي ..
وبمنطق بسيط يغفل عنه الجميع عند الإشادة بالغرب لو تأملنا سنجد مجتمعا مشوها بكل معنى الكلمة لم يفده تقدمه العلمى من منع هذا التفسخ الذى ضرب بجذوره فى أعماقهم كنتيجة مباشرة لغياب العقيدة بينما هى الوازع الرئيسي فى المجتمعات الاسلامية لحمايته من الأمراض النفسية والتفكك الأسري والانحلال الغير العادى بالغرب
ولكى يكون كلامنا موثقا منطقيا .. فلنتأمل بعض الاحصائيات الحديثة ونر

معدلات الإنتحار والتفكك والشذوذ فى أوربا وأمريكا

بمطالعة التقاير الغربية ذاتها عن معدلات الانتحار والتفكك وجرائم الشذوذ فى الولايات المتحدة وأوربا الغربية سنجد أنها تمثل أعلى المعدلات فى العالم منذ زمن بعيد ولا زالت تلك المعدلات فى ازدياد طردى بالرغم من كل التقدم والرفاهية التى تكفلها النظم الغربية لمواطنيها ..
والأسباب كلها تنحصر فى فشل روابط الأسرة والعلاقات العاطفية وعدم رغبة الشباب فى علاقات شرعية وتكوين أسرة على نحو هدد دولة مثل ألمانيا بسبب انخفاض معدل الزيادة السكانية بشكل مثل قلقا رهيبا للحكومات المتعاقبة
بينما فى المجتمعات الاسلامية ومنها الدول العربية تتدنى معدلت الإنتحار بالمقارنة لمثيلاتها فى الدول الغربية بالرغم من توافر الأسباب المنطقية لزيادتها نتيجة للظروف المعيشية الصعبة


 
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

ومن أمثلة تلك التقارير​


( "موقع CNN
كشف تقرير عسكري، حصلت عليه CNN، أن معدلات الانتحار بين الجنود الأمريكيين ارتفعت بنسبة تصل إلى 15 في المائة، خلال العام 2006، مقارنة بالعام السابق 2005.. ومن المتوقع أن تعلن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" رسمياً عن هذا التقرير في وقت لاحق الخميس، حسبما أكد مسؤولون عسكريون بالجيش الأمريكي لـCNN،
إلا أنهم رفضوا الكشف عن عدد الجنود اللذين أقدموا على الانتحار خلال عام 2007 الجاري.
وبحسب الإحصاءات التي تضمنها تقرير البنتاغون، فقد سجل العام الماضي 101 حالة انتحار لجنود أمريكيين، مقابل 88 حالة انتحار تم تسجيلها في العام 2005.
كما أظهر التقرير أن نسبة الانتحار بين الجنود الأمريكيين ارتفعت خلال العام 2006، إلى نحو 17.3 حالة انتحار بين كل مائة ألف جندي، بينما كانت في العام السابق 12.8 حالة من كل مائة ألف جندي)

ويكشف هذا التقرير عن ارتفاع نسب الانتحار بين الجنود الأمريكيين الملحقين بالجيش فى قواعده .. بمعنى أنه ليس هناك مبرر واضح لعلميات الإنتحار إلا الإضطراب النفسي بالرغم من كل التقدم والازدهار الذى يعيشه المجتمع الأمريكى وتبلغ فيه درجة الرفاهية فى السجون الأمريكية وما تضمنه من معاملة ما يتعدى رفاهية بعض الشعوب العربية ذاتها !

وأيضا التقرير التالى من معهد الدراسات الدولية حول المرأة ،ومقره مدريد ، وهو معهد عالمي معترف به ،
ونصه مترجما بالحرف كما يلي

( التقرير السنوي المسمى بـ قاموس المرأة ،وقد جاء فيه:

-
في عام 1980م: (1.553000) حالة إجهاض ، 30 % منها لدى نساء لم يتجاوزن العشرين عاماً من أعمارهن ، وقالت الشرطة: إن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك.

- وفي عام 1982 م: 80% من المتزوجات منذ 15 عاماً أصبحن مطلقات .

- في عام 1995م: 82 ألف جريمة اغتصاب ، 80% منها في محيط الأسرة والأصدقاء، بينما تقول الشرطة إن الرقم الحقيقي 35 ضعفاً

- 70% من الزوجات يعانين الضرب المبرح ، و4 آلاف يقتلن كل عام ضرباً على أيدي أزواجهن أو من يعيشون معهن. 74% من العجائز الفقراء هم من النساء ، 85% من هؤلاء يعشن وحيدات دون أي معين أومساعد.

- ومن 1979م إلى 1985م: أجريت عمليات تعقيم للنساء اللواتي قدمن إلى أمريكا من أمريكا اللاتينية ، والنساء اللاتي أصولهن من الهنود الحمر ، وذلكدون علمهن.

- ومن عام 1980 إلى عام 1990م: كان بالولايات المتحدة ما يقارب مليون امرأة يعملن في البغاء. وفي عام 1995م: بلغ دخل مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية 2500 مليون دولار.

- وفي الولايات المتحدة فقط 1400 ملجأ للنساءالمضروبات ، أو الهاربات من أزواجهن ، وهن اللاتي لا يجدن ملجأ عند أهل أو أقارب . من 90ـ95% من ضحايا العنف العائلي في أمريكا هم من النساء. •

- ضرب الزوجات في أمريكا : انتشرت عادة ضرب الرجل زوجته في الغرب على المستويات الاجتماعية والثقافية ودون ضوابط ، وتقول الإحصاءات إن في أمريكا كل 15ثانية يضرب أحد الأزواج زوجته ضرباً مبرحاً .. ونشرت مجلة التايمز تحقيقاً حول حوادث الضرب التي تتعرض لهاالزوجات الأمريكيات ، فقالت إن من بين 2000 إلى 4000 زوجة تتعرض للضرب الذي يفضيإلى الموت .

- المقتولات في أمريكا من قبل أزواجهن أو أخلائهن : طبقاً لإحصائيات مكتب التحقيقات الفدرالي ، فإن30 % من ضحايا قتل الإناث بالولايات المتحدة الأمريكية في 1990م قد قتلن من قبل أزواجهن أو أخلائهن ، وقد بلغ ذلك تقريبا 3000 امرأة.

- 80% من الأمريكيات يعتقدن أن الحرية التي حصلت عليها المرأة خلال الثلاثين عاما هي سبب الانحلال والعنف في الوقت الراهن ، 75% يشعرن بالقلق لانهيار القيم والتفسخ العائلي.

والأولاد. و 87% لو عادت عجلة التاريخ للوراء إعتبرن المطالبة بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة وقاومن اللواتي يرفعن شعاراتها.

- و42% من الأمريكيات يتعرضن لتحرشات جنسية في أماكن العمل والدراسة والمنتديات والشوارع.

- 6 ملايين امرأة تضرب في بيوتهن دون أن يبلغن الشرطة أو يذهبن إلى المستشفى، عشرات الآلاف دخلن المستشفياتللعلاج من إصابات تتراوح بين كدمات سوداء حول العين وكسور في العظام وحروق وجروح وطعن بالسكين وجروح الطلقات النارية وبين ضربات أخرى بالكراسي والقضبان المحماة .

- 20% من النساء اللاتي شملتهن الدراسة (دراسة عن النساء المغتصبات في أمريكا) اعترفن أنهن اغتصبن من قبل أصدقائهن. و24 امرأة جرى الاعتداء عليهن نهارافي إحدى حدائق نيويورك .

- دلت الإحصاءات الحديثة أن ربع طالبات المدارس الثانوية حبالى، وأن البكارة مفقودة البتة ، وفي مدينة (نفز) عاصمة (كولورادو) تبلغ نسبة الحبالى من تلميذات المدارس الثانوية 48%. يقول القاضي لندرس: "إنه يسقط في أمريكا مليون حمل ، على الأقل ، في كل سنة ، ويقتل آلاف الأطفال فور ولادتهم". وفيأمريكا مليون طفل يولدون سنويا من السفاح.

- 85% من الزيجات في الدول الغربية تنتهي بالطلاق.


- في دراسة باسم (جهنم شخصية) في مجلة تايم الأمريكية بالنسبة للطفل أو المرأة يعتبر البيت أشد خطرا من الشارع والعنف المنزلي يسبب في سقوط ضحايا أكثر مما تسببه الأمراض أو حوادث الطريق . وحسب الإحصائياتالأمريكية: 80% من جرائم القتل هي جرائم عائلية ، و (24،500) جريمة عائلية في عام 1993م ، و 48 % من الجرائم مسرحها البيت .

- في تقرير نشر في أمريكا جاء فيه: إن واحداً من بين كل ستة أطفال في أمريكا يعاني من الفقر. وفي التقرير السنوي لصندوق الدفاع عن الأطفال الأمريكيين والمسمى الكتاب الأخضر: أظهرت إحصاءات الحكومة عن الفقر لعام 1999م أن أكثر من 12 مليوناً من أطفال أمريكا يعيشون تحت خط الفقرعلى المستوى الاتحادي .

- يعتقد الخبراء مثل رايان ريني من المركز الوطني للادعاء الاعتداء على الأطفال أنّ عدد وفيات الأطفال سنويًا بسبب القسوة قد يصل إلى (5،000).

- في الولايات المتحدة في عام واحد (5600) طفل دخلوا المستشفى بسبب ضرب أمهاتهم العاملات لهم غالبهم تعرض لعاهات بسب الضرب .

- الأطفال الأمريكيون هم الأكثر عدوانية وانحرافا في سلوكهم يليهم أطفال إسرائيل . وهناك 6 ملايين حالة ضرب شديد من قبل الوالدين في أمريكا ، 3 آلاف منهم يؤدي بهم الضرب إلى الموت . وهناك 12 مليون طفل أمريكي مشرد في ظروف غير صحية . وفي إحصائية أخرى تبين أنه يباع في أمريكا أكثر من (5000) طفل كل سنة . في عام 1990م اتخذ البرلمان الأوربي قراراً يدين الولايات المتحدة على قيام الأمريكيين ، على نطاق واسع ، بشراءالأطفال في الأحياء الفقيرة في هندوراس وغواتيمالا ، لاستخدام أعضائهم لزراعتها في أجسام أخرى.

- كشفت الأبحاث أن 80% من الأمريكيين يعتقدون أن القمار شكل من أشكال التسلية، بينما لا يخجل 60% منهم من المراهنة . وينفق الأمريكيون الآن على القمار 480 بليون دولار بعد أن كانوا ينفقون عليه 22 بليون دولار عام 1976م .

- إدمان الكوكايين في أمريكا أو تجربته : أظهر استطلاع لوزارة الصحة الأمريكية أن مدمني الكوكايين في أمريكا بلغ عام 1985م 5.8 مليون شخص ، بعد أنكانوا 4.3 مليون عام 1983م، وفي الاستطلاع نفسه تبين أن 36.9 مليون أمريكي (أي 19% من حجم السكان) قد جربوا الماريجوانا أو الكوكايين أو مواد أخرى على الأقل مرةواحدة .

- الإنفاق على المخدرات في أمريكا وحدها يفوق إجمالي الإنتاج الوطني لأكثر من 80 بلداً من البلدان النامية كما تنتج شركات الخمور في أمريكا ما قيمته أكثر من 24 ملياراً من الدولارات .

- في تقرير قام بإعداده فريق بحث مقره جامعة جون هبكنز في ميريلاند : Johns Hopkins بـ Maryland بالولايات المتحدة نشرته محطة CNN الإخبارية الأمريكية
عن انتشار ظاهرة تجارة الرقيق من النساء 120 ألفامرأة من أوروبا الشرقية (روسيا والدول الفقيرة التي حولها) يتم تهجيرهن إلى أوروباالغربية و لهذا الغرض الدنيء ، 15 ألف امرأة أو أكثر يتم إرسالهن إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأغلبهن من المكسيك ، بـ 16 ألف دولار تباع المرأة القادمة مندول شرق آسيا بأمريكا ليتم استخدامها بعد ذلك في دور الفواحش والحانات.

- (5200) مدرس أمريكي يتعرض للضرب في الشهر الواحد . وهناك 21 مليون أمريكي لا يستطيع القراءة والكتابة . 270 ألف مسدس يحمله طلاب المدارس المتوسطة والثانوية في الولايات المتحدة .

- من بين كل عشرة أشخاص سبعة يعانون اضطرابات نفسية (من أمريكا). وتحولت 70% من مستشفيات أمريكا إلى مصحات عقلية ونفسية.

- تقع في الولايات المتحدة الأمريكية 50 ألف جريمة قتل في العام الواحد ، و30 ألف حالة انتحار ، وهذا الرقم الرسمي ، ولكن الرقم الحقيقي غير المسجل أكبر بكثير.

- بلغت حالات الوفاة بمرض الإيدز في أمريكا عام 1994م 25 ألف حالة وفاة . 1 إلى 3 من المصابين لا يمانعون ، بل يقولون أنهم راغبون في نقل جرثومة الإيدز إلى أصدقائهم .

- انتقدت منظمة العفو الدولية النظام القضائي الأمريكي وقالت:
إنه يتسم بالعنصرية مشيرة إلى أن احتمالات الإعدام للسود أكبر منها للبيض . 60 مليون زنجي أزيلوا من أفريقيا عن طريق تجارة الرقيق الأمريكية ، 50 مليون توفوا قبل وصولهم إلى أمريكا . وهناك 627 ألف جريمة عنف عنصري في عام واحد 1993م بسبب التفرقة العنصرية مع السود .

- معدل الانتحار بين الشباب الأمريكي أكثر من معدلات الانتحارفي أوربا بعشرين ضعفا ومن اليابان بأربعين ضعفا ، (30000) عدد حوادث الانتحار في العام الواحد . وقد تجاوزت حالات الانتحار عام 1994م 31 ألف حالة

- في دراسة عينة من الشعب الأمريكي91% من الذين شملتهم الدراسة قالوا أن الكذب أصبح عادة وسلوكاً مألوفاً في حياتهم اليومية ، و20% اعترفوا أنهم ليس في استطاعتهم الصبر عن الكذب ولو يوماً واحداً ، 75% من الأمريكيين يعتقدون أنه لا حرج في الكذب .

- الأمريكان يقولون: 74% منهم لن يتردد في السرقة متى ما رأى أن الفرصة سانحة ، و 56% منهم يقولون لن أتردد في قيادة السيارة وأنا في حالة سكر ، و 53% يقولون لن أتردد في غش زوجي أو زوجتي ، و 41% يقولون سأستخدم المخدرات للترفيه عن نفسي ، و 31% سأعرض حياة عشيقي أو عشيقتي لخطر الإصابة بالمرض الذي أعاني منه
.)

هذا التقرير الرهيب والذى يتميز بأرقام رسمية صادرة من جهات وإعلام الولايات المتحدة ويقل فى الأصل عن المعدلات والأرقام الحقيقية
ألا يوضح لنا ببساطة مذهلة كيف أن غياب العقيدة والدافع الدينى التقليدى عن نفوسهم كان السبب فى غياب الخشية التى يكفلها الإسلام ومن ثم تحتجب عن المجتمع جرائم الشذوذ الانتحار والجرائم العنصرية وتجارة الرقيق التى هجرها العرب منذ قرون وتعود الآن لأكبر بلد صناعى فى العالم وأكثرها تقدما
وبالشكل المفجع والنسب الفاضحة التى زادت فى بعض الاحصائيات عن 80 % بمعنى أن الإنحلال والتفكك والإنتحار أصبح هو الأصل وخلاف ذلك هو الإستثناء بالإضافة إلى إرتفاع نسبة التخلف الاجتماعى والاعتداء على المرأة فى بلد حرية المرأة التى تنادون بها لدرجة تجاوزت البلدان النامية فى ممارسة الضرب والسرقة ونقل الفيروسات المتعمد للأصدقاء وانحراف الأبناء نيجة لمعاملة وحشية من الأمهات وتفشي ظاهرة هواية القتل والتعذيب بين أفراد العامة !!
إضافة الى الأهم وهو وجود 21 مليون أمريكى لا يجيدون القراءة والكتابة ووجود 12 مليون طفل مشرد .. ونسبة 19 % من حجم السكان أدمنوا وتعاطوا الكوكايين أبشع أنواع المخدرات على الإطلاق كما أشار صلب التقرير
فأين هى الحضارة الأمريكية التى سنشعر نحوها بعقدة النقص يا ترى ؟!

ونتابع الى التقاير الأوربية
وهذا تقرير إعلامى " متوافر بجميع شبكات الأخبار "عن نسب الإنتحار وتوزيعها فى العالم نجد فيه ما يلي
( دون 6.5 : وتضم هذه المجموعة دولتين اوروبيين ـ البرتغال واليونان) ـ اضافة الى جل دول أمريكا اللاتينية وبعض دول الشرق الأوسط فهي تبلغ 3.5 بالبحرين ( 1988 ) و3.6 باليونان ( 2004 ) و3.8 بالمكسيك (2004 ) و 5.1 بالبرتغال و6 بإسرائيل ( 1999 ).
• بين 6.5 و13 : وتضم دول أمريكا الشمالية وبعض الدول الأوروبية ( إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا والنرويج... ) والآسيوية ( الهند ) .
*اكبر من 13: وتضم جل دول أوروبا وآسيا فهي تقدر بـ17.5 بفرنسا ( 2004 ) و19 بسويسرا ولكسمبورغ والنمسا ( 2002 ) و21 ببلجيكا ( 1997 ) وفنلندا ( 2002 ) و25.5 باليابان 2004)

يمكن من خلال الارقام المُتوفرة احداث ، مجموعة خامسة، صلب المجموعة الرابعة تضم الدول التي تعرف نسب انتحار مُرتفعة جدا وهي دول أوروبا الوسطى والشرقية والتي تُسَجِّلُ، منذ التسعينات، أعلى نسب انتحار في العالم اذ تبلغ نسبة الانتحار 27.3 باستونيا ( 2002 ) و28 بكل من كازاخستان ولاتفيا ( 2002 ) و29.6 بأوكرانيا ( 2000 ) و33.2 ببلاروسيا (2001 ) و38.7 بروسيا ( 2002 ) لتصل الي 40 بالمجر و 44.7 بلتوانيا ( 2002 ).
و تؤكد الإحصائيات الأخيرة تواصل ارتفاع هذه النسب « المُفْزعة » في هذه البلدان وخاصة لدى الرجال [5]. .....
وتنفرد لتوانيا سنة 2004 ، بنسبة 51.6، بالمرتبة الأولى عالميا من حيث ارتفاع نسبة الانتحار لديها مُتقدمة على روسيا وبلاروسيا واستونيا وكازاخستان ولتفيا، وبذلك تحتل دول من الاتحاد السوفياتي السابق المراتب الست الأولى .
تبلغ مُعدلات نسب الانتحار في العالم فيما يتعلق بالخمس السنوات الممتدة من 1996الى 2000 ، أعلى مستوى لها في روسيا ثم في بعض دول ما كان يُعرف بالاتحاد السوفياتي وتليها المجر فسلوفينيا[ 6 ........
)

ومن تلك التقارير هل يتفضل المتبجحون بيان الأسباب الحقيقية من وجهة نظرهم لتفسخ وانحلال تلك المجتمعات بالرغم من التقدم والحضارة التى يرونها ؟! وبالرغم من التخلف العلمى والتكنولوجى الذى يحكمنا ؟!

وهل يتفضل السيد خالد منتصر الداعى إلى تحرير العقل ورغباته أمام الحياة وامتثال المثل العليا فى الغرب بإجابتنا عن سؤال بسيط ..
هل هذا هو الغرب الذى يدعونا لاتباع أسلوبه ؟!
وهل يتفضل بتبرير انتهاء الرغبة فى تكوين أسرة لدى الغالبية العظمى من الشباب الأوربي
وهل لها سبب آخر بخلاف أن الشاب الغربي فى سن السادسة عشرة يكون قد اكتفي من شهوة النساء بعد أن مارسها عشرات المرات فيلجأ للشذوذ بحثا عن متعة جديدة عقب انتهاء المتعة الحسية بممارستها المبتذلة .. وغير أن توفر تفريغ تلك الشهوات يمثل الدافع الأصلي للبعد عن طريق تكوين الأسرة لانعدام الرغبة الطبيعة والفطرة التى قتلها قبل أوانها بالفوضي لا بالحرية فلا يجد بدا من الإنتحار لانتهاء الرغبة فى الحياة من الأصل
وقبل أن يحتج بأن على المسلمين البحث خلف أسباب التميز لا الإنحلال فمن الواجب أن نقول له أن دعوتك كانت ولا زالت واضحة بترك الثوابت الدينية الاسلامية التى تقوم عليها المجتمعات الاسلامية وتقيد فيها فوضي الانحلال الغربي فلم نسمعك إلا داعيا لترك القرآن وحصره فى سبل التعبد وفقط وترك الحجاب والسخرية منه وترك الفقهاء والإقلال منهم وما إلى ذلك ؟!
وداعيا قويا لترك مواريث القدماء ـ على حد تعبيرك ـ فى تقنين العلاقات الجنسية وفتح المجال للتحرر من الكبت الذى يؤدى الى أسوأ الآثار .. باعتبار أن تلك الأمور تمثل العائق الحقيقي أمام مماثلتنا للغرب الذى نحقد عليه كما تزعم
ولسنا بحاجة الى التطويل فى تلك النقطة فأمامنا النسب التى تشي بأثر هذا التحلل الجنسي وتكفينى كلمة الدكتور مصطفي محمود والتى تصدى فيها لتلك الدعوات المغرضة قائلا " ومن قال ان هذا سيدفعنا للتحرر من الكبت بل على العكس سيجعلنا مماثلين للغرب ولا يجد الواحد منا بفتح قمم الشهوة إلا الجلوس كقرود الجبلاية لا هم له إلا العناية بعضوه التناسلي ! "
وقبل أن تحتج بأن تلك الأمور المنتقدة بالغرب يجب ألا ننظر إليها على أنها القاعدة دعنى أذكرك بالتقارير الماثلة ونسبها الغالبة والموضحة بأن التفسخ الغربي هو القاعدة الحاكمة لا الإستثناء
وهذا هو الرد على ما اتهمت به المسلمين من عقدة نقص تراها فى مخيلتك فقط
ونأتى الآن لتناول الاعجاز العلمى الذى تنكر وجوده وتظنه مكتشفا جديدا وتدعو لترك هذا الهراء باعتبار أن القرآن شيئ والعلم شيئ آخر تماما ومن العبث الربط بين كتاب يدعو للاخلاق وبين علوم عصرية لا يناسبها النظر للخلف أربعة عشر قرنا


 
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

ثانيا

فلسفة وتاريخ الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة


الإعجاز العلمى للقرآن
معناه ما احتواه القرآن الكريم من سبل الإثبات لظواهر و نظريات علمية لم تثبت من قبل نزوله ومن هنا يأت الإعجاز والمطابقة ويُعد الإعجاز العلمى واحدا من فرائد الإعجاز الشامل فى القرآن الكريم لشتى صنوف المعرفة بلا استثناء والمتميز بالإستمرار المطلق بحيث تنكشف أسراره من بداية نزوله إلى حين انتهاء الحياة مع احتفاظه فى نفس الوقت بإعجازية مغلقة دون الكشف
بسم الله الرحمن الرحيم " ما فرطنا فى الكتاب من شيئ " صدق الله العظيم
وتلك إشارة إلى أن القرآن يحتوى عناوين المعارف الهادية ومفاتيح كل علم وكل بصيرة وليس كما أُشير أنه معجزة خاصة بالعرب وحدهم ولا تتعدى الإعجاز الأدبي وعلوم الفقه
يقول تعالى
﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾
فهو إعجاز بكل أنواع المعارف والعلوم ما عرفنا وما لم نعرف بعد ..
إعجاز علمى ولغوى وأدبي وتاريخى وتشريعى وفنى وعموميته شاملة كطبيعة الدين الذى نزل به الكتاب وهو الإسلام .. فليس الإسلام تلك الدعوة الأخيرة فى مقاييس الهداية الربانية بمسموح أن تنزل بمعجزة فى فئة معينة أو بزمن معين ونشاط معين كما فى سابقها من رسالات بل كان لازما أن تنزل بمعجزة كاملة وتامة من عدة جوانب ..

كاملة فى استمراريتها نتيجة لأنها آخر الرسالات .. وكاملة فى إعجازها أى تشمل بالإعجاز وأنواعه كل فئة بكل أرض بكل نوع ولون من ألوان التفوق المتعدد بتعدد كافة الأمم والجماعات .. وكاملة تامة حتى فى مستقبلها على مر الزمان أى أن معجزة القرآن ستظل محتفظة بإعجازها المتنوع تخاطب بالقدرة كل فئة من الناس تُـظهر تفوقا فى أى مجال بمجالات الحياة عمليا أو نظريا من ساعة نزوله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ..
ومسألة أن القرآن نزل مخاطبا العرب بصناعة اللغة التى برعوا فيها ولم يتقنوا سواها ولم يغرموا سوى بها حتى أقاموا لها أسواق الشعر والخطابة .. هو أمر قاصر فى الإدراك عند من يقول هذا ويصمت .. فالقرآن ـ بالفعل ـ نزل بلغة العرب الفصيحة المبينة ونزل بموسيقا معجزة لهم لم تألفها آذانهم فى شعر أو نثر ولكن هذا الإبداع اللغوى كان واحدا من فرائد بقية الإعجاز العام الشامل بالقرآن وكانت أسبقية ظهوره والتركيز عليه مرهونة فقط بأنه نزل على أهل لغة فالتمسوا فيه ما فهموه وقدروه ..
وهذا القرآن العزيز بذاته لو نزل على العرب وهم أهل طب لنبغ فيهم ولو كانوا أهل فلك لبرز فيهم فكل تلك المجالات موجود بالقرآن الكريم من مبدء النزول ومرهونة بقدرة أى فئة تستطيع طرق باب تتقنه من مجالات الحياة .. ولهذا رأينا بتتابع الزمن اكتشاف شيئ من كنه القرآن فى العلوم والمجالات المختلفة بطرق الإسلام لدور لم يطرقها من قبل
ولتقريب الأمر بمثال ..
فلو وقعت إحدى لوحات العبقري الإيطالى الأشهر ليوناردو دافنشي ــ ولنقل مثلا أنها لوحته الأشهر " الموناليزا "ـ فى يد ثلاثة أشخاص فيلسوف ورسام ورجل أعمال .. كل منهم سيتشبث باللوحة لغرض مختلف عن الآخر ويتهم رفيقيه بالحماقة ..
فالفنان سيري فيها معجزة فنية لابتسامتها الساحرة والتى من المستحيل تقريبا تحديد نوعها إن كانت ابتسامة شجن أم سعادة وسيبذل جهده للإحتفاظ بها .. بينما الفيلسوف سيتشبث باللوحة متهما رفيقيه بالسطحية لعدم قدرتهم على تقدير الفلسفة الكامنة فى أعماق نظرتها للحياة والكم الذى تحمله الصورة من التعبير وسيقاتل فى سبيل عرضها .. بينما رجل الأعمال سيبرز قوته فى سبيل أخذ اللوحة متهما رفيقيه بالجنون المطبق نظرا لقيمة اللوحة ماديا والتى يمكنها نقل إنسان من قاع الفقر لقمة الثراء فى لحظة واحدة ..
وستجد طرفا رابعا ليس له فى أى مجال من الثلاثة السابقين لا يقتنع بما شرحه له هؤلاء المدركين ومن ثم لا يري باللوحة أية قيمة .. وربما لو تمكن منها لأخذ القماش المرسومة عليه ووضعه كأحد مفارش منزله وأخذ الإطار الخشبي فتدفأ به من ليالى الشتاء !
وهكذا تباينت وجهات النظر وتشبث كل طرف برؤية جانب واحد فى تفوق اللوحة وهو الجانب الذى يمكنه فهمه وتقديره .. فما بالنا بالقرآن الكريم معجزة الخالق فى الدين الحق آخر الرسالات على الأرض .. بالطبع لابد وأن يكون معجزة لكل أصناف البشر بشتى أنواعهم وما كانت أهمية الإعجاز اللغوى إلا لتمثل اللغة معجزة لمن يقدرها وتكون فى ذات الوقت طريقا لكافة البشر ـ كلٌ فى مجاله ـ لفهم ما يحتوى القرآن من آيات يراها فى جماعته وعالمه وزمنه
إضافة إلى أن إعجازه متجدد ومجالات أخرى لن نطرقها أبدا " الغيبيات فى القرآن الكريم " وستظل الحقائق تكتشف فى هذا الصدد الى أن تقوم الساعة لأنه القرآن كلام الله المنزل بآيات محكمات وليس كتابا يحتوى نظرية تسقط بسقوط عهدها
وما يثير الحيرة إلى درجة الاشفاق على منكرى إعجازية القرآن الشاملة والعلمية خاصة .. أنهم يعلنون ليل نهار انتمائهم للإسلام وعقيدته
وإيمانهم بثوابته وأنهم مقرون بالوحدانية لله تعالى مؤمنون بقدرته .. فإن كان الأمركذلك فلماذا ينكرون على القرآن عصمته الكاملة إيمانا بقوله تعالى

لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
وهو تعميم كامل بغياب أى نوع من أنواع النقص والتناقض بين القرآن وبين ما تقرره العلوم البشرية أو المظاهر الكونية فى مطلق الزمن فكيف يمكن تصور مجئ العلم فى زمن ما بكشف للقصور الذى ينادون ويحذروننا منه ؟! ..
لأن تلك العلوم تظل رهنا بالمعرفة العلمية للبشر وهى قاصرة ومتناقضة بطبيعة الحال فضلا على كونها معروفة مسبقا للخالق سبحانه بحكم علمه المطلق ..
فهل سيعجز خالق الإنسان أن يدرك مدى وحدود عقل مخلوقه ويتوقعه بالشكل الذى لا يسمح لعقل هذا المخلوق باستخراج عيب واحد فى معجزته الرئيسية بالإسلام .. الدين الخاتم ؟!
لهذا تأخذنا الحيرة الشديدة من إعلان الناقدين لإعجاز القرآن أنهم مسلمون لله وجوههم وهم يقولون بما يعنى صراحة قصورا فى علم الخالق نفسه جل سبحانه .. أو أنهم تصوروا الإسلام كدين لا وظيفة له إلا مجال محدد على سبيل الحصر وبعد ذلك فالإنسان له حريته وله منجزاته وله علمه الحر الخارج عن إرادة خالقه .. وهو مبدؤهم الرئيسي تبعا لصنوف العلمانية المختلفة التى قامت فى أوربا كرد فعل ضد السيطرة الكنسية المهولة فى عصور الظلام وبدأت رياح التغيير ـ أول ما بدأت ـ بالثورة الفرنسية ..
وانطلقت تلك المذاهب تنتج الحركات الشاذة المختلفة فى كافة الميادين واتخذت الدين هدفا رئيسيا فى تجنيبه وأراد ـ ولا زال ـ العلمانيون العرب تطبيق تلك النظريات ونجدها فاعلة فيهم كلما كتب واحد منهم والدين والفكر الإسلامى هدف قلمه فى كافة نقده وكأنى بهم غابوا عن آية الله العزيز الكريم التى تقول
" أيحسب الانسان أن يترك سدى "
والآية صريحة فى إنكار تلك النظرة العلمانية الشاذة والمتناقضة والتى سمحت لهم بتصور قبول الخالق سبحانه لأن يصبح عبيده رهنا فى طاعته بوقت ومكان وزمان وعمل يحددونه حصرا .. مع أنهم عبيد ومخلوقون لأجل ذلك فقط ؟!
" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "
والإسلام يشمل تحت مفهوم العبادة كافة نشاط البشر كما شرحه رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال فى أحاديثه
" بنى الاسلام على خمس ... " بمعنى أن أركان الإسلام هى أساسه فقط ويظل المبنى فى أشياء أخرى تختص بسائر الحياة حيث تتوالى الأحاديث وأقوال الفقهاء بعد ذلك شارحة لآيات الفكر والتدبر فى القرآن الكريم مع الأحاديث الموضحة .." الدين النصيحة " و " العمل عبادة ... " و ...... " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة "
وبما أن الدين والعقيدة هى عنوان الإعتراف لله بالفضل والإقرار له بالربوبية فمن المنطق القطعى أن تكون العقيدة فاعلة فى كل وقت وزمان ومكان وعمل يمارسه العبد المسلم لربه بالوحدانية ولولا هذا لانتهى منطق وجود علماء الفقه لأن هؤلاء وظيفتهم الرئيسية الإفتاء بحكم الدين فيما يستجد فى أمور فلو كان الأمر فى الدين حصرا فى نطاق عبادة فما الداعى لعلماء الفقه من الأصل وهم أعلى العلماء مرتبة عند الله بما ثبت من نصوص التنزيل والسنة المطهرة .. أفلم يكن من الأجدى أن تستخرج العبادات المحددة بكتب يحتفظ بها الإنسان لمجال الدين ووقته وعليه فإفتاء العلماء غير وارد بالمنطق البسيط طالما أن الدين شيئ .. وتجدد الحياة وطرقها شيئ آخر !
وعلام اُعتبر الفقه فى الدين هو الخير المؤكد كما نص الحديث المشرف قاطعا أن من أراد الله به خيرا يفقهه فى الدين .. فتبعا للنظرة المحدودة للعقيدة يصبح الدين كتابا للأخلاق يوازى كتاب أرسطو الشهير من الممكن حصر فهمه لآحاد الناس .. فعلام كان كل هذا التكريم ؟!
والثبوت المطلق للقرآن المنزل من حكيم حميد كما تنص الآية الكريمة .. وحكمة الله المطلقة أنىَ لها أن تخضع لتقدير بشري يري أو لا يري فيها ثبوتا ويقرنها مع المساواة بما يصل إليه عقله ويرهن الإعتراف بإعجازية كلام الله تعالى بما تظهره نتيجة المقارنة
إضافة إلى افتقاد هذا الزعم العلمانى لأدنى منطق .. فما دمت قد سلمت لله بالوحدانية والقدرة فكيف تنكر أن يأتى القرآن ـ وهو كلامه المنزل المحفوظ والمعجز بنصه ـ منزها عن القصور .. ؟!
وبالتأمل والتدبر فى كافة أشكال الخلق .. هل يمكن لبشري أن يستخرج عيبا واحدا شيئ أبدعه الله عز وجل .. ؟!
النظام المفرط الدقة للسموات والأرض من سحيق السنوات حتى نهاية الحياة فيه .. هل يمكننا القول بقصور مسه مجرد مس ؟!
والخلية البشرية التى لا تتعدى 3% من المليمتر بنظامها البالغ التعقيد هل تمكن الإنسان من استخراج شبهة قصور فى نظامها .. والأهم من ذلك أن ذات الخلية بحجمها البالغ الصغر خُـلقت بقدرة إنتاج مائتى ألف نوع من البروتينيات يعجز الإنسان عن إنتاجها فى أكبر وأعقد المصانع ..
والتفرد النوعى الذى يحكم كل نوع من المخلوقات بل يحكم كل جنس فى نفس الفصيلة فلا يمكننا أن نجد بشريا يماثل آخر حتى فى التوائم السيامية المتطابقة .. يظل لكل بشري شخصيته المنفرده خلقا وخليقة وهو ما كشفته العلوم الحديثة من انفراد كل بشري بعدد هائل من البصمات الشخصية .. بصمة للإصبع وبصمة للكف وأخرى للأذن وبصمة للصوت وبصمة جينية وأخرى وراثية وبصمة للقزحية بالعين وبصمة للشفتين .. وهلم جرا
يقول تعالى ..
" هذا صنع الله فأرونى ماذا خلق الذين من دونه "
تحد مطلق فى إحكام الخلق واستحالة محاكاته وكشف سره على مدى الزمن ..
إضافة إلى ما توصل إليه العلماء فى نهاية القرن العشرين وأعلنه رئيس الولايات المتحدة السابق بيل كلينتون على العالم عندما اكتشف العلماء " الجينيوم البشري " الذى أكد على خصوصية كل بشري فى المطلق وهو كما شرحه كلينتون وتحدث عنه الدكتور مصطفي محمود فوصفه
بأنه ( هذا ( الجينيوم ) الذي يتألف من ثلاثة مليارات حرف كيميائي و هو ما يملأ خمسة ملايين صفحة مدونة و كل هذا في حيز صغير متناهي الصغر في نواة الخلية ( بضعة أجزاء من المللي ) تحتوي على مقدرات هذا المخلوق الإنساني و صفاته البدنية و حظه من الصحة و المرض و القوة و الضعف و مواهبه و ملكاته و ما سيجري عليه من أحوال.. و كل هذا مدون بالتفصيل في مخطوطة شاملة لا تكاد ترى إلا بميكرسكوب إلكتروني.. معلومات تملأ خمسة ملايين صفحة في حيز متناه في الدقة لا يُرى )
كل هذا فى كمال مطلق بديع متفرد بالرغم من اتفاق كل المخلوقات فى نظم الحياة وأجهزتها !
حتى يخرس من قالوا عن تفسير آية الأرحام " ويعلم ما في الأرحام " أنها أضحت غير مطابقة بعد أن تمكنت الأشعة من كشف جنس الوليد قبل ولادته بخمسة أشهر .. فأين هم من معرفة تلك المعلومات الخرافية المدونة بشفرتها الخاصة بأعماق كل بشري ؟!
فإن كان هذا ما أقررتم به ليل نهار وكشفته علومكم واعترفتم أن الخلق فى نظامه وتكوينه ليس به أدنى شبهة من قصور
فلماذا تستثنون القرآن من صفة الكمال المطلق ما دمتم مؤمنين بأنه كلام الله عز وجل ؟!

مع أنكم فى إطار المعارف البشرية تنكرون بشدة على أى عاِلم أن يصدر كتابا به خطأ علمى فى تخصصه باعتبار أن درجة تخصصه أكبر من هذا الخطأ .. نفس الأمر تعيبون به على أى مبدع فى أى مجال من مجالات الإبداع إذا قدم عملا لا يتناسب مع مستواه الثابت ويقل عنه .. فيكون الإنكار الطبيعى أنه من غير المقبول أن يكون هذا العمل الضحل من مبدع محترف !
فإن كان هذا بمقاييس البشر .. فكيف بربهم إذا ؟! ..
هل يُعقل أن يكون كلامه الموصوف بالكمال والإعجازية التامة به تناقضات واختلافات مع نص القرآن الصريح
(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)
وهى آية كاشفة عن مضمون تماسك البناء القرآنى من أول آياته لآخرها فى تنسيق بديع كشفته العلوم التى تأملت فى الآيات وغابت عن مغيبي الإدراك بالإضافة إلى أن القرآن نزل متحديا من عند الله بحقائق ستكتشف مستقبلا بالتتابع إلى يوم الدين وإلا لما أشارت الآية إلى أن القرآن لو كان من غير الله لظهر الإختلاف الكبير على مر الزمن بظهور التناقضات التى ستكتشفها العلوم بالتطور
ولذا فمن المستحيل أن يكون القرآن بكل اكتماله نازلا من غير الله لأنه لا طاقة لمخلوق أن يتحدى فى مجمل الزمن القادم منذ أربعة عشر قرنا وحتى يوم القيامة بثبات الآيات وتوقعها لكل ما سيجينيه البشر وما يزيد إضافة إلى الجزم بعدم القدرة على محاكاته فى الشكل والإحكام فكيف يمكن القول بالتحدى من رب العزة لجميع مخلوقاته متعلقٌ فقط بالإعجاز البلاغى الذى تحاولون حصر القرآن فى حدوده .. بينما إقراركم نفسه بأن القرآن الكريم معجز بلاغيا يقف عائقا أمام إنكاركم لبقية صنوف إعجازه !
يقول تعالى
( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا ) .....
لأن الإعجاز البلاغى لا يعنى براعة التعبير اللفظى فقط بل يعنى أولا الدقة المطلقة فى التعبير ومطابقته لواقع ما يقول به .. وإلا لما استقام التحدى بالإتيان بمجرد آية منفردة .. فلمَ يقول الله تعالى أنه نزل الكتاب بلا عوج وهو مؤد لمعنى لا يستقيم مع الواقع ؟!
وكيف تتحقق تلك الدقة ما دام القرآن مناقضا لحقائق تظنونها ثبتت فى مواجهة القرآن ؟! وكيف يستقيم الإيمان بتلك الدقة البالغة مع وجود الآيات الصريحة التى تتحدث عن شمول الإعجاز القرآنى وتعبر عنه .. وتقطع بأن القرآن الكريم لا ريب فيه

(ألم .. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين )
فلا معنى للإعجاز اللغوى فى التعبير الدقيق إذا ؟! .. ما دام مخالفا للواقع العملى إلا لو ظننتم أن القرآن معجز لغويا فى موسيقاه وكلماته وتعاملتم معه باعتباره عملا فنيا للمتعة والتأمل فقط ؟!
يقول تعالى
( صُنع الله الذي أتقن كل شيء )
فهل استثنى القرآن ـ وهو عنوان ومرجع حكمته فى الخلق ـ من الإتقان المطلق الذى انصرف إلى سائر آياته وخلقه سبحانه وتعالى ؟!
هل يمكن للمنكرين أن يقبلوا بهذا المنطق مع علماء البشر .. هل يمكن اعتبار كتب العلماء والمفكرين ـ وهى مراجع علمهم ووسيلتها فى الوصول للناس ـ كتب قاصرة عن تأديه فكر وعبقرية من سجلوا هم بأنفسهم عبقرياتهم بها ؟!
هل يمكن أن تحكموا لمؤلف أو عالم بالعبقرية فى عقله وتنكرون العبقرية فى سجله المكتوب والذى يعد الدليل والنافذة لتلك العبقرية ؟!
وفى شأن الزعم بأن القرآن الكريم نزل دالا على الأخلاق و المبادئ والعبادات فقط ..
فما هو مغزى التحدى به أمام البشر والجن والخلائق جميعا ما دام كتابا مقننا لأخلاق ومبادئ كشفها المفسرون فى وقتها .. ما المغزى خلف قوله تعالى
( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا )
هل سيعجز الإنس والجن مع اجتماعهم وتظاهرهم وتعاونهم عن محاكاة كتاب للأخلاق والعبادات والمثل ؟!
وقوله
( فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ )
هل يستقيم التحدى السافر بهذا الشكل من رب العزة فى معرض كتاب غير معجز بكل صنوف الإعجاز ..
إن القائل بهذا لم يفتح سورة من القرآن الكريم فى مطلق عمره بدون شك .. وإلا فكيف غفل عن الآيات الكونية والعلمية والغيبية فى القرآن الكريم وهى ملئ السمع والبصر ومنها كأمثلة بسيطة

( ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ(13)ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ
عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ )................

( وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ ) .......

(وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ)

فما علاقة تلك الآيات الكريمات وما يماثلها فى القرآن الكريم بالأخلاق والعبادات والأوامر والنواهى .. ؟!
وما الهدف من وجود عشرات الآيات الداعية إلى التفكر والتدبر فى معانيه ـ وبمعانى الفعل المضارع والأمر الدال على المستقبل ـ ما دامت الأخلاق والمبادئ كُشفت من قديم .. !
" أفلا يتدبرون القرآن .. أم على قلوب أقفالها "
لا أخالكم تظنون التدبر هنا دعوة لإبتكار أخلاق جديدة ومبادئ تتنوع بتنوع الفصول !
بَـيْد أنه من المستحيل على مغلقي العقول والقلوب ـ كما أفادت الآية ـ إدراك ذلك لأن آيات الله عز وجل لا تُـكشف لأحد ـ للإطمئنان ـ إلا بشرط الإيمان والإقرار المسبق لله عز وجل وبيقين لا يختل كما سنرى

 
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

لمن تُـهدى آيات الله ومعجزات قرآنه العزيز ؟

غفل المنتقدون لوجود الإعجاز العلمى فى القرآن عن الهدف والحكمة من الإعجاز الشامل للقرآن الكريم فى نقطتين ..
الأولى

وهى الأهم .. أن آيات الإعجاز تظهر لجميع الخلق لكنها تتفرع فى التأثير والبيان باختلاف الفئة الناظرة إليها كما سنرى
والثانية
عندما ظنوا أو اتهموا أننا قائلون باعتبار القرآن مرجعا للعلوم وهو قول ننزه أنفسنا منه لأنه ينزل بالقرآن لمفردات منطق البشر ..
والقول باعتباره مرجعا للعلوم محاولة تسطيح لقضية الإعجاز أو لخلق تناقض بين العلم المتغير واليقين الثابت بالقرآن وهى قولة الحق التى أُريد بها الباطل كما سنرى فى تفصيل هذا العنصر

فبالنسبة للنقطة الأولى وهى ظهور آيات الإعجاز للجميع واختلاف النظرة إليها

فالقرآن مرجع للإيمان وتطبيقه فليس الإيمان ـ كما عرفه الرسول عليه الصلاة والسلام ـ
ما وقر بالقلب وفقط بل يلزم له تصديق العمل كشرط أساسي ولهذا فهدف الإعجاز هنا زيادة إيمان القلب وتثبيته بالإضافة إلى كشف بعض خوافي الحياة من حولنا بالتدبر فى آيات الله الكريمة
لمن آمنوا .. تزيدهم إيمانا .. ولمن كفروا تصديقا للتحدى القائم بالقرآن منذ نزل فمن شاء آمن ومن شاء كفر
والفئات التى فى قلوبها مرض فتلك يزيدها الله مرضا ..
وهم أولئك الذين أخضعوا آيات الإعجاز لمقياس الإختبار والموازنة وكأنى بهم يبحثون عن الإثبات أولا قبل أن يقولوا بالإعجاز رغم انتمائهم لعقيدة الإسلام التى يمثل القرآن فيها حجر الزاوية ويُخضعون فرائد الإعجاز للنقد والمناقشة مع أسبقية التشكك والإنكار باعتبار أن فكرهم قائم على اعتبار الدين الاسلامى عقيدة لها مجالها المحصور فى نطاق العبادة وفقط أما بقية شأن الدنيا فللعقل حُكمه الحر فيها !
وتلك الفئة من المستحيل أن توقن بآيات الإعجاز حتى لو نطقت عيونهم بتصديقها وذلك تنفيذا لوعد الله فى القرآن الكريم عندما أشارت آيات القرآن العزيز صراحةً إلى أن هدى القرآن للمتقين وحدهم الذين يؤمنون بالغيب ويوقنون بتنزيه القرآن عن شبهة القصور وذلك فى أكثر من موضع .. بينت فى تفصيل الإختلاف بين الفئات الثلاث
تأتى الآية الكريمة من سورة الأعراف فتبين بوضوح أشد باستحالة هداية من يتكبر .. إلى هدى الآيات الإلهية
يقول تعالى
" سأصرف عن آياتى الذين يتكبرون فى الأرض بغير الحق

والآية قطعية الوضوح ودلالتها بالغة الدقة باختيار الله سبحانه للفظ " آياتى " وكأنها تتحدث عما نتحدث عنه اليوم من أن الله عز وجل سيصرف عن آياته ومعجزاته الذين يتكبرون ويجعلون من آيات الله مجالا للإختبار أو التشكيك أو التساؤل .. فإن نجح صدقوا وإن فشل كذَبوا !
ولذلك ..
وإذا عدنا للدقة المطلقة فى الآية الكريمة السابقة سنجد أن الله تعالى استخدم تعبير " سأصرف عن آياتى " ولم يستخدم تعبير " سأحجب آياتى "
بمعنى أن الآيات الموجودة والفاعلة والظاهرة لن يختل بها هذا الظهور بل سيكون الإختلال عند الـمُستقبل المختل الإدراك بصرفه عن رؤية هذا الوضوح
كما لو أن الآية الإعجازية تكون مشهدا قائما فمن الناس من يراها واضحة نظرا لوجود العافية فى بصره .. ومنهم من يراها مشوشة نظرا رمد فى بصره يدفعه للتشكك .. ومنهم من لا يدركها نظرا لكَفٍ فى بصره
نخلص من هذا إلى حقيقة فلسفية بسيطة وهى أن وجود وظهور الآيات الاعجازية شيئ .. والإعتراف والتأثر بها شيئ آخر تماما ..
فالآيات الإعجازية بكلتا حالتيها حال ظهورها علميا ومطابقتها بالقرآن أو حال اكتشافها عن طريق التدبر والتفكر بالقرآن وبالنسبة للجميع سواء موقنين أو مرتابين أو ملحدين هى ظاهرة وواضحة .. أما الإختلاف الذى تحدثنا عنه ورأيناه واضحا وقطعيا بآيات القرآن العزيز .. هو إدراك حكمة الخالق فى تلك الآية الظاهرة ..
وهو الشيئ الذى يختلف بإختلاف ردة فعل العين إزاء هذا الظهور المعجز ففي حالة اليقين المسبق ينصرف المؤمن إلى عين اليقين بعد حق اليقين .. وفى حالة المتكبر لا تزده الرؤية البرهانية إلا تكبرا ومكابرة ومحاولة لتثبيت وجهة نظره بالتصديق أو بالتكذيب .. وبالنسبة للملحدين فيختلف التأثير حسب أعماق كل منهم وما بها فمنهم من يشهد لله مؤمنا موقنا وقد رأى رسول ربه فى آياته برهانا قاطعا ومنهم من ينصرف عنه
ويمكننا تفصيل الفئات الثلاث كالتالى

الفئة الاولى / المؤمنون الموقنون لهم آيات الإعجاز هداية

يقول عز وجل
( وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون )
فالآية الكريمة صريحة فى الإشارة إلى وجوب توافر اليقين المسبق والثقة المطلقة بالله عز وجل ليتوافر الإدراك بما يكشفه الله تعالى من آياته لأن الله سبحانه وتعالى أجَل وأعلى من أن يقبل الخضوع لإختبارات البشر لأنه الغنى العزيز عن ذلك
فالهدف من رؤية إعجازية القرآن ـ بالنسبة للمؤمنين ـ ليس الفخر بذلك وليس للتيقن من وجود الله أو التثبت من أن القرآن قد نزل محكما من عنده ..
يقول تعالى
( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين )

أى أنه كان للتأمل الإيمانى لزيادة الإيمان عند من يملكه فعلا .. فيصبح علم اليقين هو عين اليقين ولذا يلزم لإطمئنان العين استقرار إيمان القلب أولا وإلا استحال الوصول للإدراك ..
ولنتأمل العتاب الربانى البالغ الرقة الممزوج بالنصح الإلهى للمؤمنين ألا يكونوا كأهل الكتاب طال عليهم الأمد فقست القلوب وعمت عن إدراك الحق وهم أول العارفين به
يقول تعالى
( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ )
من هذا الذى يتمالك نفسه أمام هذا العتاب المباشر من رب العزة سبحانه والنصح القاطع المشفق على عباده المؤمنين أن يكون الحق بينهم ولا يتمسكون به موقنين ..
فالإيمان هو مبدأ الطريق لزيادة استقرار الهداية بآيات الله عز وجل ,,
فعندما سأل سيدنا ابراهيم عليه السلام ربه أن يريه كيف يحيي الموتى بادره الله عز وجل بالسؤال والتثبت من إيمانه فأجابه إبراهيم عليه السلام أن الإيمان واقرٌ بالقلب والسؤال لإطمئنان العين فقط كما فسره المفسرون وكما تروى الآيات الكريمة هذا الموقف بقولها

( َ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )

وبالتأمل فى الآية الكريمة السابقة نكتشف أن الإيمان المسبق كان شرط البيان من الله عز وجل ولو لم يجب إبراهيم عليه السلام بالإيجاب لما كشف الله له وأجابه إلى طلبه مطلقا لأنه وكما سبق القول هو الأعز الأحكم المنزه المستغنى عن اختبارات وشكوك عباده
ولو دققنا فى خاتمة الآية سنجد أن الله تعالى فى محكم بيانه قد ختم الآية بقوله " واعلم أن الله عزيز حكيم " وهو إخبار وتنويه بالعزة المطلقة لله تعالى فى خطابه لإبراهيم عليه السلام تحمل ما معناه " أننا أجبناك إلى طلبك لتطمئن ونحن فى عزة وغنى عن ذلك "
يقول عز وجل
" والذين آمنوا زادهم هدى " .....
فما أبعدنا عن آيات الله عز وجل ووضوحها
واليقين المطلق الذى لم يهتز ولم يتذبذب كان هو المعيار الذى رجح به الصديق أبا بكر سائر صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام وتقدم عليهم بالفضل واستحق أن يكون ثانى اثنين إذ هما فى الغار وبهذا الشأن قال رسول الله عليه الصلاة والسلام
( ما من أحد دعوته إلا وكانت له كبوة إلا أبا بكر فإنه لم يتلعثم )
وقال أيضا
" لو وزن إيمان أمتى بايمان أبي بكر لرجح إيمان أبو بكر "
وقال أيضا
" لا يفضلكم أبو بكر بصلاة أو صيام ولكن بسر وقر فى قلبه "
وموقفه المشهود عندما أُسري بالنبي عليه الصلاة والسلام وكذَبه وتلجلج فى الأمر حتى الرجل الذى كان مجيرا له اما أبا بكر ..
فقد صدح بالإيمان المطلق كما تروى أحداث الواقعة كالتالى
وقالوا له .. أسمعت ما يقول صاحبك؟ قال: وما يقول؟
قالوا:
يزعم أنه أسرى به إلى بيت المقدس ورجع من ليلته!!
فقال رضي الله عنه
إن كان قال ذلك فقد صدق والله إنه ليخبرني أن الخبر يأتيه من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه فكيف لا أصدقه في ذلك؟

وتأملوا العبارة يا أهل الفكر " إن كان قال فقد صدق .. "
دون ذرة واحدة من التردد وأمام قول من أقوال الرسول عليه الصلاة والسلام لا كما يفعلون اليوم أمام آيات بالغة الوضوح بالقرآن الكريم ذاته
وينضم إلى فئة الموقنين المؤمنين من أراد الله بهم خيرا من غير المسلمين فوصلوا للحق عن طريق استقبال الإشارة الربانية على جانبها الإيجابي بخلاف القسم الثانى من نفس الفئة والذين رأوا الآيات بأعينهم وطرقهم فما زادهم هذا إلا كفرا .. فما من بشري على وجه الأرض إلا ويتلقي تلك الإشارة فى مدى عمره ومن آية إلهية تناسب حياته لكى لا يدعى على الله ظلما يوم القيامة أنه وُلد فى مجتمع كافر ولم يكن لديه ما يشير إليه بخالق أو بإسلام
وهم الذين نجد وصفهم فى القرآن العزيز بأولى الألباب الذين تفكروا فى خلق السموات والأرض فكان التعبير التلقائي المنبهر " ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك .. " يتبعه الشعور الجارف بالخشية فيكون الإستطراد " فقنا عذاب النار "
يقول تعالى ..
‏( ‏إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب‏*‏ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) .........

ومن أمثلة الموقنين الذين أسلموا لله عز وجل عقب إدراكهم للعظمة الربانية فى آيات إعجازه .. ملايين الأمثلة منذ عصور الاسلام الأولى لدى الموقنين والمستجيبين من غير المسلمين ومن أقطار لم تعرف ولم تدرك وما زالت تتكرر حتى الآن
فبمطالعة التاريخ الاسلامى نجد أن غزوة اليرموك قد احتوت على صور متعددة من صور الإشارة الهادية لواحد من قواد الجيش الرومانى نفسه إضافة على احتوائها لصور إعجاز الله تعالى بشكل أوضح من أن يُوَضح ..
والقصة ـ كما ينقلها بقلمه الفاتن كاتبنا الكبير خالد محمد خالد ـ بدأت عندما كانت جيوش الخلافة الإسلامية تدك حصون الرومان والفرس الإمبراطوريتان العظميان فى ذلك اليوم وتخوض القتال مع الدولتين فى ذات الوقت وفى أكثر من سبع جبهات كاملة بقيادة كبار القواد فتولى أمر جبهات الفرس المثنى بن حارثة وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد فى بدايات فتح فارس .. ثم تولى الجبهات الرومانية عمرو بن العاص وأبي عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان ثم خالد بن الوليد بعد تركه القيادة للمثنى بن حارثة بالعراق ثم معاوية بين أبي سفيان
وكان الفرس قد توالت هزائمهم أمام الجيوش الإسلامية الفقيرة عدة وعدة الممتلئة بالعقيدة عزما ومضاء .. وبشكل جعل قلوب الرومان تنخلع رعبا بكل تاريخهم العريق وخبراتهم العريضة بالقتال .. فتردد الإمبراطور الرومانى فى خوض الحرب بالشام لكن وزراءه بالغوا فى التصميم على إنهاء الدولة الاسلامية الفتية ذاتها وليس مجرد ردها عن حدودهم .. فأشاروا على الإمبراطور بتوحيد الجيوش الرومانية وقوادها تحت لواء واحد عقدوه لأعظم قوادهم " ماهان " ..
وبلغت الأنباء الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه من قواده القلقين بالشام فلم يزد أن قال لمن حوله " والله لأشفين وساوسهم بخالد " وأصدر أوامره لأعظم القواد العسكريين فى التاريخ " خالد بن الوليد " بترك الجبهة الفارسية وسرعة الإنطلاق لقيادة الجيوش العربية التى توحدت فى انتظاره بالشام لمواجهة جيش الروم العملاق والذى بلغ زهاء مائتى وأربعين ألف مقاتل مع دعم واحتياطى استراتيجى يبلغ نفس العدد تقريبا إضافة إلى عدة وعتاد ومؤن تكفي ضعف الجيش مع أسلحة ـ فى عصرها ـ كانت أسلحة القوة الغاشمة
وفى الشام عقب وصول خالد بن الوليد رضي الله عنه اجتمع مع قواد المسلمين الذى اتحدوا فى انتظاره وبدأ حديثه بتعديل قرار الخليفة الذى جعله قائدا للجيوش الموحدة وأشار على رفاق السلاح بتبادل موقع الإمارة كل يوم بحيث يتسيدها الجميع .. وتلك الفلسفة المعجزة من بن الوليد كان لها مفعول السحر لإبطال أى فتنة تلوح ولو من بعيد بأذهان القواد المقاتلين
وقام خالد بعدها بتقسيم جيشه إلى فرق منتظمة ثم قسم نفس الفرق إلى كتائب وجعل منها كتائب فدائية للعمليات المستحيلة قوام الكتيبة الواحدة منها لا يتعدى مائة فرد فى جيش المسلمين الذين لم يبلغ أكثر من عشرين ألف مقاتل أى ما لا يجاوز 4 % من جيش الروم خلافا للفارق العتادى والنوعى بالأسلحة الغير متصور ..
ووضع خالد خطته الحربية للمعركة بشكل دقيق كان سيثير ذهول الروم لو أدركوه قبل المعركة لأنه استفاد من تجارب الحرب مع الفرس وأيقن أن مبادئهم واحدة فى استراتيجية القتال فتوقع ـ إلى حد التطابق ـ كل انسحاب وكل خطوة وكل هجوم فعله الروم حتى قيل فى ذلك الوقت أنه لو توقع عدد ضربات السيوف لما خاب فى ذلك ..!
وجعل للنساء الملحقين بكتائب الجيش دورا حربيا لأول مرة حيث أسلمهن السيوف وطالبهم بالوقوف فى مؤخرة الجيش مع أمر صارم بقتل كل من تسول له نفسه الهرب أثناء المعركة وشدد أكثر من مرة على هذا ليقينه الثابت منذ أربعة عشر قرنا أن انسحاب جندى واحد من معركة يعود بالسلب على الروح المعنوية لسائر الجيش
وبدأت الجولة الأولى للمعركة وتساقط الروم كالذباب بالرغم من كل براعتهم وقوتهم وأساطيرهم التى ملأت كتب تاريخهم ولا زالوا يفاخرون بها حتى اليوم بأوربا على الرغم من الزمن السحيق قبل الميلاد الذى شهد تلك الوقائع عن حضارة الرومان والإغريق ..
ولا زالت الأساطير التى تحكمها الخرافة تسيطر على العقول الأوربية فى شأن تاريخهم العتيق وهو ما نراه فاعلا فى إنتاج الأفلام السينمائية عن تلك المرحلة بشكل متجدد وكان آخر تلك الأفلام ـ فيلم مائتى مقاتل ـ الذى يحكى عن قائد جيش اسبرطة القديمة الذى تمكن من وقف زحف الفرس على مدينته بمائتى مقاتل قُـتلوا جميعا بعد صمود لأيام لتخرج اسبرطة بجيش قدره عشرة آلاف مقاتل ..
ولا زالت أساطيرهم تروى عن هرقل " هيركليز " وأخيل " أخيليس "وفوارسهم الذين ملئوا العالم رعبا وكل تلك الأقاصيص التى اتسمت بمبالغات رهيبة عن قوة إلهية تسكن أجساد هرقل من أثر والده كبير الآلهة ليتصدى لمؤامرات زوجة أبيه " هيرا " .. وأخيل الذى اكتسب قوته من أثر غمس أمه له بالنهر المقدس وكانت تمسك به من كعبه فكان هذا الكعب هو نقطة ضعفه الوحيدة والتى قتله أعداؤه من خلالها !
ـ تلك الأساطير التى يتمسكون بها بعنف بالغ واعتزاز شديد .. لسنا ندرى أين هى عندما نريد أن نفعل نفس الشيئ ونتمسك بتاريخنا فإذا بالمغيبيين فى أوطاننا يتهموننا بالغرق فى أوهام التاريخ بينما نفس الفعل مع الغرب يعدونه تذكارا بفضل الحضارة .. ولله فى خلقه شئون ..! ـ

فأين أساطير الغرب الخيالية تلك من أساطيرنا الحقيقية والتى رواها تاريخهم ذاته قبل تاريخنا عن خالد بن الوليد القائد العسكرى الذى لم يُهزم قط طيلة عمره ولم يخسر معركة سواء مواجهة فردية أو جماعية .. هذا القائد الذى نقل لنا التاريخ الأوربي مقولة تكفينا عنه فخرا فقد قال المؤرخون الغربيون " لم يخلق فارسٌ كخالد بن الوليد كى يقاتل فى البدوية لأجل الإبل والضأن بل كان قائدا ملهما حقيقيا "
وهو نفس القائد الذى أثار انبهار الجيش الرومانى كله من وقائع موقعة اليرموك والتى شهدت أعاجيب الفدائية الإسلامية وأثر ما تصنعه العقيدة بأعماقهم فقد شهد الروم حوار عكرمة بن هشام والذى وقف مناديا فى صحبه " هل لكم حاجة عند رسول الله فإنى قد عزمت على الشهادة " ..
فصاح به أحدهم " أبلغه منا السلام وقل له أننا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا "
وانطلق عكرمة وبعض رفاقه إلى صفوف الروم واخترقوها مجندلين أضعاف عددهم قبل أن ينالوا الشهادة من رب العالمين .. كما شهد الروم كتيبة الصاعقة التى بلغ قوامها مائة قاتل وقادها خالد بنفسه إلى للإنقضاض على ميسرة الروم والتى بلغ عددها أربعين ألف مقاتل فأفنوا منها من أفنوا وفر الباقي لتتصدع ميسرة الجيش الرومانى كله وتنتهى ..!
كل هذا القتال وكل تلك العقيدة أثارت شتى المشاعر فى أعماق الروم فمنهم من زادتهم حقدا ومنهم من لفتت نظره إلى شيئ آخر وهو يشاهد قائدا بدويا مثل خالد لم يمارس القتال المنظم ولم ينشأ فى كتائب العسكرية ومع ذلك أعطاهم دروسا وابتكارات عجزت مداركهم عن متابعتها فى فن التخطيط وهم يرون أصحابه ينادونه بسيف الله فقام واحد من قواد الروم وهو " جرجه الرومانى " ووقف فى أرض الحياد أثناء إحدى فترات الراحة داعيا خالد لحواره .. فذهب إليه خالد فوجده يقول له " اصدقنى القول ـ فالحر لا يكذب ـ يا قائد المسلمين هل أنزل عليكم ربكم سيفا من السماء فأعطاه لك فبه تقاتل ؟! "
( وهى نفس نظرية عقار الشجاعة التى فتكت بعقول الاسرائيليين فى أكتوبر ! )
فهز خالد راسه نافيا .. وقال " إنما بعث الله رسولا منا إلينا فمنا من كذَبه ومنا من صدقه وكنت فيمن كذبوه حتى أخذ الله بقلوبنا إلى الإسلام وهدانا للرسول عليه الصلاة والسلام فبايعناه فقال لى أنت سيف من سيوف الله فبذلك سمُيت "
فواصل جرجه أسئلته عن الإسلام وعقيدته ثم تساءل " هل يكون لمن يسلم اليوم نفس المثوبة والأجر .. ؟!"
فقال خالد " بل له أكثر .. لأننا عشنا وشاهدنا معجزات الله تعالى فى رسوله الكريم بينما غيرنا آمن به ولم ير ما رأينا .. "

فطلب جرجه من خالد أن يعلمه الإسلام .. وبالفعل قام خالد إلى صاحبه الرومانى فعلمه وتوضأ جرجه وصلي ركعتين فقط هما كل ما صلاه فى حياته لأنه انضم للمسلمين بعد ذلك واستشهد فى الجولة التالية لإسلامه مباشرة !
وضرب المثل بمسلم تابعى سابق فى الإيمان ورتبته التى تلت إسلامه مباشرة ثم احسانه الذى تلى إيمانه فى نفس الوقت و أنزله مرتبة الشهداء الأُول بعد ركعتين فقط فى كامل حياته ..
فهل كان السبب فى تفوق العرب هنا وتكوينهم لدولتهم تلك فى فترة مثل فترة تكوين الدولة الاسلامية .. أمور تعتمد على المقاييس الدنيوية .. ومنجزات الإنسان كما نسمعها اليوم .. !
بالطبع لا ..
وإلا لوقفنا فى حيرة أمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ـ بكل ما اشتهر عنه من صلابة ـ وكان قبل اسلامه متأثرا بثقافة قومه التى كانت تُـعد حلفاء فارس والروم من قبيل الجيوش القاهرة فما بالكم بالروم وفارس ذاتها !
فقد كان العربي إذا أُوقظ من نومه فجأة يهتف فى من أيقظه منزعجا .. " ماذا حدث .. هل هجمت غسان ؟! " ..
فأين تلك الثقافة وما شابهها من ثقافات العداء والتناحر بين القبائل العربية المختلفة قبل الإسلام .. من تأثير الإسلام وعقيدته والتى خلقت من العرب قوة عظمى خارقة .. تمكنت من دحر أساطير الدول التى لها فى عمق التاريخ آلاف السنوات من العسكرية والقدرة ..
وهل يمكن القول بأن العرب تجمعت هنا بمنجزات بشرية .. وأنهم لولا تفرقهم هذا لأصبحوا قوة عظمى لصبرهم وجلدهم على القتال؟
كلا بالطبع
والا لوقفنا بلا تفسير أمام حروب الردة التى واجهها أبو بكر الصديق خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد تنوعت جيوش الفتنة بآلاف مؤلفة فى شتى أنحاء الجزيرة العربية وكان المقاتلون عرب أشداء .. بل وكان أخطرهم مسيلمة الكذاب الذى تمكن من حشد ضعف ما حشد خالد بن الوليد لحربه ..
ومع ذلك اندحرت جيوشه وجيوش الفتنة كلها بالرغم من أنها كانت جيوشا متعددة فى مواجهة جيش المسلمين الذى تم تقسيمه بعدد الجبهات التى تفجرت
فكيف يمكن القول بأن العقيدة ينحصر دورها فى فترات عبادة وفقط ..؟!
وكيف يمكن القول بأن الإسلام ليس هو المرجع الرئيسي بل والوحيد للحضارة الاسلامية بأكملها ؟!
وكيف لا يمكن إدراك التعبير القرآنى الواصف لحال هؤلاء الأفذاذ الذين بلغوا القمة فى كل شيئ وهم يرددون
( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) .....
وأيضا تلك الحكاية التى يرويها لنا التراث العربي فى أكثر من موضع ـ منها المستطرف للأبشيهى ـ عن إحدى الجوارى الغربيات والتى كانت لأحد أئمة المسلمين فى العصر العباسي وكانت رومية لا تحسن من القرآن حرفا واحدا ففوجئ بها سيدها وقد أتت إليه مستيقظة من نومها فزعة تستنجد به قائلة " يا مولاى علمنى فاتحة الكتاب .. "
فذهل الإمام لطلبها الغريب وجلس يستفسر منها فقصت عليه حُلمها الذى استيقظت منه توا وكيف أنها رأت كأنه يوم القيامة والناس وقوفٌ صفا أمام الجنة يستعدون للدخول وهى من بينهم تتابع الحاجب الذى استمع من كل وافد إلى سورة الفاتحة كشرط لدخوله فلما جاءت سألها فأجابت بأنها لا تحفظ فاتحة الكتاب فقال لها لا يدخل الجنة إلا من حفظها .. فاستيقظت باكية تطلب للإمام تعليمها ..
فتمالك الإمام نفسه وعلمها الفاتحة حتى أتقنتها وما إن تمكنت من قراءتها كاملة حتى انتفضت وصعدت روحها إلى بارئها !

وفى العصر الحديث ظهرت الإشارة لمختلف البشر وتنوعت النتيجة بين المؤمنين والكافرين ..
ولعل من أوجه الغرابة الحقيقية والتى تشي بعظمة هذا الدين القيَم وعظمة كتابه ما حدث من تشويه رهيب ومرَََََكز على الإسلام والمسلمين ووصْمِهم بالإرهاب عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 م بالولايات المتحدة ونظرا لقوة الضربة التى نالت من الولايات المتحدة نفسها لأول مرة فى تاريخها القصير وهى التى لم تشهد تخريبا حتى أثناء الحرب العالمية الثانية .. كان من الطبيعى مع حملات التشويه أن يزداد فضول المواطن الغربي للتعرف على تلك العقيدة التى نفذ معتنقوها ـ كما يتصورون ـ مثل هذا الحادث الرهيب ..
فماذا كانت النتيجة ؟!
جاءت النتيجة مذهلة ومؤكدة على غياب الوعى عنا نحن أصحاب البادئة فى هذا الدين .. فقد انضم نحو مائتى ألف أمريكى للإسلام عقب دراساتهم الموسعة فى الدين والفكر الاسلامى ومعرفته حقا ومع كل حرف قرأه كل واحد منهم لأجل أن يحارب تلك العقيدة .. اكتشفوا أن هذا الدين وهذا الفكر كان أعمق وأغزر مما تخيلوه ولطبيعتهم العملية رفضوا التلقين الإعلامى وازدادوا تعمقا فكانت النتيجة أن أسلم معظمهم لله عز وجل لا سيما وأن ملايين المسلمين بالولايات المتحدة وعددهم الذى يفوق خمسة ملايين مسلم لهم الدور الفاعل هناك فى تبصير وتعليم من يسأل بالحيادية الهادفة للمعلومة
فى نفس الوقت الذى شهدت فيه الأوطان المسلمة أمثال سلمان رشدى المحتمى منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي بأسوار اللجوء السياسي ببريطانيا عقب فضيحة كتابه آيات شيطانية ويشاهدون أمثال فرج فوده ونصر أبو زيد وخالد منتصر ـ وهذا الأخير لا زال فى زمرة المنتظرين المشتاقين للفت نظر السادة فى واشنطن عبر معاركه بالقاهرة داعيا مخلصا أن تستجيب السفارة الأمريكية له فتلفت إلى طواحين الهواء التى يثيرها بغبار حروفه .. وهو أول المكفوفين بهذا الغبار
وأخيرا على سالم المؤلف المسرحى المصري الذى فصله اتحاد الكتاب المصري عقب تصميمه على التطبيع مع إسرائيل ورحلاته المتوالية إلى عاصمتهم .. شاهدناه فى العاصمة الأمريكية واشنطن وقد استقبله اليهود هناك وأفردوا له صفحات أكبر جرائدهم فكتب فى الواشنطن بوست اعتذارا من عربي مسلم متحضر عانى الأمرَين من عروبته وإسلامه وناء ضميره الإنسانى بجريمة قومه فى أحداث 11 سبتمبر فجاء منزها نفسه عن تلك الوصمة التى دمغت بلاده بالإرهاب وتسببت فى ألم للشعب الأمريكى الهادى للحضارة !
ولسنا ندرى لماذا لم يكمل ضِمْنا ويعلن البيت الأبيض بيتا حراما جديدا للمسلمين المتحضرين من أمثاله ؟!
وليس هذا بغريب عليه لأن التاريخ الاسلامى و العربي نقل لنا كلام النبوة الأولى " أنه إن لم تستح فاصنع ما شئت .."

ومن أمثلة الموقنين المستجيبين لهداية آيات الله تعالى وهم زرافات عدة ..
مجموعة العلماء التجريبيين والنظريين والمفكرين الذين قادتهم نظرياتهم ومعاملهم ونظراتهم لمعرفة مدى قدرة الله فى خلقه فأيقنوا أولا بوجود الله .. ثم شاهدوا القرآن نصا صريحا على ما سبق أن اكتشفوه فأعلنوا التقديس للواحد الأحد بالإسلام فكانت علومهم طريقهم للإيمان ومنهم من كانت طريقه لمزيد من عمى البصيرة ولعل أشهر المناظرات التى دارت فى هذا الشأن .. المناظرة الشهيرة التى جمعت الشيخ عبد المجيد الزندانى أمين عام هيئة الإعجاز العلمى السابق بباكستان مع البروفيسور " ج ـ س ـ جورنجى " أستاذ علم الأجنة " الإمبريولوجى " بجامعة جورج تاون الأميريكية .. وكان موضوع المناظرة تحقيق بحث البروفيسور جورنجى حول مراحل خلق الجنين والتى ناظره فها الشيخ عبد المجيد مثبتا مرجعية تلك المراحل للقرآن العزيز وذلك فى إطار فعاليات المؤتمر العالمى الأول للإعجاز العلمى والذى انعقد بمدينة إسلام أباد الباكستانية عام 1987 م
هؤلاء هم المؤمنون حقا .. الموقنون أبدا .. من تتملكهم الخشية والمهابة إذا ذكر اسم الله تعالى .. لأنهم عرفوا جلاله ووحدانيته وعظمته المطلقة .. هؤلاء هم الذين عرفوا للإسلام حقه ولرسوله عليه الصلاة والسلام فضله ولكتابه العزيز معجزاته ومهابته التى تكفيهم شر أنفسهم .. لا كخلفائهم اليوم يتحدثون عنه كما لو كانوا يتحدثون عن مؤلفات موهبة تنتظر منهم الوجود على درب الإحتراف
هؤلاء هم من قال فيهم عز وجل
(التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )
ألا ما اعظمها من بشري .. بشري المؤمنين

 
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

ثانيا / المرتابين من المنافقين .. ومتخذى آيات الله هزوا


يقدم العلمانيون العرب أنفسهم على أنهم من العقلانيين الذين يتزيون بزى الواقع داعين الناس إلى هجر العقائد إلا فيما يخص مجالها الوحيد وهو العبادات المفترضة لكل عقيدة .. على اعتبار إن التمسك بتدخل الدين فى كل كبيرة وصغيرة أمرٌ لم يعد يناسب التقدم التكنولوجى والفكرى للإنسان وهذا بالطبع يتضح من كتاباتهم التى تصر وتردد على أنهم مسلمون ومؤمنون ولكنهم توصلوا لحقيقة دور الانسان فى الأرض وهو الدور الذى يجب عدم تهميشه وإهماله بالتمسك بالنصوص الدينية على حساب العقل
ويدعون إلى ترك القرآن لمجاله المفترض لأنه لم ينزل إلا ككتاب أخلاق وعبادة ومبادئ تشريعية عامة ويرون فى نظريات الإعجاز ومشاعل الهداية التنوير محض خرافات تمسك بها القدماء بما ناسب فطرتهم وعصرهم البدائي .. أما الآن فى عصر اختراق الآفاق وشبكات الانترنت وبعد أن أصبح العالم قرية صغيرة فلا مجال للقول بمثل ذلك لكى يتفوق العرب ويستعيدون ريادتهم .. !
وكم هو تناقض صارخ إقرارهم للعرب بريادة سابقة فى ظل الإسلام والفكر الإسلامى وبين دعوتهم الغريبة التى تدمغ العصور السالفة بطابع الخرافة والوهم وقد بينا هذا بإيجاز فيما سبق .. وانطبق عليهم قول الله تعالى
( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ).
بالفعل كما يقول الله عز وجل فى الآية الكريمة السابقة ..
وهى تتحدث عن أكثر الناس خسرانا بأعمالهم وهم الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا !!
فأن تكون كافرا بنعمة الله .. فهذا أمرٌ يمكن قبوله بالرغم من شذوذه ..
أما أن تكفر بآيات الله وأنت تزعم الإيمان به فهذا هو الأمر الذى لا يمكن تفسيره أبدا إلا مع آيات القرآن الكريم والتى أخبرنا فيها الخالق الحكيم أن البشر هم أجهل الخلق وأشدهم كبرا ويكفي أنهم حملوا الأمانة التى رفضتها السموات والأرض من ثقلها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ..
فمع الكبر يدفع الانسان ثمنا باهظا مقابل لا شيئ ..
وإن المرء لتأخذه الدهشة من مسلم موحد يدفعه غروره إلى الإعتماد على عقله وحده دون مرجعية الخالق التى هداه الله إليها بالفعل .. فيكون الضلال الأكيد بطبيعة الحال بعد أن تنازل المرء طواعية عن مرجع جاهز وبه دلائل الحيرة كاملة فتركه الإنسان عامدا عن جهل وخفة عقل ليمضي فى ركاب الضالين الباحثين عن مبرر لوجود الكون دون خالق
وأين هم بكل ثقافاتهم الغربية مما توصل إليه الغرب نفسه ومثَـل انتصارا ساحقا للعقيدة الموحِدة .. فقد ظهرت الدعوات المختلفة من علماء ومفكرى أوربا أنهم حضارة تعيش بنصف مخ فقط .. لأن النصف الأيسر هو المسئول عن الأمور المادية كالكلام والحركات أما النصف الأيمن فهو للعقيدة والتأمل والأمور الفنية ..
وهذا النداء الذى اكتسح العالم الغربي بأكمله لم يقتصر على كونه نداء وفقط بل قامت عشرات الدول المتقدمة بإعادة النظر فى مناهجها التربوية والتعليمية لإعادة تأهيل الأطفال الذين أفسدت عقولهم طرق التعليم المادية البحتة إضافة إلى ظهور عشرات الأحزاب والمنظمات الداعية إلى هجر العالم الأسمنتى واللجوء والعودة الى الطبيعة وقارن المنادون بهذا من الغرب بما عليه حالة الحضارات الشرقية كالإسلامية والصينية وكيف أنها رغم الصعوبات والتخلف التكنولوجى الا أن الطبيعة الإنسانية فيها لم تفسد إلى الدرجة الدنيا التى وصل اليها الغرب فخلقت أجيالا مشوهة نصفها يتمزق نفسيا وينتهى للإنتحار والنصف الآخر يصبح مليئا بالطباع العدوانية حتى فى سن البراءة " راجع التقرير الأمريكى الذى يوضح أن هناك 270 ألف طفل فى السن المتوسطة يحملون الأسلحة النارية "
فهل ينادى هؤلاء بنداءات تراجع عنها أصحابها أنفسهم ؟!
تماما كما فعل الماركسيون العرب عندما تشبثوا بالماركسية وهى الحزب الساقط فى بلاده وبعد أن فتك رعايا الشيوعية الروسية بجثمان " لينين " المحفوظ فى ساحة الكريملين بموسكوا إنتقاما من مذهبه الذى ضيع أمة بأكملها ..
وهل يريدون للعالم الإسلامى الغرق من جديد فى موجة تبعية للحضارة الغربية بعد مائة عام من تلك التبعية فتارة شيوعية وتارة علمانية ورأسمالية حتى وصلت الأوطان العربية إلى درجة التشوه المطلق فلا هى أصبحت تعيش بالنصف الأيسر كالغرب ولا ظلت كما هى بالنصف الأيمن ولولا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ما تمكنت البلاد الإسلامية من إدراك البقية الباقية منها
لكنه الكبر ..
ومع الكبر لا يستنكف الإنسان أن يرد فضل ما فيه من نعمة أو موهبة إلى غيره من البشر فيفخر بكونه تلميذا نجيبا للعلامة فلان أو طالبا أثيرا لدى العبقري علان ويراها اعتزازا وفخرا ..
بينما لا تدعوه البصيرة إلى رد الفضل فى كل شيئ وأى شيئ للخالق الحكيم مع أن الفخر باصطفاء الخالق أشد وأعز ألف مرة من الفخر بغيره .. ورد الفضل إلى الله يزيد الإنسان فخرا بأشد مما لو كان الفضل لنفسه هو .. أوليس فخرا أن يكون الخالق نفسه عز وجل قد اصطفاك بموهبة من عنده ؟!
وكم صدق الله العظيم فى حديثه القدسي الذى يقول فيما معناه
" أنا والإنس والجن فى نبأ عظيم .. أخلق ويـُعبد غيري وأرزق ويُـحمد غيري "
وكم هى حارقة على قلب المسلم كلمات الله عز وجل عندما يتأمل قوله تعالى
" ماذا يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم "
نعم ما الذى يزيد الله تعالى بملكه لو أعطى أو منع .. لو عذب أو غفر .. لكنه الكبر البشري المعهود
ومع الكبر يعلن المنافق أنه مسلم وظهر بزى المسلمين الغيورين على الإسلام من الخرافة .. فإذا به ـ وهو يحسب نفسه محسنٌ صنعا ـ يدمغ القرآن الكريم بطابع الخرافة زاعما أنه يدافع عنه ضد ضلالات الزاعمين بإعجازه .. فيحق عليه وعد الله تعالى فتغلق بصيرته بارتيابه ويحرم الإيمان حتى يرد على الله عز وجل يوم أن يسأل كل قلم عما كتب
والأزمة الكبري ..
أن المتشككين فى إعجاز القرآن الداعين إلى غلق الكتاب الكريم عن تفسيرات الإعجاز غافلون عن حقائق العقيدة الثابتة منذ أيام رسول الله عليه الصلاة والسلام وأبرزها قوله الذى رواه على بن أبي طالب رض الله عنه أنه قال
" ألا إنها ستكون فتنة ، فقلت : ما المخرج منها يا رسول الله ؟
قال : كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم . هو الذي لا يزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه . هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا : { إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به } . من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم . "
أين هم من وعد وتنبيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن القرآن لا يشبع منه العلماء .. والأهم أنه لم يحدد علما ولم يقصر فهما بل عممه وهو الرسول الكريم الذى أوتى جوامع الكلم ..
وأين هم من قوله عليه الصلاة والسلام " لا تنقضي عجائبه " وبالفعل صدقنا الله ورسوله وعده فبرزت الآيات ولا زالت تبرز لكنها صُرفت عن عمى البصائر كما قرر الخالق سبحانه بحكمته
صرفت الآيات رغم جلاء الوضوح عن أولئك الزاعمين بالدفاع عن العقدة وعن كتاب الله .. فان ناصحتهم قالوا بأنهم حيري يتسائلون وليس عليهم جناح فيما يتشككون ..
وبالتالى فأنى لهم التوبة وهم غافلون عما ارتكبوه .. وأين هم من قول الله تعالى فيهم
" كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب .. " ........... "
ويقول تعالى عن كل شرك
( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
لقد غفل المتشككون عن أن ما يثيرونه من ضجة الشكوك مردود عليهم زيادة فى التضليل وإلا فكيف غفلوا عن آيات الله التى تتوعد كل مسرف مرتاب يجادل فى آيات الله ومعجزاته بغير علم أو إدراك أو مطالعة وتأخذه النفس بهواية الجدل فيظن بنفسه السؤال وما أبعد ما قالوه عن السؤال وما أقربه من التشكك والريبة فى ما أنزل الله تعالى وهو القائل
﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾
ولم يقل نزلناه عليك تبيانا للأخلاق وحدها أو للعقائد وحدها أو للعبادات بل قال جازما أنه تبيان لكل شيئ فسبحان الله عما يشركون !
ومع أن آيات الله أشد صراحة فى وضوحها من شمس النهار ومع أن آيات الذكر الحكيم تراها منبئة مخبرة عنهم تحديدا إلا أن إلاعجاز القرآنى يتحقق بوقوع غفلة هؤلاء عن معناها وإشاراتها وانظروا معى قوله تعالى
( إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ )
فهل حسبها هؤلاء أنها آية نزلت فى الكافرين أو المشركين ..
الآية تقرر في وضوح أنها وعيد لمن " لا يؤمن بآيات الله " ولم يقل " من لا يؤمن بالله " فى هذا الموضع لأن من لا يؤمنون بالله لهم مواضع أخرى ويأتى الإستطراد شارحا أن هؤلاء تغلق فى وجوههم طرق الهداية جزاء ما جادلوا وأنكروا وافتروا الكذب على آياته سبحانه
وكما أوضحنا سلفا أن السؤال الذى يأتى متشككا ومنتظرا لنتيجة البحث حول صدق الآية أو صدق العلم القائل بغيرقولها هو متشكك ومرتاب طالما جال بخاطره أن الله تعالى وهو الأعز الأحكم من الممكن أن يحتوى كتابه المحفوظ آية واحدة تشير إلى ضدها حقائق علمية ثابتة .. فالسؤال يجب أن يكون بالإعتزاز والإيمان المسبق بالصدق المطلق للقرآن الكريم وإلا كان الإرتياب والضلال
وفى صلب قضية إنكار الإعجاز العلمى للقرآن والسخرية التى رأيناها فى مقالات المستهزئين بوجوده أو أولئك المعتزين بتلك الشكوك المدافعين عنها والمناقشين إياها بلهجة الواعى البصير المدرك لما لم يدركه سواه من تعارض القرآن مع الحقائق العلمية .. نرى القرآن الكريم متوعدا بجزائهم من الله بوعيد رهيب جزاء هذا الإستهزاء
يقول تعالى
(ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم .. وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) .......
فهنا ومن خلال مخاطبة الآية الكريمة للأفاكين الآثمين نجدها لم تشر إليهم على أنهم من غير المسلمين وحصرت فيهم الوعيد بل أشارت لصفتهم التى من الممكن توافرها فى المغيَب من المسلمين وهى الإفك والإثم التى يلحق بالمنافقين .. وتتناول الآية الكريمة فى إعجازية تعبير هائلة متنبأة ومنبئة أن " آيات الله " القرآن " والواردة بالآية الأولى سيسمعها المصرون المستكبرون وهى تتحدث وتخبر عن " آياتى " معجزات الله ـ والتى وردت فى الآية التالية مباشرة مشيرة إلى المعجزات بخلاف الأولى " آيات الله " التى وردت مقترنة بلفظ السمع ومن ثم أتت معبرة عن القرآن العزيز

فسبحان الله فى دقة التعبير وإعجازية التبليغ وكان الآية تتحدث عن زماننا الحالى شارحة إنكار البعض لإعجازية القرآن المقترنة بآيات الله فى الخلق متناولينها بالسخرية والإستهزاء حيث تتوعدهم بالعذاب المهين .. واستخدم عز وجل لفظ العذاب المهين ولم يقل لفظ العذاب الشديد فى إشارة تخصيص إلى نوعية العقاب المناسب لنوعية الجريمة فمن أخذته العزة بالإثم لإنكار عزة كلمات الله .. كان حقا على الله أن يُـورده المهانة والمذلة ويجعله عبرةً فى السخرية بين أهل النار أنفسهم
هؤلاء المغيبين مع اعترافهم الغريب بقدرة الله عز وجل , لنا أن نتساءل بوافر الدهشة , أين هم من آية كريمة وردت فى قلب القرآن الكريم تكفي وحدها ـ وعلى مدى الزمن ـ لإثبات إعجازية القرآن العلمية بالتحديد ووضوحها لا يحتاج مفسرا أو قارئا
يقول الله عز وجل
( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )
والآية صريحة فى تعهد الله عز وجل بأن يرينا آياته فى الآفاق " تعبير شامل وجامع " وفى أنفسنا " تعبير شامل أيضا لأنه لم يقل بأجسادنا " والآيات بمعنى المعجزات وهى الشيئ الخارق الذى سيقف أمامه البشر مأخوذين بقدرة الله تعالى فى الكشوف التى سيمكنهم اكتشافها فى قادم الأيام حتى قيام الساعة .. فضلا على أن لفظ " سنريهم " ممتد حتى قيام الساعة وهو ما يتحقق فعليا
والآية فى حد ذاتها بالغة الدقة ..
لأنها تشير إلى أن المعجزات ستتوالى فى الآفاق وفى أنفسنا إلى يوم الدين .. وقد يقول قائل كيف يتوافر لفظ المعجزة فى كشف علمى تحقق وظهر بالفعل ..
والرد بالغ البساطة لأن الكشوف ذاتها لن تتوقف قط .. وسيتابع الإنسان فى مطلق حياته تلك المعجزات والآيات التى وعد بها سبحانه بالإضافة إلى بقاء وصف المعجزة قائما فى ذات الكشف لإستحالة محاكاته من ناحية وتوالى اكتشافات المزيد من طبيعة تلك المعجزات على مدار الزمن ..
ولست فى حاجة للتدليل على تلك الحقائق ..
فما زادت الكلية البشرية معجزة علمية عجز العلماء عن محاكاة قدرتها بجهاز الكلى الصناعى البالغ الضخامة ولو غضضنا الطرف عن ضخامته فلا وجود للمقارنة بين كفاءة كل منهما فى أداء وظيفته وهذا مسحوب بالطبع على كافة أعضاء الجسم ولا زال المخ البشري أعقد لغز طبي وعلمى وقف فى وجه الإدراك البشري بالرغم من تتابع عشرات الآلاف من البحوث والتجارب لرصد فعالياته وكما قال الأستاذ الدكتور خيري السمرة بروفيسور وخبير جراحة المخ والأعصاب العالمى والذى جاءته العالمية فى بلده مصر دون لحظة اغتراب واحدة .. قال فى هذا الشأن
" إن العلم توصل إلى كنه وتركيب كل جزء فى مخ الإنسان فيما عدا منطقتى الجسم الصنوبري والفص الأمامى للمخ وبالرغم من ذلك فما زلنا حتى تلك اللحظة نعرف عن وظائف المخ وآلية عمله وقواعدها ما لا يزيد عن 1 % فضلا عن غياب كامل العلم عن مصدر التفكير والأحلام والذاكرة والقدرات فوق الطبيعية وما إلى ذلك "
وما لم يدركه العالم الكبير خيري السمرة والذى توفي فى نهاية القرن الماضي أن العلماء ببحوثهم الأخيرة والتى تطورت بشكل فائق وبخطوات متسارعة قد أعلنت بشكل قاطع أن المخ البشري كلما ازداد العلم به تقدما زاد الجهل به تأخرا !!
وهذا هو تفسير القول السابق الاشارة اليه من أن آية الله الواحدة تظل معجزة حتى نهاية العمر بما يكتشف فيها العلماء كلما أوغلوا فى دراستها وكذلك لأنها تستحيل على المحاكاة مهما بلغ التقدم العلمى فى هذا الشأن
فمع كل كشف جديد فى مجال فسيولوجيا المخ البشري تقل نسبة الإدراك للغموض الجديد الذى تَـكَشف عن نسبة الواحد بالمئة التى ظن العلماء قديما أنهم بلغوها
فقد تأسس علم فسيولوجيا المخ ودراسته بالتعمق على يد طبيب روسي عبقري هو البروفيسور " بافلوف " وهو الذى تمكن من إرساء قواعد هذا العلم وأفرد له التخصص اللازم وتوصل إلى كافة ما صار معترفا به من جامعات العالم واستمرت معارفه تلك إلى نهاية القرن العشرين وثبتت صحتها فيما عدا المعلومات التى كانت تقول بالحقائق التالية
أن الخلية العصبية لا يمكن تعويضها وأنها أصغر وحدة بنائية فى المخ ـ الأعصاب المقطوعة غير قابلة للوصل ـ عمل المخ أشبه بسنترال آلى يتلقي الاشارات ويتبعها برد الفعل السريع مباشرة .. أى أن عمل المخ واتصالاته يقتصر على أخذ رد الفعل وفقط ـ
فقد جاء العالم الروسي " أنوكى " أكبر متخصص حاليا فى مجال فيسيولوجيا المخ وتلميذ البروفيسور بافلوف .. ليغير تلك الحقائق التى تراجع عنها الطب بعد أثبتت تجارب أنوكى أن تلك الحقائق والنظريات ما هى وسيلة تبسيط واختصار مخلة للغاية بقيمة المخ كجهاز معجز لا زالت ألغازه تتفتح لتزيده غموضا .. وتوصل أنوكى بالتجارب إلى الحقائق الذهلة التالية
عدد الخلايا العصبية بالمخ يتراوح ما بين ( 10ـ 15 ) مليار خلية عصبية بالغة الدقة تسمى " النيورون " وتبلغ من الصغر درجة يمكن معها تجميع 250 خلية عصبية على رأس دبوس وهذا أمر معروف مسبقاأما الجديد المذهل فهى أن الخلية العصبية قابلة للتجديد كما أنها لا تمثل أصغر وحدة فى المخ بل يحيط بكل خلية عصبية عدد من الخليات المعاونة أطلق عليها أنوكى اسم " خلايا الضمير " ـ ولاحظوا أن التسمية أتت من عالم ملحد ـ وظيفة هذه الخلايا مساعدة الخلية العصبية على استقبال الإشارات العصبية وتنسيق رد الفعل عليها حسب أهميتها وهو ما لم يكن معروفا من قبل حيث كان بافلوف يظن أن المخ هو مركز إصدار الإشارات برد الفعل فاتضح أن كل خلية تعم كمخ مستقل بمعاونة خلايا الضمير !
 
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

وكمثال للايضاح ..

فإن الإنسان عندما يتعرض للألم مثلا فى كفه نتيجة إصابة فالإشارة التى تصل للخلية المساعدة تحمل أمر هذا الألم واقتراح بالتخلص منه بينما تقوم خلية أخرى بدراسة الظرف المحيط به واقتراح رد الفعل المناسب وتكون مهمة الخلية العصبية الإختيار بين هذه الخيارات وتحديد رد فعل واحد منها ولذا نجد أن الإنسان المتعرض لإصابة من مصدر مشتعل مثلا قد لا يبعد يده كما هو متوقع نتيجة لإنشغال يده المصابة بأمر أهم من إبعادها عن مصدر الإشتعال كما لو أنه كان يحمل طفلا ويخشي عليه فدفعه هذا للتحمل أو أن مصدر الإصابة أتى من إناء تسخين مملوء بماء ساخن وأمسك بها الإنسان ورغم ذلك تحمل الألم ولم يلقها لإدراكه أن الماء الساخن إذا وقع من الإناء تسبب فى زيادة حجم اصابته مما يدفعه لتحمل الألم ووضع الإناء الساخن بهدوء
أيضا عندما يتعرض الإنسان لإغراء ما يخالف معتقداته فَـيَـهُم بالإستجابة له تبعا للغريزة ثم يتراجع عنه بفعل العقيدة تكون خلايا الضمير هنا قد رفعت تقارير مختلفة كل منها يحمل اقتراحا معينا مختفا عن الآخر وتكون مهمة الخلية العصبية إنتقاء الصواب وفعله
وهذه الحركة البسيطة من رد الفعل على إمساك الإنسان بإناء ساخن أو التراجع عن الإستجابة لشهوة تكون نتيجة لملايين الاتصالات المتبادلة بين جزء الجلد المصاب أو مركز الرؤية وبين الخلايا المعاونة والتى بدورها ترفع تقارير منفصلة إلى الخلية العصبية التى تنتقي رد الفعل الصحيح من ملايين الإختيارات وكل هذا يجيئ فى زمن بالغ الضآلة لا يتجاوز 1/ 100 من الثانية أو أقل !
كان بافلوف يظن أن ردود الأفعال هى وظيفة المخ بينما اتضح أن وظائف المخ أعمق من هذا بكثير عندما تتحد الخلايا العصبية وتعمل بمجموع قدراتها .. حيث تكون وظيفة الخلايا العصبية المنفردة هى ردود الأفعال ودراستها بشكل مستقل وذلك تبعا لما اكتشفه البروفيسور أنوكى من أن الخلية العصبية الواحدة لها إمكانية اتصال خرافية تبلغ " 10 أس 28 " اتصال فى الثانية الواحدة !
وهى إمكانية مذهلة لا تستخدمها الخلية فعليا وإن كانت قادرة على إجراء هذا العدد من العمليات بالفعل ..
أما الشيئ الخارق فعلا فهو إمكانية الإتصال لدى المخ بكامل خلاياه فى الثانية الواحدة وهو الرقم الذى حدده البروفيسور أنوكى وأثبته وسط ذهول الدوائر العلمية حيث يبلغ عدد الإتصالات التى يمكن للمخ البشري أن يجريها بطاقته القصوى هو حاصل ضرب إمكانية إتصال الخلية الواحدة فى مجموع الخلايا الذى يتراوح ما بين " 10 ـ 15 " مليار خلية
لتكون النتيجة كالتالى
رقم 10 وعلى يمينه أصفار مرصوصة بطول 9 مليون كيلومتر !! وهذا الرقم البالغ الغرابة المستحيل نطقه هو إمكانية الإتصالات التى يمكن للمخ إجراؤها فى ثانية واحدة فقط ..
أما ما يجريه المخ فعليا من اتصالات فى الأحوال العادية المستقرة بالإنسان فى الثانية الواحدة فهو عدد اتصالات يبلغ مائة مرة قدر الإتصالات التى تجرى على الكرة الأرضية بكل أجهزتها واتصالاتها السلكية والبرقية والإليكترونية وأقمارها الصناعية .. وهو رقم متواضع إذا علمنا أن وظيفة المخ فى الرقابة تشمل بالمتابعة المستقلة كل خلية فى كامل جسم الإنسان حيث يتحكم المخ فى نشاط كل منها فى كل ثانية وتقوم كل خلية بممارسة وظيفتها بناء على الأوامر الصادرة إليها من مركز السيطرة !
تبلغ سعة الذاكرة البشرية بعد الأبحاث الحديثة التى تعمقت بشكل بالغ فى الوظائف المخية واكتشفت أن الإنسان العادى لديه ذاكرة حديدية بسعة استيعاب خرافية تمكنهُ ـ لو أراد ـ من استيعاب كراسة معلومات من مائة صفحة على الأقل كل ثانية ليبلغ متوسط قدرة الإنسان على الحفظ فى متوسط عمر يبلغ 90 عاما من أن يستعيد وبدقة مطلقة ما مقداره 3000 مليون كراسة معلومات .. !
لا وجود للنسيان فى المخ البشري حيث تستطيع الذاكرة البشرية استعادة أى مشهد وأى معلومة فى أى وقت من العمر بشرط هام تحدث عنه البروفيسور أنوكى وهو الصفاء الذهنى الكامل مقرونا بالهدوء الروحى التام .. لأن المخ لا يستطيع الإستجابة لعشرات الأوامر التى تصدر إليه فى وقت واحد ولكنه يجيب على كل إتصال أو رغبة على حسب أهميتها التى ترفع إليه من تقارير خلايا الضمير السابق الإشارة إليها ويهمل الباقي ..
ولذلك تمكن محترفو التنويم المغناطيسي وهم من الروس أيضا من دفع شخص خضع للتجربة العملية إلى أن يتذكر ويرسم صفحة كاملة مكتوبة بلغة غير لغته بعد أن ألقي عليها نظرة واحدة فقط وهى التجربة التى فسرتها اكتشافات أنوكى لأن التنويم المغناطيسي يبلغ بالانسان درجة فائقة من الإسترخاء وعدم التركيز إلا فيما يطلب منه .. وهذا أيضا ما يفسر عمليا ما توارده التاريخ الاسلامى من سعة ذاكرة واستيعاب الأئمة القدامى حيث كان الواحد منهم يتبحر فى سبعة أو عشرة علوم يجيدها كلها ويتدارسها ..
وكان الإمام الشافعى رضي الله عنه يحفظ صفحة الكتاب بمجد نظرة واحدة حتى أنه كان يخفي الصفحة المقابلة لكى لا يحفظها قبل الصفحة السابقة لها ! نظرا للإطمئنان الخرافي الذى كان يبعثه الإيمان فى قلوبهم ويدفعهم إلى تركيز قدراتهم فيما هم بصدده فقط مما يخرج بالمخ إلى آفاق وقدرات خرافية تجعله ينفصل عن المكان والزمان ولا يشعر إلا بما تحت يده .. ويروى التاريخ الإسلامى أيضا كيف أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما كان يصلي فى الحرم أثناء اشتداد المعارك بينه وبين جيش الأمويين بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي والذى قام بضرب الحرم المكى بالمنجنيق .. ومرت واحدة من قذائف المنجنيق بين لحية عبد الله بن الزبير وبين كفيه المعقودين أمام صدره فى صلاته فلم يهتز أو يغير وقفته أو يقطع صلاته لحظة واحدة !
وصلت بحوث أنوكى واكشافاته الى قدرات جديدة للمخ البشري فسرت الكثير من الظواهر الخارقة التى تسجلها الموسوعات المختلفة بالذات لفقراء الهنود الذين تمكنوا من التحكم فى الألم الطبيعى ومنعه وفى اخضاع أنشطة الجسم اللارادية للارادة فسجلت لهم التجارب قدرتهم على خفض ضغط الدم والحرارة والوصول بنضات القلب لحدها الأدنى بمجرد الارادة !حيث اكتشفت معامل العلماء قدرات أطلقت عليها اسم " الفيت باك " والبيو فيت باك " ..
1. الفيت باك فهى المواد الكيماوية التى يقوم المخ بتركيبها وتخليقها ذاتيا ويبلغ عددها مائة مادة لم يتمكن العلماء إلا من كشف طبيعة 12 مادة فقط منهم
وأذهلتهم وظائف تلك المواد التى أثبتت أن المخ البشري به صيدلية ذاتية فائقة القدرة على تخليق الكيماويات ومن هذه المواد الإندورفين والإنكفرين وهى مواد مخدرة تبلغ قوتها التخديرية مائة مرة قدر المورفين مع العلم بأن المورفين يتيح للانسان عدم الشعور بالألم نهائيا حتى لو تقطعت أوصاله ..
واكتشاف تلك المواد الذاتية القدرة فى المخ هو الذى فسر العديد من حالات المغص الكلوى الحاد التى فاجأت بعض المرضي فى ظروف قاسية بعيدة عن أى نوع من الإسعافات ومع ذلك فقد نجا هؤلاء من تلك النوبات وسكن الألم ذاتيا ..
والتفسير العلمى لهذا أن المخ لا يبادر مطلقا بتركيب مواد الأندورفين والإنكفرين إلا فى حالة عجز الإنسان عن إدراك العلاج والتسكين بوسيلة خارجية .. هنا يتدخل المخ لانقاذ الموقف ويفرز المواد تلقائيا ..
ومن تلك المواد أيضا الأستيل كولين المنشطة للذاكرة وغيابها يسبب الزهايمر فى آخر العمر بالتحديد لأن إفراز تك المادة يقل بقلة النشاط .. ولذلك انتشرت حالات الزهايمر في الفئة المحالة للتقاعد
ومادة الدوبامين المسئولة عن الإتزان وقد كان اكتشاف تلك المادة بالذات فتحا علميا جديدا فى علاج مرض مستعصي وهو " مرض باركنسون " والمعروف باسم " الشلل الرعاش " حيث تم اختبار تلك المادة على مريض وكانت النتيجة قياسية وسريعة فى تمكنه الفورى من استعادة سيطرته على عضلاته لمدة معينة من الوقت ولذلك كان العلاج الوحيد الذى جري به العمل الآن هو زرع خلايا مخ مسئولة عن إفراز الدوبامين فى المخ ويتم أخذها من الغدة الكظرية " فوق الكلوية " وهى تلك الغدة الوحيدة بالجسم التى تحتوى خلايا عصبية ومخية ومسئولة عن إفراز مادة " الأدرينالين " التى اكتشفها العلماء منذ زمن بعيد وهى مسئولة عن تنشيط قدرات الإنسان حال الشعور بالخطر فتصل بقدراته إلى معدلات مستحيلة
2. البيو فيت باك .. وهى ما توصلت اليه الأبحاث من أن المخ البشري لأى انسان قادر بالتركيز والصفاء الروحى على التحكم الكامل فى الوظائف اللاإرادية وهو الاكتشاف العلمى الذى استطاع به العلماء فى بداية القرن الحالى تفسير الخوارق التى كان يفعلها فقراء الهنود ..
وكذلك تمكنوا من تفسير قدرات الساحر الأشهر فى القرن العشرين " دافيد كوبر فيلد" والذى كان يتمكن من الخروج سالما من صندوق صلب مغلق برتاج محكم بعد إلقاء الصندوق فى البحر .. حيث كان دافيد كوبر فيلد يبتلع نسخة من مفتاح الصندوق ويحتفظ به بمعدته وبعد سقوط الصندوق فى البحر كان يستغل قدراته فى خفض عملياته الحيوية إلى أدنى حد بحيث لا يحتاج إلى التنفس بنفس المعدل الطبيعى ويقوم بدفع المفتاح لأعلى عكسيا من المعدة والتقاطه وفتح الصندوق والخروج منه ..
وهو ما تم اختباره فى المعامل على متطوعين فى الولايات المتحدة وروسيا ونجحت التجربة عشرات المرات ..
اكتشفت الأبحاث الحديثة أيضا مزيدا من عجائب المخ البشري وهى قدراته الذاتية على توظيف أعضاء الجسم المختلفة ليحل العضو المجاور لأى عضو مصاب فى مكانه ويقوم بنفس عمله
وهو ما أثبته العلماء عندما تابعوا مريضا بالصرع أجريت له عملية استئصال نصف المخ كاملا وعاش المريض عشرين عاما بعد ذلك يمارس حياته بشكل طبيعى رغم العملية البشعة التى أُجريت له ولم تتعد نسبة نجاحها الواحد فى المليون وبتحليل المخ اكتشف العلماء أن النصف الآخر من المخ تحرك لأخذ مهام النصف المفقود كاملة فتمكن المريض من استخدام كافة قدراته رغم وجود حواس عديدة فى النصف المنزوع من الرأس
هذه الحقائق المذهلة ..
بالذات تلك التى أبرزت الفارق بين عمل النصف الأيسر والأيمن من المخ وكيف أن الحضارة الغربية بعد هذا الإكتشاف المذهل أخذت فى مراجعة الحسابات عندما اكتشفوا ضمور خلايا النصف الأيمن المسئول عن الأنشطة الروحية والعقائدية والاتزان النفسي كنتيجة مباشرة لتركيز المخ على أنشطة الجزء الأيسر المسئول عن التفكير المادى .. أليست تلك الحقائق داعية لنا بالتأمل نحن الشرقيين من باب أولى .. لا سيما وأن علماء الغرب هم من أعلنوا حسدهم الآن للحضارات الشرقية ..
ترى هل هى مصادفة أن يكون النصف الأيمن من المخ هو المسئول عن مهام العقيدة والتوحيد ونجد فى نفس الوقت القرآن الكريم يتحدث عن أهل اليمين وهم أهل الجنة وأهل الشمال وهم أهل النار .. هل هى مصادفة ؟!
محال .. " ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار "
وهذا هو ما رأيناه فى أنفسنا كما قررت الآية الكريمة ..

فماذا عن الآفاق يا ترى ؟! .. لنتأمل ونرى

ولا زالت أسرار الكون التى تتكشف فى كل يوم .. " فى الآفاق "
ومؤخرا اكتشف العلماء بوضوح الكوكب الحادى عشر فى المجموعة الشمسية ليتحقق قول الآية الكريمة فى سورة يوسف
" إذ قال يوسف لأبيه:يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين "
مع أن العلماء اسقروا ما يزيد عن عشرين عاما على حقيقة أقروها وهى أن المجموعة الشمسية تتكون من الشمس وبها تسعة كواكب ضمنها الأرض .. لتأتى وكالة ناسا لأبحاث الفضاء فى بداية القرن الحالى لتقرر أن المجموعة الشمسية بها 11 كوكب من ضمنها الأرض بعد أن كشفوا خداع الرصد الفلكى الذى أظهر الكوكبين الأخيرين كأقمار تابعة
وبالنسبة للكشوف الكونية
ما توصل إليه العلم حتى تلك اللحظة ـ ولا زالت الكشوف تتوالى ـ أن الكون يحتوى على مائة ألف مليون مجرة بكل مجرة مائة ألف مليون نجم لبعضها مجموعات شمسية وكواكب تابعة
وهناك نجوم مثل نجم " كويزار " اكتشف العلماء أن طاقته المنبعثة منه تعادل الطاقة المنبعثة من كامل مائة ألف مليون نجم بمجرة درب التبانة التى تقع مجموعتنا الشمسية فى مدارها !
وبعد هذا خرج علينا بعض علماء الغرب يقررون أن الوصول إلى القمر هو اختراق للسموات والأرض بسلطان العلم !
ويزعمون أنهم خالفوا التقرير القرآنى باستحالة ذلك مع إدراكهم الكامل أن المسافة بين الأرض والقمر ثانية ضوئية واحدة تقريبا بما يعادل 300 ألف كيلومتر " وهى المسافة التى يقطعها الضوء فى ثانية " والمسافة بيننا وبين الشمس تبلغ 8 دقائق ضوئية ومدى بحث الإنسان ونزوله لم يتعد القمر بعد ومن المتوقع أن يصل إلى المريخ قريبا .. أى أن العلم لم يحتو ويخترق بعد مجموعته الشمسية التى لا تساوى مثقال ذرة فى مجرتها " 1 / 100 ألف مليون من المجرة " والتى بدورها لا تساوى ذرة من عدد مجرات الكون " 1 / 100 ألف مليون من عدد المجرات المدرَكة فى الكون والذى تبلغ مساحة اتساعه المـُدركة حتى الآن 15 ألف مليون سنة ضوئية "

بالله عليك عزيزى القارئ ألا تشعر أنك بحاجة إلى سجدة خاشعة واستغفار حتمى لله عز وجل ؟!

وهل يمكن الرد بغير السخرية من أولئك المحتجين قديما على القرآن بمخالفة آياته التى تحدثت عن استحالة اختراق الكون ؟!

هذا مع الوضع فى الاعتبار أن الإنسان لم يتمكن حتى الآن من الوصول لمعشار سرعة الضوء وحتى لو وصل إليها ـ وهذا مستحيل كما قررت النظرية النسبية ـ فسيحتاج إلى مليارات السنوات الضوئية ليصل إلى المدى الذى اكتشفه من الكون مع العلم بأن الكون نفسه لن ينتظر هذا الإختراق المفترض لأنه فى حالة اتساع مطرد لا يتوقف وهو ما قرره العلماء ككشف ثابت علميا مصداقا لقول الله تعالى
" والسماء بنيناها بأيد .. وإنا لموسعون .. "
ففيم مكابة المكابرين بعد كل هذا .. وهل لا يزال أولئك على ظنهم أن القرآن الكريم وإعجازيته العلمية خرافة صنعتها العرب بعسف اللغة ! .. وهل بعد بيان اللغة فى الآيات الكونية بيان آخر يا ترى .. ؟!
وهل فهم المرتابون أى جرم أجرموا
 
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

الفئة الثالثة .. الكافرون بآيات الله عمدا



ونأتى لمنكر المعجزة برغم وضوحها وهم الكفرة والملحدون فهؤلاء الذين ينكشف لهم الحق فيصرون على الإثم وأمرهم غير مستغرب كسابقيهم من فئة الضالين المتكبرين أمام الاعجاز بالرغم من إيمانهم الظاهر بالقدرة الإلهية ..​

لأن الانسان أصله فى الكفر والإيمان طارئ عليه لمن رحم الله .. يقول عز وجل ..
" قتل الانسان ما أكفره "
وكما قال القرآن الكريم " وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة .. "
فالإصرار على الكفر والإنكار هو الصفة الرئيسية للنفس البشرية .. ومنذ عهود الإسلام الأولى طالعنا أمثلة هذا التكبر رغم الإقتناع الداخلى الوثيق بوجود الخالق ووجود الدين القيم .. رأيناه فى كفار قريش وكانوا أول الشاهدين لمحمد عليه الصلاة والسلام بأنه الصادق الأمين ورغم ذلك كذبوه .. وكانوا أول الشاهدين بإعجازية القرآن الكريم .. ومع ذلك استنطقوا المبررات لدحض يقينهم الداخلى بوجود خالق ..
كما فعل الوليد بن المغيرة وكما فعل فيما بعده أبو جهل والذى قال فى اصرار والسيف يجز رقبته فى بدر " أبلغ صاحبك أننى ما ازددت فيه إلا بغضا " وكان يعنى بهذا الحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام .. ليكون وعدهم الحق يوم القيامة كما أخبرنا عز وجل
( ويوم تقوم الساعة يخسر المبطلون )
وفى العصر الحديث وبعد تتابع لكشوف العلمية الدقيقة المطابقة لقدرة الله فى القرآن والمماثلة لقدرته فى الخلق رأينا من هداه الله اليها فردد الشهادة بإيمان عميق ورأينا الكافر بنعمة الله وهديه وكانت تلك الأمثلة فى عشرات العلماء الذين اكتشفوا وحققوا ودققوا فى معاملهم وسنعرض هنا للجانب الذى كفر صراحة وأصر وللجانب الذى استبدت به الحيرة والله أعلم إن كان آمن أم كفر ..
يقول عز وجل ..
(قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع امن لا يهدي إلا أن يهدى)
والآية الكريمة تعبر عن الحيرة التى تسكن المتأمل عندما يطالعها وهى تنطق بالحق عن سبب الكفر والايمان بشواهده قد ألقي بنوره أمامهم .. فكل ما اخترع الانسان وظنه اختراعا هو محض اكتشافات من متابعات للخلائق والطبيعة أى أنها تطبيقات على ظواهر قائمة وفعلية .. فكيف يعجز العقل الذى شاهد وطبق أن يدرك الإيمان والإقرار رغم وضوحه ؟!
وتعالوا بنا نتأمل تجربتين لافتتين لنجوم علماء الغرب وفيها تتبدى مساوئ النفس البشرية .. واحدة مع أينشتين ورفاقه الفيزيائيين .. والثانية مع مكتشفي إعجازية الهرم الأكبر ورد فعلهم حولها ..

( 1 ) تجربة نيوتن وميكلسون وعبقرية أينشتين ..

منذ ظهور عبقرية نيوتن الذى يعتبر الأب الشرعى للفيزياء الكلاسيكية وقوانين الجاذبية التى اكتشفها من خلال اكتشاف قوة الجاذبية الأرضية .. منذ ذلك الحين والإكتشافات العلمية تتوالى بحثا خلف حقائق المادة والكون ..
لأن نيوتن وضع قوانين الجاذبية ومعادلاتها التى ثبتت صحتها .. لكنه عجز تماما عن تفسيرها ووضعها فى إطار المنطق الرياضي وتبرير وجود قوة الجذب الأرضي على الأشياء .. وأتى من بعد نيوتن ميكسون ومورلى صاحبي التجربة الشهيرة المعروفة باسميهما وكانت تدور حول إثبات وجود ما سموه " بالأثير " وذلك فى محاولة تفسير غوامض الضوء التى وقف العلماء أمامها عاجزين .. حتى شفتهم نظرية الأثير نوعا ما وهى التى ملخصها أن فى الفضاء الماثل أمامنا يوجد شيئ غير مرئي اسمه الأثير له قوة تأثير على الأشياء ومن ضمنها الضوء وهذا ما يفسر اللغز الفيزيائي الذى أثار جنون العلماء عندما اكتشفوه وهو ثبات سرعة الضوء مهما كانت حالة مصدره متحركة أو ساكنة .. فتلك الحقيقة التى أثبتها الفيزيائي نيكلسون عمليا أفادت بأن سرعة الضوء البالغة "300 ألف كيلومتر / ث " سرعة ثابتة غير قابلة للزيادة مطلقا حتى لو كان مصدر الضوء المنطلق عبارة عن مصدر متحرك ومهما كانت سرعته ..!
فتجربة نيكلسون والتى أجراها على الجسيمات والإلكترونيات بالذرة أفادت بأن سرعة الضوء المنبعثة من بريق الإليكترون المتحرك بنفس سرعة الضوء ثابتة عند مقدارها المعروف , مع أنها كحقيقة مُسلم بها يجب أن تبلغ الضعف " 600 ألف كيلومتر " وهو مجموع سرعة الإليكترون وسرعة الشعاع المنبثق منه ..
ولتبسيط الظاهرة أكثر ..
سنفترض أن هناك مصدران للضوء واحد منهما ثابت والآخر متحرك بسرعة الضوء وأطلق كل منهما شعاعا ضوئيا فى نفس اللحظة .. هنا المفروض أن تكون سرعة الشعاع المنطلق من المصدر المتحرك ضعف سرعة الشعاع المنطلق من المصدر الثابت لكن هذه الحقيقة الفيزيائية ثبتت عدم صحتها والشعاعان يسيران ويصلان فى نفس اللحظة !
فافترض العلماء نظرية الإثير والتى افترضت وجود هذا الأخير لتبرير ثبات السرعة عن طريق إعاقته للشعاع المتحرك .. وجاء بعد هذا فى بدايات القرن العشرين العالم والمفكر " ألبرت أينشتين " عام 1905 م وهو فى سن الثلاثين عاما ليهدم نظرية الإثير ويدمغها بالخرافة عمليا .. وبعد تجربة أينشتين والتى أعادت الحيرة القديمة للعلماء هرع هؤلاء الحيري إلى أينشتين لتفسير هذا اللغز ,
وانقطع أينشتين محاولا تفسير هذه الأعجوبة وكان تفكيره فى سبب ثبات سرعة الضوء هو الخيط الأول الذى غزل به فيما بعد أكبر وأروع نظرية فيزيائية فى العالم حتى الآن وهى النظرية النسبية الخاصة التى قلبت موازين الفيزياء والرياضيات التقليدية ليبدأ عصر جديد لهما مع توصل أينشتين لحل اللغز ,
وفى الواقع أن ما أتى به أينشتين من تفسير لم يكن حلا بقدر ما هو لغز جديد ظل أينشتين يحاول إفهامه لعالمه دون جدوى إلا من قليل فقد جاء مفسرا ثبات سرعة الضوء مهما تحرك المصدر بأن السرعة القصوى فى هذا الكون هى سرعة الضوء وعندما يتحرك أى جسم أيا كان بتلك السرعة الخرافية فإن الزمن عندها يتوقف نهائيا ويصبح الزمن = صفر بالنسبة لهذا الجسم ولذلك يصل الشعاعان فى وقت واحد ..
وتطبيقا لنظريته إذا تحرك المصدر بسرعة تبلغ ثلث سرعة الضوء مثلا وأطلق شعاعا فإن السرعة تظل ثابتة أيضا ويصل الشعاع المتحرك مع نظيره المنطلق من مصدر ثابت فى نفس الوقت لأن الزمن يؤخر بمقدار السرعة !
وهذا المفهوم هو مفهوم نظرية الزمكان التى قامت عليها نظرية النسبية الخاصة باكتشاف مؤداه أن عالمنا رباعى الأبعاد والزمن هو بُعده الرابع والمكان والزمان شيئان متصلان فى مفهوم أينشتين الذى أثار الجنون ولا تزال نظريته تثيره مع ثبات صحتها كل يوم وكل ساعة
وأجرى العلماء التجارب الواحدة تلو الأخرى ليتضح أن أينشتين على حق ليواصل بعدها هذا الأخير حقائقه المذهلة والتى توصل إليها حول هندسة الكون كله وطريقة تنظيمه التى لا تفيد الفيزياء الرياضية التقليدية لنيوتن وإقليدس وفيثاغورس فى فهمها لأن الكون كله متحرك ولا شيئ به ثابت والأهم أن الكون كله عبارة عن خطوط منحنية ولا وجود فيها للخط المستقيم وحتى الضوء ذاته بل حتى الفضاء ينحنى مع قوى الجذب الكونى
وقال أيضا أن الجسم الذى يفترض فيه أن يتعدى سرعة الضوء سيمكنه أن يسبق الزمن بمعنى أنه سيعود للماضي ! وهى الفرضية المستحيلة والتى أفادت من قبل عن استحالة الوصول لسرعة الضوء ذاتها لأن تلك السرعة تجعل كتلة الجسم لا نهائية وقصوره الذاتى لا نهائي وبالتالى فالجسم ذى الكتلة الذى يصل لسرعة الضوء لن يصل إليها بهيئته ذات الأبعاد المحسوسة " الطول والعرض والارتفاع " وبالتالى فالوصول إليها مستحيل ..
وعندما طلب العلماء وانتظروا منه استخراج واستنباط رياضيات تناسب فلكيات الكون وتكون لها قوانين واضحة يمكن معها فهم المعمار الكونى وحركته .. ظل أينشتين ومعه عدد غفير من العلماء يحاولون الوصول إلى القوانين المفترضة حتى أنهم أضافوا لبعد الزمن أبعادا أخرى متعددة فى عالمنا وغير منظورة لنا كبشر بلغت ستة عشر بعدا مخفيا ومفترضا كمسلمات رياضية ليمكنهم الوصول إلى تلك القوانين فعجزوا وكان أول المعترفين بهذا العجز أينشتين نفسه .. وعندما سألوه السؤال المعبر عن الحل لهذا الإشكال أجاب " رياضيا .. يجب أن يكون هناك إله لينتظم الكون على تلك القوانين غير المألوفة لعالمنا " !
وبعد مقولة أينشتين الشهيرة والتى كررها فى أكثر من استضافة بقوله " إن الله رياضيا موجود .. "
الله أعلم بمدى تأثير توصله لتلك الحقيقة الأولى والتى كان لابد أن تقوده وتقود غيره لقوله تعالى
( اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) .....
والأية واضحة معبرة بقولها
( وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )
إضافة للعجز الذى لاقوه فى فهم الدقة الكونية المطلقة والتى سمحت بوجود الأرض ضمن إطار مجموعة كواكب تابعة لشمس تبلغ درجة حرارتها 15 مليون درجة مئوية ولو انخفضت تلك الحرارة الخرافية بمعدل درجتين مئويتين لا غير .. فهذا يعنى ببساطة حدوث عصر جليدى على الأرض بالإضافة للكشف عما سماه العلماء أعمدة المجال المغناطيسي والتى تمثل القوة الرادعة فى الفضاء لتحفظ للشمس سيطرتها على الكواكب التابعة فلا تنغمر فى الفضاء
فصدق من قال
( هو الذى رفع السماء بغير عمد ترونها ) ..
أى أنها مرفوعة بأعمدة لا نراها مما يشير بوضوح وإيجاز معجز إلى أن هناك أعمدة لا نراها تحفظ للكون اتزانه ـ كما أوضح د. مصطفي محمود ـ.. مصداقا لقوله تعالى
( وجعلنا السماء سقفا محفوظا )
فسبحان الذى خلق فأحسن .. وما أبعد العقل عمن رأى فأنكر وكفر
 
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

(2) العلماء كارنيه وجريس ومانيتون وغرائب الهرم الأكبر


ربما كان غريبا أن نتعرض لقصة العلماء مع غرائب الهرم الأكبر أعجب الأعاجيب الموجودة على سطح الأرض منذ فجر التاريخ .. لأن الهرم إنجاز بشري يقع أمام حيرة بشرية ..
إلا أن دافع الإستشهاد به يتضح عندما نتعرف على مدى الكبر الذى يعصف بنفس الإنسان فيدفعه أمام غرائب البشر إلى إسباغ الألوهية علي صانعيها .. وعندما يحتك بما هو أسمى وأعلى فى الإعجازية الإلهية يرفض الإعتراف بذلك !
فمنذ بدأ التاريخ الفرعونى بمصر يعلن عن نفسه عقب الحملة الفرنسية على مصر فى القرن الثامن عشر وهى الحملة التى اصطحبت أدوات الحضارة معها وكان من نتائجها فك طلاسم ورموز حجر رشيد على يد شمبليون وهو الحجر الذى سطت عليه بريطانيا ضمن العديد من الآثار المصرية التى سُرقت وتم تهريبها إلى أوربا .. ولا زال الحجر يحتل مكانه فى المتحف الملكى البريطانى وتوجد منه عدة نسخ مصغرة أشهرها تلك الموجودة فى المتحف المصري بالقاهرة ..
ومنذ ذلك التاريخ وهناك حالة جنون اسمها التاريخ الفرعونى عصفت بالعلماء الغربيين والجماهير العادية حتى أنها ازدادت اشتعالا لتصبح جنونا متخصصا عقب ظهور حقائق الهرم الأكبر ليصبح بالغرب علوم فرعونية مستقلة تحتل قسما رهيبا هو الأكبر بين أقسام دراسات التاريخ والحضارة بمختلف جامعات الغرب الأوربي والأمريكى وتم تصنيفها إلى علوم الهرميات " البيراميديولوجى " والعلوم الهندسية الفرعونية وعلوم التاريخ الفرعونى وغيرها عشرات ..
ومن المعروف والمؤسف فى نفس الوقت ..
أن علوم التاريخ الفرعونى علوم نشأت من دراسات غربية بريطانية وفرنسية الأصل ولذا يعد الغرب هو المرجعية الرئيسية فى التاريخ الفرعونى وتخصصاته وهو الأمر الذى يثير الدهشة عندما لا نجد بمصر وهى بلد الحضارة الفرعونية نهضة مماثلة أو مقاربة فى هذا العلم فلم يبرز فى هذا المجال إلا العلامة المصري د. سليم حسن صاحب أشهر موسوعة فى التاريخ الفرعونى بمصر وهى موسوعة " مصر القديمة " بالاضافة الى بعض العلماء مثل د. زاهى حواس العقلية الأكبر فى هذا المجال بمصر حاليا والمهندس سيد كريم أحد عشاق وقراء علم الهرميات ..
والهرم الأكبر هو الأكثر اهتماما من العلماء والباحثين حتى اليوم منذ مائتى عام ودرجة الإهتمام تفوق التصور بهذا الأثر العبقري الذى لا زال رهن اكتشاف جديده كل فترة .. ويخضع لعشرات البحوث والدراسات على يد عشرات اللجان العلمية والبحثية التى تأتى لدراسته بمصر سنويا بالإضافة إلى الزيارات والإهتمامات بالغرب على مستوى الجمهور ومنها بعض الحركات الدينية التى تتخذ الهرم أساسا لعقيدتها وعباداتها وقوام تلك الجماعات بعشرات الألوف يحجون إلى الهرم سنويا فى أوقات مختلفة !
ومما توقف عنده العلماء ويهمنا أمره الآن .. الحقائق التالية عن الهرم الأكبر وطريقة تفسير بعض العلماء لها مثل " مانيتون " أشهر وأكبر متخصصي علم الفرعونيات والعالمان " جريس " البريطانى و" كارنيه " الفرنسي .. وتتمثل تلك الحقائق فيما يلي
يبلغ عدد الحجارة المبنى منها الهرم الأكبر 2600000 قطعة صخرية وزن القطعة منها يتراوح حسب موقعها بين 2 طن إلى 15 طن فيما عدا وزن قطع الحجر التى تتكون منها سقف الغرفة الملكية حيث يبلغ وزن الواحدة منها 70 طنا وكل تلك الأحجام المهولة مرصوصة بدقة مذهلة ومتلاصقة دون أى مادة لاصقة من الأسمنت أو غيره
ولا زال سر رفع تلك الأحجار مغلقا على العلماء وقد سقطت كل النظريات التى أتت لتفسيرها فيما عدا نظرية واحدة وهى القائلة بوجود علم خاص لدى الفراعنة وعلمائهم فى هذا الوقت استطاعوا من خلاله تحييد الجاذبية الأرضية !
المعجزات الهندسية للهرم تتمثل فى وجوده فى موقع منتصف القارات الخمس بالتحديد .. والإتجاهات التى تشير إليها أطرافه هى الإتجاهات الأربع بمنتهى الدقة والإتجاه الشمالى فيها يشير للشمال المغناطيسي وليس للشمال الجغرافي .. كما يشير الممر الداخلى إلى نجم الشعرة اليمنية , ويشير الدهليز الداخلى إلى النجم القطبي ..
بالإضافة إلى أن محيط الهرم مقسوما على ارتفاعه يعطى النسبة التقريبية المعتادة فى الرياضيات وهى ط = 3.14 وبالمثل كل غرفة بالهرم وكل مكان بالهرم تحقق نفس النسبة بين الإرتفاع والمحيط .. وأخيرا يبلغ ارتفاع الهرم بالضبط 149.4 مترا .. وهذا الرقم مضروبا فى مليار يعطى المسافة بين الأرض والشمس والتى تبلغ 149.4 مليون كيلومتر .. والجرانيت الذى تتكون منه صخور الهرم مصقول صقلا تاما لا يمكن أن يتم بغير تقنية بالغة التقدم ووحدة القياس بالهرم والتى عرفها العلماء على أنها البوصة الهرمية تساوى فى القياس البوصة الإنجليزية المعروفة ..
والشكل الهرمى ذاته وهو الأساس الى قام عليه اختياره من المهندسين الفراعنة هو أغرب الأشكال الهندسية فقد أثبت أحد العلماء الفرنسيين أن ما يحدث بداخل الهرم الأكبر من بقاء المواد والأطعمة والخضروات بنفس حالتها الطبيعية مهما استطالت المدة عليها دون أن تفسد .. أثبت أن هذا يتحقق فى الشكل الهرمى إذا تم بناؤه بنفس القياسات الخارجية على هيئة " ماكيت ورقي " .. وهو الإختبار الذى نفذه أيضا الدكتور مصطفي محمود وظلت الأطعمة دون فساد لمدة ثلاثة أشهر كما استعادت أمواس الحلاقة الصدئة قدرتها الحادة
وتلك الحسابات الفلكية والرياضية لو أضفنا إليها ما تم اكتشافه فى معبد أبي سمبل الموجود بأسوان والذى يحتوى على تمثال للملك الفرعونى الشهير رمسيس الثانى موجود داخل غرفته الملكية فى موقع هندسي خرافي بحيث لا تقع عليه الشمس مطلقا من خلال فتحة معينة بالجدار إلا مرتين .. مرة يوم ذكرى مولده والأخرى ذكرى يوم توليه العرش
كل تلك الحسابات الفلكية من المستحيل محاكاتها فى العصر الحالى بكل ما نملكه من تكنولوجيا وقياسات رياضية متطورة لأن تلك الرياضيات تتناسب مع الهندسة الكونية والتى رأينا مما سبق كيف أن مبادئها مغلقة عجز أمامها أينشتين أكثر علماء الرياضيات والفيزياء عبقرية وقدرة فى العصر الحديث
• كان الهرم بالكامل مكسوا بطبقة جيرية تغطيه بأكمله ومنقوشا على تلك الطبقة جداول فلكية دقيقة وأرقام وحسابات كلها غامضة على الفهم وقد سقطت معظم تلك الطبقة الجيرية فى الزلزال الذى ضرب المنطقة عام 1616 .. ولكن العلماء تمكنوا من رؤية ومعالجة تلك الطبقة عن طريق رسوم الهرم .. ولا زالت أيضا سرا مغلقا
يضاف إلى هذا أن الهرم نفسه مجهول الهوية تماما بعد أن أسقط علماء التاريخ الفرعونى بالإجماع ما استقرت عليه العلوم القديمة حول أن بانى الهرم هو الملك خوفو لأن تلك الحقيقة تم استنباطها من عبارة وحيدة موجودة بإحدى " الخرطوشات " بالهرم ومكتوب عليها العبارة الفرعونية " هيليوم خوفو " وهى التى تمت ترجمتها حرفيا وتعنى " الله جل جلاله " وبالتالى لا علاقة نهائيا بين خوفو وبين الهرم ولا وجود لأى دليل اضافي يؤيد تلك النظرية ..
ومع تلك الحقيقة التى سقطت ..
أسقط العلماء أيضا نظرية أن الهرم عبارة عن مدفن ملكى وهى النظرية التى وصفها العلماء بالسذاجة لكون الهرم محتويا على كل تلك الألغاز التى تجعل من هدف بنائه لغزا اضافيا .. كما أن المدة التى حددها العلماء لعمر الهرم وبلغت خمسة آلاف عام اختلف حولها العلماء بعد نظرية مانيتون التى جزمت بوجود الحضارة الفرعونية منذ 12500 عام بالرغم من أن العلم الحديث يمكنه تحديد عمر الصخور بمنتهى الدقة بنسبة خطأ لا تتجاوز مائة عام فى الأربعة ملايين عام عن طريق قياس نسبة البوتاسيم ومقدار نقصها لأن البوتاسيم يتحلل مع مرور ملايين السنين ويتحول إلى غاز الأرجون .. ولكن صخور الهرم وقفت لغزا مضافا لألغازه التى تُوجت بعجز الأشعة الكاشفة كالأشعة السينية عن اختراق الهرم بالرغم من أنها أشعة قادرة على النفاذ المطلق إلا من الرصاص وحده ومع ذلك فلم يستطع العلماء حتى الآن كشف موضع الغرفة السرية والتى ظهرت نظريات تؤكد احتواءها على مقدار رهيب من العلوم

وجاء العالمان جريس وكارنيه وتدارسوا الهرم فى مجمله
بعد كشف تلك الحقائق ليخرجوا بنظرية بالغة الغرابة وهى أن كل تلك القياسات الموجودة وبشكلها البالغ الدقة من المستحيل أن تكون محض صدفة أو أنها متعمدة وبالتالى فالهرم ـ وفقا لتلك النظرية ـ عبارة عن معهد فلكى بالغ الرقي وحدة قياسه وهى البوصة الهرمية تمثل فيه بالحساب الزمنى عاما كاملا وبالتالى يحتوى الهرم على تنبؤات وأحداث العالم من ساعة بنائه وحتى نهاية العالم التى حددها العالمان وفق نظريتهم بأنها فى عام 2815 م
وبغض النظر عن تلك النظرية وعن الجماعات التى اتخذت الهرم وسيلة عبادة وديانة .. هنا ألا يحق لنا التساؤل المنطقي كيف وقف العلماء والجماعات فى عجز منبهر وتسليم تام أمام حقائق الهندسة الفرعونية والتى رأوا فيها مبادئ الهندسة الكونية وبالتالى آمنوا بها .. ولم تقدهم عقولهم بنفس المنطق إلى الهندسة الأصلية وصانعها جل سبحانه ؟!
وكيف انبهروا بالهرم كمعجزة هندسية وفلكية وغاب الإنبهار والإحقاق عن النظام الكونى البديع الذى يستقر بآلاف الملايين من المجرات فى مسارات مفرطة الدقة لا تحيد مليمترا واحدا فى كون يبلغ اتساعه 15 مليار سنة ضوئية ؟!
فعلا ما أصدق العزيز الحكيم الرحيم الذى قال فى محكم تنزيله
( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ )

 
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

ثانيا / الإحتجاج بأن العلم ضد القرآن


ونأتى للإتهام الثانى وهو الذى ظنه منكرو الاعجاز العلمى بالقرآن حقيقة مطلقة وهو أن القرآن العزيز يتضارب مع العلم وبالتالى لا وجه للخلط بينهما
ولست أدرى من قال إن العلم ضد القرآن ومن سمح بتلك المقارنة .. ؟!
إن المنطق ـ وهو علم يحظى بشعبية بين العلمانيين والغرب ـ يقول ـ كما قررنا من قبل ـ أن المقارنة بين شيئين تستلزم توافر اتفاق المجال بينهما وهذا طبيعى فكيف سأقارن مثلا بين السيارة والملعقة أيهما أكثر ضرورة للإنسان .. المنطقي أن أقارن بين السيارة والطائرة فالقرآن ليس كتابا للعلوم ويحتوى نتائج وتجارب كما بينوا وانتقدوا ولم يقل أحد من علماء الإسلام بهذا بل هو مرجعية إلهية احتوت كافة آيات الإعجاز بجميع المجالات بلا استثناء وأولها العلوم بكافة أشكالها
أما القول الذى يخلط الأمور فيتساءل عن طريقة اكتساب العلم هل بالقرآن أم بالعلم فهو تساؤل مريض وغير مدرك لمعنى وقيمة القرآن فضلا على جهله بمفهوم الإعجاز العلمى لأن القرآن الكريم طريق وصول لا تفاصيل دخول
فلو أن القرآن كتاب للعلوم وتفاصيلها سينتفي الإعجاز العلمى عنه لأنه قرر وعلم واكتسبنا منه نحن البشر نظريات جاهزة نطبقها وفقط
فلم يقل أحد بأن نسعى لاكتساب العلم والحقائق العلمية من القرآن وإلا ما هو مبرر الحديث الشريف
" اطلبوا العلم ولو فى الصين " فلو أن الطريق إلى العلم بالقرآن فما هو دافعنا للذهاب لآخر الدنيا .. وهل يوجد قرآن بالصين ؟!!
فالسؤال نفسه خاطئ
لأن القرآن الكريم يحتوى نتائج وزبد لحقائق علمية وتاريخية وفى شتى المجالات سنظل نكتشف إعجازها لآخر الزمان وكل عصر نتقدم فيه بالعلوم سيحمل لنا إعجازا جديدا عندما نفهم مقولة القرآن حول ما توصلنا إليه ولم نكن ندركه قبل إدراك العلم ذاته فالقدماء لم يفهموا حقيقة إعجاز آية مواقع النجوم ولماذا أقسم الله بها ولم يقسم بالنجوم ذاتها حتى فسر العلم الحديث معنى الإعجاز فى أن النجوم نفسها التى نراها أغلبها فنى فى الأصل لأن صورته تلك وصلت إلى الأرض بسرعة الضوء من على بعد ملايين السنوات الضوئية حتى وقع الضوء على العين البشرية فأدركت واستوعبت صورة لنجم انتهى وفنى قبل ملايين السنين
وهذا هو عين ما اكتشفته العلوم فطابق دقة القسم الإلهى وإلا فما هو مبرر القسم بالمواقع بالتحديد ووصفه الواضح بالعظمة ؟!
والدافع الوحيد للإعجاز العلمى وعلاقة العلم بالقرآن هى خروج العلم كل يوم مثبتا صحة ما ورد بالقرآن الكريم بتأمل ونتدبر ويشفي فينا الذى فى قلبه مرض وعلى بصيرته الرمد بالإضافة إلى ما يقودنا إليه التأمل فى آيات الله فنستنبط منه بعض مبادئ المعرفة غير الـمُدركة لنا حسب قدرة استيعابنا لتلك لمعانى .. وهو ما ثبت بالعلوم كما ثبت بالتاريخ من استنباط حقائق علمية وتاريخية عبر فهم الإشارات القرآنية البديعة إليها ..
هذه هى علاقة العلم بالقرآن وليس هناك أدنى منافسة بينهما أو تناقض فالقاعدة العلمية إذا خرجت وظهرت مخالفة لآية ثابتة بالقرآن فمن القطعى أن القاعدة مخطئة كما حدث مع نظرية داروين والتى أثبت العلم سقوطها وكانت عند ظهورها قد خالفت الثوابت بالقرآن وثبت فيما بعد قطعية الصحة فى آيات الله المحكمات
وسؤال منطقي آخر ..
من هو المنوط به التصدى للتفسير والعلم القرآنى ..؟! وهل يصبح من المنطق أن أستغل وجود إدعاء علم بالقرآن فأنتقد القرآن من خلاله أم يلزم التوجه إلى ما قاله العلماء المتخصصون فى ذلك ؟!
فالإعجاز العلمى والقول به له هيئاته المتخصصة منذ أكثر من ثلاثين عاما بعد تتابع الكشوف العلمية وضمت تلك اللجان فى عضويتها علماء بالتفسير والحديث وعلماء باللغة إضافة إلى علماء العلوم المكتسبة بكافة أشكالها وكل من دخل ضمن عضوية تلك اللجان هو عالم بمجاله لا يوجد مطعن أو اختلاف على تخصصه سواء بلجان الإعجاز التابعة للأزهر بمصر أو تلك التى أنشئت بالسعودية وسائر البلاد الإسلامية ووظيفتهم تنحصر فى متابعة الكشوف وربطها بالتفسير أو التيقن من كشف علمى مرتبط بالقرآن أتى به واحد من علماء المسلمين وليس عضوا بتلك اللجان
وفى مجال العلم التجريبي البحت ..
ألم يكتشف البروفيسور أنوكى أكبر خبير فى المخ والأعصاب هو وفريقه حقائق المواد الكيميائية الغامضة بالمخ البشري والسابق الإشارة إليها وإلى غموض تلك المواد إلا القليل مما تم تحليله ووجدنا تفسر الظواهر الخارقة لبعض البشر فى اتساع الذاكرة المذهل تبعا للصفاء الذهنى ألا يفسر لنا هذا سر السكينة التى وعد الله بها من يذكره
" ألا بذكر الله تطمئن القلوب "
ويفسر لنا أيضا عجائب القدماء ممن عرفوا الله واتقوه حق تقاته فصاروا معجزات بشرية فى كم العلوم التى احتفظوا بها فى عقولهم التى صارت جامعة علوم ومعارف مثل الإمام الشافعى رضي الله عنه والذى كان يخبئ الصفحة اليسري من أى كتاب كى لا يحفظها قبل اليمنى لأن قدراته كانت تتيح له الحفظ بمجرد النظر ..
وأورد لنا التراث العربي ما روى عنه أنه أتى بمعصية لا تعد من المعاصي لهوان شأنها ومع ذلك ولأنه الشافعى التقي فقد حاسبه الله بِـرَده عن هذا الذنب رغم بساطته عندما عجز أن يحفظ كعادته ويستوعب الكتب التى يقرؤها .. فقام من فوره إلى أستاذه وكيع والذى سأله عن يومه وطلب منه أن يحكيه له بالتفصيل ليقول له وكيع بعدها أن السبب هو ما فعلت من معصية فاذهب واستغفر تعود إليك حافظتك .. فنفذ الشافعى وصية أستاذه العظيم وعادت إليه قدرته بالفعل وقال
شكوت إلى وكيع سوء حفظى ++++ فأرشدنى إلى ترك المعاصي
وأخبرنى بأن العلم نـــورٌ ++++ ونور الله لا يُهدى لعاصي
والإمام جلال الدين السيوطى الذى كان حجة زمانه فى سبعة علوم مختلفة منها الفلك والفقه وغيرها أجادها جميعا إلى أعلى درجات التخصص والاجادة .. والإمام البخارى علامة الحديث الذى حفظ عشرات الألوف من الأحاديث النبوية بمتونها وإسنادها الكامل وكان يمتلك القدرة على تمييز الحديث وكشف متنه وسنده بمنتهى الدقة بمجرد السؤال عنه
وما أفاده العلماء حول الراحة النفسية العميقة التى تتيح للإنسان حالة نفسية مستقرة إذا تأمل بالطبيعة وخرج من ماديته ألا يذكرنا هذا بقوله عز وجل
" انظروا إلى ثمره اذا أثمر وينعه "
أى أن الآية أشارت إلى الثمر مع ينع الثمر فما الفائدة من النظر إلى بريق الزهور وجمالها إن لم تكن إشارة إلى ما تسببه تلك المظاهر من إعادة تكييف للإنسان .. كما قال إمامنا الراحل العظيم محمد متولى الشعراوى
ولو أن الأمانة العلمية متوافرة بالطاعنين لاكتشفوا بسهولة مدى الفارق الضخم بين هدف علماء الإعجاز وهدف المدعين فالدكتور زغلول النجار كان أول الطاعنين المتصدين للنغمة التى سادت بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر بالولايات المتحدة وقال القائلون بها بوجود خبر عن هذا الهجوم بالقرآن فى محاولة لمقارنة القرآن بكل جلاله مع التنبؤات التى احتواها كتاب " القرون " والذى ألفه الساحر الفرنسي " ميشيل نوستراداموس " قبل أربعة قرون ..
{ وهذا الكتاب نفسه ـ بالمناسبة ـ من المستحيل تقريبا العثور على نسخة صحيحة تماثل ما كتبه نوستراداموس من رباعيات التنبؤات الخاصة به نظرا لتعرضه لعمليات تزوير واسعة النطاق فى الحرب العالمية الأولى والثانية بعد أن حاول كل طرف فى الحلفاء والمحور ايجاد سبيل لدفع الروح المعنوية لدى جنودهم بإدخال تنبؤات النصر لهم فى كتاب القرون نظرا لأن الروح المعنوية والفدائية غائبة بغياب العقيد المحفزة }
لو لاحظنا فالمنتقد لإعجاز القرآن العلمى ـ بالذات خالد منتصر ـ يعمم ويخلط بين أخطاء وقع فيها المدعون بالعلم أو أخطاء قد يقع فيها العلماء ـ وهى جائزة ـ وبين الصحة المطلقة فى النص القرآنى تماما كما فعل سابقوه فاستغلوا أفعال بعض المسلمين فى ضرب مصداقية الإسلام نفسه
هذا فضلا أنه لم يتمكن حتى الآن من إثبات خطأ واحد فى كشف علمى مرتبط بإشارة قرآنية أقره واجتمع عليه علماء الإعجاز العلمى الكبار كمصطفي محمود وزغلول النجار والإمام الشعراوى وهم من ترصَدهم بانتقاداته التى لا تغنى ولا تسمن من جوع وهى تلك الإنتقادات المغالطة والتى سنفرد لها فصلا بنهاية الدراسة لتناولها وكشف زيفها
وقد أتى منكرا للإعجاز باعتباره خرافة صنعتها عقدة النقص لدى المسلمين دون أن يلتفت إلى أن الإعجاز العلمى موجود وثابت من قديم الزمن وإزداد ظهورا فى العصر الحديث وهذا منطقي لطبيعة التقدم الذى منح لنا مزيدا من وسائل الإدراك العلمية
ويتبقي لنا التعرف على مدى تنوع الإعجاز العام بالقرآن مع الأمثلة الموضحة وأيضا إلقاء الضوء على طبقات الإعجاز العلمى بالقرآن ومستوياته الزمانية تفصيلا
 
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

كيفية الإستدلال بالقرآن والسنة وتطوير البحث العلمى العربي



للشاعر المصري العبقري هاشم الرفاعى قصيدة لاهبة محرقة بدأت بالبيت الآتى ..
ملكنا هذه الدنيا قرونا ×× وأخضعها جدود خالدونا ..
وسطرنا صحائف من ضياء ×× فما نسي الزمان ولا نسينا
حمــلناها سيوفًا لامعات ×× غداة الروع تـأبى أن تلينا
إذا خرجت من الأغماد يومًا ×× رأيت الهول والفتح المبينا
وللفنان المصري على الحجار قصيدة شهيرة غناها فى معرض لحن النهاية للمسلسل العربي " هارون الرشيد " وللأسف الشديد لم يمكننى معرفة القائل النابغ الذى ألف هذه الأبيات الرهيبة فى وقعها وتعبيرها .. لكنه بلا شك شاعرٌ تمزقت مشاعره بما كانت عليه الحضارة الإسلامية طيلة تسعة قرون ملكنا فيها الدنيا .. علما وعملا .. وما أصبحنا عليه الآن
يقول الشاعر مناديا بحرقة لمن ذكرته تاريخ العرب
أرجعى الأمس الخلى ×× ذكرينا واسألى ..
أين زرياب وأين الشعر ,.. أين الموصلي
أين ما كان لنــا ×× فى الزمان الأول
ثم يقول الشاعر النابغ ..
كانت الدنيا حكمها عربي ×× بكتاب الله أطهر الكتب
وطيلة التاريخ العربي النابغ الذى انتهى بنهاية العصر العباسي كان الحكم الرشيد حكم كتاب الله منهجا وفكرا .. وليس كما قال الجهلة حكما دينيا داعين إلى وجود حكم مدنى .. لأن تلك العصور جعلت كتاب الله قبلتها حيث قالت وعملت .. فكانت عصور الإبداع والفنون والعلم والأدب .. وحتى فى العصور التالية على عهد العباسيين وعصر الأمويين بالأندلس رأينا فى تلك العهود التى اكتسبت العظمة , مرجعية للقرآن عن طريقها نفضوا الخذلان فكانت البطولة فى قلب عهود التخاذل .. وهل ينسي التاريخ الجيش المصري بقيادة قطز وبيبرس مع المغول والصليبيين ؟! .. وهل ينسي التاريخ صفحات أسد الدين شيركوه ونور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي حتى آخر آيام المجد فى التاريخ الإسلامى .. يوم حرب رمضان والذى كان من أيام الله بالعودة إلى الله فكانت معجزة أكتوبر ..
ووالله ما هانت أمة من أمم العرب إلا بتركها لفكر القرآن والسنة ولا عرفت فى أيامها بطولة أو علما إلا بكتاب الله يستنهضون به التفرد الإسلامى والعربي فى شتى المجالات ..
فأين هى أيام التفكر .. أما آن لها أن تعود ؟!
أما آن لنبوءة رسول الله عليه الصلاة والسلام وضمانته لأمته أن تعود فى قوله " الخير فيّ وفى أمتى الى يوم القيامة " ؟!
ستكون مفاجأة للكثيرين لو علمنا أن عودتها وبأيدى الشعوب لا الحكام هى عودة سهلة ميسورة باستغلال الهمم الغالية التى نراها بادية فى العديدين من نجوم المسلمين ولا تحتاج إلا إلى التنسيق والتوجيه ..
وعن طريق التشبث والتفكر فى القرآن والسنة كما سنرى ..
فالهدف الذى نتمناه من زمن طويل عندما تفجر التطور والكشف العلمى وتتابع فى المائتى سنة الأخيرة على نحو بالغ السرعة ..
هنا نتمنى أن يوجد التنسيق المرتجى بين علماء العلم الكسبي وعلماء التفسير سعيا للربط بين ما دلنا عليه القرآن الكريم وبين ما تكشفه الحفريات والآثار والعلوم للوصول إلى نقطة التقاء بين قصة الخلق كما يعرفها القرآن مضغمة وبين ما تكشفه لنا البحوث المختلفة بالإضافة للكشف والربط بين حقائق التاريخ السحيق الواردة بالقرآن وبين الآثار والتاريخ الذى نكتشفه ونبحث عنه اليوم
ومن أوجه الغرابة أن البريطانيين لهم تجربة غريبة فى شأن اتخاذ المرجعيات عندما تقدم أحد ضباط المخابرات البحرية البريطانية فى الستينيات من القرن الماضي بدراسة بالغة الغرابة حول أوجه التطابق بين قصص الخيال العلمى التى كتبها عباقرة الخيال العلمى مثل جورج هربرت ويلز وجولى فيرن وبين الأحداث التى تحققت بعد ذلك وحملت نفس مضمون تلك القصص .. ودلل رجل المخابرات البريطانى على قوله بما حدث لأشهر السفن العملاقة فى القرن العشرين وهى " تيتانيك " والتى بلغت من قوتها أن قال أحد مالكيها أن تلك السفينة لا توجد قوة على الأرض تستطيع إغراقها بل إن الله نفسه إذا أراد إغراقها لن يستطيع ! .. وأبحرت السفينة فى طريقها إلى الولايات المتحدة من بريطانيا بحمولتها الضخمة لتغرق فى المحيط عقب اصطدامها بجبل جليدى .. وقد أشارت دراسة الضابط إلى أن هناك قصة شهيرة حكت عن سفينة بنفس مواصفات تيتانيك وتنبأ المؤلف فيها أنها كانت سفينة عملاقة غير مسبوقة واسمها " تيتان " وغرقت فى نهاية القصة بعد اصطدامها بجبل جليدى بالمحيط الأطلنطى !
وبغض النظر عن صحة ما قاله الضابط البريطانى من عدمه وأثار به اهتمام ومتابعة رؤسائه وبغض النظر عن كتاب المتنبئ الفرنسي نوسترادموس والذى خضع ولا زال يخضع لمرجعية العديد من العلماء فى محاولة استكناه أسراره ..

ألا يدفعنا هذا إلى سؤال منطقي بسيط .. فى ظل هذا التشبث الغربي بأوهامه ؟!
وهو عن سبب إهمالنا لمرجعية القرآن العبقرية والسنة الصحيحة المحسومة الصدق والتى تحوى إشارات كفيلة لو ـ وضعناها فى اعتبار البحث ـ أن نكتشف العشرات من الظواهر التى عليها حجب بالغة الكثافة من الغموض .. ومن باب أولى وقبل أن نعيب على علماء الغرب ألا يجب أن نعيب أولا على أنفسنا ونحن منذ عصور الإسلام الأولى نفتقد إلى العلماء والممولين وشباب الباحثين فى مجال التاريخ البشري والتاريخ الطبيعى الذين يستطيعون أن يغرقوا البحث خلف الربط الوثيق بين حقائق القرآن وما تحويه الحضارات والعهود القديمة لا سيما وأن بعض الأحاديث قد أشار إلى تفاصيل بالغة الأهمية حوت مواضع جغرافية وفلكية وحقائق علمية تشير إلى أماكن البحث المثلي ..
وإن كنا قد سلمنا للغرب فى استغلاله للثروات الطبيعية العامرة بها المنطقة العربية وهو يستغلها ويحصل عليها منا كمواد خام أولية ثم يعيد تصديرها إلينا بأضعاف مضاعفة من ثمنها على هيئة سلع .. فلا ينبغى أن نضحى بالكنوز العلمية القابعة فى معيارين هما وجود الأسرار العلمية العديدة بأرضنا بالإضافة إلى وجود المرجعية التى تحمل الدلالات الهادية لنا فى البحث مما يوفر علينا عشرات بل مئات السنين فى التوصل لتلك الحقائق وهو ما عاناه الغرب نظرا لانعدام مرجعيته ومصدره الدينى فوصلوا للإكتشافات الحديثة والملغزة بالكون بعد سنوات طوال ومصاريف باهظة وعهود طويلة من الجهل العقيم ..
فقد تخبط العلماء بالغرب حول كيفية بدء الكون لمدة تزيد على مائة عام بعد ظهور نظرية الإنفجار الكبير التى ظلت قيد التطبيق النظرى دون إثبات حتى أتى الأمريكان فى نهاية القرن العشرين وبعد التوصل إلى وسائل التصوير الاليكترونية بالغة التقدم ليثبتوا النظرية عمليا بتجربة أجراها علماء مركز الأبحاث العلمية بنيويورك
حيث استعان العلماء بآلات التصوير الدقيقة التى يمكنها التقاط بليار صورة " مليون مليون صورة " فى الثانية الواحدة ليتابعوا تجربة بالغة الدقة كانت فكرتها فى الإتيان بأربعة وعشرين أنبوب ضخم من أنانبيب الليزر ووجهوا تلك المدافع الليزرية بكامل طاقتها إلى بؤرة دقيقة حملت جسيمات من الوقود الذرى ..
فتسببت الطاقة المتولدة من تلك المدافع والتى تعادل طاقة الولايات المتحدة بأكملها فى حدوث انفجار ذرى ميكروسكوبي وارتفعت درجة الحرارة إلى معدل خرافي لم يبلغه بشري بلغ نحو مائة مليون درجة مئوية وهو ما يزيد على درجة الحرارة الكائنة بقلب الشمس ذاتها .. وكانت النتيجة كما رصدها التصوير الاليكترونى هى تولد شمس ميكروسكوبية فى قلب الأنبوب الإختبارى بعد فناء الجسيمات الذرية ..
وبهذا أثبت العلماء صحة مولد الكون من الانفجار الكبير بعد تلك التجربة التى أنفقت نحو 70 مليون دولار تقريبا ذهبت كلها فى لا زمان تقريبا " 1 / بليار من اللحظة " ..
وعندما هاجت الصحافة حول السفه العلمى جاءهم الرد الذى أخرسهم عندما كشفت الإحصائيات أن النساء تنفق نحو مليار دولار سنويا على أدوات الزينة وتنفق أمريكا نحو نصف مليار دولار على المخدرات كل عام فما الضير من إنفاق أضعاف ذلك على العلم والمعرفة ؟! ..
وهذه الهمة هى التى تتوافر بالغرب وتنعدم عندنا نحن بالرغم من وجود الأدلة الراشدة كما سبق القول والتى تعد كفيلة باختصار زمن البحث العلمى لدرجات عليا .. فلو توفرت الهداية الربانية بالغرب مثلا عند ظهور نظرية أصل الأنواع لتشارلز داروين لما استغرق إسقاطها السنوات الطوال ولو توافرت نفس الهداية ونفس القدرة على الإستنباط من القرآن الكريم لما ظل العلم الفلكى لمدة تزيد عن الخمسين عاما يعتقد بوجود ثمانية أو تسعة كواكب ولكان البحث قد اتجه على الفور للتنقيب عن احد عشر كوكبا ..
هذا هو الذى أعنيه بضرورة انتباه فئات العلماء والغيورين على الدين من المنظمات المدنية لا الحكومية المتجمده بالسلطة .. لأن العلماء والممولين الذين تتوافر فيهم الغيرة الدينية المحمودة للأسف الشديد يفتقدون إلى التوجه الفكرى السليم فى بناء حضارة الإسلام من جديد فلن أتحدث هنا عن مليارديرات العرب المتمركزين بمصر والخليج ينفقون الأموال فى شتى مصارف السفه كما أننى لن أتحدث عن العلماء النابغين المهاجرين بل سأقصر الحديث على أصحاب الأموال الذين توافرت فيهم النية والعلماء الذين توحدت فيهم العقيدة مع هدفهم العلمى بتمنية البلاد الإسلامية وإحياء الفكر الإسلامى
 
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

فهؤلاء وهؤلاء يمضون كجزر منعزلة عن بعضهم البعض وعن بقية علماء الأقطار الاسلامية غير العربية وكلٌ منهم فى اتجاه مع أن الحكمة العربية الشهيرة تقول من قديم أن الإتحاد قوة ..

فهل لنا أن نتخيل مدى القوة التى سنجنيها عندما تتضافر جهود الغيورين فعلا من الطرفين أهل العلم وأهل المال حتى لو كان عددهم خمسة من كل فئة .. إنها ستكون بلا شك بداية إنطلاقة غير مسبوقة بفتوحات غير متصورة كما سنبين بالأمثلة ..
فمع الأسف الشديد هناك من العلماء من لم يحسن نشر علمه رغم نيته الطيبة وهناك منهم من ترك الأمور يائسا وأغلق على نفسه بابه ناسيا أن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما نصحنا بأن نغلق على أنفسنا الأبواب فى فتنة آخر الزمان لم يحمل أمرا مع الوصية بترك الواجب أو اليأس من الإصلاح وإلا لما قال عليه الصلاة والسلام " إذا قامت القيامة وبيد أحدكم فسيلة فليغرسها " وهى الحكمة الهادية التى ترفض اليأس حتى النهاية ..
وأيضا تأملت بالحسرة أصحاب المال من أهل الغيرة وهم يمضون زرافات فى أنشطة تحتاج التنظيم والتوجيه ..
فيلقون بالملايين فى أنشطة لإنشاء المساجد ونحن بحاجة أولى الى المصلين ودور العلاج المجانى ونحن بحاجة أولى لعلاج الأرواح والبصائر ودور الأيتام ومساعدة الفقراء وكلها أنشطة مطلوبة وجميلة لكنهم التفتوا للجميل وتركوا الأجمل لأن تركيز الدعم على البحث العلمى والفكرى كان سيغنينا على الأقل من ضربات المستشرقين واستهزاء المستهزئين عن عمد أو عن جهل .. عندما يتكفل علماء العلوم الكسبية بالإتحاد مع علماء الشريعة فى إثبات صحة الآيات القرآنية والأحاديث المشرفة إثباتا قطعيا بالأدلة العلمية .. بالإضافة إلى النهضة التى ستصعد بالتراجع الاسلامى إلى درجة الرقي الأسمى ..
ومن غريب ما عرفت أن مجموعة من أصحاب المال العرب تعطى مكافأة قدرها ثلاثين ألف دولار تقريبا لمن يستطيع أن يدفع غير المسلم إلى الاسلام
وهى كارثة كبري لو تعلمون .. !!
فأصحاب النية الصالحة فى تلك المكافآت غابت عنهم حقيقة أن عصرنا الآن هو عصر الإستغلال بلا حدود والأمر يمكنه أن يتم كصفقة بين مسلم وغير المسلم طمعا فى المال فتصبح الدعوة هنا دعوة ضرار كالمساجد الضرار التى حرم الرسول عليه السلام أن نصلي بها .. بالإضافة إلى أنه حتى لو كانت المكافأة فى مكانها وتمت هداية غير المسلم إلى الإسلام من أحد الناس .. فأيهما أكبر تأثيرا , أن ندعم الأنشطة العلمية التى تدفع الناس زرافات للإسلام على خير القناعة عندما يلمسون بأيديهم معارج الهداية موثقة بالأدلة التى تقنعهم وتتحدث لغتهم وهى أدلة العلم الكسبي .. أم نسعى لإعادة عهد المؤلفة قلوبهم والذى أنهاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما رفض الإستمرار فى تألف قلوب الناس فى عهده ليظلوا بالإسلام حتى تستوثق عقيدتهم وقال قولته المشهورة " لقد أصبح الإسلام عزيزا ولا يحتاج لذلك "
فالدعم العلمى وتنظيم تلك التجارب بشتى أنواع العلوم كفيل بتحقيق غاية المنى وبأيسر السبل ولست أعنى التوجه للعلوم التجريبية فقط بل يكون قبلها العلوم الفكرية والتى غابت بغياب مراجعها القديمة التى اهتم ويهتم بها الغرب ونتركها نحن أصحابها .. والمتمثلة فى عشرات الآلاف من الكتب والمخطوطات التى تنتظر ذو حمية فيبادر لطبعها مجددا بشكل مكثف عما هو قائم ليعرف أهل الاسلام ما هى رسائل اخوان الصفا , تلك الفكريات التى أعجزت عمالقتهم , ومن هو عبد الرحمن بن خلدون ومن هو السيوطى ومن هو بن حزم ومن هو الفارابي , ومن هو الخوارزمى مبتكر علم الجبر والذى سجلت معادلاته فى المراجع الغربية باسم " الألجاريزم " ومن هو أبو القاسم الزهراوى والذى كانت كتبه وأشهرها الحاوى فى الطب هى المرجع الرئيسي لعلوم الطب الغربية زهاء أربعة قرون
هذه المراجع التى لا ينفذ علمها تخيلوا معى لو قامت فى أركان الدول العربية مسابقات ثقافية متتابعة فحواها تحقيق ودراسة تلك الكتب واختبار المتسابقين فى دراستها على أيدى متخصصين .. تخيلوا معى النتيجة .؟!
لن تمضي عشر سنوات حتى نجد بين العرب آلاف العلماء والمفكرين الذين بُنيت أفكارهم على أرضية واثقة صلبة
وتخيلوا معى لو أن تجربة الجمعيات العلمية التى ابتكرتها جامعات مصر ومهمتها تنمية الموهبة العلمية فى الإكتشافات والإبتكارات لطلبة كليات العلوم وقد نجحت التجربة برغم ميزانيتها ونشاطها المحدود .. لو أن تلك الجمعيات تم تعميمها بمسابقات وهيئات مدنية يقوم عليها كبار الداعمين للثقافة وتم توفير المختبرات لهؤلاء الطلبة وتوفير احتكاكهم بأروع ما أنتجته القريحة البشرية من أجهزة .. تخيلوا كم عدد العلماء الذين سنكتسبهم من أثر هذا الدعم ؟!
واضافة إلى كل هذا .. سيكون الإنتماء المفقود أجمل ما سنتمكن من إعادته لقلوب الشباب العربي التائه فى تغريب العولمة وأولئك المتميزين من شباب المواهب الذين قتلتهم يأسا يد الإهمال ولسان حالهم يقول كقول الإمام الشافعى
وأحق خلق الله بالهَمّ .. إمرؤٌ ×× ذو همةٍ .. يـُبلي بعيشٍ ضيقِ
وأمامنا نوافذ البحث العلمى والتاريخى بلا عدد .. فى شتى العلوم والمعارف منها
أولا .. فى مجال التاريخ الطبيعى
المتأمل فى تاريخ الحضارة السحيقة سيجد أنه مجال بالغ الثراء يعكف عليه الغرب بحثا وتنقيبا فى بلاده وبلادنا نحن أيضا .. وليس خافيا أن البحث فى البلاد العربية يأخذ الإهتمام الأكبر من العلماء فى محاولة تفسير العديد من الآثار وترجمة عصورها فمن تلك الآثار ما تم ترجمة تاريخه ومنها ـ وهو الأعم الأغلب ـ ما زال خافيا .. فلماذا لا تكون لنا البادرة ومعنا الاشارات القرآنية التى تهدى وتكشف مثل
كهوف تاسيلي الموجودة بمنطقة جبال تاسيلي على الحدود الجزائرية الليبية
والتى اكتشفها الرحالة " برنبان " عام 1938 م وكانت
كشفا رهيبا لأن ما وجده برنبان أثار فضول العلماء عشرات السنين لأنه وجد رسوما ونقوشا بالغة الوضوح تحمل صورا دقيقة لرجال ونساء يطيرون فى الجو بأحزمة طيران وملابس فضائية حديثة بالإضافة الى أجهزة فضائية ورواد فضاء وما إلى ذلك من مشاهد مذهلة .. حتى جاء العالم " هنرى لوت " ومعه فريقه عام 1956 م ليـُخضعوا تلك الرسوم للفحص الدقيق بالمسح الذرى وقياس الكربون المشع والبوتاسيم بالصخور التى رسمت عليها تلك اللوحات لتظهر حقيقة تزيد الغموض أضعافا مضاعفة وهى أن تلك الرسوم عمرها ما بين 20 ألف عام و30 ألف عام .. !!
فما هو كنه تلك الحضارة السحيقة التى تركت هذه الآثار لو علمنا أن غاية التاريخ المقروء والبادئ وفق تصنيف العلماء توقف عند عشرة آلاف عام ماضية فقط لم يمكنهم تحديد أى علامات حضارية وآثار مسجلة أقصي من هذا البعد وكانت أول الحضارات المتقدمة المكتشفة هى الحضارة الفرعونية التى يتراوح عمرها بين 7 , 12 ألف عام بحد أقصي
لو أننا أحسنا التنقيب والبحث خلف تلك الحضارات التى وُجدت قبل عشرين ألف عام وامتلكت مثل هذا التقدم واضعين بأذهاننا القصص القرآنية التى روت العهود السحيقة وأضافت الأحاديث النبوية الكثير من التفاصيل إلى تلك الروايات ألا يمكننا كشف كنه تلك الحضارة لو أننا لاحظنا حقيقة هامة وهى أن آدم عليه السلام نزل الى الأرض منذ 100 ألف عام وهو أقصي عمر لوجود البشر على الأرض وفق آخر التقديرات العلمية .. وما دام العلم توقف عن الإدراك عند حدود عشرة آلاف عام ماضية فقط فأين هى الأمم التى سبقت تلك العهود وحق عليها الفناء بالجزاء الالهى وكان بعضها كما أشار القرآن الكريم بالغ التقدم والرقي كما وصف مثلا قوم عاد وارم فالوصف القرآنى البديع " إرم ذات العماد التى لم يخلق مثلها فى البلاد " لا يمكن أن يكون شيئا له شبيه لأن المتحدث هنا هو رب العزة فما دام قد قال لم يخلق مثلها فى البلاد فمعنى هذا أنها كانت حضارة تفوق تقدمنا العلمى بمراحل واغترت بعقولها فكان جزاؤهم الفناء الذى أخبرنا القرآن الكريم
وكذلك قارون الذى كان من قوم موسي وأمواله وذهبه الذى كان ينوء بالعصبة حمل أقفاله أين تلك الثروات الرهيبة والتى خسفت بها الأرض ولماذا لا يتم التنقيب والبحث والإستدلال بالآيات القرآنية عليها..
الغوامض العلمية المذهلة المتمثلة فى منطقة الربع الخالى بالجزيرة العربية والتى تعجز الأشعة عن سبر أغوار رمالها المتحركة الغامضة والتى أشار القرآن والحديث فيها إلى أنها موطن قوم إرم كما بين الحديث الشريف ذلك عندما أخبر رسول الله عليه الصلاة والسلام بأن مساكن إرم التى لم يخلق مثلها فى البلاد ستكشف مرة واحدة لأحد الصحابة وهو ما تحقق فعلا
كذلك قصة ذى القرنين والسد الغامض المبنى من زبر الحديد والنحاس والذى لم يستطع قوم يأجوج ومأجوج خرقه وسيفتح فى آخر الزمان لتكون بداية النهاية مع أعداد يأجوج ومأجوج الخرافية والتى ستبلغ من كثرتها أنهم إذا عبروا على نهر وتناول كل منهم شربة منه سيفنى هذا النهر .. بالإضافة إلى قصة فرعون وما اكتشفه العلماء حول أحد ممياوات الملوك الفراعنة بمصر وكيف أن التحليل أثبت موت صاحب الجثة غرقا وفرعون هو المشار إليه بالقرآن إلى أن الله تعالى سينجيه ببدنه ليكون آية وعبرة ..
والبحر الميت أغرب البحار على وجه الأرض حيث تبلغ درجة ملوحته درجة رهيبة ولا يوجد به أى كائن حى من الكائنات المائية لا الأسماك ولا غيرها ويقع بنفس المنطقة التى كان يقطنها قوم لوط عليه السلام .. والبقايا الفخارية بالغة الكثرة والقدم الموجودة بصعيد مصر ألا تذكرنا بالمخازن الفخارية التى أعدها أهل مصر فى السبع سنوات عجاف التى فسر بها يوسف عليه السلام رؤيا عزيز مصر كما أشارت القصة القرآنية لو أننا ربطنا الحقائق التاريخية والبحث العلمى بالحقائق والإشارات القرآنية والسنة ألا يوفر لنا هذا حقائق مذهلة ما زالت بالغة الغموض فما المانع من وضع الإشارات القرآنية كمرجع عميق و التى أصبحت مع بدايات الكشوف التاريخية بالذات سراج نور أمام غوامض عدة .. ولماذا لا تكون لنا البادرة فى التفسير والربط والإكتشاف ما دام الله قد وهب لنا الإشارة وأمرنا بالتدبر ؟!

ثانيا / فى العلوم التجريبية " الطب والفلك والحيوان والنبات "سبقت الاشارة الى مدى الترابط الوثيق بين الآيات الكونية فى القرآن الكريم والسنة وبين الحقائق التى ظلت أالغازا حتى أثبتتها التجارب حول الإتساع اللامتناهى للكون وحول مواقع النجوم وحول عمد السماء غير المنظورة .. بالإضافة إلى ما قرره العلماء عن الأبعاد الكونية التى لا يمكن للبشر ادراكها ومدى ما تشير اليه الآية الكريمة " ويخلق ما لا تعلمون "
ولا زالت آيات القرآن الكونية تحمل المزيد ولا زالت حقائق الكون غامضة تنتظر التفسير ..
وفى مجال الطب والتداوى وحديث القرآن عن العسل الذى فيه شفاء للناس والتمر الذى أوصي به الرسول عليه السلام والزيتون والتين والسواك والحبة السوداء والدباء " القرع " وما إلى ذلك من إشارات بديعة لنباتات تحمل فى أعماقها شفاء معالجا دون آثار قاتلة كالتى أورثنا إياها علم الصيدلة الكيميائية من الغرب والذى بدأ فى السنوات الأخيرة يلهث خلف الغابات والقبائل الافريقية الموصومة بالتخلف ليدرك أى معالجات ساحرة تلك التى يتعاطاهات أولئك البدائيين بالتوارث
وعندنا فى عالمنا العربي قبائل الطوارق التى تقطن الصحراء الغربية الممتدة فى أعماق مصر والجزائر وليبيا وكشف علماء الغرب كنه الأشجار التى يتداوون بها ووجدوا فيها مواد مخدرة وأخرى شافية كما أشار لذلك بعض رحالة العرب مثل الدكتور مصطفي محمود والكاتب الكبير محمود السعدنى وغيرهم
إضافة إلى ما تكشف من حقائق طبية صريحة حول المنهى عنه فى المأكل والمشرب بالقرآن والحديث وطابقت اكتشافات العلماء صحة التحذيرات وقد قال الله عز وجل
( حرمت عليكم الميتة , والدم , ولحم الخنزير , وما أهل لغير الله به , والمنخنقة , والموقوذة , والمتردية , والنطيحة , وما أكل السبع - إلا ما ذكيتم - وما ذبح على النصب , وأن تستقسموا بالأزلام . . ذلكم فسق )
وكل ما حرم الله جاء مطابقا لصحة البشر وحياتههم .. وأسلوب الذبح للحيوانات والذى أثبت العلم أنه السبيل الأكثر أمنا والوحيد لتفريغ الدماء عبر شرايين الرقبة ليطيب المأكل وقد حذرنا رسول اله صلي الله عليه وسلم من أكل كل ذى ناب وجاء العلم مقررا الأثر الفادح فى تناول آكلات اللحوم .. كما أوضح عليه الصلاة والسلام مدى الأثر الصحى الذى يتركه الوضوء عندما شبهه بوجود نهر يغتسل المرء منه خمس مرات يوميا فلا يبقي من درنه شيئ ..
وفى مجال الحيوان حدثنا القرآن وتحدثت الأحاديث الشريفة عن أمم أمثالنا بين الحيوان وعن لغات بينهم وجاء علماء الحيوان ليكتشفوا الأعاجيب فى أمم النمل والنحل والنظم الهندسية والتشريعية التى تحكمها كأحسن الأمم البشرية تحضرا
ولا زالت هناك اشارات غامضة تنتظر التفسير حول هذا العالم الأغرب من حولنا فقد حدثنا القرآن عن تسبيح كل شيئ لله ولم يستثن لا جمادا ولا كائنا حيا وأشار القرآن بنفس الآية الى أننا لا نفقه هذا التسبيح
كل تلك الحقائق ألا تحفزنا للبحث خلفها بالأسلوب العلمى واستخراج ما بها من كنوز نبنى بها من جديد حضارة إسلامية ناهضة قبل أن يأتى الوقت الذى يعود فيه الإسلام غريبا كما بدأ ..

 
رد: الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى

طبقات الإعجاز بالقرآن والسنة


وفى هذا الفصل .. سنعرض لطبقات الإعجاز القرآنى الكريم فى الشأن العلمى ونرد فى نفس الوقت على الجهالات التى أتى بها خالد منتصر وزمرته التى ضربت الأمثلة فى الغرض عند القول والجهل عند الفعل ..
لكن بداية سنوضح تعدد الإعجاز القرآنى بشكله العام وكذلك نرد على ما قالوه من أن العلماء يعسفون معانى اللغة العربية وكأنى بهم يتهمون عباقرة عصرهم بالجهل فى العربية وهم أبعد ما يكونون عن هذا .. بالإضافة إلى أن الناقدين فى دعوتهم تلك عابوا على العلماء الحديث فى غير التخصص ثم وجدناهم أول المخالفين لمنطقهم هذا عندما تصدى خالد منتصر لتفسير دلالات اللغة بشكل مضحك لا يدل على شيئ بقدر ما يدل على الغباء قبل الجهل العقيم ..
فالقرآن نزل باللسان العربي وتفسيره وفق دلالات العربية أمرٌ لا مجال فيه لمجرد النقاش وإلا كيف يتسنى لنا القول بإعجاز القرآن لغويا لو أن العرب لم يفهموا دلالته بكل دقة .. وليس معنى غياب قوة اللسان العربي عما كانت عليه قديما أن عصرنا يخلو من أهل اللغة الكبار فهذا أمر لا يمكن القول به ورسول الله عليه الصلاة والسلام أشار أكثر من مرة إلى بقاء الخير فى أمته إلى يوم القيامة .. فضلا على أنه بشرنا بظهور عالم يجدد للأمة دينها على رأس كل مائة عام ..
يقول الله عز وجل
( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ )
والآية صريحة معبرة عن واقع الاختلاقات التى لاقاها القرآن وأهله وتكررت اليوم
وعلماء اليوم ممن أحسنوا اللغة العربية فأحسنت إليهم وأعطتهم وهم لا يحصون كثرة سواء من المعاصرين الذين رحلوا منذ سنوات قليلة كالإمام الشعراوى والغزالى ومحمود شلتوت وغيرهم ومن المعاصرين الذين نتمنى أن يبارك الله لنا بأعمارهم مثل الدكتور زغلول النجار والدكتور مصطفي محمود والشيخ الزندانى والدكتور السامرائي والدكتور الكبيسي والقرضاوى وغيرهم ..
بالإضافة إلى آلاف الجواهر المخبوءة من طلبة العلم وشباب المثقفين والكُـتّـاب الذين تربوا فى حجر القراءة والإدراك وقاوموا رغم تراب الإهمال الذي ألقته عليهم ظروف البلاد العربية والإسلامية ..
والقرآن الكريم حافل بآيات الإعجاز كما سبقت الإشارة والتى طرقت كل مجال بشري دون استثناء بالإضافة إلى مجالات لا تزال غامضة إلى اليوم كالإعجاز الموسيقي فى التركيب القرآنى والذى استعصي على الفهم والتقنين منذ عهود الإسلام الأولى ومرورا بأكبر الحضارات العربية الأموية والعباسية وكلها وقفت عاجزة عن تفسير كنه الموسيقي القرآنية ليخرج الرأى القائل بأن القرآن الكريم لا هو بالشعر الذى تحتكم كلماته لموسيقا العروض ولا بالنثر الذى تحتكم كلماته لموسيقا السجع بل هو فن إلهى لغوى عربي متفرد
وبرأيي أن موسيقا القرآن بحاجة إلى عالم رياضيات وعالم لغة يلهمهما الله التدبر للوصول إلى كنه تلك الموسيقا وكشف تقنينها والأغلب أن البناء الموسيقي فى القرآن بناء متعدد بتعدد السور الكريمة
وضربنا عبر صفحات الدراسة العديد من الأمثلة عن الإعجاز القرآنى فى اللغة والذى لم ينضب إلى اليوم بالرغم من أنه أول فلتات الإعجاز التى انتبهت إليها العرب ولم تستطع إحصاءها عددا إلى اليوم بالرغم من مستويات إدراكهم بلغتهم البالغة الفصاحة والإتساع وخبراتهم التى كان من المنطقي أن تدرك كل إعجاز بيان القرآن لغويا وهو ما لم يحدث .. لتصدق كلمة الله فى سورة الكهف حيث قال
( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا )

وهى إشارة واضحة إلى أن شرح آيات القرآن كاملا أمرٌ مستحيل وسيظل القرآن منبعا للعجائب إلى يوم الدين ولا تنفذ عجائبه كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام وكما أمرنا عند القراءة فيه والإستماع إليه بالتماس غرائبه التى لا تفنى
فضلا على وجود العديد من الآيات الكريمة التى احتوت بشكل بالغ التفرد على عدة نواح إعجازية فى عدة مجالات برغم كونها آيات قصيرة .. فتجد فيها إعجازا لغويا مصاحبا للإعجاز العلمى بل والرياضي أيضا كما فى قوله تعالى
( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (59) وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )
وعن الإعجاز الرياضى التى أُفردت له دراسات متعددة وجميلة عن كيفية إعجاز البناء القرآنى رياضيا ..
وهو الذى اتضح بالعديد من الدراسات حيث خلصت إلى عدة نتائج لافتة منها ..
أن لفظ " الدنيا " تكرر بقدر " الآخرة " 115 مرة و " الملائكة " تكرر لفظها بقدر " الشياطين " 88 مرة و " الموت والحياة " بقدر 145 مرة , و" الصيف والحر " بقدر " الشتاء والبرد " 5 مرات , و" السيئات " بقدر عدد مرات " الصالحات " 167 مرة
ولفظى " الكفر والايمان ـ وكفرا وايمانا " 17 مرة ولفظ " إبليس " بلفظ الإستعاذة منه 11 مرة ولفظ " الكافرين " بنفس عدد لفظ " النار " ولفظ " الحرب " بذكر " الأسري " مرتان , و لفظ " قالوا " تكرر بلفظ " قل " وهو أمر القول 332 مرة ولفظ " الشهر " 12 مرة بعدد شهور السنة , ولفظ " اليوم " 365 مرة بقدر أيام السنة ولفظ " الأيام " بقدر عدد أيام الشهر 30 مرة
بالإضافة إلى الرقم سبعة والذى يحتوى القرآن منه أعاجيب هندسية مرتبة ترتيبا رياضيا بالغ الدقة وغير ذلك مما اشتملت عليه موسوعة الإعجاز الرقمى بالقرآن ..

هذا فضلا على الإعجاز التشريعى والذى شهد له أساتذة القانون بفرنسا أعرق البلاد فى وضع القوانين والنظم الإدارية فى العصر الحديث وشهدت مؤتمرات الشريعة الإسلامية التى عُقدت بجامعة السوربون وغيرها على مدى ما يتمتع به التشريع القرآنى من نظام قانونى لا يقبل التعديل والتحريف كل فترة وكل وقت كما فى النظم الوضعية ..

بالإضافة إلى النظام الإجتماعى الإسلامى والذى تخلت عنه البلاد العربية طواعية فى فترة التقلبات المذهبية فى القرن العشرين بين الشيوعية والرأسمالية وهى النظم التى ثبت فشلها وسقوطها فى بلادها رغم أن نظامنا الإسلامى أسس حضارة امتدت قرونا طويلة لم تهدم آثارها إلا عند التخلى عن نظمنا .. فقد سقطت الشيوعية برغم كل ما أحيط بها من بريق لأنها لم تراع البعد البشري فى التقنين وهدمت الطموح كما سقطت الرأسمالية فعليا ببلادها عندما دفعت الطموح الشخصي للتغلب على سائر العلاقات والتضامن الإجتماعى الواجب اتباعه فى المجتمعات لتفادى الإنهيار فحدث التفسخ الذى رأينا آثاره فى الفصول السابقة من الدراسة ..
وحده النظام الإسلامى أخذ المجد من طرفيه فلم يهن أو يسقط أو تظهر به بادرة انتقاد واحدة لأنه دين الوسطية الشامل لكل زمان ومكان والذى راعى الطموح فلم يهدمه وراعى البعد الإجتماعى فلم يهمله وراعى البعد العقلي فلم يُحجمه ..

وفى المجال الفكرى .. وقف العالم الغربي كله مبهورا بفلسفة إخوان الصفا الذين قاموا على أساس الفكر الإسلامى بإعادة كتابة وشرح فلسفيات الغرب المغرقة فى القدم والعراقة مثل فسلفيات أفلاطون وأرسطو وسقراط .. وعدلوا الكثير من أفكارها وحلوا العديد من القضايا الفلسفية التى تركها هؤلاء الفلاسفة دون حل على نحو أبهر ولا يزال يبهر الغرب نفسه حتى أن توزيع وطباعة تلك الكتب يفوق بمعدلات مذهلة طباعتها بالبلاد العربية ذاتها .. كما كانت فلسفة بن رشد وبن خلدون أساسا عملاقا للفسلفة الحديثة عند جان جاك روسو ونيتشه وغيرهم من فلاسفة أوربا ..
بل إن المجال الصوفي ذاته فى الإسلام وقف الغرب ينهل من معينه بينما غفلنا نحن عنه فقد عرفنا نحن عرب العصر الحديث أن هناك عمالقة فى الفكر الصوفي الإسلامى عن طريق كتابات الغرب المنبهرة عنهم مثل ما كتبه المستشرقون عن كتاب " المواقف والمخاطبات " لمحمد بن عبد الجبار النفري والذى يمثل فى الغرب أسطورة فكرية ..
نخلص من هذا إلى أن القرآن من المستحيل محاكاة إعجازه بقول أوفعل بشر لكونه أتى فى مجمله بناء واحدا معجزا فى أكثر من مجال توافرت جميعها فى قالب قرآنى واحد

طبقات الإعجاز العلمى بالقرآن والسنة


ينسي المنتقدون دوما أن الإعجاز العلمى بالقرآن والسنة هو أحد أنواع الإعجاز فحسب .. وما كان التركيز عليه بالعهود الحالية إلا لأجل أن مجاله تم فتحه بالتقدم العلمى الذى يمنحنا التركيز والإنتباه لاستقصاء هذا اللون من الإعجاز ..
وقد ثبت الإعجاز العلمى منذ عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام واستمر فى العهود التالية حتى اليوم ..
فقد روى عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال ما معناه
" لا يوجد عام أكثر من عام فى المطر أو أقل "
وهو أمرٌ كما نرى علمى بحت ويتعلق بحقيقة علمية ثبتت منذ سنوات قليلة من أن كمية الماء الموجودة على الأرض ثابتة لا تزيد أو تنقص وكمية الأمطار ثابتة أيضا دون زيادة أو فروق من عام لآخر وهى آية من آيات الله أتت لرسول الله وحيا فى عصر لم يكن يعرف عن المطر إلا أنه مظهر موسمى من عام لآخر ويختلف من شهر لآخر ..
وكذلك عندما توفي إبراهيم بن الرسول عليه الصلاة والسلام وصادف حادثة موته أن كُسفت الشمس فقال الصحابة أنها قد كُسفت حزنا على إبراهيم فنهاهم الرسول عليه الصلاة والسلام داعيا إياهم إلى التوقف عن مثل ذلك بقوله ..
" إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يكسفان أو يخسفان لموت أحد ولا لحياته "
وهو تقرير أن الشمس والقمر عبارة عن آيات من الله أى معجزات مسيرة منه سبحانه وتعالى لا علاقة لها بإرادة البشر وهى حقيقة فى هذا الزمن كان من الممكن أن تناسب تأويلها من حيث أنها كسفت حزنا على بشري أو خسفت ولكن الرسول بين فى تعليقه المعجز أنها من آيات الله وهو مظهر علمى وضح للصحابة فآمنوا به حتى وضح لنا كحقيقة ثبتت بالعلم الكسبي
أيضا فى القرآن الكريم عندما شرح الله عز وجل مراحل تخلق الجنين وكانت خافية خفاء مطلقا وأظهرها القرآن .. فتلك حقيقة علمية ثابتة وإعجازا علميا عرفناه نحن وشاهدناه بالعلم الحديث بعد أن آمن به الصحابة والمسلمون قبل أربعة عشر قرنا
وكذلك عندما تحدث القرآن عن أمم الحيوان كالنحل والنمل ولغاتها التى كشفت لنبي الله سليمان وغير ذلك من المظاهر التى أتى بها القرآن كاشفا عن تسبيح كل شيئ فى الكون لله عز وجل طوعا أو كرها .. مثل تلك الأمور الخافية التى وضحت للصحابة والمسلمين الأوائل كانت إعجازا علميا فى عهد كانوا يظنون فيه الحيوانات كائنات لا تفقه مثل تلك الأمور وليس بينها وبعضها البعض لغة أو تنظيم وهو الأمر الذى كشفناه نحن بعصورنا الحديثة فى بداياته ومن المتوقع أن نكشف المزيد عن عوالم الحيوان فى هذا الشأن

وللقرآن الكريم طبقات مختلفة فى الإعجاز العلمى ..
فمن الممكن تقسيم الإعجاز العلمى من حيث مراحله الزمنية إلى إعجاز تم كشفه فى الماضي وإعجاز بالحاضر وإعجاز مستقبلي من المتوقع كشفه كما رأينا فى العديد من الأمثلة عبر تلك الدراسة ..
كما يمكننا تقسيمه إلى حقائق علمية قابلة للكشف فى مطلق الحياة كالتى يوضحها العلماء كل ساعة وأخرى ستظل حتى الساعة غامضة غموضا مطلقا مثل الروح التى قال عنها الله عز وجل
" ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .. "
ومثل موعد الساعة وكيفية الخلق وما إلى ذلك من الغيبيات التى لن تكشف قط ..
ويمكن تقسيمه إلى آيات إعجازية واضحة فى مجملها وأخرى يتضح معناها على مراحل بحسب تقدم كل عصر .. مثال ذلك الآية الكريمة التى تقول " ويخلق ما لا تعلمون "
فإعجازها متجدد وغير نافذ إلى يوم الدين مع جهلنا الذى يتكشف بما لا نعلم وسيظل الجهل قائما بالمخلوقات فى مجملها وكل ما سنصل إليه مجرد تنويعات للمخلوقات تتضح حسب علمنا كما عرفنا الكائنات الدقيقة كالأميبا والفيروسات والميكروبات وغيرها ..
وهناك الكائنات التى نعرفها لكننا لم نرها ولن نراها مثل الملائكة والجن وما خلق الله فى كونه الشاسع وأمامنا ما كشفته عشرات المشاهدات لظواهر الأطباق الطائرة فى شتى أنحاء العالم وبعض تلك الظواهر كان مشاهدوها بعشرات الألوف ومنها ما ترك آثارا شديدة الوضوح مثل المكسيكى " فنتورا ماسيراس " وهو رجل طاعن فى السن تعرض له أحد تلك الأطباق فى مساء يوم 30 ديسمبر 1972 م وباستخدام أشعة غامضة عادت إليه أسنانه التى سقطت بفعل الشيخوخة وذهبت عنه أعراض أمراض مسجلة ببطاقته الصحية بوسيلة غير معروفة وأثبت هذه الحقائق الطب الشرعى الذى قرر عند دراسة حالته أنه لا توجد وسيلة أو حالة تفسير علمية لتنبيت الأسنان بمثل تلك القوة وهذه السرعة فى ضفائر فقدت حيويتها بالفعل !
وأخرا يمكننا تقسيم طبقات الإعجاز العلمى بالقرآن إلى حقائق نستدل عليها بالعلم الكسبي ونجد الإشارة بها بالقرآن الكريم وأمثلتها أيضا تعددت بتعدد فصول الدراسة .. وحقائق أخرى يتم استنباطها من خلال القرآن الكريم ذاته ..
وهذا النوع الأخير هو الذى يمثل ضربة قوية للمنتقدين للإعجاز العلمى بالقرآن فهناك العديد من الكشوف العلمية التى توصل إليها علماء المسلمين عن طريق السعى خلف الإشارات القرآنية
ومثال ذلك
ما بحث العلماء خلفه حول أسرار حركات الصلاة فى القيام والقعود وأثبتوا مدى تأثيرها الصحى على الإنسان إذا تم أداء الصلاة بشروطها المعروفة فى التأنى والإستغراق .. وما اكتشفه الباحثون من أثر ذكر الله والأثر الذى تتركه قراءة القرآن الكريم وسماعه على النفس البشرية ودرجة اطمئنانها تبعا لإشارة القرآن الكريم " ألا بذكر الله تطمئن القلوب .. " ..
وأثبتت البحوث أيضا أن مواقيت الصلاة وممارستها بانتظام هى أحد أهم شروط أداء وظيفتها فى المخ والله تعالى يقول " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " وما ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام عن الصلاة وهو يقول " يا بلال أرحنا بها " .. وهو البحث الذى أجراه بواسطة د.نيوبرج (الأستاذ المساعد - قسم الاشعة- جامعة بنسيلفانيا- المركز الطبي)
وأخيرا هذا الكشوف العلمية التى تمثل فتحا فى الطب والصيدلة بالإستدلال بالقرآن والسنة الثابتة وقام بها العالم المصري الأستاذ الدكتور عبد الباسط محمد السيد أستاذ الفيزياء الحيوية بمصر وأحد عباقرة علماء المسلمين الذين وهبهم الله تعالى تلك المنحة
فقد أنتج 129 دواء عشبيا بعضها من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام وأشرف على 186 بحثا لرسائل الماجستير والدكتوراه وله أكثر من 216 بحثا فى الدوريات العلمية العالمية بالإضافة إلى براءات إختراع من هيئات دولية كبري أشهرها مكتب براءات الإختراع الأمريكى والأوربي " أى أنها شهادات من جامعات غربية وليست إسلامية "
ومن تلك البراءات
براءة اختراع أمريكية رقم: 69682، حول: تركيبة لعلاج الالتهاب الكبدي الفيروسي.
• براءة اختراع أوروبية رقم: 0793964، علاج الالتهاب الكبدي الفيروسي.
• براءة اختراع أمريكية رقم: 0893966، عن مستخلصات لعلاج الأورام والفيروسات

وما يعنينا أكثر براءة الإختراع المسجلة لهذا العالم الفذ فى مكتب براءات الاختراع الأمريكى تحت رقم : 5227382 ونفس الاكتشاف مسجل بمكتب براءات الاختراع الأوربي تحت رقم 0489991 – 2102/90313368.4

وهى الخاصة باكتشافه قطرة للعين البشرية خاصة بعلاج المياه البيضاء " الكتراكت "كبديل عن الجراحة وهى التى استخلصها من سورة يوسف حول قميصه عليه السلام الذى تم إلقاؤه على أبيه يعقوب عليهما السلام فارتد له بصره فأخذها العالم الكبير وقام بتحليل العرق البشري ليركب تلك القطرة المدهشة لعلاج مرض لم يكن معالجا من قبل إلا بالجراحة .. مصداقا لقوله تعالى
" اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا .. "
صدق الله العظيم ..
وفى تعليق العالم الجليل قال بأن تلاوته للقرآن الكريم وتأمله فى تلك الآية تحديدا كان دافعه لتلك الفكرة وهذا الإكتشاف
والمثير أن أكبر المنتقدين خالد منتصر وهو طبيب والمفروض أن هذا المجال مجاله الذى يتعين عليه الإحاطة بالجديد واللافت فيه فما باله لم ينتبه إلى أحد الأطباء من مواطنى بلده وقد طرق الآفاق بمثل هذه الإكتشافات قبل أن يتفوه بما أتى به من جهالات لكن هذه المعلومات ـ والتى أشك أنها لم تبلغه لكونه طبيبا ـ ما كان لها أن تعيد للضالين هداهم كما وعد بذلك رب العزة وأوضحناه من قبل


وأن الحمد لله أولا وأخيرا هو نعم المولى ونعم النصير
تمت الدراسة بفضل من الله وتوفيق
 
عودة
أعلى