شرح حديث سبعة يظلهم الله في ظله

SRIA

عضو
إنضم
27 يوليو 2009
المشاركات
487
التفاعل
10 0 0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فيوم القيامة يوم شديد الأهوال شديد الكروب ومن شدة ما ينزل بالناس يذهبون إلى الأنبياء ليسألوا الله فصل القضاء في ذلك اليوم تشتد الحر وتدنو الشمس حتى تكون على مقدار ميل .
عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل ويزاد في حرها كذا وكذا يغلي منها الهوام كما يغلي القدور يعرقون فيها على قدر خطاياهم منهم من يبلغ إلى كعبيه ومنهم من يبلغ إلى ساقيه ومنهم من يبلغ إلى وسطه ومنهم من يلجمه العرق) رواه أحمد .
فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكرم في ذلك اليوم أناسا فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله ( إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل ذكر الله في خلاء ففاضت عيناه ورجل قلبه معلق في المسجد ورجلان تحابا في الله ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها قال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه) متفق عليه

وهذه إحدى روايات البخاري ، كما أخرجه أيضاً النسائي والترمذي ومالك في الموطأ وأحمد في المسند .
فيخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن سبعة أصناف من الناس سوف يظلهم الله تعالى في ظله أي ظل عرشه كما بينت ذلك الرواية الأخرى ، فهم في كنف الله وكرامته .

ثم عدد النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء السبعة .
أولهم ( إمام العادل ) والمراد به صاحب الولاية العظمى ، ويلتحق به كل من ولي شيئا من أمور المسلمين فعدل فيه ، ويؤيده رواية مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رفعه " أن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " وأحسن ما فسر به العادل أنه الذي يتبع أمر الله بوضع كل شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط ، وقدمه في الذكر لعموم النفع به .
والثاني (وشاب نشأ في عبادة الله )
خص الشاب لكونه مظنة غلبة الشهوة لما فيه من قوة الباعث على متابعة الهوى ؛ فإن ملازمة العبادة مع ذلك أشد وأدل على غلبة التقوى . وفي حديث سلمان " أفنى شبابه ونشاطه في عبادة الله " .
والثالث ( رجل ذكر الله في خلاء ففاضت عيناه )
أي ذكر الله بقلبه أو بلسانه في موضع خال. قوله : ( ففاضت عيناه ) أي امتلأت عيناه بالدموع فسالت من خشية الله
والرابع (رجل قلبه معلق في المسجد) فيه إشارة إلى طول الملازمة بقلبه وإن كان جسده خارجا عنه ، في رواية " من حبها " وزاد مالك " إذا خرج منه حتى يعود إليه " .
والخامس : (رجلان تحابا في الله) والمراد أنهما داما على المحبة الدينية الحقيقية ولم يقطعاها بعارض دنيوي سواء اجتمعا حقيقة أم لا حتى فرق بينهما الموت . وقد عدّت هذه الخصلة واحدة مع أن متعاطيها اثنان لأن المحبة لا تتم إلا بإثنين ولأن الغرض عد الخصال لا عد جميع من اتصف بها .
والسادس : (رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها قال إني أخاف الله)
أي دعته امرأة ذات جاه ومال وجمال إلى الفاحشة فأعرض عنها وقال إني أخاف الله ، قال القرطبي : إنما يصدر ذلك عن شدة خوف من الله تعالى ومتين تقوى وحياء .
والسابع : (رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه)
المقصود منه المبالغة في إخفاء الصدقة بحيث إن شماله مع قربها من يمينه وتلازمهما لو تصور أنها تعلم لما علمت ما فعلت اليمين لشدة إخفائها ، كما في رواية " تصدق بصدقة كأنما أخفى يمينه من شماله " وقد نقل بعض أهل العلم الإجماع على أن إظهار صدقة الفرض أولى من إخفائها لئلا يقيم الإنسان نفسه مقام تهمه في ترك الزكاة فيكون المقصود هنا إخفاء صدقة التطوع خاصة ، لأن ستر الطاعات النوافل أفضل من إظهارها لأنه أبعد عن الرياء .
تنبيه : ذكر الرجال في هذا الحديث لا مفهوم له بل يشترك النساء معهم فيما ذكر ، إلا إن كان المراد بالإمام العادل الإمامة العظمى وما يلحق بها ، وإلا فيمكن دخول المرأة حيث تكون ذات عيال فتعدل فيهم . وتخرج خصلة ملازمة المسجد لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من المسجد ، وما عدا ذلك فالمشاركة حاصلة لهن ، حتى الرجل الذي دعته المرأة فإنه يتصور في امرأة دعاها ملك جميل مثلا فامتنعت خوفا من الله تعالى مع حاجتها واعلم أخي رعاك أنه ليس المراد في الحديث الحصر على هؤلاء السبعة ، بل ورد في غيرهم وقد نظم السبعة العلامة : أبو شامه " عبد الرحمن بن إسماعيل " وقال النبي المصطفى إن سبعة يظلهم الله الكريم بظله . محب عفيف ناشئ متصدق وباك مصل والإمام بعدله وممن ورد فيهم أحاديث صحيحه أن الله يظلهم بظله من غير السبعة ما نظمه الحافظ ابن حجر بقوله: وزد سبعة : إظلال غاز وعونه وإنظار ذي عسر وتخفيف حمله وإرفاد ذي غرم وعون مكاتب وتاجر صدق في المقال وفعله، للإستزادة راجع شرح الحديث في فتح الباري وشرح النووي على صحيح مسلم .

والله أعلم

 
عودة
أعلى