أيهما يثبت صحة الأخر [القرآن] أم [النظريات العلميه]

عبدَ الله

<b><font color="#FF00FF">فرسان النهار</font></b>
إنضم
5 يناير 2008
المشاركات
559
التفاعل
6 0 0
بسم الله الرحمن الرحيم
فى عصرنا الحالى قفذ العلم الحديث قفذات فائقة السرعه نحو مزيد من التقدم و الحضارة العلميه و لا تمر أيام فى هذا العالم إلا و تجد إخترعا جديدا أو تطوير لقديم فصرنا فى عصر العلم التكنولوجى و أستخدم بعض المسلمين هذه العلوم الحديثه لخدمه الدين و الدعوه له عن طريق إثبات أن كثير من الإكتشافات العلميه الحديثه نبه عليها القرآن من قبل و كذلك السنه النبويه مثل حديث الذبابه المشهور و لكن يبقى هناك شىء يؤرقنى حول التعبير عن صيغة موافقه الإكتشاف العلمى للقرآن هل يثبت هذا الإكتشاف صحة القرآن أم أن القرآن هو الذى يثبت صحته
إذا نظرنا إلى القرآن بأنه منزل من لدن رب العالمين فلن يكون عندنا أى شك فى صحة ما جاء به فيكون بذلك القرآن هو الذى يثبت صحة النظريات أو الحقائق العلميه و ذلك لإن هذه النظريات او الحقائق جائت بالتجربه أو البحث العلمى من العقول البشريه القاصره المحدوده بما علمها الله من علمه كما قال تعالى { و ما أؤتيتم من العلم إلا قليلا }
أما ما جاء عن نبى الله إبراهيم عليه الصلاة و السلام أنه قال { رب أرنى كيف تحيى الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى و لكن ليطمئن قلبى } هل معنى ذلك أن إبراهيم عليه السلام كان شاكاً فى قدرة الله لا و لكن هى من باب قول الله عز وجل { ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم } و قوله تعالى { فما زادهم إلا إيمانا و تسليما } فالصحابه فى غزة الأحزاب كانوا مؤمنين و لكن يزداد إيمانهم بذلك التأييد من الله و أنهم رأوا هذا الذى وعدهم به الله عز وجل فالإيمان بذلك يزيد و ينقص يزيد بالطاعه و ينقص بالمعصية
فى الحقيقه أنا أرى من وجهة نظرى القاصره أن قولنا مثلما يحدث فى بعض المواضيع [ إكتشاف علمى يثبت صحة القرآن أو بحث علمى يثبت صحة حديث كذا و كذا ] أرى ان هذا لا يجوز تقديرا و إحتراما لجناب القرآن فهو صحيح و صادق و كذلك السنه لانهما من لدن رب العالمين فكيف ببحث علمى أن يكون هو الحكم على صحة القرآن من عدمه إذاً ماذا سنفعل لو خرجت إحدى البحوث فخالفت معنى القرآن هل سنقع فى حيرة لا بل القرآن هو الذى يثبت صحة أو بطلان النظريات العلميه .
منتظر أرآكم فى الموضوع بارك الله فيكم
 
بارك الله فيك اخي عبدالله لطرح مثل هذا الموضوع لم اره الا الان عذرا

انا معك في رايك لكن هذا اذا كان موجه لنا بمعنى ان ندرس هذا في مدارسنا للاستشهاد بصحة القرءان او الحديث
اما اذا استخدم بضوابط ومعى غيرالمسلمين وخاصه العلماء الغرب الذين لا يؤمنون الابمنطق العلم
فانا معه واليك هذا المقال الذي يتكلم عن بعض الضوابط الي اعنيها



الإعجـــاز العلمي .. ضوابط وحـدود

فهد عبدالرحمن اليحيى
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية




قرأت مقالاً للشيخ عبدالله بن بيه في مجلة الإعجاز العدد العاشر بعنوان (من ضوابط الإعجاز العلمي) فألفيته مع جزالته يحتاج إلى تسليط مزيد من الضوء، كما قرأت في كتيب (تأصيل الإعجاز العلمي)، وهو مع متانته وعمق ما فيه ـ إلا أن الضوابط للإعجاز العلمي تتطلب عمقًا في الدراسة على هيئة فقرات محددة.
إن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة جانب من جوانب الإعجاز لا يستهان به، وينبغي توظيف ما توصل إليه البشر لبيان الحق لهم كما قال سبحانه: (سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِى الآفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت: 53). وكما قال ـ جل وعلا ـ وهو المحيط بكل شيء، العالم بما كان وما سيكون: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ ءَايَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (النمل:93).
ولكن مع أهمية الإعجاز العلمي غير أنه مسلك دقيق ينبغي التبصر فيه والحيطة والحذر في عرضه، ذلك أنه يتعلق بتفسير الوحي من القرآن والسنة، وتفسيرهما ـ كما لا يخفى ـ له أسس وقواعد، إذ ليس كل من شاء أن يفسر الوحي بما يراه فعل.
ومن هنا كان الإعجاز العلمي الذي هو فصل من التفسير العلمي (بل هو أهم فصوله) ضوابط لا بد من الأخذ بها، كي لا يكون هذا التفسير قولاً في كتاب الله بغير علم، ومن أجل أن يحقق الغاية منه دون مساس بمصداقية الوحي وثبوته وقدسيته.
وقد اجتهدت ـ جهد المقل ـ في تلمس ما يمكن وصفه من ضوابط سائلاً الله ـ تعالى ـ التوفيق في ذلك.
فمن هذه الضوابط:
1 - من أهم الضوابط أن يقتصر الإعجاز على الحقائق العلمية التي وصلت إلى حد القطع بها، بخلاف ما دون الحقائق من النظريات أو حتى ما قد يعتبره البعض حقيقة علمية ويخالفه آخرون؛ ذلك أن إقحام ما عدا الحقائق القطعية في الإعجاز مخاطرة ومجازفة تنقلب على تصديق الوحي بالتشكيك فيه، وعلى الإعجاز بالاستهانة به وسلبه روح الإعجاز والتحدي.
فلا حاجة إلى التسرع في الاكتشافات العلمية لربطها بنصوص الوحي قبل أن تستقر في تلك الاكتشافات وتكتسب مصطلح الحقيقة العلمية. ولدينا بعض الأمثلة لما أطلق عليه حقيقة ليثبت خلافها، أو ـ على أقل الأحوال ـ ظهرت أصوات تشكك في تلك الحقيقة.
فمن ذلك:
إمكانية الوصول إلى القمر والنزول على سطحه، هذا الأمر الذي ما زال من أعظم الحقائق والمسلّمات لدى أكثر العالم، لم يكن محل اتفاق بين علماء الفلك، فقد ظهر بعد إعلان (ناسا) عن نزول القمر بسنوات ـ بعض العلماء، ومنهم عالم أمريكي يشكك في ذلك وينفي إمكانيته مستدلاً بطائفة من الأدلة.
ـ من المقطوع به لدى كل مسلم أن القمر قد انشق على عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى كان فلقتين يراهما كل شخص ويفصل بينهما ـ حال الرؤية ـ الجبل، كما ثبت ذلك في القرآن في قوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) (القمر:1). وثبت في السّنّة في أكثر من حديث منها:
ما في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: انشق القمر على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شقتين فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم: (اشهدوا).
وما في الصحيحين عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن أهل مكة سألوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر.
وما في الصحيحين عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن القمر انشق في زمان النبي ـ صلى الله عليه وسلم.
والسؤال: أين نظرياتهم التي يعدونها حقائق عن الكون منذ آلاف السنين الضوئية عن هذه الحقيقة القطعية؟!
فإذا ما قبلها بآلاف السنين الضوئية قد أثبتوه على أنه حقائق علمية، فإن مثل هذا الحدث القريب جدٌّا ما داموا لم يثبتوه ـ بل هم ينفونه ـ يدل دلالة واضحة على عدم الوثوق بما يطلقون عليه حقيقة علمية.
كانت الحقيقة الفلكية تقول بثبوت الشمس تمامًا ثم تغيرت فحلت محلها حقيقة حركة الشمس.
وثَم أمثلة أخرى يمكن تتبعها وليس هذا موضع استقرائها.
2 - ألا يكون التفسير العلمي أو الوجه من أوجه الإعجاز العلمي مجزومًا به عند تفسير الآية أو الحديث، بل ينبغي أن يساق على أنه قول في تفسير الآية أو شرح الحديث.
فإن مما يلاحظ أن بعض من يذهب إلى التفسير العلمي للآيات أو الأحاديث يقطع بذلك، وقد يسوق أقوال المتقدمين في تفسيرها ثم يجعل التفسير العلمي هو القاطع لتلك الأقوال، والمرجح لواحد منها.
وهذا يقال مع ملاحظة ما تقدم في الضابط الأول وهو كون النظرية العلمية أصبحت حقيقة علمية، وذلك لا يبرر القطع بتفسير الآية أو الحديث بتلك الحقيقة لما يلي:
أن الحقيقة العلمية قد لا تكتسب الإجماع من أهل الاختصاص بكونها حقيقة، بل وربما اشتهر كونها حقيقة وذهب إليه الكثيرون، ولكن يبقى ثم خلاف في وصفها بذلك، وحينئذ فيبقى احتمال تغيرها، وإذا تغيرت وقد فسر النص بها قبل التغير أنتج ذلك زعزعة النص عن دلالته وإعجازه والشك فيه.
أن الحقيقة العلمية مهما كانت قطعيتها فهي قابلة للتطور، وقد لوحظ ذلك في تاريخ العلوم، فنظرية (أينشتاين) في الجاذبية ربما كانت في زمنها وإلى حين تعديلها تعتبر حقيقة قطعية، حتى جاء العالم البلجيكي (لومتر) فأجرى عليها التعديل المعروف.
أن وصف الشيء بأنه حقيقة يمكن القول بأنه وصف نسبي قد لا يعني القطع بكل حال، ولدى كل من أطلق هذا المصطلح على نظرية ما، ومهما يكن فهي حقيقة ترجع إلى علم البشر القاصر فقد قال سبحانه: (وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً) (الإسراء:85).
أن القطع في هذا الأمر لا حاجة له، إذ يكفي إيراد احتماله للإعجاز، فكما أن الوجه من أوجه الإعجاز البلاغي لا يمكن القطع به لاحتمال إدارة ما هو أبلغ منه مما يخفى على المفسر، فكذلك الأمر هنا.
3 - من الضوابط ألا يقتضي التفسير العلمي للآية نقض ما جاء عن السلف فيها، فإن كانوا قد أجمعوا على معنى فلا يكون مستلزمًا نقضه، وإن يجمعوا واختلفوا فلا يكون أيضًا مستلزمًا لنقض جميع ما ورد عنهم، بخلاف ما لو وافق البعض واستلزم نقض البعض الآخر، فذلك لا يمنع التفسير به.
4 - ألا ينطلق التفسير العلمي التجريبي من منطلق الانبهار بالحضارة والمكتشفات المعاصرة، ومن ثم تسليم المطلق بها لما له من الأثر على التعسف في حمل النص على وجوه بعيدة، كما ينعكس ذلك على الصياغة التي يساق بها هذا التفسير من حيث يشعر القارئ له بالهرولة بالنص وراء ما اكتشفه المعاصرون.
5 - ألا يعارض اللغة وقواعد النحو.
6 - ألا يكون مستلزمًا لمخالفة البلاغة القرآنية.
7 - ألا يترتب عليه تحويل الاستشعار التعبدي إلى تمسك بالمادي، أو بمعنى آخر كتحويل العبادة إلى عادة أو استفادة مادية.
مثال ذلك: التفصيل في فوائد الصلاة المادية (سواء كانت فوائد صحية أو غيرها).
8 - يلاحظ أن يكون وجه الإعجاز واضحًا وليست مجرد إشارة بعيدة، حيث يلاحظ من بعض الكتّاب في هذا المجال أنه يورد النص المشتمل على لفظة (كالشهب، مثلاً) ثم يسترسل في التفاصيل العلمية للشهب دون أن يكون هناك علاقة واضحة بين النص وبين هذه التفاصيل إلا مجرد ورودها في النص، وهذا ليس من منهج الإعجاز العلمي الذي يقصد به أن النص من القرآن أو السنة قد ذكر أمرًا لم يكتشف إلا فيما بعد.
فإن أريد مجرد التفكر مثلاً في خلق الله وفي الكون فلا مانع، لكن ليس على وجه الإعجاز أو الاستدلال بالنص على التفاصيل المذكورة.
9 ـ عدم الخوض في الآخرة وما يتصل بها كالبرزخ والقيامة، فالنظريات التي تتحدث عن نهاية الكون ـ مع كونها لا تصل إلى الحقائق ولا يمكن ذلك لأنه أمر مستقبلي ـ لا يمكن بأي حال القطع به من جهة العلم التجريبي، مع هذا وحتى على فرض كونها حقائق فلا ينبغي تفسير القيامة بها لأمور من أهمها:
أنه تفسير لأمر غيبي مستقبل من علم الله تعالى، بل ومن أعظم الحوادث التي تحدث عنها القرآن، وبمجرد عقل الإنسان وعلمه القاصر، فيخشى أن يكون لمن تكلم به نصيب من:
قوله تعالى: (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ) (سبأ:53)
وقوله: (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِى غَمْرَةٍ سَاهُونَ * يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) (الذاريات:10 ـ 12).
وقوله: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) (الإسراء:36).
وقوله: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّىَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْىَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33).
أن فيه إشارة لتحديد يوم القيامة ما دام ذلك في حدود علم الفلك الذي يخضع للحسابات الدقيقة، فإذا فسرنا القيامة بنظريات نهاية الكون ـ فإن تلك النظريات لا شك أنها ضمن نمط النظريات الفلكية الأخرى التي تخضع للحسابات الفلكية، وحتى لو لم تذكر تلك الحسابات الآن فإن تفسير القيامة بنظرية فلكية معناه أن بإمكان البشر حساب ذلك ولو بعد حين، وهذا مُنافٍ تمامًا للآيات القاطعة بخفاء علم الساعة على البشر كقوله تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّى لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الأعراف:187). والآيات والأحاديث في هذا كثيرة معلومة.
أن تفسير القيامة بتلك النظريات يسلب من القلوب والنفوس هيبة القيامة، وأنها أمر عظيم يفجأ العالم كله، ويصير شأنها أمرًا معتادًا كالليل والنهار أو كالكسوف والخسوف على أحسن الأحوال.
وهذا لا شك أنه خطأ؛ إذ القيامة أمر عظيم كما قال ـ سبحانه: (يَآأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) (الحج:1 ـ 2).
10- عدم الخوض فيما يتعلق بصفات الله تعالى، مما قد يفهم منه نوع من التأويل، كمثل من فسَّر الكرسي والعرش ببعض الأجرام السماوية، ونحو ذلك.
11 - من ضوابط الإعجاز ـ أيضًا ـ عدم التأويل المتكلف، وأن الأصل ظاهر اللفظ ولا يعدل عن ظاهره إلا بقرينة قوية.
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
 
الإعجاز العلمي تأصيلاً ومنهجاً

إعداد الأمانة العامة لهيئة الإعجاز العلمي

إن معجزة القرآن العلمية تظهر لأهل العلم في كل مجال من مجالاته، فهي ظاهرة في نظمه، وفى إخباره عن الأولين، وفى إنبائه بحوادث المستقبل، وحكم التشريع وغيرها، ولقد شاع مصطلح الإعجاز العلمي في عصرنا،للدلالة على أوجه إعجاز القرآن والسنة التي كشفت عنها العلوم الكونية ونظراً لجدة البحث في حقل الإعجاز العلمي في القرآن - بالنسبة لغيره من حقول الدراسات القرآنية - فسوف نقدم في هذا البحث تأصيلاً لهذا العلم بغية إعانة المشتغلين في هذا الحقل على ارتياد آفاقه. ونبدأ بتعريف الإعجاز. الإعجاز لغة: مشتق من العجز. والعجز: الضعف أو عدم القدرة، وهو مصدر أعجز بمعنى الفوت والسبق (انظر لسان العرب لابن منظور مادة عجز 5/370 والمفردات للراغب الأصفهانى ). والمعجزة في اصطلاح العلماء: أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة( انظر معنى ذلك في تفسير القرطبى 1/96وفتح البارى 6/581 ). وإعجاز القرآن: يقصد به إعجاز القرآن الناس أن يأتوا بمثله. أي نسبة العجز إلى الناس بسبب عدم قدرتهم على الإتيان بمثله. ووصف الإعجاز هنا بأنه علمي نسبة إلى العلم. والعلم: هو إدراك الأشياء على حقائقها أو هو صفة ينكشف بها المطلوب انكشافاً تاماً (راجع الراغب الأصفهانى: المفردات ص 343 والشوكانى:إرشاد الفحول ص4) والمقصود بالعلم في هذا المقام: العلم التجريبي.
تعريف الإعجاز العلمي:
وعليه فإن الإعجاز العلمي هو إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول مما يظهر صدقه فيما أخبر به عن ربه سبحانه وتعالى.
مناسبة المعجزة القرآنية - بما تتضمنه من حقائق علمية - لعالمية الرسالة الإسلامية:
لما كان الرسل قبل محمد يبعثون إلى أقوامهم خاصة، ولأزمنة محدودة فقد أيدهم الله ببينات حسية مثل: عصا موسى عليه السلام وإحياء الموتى بإذن الله على يد عيسى عليه السلام وتستمر هذه البيانات الحسية محتفظة بقوة إقناعها في الزمن المحدد لرسالة كل رسول حتى إذا تطاول الزمن وتقادم وضعف أثر الرسالة الصافي، اختفت قوة الإقناع الحسية، وبعث الله رسولاً آخر بالدين الذي يرضاه، وبمعجزة جديدة وبينة مشاهدة. ولما ختم الله النبوة بمحمد ضمن له حفظ دينه وأيده ببينة كبرى تبقى بين أيدى الناس إلى قيام الساعة قال تعالى: {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} (الأنعام:19) ومن ذلك ما يتصل بالمعجزة العلمية. وقال تعالى { لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه} (النساء:166) وفى هذه الآية التي نزلت رداً على تكذيب الكافرين بنبوة محمد(انظر سبب النزول ابن الجوزى 2/257، الطبرى 5/22، ابن كثير 1/590، الجلالين ص 137 ) بيان لطبيعة المعجزة العلمية التي تبقى بين يدى الناس، وتتجدد مع كل فتح بشرى في آفاق العلوم والمعارف ذات الصلة بمعاني الوحي الإلهي.
قال الخازن عند تفسير هذه الآية:"لكن الله يشهد لك يا محمد بالنبوة بواسطة هذا القرآن الذي أنزله عليك "( الخازن في مجموعة من التفاسير 2/210 ) وقال ابن كثير " انزله بعلمه أي فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه من البينات والهدى والفرقان وما يحبه الله ويرضاه وما يكرهه ويأباه وما فيه من العلم بالغيوب من الماضي والمستقبل " (ابن كثير 560/1 ) وقال أبو العباس ابن تيمية: فإن شهادته بما أنزل منه وأنه أنزله بعلمه فما فيه من الخبر وخبر عن علم الله يسن خبراً عمن دونه (الفتاوى 14/196) وإلى هذا المعنى ذهب كثير من المفسرين (ابن الجوزى 2/257، الزمخشرى 1/584، ابو حيان 3/399، الالوسى 6/19،20، الشوكانى 1/539، البيضاوى والنسفى والخازن في كتاب مجموعة من التفاسير /210، الجلالين ص137). وهكذا تسطع بينة الوحي المنزل على محمد بما نزل فيه من علم إلهي يدركه الناس في كل زمان و مكان ويتجدد على مر العصور ولذلك قال: " ما من الأنبياء نبى إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي،فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة "(البخارى: فتح البارى 9/3، مسلم: كتاب الإيمان) قال ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث: " ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة وخرقه للعادة في أسلوبه وفى بلاغته، وإخباره بالمغيبات فلا يمر عصر من الأعصار إلا ويظهر فيه شئ مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه فعم نفعه من حضر ومن غاب ومن وجد، ومن سيوجد "(فتح البارى لابن حجر: 9/7 ).
جريان العلم وراء ما أخبر عنه القرآن:
وبينة القرآن العلمية يدركها العربي والأعجمي، وتبقى ظاهرة متجددة إلى قيام الساعة، ففى القرآن أنباء نعرف المقصود منها لأنها بلسان عربى مبين، لكن حقائقها وكيفياتها لا تتجلى إلا بعد حين. قال تعالى: { أن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين } (ص 87- 88) قال الفراء في تفسير الحين أنه:" بعد الموت وقبله.. أي في المستأنف " (القرطبى 15/231) وذهب السدى الكبير إلى هذا المعنى (أبو حيان 7/412) وقال ابن جرير الطبرى: أن الله اعلم المشركين بهذا القرآن أنهم يعلمون نبأه بعد حين من غير حد منه لذلك الحين بحد، ولا حد عند العرب للحين (الطبرى 23/121).
استقرار الحقيقة المخبر عنها:
وشاء الله أن يجعل لكل نبإ زمناً خاصاً يتحقق فيه فإذا تجلى الحدث ماثلاً للعيان أشرقت المعاني التي كانت تدل عليها الحروف والألفاظ في القرآن وتتجدد المعجزة العلمية في قوله تعالى: { لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون( (الانعام:67) ويبقى النبأ الإلهي محيطاً بكل الصور التي يتجدد ظهورها عبر القرون. وقال ابن جرير الطبرى:" أي لكل خبر مستقر، يعنى قرار يستقر عنده ونهاية ينتهي إليها ليتبين حقه وصدقه من كذبه وباطله " وسوف تعلمون يقول: وسوف تعلمون أيها المكذبون بصحة ما أخبر به " (الطبرى 7/147) وقال ابن كثير: أي لكل خبر وقوع، ولو بعد حين، كما قال تعالى: " ولتعلمن نبأه بعد حين" وقال { لكل أجل كتاب } (الرعد 38) (ابن كثير 2/144) وإلى هذا ذهب كثير من المفسرين. (القرطبى 7/11، الشوكانى: 2/128، الرازى: 7/25،26 القاسمى: 6/575 أبو السعود 3/147، البقاعى: 7/145، 146).
أنباء الأرض والسماء في القرآن والسنة تتجلى في عصر الاكتشافات:
أن خبر القرآن والسنة وما فيهما من أوصاف لما في الأرض والسماء، هو نبأ إلهي عما في الأرض والسماء ممن هو أعلم بما خلق فيهما من أسرار قال تعالى: { قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض } (يونس 18) فالخبر بما في الأرض والسماء نبأ عما في الأرض والسماء. لقد نزل القرآن في عصر انتشار الجهل وشيوع الخرافة، والكهانة، والسحر والتنجيم في العالم كله وكان للعرب النصيب الأوفى من هذه الجاهلية والأمية كما بين القرآن ذلك بقوله: { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } ( الجمعة: 2 ).
في ذلك العصر وعلى تلك الأمة نزل الوحي وفيه علم الله، يصف أسرار الخلق في شتى الافاق ويجلي دقائق الخلق في النفس البشريه يقرر البداية في الماضى ويصف أسرار الحاضر ويكشف غيب المستقبل الذي ستكون عليه سائر المخلوقات. وعندما دخل الإنسان في عصر الاكتشافات العلمية وامتلك أدق أجهزة البحث العلمي وتمكن من حشد جيوش من الباحثين في شتى المجالات يبحثون عن الأسرار المحجوبة في آفاق الأرض والسماء وفى مجالات النفس البشرية يجمعون المقدمات ويرصدون النتائج في رحلة طويلة عبر القرون ولما أخذت الصورة في الاكتمال والحقيقة في التجلى وقعت المفاجأة الكبرى بتجلى أنوار الوحي الإلهي، الذي نزل على محمد قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام بذكر تلك الحقيقة في آية من القرآن أو بعض آية أو في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعض حديث بدقة علمية معجزة وعبارات مشرقة وبهذا أنبأنا القرآن. قال تعالى: ( قل أرأيتم أن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد سنريهم آياتنا في الأفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيئ شهيد ) (فصلت:52،53) ولنتدبر معاني هذا النص القرآني.
معنى آيات الله في الأفاق وفى الأنفس الأفق:
ما ظهر من نواحي الفلك وأطراف الأرض وآفاق السماء: نواحيها (مقاييس اللغة: لابن فارس 1/114، 115، لسان العرب: 15/5،6، الصحاح للجوهرى: 4/1446، تاج العروس: 1/279، المفردات للأصفهانى: 19)(وآيات الله في آفاق الأرض والسماء تحمل معاني ثلاثة: الأول: المخلوقات التي خلقها الله في شتى آفاق الأرض والسماء مثل قوله تعالى: (ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة )(الشورى: 29) الثاني: آيات القرآن التي تخبر وتصف أنواع المخلوقات، وهي آيات كثيرة. الثالث: البينات والمعجزات التي يظهرها الله تصديقاً لرسوله في شتى آفاق الأرض والسماء برؤية مصداقها من حقائق الخلق حينا بعد حين.
قال الشوكانى عند تفسير الآية: سنريهم صدق دلالات صدق القرآن، وعلامة كونه من عند الله في الآفاق - أي في النواحي - وفى أنفسهم.. (فتح القدير: 4/523). وقال ابن كثير: أي سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقاً منزلاً من عند الله على رسول الله بدلائل خارجية في الآفاق. (تفسير ابن كثير 4/106) وقال الزمخشرى: ومعناه أن هذا الموعود من إظهار آيات الله في الآفاق وفى أنفسهم سيرونه ويشاهدونه فيتبينون عند ذلك أن القرآن تنزيل عالم الغيب، الذي هو على كل شئ شهيد أي مطلع ومهيمن يستوي عنده غيبه وشهادته فيكفيهم ذلك دليلاً على أنه حق وأنه حق وأنه من عنده (الكشاف 3/458). وبهذا قال كثير من المفسرين عند تفسير قوله تعالى:( حتى يتبين لهم أنه الحق )(فصلت:53) وقال أبو العباس ابن تيمية: وأما الطريق العيانى فهو أن يرى العباد من الآيات الآفاقية والنفسية ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغته الرسل عن الله حق كما قال تعالى:( سنريهم آيتنا في الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق)( الفتاوى: 14/189). " وقال عطاء وابن زيد أيضاً: في (الآفاق) يعنى أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار، والرياح والأمطار، والرعد والبرق والصواعق والنبات والأشجار والجبال والبحار وغيرها "(القرطبى: 15/374،375) وروى هذا عنهما عدد من أئمة التفسير(الطبرى: 24/25، ابو حيان 7/505، الخازن في مجموعة من التفاسير: 5/395، الشوكانى: 4/523). فهذه آيات الله في كتابه تتحدث عن آياته في مخلوقاته وتتجلى بمعجزة علمية بينة تسطع في عصر الكشوف العلمية في آفاق الكون.
اللقاء حتمي والمعجزة واقعة:
إننا على وعد من الله عز وجل بأن يرينا آياته فيتحقق لنا- بهذه الرؤية - العلم الدقيق بمعاني هذه الآيات كما قال تعالى:(وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها) (النمل:93) ومخلوقاته من آياته ومنها ما جاء في القرآن وصفاً ونبأ عن آياته في السموات والأرض. وروى الطبرى عن مجاهد:(سيريكم آياته فتعرفونها) قال: في أنفسكم والسماء والأرض والرزق (الطبرى: 20/18). وقال أبو حيان في البحر المحيط: سيريكم آياته: تهديد لأعدائه بما يريهم الله من آياته تضطرهم إلى معرفتها والإقرار أنها آيات الله وقيل: آيات في أنفسكم وسائر ما خلق مثل قوله:(سنريهم آياتنا في الافاق وفى أنفسهم ) وقيل: معجزات الرسول وأضافها إليه لانه هو مجريها على يدى الرسول ومظهرها من جهته(أبو حيان: 7/103) وبمثل ما قال أبو حيان قال البقاعى في نظم الدرر(البقاعى: 14/229،230) ومما سبق يتبين لنا أن البشرية على موعد من الله متجدد ومستمر بكشف آياته في الكون، وفى كتابه أمام الأبصار، لتقوم الحجة وتظهر المعجزة.
أن الوحي في القرآن والسنة؛ يفيض بالخبر عن أوصاف المخلوقات، وهذه الأبحاث العلمية التجريبية؛ تتجه بدراستها وبحثها إلى نفس الميدان ؛ الذي وصفه القرآن وتحدث عنه الرسول صلى الله عليه و سلم. فاللقاء حتمى والمعجزة – لا شك – واقعة. لقد جاءت العلوم البشرية التجريبية شاهدة بصدق ما أخبر به القرآن من تحريف سائر الأديان كما بين ذلك موريس بوكاى في كتابه " التوراة و الإنجيل و القرآن في ضوء المعارف الحديثة "، والتي جاءت شاهدة ومجلية لدقائق المعاني؛ في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية - ذات التعلق بالأمور الكونية - وهذه مناكب دعاة الإسلام؛ على اختلاف تخصصاتهم العلمية، تتزاحم لبيان هذه المعجزات العلمية، وبدأ عدد من الدعاة، من المسلمين، يتجهون إلى بيان هذه المعجزات العلمية كما بدأ عدد من كبار علماء الكون من غير المسلمين، يتجهون إلى نفس الميدان مثلما فعل سبعة من كبار علماء الأجنة والتشريح وأمراض النساء من غير المسلمين في لجنة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في المؤتمر الطبى السعودى الذي عقد في الرياض عام 1404 م فمنهم من أسلم مثل البرفيسور تاجاتات تاجاسن الذي أعلن إسلامه في أحد مؤتمرات الإعجاز العلمي، ومنهم من شهد بحقيقة المعجزة العلمية فحان حين تجلى معاني كثير من آيات القرآن الكونية، وعدد- في نفس المجال- من الأحاديث النبوية و(لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون ) (الانعام: 67) وإذا كان النقص يعترى- بعض الدراسات في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة فلا يصح أن يكون ذلك حكماً على جميعها وإن هذا ليوجب على القادرين من علماء الإسلام أن يسارعوا لخدمة القرآن والسنة في مجال العلوم الكونية كما خدمها السلف في مجال اللغة والاصول والفقه وغيرها من مجالات العلوم الشرعية فنحن أمام معجزة علمية كبرى تنحنى أمامها جباه المنصفين من قادة العلوم الكونية في عصرنا.
الفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي:
التفسير العلمي: هو الكشف عن معاني الآية أو الحديث في ضوء ما ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية.
أما الإعجاز العلمي: فهو إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي أخيراً وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول. وهكذا يظهر اشتمال القرآن أو الحديث على الحقيقة الكونية التي يؤول (يصير وينتهي) إليها معنى الآية أو الحديث ويشاهد الناس مصداقها في الكون فيستقر عندها التفسير ويعلم بها التأويل كما قال تعالى:(لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون) [الانعام: 67] وقد تتجلى مشاهد أخرى كونية عبر القرون، تزيد المعنى المستقر وضوحاً وعمقاً وشمولاً لأن الرسول قد اوتى جوامع الكلم، فيزداد بها الإعجاز عمقاً وشمولاً، كما تزداد السنة الكونية وضوحا بكثرة شواهدها المندرجة تحت حكمها.
قواعد وأسس أبحاث الإعجاز العلمي:
لقد قامت هذه الأبحاث على قواعد نوجزها فيما يلي: - علم الله هو العلم الشامل المحيط الذي لا يعتريه خطأ، ولا يشوبه نقص، وعلم الإنسان محدود ويقبل الازدياد ومعرض للخطأ. - هناك نصوص من الوحي قطعية الدلالة، كما أن هناك حقائق علمية كونية قطعية. - في الوحي نصوص ظنية في دلالتها، وفى العلم نظريات ظنية في ثبوتها. - لا يمكن أن يقع صدام بين قطعي من الوحي وقطعي من العلم التجريبي، فإن وقع في الظاهر، فلابد أن هناك خللا في اعتبار قطعية أحدهما وهذه قاعدة جليلة قررها علماء المسلمين وقد آلف ابوالعباس ابن تيمية كتاباً من أحد عشر مجلداً لبيانها تحت عنوان:(درء تعارض العقل والنقل). - عندما يرى الله عباده آية من آياته في الآفاق أو في الأنفس مصدقة لآية في كتابه، أو حديث من أحاديث رسوله يتضح المعنى، ويكتمل التوافق ويستقر التفسير، وتتحدد دلالات ألفاظ النصوص بما كشف من حقائق علمية وهذا هو الإعجاز. - أن نصوص الوحي قد نزلت بألفاظ جامعة فقد قال:" بعثت بجوامع الكلم"((أخرجه البخارى في الجهاد ) مسلم في المساجد برقم 5423 والترمذى في السير برقم 1553 والنسائى في الجهاد باب وجوب الجهاد) مما يدل على أن النصوص التي وردت عن النبي تحيط بكل المعاني الصحيحة في مواضيعها التي قد تتابع في ظهورها جيلاً بعد جيل. - إذا وقع التعارض بين دلالة قطعية للنص وبين نظرية علمية رفضت هذه النظرية لأن النص وحي من الذي أحاط بكل شئ علماً. وإذا وقع التوافق بينهما كان النص دليلاً على صحة تلك النظرية وإذا كان النص ظنياً والحقيقة العلمية قطعية يؤول النص بها. - وإذا وقع التعارض بين حقيقة علمية قطعية، وبين حديث ظني في ثبوته، فيؤول الظني من الحديث ليتفق مع الحقيقة القطعية وحيث لا يوجد مجال للتوفيق فيقدم القطعي.
منهجية أبحاث الإعجاز العلمي في ضوء منهج السلف وكلام المفسرين:
للسلف منهج سديد فيما يتعلق بأمر الصفات الإلهية وأحوال يوم القيامة وما لا سبيل إليه من غير طريق الوحي ويتمثل هذا المنهج في الوقوف عندما دلت عليه النصوص بدون تكلف لمعرفة الكيفيات والتفاصيل التي لم يبينها الوحي لأن البحث فيها كالبحث في الظلام، وهي قسر لحقائق الوحي الكبرى في قالب تصورات ذهنية بشرية محدودة الحس والزمان والمكان المحيط بيئة الإنسان. وكلام الخالق سبحانه عن أسرار خلقه في الآفاق وفى الأنفس غيب قبل أن يرينا الله حقائق تلك الأسرار ولا طريق لمعرفة كيفياتها وتفاصيلها قبل رؤيتها، إلا ما سمعنا عن طريق الوحي وكان السلف لا يتكلفون ما لا علم لهم به أن معاني الآيات المتعلقة بالأمور الغيبية ودلالتها اللغوية معلومة ولكن الكيفيات والتفاصيل محجوبة وإن من وصف حقائق الوحي الكونية بدقائقها وتفاصيلها بعد أن كشفها الله وجلاها للأعين غير من وصفها من خلال نص يسمع، ولا يرى مدلوله الواقعي لأن وصف من سمع وشاهد غير من سمع فقط. ولقد وفق السلف الصالح من المفسرين كثيراً في شرحهم لمعنى الآيات القرآنية رغم احتجاب حقائقها الكونية، مع أن المفسر الذي يصف حقائق وكيفيات الآيات الكونية في الآفاق والأنفس وهي محجوبة عن الرؤية في عصره قياساً على ما يرى من المخلوقات وفى ضوء ما سمع من الوحي، يختلف عن المفسر الذي كشفت أمامه الآية الكونية فجمع بين ما سمع من الوحي وبين ما شاهد في الواقع.
ونظراً لعدم خطورة ما يتقرر في مجال الأمور الكونية على أمر العقيدة يوم ذاك لم يقف المفسرون بها عند حدود ما دلت عليه النصوص بل حاولوا شرحها بما يسر الله لهم من الدراية التي تيسرت لهم في عصورهم وبما فتح الله به عليهم من إفهام، وكانت تلك الجهود العظيمة التي بذلها المفسرون عبر القرون، لشرح نصوص الوحي المتعلقة بالأمور الكونية - التي لم تكشف في عصرهم - مبينة لمستوى ما وصل إليه الإنسان من علم، في تلك المجالات ومبينة لمدى توفيق الله لهؤلاء المفسرين فإذا ما حان حين مشاهدة الحقيقة في واقعها الكونى ظهر التوافق الجلى بين ما قرره الوحي وما شاهدته الأعين وظهرت حدود المعارف الإنسانية المقيدة بقيود الحس المحدود والعلم البشرى المحدود بالزمان والمكان وازداد الإعجاز تجلياً وظهوراً. وكتب الله التوفيق للمفسرين فيما شرحوه من آيات وأحاديث متعلقة بأسرار الأرض والسماء بفضل اهتدائهم بنصوص الوحي المنزل ممن يعلم السر في الأرض والسماء، ومسترشدين بما علم لهم من دلالات الألفاظ ومعاني الآيات.
أوجه الإعجاز العلمي:
وتتمثل أوجه الإعجاز العلمي في القرآن والسنة فيما يلي:
1- التوافق الدقيق بين ما في نصوص الكتاب والسنة، وبين ما كشفه علماء الكون أمثال البروفسور كيث ل. مور وهومن أشهر علماء العالم في علم الأجنة وكتابة في علم الأجنة مرجع عالمى مترجم إلى سبع لغات منها الروسية واليابانية والصينية والذي جاء بعد اقتناعه بأبحاث الإعجاز العلمي ألقى محاضرة في ثلاث كليات طبية بالممكلة العربية السعودية عام (1404هـ)بعنوان (مطابقة علم الاجنحة لما في القرآن والسنة) من حقائق كونية وأسرار كونية لم يكن في إمكان بشر أن يعرفها وقت نزول القرآن.
2- تصحيح الكتاب والسنة لما شاع بين البشرية في اجيالها المختلفة من أفكار باطلة حول أسرار الخلق مثل ما كان شائعاً بين علماء التشريح من أن الولد يتكون من دم الحيض واستمر ذلك الاعتقاد إلى أن اكتشف المجهر في القرن السادس عشر الميلادي بينما نصوص القرآن والسنة تقرر أن الولد يتكون من المنى وقد رد علماء المسلمين من أمثال الأمام ابن القيم والأمام ابن حجر وغيرهم أقوال علماء التشريح في عصورهم بنصوص الوحي وذلك مثل ما قاله ابن حجر وزعم كثير من أهل التشريح أن منى الرجل لا أثر له في الولد إلا في عقده وأنه إنما يتكون من دم الحيض وأحاديث الباب تبطل ذلك(الفتح: 11/480).
3- إذا جمعت نصوص الكتاب والسنة الصحيحة وجدت بعضها يكمل بعضها الآخر فتتجلى بها الحقيقة مع أن هذه النصوص قد نزلت مفرقه في الزمن وفى مواضعها من الكتاب الكريم وهذا لا يكون إلا من عند الله الذي يعلم السر في السماوات والأرض.
4- سن التشريعات الحكيمة التي قد تخفى حكمتها على الناس وقت نزول القرآن وتكشفها أبحاث العلماء في شتى المجالات مثلما كشفه العلم حديثاً من الحكمة في تحريم أكل لحم الخنزير والاعتزال المقصور على الجماع في المحيض ويسألونك عن المحيض{ قل هو أذى آفاعة النساء في المحيض} (البقرة:222).
5- عدم الصدام بين نصوص الوحي القاطعة التي تصف الكون وأسراره على كثرتها، وبين الحقائق العلمية المكتشفة على وفرتها، مع وجود الصدام الكثير بين ما يقوله علماء الكون من نظريات تتبدل مع تقدم الاكتشافات ووجود الصدام بين العلم وبين ما قررته سائر الأديان المحرفة والمبدلة. تنبيه وكلامنا هنا محصور في قضايا الإعجاز العلمي الذي تسفر فيه النصوص عن معاني لكيفيات وتفاصيل جديدة عبر العصور أما ما يتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق فقد بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضح تفسيرها (التفسير والمفسرون للذهبى: 1/34).
الإعجاز العلمي بين المجيزين والمانعين: ينقسم العلماء في هذا الموضوع إلى فريقين فريق: يجيزه ويدعو اليه ويرى فيه فتحاً جديداً وتجديداً في طريق الدعوة إلى الله وهداية الناس إلى دين الله. وفريق: يرى في هذا اللون من التفسير خروجاً بالقرآن عن الهدف الذي أنزل من أجله، وإقحاماً له في مجال متروك للعقل البشرى يجرب فيه ويصيب ويخطئ. ولذلك وبعد أن وضحنا المنهجية التي تحكم البحث في مجال الإعجاز العلمي ومنهج السلف والمفسرين كان لابد من استعراض رأى الفريقين ومناقشة حججهم.
المجيزون للتفسير العلمي:
أما مجيزوا التفسير العلمي وهم الكثرة فيمثلهم الأمام محمد عبده، وتلميذه الشيخ محمد رشيد رضا،والشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ محمد أبو زهرة ومحدث المغرب أبو الفيض أحمد بن صديق الغمارى، ونستطيع أن نعد منهم الشيخ محمد الامين الشنقيطى، صاحب أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن. وهؤلاء الذين يتبنون التفسير العلمي للقرآن يضعون له الحدود التي تسد الباب أمام الأدعياء الذين يتشبعون بما لم يعطوا. ومن هذه الحدود:
1- ضرورة التقيد بما تدل عليه اللغة العربية فلابد من: أ) أن تراعى معاني المفردات كما كانت في اللغة إبان نزول الوحي. ب) أن تراعى القواعد النحوية ودلالاتها. جـ) أن تراعى القواعد البلاغية و دلالاتها. خصوصاً قاعدة أن لا يخرج اللفظ من الحقيقة إلى المجاز إلا بقرينة كافية.
2- البعد عن التأويل في بيان إعجاز القرآن العلمي
3-ان لا تجعل حقائق القرآن موضع نظر، بل تجعل هي الأصل: فما وافقها قبل وما عارضها رفض.
4- أن لا يفسر القرآن إلا باليقين الثابت من العلم لا بالفروض والنظريات التي لا تزال موضع فحص وتمحيص، أما الحدسيات والظنيات فلا يجوز أن يفسر بها القرآن، لأنها عرضة للتصحيح والتعديل – أن لم تكن للأبطال – في أي وقت.
المانعون من التفسير العلمي:
أما المانعون من التفسير العلمي فيمثلهم في هذا العصر شيخ الأزهر الأسبق الشيخ محمـود شلتوت والأستاذ سيد قطب، ود. محمـد حسين الذهبي. وهـؤلاء المانعون يقولون:
1- أن القرآن كتاب هداية، وإن الله لم ينزله ليكون كتاباً يتحدث فيه إلى الناس عن نظريات العلوم، ودقائق الفنون، وأنواع المعارف.
2- أن التفسير العلمي للقرآن يعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم في كل زمان ومكان، والعلوم لا تعرف الثبات ولا القرار ولا الرأي الأخير.
3- أن التفسير العلمي للقرآن يحمل أصحابه والمغرمين به على التأويل المتكلف الذي يتنافى مع الإعجاز، ولا يسيغه الذوق السليم.
4- ثم يقولون: أن هناك دليلاً واضحاً من القرآن على أن القرآن ليس كتاباً يريد الله به شرح حقائق الكون، وهذا الدليل هو ما روى عن معاذ أنه قال: " يا رسول الله أن اليهود تغشانا ويكثرون مسألتنا عن الأهلة فما بال الهلال يبدو دقيقاً ثم يزيد حتى يستوي ويستدير، ثم ينقص حتى يعود كما كان فأنزل الله هذه الآية:( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) [البقرة 189].
ولكن هل تكفى هذه الحجج لرفض التفسير العلمي ؟؟:
أن كون القرآن الكريم كتاب هداية لا يمنع أن ترد فيه إشارات علمية يوضحها التعمق في العلم الحديث، فقد تحدث القرآن عن السماء والأرض،والشمس، والقمر، والليل والنهار، وسائر الظواهر الكونية، كما تحدث عن الإنسان، والحيوان والنبات.
ولم يكن هذا الحديث المستفيض منافياً لكون القرآن كتاب هداية، بل كان حديثه هذا أحد الطرق التي سلكها لهداية الناس. - أما تعليق الحقائق التي يذكرها القرآن بالفروض العلمية فهو أمر مرفوض وأول من رفضه هم المتحمسون للتفسير العلمي للقرآن. - أما أن هذا اللون من التفسير يتضمن التأويل المستمر، والتمحل، والتكلف فإن التأويل بلا داع مرفوض. وقد اشترط القائلون بالتفسير العلمي للقرآن شروطاً من بينها أن لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا قامت القرائن الواضحة التي تمنع من إرادة الحقيقة. - وأما الاستدلال بما ورد في سبب نزول الآية (يسألونك عن الأهلة) فهو بحاجة إلى أن يثبت وإلا فهو معارض بما رواه الطبرى في تفسيره عن قتادة في هذه الآية قال: سألوا النبي لم جعلت هذه الأهلة؟ فأنزل الله فيها ما تسمعون (هي مواقيت للناس والحج ) فجعلها لصوم المسلمين ولإفطارهم ولمناسكهم وحجهم ولعدة نسائهم ومحل دينهم في أشياء والله أعلم بما يصلح خلقه ". وروى عن الربيع وابن جريج مثل ذلك. ففي هذه الروآيات التي ساقها الطبرى والسؤال هو: لم جعلت هذه الأهلة ؟ وليس السؤال ما بال الهلال يبدو دقيقاً ثم يزيد حتى يستوي ويستدير ثم ينقص. ولذلك فإنه لا دليل في الآية على إبعاد التفسير العلمي.
الخلاصة:
إن التفسير العلمي للقرآن مرفوض إذا اعتمد على النظريات العلمية التي لم تثبت ولم تستقر ولم تصل إلى درجة الحقيقة العلمية. - ومرفوض إذا خرج بالقرآن عن لغته العربية. - ومرفوض إذا صدر عن خلفية تعتمد العلم أصلاً وتجعل القرآن تابعاً. - وهو مرفوض إذا خالف ما دل عليه القرآن في موضع أخر أو دل عليه صحيح السنة. - وهو مقبول بعد ذلك إذا التزم القواعد المعروفة في أصول التفسير من الالتزام بما تفرضه حدود اللغة، وحدود الشريعة والتحري والاحتياط الذي يلزم كل ناظر في كتاب الله. وهو - أخيراً - مقبول ممن رزقه الله علماً بالقرآن وعلماً بالسنن الكونية لا من كل من هب ودب فكتاب الله اعظم من ذلك.
أهمية أبحاث الإعجاز العلمي وثمارها:
1- امتداد بينة الرسالة في عصر الكشوف العلمية. إذا كان المعاصرون لرسول الله قد شاهدوا بأعينهم كثيراً من المعجزات، فإن الله أرى أهل هذا العصر معجزة لرسوله تتناسب مع عصرهم، ويتبين لهم بها أن القرآن حق، وتلك البينة المعجزة هي: بينة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وأهل عصرنا لا يذعنون لشيء مثل إذعانهم للعلم، على اختلاف أجناسهم وأديانهم.
2- تصحيح مسار العلم التجريبي. لقد جعل الله النظر في المخلوقات، الذي تقوم عليه العلوم التجريبية طريقاً إلى الإيمان به، وطريقاً إلى الإيمان برسوله ولكن أهل الأديان المحرفة كذبوا حقائقه، وسفهوا طرقه، واضطهدوا دعاته، فواجههم حملة هذه العلوم التجريبية، بإعلان الحرب على تلك الأديان، فكشفوا ما فيها من أباطيل، وأصبحت البشرية في متاهة، تبحث عن الدين الحق، الذي يدعو إلى العلم، والعلم يدعو إليه. أن بإمكان المسلمين أن يتقدموا لتصحيح مسار العلم في العالم، ووضعه في مكانه الصحيح، طريقاً إلى الإيمان بالله ورسوله، ومصدقاً بما في القرآن، ودليلاً على الإسلام.
3- تنشيط المسلمين للاكتشافات الكونية، بدوافع إيمانية. أن التفكير في مخلوقات الله عبادة، والتفكير في معاني الآيات والأحاديث عبادة، وتقديمها للناس دعوة إلى الله. وهذا كله متحقق في أبحاث الإعجاز العلمي في القرآن والسنة وهذا من شأنه أن يحفز المسلمين على اكتشاف أسرار الكون بدوافع إيمانية تعبر بهم فترة التخلف التي عاشوها فترة من الزمن في هذه المجالات. وسيجد الباحثون المسلمون في كلام الخالق عن أسرار مخلوقاته، أدلة تهديهم أثناء سيرهم في أبحاثهم، تقرب لهم النتائج، وتوفر لهم الجهود. واجب المسلمين إذا علمنا أهمية هذه الأبحاث في تقوية إيمان المؤمنين، ودفع الفتن التي ألبسها الإلحاد ثوب العلم. عن بلاد المسلمين، وفى دعوة غير المسلمين، وفى فهم ما خوطبنا به في القرآن والسنة، وفى حفز المسلمين للأخذ بأسباب النهضة العلمية، تبين من ذلك كله أن القيام بهذه الأبحاث من أهم فروض الكفآيات. وصدق الله القائل: " { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة } (البينة:1)
 
بارك الله فيك أخى الغالى أعتقد انك لخصت ما كنت أريد أن أقوله فى أول تعقيب لك
و جزاك الله خيراً على هاذين المقالين بصراحه تستاهل كل خير
 
عودة
أعلى