مبدأ تخفي الأهداف و آليات تحقيقه
يقصد بالإخفاء هنا الإقلال من السطح العاكس الفعال أو ما يسمى بالمقطع الراداري للهدف، لدرجة تنعدم فيها الإشارة المنعكسة عنه أو تقل لدرجة كبيرة، حيث تعبر عملية تصميم الطائرات و الصواريخ و السفن و الدبابات قليلة الملحوظية بالنسبة للوسائط الإلكترونية عملية صعبة، فهناك إمكانية للإقلال من احتمال كشفها من قبل وسائط الكشف الإلكترونية إذا طليناها مثلاً بمواد ماصة و مخمدة للطاقة الكهرطيسية و إذا استخدمنا أشكالاً ذات قدرة صعيفة على العكس ، إلا أنه يمكننا الوصول إلى نتيجة ملموسة و الحد من إمكانية الرؤية الراديوية عندما نستطيع تخفيض مساحة السطح العاكس الفعال للأهداف ، وانطلاقاً من معادلة الرادار نجد أنه بتخفيض السطح العاكس الفعال للهدف بمقدار 16 مرة ينخفض الكشف الراداري بالمسافة إلى النصف فقط ، و من الصعوبات الأخرى التي تواجه العملية أنك تواجه عدد من أطوال و ترددات الأمواج الكهرطيسية المختلفة ، حيث لا يكفي إخفاء العتاد العسكري عن وسائط الكشف الإلكتروني العاملة على موجة واحدة بل يجب تحقيق الإخفاء على مختلف الوسائط الإلكترونية العاملة بأمواج كهرطيسية مختلفة .
و يتم ذلك بإيجاد مواد ماصة و مبعثرة و مخمدة للإشعاع الكهرطيسي و هذا المواد تتصف بأنها مواد تدريجية التركيز و تداخلية بحيث تؤمن هذه المواد التغيير الإنسيابي أو المتدرج على قدرة الموجة الكهرطيسية للنفاذ ، و يدخل في تصنيع هذه المواد القماش الممزوج بالزجاج و أنواع أخرى مختلفة من الكاوتشوك بالإضافة إلى خليط من النيكل و الزنك و الفرايت و مسحوق الحديد المكربن و من المواد المخمدة للطاقة الكهرطيسية أيضاً مسحوق الغرافيت و ذرات الفحم و الاستيولين ، أما المواد الماصة للإشعاع الكهرطيسي تكون مصنوعة من الصوف المخلوط بالحديد و نشار الخشب و برادة الحديد فعندما تنعكس الأمواج الكهرطيسية عن جزيئات الحديد يقوم الصوف بتخميدها .
أما الأهداف القليلة الحركة و الثابتة فيمكن إخفاؤها عن طريق خفض مساحات سطوحها العاكسة الفعالة بواسطة ستائر ماصة عريضة المجال الترددي مصنعة من كاوتشوك مسامي مخلوط بغبار فحمي أو بلاستيك مطلي بالفحم ، حيث تتميز هذه الستائر بسطوح خشنة الأمر الذي يحد من تأثير زاوية ورود الأمواج على كثافة انعكاسها ن وقد تبين بالتجربة أنه يمكن تمويه بناء عن السطع الراداري بطلي جدرانه بإسمنت مسامي ممزوج بشوائب من الغرافيت أو بمادة بنائية مسامية متعددة الطبقات تحوي الرمال و قطع البحص و الغرافيت بتركيزات مختلفة ، أما حيث يتم امتصاص الطاقة الكهرطيسية فيها في البداية على الطبقة الخارجية ، أما الأمواج التي تستطيع الوصول للشريحة الثانية فتخمد جزئياً و تنكسر و تنعكس بالإتجاه المعاكس ، أما الشريحة الثالثة (الطبقة الثالثة) تعكس الأمواج التي نفذت إليها حيث تمتص و تتخمد في طريق عودتها من قبل الشريحتين السابقتين .
من العيوب العامة للمواد الماصة و التي تحد من استخدامها لتمويه العتاد العسكري الوزن الكبير ، لذلك يتم إسدالها بشكل رئيسي على الأجزاء الرئيسة من العتاد و التي يمكن أن تشكل عاكس جيد للطاقة الكهرطيسية بحيث يتم التمويه الراداري بإستخدام أقل قدر ممكن من هذه المواد.
و سنحاول هنا التعرف على طرق التمويه هذه بتناولنا لمثال يتعلق بالتمويه الراداري للأقسام الأمامية للصورايخ الموجهة ، و لدى إجراء مثل أعمال التمويه هذه يتم في بادئ الأمر اختيار شكل للقسم الأمامي للصاروخ يجعل الإشارة المنعكسة منه ضعيفة إلى اقصى حد ممكن . و كما بينت الدراسات ، فإنه بغية تحقيق هذه الغاية لا بد من أن يكون تصميم هذا القسم خالياً من الزوايا و الإنحناءات و السطوح المستوية الواقعة عامودياً على اتجاه السطع الراداري و أفضل تصميم يستجيب لهذه المتطلبات هو المخروط المتدرج القطر الموجه نحو المراقب من قمته و الشكل الكروي للقسم الأمامي من الصاروخ .
و لكن حتى هذا التصميم لا يمكن له أن يضمن إضعاف الإشارة المنعكسة بالقدر المطلوب. و إذا لم يكن القسم الأمامي مستقراً ، أي إذا كان يتحرك و يهتز أثناء التحليق ، فإن المراقب سيراه من اتجاهات مختلفة و ستكون الإشارة المنعكسة من بعض تلك الاتجاهات قوية . و لتفادي هذه الظاهرة راح الخبراء يكرسون جهودهم لجعل الأقسام الرئيسية من الصواريخ مستقرة . حيث أن هذه الطريقة تسمح بإضعاف الإشارة المنعكسة من الجسم ، و بالتالي تقلص المسافة التي يمكن عندها التأكد من وجود الهدف بواسطة الرادار . و نتيجة لذلك ، يتقلص إلى حد كبير احتياطي الزمن الذي يتمتع به الجانب المدافع لصد الهجوم . الأمر الذي يجعله في وضع حرج للغاية ، و يمكن تقليص مقدار الإشارة المنعكسة من الهدف عن طريق تغطية هذا الأخير بمواد قادرة على امتصاص الموجات الكهرطيسية .
و قد تم صنع مواد قادرة على إضعاف الإشارة المنعكسة بـ (20-100) مرة عند تغطية الهدف بها بسمك يتراوح بين 6-12 مم .إلا أنه في الحقيقة هذا الطلاء يشكل عبئاً ثقيلاً على الهدف و هذا بسبب وزنه الكبير كما ذكر سابقاً ، إذ يبلغ وزن كل متر مربع من هذا الطلاء بين 5-6 كغ ، الأمر الذي يؤدي إلى تقليص الوزن القتالي للصاروخ بشكل ملموس ، أضف إلى ذلك أن مثل هذه المواد عادة ما تستخدم في تمويه الأهداف عن المحطات الرادارية العاملة في نطاق تردد معين أما بالنسبة للمحطات العاملة على ترددات أخرى ، فإن مثل هذه المواد قد تفقد فعاليتها و مع هذا كله ، فإن العلماء يواصلون دراساتهم في هذا المجال .
و ثمة طرق أخرى تستخدم في التمويه الراداري لا يكون فيها لتعزيز قدرة الإشارة أية جدوى في مجال اكتشاف الأهداف .
فعلى سبيل المثال تكمن إحدى الطرق في استخدام التشويشات الخاملة و الأهداف الكاذبة. فعلى قرب مباشر من الهدف الحقيقي توزع عاكسات تولد على شاشات الرادار عدداً كبيراً من العلامات و في هذه الحالة يكون من الصعب تعيين علامة الهدف الحقيقي و على كل حال إن الزمن اللازم لاكتشاف الهدف يزداد كثيراً . و هذا ما تسعى إليه الجهة المهاجمة .
و كأهداف كاذبة تستخدم في مختلف قطاعات المسار عاكسات مختلفة . ففي القسم الأوسط من المسار مثلاً ، حيث يتحرك الصاروخ خارج المحيط الجوي و تنعدم في الواقع مقاومة الهواء ، تستخدم عاكسات معدنية خفيفة يطلقها الصاروخ بحيث يكون شكل و مقاسات هذه العاكسات تسمح بتقليد الخصائص الإنعكاسية للصاروخ بشكل جيد . و بما أن خصائص حركة الأجسام الخفيفة و الثقيلة في الفضاء الخارجي تكون متشابهة فإن عامل الرادار يرى على شاشته عدة أهداف متشابهة من حيث خصائص حركتها و مقدار الإشارة المنعكسة منها .
و في القطاع النهائي من المسارة حيث تدخل الأهداف في الطبقات الكثيفة للغلاف الجوي تبدأ العاكسات الخفيفة بالتأخر عن الأهداف الثقيلة و يتعذر عليها تمويه الهدف الحقيقي. و في هذه الحالة تستخدم أهداف كاذبة ثقيلة تتحرك في الفضاء الجوي بنفس السرعة التي يتحرك بها الهدف الحقيقي .
و بالإضافة إلى هذه الأساليب ، يمكن للمهاجم إطلاق أجسام مجهزة بمحطات تشويش تقوم ببث إشارات ضوضائية في نطاق الترددات التي من المفترض أن تعمل عليها محطة العدو الرادارية . و في هذه الحالة تصبح مسألة استقبال الإشارات المنعكسة اصعب بكثير ، و لهذا بالذات نجد أن كل جانب يبذل قصارى جهده لحفظ ترددات عمل محطاته الرادارية في طي الكتمان و جعلها سرية للغاية ، و لهذا أيضاً تسعى قوات الجانب المهاجم جاهدة لمعرفة تلك الترددات حتى و لو بشكل تقريبي .