الدور الإسرائيلي في أفريقيا يتعاظم بسبب تأمين المياه

إنضم
6 أبريل 2010
المشاركات
131
التفاعل
4 0 0
الدور الإسرائيلي في أفريقيا يتعاظم بسبب تأمين المياه
منذ أن انعقد المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897م في مدينة بازل السويسرية، تطرق ذلك المؤتمر إلى كيفية تأمين مياه الدولة اليهودية التي ستقام على أرض فلسطين، فمؤسس الحركة الصهيونية وحكيمها تيودور هرتزل بدأ مفاوضات في سنة 1903م مع الحكومة البريطانية ومع المندوب السامي في مصر اللورد كرومر في عهد الملكة فيكتوريا ووزير خارجيتها اللورد آرثر بلفور صاحب الوعد المشؤوم، من أجل توطين يهود العالم في شبه سيناء، توطئة للاستيلاء على فلسطين واستغلال مياه سيناء الجوفية ومن بعدها مياه نهر النيل بالأساس، حيث وافقت حكومة الاستعمار البريطانية على ذلك شريطة تنفيذها بسرية تامة.

وبذلك وضع زعماء الحركة الصهيونية قضية المياه في المقام الأول حينما رفعوا شعار "من نهر الفرات إلى نهر النيل أرضك يا إسرائيل"، ومنذ قيامها كرست الدولة العبرية هذا المفهوم بسرقتها لمياه الدول العربية "الأردن، سوريا، لبنان، فلسطين، ومصر".
ومنذ قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948على أنقاض الشعب العربي الفلسطيني، لم تكتفي هذه الدولة بما اقترفته أيدي عصاباتها من قتل وتشريد لشعب فلسطين، وتزييف للحقائق، وطمس للمعالم، منذ أن وطأت أولى أقدام المهاجرين اليهود أرض فلسطين العربية، توطئة لسيطرتها وهيمنتها المستندة إلى الإرهاب والغطرسة وقوى الاستعمار، حيث قامت مجموعة من هؤلاء المستوطنين الجدد في عام 1878 بالاستيلاء على 3375 دونما من أراضى قرية ملبس وأقاموا عليها مستوطنة أسموها بتاح تكفا.

ويَعتبر المؤرخ اليهودي والتر لاكور عام 1881 بداية التاريخ الرسمي للاستيطان اليهودي في المنطقة العربية، بعد أن وصل حوالي 3000 يهودي من أوروبا الشرقية إلى فلسطين، وتمكنوا من إقامة عدد من المستوطنات في الفترة الواقعة بين 1882- 1884. وفي عام 1882 ثم إنشاء المستوطنات التالية: 1- مستوطنة ريشون ليتسيون. 2- زخرون يعقوب. 3- وروش يبنا.

وفي عام 1883 مستوطنات: 1- يسود همعليه. 2- عفرون. وفي عام 1884 مستوطنة جديرا، وفي عام 1890 أقيمت مستوطنات: 1- رحوبوت. 2- مشمار هيارون".

لم تكتف دولة الاحتلال بأعمال القتل والعربدة والتهجير ضد المواطنين العرب الفلسطينيين، والاستيلاء على الأرض وما بها من خيرات طبيعية، بل تعدت تطلعاتها إلى الهيمنة والسيطرة على خيرات الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، وفي مقدمة هذه الخيرات النفط الأبيض "المياه".

نهر النيل
"مصر هبة النيل"... النيل الذي يساوي مصر!!! هذا النهر العظيم الذي يحمل الحياة والخصب والنماء لأرض مصر والسودان، ولولا النيل لما كانت هناك حضارات عظيمة في وادي النيل عبر آلاف السنين، وتحديدا في أم الدنيا مصر المحروسة، هكذا كتب المؤرخ اليوناني هيرودوت قبل ألفي عام، واصفا مصر بأنها هبة النيل، وأن النيل يعادل مصر، وذلك من منطلق ما لمسه هذا المؤرخ من أهمية نهر النيل بالنسبة إلى مصر وشعبها..

يتجه نهر النيل شمالا حتى المصب في البحر المتوسط، بإجمالي طول 6650 كم، يغطي حوض النيل مساحة 3.4 مليون كم مربع، ويمر مساره بعشر دول إفريقية وهي: "مصر، السودان، أوغندا، إثيوبيا، الكونغو الديمقراطية، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كينيا، وأريتريا"، ويطلق عليها دول حوض النيل.

يعتبر نهر النيل أطول أنهار الكرة الأرضية، ويبدأ مساره عند بحيرة فيكتوريا المصدر الأساسي لمياه النيل، تقع هذه البحيرة على حدود كل من أوغندا، تنزانيا، وكينيا، وتبلغ مساحتها 68 ألف كلم مربع، ويبلغ معدل كمية تدفق المياه داخلها أكثر من 20 مليار متر مكعب سنويا، وهي ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم والأكبر في أفريقيا، كما أنها أكبر بحيرة استوائية على وجه البسيطة.

لمحة تاريخية

يقدر التعداد السكاني لمصر الآن بنحو 80 مليون نسمة، وتقدر حصتها الحالية من مياه نهر النيل بـ55.5 مليار متر مكعب في السنة، وحصة مصر والسودان تقدر بـ85 مليار متر مكعب، وتقدر كمية المياه المهدورة في الحوض ما بين 1800 و2000 مليار متر مكعب سنويا.

كان تعداد مصر في سنة 1959م 20 مليون نسمة، وكانت حصتها من مياه النيل في ذلك الوقت 55.5 مليار م3 حسب الاتفاقية الموقعة بين مصر والسودان عام 1959م من أصل 83 مليار م3، ويبقى للسودان 17.5 مليار م3، هذه النسبة بقيت دون زيادة إلى هذه اللحظة، وهذه المياه لا تكفي مصر الآن ولن تكفيها في المستقبل.

تقول الدراسات إن تعداد مصر في سنة 2050م سيتراوح ما بين 120 و140 مليون نسمة، بعض الإحصاءات تقول إنه في عام 2017م ستحتاج مصر إلى 86 مليار م3 من المياه سنويا، بينما لن تستطيع توفير سوى 71 مليار م3 فقط، وستواجه مصر عجزا مقداره 15 مليار م3 من المياه سنويا

هذه الأرقام تشير إلى وجود مشكلة مائية كبيرة يجب على مصر تداركها ومواجهتها بشجاعة وحكمة، فبعض التقارير الدولية تشير أيضا إلى أن مياه نهر النيل ستتناقص بنسبة تتراوح بين 40 و70 بالمئة وذلك حسب المعطيات المناخية العالمية، فإذا عرفنا أن مصر تعتمد على مياه النيل بنسبة 95 بالمئة على الأقل من مواردها المائية أدركنا أنها تعد من الدول الفقيرة مائيا، وحاجتها إلى هذا النهر العظيم في ازدياد.

الدراسات تقول إن مصر والسودان لا تحصلان سوى على أقل من‏ 4 بالمئة‏ سنويا من مياه النيل، مع أن عدد سكانهما يصل إلى نصف عدد سكان دول الحوض‏ مجتمعة، فمصر تعاني من عجز مائي سيرتفع إلى ‏32‏ مليار م3 عام ‏2025‏م، وأن نصيب الفرد من المياه فيها سينخفض إلى ‏630‏ م3 عام ‏2020م.

في حين تعتمد إثيوبيا على 1 بالمئة من مياه النيل، وكينيا على 2 بالمئة، وتنزانيا على 3 بالمئة، وبوروندي على 5 بالمئة، والسودان على 15 بالمئة، ومن هنا تعتبر مشكلة نقص المياه في مصر أم المشاكل خاصة إذا أدركنا أن نصف الشعب المصري الآن لا يحصلون على مياه نظيفة.

وتقول هذه الدراسات أيضا إنه رغم الكميات الكبيرة من تساقط مياه الأمطار على دول حوض النيل، لا يصل منها إلى مصر والسودان سوى ‏84 مليار ‏‏م3، يتساقط على إثيوبيا وحدها ‏800‏ مليار م3 سنويا، أي نصف ما يتساقط على دول الحوض العشر، ولا يصل منها إلى مجرى النيل سوى ‏60‏ مليار م3 فقط‏، فبحيرة فيكتوريا يبلغ إيرادها السنوي ‏114‏ مليار م3، لا يتم تخزين سوى ‏20- 21‏ مليارا منها ويضيع الباقي، كذلك يصل إلى بحيرة ألبرت ‏34‏ مليار م3 سنويا، يفقد منها ‏7.6 مليار‏ م3، بالإضافة إلى ‏20 مليار م3 تتبخر من بحيرة كيوجا، وتضيع نسبة ‏92 بالمئة‏ من المياه الساقطة على حوض نهر كاجيرا في رواندا.

في ظل ما يجري يحق للمرء أن يتساءل: كيف ستستطيع مصر استكمال مشروعها على النيل في منطقة توشكي؟!! هذا المشروع العظيم الذي يهدف إلى خلق دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية موازية للنيل تساهم في إضافة مساحة زراعية تصل إلى 540 ألف فدان يتم ريها من نهر النيل و"ترعة" الشيخ زايد.

النيل والاتفاقيات الدولية

تغذي هضبة الحبشة نهر النيل بـ85 بالمئة من نصيب مصر، وذلك طبقا لعدة اتفاقيات من بينها اتفاقية أديس أبابا التي وقعتها بريطانيا وإثيوبيا في 15 يونيو/ حزيران 1902م، واتفاقية لندن التي وقعتها بريطانيا وفرنسا وايطاليا في 13 ديسمبر/ كانون الأول 1906م، واتفاقية روما في 1925، وتعترف بموجبها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه نهر النيل الأزرق والأبيض وروافدهما، وتتعهد بعدم إجراء أي إشغالات عليها يمكن أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي.

وفي سنة 1959م وقعت مصر اتفاقية مع دول حوض المنبع، نصت على أنه لا يجوز إقامة مشاريع وسدود على حوض النيل، إلا بعد موافقة مصر والسودان- دولتي المصب- على ذلك، وكانت قد وقعت اتفاقيات عديدة من بينها اتفاقية روما الموقعة بين كل من بريطانيا التي كانت تحتل مصر، وإيطاليا التي كانت تحتل إريتريا في 15 أبريل/ نيسان 1891، واتفاقية أديس أبابا الموقعة بين بريطانيا وإثيوبيا في 15 مايو/ أيار 1902، واتفاقية لندن الموقعة بين كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا في 13 ديسمبر/ كانون الأول 1906، واتفاقية روما عام 1925، كانت كل هذه الاتفاقيات تنص على عدم المساس بحقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل، وعدم إقامة مشاريع بتلك الدول من شأنها إحداث خلل في مياه النيل أو التقليل من كمية المياه التي تجري في الأراضي المصرية.

وقد جاءت اتفاقية عام 1929 بين مصر وبريطانيا التي كانت تنوب عن السودان وأوغندا وتنزانيا متناغمة مع جميع الاتفاقيات السابقة، فقد نصت على أن لا تقام بغير اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أية أعمال أو إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها، والتي من شأنها إنقاص مقدار المياه التي تصل إلى مصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه قد يلحق ضررا بمصر، كما تنص على حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل.

تحريض إسرائيلي مفضوح

لكن إسرائيل نشطت بين دول حوض النيل، وأهدافها كانت واضحة منذ البداية وهي تأليب دول الحوض على مصر لإضعافها وإخراجها من دائرة المواجهة للمشروع الصهيوني في المنطقة العربية، ولم تكتفي إسرائيل بتوقيع مصر معاهدة سلام معها وتكبيلها باتفاقيات كامب ديفيد وخروجها من صف المواجهة، وكما نجحت هذه الدولة في اغتصاب فلسطين وتدمير العراق ولبنان وقطاع غزة، هاهي تعمل ليل نهار على تدمير وتقسيم السودان وتقويض أمن مصر.

إسرائيل ومنذ نشأتها تتعامل مع قضية المياه من منطلقات جيو سياسية، فأطماعها تعدت مياه النيل، ففي عام 1990م قامت إسرائيل بدراسة عن طريق الأقمار الاصطناعية لتقدير كمية المياه الجوفية المخزنة في صحراء شبه جزيرة سيناء، وقامت بحفر آبار ارتوازية على عمق 800م بالقرب من الحدود المصرية في سيناء وهي بذلك تقوم بسرقة المياه المصرية.

ما زالت إسرائيل تحاول الحصول على حصة من مياه النيل، ولا تخفي إطماعها في السيطرة على مياه العراق وسوريا ولبنان، كما نجحت في سرقة مياه نهر الأردن واليرموك والليطاني ومياه فلسطين، وعملت بكل قوة على إبعاد سوريا عن نهر الأردن وبحيرة طبرية.

ولأن الساسة في إسرائيل يعتبرون المياه أولوية قومية وثيقة الارتباط بالزراعة والأرض والأيديولوجية الصهيونية، ويعتبرون المياه خطا أحمر بالنسبة لأمن دولتهم القومي، مطلوب من مصر والسودان والدول العربية الأخرى التعامل معها بالمثل، المطلوب وضع إستراتيجية لوقف مخططاتها العدوانية التي تهدف للسيطرة على مصادر العرب المائية، ومحاولتها التحكم بمصيرنا وبالأمن المائي العربي المرتبط عضويا بالأمن القومي للأمة العربية.

وبتحريض من إسرائيل بدأت بعض دول المنبع المطالبة بالمحاصة المتساوية في نهر النيل، ومطالبة دول المصب أي مصر والسودان بدفع أثمان مياه نهر النيل.
مصر الآن تتسلح بهذه الاتفاقيات وبقرار محكمة العدل الدولية الصادر عام 1989م، والذي يقضي بأن اتفاقية المياه شأنها شأن اتفاقية الحدود لا يجوز تعديلها، وكذلك فإن معهد القانون الدولي أقر عام 1961م مبدأ عدم المساس بالحقوق التاريخية الموروثة في الموارد المائية، وأيدت المادة العاشرة من اتفاقية فينا للمعاهدات عام 1978م ونصت على توارث وانتقال المعاهدات العينية والاتفاقيات الخاصة بالحدود، وفي عام 1997م أكدت محكمة العدل الدولية في حكمها هذا المفهوم عند النظر في النزاع بين المجر وسلوفاكيا حول أحد المشروعات على نهر الدانوب.

بدايات الأزمة حول النيل

كانت دول حوض النيل العشرة قد وقعت اتفاقية في سنة 1999م، تهدف إلى تدعيم وتعزيز التعاون الإقليمي بين هذه الدول، وتم توقيعها في تنزانيا، وتدعو الاتفاقية إلى تعظيم موارد النهر‏ وتوطيد علاقات الثقة والمصلحة المشتركة بين دول الحوض‏، والتشارك في إدارة موارده لمصلحة جميع دوله‏ وتقاسم الفوائد التي تترتب على زيادة موارده‏.

ولكن جذور الأزمة عميقة وقديمة وترجع بداياتها إلى تاريخ استقلال تنزانيا عام 1964م، حيث أصدر الرئيس التنزاني "جوليوس نيرري" إعلانا عرف بمبدأ نيرري، يتضمن عدم الاعتراف بالاتفاقيات التي أبرمت قبل إعلان استقلال تنزانيا، وأيدت في حينه هذا المبدأ أوغندا وكينيا ثم وقعت تنزانيا مع رواندا وبوروندي اتفاقية نهر كاجيرا أحد روافد بحيرة فيكتوريا عام 1977م، وتضمنت عدم الاعتراف باتفاقية 1929م.

كذلك أعلنت إثيوبيا رفضها لاتفاقيتي 1929م و1959م، وقامت في العام 1984 بتنفيذ مشروع سد فيشا أحد روافد النيل الأزرق بتمويل من بنك التنمية الإفريقي، وهذا المشروع من المتوقع أن يؤثر على حصة مصر من نهر النيل بحوالي 5 مليار م3 في السنة، وفي عام 2004م توترت العلاقات بين مصر وتنزانيا جراء تصريحات وزير الثروة المائية التنزاني حيث قال: إن بلاده ترغب في التزود من مياه بحيرة فيكتوريا عبر أنابيب تمتد 170 كم لتصل إلى القرى في تنزانيا.

الأطماع الإسرائيلية

في عام 1974م طرحت دولة الاحتلال مخططا يقضي بنقل مياه نهر النيل إليها، عبر حفر ست قنوات تمر من تحت قناة السويس لنقل ما يقارب المليار م3 من المياه المصرية سنويا إلى صحراء النقب، حيث صمم حينها المهندس الإسرائيلي "اليشع كيلي" مشروعا لمحاولة جلب مياه النيل لإسرائيل من خلال توسيع ترعة الإسماعيلة، حتى يزيد معدل تدفق المياه داخلها وسحبها من أسفل قناة السويس، وإسرائيل طرحت أكثر من مرة قضية مياه نهر النيل وطالبت بحصولها على 10 بالمئة من مياه النيل، أي ما يقارب 8 مليار م3 سنويا لحل مشكلة المياه فيها.

وهي تعمل ومنذ زمن أيضا على التغلغل بشكل كبير في دول حوض النيل وخاصة "أوغندا، تنزانيا، كينيا، وإثيوبيا"، من خلال إرسال عشرات الخبراء في العديد من المجالات مثل الزراعة والري، والخبراء العسكريين وغيرهم لهذه الدول، ومن شأن تدخل إسرائيل الحالي في شؤون النيل تطويق مصر والسودان مائياً وتهديد أمنهما القومي والتسبب في نزاعات قد تتطور إلى خوض حروب على المياه بين دول المنبع والمصب في حوض النيل.

فبعض التقارير تقول إن المخابرات الإسرائيلية عملت على عقد اجتماعات أمنية مع بعض دول حوض النيل، من أجل تحريضها والضغط على مصر لتعديل اتفاقية دول الحوض، وخاصة بعدما أدركت أن مخزونها الاستراتيجي من المياه بدأ بالنفاد، وخاصة مخزون المياه الفلسطينية في الضفة المحتلة وقطاع غزة التي تسرقها دولة الاحتلال منذ أكثر من أربعين عاما.

إسرائيل تعمل مع دول المنبع الإفريقية من أجل إلغاء الاتفاقية مع مصر، وتعرض على هذه الدول تقديم مساعدات مالية مغرية وسخية وتقنيات حديثة من أجل بناء سدود ومشاريع زراعية أخرى، وتعرض عليها أيضا مساعدتها في ترويض مياه الفيضانات والتحكم بمياه النيل من أجل أن تستخدم هذه الأوراق في الضغط على مصر.

إسرائيل في هذه الأيام تساهم في بناء السدود في كل من إثيوبيا وأوغندا، هذه "المساعدات" التي تقوم بها تتجاوز حدود ما يسمى "بالمنافسة الدبلوماسية" مع مصر، لأن الموضوع بالنسبة إلى إسرائيل يتمثل في تحقيق حلمها القديم بالوصول إلى مياه النيل.

صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية كتبت أن إسرائيل ومنذ تأسيسها تحاول أن تحصل على مياه النيل، وقد سبق أن طرحت عام 1974م فكرة إعادة مدينة القدس المحتلة إلى الفلسطينيين، مقابل نقل 840 مليون م3 من مياه نهر النيل سنويا إليها، وهذه الكمية كافية لتغطية احتياجاتها، غير أن المشروع اصطدم بمعارضة إثيوبيا والسودان في حينه، أما تركيزها الآن على إثيوبيا فيرجع إلى تأثير التواجد العسكري الإسرائيلي الكبير فيها ولأنها تقود التمرد على اتفاقيتي 1929م و1959م المذكورتين سابقا.

ليبرمان والاتجاهات الجديدة

في السياق نفسه كشفت الصحيفة الفرنسية عن تفاصيل مخطط إسرائيلي للسيطرة على مياه نهر النيل، وذلك من خلال تقديم إغراءات لدول الحوض الإفريقية في السنوات الماضية لإثارة القلاقل مع مصر وإعادة توزيع المياه، فالجولة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي العنصري أفيغدور ليبرمان إلى بعض الدول الإفريقية "إثيوبيا، كينيا، أوغندا، غانا، ونيجيريا"، بتاريخ 2/ 9/ 2009م على رأس وفد كبير مكون من النخبة وكبار المسؤولين الحكوميين، من وزارة الخارجية والمالية والدفاع ومجلس الأمن القومي ومن شركات الأسلحة والخبراء في شؤون المياه والاقتصاد والأعمال والطاقة والزراعة والري والأمن والإعلام وحرب العصابات والبنى التحتية، وتوقيع اتفاقيات مع ست دول إفريقية من بينها كينيا، أثيوبيا، وأوغندا، ومع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا الـ15 "سيدياو".

وتأكيده أن جولته تأتي في إطار خطته لتطوير "اتجاهات جديدة" في سياسة إسرائيل الخارجية، تهدف إلى تقوية إسرائيل وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول الإفريقية وخاصة "رأس الحربة" إثيوبيا، وعرض خدمات عسكرية على هذه الدول تهدف إلى التغلغل فيها على غرار تغلغلها في جمهورية جورجيا، والتي عالجت روسيا تدخلها السافر بتدمير كل القواعد العسكرية الإسرائيلية هناك.

إسرائيل وحرب المياه

تأتي التدخلات الإسرائيلية في إفريقيا في سياق استهداف أمن مصر والسودان والدول العربية الأخرى، وتشكل تهديدا خطيرا لحاضر ومستقبل مصر بوصفها الدولة العربية الأقوى، حيث تشكل بثقلها وموقعها تهديدا استراتيجيا لوجود الدولة العبرية. وتابعت "لوفيجارو" أن هذا التحرك هو الأول من نوعه منذ 25 عاما، وهذه الزيارة تعتبر بمثابة التمهيد لحرب المياه في الشرق الأوسط التي تبدأ في قلب القارة الإفريقية، مشيرة إلى أن ليبرمان مارس ضغوطا على إثيوبيا لبناء سدود على نهر النيل. تجدر الإشارة هنا إلى أن ليبرمان كان قد دعا في وقت سابق إلى تدمير السد العالي وإغراق الشعب المصري في مياه النيل.

ترى ماذا عملت مصر لتفادي خطر هؤلاء العنصريين لحماية مصر؟ صحيفة "ديلي نايشن" الكينية قالت إن ليبرمان وقع مع الرئيس الكيني اتفاقية لإدارة مصادر المياه والري والبناء، تعهدت إسرائيل بموجبها بمواصلة دعمها لكينيا في مختلف مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتوفير التدريب اللازم للكينيين في المجالات المختلفة وخاصة الزراعية والأمن وتكنولوجيا المياه.

صحيفة "جيما تايمز" الإثيوبية ذكرت أن مصر تشعر بالخطر من إسرائيل، وأن زيارة ليبرمان يمكن أن تؤدي إلى زيادة المشاكل المتعلقة بدول حوض النيل، حيث إن إسرائيل يمكن أن تساعد الدول الإفريقية على الاستفادة من مياه النيل، وأن تساعدها في إنشاء مشروعات مقابل إعطاء إسرائيل نسبة من مياه النيل، وهذا سيؤثر على نسبة مصر من المياه، "إسرائيل في الفترة الأخيرة قامت بالمشاركة إلى جانب وزارة الزراعة الإثيوبية والوكالة الأمريكية للتنمية في تأسيس مركز بوتا جيرا لزراعة البساتين المميزة المتخصص في تكثير الفواكه والخضار الاستوائية" في إثيوبيا.

خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام الدكتور عماد جاد وصف زيارة ليبرمان بالتطور الخطير، وقال إن ليبرمان يسعى إلى إثارة القلاقل حول مصر والسودان وتحريض دول حوض النيل على مصر.

النيل والمنظمات اليهودية

ما بين 16 و21/ 8/2009، وبترتيب من إحدى أكبر المنظمات اليهودية الأمريكية، "منظمة مشروع التبادل" التابعة للجنة اليهودية الأمريكية، زار وفد من دول حوض النيل مكون من وزير الصناعة والتجارة الرواندي، ومدير المعهد العالمي للتنمية البيولوجية العلمية في رواندا، ومدير منظمة اكس بليس كاريتوش في رواندا، ونائب وزير الزراعة الأوغندي، إسرائيل، وعقد هؤلاء المسؤولون لقاءات مع وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي، وعلماء وقيادات في قطاعات الزراعة والتكنولوجيا، المدير التنفيذي لمعهد التبادل في واشنطن صرح أنه مع زيادة الاعتراف بتنوع وتقدم إفريقيا في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فمن المهم أيضا التعرف على انخراط إسرائيل المتواصل والنشط في القارة الإفريقية وتوسيعه.

زيارة وفدي رواندا وأوغندا إلى إسرائيل جاءت بعد اجتماع دول حوض النيل في الإسكندرية، حيث شهد الاجتماع خلافا كبيرا بين دول المنبع ودول المصب، من أجل إجراء تعديلات جوهرية على اتفاقية تقسيم مياه النيل، وخاصة المتمثلة في شروط الموافقة المسبقة لمصر والسودان على أي تعديل للاتفاقية والأمن المائي والحقوق التاريخية في مياه النيل، وذلك بشأن توزيع حصص مياه النيل وإقامة دول المنبع مشروعات زراعية وصناعية وسدود بمساعدة إسرائيل تؤثر بشكل كبير على حقوق مصر والسودان، وكذلك جرت محادثات في شهر يونيو/ حزيران 2009م حول ذلك في كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، إلا أنها فشلت حيث تمسكت دول الحوض بموقفها الرافض لاتفاقيتي 1929 و1959م، بحجة أنها لم تراعي احتياجات دول المنبع وتعطي لمصر الحصة الأكبر في مياه النيل، وأصرت هذه الدول على إعادة تقسيم حصص المياه بين دول الحوض ودول المصب بشكل أكثر عدلا.

وعن دلالات وتداعيات زيارة وفدي أوغندا ورواندا أكد سفير مصر السابق في إسرائيل محمد بسيوني، أنها تمثل تهديدا خطيرا على مصر، حيث تشهد علاقات مصر بدول حوض النيل توترا، وخاصة بعد إعلان الدولتين رفضهما لمطالب مصر، وأشار بسيوني إلى أن إسرائيل تحاول الضغط على أريتريا لتغيير مسار نهر النيل بدلا من اتجاهه في مساره الطبيعي إلى السودان ومصر من خلال إنشاء نهر جديد، وكذلك تقليص حصة مصر من مياه النيل. وأضاف بسيوني أن وزارتي الخارجية والري يدرسان ملف دول الحوض من جديد بتدخل من رئيس الجمهورية لأن الأمر دخل مرحلة خطرة.

بدوره ألمح الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إلى أن زيارات دول المنبع إلى إسرائيل في هذا التوقيت لها أهداف خطيرة قد تضر بمصالح مصر معهم، لأن إسرائيل من جانبها تحاول توطيد علاقتها بدول المنبع لاستغلال ذلك في توصيل الماء إليها.

وفي نفس السياق أكدت مصادر مسؤولة في وزارة الري المصرية أن مصر تراقب بشدة ما تقوم به إسرائيل في دول حوض النيل، مشيرا إلى أن القاهرة تقوم بتنفيذ العديد من المشروعات المشتركة مع هذه الدول في إطار الحفاظ على المصالح المشتركة، وأضاف أن وزارتي الري والخارجية تتابعان العلاقات الإسرائيلية مع دول حوض النيل، وخاصة بعد فشل مباحثات وزير الري المصري مع نظيرة الكيني، وهذا أكبر دليل على نجاح إسرائيل في توتير العلاقة بين مصر ودول حوض النيل.

قضية أمن قومي

تعد مياه نهر النيل مسالة حياة أو موت بالنسبة لمصر والسودان "سكان وادي النيل" على مدى العصور، لأن معظم الدول المتشاطئة في الحوض، ما عدا السودان ومصر، تملك أكثر من حاجتها من المياه، لكثرة البحيرات العذبة والأنهار ولكثرة هطول الأمطار فيها، بينما يعتمد السودان بنسبة 15 بالمئة ومصر بنسبة تتراوح ما بين 95 بالمئة و97 بالمئة على مياه نهر النيل.

ومياه النيل تعتبر بمثابة خط أحمر لأمن مصر والسودان المائي لا يمكن لمصري أو سوداني أن يسمح لأحد مهما كان تجاوزه، وقديما وتحديدا في القرن التاسع عشر وضعت حكومة محمد علي باشا خطة طوارئ للتدخل العسكري ضد أي دولة يمكن أن تشكل خطرا على تدفق مياه النيل على مصر، كما طلب الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات بوضع خطة طوارئ عام 1979م عندما أعلنت إثيوبيا عن نيتها بإقامة سد لري 90 ألف هكتار في حوض النيل الأزرق وهدد بتدمير هذا السد، وعقد اجتماع طارئ لقيادة هيئة الأركان لبحث هذه المسألة،أما الرئيس المصري الحالي حسني مبارك فصرح أمام اللجنة الوزارية للري والموارد المائية أن قطرة المياه بالنسبة لنا أغلى من البترول، لأنها ثروة مصر الحقيقية في الماضي والحاضر والمستقبل.

وفي هذا الإطار قال الدكتور عبد الباسط زريق خبير الشؤون الإفريقية إن قضية مياه النيل تعتبر قضية أمن قومي لمصر، ومصر تقوم بإحباط جميع المحاولات التي تهدف إلى النيْل من حصتها في هذه المياه..

عضو البرلمان المصري وعضو برلمان عموم إفريقيا السيد مصطفى الجبوري قال: إن إسرائيل تعبث بأمن واستقرار منطقة حوض النيل، وتسعى لخلق توترات وتناحرات بين دول المنطقة، وإن هدفها النهائي هو أن تصل المياه إلى أراضيها مستفيدة من التناقضات التي تزرعها بين دول الحوض...

هل ترفع نجمة داوود على القارة السوداء؟

هذا سؤال وجيه يتردد منذ فترة، فأفريقيا هذه القارة التي كانت تعتبر إلى وقت قريب منطقة نفوذ عربية بامتياز، تنازلت الأنظمة العربية عن دورها التاريخي فيها فاسحة المجال إلى إسرائيل لتسرح وتمرح كيفما أرادت مقدمة خبراتها العسكرية والأمنية وغيرها، وقد تكون قد بنت في بعض دولها مثل إثيوبيا واريتريا قواعد عسكرية سرية، على غرار قواعدها في جمهورية جورجيا في القوقاز، كي تستخدمها متى شاءت كرأس حربة مسمومة تغرسها في خاصرة الدول العربية وخاصة مصر والسودان.

فحينما فشلت إسرائيل في التفاهم مع مصر بخصوص حصولها على مياه نهر النيل، لجأت إلى الأساليب الملتوية في محاولات التدخل في دول مصب النيل، للي ذراع مصر ولإجبارها على الرضوخ لمطالبها..

فمصر تعلم وتعي تماما خطورة التحريض الإسرائيلي المتواصل والمستمر لدول حوض النيل، وهذه المساعدات المالية السخية والتقنية الحديثة التي ستستخدم في إنشاء سدود ومشاريع عملاقة على النيل، تهدف بالأساس إلى تقليل كمية المياه التي تصل إلى مصر لتخنقها.

في هذا السياق أيضا تتواصل الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية على مصر، من أجل تنازلها وقبولها ببعض التعديلات على اتفاقية دول الحوض الموقعة عام 1929م بين الحكومة المصرية وحكومات دول المنبع، والتي تعطي لمصر حق النقض الفيتو ضد إنشاء أي دولة من دول المنبع مشروعات جديدة على نهر النيل أو أي من أفرعه.

تقول بعض المصادر إن الضغوط التي يمارسها قطبا الرحى أمريكا وإسرائيل تهدف إلى إثارة الرأي العام العالمي ضد مصر، بالإضافة إلى دول المنبع لإجبارها على تعديل الاتفاقية، فإسرائيل تتسلح بحجة واهية تتمثل فيما تدعي بكمية المياه الكبيرة التي تهدرها مصر في الصحراء، وهذه الضغوط المبرمجة تهدف في المقام الأول لإجبار مصر على الرضوخ والموافقة على نقل مياه النيل إلى إسرائيل، وآخر ما تفكر وتعمل عليه إسرائيل هو مساعدة الدول الإفريقية في استغلال المياه في مجال التنمية.

تقول بعض المصادر إن أمريكا وإسرائيل تحاول وضع مصر أمام خيارين أحلاهما مر: الأول: أن توافق مصر على تزويد إسرائيل بحاجتها من مياه النيل، والثاني: - إذا رفضت مصر الخيار الأول- إنشاء سدود عملاقة في إثيوبيا، وتخفيف المياه المتدفقة إلى السودان ومصر إلى أدنى درجة، وهنا تكمن الطامة الكبرى حيث يعني ذلك نقصا شديدا في مياه السد العالي وبحيرة ناصر، وما يعنيه ذلك من الانعكاس السلبي الكبير على توفير مياه الشرب والزراعة وتوليد الطاقة الكهربائية.

وزير الطاقة المصري صرح بأن إسرائيل لن تحصل على قطرة ماء واحدة من مياه النيل، وفي تعليقه على وجود مخطط أمريكي إسرائيلي لتدويل نهر النيل واستيعاب مياهه في أثيوبيا، وممارسة الضغط على مصر من أجل تزويد إسرائيل بالمياه، قال: إن الهدف من ذلك الوقيعة بين مصر ودول المنبع. فبحسب الاتفاقيات مع دول حوض النيل والتي تنص على عدم جواز إمداد أي دولة خارج حوض النيل بالمياه، لا تستطيع مصر تزويد إسرائيل بالماء.

النيل وتمزيق السودان



يجب أن نعي مدى خطورة المؤامرة على وحدة السودان أرضا وشعبا، ومدى التدخل الأجنبي "أمريكا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، وكينيا"، وخصوصا الدور التخريبي المميز لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدا في إقليم دارفور ومنطقة الجنوب، حيث اتضحت معالم مخطط تآمري إسرائيلي دولي لتقسيم السودان، وما يشكله ذلك من خطر حقيقي على أمن واستقرار ومستقبل دول المنطقة وخصوصا جمهورية مصر العربية.

هل يكون تمزيق السودان لدويلات عديدة بداية السيطرة الكاملة لإسرائيل على مياه نهر النيل؟ فمنذ اندلاع أزمة دارفور والتي أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا لاستقرار السودان، ومدخلا قويا للتدخلات الخارجية، كانت هناك العديد من المؤشرات الواضحة على وجود دور استخباراتي إسرائيلي يعمل على توسيع الأزمة وتكريسها، حيث عملت إسرائيل على توفير كل ما يلزم من التمويل والدعم في العديد من المجالات، واستغلت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الاختلافات في إيقاد نار الفتنة الإثنية والقبلية، لتحويل مجرى هذه الاختلافات إلى أزمة سياسية مركبة ومعقدة ذات طبيعة إثنية، تعمل على إضعاف السودان وتمزيقه من الداخل وصولا إلى تفكيكه وتحويله إلى دويلات صغيرة متصارعة..

وفي حديث لوزير الأمن الداخلي الإسرائيلي "أفي ديختر" قال إن صانعي القرار في إسرائيل كانوا قد وضعوا خطة للتدخل في إقليم دارفور، وأردف قائلا: كنا سنواجه مصاعب في الوصول إلى دارفور لممارسة "أدوارنا المتعددة" بعيدا عن الدعم الأمريكي والأوروبي، وتدخلنا في دارفور أمر حتمي حتى لا يجد السودان الوقت لتركيز جهوده باتجاه تعظيم قدراته لصالح القوة العربية، حيث إن السودان بموارده المتعددة كان بإمكانه أن يصبح دولة إقليمية قوية، إلاّ أن الأزمات الداخلية التي يواجهها حالت دون ذلك. وقال: إن رئيسة الوزراء الإسرائيلية سابقاً جولدا مائير ذكرت أن إسرائيل مضطرة لاستخدام وسائل أخرى لتقويض الأوضاع من الداخل بالسودان، نظرًا لوجود الفجوات والثغرات في البنية الاجتماعية والسكانية للسودان.

أفريقيا.. سوق للأسلحة الإسرائيلية



إسرائيل ومنذ زمن أصبحت موردا رئيسي للأسلحة والأجهزة العسكرية والعتاد الحربي وتكنولوجيا الحرب المتطورة، وأجهزة التشويش، وبالعديد من الخبراء العسكريين، ورجال المخابرات، ومجموعات أمنية خاصة لتدريب الوحدات الخاصة في بعض الدول الإفريقية، والجماعات المتمردة لكي تكون نقطة الانطلاق للاعتداء على السودان ومصر والتجسس عليهما، وتعتبر إسرائيل مصدرا أساسيا للصواريخ وطائرات الاستكشاف والقنابل المحظورة الاستعمال.

فإسرائيل قدمت للمتمردين في جنوب السودان دعما عسكريا وماليا يقدر بمليارات الدولارات، ومعلومات هامة بواسطة الأقمار الصناعية عن تحركات الجيش السوداني، حيث قتل عام 1988 خمسة ضباط إسرائيليين في معارك داخل جنوب السودان، كذلك كانت إسرائيل هي من نقلت المعارك من جنوب السودان إلى شماله.

فها هو أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في كلية التربية بجامعة المنصورة وخبير الشؤون السودانية الدكتور زكي البحيري يؤكد، أن إسرائيل تدعم الخلاف السوداني وتضع عينها على مياه النيل.

وكشفت ورقة قدمها الدكتور معتصم أبو القاسم عن الدور اليهودي في دارفور، في مؤتمر نظمه مركز دراسات المجتمع والرصد للدراسات الإستراتيجية، عن تورط منظمات أجنبية وسودانية في أنشطة استخباراتية بإقليم دارفور لمصلحة إسرائيل، والدور الذي لعبته الوكالة اليهودية الأمريكية العالمية، التي دخلت إلى الإقليم عن طريق لجنة الإنقاذ الدولية واجهة النشاط اليهودي، وعرض مقدم الورقة صورا فوتوغرافية ووثائق تثبت قيام تلك المنظمات بأعمال مخابراتية في دارفور لمصلحة إسرائيل ودول أجنبية أخرى، كاشفا عن مخطط صهيوني من ثلاثة محاور لزعزعة الأمن بدارفور: الأول، نشر معلومات مضخمة عن الأوضاع بإقليم دارفور. والثاني، خطة عسكرية شاملة. والثالث، خطة سياسية تعتمد على تحريك البرلمانيين، استطاعت إصدار عشرين قرارا من الأمم المتحدة.

وأشار الدكتور البحيري إلى أن اللوبي الصهيوني وراء صناعة تحالف إنقاذ دارفور، وإلى ما تم الكشف عنه من تورط الإسرائيلي داني ياتوم في تهريب أسلحة إلى دارفور، مستشهدا بما ورد على لسان حاييم كوش رئيس جماعة اليهود الزنوج من أن تشاد تحولت إلى مركز إسرائيلي تحرص تل أبيب على الوجود فيه، فإسرائيل تدخلت لإنقاذ نظام إدريس ديبي حين أوشك على السقوط بعد أن حوصر في قصره لعدة أيام في فبراير/ شباط 2008، كما أشارت إلى ذلك وكالة الأنباء الفرنسية في حينه..

هذا هو الوجه الحقيقي لإسرائيل الدولة المغتصبة للحقوق العربية، والتي تحتل أرض فلسطين وترتكب المجازر بحق شعبها وتغتصب القدس وتعتدي على لبنان وسوريا، والتي ما زالت ومنذ تأسيسها تبطش بالأمة العربية وتتلاعب بأمنها ومصيرها خدمة لأهداف أسيادها في واشنطن، ولكن للأسف الكثير منا ما زال يضع رأسه في الرمال ويراهن على تغيير النمر لجلده وعلى اندماج هذه الدولة المعتدية في المحيط العربي.

فهل المطلوب الآن موقف مصري وعربي قوي وحازم؟.. هل المطلوب رد حاسم ومباشر على غرار الرد الروسي في القوقاز والمقاومة في لبنان؟ حيث سيشكل هذا الموقف وهذا الرد رسالة قوية ورادعة للمتآمرين ولمن خلفهم، مفادها بأن العرب أقوياء إلى حد يستطيعون منع أية مؤامرة على أمنهم الوطني والقومي، أم أن المطلوب مزيد من الاستجداء والتخاذل والانبطاح والتفريط والزحف على البطون؟!!.

فهاهو المؤرخ الإسرائيلي أوري ميلشتاين في حوار مطول لإذاعة أورشليم الجديدة، يقول: إن إسرائيل لن تصمد في مواجهة مصر إذا اندلعت حرب جديدة، خاصة أن الحرب المقبلة لن تدور في الميادين العسكرية فقط، بل قد تلجأ مصر لقصف العمق الإسرائيلي بالصواريخ المتطورة، بما يهدد بإصابات بالغة في صفوف المدنيين، قد تؤدى إلى انهيار إسرائيل، مشيراً إلى أن ثقافة الشارع الإسرائيلي تقوم على الصراخ والبكاء، ولا يتحمل الإسرائيليون مواجهة مقاتلين يتحلون بالعناد والشراسة أثناء القتال.

_________________________

* منسق اتحاد المزارعين في محافظة الخليل
المصادر: جريدة الأهرام، وكالة أنباء أمريكا العربية، مصر الجديدة، اليوم السابع، البشير للأخبار، الجزيرة نت، إسلام اون لاين، دنيا الوطن، سيبر أثيوبيا، البشائر، مصر الشمس، منتدى مصر، العرب اليوم.
*العرب اللندنية

__________________
منقول للافادة
 
عودة
أعلى