المساعد الفدائي حسني سلامه- الجزء الثاني منقوول للافادة

commando

عضو
إنضم
23 يوليو 2009
المشاركات
125
التفاعل
2 0 0
فى ذلك الوقت كان كل ضباط وافراد الكتيبه تقريبا يقومون بعملية جمع الشاردين من على المحور الشمالى ، ولم يتبق بمدرسة اشتون الجميل التى كانت تتمركز بها الكتيبه سوى حسنى سلامه وافراد الار بى جى -7 الذى بدء حسنى يدرب الافراد عليه منذ ثلاث ايام فقط ...
فى عصر ذلك اليوم فوجئ حسنى سلامه بضابط شئون اداريه يسمى حسين عبد القادر من الكتيبه ويبلغه " اجمع كل الافراد اللى عندك بسرعه " وعندما سأله علم ان هناك قوة اسرائيليه تحاول دخول بورفؤاد ، وان قائد الكتيبه صدرت له الاوامر بمنع العدو من الوصول الى المدينه بأى شئ ...
وفى غضون عشر دقائق جمع حسنى كل من كان متواجدا بالمدرسه الذين وصل عددهم الى 26 فرد فقط . . وانضم عليهم الملازم فتحى عبدالله فى بدء تحركهم ، ووصل قائد الكتيبه وابلغ حسنى بمنع العدو بأى شكل من التقدم الى المدينه ، وانتقل حسنى ومن معه الى موقع رأس العش عبر لنش من لنشات هيئة قناة السويس شرق القناه . . .
فقام حسنى بتوزيع الافراد على هيئة خط دفاعى عرضى ، وانتشار الجنود حسب التسليح والاتجاه الذى سيتقدم منه العدو ، ثم انضم اليهم احدى اطقم المدفع ب-10 بالكامل واحد الهاونات الخفيفه ، واحد افراد الاشاره الذى اخذ موقعه بالخلف ومعه الضابط فتحى عبدالله ، فقد كان فتحى حديث التخرج ولأول مره يشترك بالعمليات الحقيقيه .
كانت طيبعة الارض سبخيه مالحه مما سهل عملية عمل الحفر البرميليه للجنود وفى نفس الوقت كانت الارض لا تسمح للقوة الاسرائيليه بالتقدم سوى دبابه تلو الاخرى ، فلا تستطيع فتح تشكيل قتال منظم نتيجة لأن الطريق ضيق للغايه . . . و كانت وحدات العدو تشاهد كل ما يفعله افراد الصاعقه منذ وصولهم حتى بداية الهجوم دون ان يتدخلوا بأى شكل .
بعد انتشار خبر وجود قوة اسرائيليه تم تجميع باقى افراد الكتيبه 43 صاعقه ، وبدأ توزيعها على خطوط دفاعيه لصد القوه (( تفاصيل انتشار الكتيبه 43 في حوار اللواء معتز الشرقاوي المنشور سابقا في موقعنا )) ، وبدأت احدى الفصائل فى احتلال الضفه الغريبه امام رأس العش لكى تقوم بمباغتة قوة العدو من جنبها الايسر عند تقدمها ، وكان قائد الكتيبه يعلم جيدا ان حسنى سلامه ومن معه لن يستطيعوا منع العدو ، ولكنهم سيصمدو لبعض الوقت فقط نتيجة لفارق القوة الرهيب بين دبابات العدو ومدرعاته امام 26 فرد صاعقه الذى كان مدفع ب-10 هو السلاح الثقيل الوحيد الذى تملكه .
بدأ قائد الكتيبه بنشر خط دفاعى خلف موقع حسنى سلامه بحوالى 8كم بالسريه الاولى و الثالثه المتبقيتين من الكتيبه حتى تكون الخط الثانى للدفاع عن بورفؤاد، ونتيجة لأن تلك الارض منبسطه اكثر من رأس العش فتم نشر السريتين بشكل خط دفاعى كامل .
وسط كل هذه الاستعدادات كان حسنى هو الاخر ينشر افراده ويوظف كل الاسلحه التى بيده بأقصى طاقتها ، فقام بنشر المدفع ب-10 لكى يقوم بالضرب بشكل عرضى للقوة المهاجمه ، وبجانبه وضع مدفع رشاش متوسط الذي يتم جره على عربه صغيره لكى تقاوم اى قوة مشاه تتقدم ، ونتيجة لأن هناك ملاحات يسار حسنى فقد توقع ان يقوم العدو بعملية التفاف من خلال تلك الملاحات لحصار القوة من الخلف والامام ، فقام بتخصيص افراد لمراقبة اى قوة تحاول الالتفاف ، ولأنه يعلم ان الموقف فى غاية الصعوبه ، فقد ابلغ الجميع ان من يصاب يترك مكانه ويعبر سباحة الى غرب القناه دون تبليغه حتى لا تصبح الخسائر فادحه .
وبعد قليل ظهرت طائرة استطلاع معاديه تستطلع قواتنا ، فكانت هذه علامة ان العدو يستعد للهجوم . . .
وقبل الغروب بقليل بدأ العدو بالضرب من مسافات بعيده عن مرمى اسلحتنا لكى يحدث بها خسائر قبل التقدم او على الاقل بث الرعب بالرجال ، وحسنى لا يريد ان يستهلك اى شئ هباء فأنتظر حتى يدخل العدو مرمى الاسلحه .
ثم بدأ العدو بالتقدم على الطريق فبادرته القوة التى احتلت بجانب الطريق فى الضفه الاخرى من القناه والتى كانت ذو تسليح خفيف فبادرتها دبابات العدو بداناتها فأحدثت بها خسائر حتى توقف مصدر النيران . . .
كل هذا وحسنى لا يعلم من يبادر العدو بتلك النيران او ما مصدرها ، فقد كان الليل ساترا لما يحدث فالافق ، حتى بدأ العدو بقصف الموقع بقنابل فسفوريه مضيئه لكى يحدد اذ كانت قواتنا مازالت بمواقعها ام فرت هاربه .

وبالفعل اصابت هذه القنابل بعض الجنود فكانت تضئ ملابسهم وسط هذا الليل بشكل كبير ، فكان الجميع يخلعون ملابسهم ويزيلون الفسفور بالرمال وكان بعضهم يقاتل بدون ملابس القتال . . .
وبعدها سمع حسنى صوت شخص يتحدث باللغه العبريه ، ولاحظ ان الكلام متكرر ، فقد قام العدو بوضع راديو به تسجيل صوتى بشجره قريبه ، فذهب اليها حسنى ومعه قاذف ار بى جى -7 حتى اقترب من الشجره فقام بضرب الشجره بالقاذف حتى يسكته تماما . . فقد كان حسنى يستخدم الار بى جى -7 الوحيد المتواجد مع الجميع ولم يتركهم يستخدموه ، فلم يكمل الافراد التدريب عليه حتى انهم لم يطلقوا منه طلقه واحده ، وحرصاً منه علم عدم استهلاك الذخيره ومعرفة الجيده لكل سلاح نتيجة الخبره السابقه فكان اوامره هى عدم ضرب اى جندى للقاذف .
استمر تقدم العدو البطئ مع الاستمرار فى اطلاق النار العشوائى حتى الثانيه بعد منتصف الليل ، وقد دخلوا فى مدى المدفع ب-10 دون غيره ، فنظر حسنى الى طقم المدفع حتى يقوموا بضرب اولى الدبابات فلم يجد احد !!
فقد اصيب افراد المدفع ونتيجة لتعليمات حسنى بعودة اى فرد ذو اصابه بالغه ، فذهب الى المدفع بحذر شديد حتى لا يعلم العدو ان المدفع سيعمل مره اخرى ، فوجئ حسنى بأن جهاز التنشين بالمدفع قد دمر اثناء القتال ، فقام بضبط المدفع من خلال فتحة الماسورة نفسها على اول هدف على الطريق وقد ظهر وسط الظلام كشبح دبابه غير ظاهرة المعالم ، وبالفعل قام بتلقيم المدفع بأحد الطلقات ثم اطلقها وغادر المكان فوراً تحسباً لرد العدو على المدفع . . . واذ بالدانه تخترق الدبابه كأنها قطعة ورقيه وليست حديد ، فبدأت الانفجارات والنيران تظهر من الدبابه لدرجة انها اضاءة ما خلفها من مدرعات ودبابات العدو التى لم تكن ظاهره وسط الظلام .
كان الملازم فتحى عبدالله هو والجندى المسئول عن اللاسلكى يبلغون ما يحدث الى قائد الكتيبه من موقعهم خلف الخط الدفاعى ، ونتيجة لأصدار حسنى التعليمات للجنود وسط القتال فقد تردد اسمه كثيرا فى بلاغات الملازم فتحى ، وما لم يكن يعلمه الجميع ان الرئيس جمال عبد الناصر كان على خط اتصال مفتوح باللاسلكى مع الموقع دون ان يعلم فتحى شئ ، ونتيجة للشدة الموقف ووصول القتال الى اشده اراد الرئيس عبدالناصر ان يكافئ هؤلاء الابطال ، فأتصل بنفسه باللاسلكى بفتحى عبدالله مباشرة ، فلم يعرف فتحى من المتحدث وعندما ابغله عبدالناصر بنفسه وبأن يبلغ كل من فالموقع على الضفه الشرقيه بترقية الجميع الى الرتبه التاليه . . . فنادى فتحى على حسنى سلامه ليبلغه ، لكن حسنى كان فى موقف لا مجال للفرح به .
فقد تقدمت احدى الدبابات وهى تنشر نيرانها بمدفعها لكل اتجاه يوجد به مقاتلى الصاعقه ، وقد لاحظت حسنى سلامه ينتقل بين المواقع المختلفه فوجهت نيرانها له ، فأخذ احدى قواذف الار بى جى -7 لكى يدمر هذه الدبابه التى تنهال علية بكل ما لديها ، وبالفعل وجه اليها القذيفه . . ولكن الدبابه ظلت سليمه كما هى . . لكنها اوقفت النيران وذلك اثار استغراب حسنى ، فقد ساد الهدوء الميدان فجأه
862737569.jpg


لجندي حسني سلامه - بطل معركه رأس العش
فابلغ حسنى لفتحى ذلك لكن فتحى لم يفهم ، فقد فَطِن حسنى الى هذه الخدعه التى يعلمها جيداً ، وهى طالما توقف العدو من الامام عن اطلاق النيران فهو يخشى على اصابة قواته ، وهذا يعنى ان لديه قوات خلفنا لتحاصرنا . . .
وبالفعل حدث ما توقعه حسنى سلامه بالضبط ، فقبل ان يكمل حديثه مع فتحى عبدالله وجد ما يقرب من عشر جنود اسرائيليين قد عبروا الملاحات بأحد القوارب لكى يكتمل حصار رجالنا بالمنتصف ، وكانو يتحدثون العربيه فقالوا " ارمى سلاحك يا مصرى وسلم نفسك " وقامو بضرب دفعات بأتـجاه فتحى حيث انهم قد حددو مكانه من خلال صوته ، وانه الاقرب اليهم . .!!
فى هذه اللحظات كان حسنى خلف المدفع الرشاش الذى يتم جره على عربه صغيره ، وصرخ في فتحى لكى ينبطح ارضاً حيث انه اصبح ما بين حسنى والقوة الاسرائيليه التى عبرة الملاحات . . . ثم فتح النيران بشكل متواصل على القوة الاسرائيليه بشكل مركز دون تفرقه ، ولم تترك يداه زناد المدفع حتى انتى شريط طلقاته البالغ 250 طلقه . . . . بعدها ساد الهدوء مره اخرى لم يسمع حسنى بعد ذلك شئ من القوة الاسرائيليه سواء رد بالنيران او حتى صراخ استغاثه ، وايضاً لم يرى فتحى عبدالله بعد ذلك ، وظن انه استشهد وسط ذلك الجحيم .
كل هذا ودبابات العدو بالمواجهه تظن ان القوة التى قامت بالالتفاف هى من تطلق تلك النيران وانها بصدد انهاء النزهه التى كانت فى مخيلتهم بأن تلك القوة المصريه الصغيره لن تتحمل كل هذه القوه الغاشمه وسوف تستسلم عندما تشعر بأنها محاصره . . . لكن حسنى ومن تبقى معه بادروا العربه المدرعه القادمه بنيران كثيفه لكى يعلموا اننا مازلنا نقاتل الى اخر جندى
259327829.jpg


صورة لابطال المعركه
حينها سمع حسنى صوتاً مختلف لقوات العدو ، فقد بدأت تنسحب للخلف بعد ما منيت به من خسائر رغم تفوقها سواء بالعدد والعدة . . . حتى بدأ الفجر يَطل بخيوطه .
وحسنى سلامه وجد نفسه وحيداً بالموقع ، حيث قام يشاهد ما تبقى من رجاله ، فوجد منهم الشهداء بمواقعهم ، وباقى الافراد قد غادروا الموقع بعد اصاباتهم المختلفه الى الضفه الاخرى . . .
وسط هذا الهدوء الغريب ومع شروق الشمس انتاب حسنى سلامه احساس غريب من ما حدث طوال تلك الساعات السابقه ، وبدا يستوعب كل تفاصيل القتال . . وان ما حدث هو علامه مبشرة ، وان الامل مازال موجود والنصر يمكن ان يأتى وان ما حدث قبل ذلك ليس حقيقة المقاتل المصرى .

798810429.jpg
المساعد الفدائي حسني سلامه اثناء الحوار معه ويحمل درع قوات الصاعقه والانواط التي حصل عليها
 
عودة
أعلى