هذه المعركة هي بحق فخر القوات الجوية المصرية حيث تحقق فيها انتصار لم يتحقق في تاريخ الطيران الحربي علي مستوي العالم حتي الان و ايضا لانها اضخم معركة جوية من حيث العدد (180 مقاتلة من الجانبين , 60 مقاتلة مصرية مقابل 120 مقاتلة اسرائيلية ) و الاطول زمنيا من حيث الوقت (53 دقيقة كاملة من القتال الجوي التلاحمي او ما يطلق عليه بالانجليزية (Dog Fight) .
القصة بالتفصيل
البداية كانت في يوم 6 اكتوبر 1973 حيث شنت القوات الجوية المصرية هجوما ساحقا علي القوات الاسرائيلية و مراكز القيادة و السيطرة في سيناء المحتلة تمهيدا لعبور القوات البرية , فحلق نسور مصر بمائتين و عشرين طائرة و عبروا قناة السويس في اتجاه سيناء في تمام الساعة 2:05 ظهرا لتدمير قوات العدو الاسرائيلي في سيناء فحققت نتيجة ليست طبيعية بالمقياس العسكري , اذ ان الخسائر لاي هجمة جوية مثل هذه لا تقل عن 25% معني ذلك ان الخسائر المصرية نظريا 55 طائرة ستدمر و لكن الخسائر الفعلية كانت 5% يعني 11 طائرة فقط و ليس ذلك فقط و أيضا نسبة تحقيق الهدف من الضربة كانت غير طبيعية هي الاخري حيث حققت 95% من هدف الضربة الجوية و هي التدمير الكامل لمراكز القيادة و السيطرة و وسائل الدفاع الجوي و الاحتياطي الاسرائيلي في سيناء و هو ما تحقق بفضل الله اولا و اخيرا الذي رزق مصر ببشر و صفهم رسول الله صلي الله عليه و سلم بانهم خير اجناد الارض .
و لكن هل توقف دور القوات الجوية المصرية عند ذلك و كان هذا هو كل دورها ؟
الاجابة .... لا .
اذ ان القوات الجوية المصرية كان لها مهمة اخري لا تقل مطلقا عن المهمة الاولي و هي تامين القوات المصرية من الاجناب لاحباط اي هجوم اسرائيلي جوي علي هذه القوات و تدميره و هذا ما حدث فعلا يوم 14 اكتوبر 1973 حيث اراد الطيران الاسرائيلي ضرب القوات المهاجمة من الخلف و ايضا تدمير بطاريات صواريخ الدفاع الجوي الرهيبة من نوع SAM-2 التي قطعت يد اسرائيل التي كانت طويلة اي القوات الجوية الاسرائيلية , فحاولوا الالتفاف من البحر المتوسط ظانين ان المصريون نائمون و لكنهم واجهوا ما لم يخطر علي بالهم علي الاطلاق .............نســـور مصــــر .
في تمام الساعة 3:15 عصرا لاحظ عناصر الاستطلاع 20 مقاتلة اسرائيلية من طراز F-4Phantom قادمة من البحر متجهة الي بورسعيد و ابلغت الاشارة الي قائد القوات الجوية الفريق محمد حسني مبارك فامر اللواء احمد عبدالرحمن نصر قائد القاعدة الجوية بتجهيز 16 مقاتلة من طراز Mig 21 لعمل مظلة جوية فوق القاعدة الجوية بالمنصورة و الا يبحث الطيارون المصريون عن المقاتلات الاسرائيلية و الاشتباك معها . و كان قرار عدم الاشتباك غريبا بالنسبة للطيارين المصريين التواقين لقتال اليهود و لكن كان له اسبابه التي ستجئ فيما بعد.
و في الساعة 3:30 من نفس اليوم ارسلت قيادة الدفاع الجوي تحذيرا باقتراب 60 مقاتلة اسرائيلية من ثلاثة اتجاهات مختلفة في اتجاه بلطيم و دمياط و بورسعيد فامر الفريق مبارك الطيارين بالاعتراض و الاشتباك هذه المرة و شرح لهم لماذا لم يعطهم الامر بالاشتباك في المرة الاولي , لان الاسرائيليين كانوا يريدون تشتيت المقاتلات المصرية هنا وهناك ثم تهاجم هجوم رئيسي عندما تكون المقاتلات المصرية مشتتة . حيث ان قائد القوات الجوية في ذلك الوقت الفريق محمد حسني مبارك قد تعلم تكتيكات القتال الاسرائيلية حيث ان الهجوم الجوي الاسرائيلي يتكون من ثلاث موجات , الاولي ترسل كطعم فتنطلق خلفها المقاتلات المصرية و يكون هذا الوقت المناسب للموجة الثانية التي يكون هدفها ضرب الدفاعات حول الهدف الرئيسي و اخيرا الموجة الثالثة الرئيسية التي تهدف لتدمير الهدف الرئيسي و هو هنا قاعدة المنصورة الجوية , وقد استمرت المقاتلات الاسرائيلية في الدوران في حلقات لكنها لم تفلح في اجتذاب المقاتلات المصرية .ثم بعد ذلك انطلقت 16 مقاتلة مصرية من طراز Mig 21 لمواجهة المقاتلات الاسرائيلية من الثلاث جهات في محاولة لبعثرة هذه الطائرات لتكون معرضة للهجوم بشكل افضل من باقي طائرات القاعدة الجوية . ثم اقلعت 8 مقاتلات اخري من نفس الطراز من طنطا لمساندة ال 16 مقاتلة الموجودة بالفعل في الجو .
و في الساعة 3:38 ابلغت محطات الرادار المصرية قيادة القوات الجوية بقدوم 16 طائرة اسرائيلية من نفس الاتجاه علي ارتفاع منخفض جدا فاقلعت اخر 8 طائرات من القاعدة الجوية في المنصورة للتصدي للهجوم لحين وصول مقاتلات اخري من قاعدة ابوحماد الجوية , ايذانا ببدء اشرس المعارك الجوية علي الاطلاق .
و في الساعة 3:52 التقطت الرادارات المصرية موجة اسرائيلية اخري مكونة من 60 مقاتلة اسرائيلية من طراز F/4 Phantom , Skyhawk علي ارتفاع منخفض جدا و كانت مهمتها تدمير الاهداف التي لم تدمر في الموجة الثانية التي فشلت فشلا ذريعا في تدمير اي هدف مثل الموجة الاولي . فاقلعت 8 مقاتلات Mig 21 من قاعدة انشاص الجوية للتصدي و لحقت بهم 20 مقاتلة اخري كانت قد هبطت للتزود بالوقود فظن قائد الموجة الثالثة الاسرائيلية ان المقاتلات المصرية قد زاد عددها عن المرات السابقة فانسحبت المقاتلات الاسرائيلية و قد انسحبت اخر طائرة الساعة 4:08
و الذي كان علامة انتهاء هذه المعركة الخالدة في تاريخ القوات الجوية المصرية .
كان هذا الهجوم رابع هجوم لتدمير قاعدة المنصورة الجوية اذ حاولت اسرائيل ضرب هذه القاعدة في 7, 9 و 12 اكتوبر لكنها لم تفلح و لكنها هذه المرة كانت مصممة علي ذلك هذه المرة و يظهر ذلك من عدد الطائرات الاسرائيلية المهاجمة و الذي بلغ 120مقاتلة و لكنها فشلت هذه المرة ايضا .
و كانت خسائر الطرفان كما يلي : فقدان مصر 6 طائرات Mig 21 , 3 طائرات اسقطت بواسطة الطائرات الاسرائيلية و 2 طائرة نفذا الوقود منهما قبل ان يصل طيارا الطائرتين الي القاعدة و واحدة دمرت بسبب قربها الشديد من مقاتلة اسرائيلية كان دمرت هي الاخري, و فقدان اسرائيل 17 طائرة F/4 Phantom و استشهد طياران مصريان .
شهادات النسور :
هذه شهادات بعض ابطال (نسور مصر) هذه المعركة الخالدة:
مدحت عرفة:
لم اكن قد تزوجت بعد,و كانت القاعدة هي بيتي و كانت مهمتي هي الهجوم الارضي علي اهداف العدو ليلا و في المحاولة الاسرائيلية الاولي لتدمير القاعدة يوم 7 اكتوبر كنت مصابا عندما اصابت مقاتلة اسرائيلية سيارتي الجيب (4×4) و لكني لم اشعر بالاصابة فقمت بهجوم في تلك الليلة و عند عودتي بدات الاحساس بالالم فاخبرني زملائي بانني لابد من الذهاب للمستشفي, و اجري لي اشعة علي كتفي ظهر منها بانني مصاب بتمزق في العضلات , فنصحني الطبيب باخذ اجازة فوعدته بذلك و لكني بالطبع لم افعل و ذهبت الي القاعدة, وفي يوم معركة المنصورة ضمدت جراحي و كنت في( الوضع رقم واحد ) في مجموعة من اربعة مقاتلات Mig 21 جاهزة لتلقي الاوامر في اي وقت
و قد بدات المعركة بعد وصولنا للطائرات الاسرائيلية بدقيقتين, و كان المشهد مرعبا حيث لم ار قط في حياتي مثل هذا العدد من الطائرات في معركة واحدة, و لم نكن فقط نقاتل قتال جوي بل كنا نحذر الطيارون الاخرون اذا كانت هناك مقاتلات اسرائيلية تتعقبهم, و بذلك انقذنا حياة العديد من الطيارين . ثم هبطت للتزود بالوقود و عدت للقتال و لكن كانت المقاتلات الاسرائيلية تفر من القتال .
أحمد يوسف الوكيل :
كان مقررا ان يبقي سربان في قاعدة المنصورة للاعتراض و السرب الثالث كان في قاعدة طنطا للدفاع عن القاعدتين في حالة تصدينا للمقاتلات المغيرة. و كنت في تشكيل من اربعة مقاتلات لاعتراض 6 مقاتلات اسرائيلية و قسمنا انفسنا لفريقين لاعتراض مقاتلات العدو .و اضطرت المقاتلات الاسرائيلية لالقاء حمولتها من القنابل لتستطيع القتال الجوي ضدنا و تمكنت من اصابة مقاتلة اسرائيلية بمدفع مقاتلتي الرشاش لانها كانت قريبة مني جدا و رايت مظلتان تنطلقان من الطائرة و لم اكن مدركا لحجم المقاتلات التي اشتركت في معركة المنصورة و كنت مندهشا جدا عندما عرفت عدد المقاتلات المشتركة في المعركة من الجانبين , و كان ذلك مثار الضحك و السخرية و ذلك لاننا كنا نقول هناك زحام مروري علي الارض في مصر الان هناك زحام في السماء ايضا .
نصر موسي :
كنت اطير بمقاتلة Mig 21 للدفاع الجوي في حرب اكتوبر في قاعدة المنصورة و كنا قد علمنا يوم 5 اكتوبر ان الحرب ستكون غدا . و في 14 اكتوبر تعرضت قاعدة المنصورة لهجوم عنيف من العدو و اصدرت الاوامر بسرعة التحليق و الاشتباك, و كنا هناك ثمانية منا و اثناء التحليق راينا مقاتلات اسرائيلية تقترب من القاعدة لتقصفها فزدنا من سرعتنا و القينا خزانات الوقود الاضافية و حددت مقاتلة اسرائيلية لاقتناصها و لكني تذكرت القاعدة الذهبية ان لابد من تامين ذيل مقاتلتي قبل ان اهجم فنظرت في المراة فرايت مقاتلة اسرائيلية خلفي فتنحيت يمينا بسرعة شديدة و اصبحت خلفها و اسقطتها بمدفع مقاتلتي الرشاش . و عندما حصلنا علي نوع تلك المقاتلات في عام 1980 علمت كم هي ثقيلة هذه الطائرة لعمل مناورات جوية .و ظللت محلقا في الجو لمدة 30 دقيقة و عندما هبطت كان مؤشر الوقود يعطي صفرا .
أحمد ناصر :
دامت هذه المعركة لدقائق حيث كانت اطول معركة بين المقاتلات النفاثة و كانت تضطرمقاتلاتنا للهبوط للتزود بالوقود و اعادة التسليح و تطير ثانية في 7 دقائق , و كان الاقلاع نفسه ياخذ ثلاث دقائق و لكن طيارونا كان يقلعون في دقيقة و نصف فقط و كان ذلك مميزا جدا يدل علي تدريبهم الممتاز, اثناء القتال كان النسبة بين مقاتلاتنا الي مقاتلات العدو 1 : 2 لصالح مقاتلات العدو ومع ذلك كان ادائهم افضل من الاسرائيليين و هذا ايضا يدل علي فروسيتهم في القتال . و كان هناك طيارا برتبة ملازم يدعي محمد اصاب مقاتلة اسرائيلية و كان قريبا جدا من المقاتلة الاسرائيلية فانفجرت الطائرتان و عندما هبطا بمظلتيهما كاد الفلاحون ان يقتلوا الطيار الاسرائيلي لكن الطيار المصري انقذه و ذهب الي المستشفي و اليوم التالي كان اول زائر لهذا الطيار الاسرائيلي هو الطيار المصري محمد .
قدري الحامد :
في 14 اكتوبر كنت عائدا من معركة قتال جوي و كان الوقود علي وشك النفاذ, فهاجمت موجة من ال F-4 الاسرائيلية القاعدة فاشتبكنا معهم في معركة عنيفة جدا فوق قاعدتنا الجوية (المنصورة) كان جحيما من القتال الجوي و عندما التففت للقتال رايت Phantom(F-4) خلف Mig و Mig خلف Phantom فجئت خلف ال Phantom و مهاجمتها بمدفع مقاتلتي الرشاش و لكن في هذه اللحظة توقف المحرك فجأة , لان الوقود قد نفذ .
كان الطيارون الاسرائيليون ممتازون ,لم يكونوا هم نفس الطيارون الذين واجهناهم في بداية الحرب, هؤلاء كانوا افضل بكثير, اعتقد انهم اجانب او طيارون من رتب اعلي. و الطيارون قليلو الخبرة فقدوا امام غابة الصواريخ المضادة للطائرات علي قناة السويس. و قد اصبت بمدفعي الرشاش مقاتلة اسرائيلية من نوع Phantom و انفجرت كالشمس في سماء المعركة قرب ورش الصيانة. و اشتبكت لمدة ثلاث او اربع دقائق و هي مدة طويلة في القتال الجوي . و عندما دمرت ال Phantom واجهتني مشكلة نفاذ الوقود و كنت مضطرا للهبوط لاعادة التزود بالوقود و لكن ذلك كان مستحيلا لان بعض المقاتلات الاسرائيلية اصابت ممر الهبوط فلم يكن من الممكن الهبوط و علي ارتفاع 50 مترا اطلقت المظلة و قفزت من الطائرة فاصبت
و مكثت في المستشفي 5 ايام ثم عدت للقاعدة و لكنني لم اتمكن من الطيران حتي اخر الحرب .
اتجاهات الموجات الثلاث للهجوم الاسرائيلي :
المقاتلتان اللتان اشتركتا في المعركة
الميج المصرية
الفانتوم الاسرائيلية
القصة بالتفصيل
البداية كانت في يوم 6 اكتوبر 1973 حيث شنت القوات الجوية المصرية هجوما ساحقا علي القوات الاسرائيلية و مراكز القيادة و السيطرة في سيناء المحتلة تمهيدا لعبور القوات البرية , فحلق نسور مصر بمائتين و عشرين طائرة و عبروا قناة السويس في اتجاه سيناء في تمام الساعة 2:05 ظهرا لتدمير قوات العدو الاسرائيلي في سيناء فحققت نتيجة ليست طبيعية بالمقياس العسكري , اذ ان الخسائر لاي هجمة جوية مثل هذه لا تقل عن 25% معني ذلك ان الخسائر المصرية نظريا 55 طائرة ستدمر و لكن الخسائر الفعلية كانت 5% يعني 11 طائرة فقط و ليس ذلك فقط و أيضا نسبة تحقيق الهدف من الضربة كانت غير طبيعية هي الاخري حيث حققت 95% من هدف الضربة الجوية و هي التدمير الكامل لمراكز القيادة و السيطرة و وسائل الدفاع الجوي و الاحتياطي الاسرائيلي في سيناء و هو ما تحقق بفضل الله اولا و اخيرا الذي رزق مصر ببشر و صفهم رسول الله صلي الله عليه و سلم بانهم خير اجناد الارض .
و لكن هل توقف دور القوات الجوية المصرية عند ذلك و كان هذا هو كل دورها ؟
الاجابة .... لا .
اذ ان القوات الجوية المصرية كان لها مهمة اخري لا تقل مطلقا عن المهمة الاولي و هي تامين القوات المصرية من الاجناب لاحباط اي هجوم اسرائيلي جوي علي هذه القوات و تدميره و هذا ما حدث فعلا يوم 14 اكتوبر 1973 حيث اراد الطيران الاسرائيلي ضرب القوات المهاجمة من الخلف و ايضا تدمير بطاريات صواريخ الدفاع الجوي الرهيبة من نوع SAM-2 التي قطعت يد اسرائيل التي كانت طويلة اي القوات الجوية الاسرائيلية , فحاولوا الالتفاف من البحر المتوسط ظانين ان المصريون نائمون و لكنهم واجهوا ما لم يخطر علي بالهم علي الاطلاق .............نســـور مصــــر .
في تمام الساعة 3:15 عصرا لاحظ عناصر الاستطلاع 20 مقاتلة اسرائيلية من طراز F-4Phantom قادمة من البحر متجهة الي بورسعيد و ابلغت الاشارة الي قائد القوات الجوية الفريق محمد حسني مبارك فامر اللواء احمد عبدالرحمن نصر قائد القاعدة الجوية بتجهيز 16 مقاتلة من طراز Mig 21 لعمل مظلة جوية فوق القاعدة الجوية بالمنصورة و الا يبحث الطيارون المصريون عن المقاتلات الاسرائيلية و الاشتباك معها . و كان قرار عدم الاشتباك غريبا بالنسبة للطيارين المصريين التواقين لقتال اليهود و لكن كان له اسبابه التي ستجئ فيما بعد.
و في الساعة 3:30 من نفس اليوم ارسلت قيادة الدفاع الجوي تحذيرا باقتراب 60 مقاتلة اسرائيلية من ثلاثة اتجاهات مختلفة في اتجاه بلطيم و دمياط و بورسعيد فامر الفريق مبارك الطيارين بالاعتراض و الاشتباك هذه المرة و شرح لهم لماذا لم يعطهم الامر بالاشتباك في المرة الاولي , لان الاسرائيليين كانوا يريدون تشتيت المقاتلات المصرية هنا وهناك ثم تهاجم هجوم رئيسي عندما تكون المقاتلات المصرية مشتتة . حيث ان قائد القوات الجوية في ذلك الوقت الفريق محمد حسني مبارك قد تعلم تكتيكات القتال الاسرائيلية حيث ان الهجوم الجوي الاسرائيلي يتكون من ثلاث موجات , الاولي ترسل كطعم فتنطلق خلفها المقاتلات المصرية و يكون هذا الوقت المناسب للموجة الثانية التي يكون هدفها ضرب الدفاعات حول الهدف الرئيسي و اخيرا الموجة الثالثة الرئيسية التي تهدف لتدمير الهدف الرئيسي و هو هنا قاعدة المنصورة الجوية , وقد استمرت المقاتلات الاسرائيلية في الدوران في حلقات لكنها لم تفلح في اجتذاب المقاتلات المصرية .ثم بعد ذلك انطلقت 16 مقاتلة مصرية من طراز Mig 21 لمواجهة المقاتلات الاسرائيلية من الثلاث جهات في محاولة لبعثرة هذه الطائرات لتكون معرضة للهجوم بشكل افضل من باقي طائرات القاعدة الجوية . ثم اقلعت 8 مقاتلات اخري من نفس الطراز من طنطا لمساندة ال 16 مقاتلة الموجودة بالفعل في الجو .
و في الساعة 3:38 ابلغت محطات الرادار المصرية قيادة القوات الجوية بقدوم 16 طائرة اسرائيلية من نفس الاتجاه علي ارتفاع منخفض جدا فاقلعت اخر 8 طائرات من القاعدة الجوية في المنصورة للتصدي للهجوم لحين وصول مقاتلات اخري من قاعدة ابوحماد الجوية , ايذانا ببدء اشرس المعارك الجوية علي الاطلاق .
و في الساعة 3:52 التقطت الرادارات المصرية موجة اسرائيلية اخري مكونة من 60 مقاتلة اسرائيلية من طراز F/4 Phantom , Skyhawk علي ارتفاع منخفض جدا و كانت مهمتها تدمير الاهداف التي لم تدمر في الموجة الثانية التي فشلت فشلا ذريعا في تدمير اي هدف مثل الموجة الاولي . فاقلعت 8 مقاتلات Mig 21 من قاعدة انشاص الجوية للتصدي و لحقت بهم 20 مقاتلة اخري كانت قد هبطت للتزود بالوقود فظن قائد الموجة الثالثة الاسرائيلية ان المقاتلات المصرية قد زاد عددها عن المرات السابقة فانسحبت المقاتلات الاسرائيلية و قد انسحبت اخر طائرة الساعة 4:08
و الذي كان علامة انتهاء هذه المعركة الخالدة في تاريخ القوات الجوية المصرية .
كان هذا الهجوم رابع هجوم لتدمير قاعدة المنصورة الجوية اذ حاولت اسرائيل ضرب هذه القاعدة في 7, 9 و 12 اكتوبر لكنها لم تفلح و لكنها هذه المرة كانت مصممة علي ذلك هذه المرة و يظهر ذلك من عدد الطائرات الاسرائيلية المهاجمة و الذي بلغ 120مقاتلة و لكنها فشلت هذه المرة ايضا .
و كانت خسائر الطرفان كما يلي : فقدان مصر 6 طائرات Mig 21 , 3 طائرات اسقطت بواسطة الطائرات الاسرائيلية و 2 طائرة نفذا الوقود منهما قبل ان يصل طيارا الطائرتين الي القاعدة و واحدة دمرت بسبب قربها الشديد من مقاتلة اسرائيلية كان دمرت هي الاخري, و فقدان اسرائيل 17 طائرة F/4 Phantom و استشهد طياران مصريان .
شهادات النسور :
هذه شهادات بعض ابطال (نسور مصر) هذه المعركة الخالدة:
مدحت عرفة:
لم اكن قد تزوجت بعد,و كانت القاعدة هي بيتي و كانت مهمتي هي الهجوم الارضي علي اهداف العدو ليلا و في المحاولة الاسرائيلية الاولي لتدمير القاعدة يوم 7 اكتوبر كنت مصابا عندما اصابت مقاتلة اسرائيلية سيارتي الجيب (4×4) و لكني لم اشعر بالاصابة فقمت بهجوم في تلك الليلة و عند عودتي بدات الاحساس بالالم فاخبرني زملائي بانني لابد من الذهاب للمستشفي, و اجري لي اشعة علي كتفي ظهر منها بانني مصاب بتمزق في العضلات , فنصحني الطبيب باخذ اجازة فوعدته بذلك و لكني بالطبع لم افعل و ذهبت الي القاعدة, وفي يوم معركة المنصورة ضمدت جراحي و كنت في( الوضع رقم واحد ) في مجموعة من اربعة مقاتلات Mig 21 جاهزة لتلقي الاوامر في اي وقت
و قد بدات المعركة بعد وصولنا للطائرات الاسرائيلية بدقيقتين, و كان المشهد مرعبا حيث لم ار قط في حياتي مثل هذا العدد من الطائرات في معركة واحدة, و لم نكن فقط نقاتل قتال جوي بل كنا نحذر الطيارون الاخرون اذا كانت هناك مقاتلات اسرائيلية تتعقبهم, و بذلك انقذنا حياة العديد من الطيارين . ثم هبطت للتزود بالوقود و عدت للقتال و لكن كانت المقاتلات الاسرائيلية تفر من القتال .
أحمد يوسف الوكيل :
كان مقررا ان يبقي سربان في قاعدة المنصورة للاعتراض و السرب الثالث كان في قاعدة طنطا للدفاع عن القاعدتين في حالة تصدينا للمقاتلات المغيرة. و كنت في تشكيل من اربعة مقاتلات لاعتراض 6 مقاتلات اسرائيلية و قسمنا انفسنا لفريقين لاعتراض مقاتلات العدو .و اضطرت المقاتلات الاسرائيلية لالقاء حمولتها من القنابل لتستطيع القتال الجوي ضدنا و تمكنت من اصابة مقاتلة اسرائيلية بمدفع مقاتلتي الرشاش لانها كانت قريبة مني جدا و رايت مظلتان تنطلقان من الطائرة و لم اكن مدركا لحجم المقاتلات التي اشتركت في معركة المنصورة و كنت مندهشا جدا عندما عرفت عدد المقاتلات المشتركة في المعركة من الجانبين , و كان ذلك مثار الضحك و السخرية و ذلك لاننا كنا نقول هناك زحام مروري علي الارض في مصر الان هناك زحام في السماء ايضا .
نصر موسي :
كنت اطير بمقاتلة Mig 21 للدفاع الجوي في حرب اكتوبر في قاعدة المنصورة و كنا قد علمنا يوم 5 اكتوبر ان الحرب ستكون غدا . و في 14 اكتوبر تعرضت قاعدة المنصورة لهجوم عنيف من العدو و اصدرت الاوامر بسرعة التحليق و الاشتباك, و كنا هناك ثمانية منا و اثناء التحليق راينا مقاتلات اسرائيلية تقترب من القاعدة لتقصفها فزدنا من سرعتنا و القينا خزانات الوقود الاضافية و حددت مقاتلة اسرائيلية لاقتناصها و لكني تذكرت القاعدة الذهبية ان لابد من تامين ذيل مقاتلتي قبل ان اهجم فنظرت في المراة فرايت مقاتلة اسرائيلية خلفي فتنحيت يمينا بسرعة شديدة و اصبحت خلفها و اسقطتها بمدفع مقاتلتي الرشاش . و عندما حصلنا علي نوع تلك المقاتلات في عام 1980 علمت كم هي ثقيلة هذه الطائرة لعمل مناورات جوية .و ظللت محلقا في الجو لمدة 30 دقيقة و عندما هبطت كان مؤشر الوقود يعطي صفرا .
أحمد ناصر :
دامت هذه المعركة لدقائق حيث كانت اطول معركة بين المقاتلات النفاثة و كانت تضطرمقاتلاتنا للهبوط للتزود بالوقود و اعادة التسليح و تطير ثانية في 7 دقائق , و كان الاقلاع نفسه ياخذ ثلاث دقائق و لكن طيارونا كان يقلعون في دقيقة و نصف فقط و كان ذلك مميزا جدا يدل علي تدريبهم الممتاز, اثناء القتال كان النسبة بين مقاتلاتنا الي مقاتلات العدو 1 : 2 لصالح مقاتلات العدو ومع ذلك كان ادائهم افضل من الاسرائيليين و هذا ايضا يدل علي فروسيتهم في القتال . و كان هناك طيارا برتبة ملازم يدعي محمد اصاب مقاتلة اسرائيلية و كان قريبا جدا من المقاتلة الاسرائيلية فانفجرت الطائرتان و عندما هبطا بمظلتيهما كاد الفلاحون ان يقتلوا الطيار الاسرائيلي لكن الطيار المصري انقذه و ذهب الي المستشفي و اليوم التالي كان اول زائر لهذا الطيار الاسرائيلي هو الطيار المصري محمد .
قدري الحامد :
في 14 اكتوبر كنت عائدا من معركة قتال جوي و كان الوقود علي وشك النفاذ, فهاجمت موجة من ال F-4 الاسرائيلية القاعدة فاشتبكنا معهم في معركة عنيفة جدا فوق قاعدتنا الجوية (المنصورة) كان جحيما من القتال الجوي و عندما التففت للقتال رايت Phantom(F-4) خلف Mig و Mig خلف Phantom فجئت خلف ال Phantom و مهاجمتها بمدفع مقاتلتي الرشاش و لكن في هذه اللحظة توقف المحرك فجأة , لان الوقود قد نفذ .
كان الطيارون الاسرائيليون ممتازون ,لم يكونوا هم نفس الطيارون الذين واجهناهم في بداية الحرب, هؤلاء كانوا افضل بكثير, اعتقد انهم اجانب او طيارون من رتب اعلي. و الطيارون قليلو الخبرة فقدوا امام غابة الصواريخ المضادة للطائرات علي قناة السويس. و قد اصبت بمدفعي الرشاش مقاتلة اسرائيلية من نوع Phantom و انفجرت كالشمس في سماء المعركة قرب ورش الصيانة. و اشتبكت لمدة ثلاث او اربع دقائق و هي مدة طويلة في القتال الجوي . و عندما دمرت ال Phantom واجهتني مشكلة نفاذ الوقود و كنت مضطرا للهبوط لاعادة التزود بالوقود و لكن ذلك كان مستحيلا لان بعض المقاتلات الاسرائيلية اصابت ممر الهبوط فلم يكن من الممكن الهبوط و علي ارتفاع 50 مترا اطلقت المظلة و قفزت من الطائرة فاصبت
و مكثت في المستشفي 5 ايام ثم عدت للقاعدة و لكنني لم اتمكن من الطيران حتي اخر الحرب .
اتجاهات الموجات الثلاث للهجوم الاسرائيلي :
المقاتلتان اللتان اشتركتا في المعركة
الميج المصرية
الفانتوم الاسرائيلية