أقمار التجسس الفرنسية

الحاج سليمان 

صقور الدفاع
إنضم
5 سبتمبر 2007
المشاركات
6,536
التفاعل
17,493 193 32
الدولة
Algeria
تم في 18 ديسمبر 2004م إطلاق الصاروخ الأوروبي (آريان 5) إلى الفضاء في رحلته رقم (165) وهو يحمل قمراً اصطناعياً فرنسياً كبيراً، إضافة إلى ستة أقمار صغيرة. والقمر الجديد هو القمر الاصطناعي العسكري الفرنسي للاستطلاع Helios-2A، والذي تم تطويره من قِبَل المركز الوطني لأبحاث الفضاء الفرنسي CNES، وتم صنعه من قِبَل شركة EADS كمقاول رئيس بمساهمة شركة ألكاتيل الفرنسية، وعدد من الشركات الإيطالية والأسبانية كمقاولين من الباطن.
بعد ساعة و 45 ثانية انفصل بنجاح القمر الاصطناعي الفرنسي (هيليوز 2 أ) من قمة صاروخ آريان ليدخل مداراً قطبياً حول الأرض وعلى ارتفاع حوالي (700) كيلومتر. ويتيح هذا المدار التقاط صور دقيقة، بالإضافة إلى أنه مدار مستقر، نظراً لبعده عن الاحتكاك بجزئيات الغاز التي تؤدي إلى التأثير على مداره.
وبعد 7 دقائق من إطلاق القمر (هيليوز 2 أ) انفصلت من كبسولة صاروخ آريان أربعة أقمار اصطناعية فرنسية صغيرة من نوع ESSAM، وهي تمثل مشروعاً عسكرياً فرنسياً لاستشعار الإرسال الكهرومغناطيسي، كما انفصل كذلك القمر الاصطناعي الأسباني الصغير NANOSATY، وهو قمر أبحاث لاختبار أنظمة لاستشعار الأشعة الشمسية والمجال المغناطيسي.
وبعد دقيقة انفصل آخر الأقمار من كبسولة صاروخ آريان، وهو القمر الصغير Parasol، وهو قمر أبحاث علمية فرنسي لدراسة السحب والمواد الخفيفة الطيّارة في طبقات الجو العليا.


البدايات


ويعود برنامج هيليوز إلى بداية الثمانينيات، عندما أنشأت وزارة الدفاع الفرنسية مشروع سمي ب (سمارو)، ويدعو إلى إنشاء نظام فضائي للاستطلاع يغطي متطلبات الدفاع الفرنسية. وتلى ذلك مشروع (هيليوز 1) المكون من قمرين اصطناعيين، والذي شكّل تعاوناً بين إدارة الصواريخ والفضاء في وزارة الدفاع الفرنسية والجهات العسكرية الأخرى في الجيش الفرنسي، التي تساهم ب 79% من تكاليف المشروع، بينما ساهمت وزارة الدفاع الإيطالية بنسبة 14%، ووزارة الدفاع الأسبانية بالنسبة المتبقية، وهي 7%.
ويهدف المشروع إلى توفير مصدر مستقل لأوروبا لمعلومات الاستطلاع بدلاً من الاعتماد الكامل على المعلومات التي توفرها أقمار الاستطلاع الأمريكية عبر حلف شمال الأطلسي NATO.
ويمتاز مدار هذا القمر الاصطناعي بكونه متزامناً مع الشمس، أي أنه يمر فوق المنطقة المعنية في الظروف الضوئية نفسها، شأنه شأن أقمار الاستشعار عن بعد، لكنه يمسح شريطاً من الأرض أقل عرضاً من أقمار سبوت التي تمسح شريطين متوازيين بعرض (60) كيلومتراً.
ويتم الاستخدام والتحكُّم بالقمر الاصطناعي حسب مساهمة كل دولة، ويتم اختيار الأهداف للتصوير الدقيق من قِبَل لجنة من الدول الثلاث، ويقع مركز التحكم الأرضي لنظام هيليوزر في مركز تولوز الفضائي الفرنسي، بالإضافة إلى العديد من محطات استقبال المعلومات وتحليلها، ومنها ثلاث محطات موزعة على الدول الثلاث بواقع واحدة في كل دولة من الدول المساهمة.
ومن خلال التمييز العالي لهذا القمر الاصطناعي يمكن تمييز أجسام يقل طولها عن متر واحد من خلال صور هذا القمر الاصطناعي، وذلك عبر التصوير بالمدى المرئي، مقارنة بصور بتمييز 10 20 متراً اعتماداً على الحزم الطيفية بالنسبة لأقمار سبوت.
لكن هذا النظام لا يصل إلى مستوى أقمار الاستطلاع الأمريكية أو الروسية التي تمتاز بصور أكثر دقة، كما تستخدم عدداً من أقمار الاستطلاع الراداري التي يمكنها التقاط الصور في الليل أو عندما تحجب السماء بالغيوم، وأُطلق أول أقمار (هيليوز وهيليوز 1 أ) في 7 يوليو 1995م.
وتم تطوير الجيل الأول من أقمار هيليوز من قبل عدة شركات فرنسية، حيث تولّت شركة (EADS) العقد الرئيس لهذا القمر الاصطناعي، وقد استفادت من خبرتها في مجال تصنيعها الأقمار الاصطناعية الفرنسية للاستشعار عن بعد من نوع سبوت. وساهمت شركة (ألكاتيل) الفرنسية في التطوير لهذا النظام، من خلال تطويرها نظام إرسال المعلومات للقمر الاصطناعي والخلايا الشمسية من نوع (جي أس أر 3)، كما تولت تطوير الجهاز الرئيس في هذا القمر الاصطناعي وهو جهاز التصوير عالي الدقة وهو ب (4096) بكسل × (2048) خط بكسل.
أما القمر الثاني (هيليوز 1ب)، وهو الثاني الذي يتم إطلاقه ضمن برنامج (هيليوز 1) فقد أُطلق عام 1999م، وهو مشابه للقمر (هيليوز 1) عدا احتواء القمر الجديد على نظام تسجيل للمعلومات أكثر تقدماً، يعتمد بصورة كاملة على دوائر الذاكرة المصنوعة من أشباه الموصلات، بدلاً من جهاز التسجيل بالشريط المغناطيسي المستخدم في القمر السابق.
ويُذكر أن (هيليوز 1أ) قد التقط أكثر من (100) ألف صورة للعديد من المناطق المتوترة في العالم، وبخاصة خلال أزمة كوسوفو، وسمحت وزارة الدفاع الفرنسية بتبادل هذه الصور داخل المجموعة الأوروبية.
 
تغيُّر الأهداف الأساسية


بدأ القرن الحادي والعشرون الميلادي بسلسلة من التغيرات في الجغرافيا السياسية، تمثلت في انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، وبروز الولايات المتحدة كقطب وحيد في السياسة الدولية، الأمر الذي أدى إلى نشوء ظروف دولية غير مستقرة وغير متوقعة. وانعكس ذلك بتصاعد النزعات الإقليمية والعرقية والانقسام بين الشمال والجنوب، مما أدى إلى تزايد التدخل الدولي والحروب الأهلية.
الأهداف السياسية الفرنسية الأساسية
بعد أن كانت الأهداف السياسية الفرنسية في بداية إنشاء نظام هيليوز تركز على الاستطلاع لأغراض مراقبة تهديد الاتحاد السوفيتي وحماية المصالح الفرنسية، فإن المرحلة التي تلت ذلك أدّت إلى انحسار التهديد الروسي بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، الأمر الذي أضاف إلى هذه الأهداف أهدافاً أخرى، هي:
1. مراقبة المنظمات التي تستخدم العنف وسيلة لتحقيق أهدافها.
2. مراقبة الدول الساعية للحصول على التقنيات النووية العسكرية والصاروخية.
لهذه الأهداف، فإن أعمال الرصد والاستطلاع تحتاج إلى الأقمار الاصطناعية من خلال سرعة تكرار تغطية المنطقة المطلوب استطلاعها، نظراً للحاجة لرد فعل سريع لمواجهة الأعمال العنيفة، والسماح للجهات المسؤولة لتقويم الموقف بسرعة وبطريقة أفضل، وتقديم المعلومات بسرعة للقوات الفرنسية على الأرض.
إن ما تسعى إليه فرنسا خلال السنوات القادمة من نظام الاستطلاع الفضائي ما يلي:
1. دورة سريعة للعودة لتغطية المنطقة نفسها من أجل استطلاع أفضل للمناطق المتوترة، ومناطق التجارب والمواقع الصاروخية وأسلحة الدمار الشامل.
2. إمكانية متقدمة للاستجابة من خلال شبكة مركزية لمواجهة العمليات العنيفة.
3. تغطية يومية أفضل لتحقيق رؤيا واضحة لمسرح العمليات.
4. استثمار الأنظمة البصرية والرادارية من أجل تحليل أفضل للصور واكتشاف أعمال التمويه والخداع.
5. تمييز عالٍ للأهداف، وصور ثلاثية الأبعاد، وتعريف دقيق للخدمات الاستخبارية.
وبعد عملية الاستطلاع يجري تحليل الصور من أجل تحديد الفعاليات البشرية.
ولا تقتصر أعمال الاستطلاع على البر، فاستطلاع البحر مهم أيضاً؛ فالمحيطات هي موقع تهديد فعلي بالنسبة للجهات التي تستخدم العنف وجهات الجريمة التي تهدد البيئة والأمن القومي.
 
الجيل الثاني من أقمار هيليوز


هناك فرق كبير بين إمكانات القمر الاصطناعي (هيليوز 2 أ) مقارنة بسابقيه من ناحية الأطياف الضوئية التي يتم استشعارها، وسعة القمر الاصطناعي في تسجيل الصور، وقدرة التمييز.
يحمل القمر (هيليوز 2 أ) جهازي استشعار رئيسين:
1 جهاز استشعار بتمييز عالٍ جداً يعمل بمدى الضوء المرئي ومدى الأشعة تحت الحمراء؛ وتشير المعلومات الضمنية إلى إمكانية تمييز أبعاد بطول (25) سنتيمتراً من صورة بالمدى المرئي.
2. جهاز استشعار بتمييز (5) أمتار للصور باللونين الأبيض والأسود، وبتمييز (10) أمتار للصور متعددة الأطياف (الملونة) بمجال مسح واسع يبلغ (60) كيلومتراً، وهو مماثل لأحد جهازي الاستشعار اللذين يحملهما القمر الاصطناعي (سبوت 5).
كما يحمل نظام إرسال لنقل الصور إلى محطات الاستقبال يتضمن خزن الصور وضغطها وتشفيرها، كما يحمل القمر الاصطناعي الأنظمة المساندة، مثل نظام التحكم بالطاقة الكهربائية، والتحكم بالوضع والمدار.
ويعدّ الابتكار التقني الأساسي في جهاز التصوير عالي التمييز هو وحدات الاستشعار فيه، كما يستخدم فيه جهاز تسجيل حديث للبيانات بسعة كبيرة، بالإضافة إلى جهاز الإرسال القادر على إرسال سعات بيانات كبيرة بسرعة عالية، وتستخدم فيه خلايا شمسية مصنوعة من الغاليوم الزرنيخ، ويستخدم فيه جيروسكوب حديث وعجلات رد الفعل أكثر دقة من أجل تقليل الاهتزازات في المدار.
التطوّر الجديد في نظام هيليوز إضافة إلى إطلاق قمر اصطناعي جديد هي إمكانية التحكُّم بالقمر الاصطناعي لالتقاط صور في أماكن معينة، واستقبال تلك الصور في نظام غير مركزي مكوّن من (14) وحدة موزعة في أرجاء مختلفة من العالم مرتبطة بمركز هيليوز في فرنسا، مما يتيح للقوات الفرنسية في المناطق خارج فرنسا استقبال الصور مباشرة وتحليلها لسرعة الاستجابة للتهديدات المحتملة.
أما ما يقدمه القمر الاصطناعي (هيليوز 2أ) فهو سعة إضافية للقمرين السابقين، وبإمكانية تمييز أفضل، مما يتيح رصد أي هدف عسكري، كما يمكنه التقاط الصور في مدة (3) ساعات من استقباله للأوامر، والتقاط صور لموقعين في يوم واحد، مقارنة بموقع واحد في الأقمار الاصطناعية الأخرى.
أما من ناحية عدد الصور الملتقطة، فالقمر الجديد يمكنه التقاط صور يصل عددها إلى (100) صورة يومياً، بينما لا يزيد عدد الصور التي يمكن التقاطها في أي من القمرين السابقين على (12) صورة في اليوم الواحد.
يُضاف إلى ذلك أن إمكاناته في رصد الأشعة تحت الحمراء تجعله قادراً على كشف الفعاليات الصغيرة أثناء الليل، مثل حركة المدرعات والدبابات، وتشغيل المفاعلات النووية.
ووصلت تكلفة الجيل الثاني من أقمار هيليوز حوالي بليوني يورو، بلغت تكلفة تصنيع القمرين نصفها، بينما بلغت تكلفة الأبحاث والتطوير للمشروع 20%، وتكلفة الإطلاق 15% وخصصت النسبة المتبقية لتشغيل النظام.
وتتحمل الحكومة الفرنسية النسبة الأكبر من مشروع (هيليوز 2)، فيما تساهم أسبانيا وبلجيكا بنسبة 5،2% من تكاليف المشروع لكل منهما، وتتيح لهم هذه المشاركة استخدام القمرين بحسب نسبة مشاركتهما.
كما تم في بداية عام 2005م توقيع اتفاق بين وزارة الدفاع الفرنسية ووزارة الدفاع اليونانية يتيح لليونان الحصول على أرصاد من القمر (هيليوز 2) مقابل مساهمتها ب 5،2% من تكاليف المشروع.
وأخيراً، هناك فارق كبير في الوزن بين الجيل الأول من أقمار هيليوز والجيل الثاني؛ فأقمار الجيل الأول يزن الواحد منها (2600) كيلوجرام، بينما يزن القمر من الجيل الثاني (4200) كيلوجرام فقط.
 
متطلبات مستقبلية


تسعى فرنسا إلى تبني سياسة جديدة في السماح لشركات تجارية في إطلاق أقمار اصطناعية للاستشعار البصري الدقيق والاستفادة منها للأغراض العسكرية، إضافة إلى استخداماته المدنية، مع وضع الضوابط لأداء عملها، وهي مشابهة للسياسة الأمريكية التي تم تبنيها منذ منتصف التسعينيات، إضافة إلى إنشاء أنظمة عسكرية مملوكة للحكومة الفرنسية لتلبية بعض الاحتياجات الخاصة، لذلك فإن الحكومة الفرنسية بصدد الإبقاء على برنامج هيليوز من خلال القمر الثاني من الجيل الثاني والمؤمل إطلاقه عام 2008م.
أما برنامج سبوت، فقد أُطلق منه (5) أقمار اصطناعية، كان آخر قمر أُطلق منها عام 2003م، ومن المؤمل أن يستبدل هذا البرنامج بمشروع تجاري يُطلق عليه اسم (بيليدس) لإطلاق قمرين بحجم صغير وبإمكانات تصوير دقيقة، بحيث يمكن من خلال صوره تمييز أبعاد بطول (1) متر وبعرض شريط مسح (20) كيلومتراً.
وتأمل فرنسا التعاون مع ألمانيا وإيطاليا في تبادل معلومات الاستطلاع، نظراً لأن كلتا الدولتين لها مشروع للاستشعار الراداري.
ويمكن تلخيص متطلبات أنظمة الاستطلاع المستقبلية بما يلي:
أ نظام استطلاع بصري بالإمكانات التالية:
1. التقاط صور عالية التمييز باللون الأبيض والأسود، وصور بأطياف متعددة بشريط مسح متوسط، مع إمكانية الحصول على صور ثلاثية الأبعاد.
2. التقاط صور بتمييز عالٍ جداً بالمدى المرئي، وبتمييز عالٍ بالأشعة تحت الحمراء، وبشريط مسح ضيق.
3. صور ذات تمييز متوسط وبشريط مسح واسع.
ب نظام استشعار راداري بالإمكانات التالية:
1. التقاط صور رادارية بتمييز متوسط وبشريط مسح واسع جداً لرصد واستطلاع المحيطات.
2. التقاط صور رادارية بتمييز عالٍ وشريط مسح متوسط.
3. التقاط صور رادارية بتمييز عالٍ جداً وشريط مسح ضيق.
كما يتطلب الاستشعار الراداري الاستمرار في أنظمة الأقمار الاصطناعية لقياس الارتفاع لدراسة المحيطات لما بعد برنامج (جاسون) الفرنسي الأمريكي.
ج إنشاء شبكة من المحطات الأرضية، أو إطلاق أقمار اصطناعية في المدار المتزامن تعمل كوسيلة لإعادة إرسال الأوامر من المحطات الأرضية، وإعادة إرسال الصور الملتقطة إلى المحطات الأرضية نظراً لطبيعة مدارات الأقمار الاصطناعية للاستطلاع.
وهذه الشبكة ضرورية لتلبية المتطلبات السريعة، بدلاً من الانتظار لحين مرور القمر الاصطناعي فوق الأفق وتبادل الرؤيا مع محطة التحكّم الرئيسة


المصادر:


1. نشرات متخصصة صادرة عن المركز الوطني لأبحاث الفضاء CNES الفرنسي بتواريخ مختلفة.-بالمناسبة كانت هناك قناة فضائية تابعة لهذا المركز على قمر هوتبيرد لا ادري ترددها الحالي الان-
2. نشرات متخصصة صادرة عن شركة EADS Astrium بتواريخ مختلفة.
 
صراحة شئ في غاية التطور و التكنلوجية
 
عودة
أعلى