الأرقام العربية عربية لا أوروبية ولا هندية

JUGURTHA

عضو
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
3,441
التفاعل
4,784 1 0
1. الفرق بين العدد و الرقم



الرقم هو رمز يستخدم لتمثيل العدد، فالرقم ليس عددا وإنما هو شكل وصورة ترمز للعدد، وإذا كانت الأعداد ليس لها آخر فإن الأرقام عددها عشرة، والأرقام العربية اسم يطلق على سلسلة الأرقام المستخدمة في العالم، وكذلك تسمى في المخطوطات الغربية، وهي 9-8-7-6-5-4-3-2-1-0، فرمز العدد اثنان يتكون من رقم واحد من الأرقام العربية وهو 2، ورمز العدد خمسة وعشرون يتكون من رقمين من الأرقام العربية هما الرقم5 والرقم2، ونقول العدد 25 ولا نقول الرقم 25.

2. أرقام أخرى



عرفت الحضارة العربية سلسلة أخرى للأرقام في مشرقها لا تزال حاضرة في بعض الدول الإسلامية مثل المشرق العربي وإيران وباكستان وهي الأرقام العربية الهندية ۰-۱-۲-۳-٤-٥-٦-٧-۸-۹.

الأرقام العربية 0123456789
العربية-الهندية ٠١٢٣٤٥٦٧٨٩
العربية-الهندية الشرقية(الفارسية والأردية) ۰۱۲۳۴۵۶۷۸۹
الهندية(الهند الحالية) ०१२३४५६७८९
تاميل ௧௨௩௪௫௬௭௮௯


3. أصل الأرقام العربية



أرجح الآراء هو أن الأرقام العربية وضعها صانع زجاج مغربي. أعطى للأرقام التسعة شكلا يتعلق بعدد الزوايا في رسم كل منها: زاوية للرقم 1 زاويتين للرقم 2 وهكذا...
فإذا كتبنا الأرقام حسب عدد الزوايا مع أن الصفر دائرة غير مزواة على هذا الشكل:





وبعد أن بقيت التسعة والصفر كما هما، ودورنا الثمانية والستة والخمسة والأربعة والثلاثة والواحد، وقلبنا الرقم اثنان والرقم سبعة. حصلنا على الشكل التالي:





وبإيصال بعض هذه الأشكال بعضها ببعض، دون تغيير في الترتيب، نحصل على الشكل:





وهذه جملة عربية مكتوبة بالخط الكوفي (ويطلق هذا الاسم على كل الخطوط التي تميل إلى التربيع والهندسة)، وهي: وهدَفي حسابْ ، مع أن السكون هو الصفر.


4. من حساب الجمل إلى الأرقام



جدول حساب الجمل

ا 1 ي 10 ق 100 غ 1000

ب 2 ك 20 ر 200

ج 3 ل 30 ش 300
د 4 م 40 ت 400
ه 5 ن 50 ث 500
و 6 س 60 خ 600
ز 7 ع 70 ذ 700
ح 8 ف 80 ض 800
ط 9 ص 90 ظ 900


الأرقام العالمية كانت تسمى الأرقام الغبارية، وفي المخطوطات القديمة تسمى الأحرف الغبارية، فللقلصادي كتاب يسمى كشف الستار عن حروف علم الغبار. والغبارية ليست نسبة إلى الغبار كما هو شائع، فقد جاء في منظومة محمد بن أحمد بن غازي (منية الحساب) :

بسيط أسماء الجميع إثنا عشر=منها تركب جميع ما غبر

فتسعة منها هي الآحاد=وعاشرا للعشرات زادوا
والتال للمئين والثاني عشر=ءالافها ومن هنا الطي انتشر

المراد بالجميع جميع الأعداد، وغبر بمعنى بقي( كما جاء في شرحه للمنظومة) ومن هذه المنظومة يمكن أن نستنتج تفسيرا لسبب تسمية هذه الأرقام بالغبارية، من اثنا عشر اسما للأعداد(واحد-اثنان-ثلاثة-أربعة-خمسة-ستة-سبعة-ثمانية-تسعة-عشرة-مائة-ألف) يتركب ما غبر أي ما بقي من الأسماء، فاسم العدد 203 يتركب من الاسم مائة والاسم ثلاثة، وهذه ميزة تتميز بها الأرقام الغبارية عن حساب الجمل الذي ليست للأعداد فيه أسماء محددة، فالعدد 25 مثلا هو20+1+4 وهو كاد أو 8+10+7 وهو حيز أو 9+1+5+10 وهو طاهي، ناهيك عن أسماء الأعداد المختلفة. وقد استخدم العرب منذ الجاهلية إلى صدر العصر العباسي حساب الجمل، ورغم أن ابن غازي كان في القرن التاسع الهجري إلا أنهم لا زالوا يؤرخون لأعمالهم بحساب الجمل




5. تاريخ وضع الأرقام

بالرجوع إلى جدول حساب الجمل نجد أن سبعة من حروف الجملة "وهدَفي حسابْ" هي آحاد في الجدول، وهو أمر يستحيل حدوثه بالصدفة:

وبما أن حساب الجمل كان يستخدم غالبا لتدوين تاريخ الأحداث، فإن مجموع قيم "وهدَفي حسابْ" هو التاريخ الذي وضعت فيه هذه الأرقام: 6+5+4+80+10+8+60+2+1 وهو 176. 176 بالتقويم الهجري (792 بالتقويم الميلادي)، تاريخ جد ملائم لوضع هذه الأرقام، فقد كانت فيه العلوم العربية في عصرها الذهبي، كما يسبق بقليل ظهور محمد بن موسى الخوارزمي (164 - 236 هجرية).


6. شكل الرقم 2 الأصلي

في المخطوط، الرقم اثنان على شكله الأصلي، كما يظهر أن هذا الشكل، وهو سابق لظهور الرقم اثنان على شكل حرف z بالانتباه إلى ترقيم الصفحة 204 :




في المخطوط الرقم اثنان على شكل ألف مقلوبة



7. الأرقام بين المشرق العربي ومغربه



في 176هـ كان العالم الإسلامي قد شهد انفصال الأندلس والمغرب الأقصى والأوسط عن الخلافة العباسية؛ الأمويين في الأندلس، والأدارسة في المغرب. ولو أن الأرقام الغبارية خرجت من المشرق لم يضر الدولتين شيئا في أن يتبعان الخلافة العباسية في ذلك، لكنه إذا كان العكس وهو خروج الأرقام من المغرب فلا يمكن للخلافة أن تتبع الدولتين، لذلك اتخذت الخلافة العباسية سلسلة أخرى للأرقام، وبقيت هذه الأرقام في المغرب، تجدها في المخطوطات، ومنقوشة على الخشب الذي يزين المساجد والمدارس العتيقة. كما أن الخط المغربي كان في العهد الإدريسي كوفيا. وتلك الفترة كانت المخاض لتأسيس إحدى أقدم الجامعات في العالم ( جامعة القرويين ) التي تعتبرها موسوعة جينيس للأرقام القياسية أقدم المؤسسات التعليمية الموجودة في العالم . وأيضا الأرقام العربية الهندية، أرقام عباسية، لأن البعض يحكي بأن الأرقام العربية استعملت في مصر في القرن الثالث الهجري، وهذا بعد تراجع نفوذ الخلافة العباسية في هذا القطر (قال الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله في بحثه : العالم العربي متجه نحو استعمال الأرقام العربية المغربية : [ويذكرون أن أوراق البَرْدي المصرية القديمة الراجعة إلى القرن الثالث الهجري ، قد استعملت الأرقام الغبارية. ولكننا نتساءل: لماذا لم يتابع المصريون في القرون التالية استعمال هذه الأرقام، حيث عدلوا عنها – إذا صح أنها استعملت حقيقة – إلى الأرقام الهندية أو العربية المستعملة الآن في الشرق، ولعله من كلام بعض المستشرقين الذين يُلقون الكلام على عواهنه]).

8. انتقال الأرقام العربية إلى أوروبا

درس البابا سيلفيستر الثاني في الأندلس وأدخل الأرقام العربية إلى أوروبا فمن أجل ذلك يطلق عليه أحيانا بابا الأرقام ، وكانت أوروبا حينها تستعمل الأرقام الرومانية التي لا تساعد على إنجاز أبسط العمليات الحسابية. وقد وجد سيلفيستير الثاني صعوبة في إدخال الأرقام العربية إلى أوروبا، فالكتاب اعتقادا منهم بتفوق الثقافة الرومانية واليونانية على كل الثقافات، لم يكونوا مستعدين لتقبل أهمية الصفر ولا الأرقام العربية، فقد كانوا يعتبرون كل الحضارات الأخرى متخلفة (barbarian civilization)، لذلك قام جيربير (سيلفيستر الثاني) باختراع لوح أباكوس جديد سمي ب أباكوس جيربير وهو لوح مطور عن اللوح أباكوس الروماني وأكثر فاعلية، استعمل فيه الأرقام العربية دون الصفر، لذلك تجد الصفر غير ظاهر في مخطوطات القرن العاشر والحادي عشر الميلادي.

أقدم مخطوطة أوربية مؤَرَّخة تحتوي على أرقام عربية، هي مخطوطة (فجيليانس) CodexVigilanus. وقد كُتِبت في الأندلس في شمال إسبانيا في سنة 976م. وهي محفوظة اليوم في مكتبة مدريد. ولا تحتوي على الصفر.



الصورة تبين الصفحة اليسرى رقم 12 من الكتاب (فجيليانس) (Escorial, Codex Vigilanus).




في الجانب العلوي من العمود الثاني يمكن مشاهدة نسخة قديمة لأرقامنا الحالية:



9. ولادة الصفر مع الأرقام العربية

حساب الهند الذي تذكره بعض المراجع العربية، هو في الحقيقة حساب ألفبائي كحساب الجمل، له 28 رمزا، لكن ترتيب النقط على الحروف جعله يبدو كحساب بتسعة رموز فقط، وابن النديم يشرح هذا بوضوح في كتاب الفهرست، فهو يقول؛ "وذكر هذا الرجل المقدم ذكره أنهم في الأكثر يكتبون بالتسعة الأحرف على هذا المثال:



وابتداؤه أ ب ج د ه و ز ح ط فإذا بلغ إلى ط أعاد الحرف الأول ونقطته تحته على هذا المثال:


فيكون ي ك ل م ن س ع ف ص يزاد تسعة تسعة فإذا بلغ إلى صاد يكتب على هذا المثال:


وينقط تحت كل حرف نقطتين هكذا فيكون ق ر ش ت ث خ ذ ظ فإذا بلغ ظ كتب الحرف الأول من الأصل وهو هذا ونقط تحته ثلاث نقط هكذا:


فيكون قد أتى على جميع حروف المعجم ويكتب ما شاء." وهذه الحروف التي رسمها ابن النديم في الفهرست تشبه بشكل كبير الأرقام المستخدمة في المشرق العربي وهكذا يتضح أن النقطة التي كان يعتقد أنها كانت صفرا في الهند القديمة وخاصة في الاقليم الرابع لباكستان السند، إنما كانت نقطة تحت حرف، كما هي نقط بعض حروف الأبجدية العربية، ب ج ت ث خ ذ ز ش ض ظ غ ف ق ن ي ، لكن توزيع النقط على الحروف يختلف بشكل كبير على ما كانت عليه الحروف الهندية.
 
عودة
أعلى