في مواجهة أي هجوم إسرائيلي أو أمريكي محتمل
"عاشوراء" و"الحسين" ركيزتا استراتيجية إيران في أي حرب قادمة
أثار الكشف عن الاستراتيجية النووية الأمريكية الجديدة العديد من ردود الافعال داخل مراكز القرار الايراني، وبالتحديد داخل المؤسسة العسكرية والقيادة المركزية لقوات حرس الثورة الاسلامية التي تعتبر نفسها رأس الحربة في أي حرب قادمة ضد ايران.
خصوصاً بعد المواقف التي اطلقها الرئيس الامريكي باراك اوباما في المقابلة التي اجراها مع مجلة "نيويورك تايمز" وهدد فيها ايران وكوريا الشمالية بشكل غير مباشر بهجوم نووي عندما قال: "لدينا نية في طمأنة الآخرين بأننا قادرون على التحرك من دون اللجوء للسلاح النووي، وقدرة الاسلحة التقليدية للردع مؤثرة، باستثناء بعض الاوضاع المعقدة كثيراً"، وأضاف مباشرة "ان ايران وكوريا الشمالية لن تدخلا في اطار الاستراتيجية الجديدة"، أي التقليل من امكانية استخدام الاسلحة النووية ضدهما.
___________________________________________
وقد توقفت القيادة العسكرية للحرس الثوري امام تصريحات وزير الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع روبرت غيتس الداعمة لمواقف اوباما. إضافة للشرح والرؤية التي قدمها غيتس امام البنتاغون وتحدث فيها عن العقيدة النووية الجديدة لأوباما وميثاق "اعادة النظر في الحالة النووية NPR" عندما قال بصراحة ان امريكا ستستخدم كل الخيارات في التعاطي مع إيران، موضحاً أن ادارة اوباما تلتزم بعدم استخدام السلاح النووي ضد الدول التي لا تمتلك رؤوساً نووية باستثناء إيران.
وبناء على عقيدة اوباما النووية وخطاب غيتس، تعتقد الاوساط السياسية والعسكرية في طهران أن العقيدة النووية الجديدة لامريكا على علاقة بالتهديدات التي تطلقها اسرائيل ضد إيران، وميثاق "إعادة النظر في الحالة النووية"، وقد كتب بتأثير من النظرة الامنية لاسرائيل.
ويعتقد الايرانيون أن الإعلان عن الاستراتيجية النووية الامريكية الجديدة التي تعطي ادارة أوباما الحق باستخدام السلاح النووي ضد إيران يكشف عن امكانية ان تلجأ تل أبيب للبدء بهجوم ضد المنشآت النووية الإيرانية في حال رفضت هذه الاخيرة وقف انشطة تخصيب اليورانيوم. وأن الادارة الامريكية من خلال هذه المواقف تسعى لفرض معادلة رادعة لمواجهة أي ردة فعل إيرانية ضد اسرائيل او القوات الامريكية في حال وقع هذا الهجوم.
وتعليقاً على ذلك تؤكد القيادة العسكرية الإيرانية بأن الردع الذي تبحث اسرائيل وأمريكا، لا يمكنه ان يطلق العنان لاسرائيل بالهجوم على إيران ولا يمكن ان يمنع إيران من الرد على الاسرائيليين.
____________________________
سؤال عن "الدور الإسرائيلي"
وتطرح القيادة الايرانية سؤالاً مفاده: هل كان لاسرائيل دور في استثناء إيران من الحصانة التي تضمنتها الاستراتيجية النووية الجديدة لامريكا؟
وفي الرد على هذا السؤال تتوقف هذه القيادة الايرانية امام نقطتين:
1 – وجود امكانية كبيرة بأن تكون اسرائيل قد لعبت دوراً في صياغة هذه الاستراتيجية. فعلى الرغم من الجهود التي يبذلها تل ابيب لدفع مجموعة دول 5+1 لفرض المزيد من العقوبات المتشددة ضد إيران، الا ان الاسرائيليين يشككون بفعالية وقدرة هذه العقوبات وإمكانية تأثيرها على الموقف النووي لايران، اضافة لعدم رغبتهم في حصر التصدي للأنشطة الايرانية فقط في المجالين الاقتصادي والسياسي.
وترى هذه القيادة انه وعلى الرغم من ان اسرائيل تلقت في السنوات الثلاث الاخيرة هزيمتين قاسيتين وغير مسبوقيتن من حزب الله في لبنان وحماس، وأن موقعهم العسكري تعرض لخطر حقيقي، لكن وبسبب الطبيعة العدائية لاسرائيل والجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني واحتلال اراضيه، فإنها تؤمن دائماً بالعقيدة العسكرية وتعتقد بأنها قادرة على تحقيق ما تريد عبر اللجوء إلى العمل العسكري.
انطلاقاً من هذا فإن اسرائيل تسعى دائماً للابقاء على هذا الخيار مفتوحاً، وبما انها غير قادرة على تنفيذ هذا الخيار بمفردها، فإنها تحاول فرض التزامات على الادارة الامريكية في اطار هذا الهدف.
2 – في حال لم يكن لاسرائيل دور مباشر في صياغة هذه الاستراتيجية، فإن ما جاء فيها يلبي مطالبها وإرادتها، وقد ابدت رضا تاماً عن كيفية صياغة هذه الاستراتيجية. لانها تركت الباب امامها مفتوحاً لتحقيق ما تريد، وهي قادرة بالعودة إلى هذه الاستراتيجية والتمسك بما جاء فيها، ان تمارس ضغوطاً اكبر على الادارة الامريكية للتصدي لإيران.
______________________
طمأنينة تفتقر لضمانات
وبناء على ما ورد، فإن القيادة العسكرية الايرانية تعتقد ان توقيت الهجوم العسكري الاسرائيلي ضد ايران، سيحدث عندما تطمئن اسرائيل:
1 – بأن الردع الامريكي سيكون حائلاً دون الرد العسكري الايراني ضدها.
2 – بأن تتدخل امريكا عسكرياً حتمياً بعد الرد الايراني على الهجوم الاسرائيلي.
وتعتقد هذه القيادة بأن الردع الذي يدور الحديث عنه، ليس من المسائل التي تمتلكها امريكا 100% لكي يكون بقدورها طمأنة اسرائيل بشكل كامل. وفي افضل الحالات، أي في الوقت الذي تكون فيه كل الامور متطابقة مع الرغبات الامريكية، فإن قدرتهم على تقديم ضمانات رادعة لا تتعدى 50% بناء على ردة فعلهم، ولن يكون بمقدورهم السيطرة على الخمسين المتبقية لانها ستكون في دائرة القرار والسيطرة الايرانية.
وعندما لا تكون إيران تحت السيطرة بناء على استراتيجية الردع هذه، فإن الـ50% من الردع التي تملكها امريكا ستكون بلا قيمة الى الحد الذي تفقد فيه استراتيجية الردع موضوعيتها. وأن توزيع وتقسيم خيار الردع بين ايران وأمريكا لن يمنح اسرائيل لا ببساطة ولا بصعوبة امكانية اللجوء الى الخيار العسكري ضد ايران ومخاطره. بناء عليه فإن امكانية الثقة بخيار الردع من قبل اسرائيل غير ممكنة، وفي النتيجة فإن ما جاء في الاستراتيجية النووية الجديدة غير مجد.
لكن امكانية ان تقوم اسرائيل بهجوم عسكري ضد ايران تبقى قائمة، ويمكن متابعتها من خلال فرضية اخرى، وهي ان تتجاوز اسرائيل موضوع الردع، وأن تقوم بالهجوم على ايران على امل ان تجبر امريكا على الاشتباك معها ايضاً على الرغم من علمهما بالرد الايراني.
_______________________
تدمير الذات
اذا عقدت اسرائيل الآمال على هجوم عسكري امريكي ضد ايران بعد الرد العسكري الايراني على اسرائيل، فإن ذلك يعني قيام اسرائيل بتدمير نفسها بسبب الخطأ الكبير الذي سترتكبه في حسابات وتقديرات الامر.
وترى هذه القيادة أنه وبالعودة الى موضوع الردع يظهر ان الشيء المهم لإسرائيل هو صيانة نفسها مقابل أي رد ايراني، في حين ان مثل هذه الخطوة المفترضة أي – الهجوم على ايران مع العلم بالرد القطعي الايراني – تقع في الجهة المقابلة لموضوع الردع الذي يحظى بأهمية قصوى لدى اسرائيل اكثر من أي شيء آخر. وهنا فإن معظم الخبراء العسكريين يقرون بأن قدرة ايران العسكرية والتدميرية هي في اعلى مستوياتها واتساعها، بحيث إنها تشمل وتطال كل الاراضي المحتلة، ولن يكون أي مكان من جغرافية الاراضي المحتلة بعيدة عن الاستهداف الايراني، وأن ايران بالاستفادة من حجم سلاحها بعيد المدى قادرة في مدة قصيرة ان تحول الاراضي المحتلة الى خراب. ان قدرة ايران على القيام بمثل هذه العمليات متنوعة ومعقدة بحيث ان دخول الامريكيين في هذه المرحلة سيكون غير مجد ولن يساعد في تقليل الخسائر التي ستلحق بالاراضي المحتلة. أن نتائج مثل هذه الفرضية ستكون انهيار عوامل متعددة ومؤثرة.
وإذا توقفنا عند كل واحد منها، فإنها في النهاية ستكشف عن انهيار واضمحلال اسرائيل، ويصبح من الصعب جداً العودة بها الى الوضع السابق. ولن يكون مهما بعد القضاء على اسرائيل ما سيحدث بين ايران وأمريكا، المهم هو القضاء على اسرائيل، وهو أمر سيتحقق بالتأكيد.
إن مجرد التفكير بامكانية تدمير اسرائيل هو تفكير مرعب ومر للاسرائيليين ولا يرغبون حتى التفكير به او الاقتراب منه كفرضية او احتمال. وعليه فإن "تدمير الذات" في الظروف الطبيعية والعادية لا يمكن ان يكون خياراً إسرائيلياً، وهم يعرفون ان اللجوء لهذا الخيار سيشكل النهاية التاريخية لدولتهم.
______________________________
تأويل وتفسير مفهوم الردع
وتعتقد القيادة الايرانية ان العقيدة العسكرية الاسرائيلية حتى العقدين الماضيين كانت تقوم على تفوق قدراتها العسكرية على القدرات العسكرية لإيران، وأنه على الرغم من البعد الايديولوجي في التركيبة الايرانية، فإن هذه القدرات اصيبت بخسائر كبرة وتعاني ضعفاً بسبب لحق بها جراء الحرب.
أما اليوم فقد تغيرت العقيدة الاسرائيلية تجاه ايران، وقد أدرك القادة الاسرائيليون وبطرق مختلفة مدى ما وصلت اليه القدرات العسكرية الايرانية. ونتيجة هذه المعرفة، أدركوا انهم غير قادرين بمفردهم على مواجهة ايران عسكرياً، وقد سعوا على مدى سنوات طويلة الى ربط انفسهم بأمريكا كمدافع وداعم لهم في أي مواجهة عسكرية محتملة مع ايران.
إن دخول الكيان إسرائيل في إطار منظومة الدعم العسكري الامريكي باعتقاد القيادة الايرانية يأخذ بعدين، من جهة سيساهم ظاهرياً في رفع قدراتها العسكرية، وتوظيف القدرات العسكرية الامريكية في إطار قوة الردع الخاصة بإسرائيل، ومن جهة ثانية، سيؤدي الى خسارة الاستقلالية في القرار العسكري الاسرائيلي.
وتعقد هذه القيادة ان الولايات المتحدة الامريكية ستدخل الى جانب اسرائيل في أي حرب قد تشن ضدها من قبل أي دولة، لكن في المقابل فإن امكانية ان تنساق واشنطن الى أي حرب قد تشنها اسرائيل ضد أي من الدول هي امكانية ضعيفة، اذا من الممكن ان لا تكون المصالح التكتيكية لأمريكا مشتركة مع اسرائيل. وهنا وفي هذه الحالة فإن اسرائيل وبسبب ارتباطها بالجانب العسكري الامريكي لا يمكنها العمل باستقلالية وانفرادية وأن تتوقع دعماً ومساعدة من امريكا.
عندها تكون قوة الردع الامريكية التي تعتمد عليها اسرائيل والتي برزت في الاستراتيجية النووية الجديدة، حسب القيادة العسكرية الايرانية، ستكون معرضة للتأويل والتفسير، أي ان هذه القوة ستشكل حائلاً امام أي خطوة عسكرية فردية اسرائيلية، وقد لا تتطابق الاهداف الاسرائيلية بالهجوم مع ما تريده امريكا. وان أي هجوم عسكري اسرائيلي ضد المنشآت النووية الايرانية قد يحقق الاهداف الاسرائيلية، لكن الرد الايراني ضد اسرائيل ودخول امريكا في حرب مفترضة او احتمالية سيعرض موقعها في كثير من نقاط المنطقة للخطر، وفي حال لم تعط اسرائيل لهذا الموضوع كبير اهمية، وإذا كان المهم لدى القيادة الاسرائيلية هو الهجوم على المنشآت النووية الايرانية بغض النظر عما سيلحق بأمريكا. فإن الردع الامريكي سيكون مركزاً على منع اسرائيل من التحرك، وهذا سيعني ان تفقد اسرائيل حرية العمل العسكري.
________________________________
عدم فائدة الحرب التقليدية
وتعتقد القيادة الايرانية انه وبناء على ما تقدم، اذا لجأت اسرائيل لاعتماد خيار "تدمير الذات" وقبلت به، فيجب عليه اجبار امريكا على الدخول في عداء مع ايران حتى ولو كان ثمن ذلك زوال اسرائيل، عندها سنكون امام واحدة من الفرضيتين التاليتين: إما الدخول في حرب تقليدية او كلاسيكية، أو الدخول في حرب غير تقليدية.
في الحرب التقليدية، سيكون الامريكيون مجبرين على اتباع اسلوب الحرب نفسه الذي اتبعوه في افغانستان والعراق. وبما ان الوضع الامريكي الحالي يختلف بالكامل عن الوضع السابق، وايران ليست العراق ولا افغانستان، ومع الاخذ بالاعتبار ان امريكا تعاني وضعاً حرجاً وغير مستقر بعد 7 – 8 سنوات حرب في العراق وافغانستان ولا تمتلك أي رؤية واضحة لمستقبل هذين البلدين، لذا يبدو انه من غير المنطقي الدخول في حرب جديدة تعلم ان نسبة النجاح فيها ضئيلة جدا بالمقارنة مع الحربين السابقتين، وأن آثارها وتكاليفها ستكون اكبر بكثير. من ناحية اخرى قد يكون زوال اسرائيل خارج قدرة وتحمل امريكا وقد يجبرها على اتخاذ ردة فعل، وبما ان اللجوء الى الحرب التقليدية لا يضمن لامريكا النصر ولا باستطاعتها ذلك، فإنه الاحتمال الاكبر هو اعتماد الحرب غير التقليدية.
__________________
الحرب غير التقليدية
لیس مهماً متى وفي أي مرحلة ستلجأ امريكا لاعتماد اسلوب الحرب غير التقليدية في سياق الحرب المحتملة بين إيران واسرائيل، إنما المهم هو التصرف الذي سيبدر منها في مواجهة مثل هذا الاحتمال والذي سيكون مؤثراً على مقولة الردع. وعندما يصل الامريكيون إلى نتيجة أنه من خلال تهديد إيران بهجوم نووي فإن إيران ستتنازل وتتراجع عن مواقفها، عندها يكونوا قد حققوا انتصاراً لحساب معادلة الردع التي اعلنوا عنها. أما اذا لم تتراجع إيران عن مواقفها على الرغم من التهديد بهجوم نووي، فسيكون امام امريكا احد طريقين: إما اللجوء إلى ضربة نووية او عدم اللجوء إلى ذلك، وفي هذه الحال سيكون لدى إيران ايضاً احد خيارين: اما الاستسلام او عدم الاستستلام، والاختيار الإيراني سيحدد الاختيار الامريكي. ولكن من المتيقن ان خيار إيران سيكون مبنياً على المسار التاريخي وستكون عاشوراء والامام الحسين خلفية هذا الخيار.
وبناء على الاختيار الإيراني فإن امريكا ستكون مجبرة على التراجع، لان هجوماً نووياً سيكون له انعكاسات على امريكا والعالم، وعليه يبدو ان اسرائيل خصوصاً امريكا غير راغبتين في أن تصل الامور إلى هذا المستوى.
وهنا تقول القيادة العسكرية الإيرانية إن مستوى الاستعداد لدى القوات المسلحة الايرانية وقدراتها ستلعب دوراً أساسياً في تحديد ابعاد أي صراع محتمل وتحديد آثاره.
http://www.alarabiya.net/articles/2010/06/01/110174.html
"عاشوراء" و"الحسين" ركيزتا استراتيجية إيران في أي حرب قادمة
أثار الكشف عن الاستراتيجية النووية الأمريكية الجديدة العديد من ردود الافعال داخل مراكز القرار الايراني، وبالتحديد داخل المؤسسة العسكرية والقيادة المركزية لقوات حرس الثورة الاسلامية التي تعتبر نفسها رأس الحربة في أي حرب قادمة ضد ايران.
خصوصاً بعد المواقف التي اطلقها الرئيس الامريكي باراك اوباما في المقابلة التي اجراها مع مجلة "نيويورك تايمز" وهدد فيها ايران وكوريا الشمالية بشكل غير مباشر بهجوم نووي عندما قال: "لدينا نية في طمأنة الآخرين بأننا قادرون على التحرك من دون اللجوء للسلاح النووي، وقدرة الاسلحة التقليدية للردع مؤثرة، باستثناء بعض الاوضاع المعقدة كثيراً"، وأضاف مباشرة "ان ايران وكوريا الشمالية لن تدخلا في اطار الاستراتيجية الجديدة"، أي التقليل من امكانية استخدام الاسلحة النووية ضدهما.
___________________________________________
وقد توقفت القيادة العسكرية للحرس الثوري امام تصريحات وزير الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع روبرت غيتس الداعمة لمواقف اوباما. إضافة للشرح والرؤية التي قدمها غيتس امام البنتاغون وتحدث فيها عن العقيدة النووية الجديدة لأوباما وميثاق "اعادة النظر في الحالة النووية NPR" عندما قال بصراحة ان امريكا ستستخدم كل الخيارات في التعاطي مع إيران، موضحاً أن ادارة اوباما تلتزم بعدم استخدام السلاح النووي ضد الدول التي لا تمتلك رؤوساً نووية باستثناء إيران.
وبناء على عقيدة اوباما النووية وخطاب غيتس، تعتقد الاوساط السياسية والعسكرية في طهران أن العقيدة النووية الجديدة لامريكا على علاقة بالتهديدات التي تطلقها اسرائيل ضد إيران، وميثاق "إعادة النظر في الحالة النووية"، وقد كتب بتأثير من النظرة الامنية لاسرائيل.
ويعتقد الايرانيون أن الإعلان عن الاستراتيجية النووية الامريكية الجديدة التي تعطي ادارة أوباما الحق باستخدام السلاح النووي ضد إيران يكشف عن امكانية ان تلجأ تل أبيب للبدء بهجوم ضد المنشآت النووية الإيرانية في حال رفضت هذه الاخيرة وقف انشطة تخصيب اليورانيوم. وأن الادارة الامريكية من خلال هذه المواقف تسعى لفرض معادلة رادعة لمواجهة أي ردة فعل إيرانية ضد اسرائيل او القوات الامريكية في حال وقع هذا الهجوم.
وتعليقاً على ذلك تؤكد القيادة العسكرية الإيرانية بأن الردع الذي تبحث اسرائيل وأمريكا، لا يمكنه ان يطلق العنان لاسرائيل بالهجوم على إيران ولا يمكن ان يمنع إيران من الرد على الاسرائيليين.
____________________________
سؤال عن "الدور الإسرائيلي"
وتطرح القيادة الايرانية سؤالاً مفاده: هل كان لاسرائيل دور في استثناء إيران من الحصانة التي تضمنتها الاستراتيجية النووية الجديدة لامريكا؟
وفي الرد على هذا السؤال تتوقف هذه القيادة الايرانية امام نقطتين:
1 – وجود امكانية كبيرة بأن تكون اسرائيل قد لعبت دوراً في صياغة هذه الاستراتيجية. فعلى الرغم من الجهود التي يبذلها تل ابيب لدفع مجموعة دول 5+1 لفرض المزيد من العقوبات المتشددة ضد إيران، الا ان الاسرائيليين يشككون بفعالية وقدرة هذه العقوبات وإمكانية تأثيرها على الموقف النووي لايران، اضافة لعدم رغبتهم في حصر التصدي للأنشطة الايرانية فقط في المجالين الاقتصادي والسياسي.
وترى هذه القيادة انه وعلى الرغم من ان اسرائيل تلقت في السنوات الثلاث الاخيرة هزيمتين قاسيتين وغير مسبوقيتن من حزب الله في لبنان وحماس، وأن موقعهم العسكري تعرض لخطر حقيقي، لكن وبسبب الطبيعة العدائية لاسرائيل والجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني واحتلال اراضيه، فإنها تؤمن دائماً بالعقيدة العسكرية وتعتقد بأنها قادرة على تحقيق ما تريد عبر اللجوء إلى العمل العسكري.
انطلاقاً من هذا فإن اسرائيل تسعى دائماً للابقاء على هذا الخيار مفتوحاً، وبما انها غير قادرة على تنفيذ هذا الخيار بمفردها، فإنها تحاول فرض التزامات على الادارة الامريكية في اطار هذا الهدف.
2 – في حال لم يكن لاسرائيل دور مباشر في صياغة هذه الاستراتيجية، فإن ما جاء فيها يلبي مطالبها وإرادتها، وقد ابدت رضا تاماً عن كيفية صياغة هذه الاستراتيجية. لانها تركت الباب امامها مفتوحاً لتحقيق ما تريد، وهي قادرة بالعودة إلى هذه الاستراتيجية والتمسك بما جاء فيها، ان تمارس ضغوطاً اكبر على الادارة الامريكية للتصدي لإيران.
______________________
طمأنينة تفتقر لضمانات
وبناء على ما ورد، فإن القيادة العسكرية الايرانية تعتقد ان توقيت الهجوم العسكري الاسرائيلي ضد ايران، سيحدث عندما تطمئن اسرائيل:
1 – بأن الردع الامريكي سيكون حائلاً دون الرد العسكري الايراني ضدها.
2 – بأن تتدخل امريكا عسكرياً حتمياً بعد الرد الايراني على الهجوم الاسرائيلي.
وتعتقد هذه القيادة بأن الردع الذي يدور الحديث عنه، ليس من المسائل التي تمتلكها امريكا 100% لكي يكون بقدورها طمأنة اسرائيل بشكل كامل. وفي افضل الحالات، أي في الوقت الذي تكون فيه كل الامور متطابقة مع الرغبات الامريكية، فإن قدرتهم على تقديم ضمانات رادعة لا تتعدى 50% بناء على ردة فعلهم، ولن يكون بمقدورهم السيطرة على الخمسين المتبقية لانها ستكون في دائرة القرار والسيطرة الايرانية.
وعندما لا تكون إيران تحت السيطرة بناء على استراتيجية الردع هذه، فإن الـ50% من الردع التي تملكها امريكا ستكون بلا قيمة الى الحد الذي تفقد فيه استراتيجية الردع موضوعيتها. وأن توزيع وتقسيم خيار الردع بين ايران وأمريكا لن يمنح اسرائيل لا ببساطة ولا بصعوبة امكانية اللجوء الى الخيار العسكري ضد ايران ومخاطره. بناء عليه فإن امكانية الثقة بخيار الردع من قبل اسرائيل غير ممكنة، وفي النتيجة فإن ما جاء في الاستراتيجية النووية الجديدة غير مجد.
لكن امكانية ان تقوم اسرائيل بهجوم عسكري ضد ايران تبقى قائمة، ويمكن متابعتها من خلال فرضية اخرى، وهي ان تتجاوز اسرائيل موضوع الردع، وأن تقوم بالهجوم على ايران على امل ان تجبر امريكا على الاشتباك معها ايضاً على الرغم من علمهما بالرد الايراني.
_______________________
تدمير الذات
اذا عقدت اسرائيل الآمال على هجوم عسكري امريكي ضد ايران بعد الرد العسكري الايراني على اسرائيل، فإن ذلك يعني قيام اسرائيل بتدمير نفسها بسبب الخطأ الكبير الذي سترتكبه في حسابات وتقديرات الامر.
وترى هذه القيادة أنه وبالعودة الى موضوع الردع يظهر ان الشيء المهم لإسرائيل هو صيانة نفسها مقابل أي رد ايراني، في حين ان مثل هذه الخطوة المفترضة أي – الهجوم على ايران مع العلم بالرد القطعي الايراني – تقع في الجهة المقابلة لموضوع الردع الذي يحظى بأهمية قصوى لدى اسرائيل اكثر من أي شيء آخر. وهنا فإن معظم الخبراء العسكريين يقرون بأن قدرة ايران العسكرية والتدميرية هي في اعلى مستوياتها واتساعها، بحيث إنها تشمل وتطال كل الاراضي المحتلة، ولن يكون أي مكان من جغرافية الاراضي المحتلة بعيدة عن الاستهداف الايراني، وأن ايران بالاستفادة من حجم سلاحها بعيد المدى قادرة في مدة قصيرة ان تحول الاراضي المحتلة الى خراب. ان قدرة ايران على القيام بمثل هذه العمليات متنوعة ومعقدة بحيث ان دخول الامريكيين في هذه المرحلة سيكون غير مجد ولن يساعد في تقليل الخسائر التي ستلحق بالاراضي المحتلة. أن نتائج مثل هذه الفرضية ستكون انهيار عوامل متعددة ومؤثرة.
وإذا توقفنا عند كل واحد منها، فإنها في النهاية ستكشف عن انهيار واضمحلال اسرائيل، ويصبح من الصعب جداً العودة بها الى الوضع السابق. ولن يكون مهما بعد القضاء على اسرائيل ما سيحدث بين ايران وأمريكا، المهم هو القضاء على اسرائيل، وهو أمر سيتحقق بالتأكيد.
إن مجرد التفكير بامكانية تدمير اسرائيل هو تفكير مرعب ومر للاسرائيليين ولا يرغبون حتى التفكير به او الاقتراب منه كفرضية او احتمال. وعليه فإن "تدمير الذات" في الظروف الطبيعية والعادية لا يمكن ان يكون خياراً إسرائيلياً، وهم يعرفون ان اللجوء لهذا الخيار سيشكل النهاية التاريخية لدولتهم.
______________________________
تأويل وتفسير مفهوم الردع
وتعتقد القيادة الايرانية ان العقيدة العسكرية الاسرائيلية حتى العقدين الماضيين كانت تقوم على تفوق قدراتها العسكرية على القدرات العسكرية لإيران، وأنه على الرغم من البعد الايديولوجي في التركيبة الايرانية، فإن هذه القدرات اصيبت بخسائر كبرة وتعاني ضعفاً بسبب لحق بها جراء الحرب.
أما اليوم فقد تغيرت العقيدة الاسرائيلية تجاه ايران، وقد أدرك القادة الاسرائيليون وبطرق مختلفة مدى ما وصلت اليه القدرات العسكرية الايرانية. ونتيجة هذه المعرفة، أدركوا انهم غير قادرين بمفردهم على مواجهة ايران عسكرياً، وقد سعوا على مدى سنوات طويلة الى ربط انفسهم بأمريكا كمدافع وداعم لهم في أي مواجهة عسكرية محتملة مع ايران.
إن دخول الكيان إسرائيل في إطار منظومة الدعم العسكري الامريكي باعتقاد القيادة الايرانية يأخذ بعدين، من جهة سيساهم ظاهرياً في رفع قدراتها العسكرية، وتوظيف القدرات العسكرية الامريكية في إطار قوة الردع الخاصة بإسرائيل، ومن جهة ثانية، سيؤدي الى خسارة الاستقلالية في القرار العسكري الاسرائيلي.
وتعقد هذه القيادة ان الولايات المتحدة الامريكية ستدخل الى جانب اسرائيل في أي حرب قد تشن ضدها من قبل أي دولة، لكن في المقابل فإن امكانية ان تنساق واشنطن الى أي حرب قد تشنها اسرائيل ضد أي من الدول هي امكانية ضعيفة، اذا من الممكن ان لا تكون المصالح التكتيكية لأمريكا مشتركة مع اسرائيل. وهنا وفي هذه الحالة فإن اسرائيل وبسبب ارتباطها بالجانب العسكري الامريكي لا يمكنها العمل باستقلالية وانفرادية وأن تتوقع دعماً ومساعدة من امريكا.
عندها تكون قوة الردع الامريكية التي تعتمد عليها اسرائيل والتي برزت في الاستراتيجية النووية الجديدة، حسب القيادة العسكرية الايرانية، ستكون معرضة للتأويل والتفسير، أي ان هذه القوة ستشكل حائلاً امام أي خطوة عسكرية فردية اسرائيلية، وقد لا تتطابق الاهداف الاسرائيلية بالهجوم مع ما تريده امريكا. وان أي هجوم عسكري اسرائيلي ضد المنشآت النووية الايرانية قد يحقق الاهداف الاسرائيلية، لكن الرد الايراني ضد اسرائيل ودخول امريكا في حرب مفترضة او احتمالية سيعرض موقعها في كثير من نقاط المنطقة للخطر، وفي حال لم تعط اسرائيل لهذا الموضوع كبير اهمية، وإذا كان المهم لدى القيادة الاسرائيلية هو الهجوم على المنشآت النووية الايرانية بغض النظر عما سيلحق بأمريكا. فإن الردع الامريكي سيكون مركزاً على منع اسرائيل من التحرك، وهذا سيعني ان تفقد اسرائيل حرية العمل العسكري.
________________________________
عدم فائدة الحرب التقليدية
وتعتقد القيادة الايرانية انه وبناء على ما تقدم، اذا لجأت اسرائيل لاعتماد خيار "تدمير الذات" وقبلت به، فيجب عليه اجبار امريكا على الدخول في عداء مع ايران حتى ولو كان ثمن ذلك زوال اسرائيل، عندها سنكون امام واحدة من الفرضيتين التاليتين: إما الدخول في حرب تقليدية او كلاسيكية، أو الدخول في حرب غير تقليدية.
في الحرب التقليدية، سيكون الامريكيون مجبرين على اتباع اسلوب الحرب نفسه الذي اتبعوه في افغانستان والعراق. وبما ان الوضع الامريكي الحالي يختلف بالكامل عن الوضع السابق، وايران ليست العراق ولا افغانستان، ومع الاخذ بالاعتبار ان امريكا تعاني وضعاً حرجاً وغير مستقر بعد 7 – 8 سنوات حرب في العراق وافغانستان ولا تمتلك أي رؤية واضحة لمستقبل هذين البلدين، لذا يبدو انه من غير المنطقي الدخول في حرب جديدة تعلم ان نسبة النجاح فيها ضئيلة جدا بالمقارنة مع الحربين السابقتين، وأن آثارها وتكاليفها ستكون اكبر بكثير. من ناحية اخرى قد يكون زوال اسرائيل خارج قدرة وتحمل امريكا وقد يجبرها على اتخاذ ردة فعل، وبما ان اللجوء الى الحرب التقليدية لا يضمن لامريكا النصر ولا باستطاعتها ذلك، فإنه الاحتمال الاكبر هو اعتماد الحرب غير التقليدية.
__________________
الحرب غير التقليدية
لیس مهماً متى وفي أي مرحلة ستلجأ امريكا لاعتماد اسلوب الحرب غير التقليدية في سياق الحرب المحتملة بين إيران واسرائيل، إنما المهم هو التصرف الذي سيبدر منها في مواجهة مثل هذا الاحتمال والذي سيكون مؤثراً على مقولة الردع. وعندما يصل الامريكيون إلى نتيجة أنه من خلال تهديد إيران بهجوم نووي فإن إيران ستتنازل وتتراجع عن مواقفها، عندها يكونوا قد حققوا انتصاراً لحساب معادلة الردع التي اعلنوا عنها. أما اذا لم تتراجع إيران عن مواقفها على الرغم من التهديد بهجوم نووي، فسيكون امام امريكا احد طريقين: إما اللجوء إلى ضربة نووية او عدم اللجوء إلى ذلك، وفي هذه الحال سيكون لدى إيران ايضاً احد خيارين: اما الاستسلام او عدم الاستستلام، والاختيار الإيراني سيحدد الاختيار الامريكي. ولكن من المتيقن ان خيار إيران سيكون مبنياً على المسار التاريخي وستكون عاشوراء والامام الحسين خلفية هذا الخيار.
وبناء على الاختيار الإيراني فإن امريكا ستكون مجبرة على التراجع، لان هجوماً نووياً سيكون له انعكاسات على امريكا والعالم، وعليه يبدو ان اسرائيل خصوصاً امريكا غير راغبتين في أن تصل الامور إلى هذا المستوى.
وهنا تقول القيادة العسكرية الإيرانية إن مستوى الاستعداد لدى القوات المسلحة الايرانية وقدراتها ستلعب دوراً أساسياً في تحديد ابعاد أي صراع محتمل وتحديد آثاره.
http://www.alarabiya.net/articles/2010/06/01/110174.html