الكفاح المسلح في المغرب الأقصى 1953« - 1956» * د. * علي محافظة

الشبح

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
9 مارس 2008
المشاركات
7,004
التفاعل
26,215 136 0
الدولة
Morocco
الكفاح المسلح في المغرب الأقصى 1953« - 1956» * د. * علي محافظة



عقد المغاربة الآمال ، مع انتهاء الحرب العالمية الثانية ، على نيل مملكتهم الحرية والاستقلال ، شأنهم في ذلك شأن إخوانهم في الأقطار المغربية الأخرى ، بعد التضحيات الكبرى التي قدموها في تلك الحرب الطاحنة التي دامت خمس سنوات ونيف ، وشارك فيها عشرات الآلاف من الجنود والضباط المغاربة في صفوف القوات الفرنسية. غير أن فرنسا التي تعرضت للاحتلال النازي ، قلبت لهم ظهر المجن بعد أن تم تحريرها على يد القوات الأمريكية والحليفة سنة 1945 ، ولم تستجب للمطالب الوطنية المغربية التي تقدم بها السلطان محمد الخامس ، بعد اتفاقه مع قادة حزب الاستقلال والأحزاب السياسية الأخرى ، والتي تتلخص فيما يلي:

1 - تهيئة الجو للدخول في مفاوضات مع الحكومة الفرنسية ، بانهاء حالة الطوارئ في البلاد ، والاعتراف بالحريات العامة للشعب المغربي وبحقه في إنشاء الأحزاب السياسية والنقابات المهنية.

2 - القبول بمبدأ إلغاء الحماية الفرنسية على البلاد وإعلان الاستقلال.

3 - تأليف حكومة مغربية من قبل السلطان دون تدخل المقيم العام الفرنسي.

4 - الدخول في مفاوضات بين الحكومتين الفرنسية والمغربية من أجل تحقيق الاستقلال وصياغة معاهدة تحالف بين الدولتين تنظم العلاقات بينهما.

وللقضاء على أي أمل للمغاربة في تحقيق هذه المطالب ، عينت فرنسا الجنرال غيوم Guillaume في آب 1951 مقيماً عاماً على المغرب. لجأت الحركة الوطنية المغربية المتحالفة مع السلطان إلى النضال السلمي المتجسد في المظاهرات والاضرابات ، وتقديم المطالب واللجوء الى جامعة الدول العربية ، وهيئة الأمم المتحدة. ولم تتوان الجامعة العربية عن تلبية النداءات المغربية ، وتعاون المندوبون العرب في الأمم المتحدة مع مندوبي آسيا وأفريقيا فيها في دعم المطالب الوطنية المغربية في هذه المنظمة الدولية.

ولما رأت فرنسا تحالف السلطان محمد الخامس مع الحركة الوطنية قررت التخلص منه. وتم ذلك في 19 ـ 8 ـ 1953 حينما ألقي القبض عليه وأقلته طائرة عسكرية مع أسرته إلى جزيرة كورسيكا ومنها الى جزيرة مدغشقر في شرق أفريقيا ، وعينت محمد بن عرفه سلطاناً مكانه.

كان خلع السلطان الشرعي للبلاد إيذانا بانطلاق حركة مقاومة مسلحة مغربية ضد الفرنسيين استمرت ثلاث سنوات ونيف. وانتظمت الحركة في جماعات من الفدائيين الأحرار. وحاول أحدهم وهو علال بن عبد الله اغتيال السلطان الذي عينه الفرنسيون لكنه سقط شهيداً دون أن يحقق مبتغاه. وشن الفدائيون المغاربة حرباً على الخونة المتعاونين مع الاستعمار الفرنسي وعلى القوات الفرنسية نفسها. ووجهوا ضربات للمراكز الاقتصادية الفرنسية ، وأعلنوا مقاطعة البضائع والمنتجات الفرنسية. وضمت حركة المقاومة المسلحة المغربية عناصر من العمال والفلاحين والحرفيين.

وكانت مطالب الحركة قد انحصرت في مطلبين رئيسيين هما:

1 - عودة الملك الشرعي الى عرشه.

2 - تحرير المغرب من الاستعمار الفرنسي وإعلان الاستقلال.

وتحولت هذه المقاومة المسلحة سنة 1955 الى "جيش تحرير المغرب العربي" الذي صدر عنه أول بيان في 2 ـ 10 ـ 1955 تضمن الاعلان عن العصيان الوطني في جميع مناطق المغرب ، والجهاد المقدس من أجل الاستقلال التام للمغرب والجزائر وعودة محمد بن يوسف الى عرشه في الرباط. وفي اليوم التالي صدر بيان في تطوان والقاهرة عن قيادة هذا الجيش بينت فيه أن هذا الجيش يتألف من حركات المقاومة الوطنية في شمال أفريقيا ، وأنها عازمة على الاستمرار في كفاحها حتى تحقيق الأهداف الوطنية ، وأن السبيل الذي اختاره في الكفاح المنظم هو الذي يحقق هذه الأهداف. وتألفت قيادة هذا الجيش من ممثلين عن حركة المقاومة المغربية وجبهة التحرير الوطني الجزائرية. وكان لهذا الجيش نشاط عسكري بارز في الريف المغربي والأطلس الأوسط والمنطقة الشرقية من المغرب.

أثار تكوين هذا الجيش والعمليات العسكرية التي قام بها ضد القوات الفرنسية قلق السلطات الفرنسية ، ولاسيما بعد أن لاحظت هذه السلطات فرار العديد من الجنود والضباط وضباط الصف المغاربة من الجيش الفرنسي والانضمام الى جيش تحرير المغرب العربي. وركز هذا الجيش حملة دعائية موجهة لهؤلاء الجنود والضباط لتشجيعهم على الفرار من القوات الفرنسية والاسبانية والانضمام الى صفوفه. وكان لمصر عبد الناصر دور كبير في تدريب ضباط هذا الجيش وتزويده سراً بالأسلحة والذخيرة.

كان من قادة هذا الجيش في المغرب الأقصى ابن قدور لوريني وعباس المسعدي وأحمد بن بوزيان وساسي الاسماعيلي الذين استطاعوا الاتصال برؤساء القبائل وكسب تأييدهم وتعاونهم مع الجيش ، وبالضباط وضباط الصف المغاربة العاملين في القوات المسلحة الفرنسية والاسبانية الذين كانوا يزودونهم بالمعلومات الدقيقة عن تجمعات هذه القوات ومواقع مخابئ الأسلحة والذخيرة لديها. وكان العديد من قادة القبائل يتبرعون بالأسلحة والعتاد للجيش ، كما تشير الى ذلك وثائق جيش التحرير المغربي التي اطلع عليها وصورها المؤرخ المغربي زكي مبارك ونشرها في مجلة المغرب - أوروبا الصادرة باللغة الفرنسية. أما وثائق الجيش فهي إما مكتوبة على الآلة الكتابة أو بخط اليد باللغة العربية.

ولعل البيان التالي الذي وزع على الضباط والجنود المغاربة في الجيش الفرنسي في 20 ـ 8 ـ 1955 يعطي صورة عن نمط الدعاية لجيش المغرب العربي: "أيها الرماة المغاربة ، إخواننا المسلمون ، لقد دقت ساعة التحرير وانبثق فجر الاستقلال. تعالوا معشر الاخوان وانضموا الى صفوف إخوانكم المجاهدين من أبناء ملتكم للذود عن كيان هذا الوطن ونصر راية الاسلام. فكروا معشر الرماة المغاربة فيما هو فرض عليكم كأبناء لهذه الأمة ، وهبوا هبة رجل واحد لتخليص بلادكم من ذل الاستعمار وخبثه. تنبهوا لما يدفعكم إليه المستعمرون ، ولا تستسلموا لدسائس الأعداء الذين يقدمونكم طعماً لأفواه المدافع. معشر الاخوان ، لتكن تضحيتنا خالصة لوجه الله وموتنا في سبيل إعلاء دينه. واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا. الله أكبر ، وحيّ على الجهاد".

وجاء في تقرير عن هذا الجيش بتاريخ 6 ـ 10 ـ 1955 أن عدد القتلى في الجيش الفرنسي نتيجة المعارك التي خاضها بلغ (158) قتيلاً بينهم ثلاثة ضباط ، وذلك في منطقة الناضور. والتقارير عن المعارك التي خاضها هذا الجيش عديدة تبيّن ما أسفرت عنه هذه المعارك من قتلى وجرحى من الجيش الفرنسي وجيش التحرير المغربي.

أدت عمليات جيش التحرير الى زيادة عدد القوات الفرنسية في المملكة المغربية من (45800) جندي سنة 1953 الى (105900) جندي سنة ,1956 ولما اضطرت فرنسا إلى التفاوض مع الملك المغربي في منفاه ، وطلب من جيش التحرير إيقاف عملياته ، استجابت قيادته وأصدرت بياناً بايقاف عملياته العسكرية مؤقتاً ريثما تتضح نتائج المفاوضات. أسفرت المفاوضات عن عودة الملك من منفاه الى عرشه ومنح المغرب استقلاله السياسي في 2 ـ 3 ـ ,1956 ولما تكونت القوات الملكية المسلحة في 15 ـ 5 ـ 1956 انضم اليها بعد أربعة أشهر (4300) مقاتل من جيش التحرير المغربي.



* د. * علي محافظة​
 
رد: الكفاح المسلح في المغرب الأقصى 1953« - 1956» * د. * علي محافظة

بارك الله فيك على الموضوع القيم ..لكن الى جانب الكفاح المسلح كان هناك نضال سياسي.واكبه وسايره في كل الخطوات ...الامر الدي اسفر بالاستقلال. المغرب ....
جزيل الشكر اليك
 
عودة
أعلى