– الحلقة الثالثة -
من كتاب " في قلب العاصفة : سنواتي في الـ "
سي.آي. إيه CIA
ألمؤلف
جورج تينيت المدير السابق
لوكالة المخابرات الأمريكية ..
من كتاب " في قلب العاصفة : سنواتي في الـ "
سي.آي. إيه CIA
ألمؤلف
جورج تينيت المدير السابق
لوكالة المخابرات الأمريكية ..
أنا و زملائي ضحايا و لسـنا أبداً جناة
أسرار تأتى ... بعد دهور ... ليعرف الشعب المصرى والعربى ، ماذا كان يدور خلف ظهره ...
يحى الشاعر
يحى الشاعر
المصدر
http://www.el-wasat.com/details.php?id=2350
أنا و زملائي ضحايا و لسـنا أبداً جناة
المؤلف : جورج تينيت - المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية
في هذه الحلقة يشرح تينيت و بالتفصيل واقع الحال في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية " سي . آي . إيه " قبل و في بداية توليه قيادتها . و خطورة ما يقوله تينيت هنا هو أنه إعادة تفسير لأسباب عدم تفادي الأمريكيين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر ، و لكن من خلال رواية أول مسئول كبير له وزنه يخرج عن صمته و يتحدث .. و الأهم أنه كان وقت الهجمات المسئول الأول عن أكبر وكالة استخباراتية في العالم ، و أحد من أشارت إليه أصابع الاتهام كمرتكب لجريمة التقصير في منع الهجمات . و لنر سوياً ماذا يقول تينيت في كتابه .
أنا و زملائي في " سي .آي . إيه " ضحايــا و لسـنا أبداً جناة !!
ميزانيتنا لم تسمح إلا بتدريب 12 فرداً بينما كان بن لادن يجند الآلاف !!
ترجمة الأستاذ / مجدي كاملميزانيتنا لم تسمح إلا بتدريب 12 فرداً بينما كان بن لادن يجند الآلاف !!
في عالم مثالي كنت سأكون مستعداً جداً لأداء مهمتي كمدير للمخابرات الأمريكية علي أكمل وجه ممكن . كما كانت الوكالة لديها من الموارد ما يجعلها تضطلع بمهامها الخاصة بمواجهة حمى الإرهاب التي ستتصاعد فيما بعد عبر حدود العالم . و من الهجوم القاتل الذي تعرضت له ثكنات مشاة مشاة البحرية الأمريكية في بيروت عام 1983 ، إلي تفجير طائرة ركاب شركة بام أمريكان فوق لوكيربي باسكتلندا عام 1988 الرحلة رقم 103 ، إلي تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993 ، إلي هجوم آخر بالمتفجرات علي ثكنات عسكريين أمريكيين آخرين في منطقة الخبر بالظهران بالمملكة العربية السعودية .. في كل هذه الهجمات وجدنا بصمات حزب الله اللبناني و حركة حماس الفلسطينية و تنظيم القاعدة ، و آخرين . و عرفنا كيف أن الدول التي ترعي هؤلاء من ليبيا إلي العراق إلي إيران إلي أفغانستان .. عرفنا كيف تستخدم هذه الدول الراعية هؤلاء القتلة و المفجرين الإنتحاريين في حرب محمومة ضدنا نحن الأمريكيين و أصدقائنا و مصالحنا و مصالحهم في الخارج .
و صدقوني عندما أقول لكم هنا أننا لم يكن لدينا أدني شك أبداً في معرفة من هم أعداؤنا ، و لكن في العالم الذي كنا نعيش فيه ، في وكالة الـ سي آي إيه ورثت أشياء لم يكن من السهل علي الإطلاق تحملها .
ففي عام 1997 ، لم يكن للوكالة آلية عمل منتظمة ذات موارد تكفي لأداء مهامها ، كما لم تكن مؤسسة تدار وفق مفاهيم راسخة . و لو كانت كذلك كان الكثير من الأمريكيين سيتدافعون طمعاً في تولي قيادتها . و ربما تكون عملية إسناد المهمة بالنسبة لي في الحقيقة قد جاءتني علي سبيل الخطأ أكثر من أي شيء آخر .
و قد وصفتني إحدي الصحف عند تعييني مديراً لـ سي آي إيه بأنني اختيار غير مناسب لإدارة المكان " .
و نقلت صحيفة " نيويورك تايمز " عن مسئول لم تفصح عن اسمه قوله : لا أستطيع أن أرشح لكم أسماً أفضل من تينيت . و في ضوء التحديات التي تواجه الوكالة " لا أستطيع أن أرشح لكم اسماً علي الإطلاق " . و ربما تكون التايمز هي التي أعطت اسمي ما يستحق من بين الجميع .
عدد عملاء " أف . بي . آي " في نيويورك وحدها كان يفوق
عدد عملاء " سي .آي . إيه " فـي جميع أنحاء العالم !!
و عودة إلي ما كانت عليه الوكالة ساعة تعييني ، أقول أن أخطر مشكلة كانت تواجهها هي عدم استقرار قياداتها في أماكنهم لفترات كافية ، و بمعني تعدد القيادات في فترات زمنية قصيرة . و يكفي أنني كنت المدير الخامس للوكالة في سبع سنوات . و لا يمكن لأي شركة حتى أن تنجح مع تغيير أو تقلب قياداتها في مناصبهم علي هذا النحو . و لهذا فقد كانت هناك طريقة غريبة للتعامل مع الأوامر من جانب معظم كبار مسئولي الوكالة الذين تقع مكاتبهم في الدور السابع . هذه الطريقة مفادها : ما لم تكن راض عن الأمر الصادر إليك فقط انتظر لبرهة حتى يرحل الشخص الذي أصدر إليك هذا الأمر .
و مع ذلك فقد كانت المشاكل أعمق من أن تقتصر عند عملية تقلب القيادات . فأثناء التسعينيات كانت الحكمة التقليدية تقول أننا ربحنا الحرب الباردة و أنه قد حان الوقت لجني ثمار أو مكاسب السلام . و هذه الفرضية لم تكن فقط خاطئة – نظراً لأن سلطة إعلان الحرب - ببساطة - كانت تنسل من أيدي جيوش الدول النظامية ، لتكون بأيدي جيوش غير نظامية ، و من الصواريخ العبرة للقارات ، إلي مواد نووية بحوزة الأشخاص ، و حاويات مادة الجمرة الخبيثة ( أنثراكس ) – بل إن عملية جني " ثمار السلام " تلك كانت تنهار و تتلاشى أمام ضعف الأنشطة التجسسية نظراً لما كانت تعانيه الوكالة ، و في وقت كنا في أمس الحاجة القيام بهذه الأنشطة علي الوجده الأكمل .
لقد فقدت جميع الأجهزة الاستخباراتية و ليست " سي . آي . إيه " فقط مليارات الدولارات
التي كان من المفترض أن تضخ إليها كتمويل لأنشطتها ، و تم تقلص العمالة فيها لهذا السبب بنسبة 25 % تقريباً . . و لا يمكن أبداً أن تنجح أي مؤسسة عندما تقلص مواردها البشرية بهذا القدر . و أخطر ما في الأمر هنا هو اضطرارالوكالة لوقف تجنيد عناصر بشرية جديدة . و بهذا فقد حرمت الوكالة لمدة نصف عقد من الزمان ( 5 سنوات ) من انضمام عناصر موهوبة إليها ، في الوقت الذي تركتها فيه عناصر كثيرة جداً من أصحاب الخبرة و الكفاءة .
أخطأ رؤساؤنا عندما استرخوا بعد الحرب الباردة و نسوا
أن الحرب أصبحت بأيدي جماعات جيوش غير نظامية !!
و حتى أبين عمق المحنة سأضرب مثالاً بما حدث في عام 1995 ، عندما كنت نائب مدير سي آي إيه . ففي الوقت الذي كنا نعقد فيه دورة تدريبية للعملاء الجدد من جامعي و سارقي المعلومات ، كان عدد من يتلقوا الدورة عبارة عن 6 " ضباط ميدانيين " - تعبير نطلقه عن نساء و رجال الوكالة الذين يقومون بتجنيد العملاء الأجانب لسرقة المعلومات – و 6 ضباط مخبرين " – تعبير يشير إلي لا يجمعون المعلومات بقدر ما يبلغون عما جمعه المكلفون بذلك – و لا يمكن أن تدار وكالة و في دورة كهذه يكون عدد المتدربين صغير هكذا . و يكفي أننا في الوقت الذي كنا ندرب فيه هذه الحفنة سنوياً ، كان تنظيم القاعدة يدرب ألاف الإرهابيين الجدد في معسكراته في أفغانستان و السودان و أماكن أخرى .
و حتي لو كانت لدينا في منتصف التسعينيات الأموال ، و الإرادة ، و الدعم السياسي ، للنهوض ببرامج تدريبنا ، فإننا كنا سنفتقر مع ذلك إلي البنية التحتية الازمة لمؤازرة مثل هذه البرامج . و في الوقت الذي تدهور فيه مستوى برامج تدريباتنا ، كانت الدورات الخاصة بها تجري في مبان تنتمي لزمن الحرب العالمية الثانية ، أما أماكن إعاشة مدربيناا و عائلاتهم كانت أسوأ حتى مما عليه الحال عندما يتم نشرهم للعمل في دول نامية . و لم يكن أفضلنا و أكفأنا و أكثرنا ألمعية في هذا الصدد يكلف نفسه بتعليم ضباط المستقبل . كما كانت برامج تجنيدنا أيضاً تترنح . و يكفي أن كل إدارة من إدارات الوكالة كانت لديها برامج تجنيدها الخاصة بها ، مع ضعف مستويات التنسيق الواجبة مع الإدارات الأخري في هذا الصدد ، أو عدم وجود تنسيق من أي نوع علي الإطلاق .
و بالإضافة إلي ذلك ، فقد كانت قدرتنا علي تحليل المعلومات قد تآكلت و وصلت إلي مستو ينذر بالخطر .فقد ترك محللينا من أصحاب الكفاءات ، و المتمرسين في مجال تحليل المعلومات الخاصة بقضايا و مشكلات و مناطق جغرافية معينة مواقعهم الميدانية و تحولوا لمديرين .. و هناك في عالم الجاسوسية و الاستخبارات ما يعرف بـ " مبدأ بيتر " و يقول : أفضل المحللين عادة ما لا يكونوا أفضل المديرين !
و في ضوء كل هذا ، فإنه لم يكن من المثير للدهشة أن تجد معنويات العاملين بالوكالة و قد أصبحت في الحضيض . و لا تزال الـ " سي . آي . إيه " تئن من جراء عمليات التجسس عليها من جانب ضابطين موثوق بهما من رجالها هما الدريتش إيمز في عام 1994 ، و هارولد نيكلسون في عام 1996 ، و اللذين خانا بلديهما و زملائهما ببيعهم أسرار خطيرة للروس . كما تعرضت الوكالة لانتكاسة من جراء الادعاءات الكاذبة من أن بعض أفرادها قد تورطوا في بيع كوكايين للأطفال في كاليفورنيا . و رغم كذب الادعاءات إلا أن محاولة دحضها قد جعلت للدخان المتصاعد من هذه القصة السخيفة أرجلاً !
في الوقت نفسه ، كان مسئولو الوكالة من الصف الأول و الثاني يعيشون حالة من الخوف إزاء احتمالات استدعائهم أمام الكونجرس أو المحكمة للدفاع عن أفعالهم . و الغريب أن الإدارات المتعاقبة كانت تطلب منهم إظهار قدر من المخاطرة و الإقدام ، و لكنها تتخلي عنهم عند وقوع خطأ ما ، و تتركهم وحدهم يواجهون الإهانة و الإذدراء . و الفصل و العقاب المالي .
تكنولوجيا المعلومــات مرت علينا
مرور الكرام دون أن نستفيد منها !!
مرور الكرام دون أن نستفيد منها !!
هناك أمر آخر يتعلق بتكنولوجيا المعلومات التي كانت تفتقر إليها الوكالة ، حتي أن الأدوات المعلوماتية التكنولوجية التي كان ضباطنا يستخدمونها تعود إلي منتصف القرن العشرين ، أكثر مما خرج به علينا القرن الواحد و العشرين من منتجات تكنولوجية في هذا الصدد مرت علينا للأسف مرور الكرام !
و فوق كل ما سبق ، يمكن القول أن الوكالة كانت تفتقر إلي استراتيجية واضحة و متفاهم عليها و مبنية علي أسس سليمة . فلم تكن هناك خطة طويلة الأمد متكاملة و متماسكة و متناغمة . و كان إيجاد مثل هذه الاستراتيجية بالنسبة لي مسألة أساسية . لذا ن كان ذلك هو شغلي الشاغل منذ أول يوم لي في منصبي الجديد كمدير للوكالة .
و الحقيقة أنني كنت قد بدأت في تقييم عمل الوكالة و رصد سلبياتها و ما تعانيه من معوقات قبل تعييني مديراً لها بكثير ، و بالتحديد قبل عامين عندما كنت أعمل في منصب نائب المدير ، ثم عملي كمدير بالإنابة . و بعد أن أصبحت مديراً لم يعد بمقدوري الاختباء خلف مديري أو رئيسي في العمل ، لأنني لم أعد نائباً .
و قد أدركت أن أهم شيء لا بد من البدء به كمدير هو استعادة الوجه الإنساني للوكالة .. التزام القادة بالإنصات و الاهتمام بكل العاملين تحت رئاستهم ، و ليس فقط أولئك الذين يحتلون المناصب الكبري . و قد تعلمت أن أعمل بحكمة أبي : " عندما تهتم بالناس ستجد الناس يهتمون بك " .
و كان أول ما فعلته هو تشكيل هيكل قيادي يحظى بثقة كل هؤلاء العاملين . و لم أجلب من الخارج إلا العدد القليل ، فقد كانت رسالتي لمن في الوكالة هي : من يساعدنا علي أداء ما نريد و سنجده في المكان الذي نحتاج إليه فيه سيبقى بيننا .
وكالة لا يعيش لها مديرون و كانت القاعدة
لا تنفذ الأمر فالمدير حتماً سيرحل قريباً !!
لا تنفذ الأمر فالمدير حتماً سيرحل قريباً !!
و حتي أوثق علقة وكالتي بالعسكريين ، استعنت بالجنرال جون جوردون من سلاح الجو الأمريكي ليكون نائبي .
و لتدعيم إدارة العمليات قمت بالاستعانة بضابط عبقري متقاعد هو جاك داونينج ، الذي خدم في موسكو و بكين و، و أعطت عملية استدعائي له إشارة قوية إلي أننا بدأنا نعود من جديد للأسس المهمة و اللازمة لعمليات الكشف عن الأسرار و التي لا غنى عنها لحماية أمتنا .
و قمت بتعيين جون ماكلوغلين ، الذي أمزح معه دائماً بقولي إنه أكثر الرجال أناقة في أمريكا ، رئيساً لوحد تحليل المعلومات بإدارة الاستخبارات . و قد أضفي وجود جون قدراً من الأمانة و الجودة و المصداقية لعملية تحليلنا للمعلومات لطالما كنا نفتقد إليه . و علي فكرة جون يجيد أيضاً الألعاب السحرية و كانت موهبته في هذا المجال تجعله ساحراً عالمياً و كان يكنى بـ " مارلين " .
و لمنصب المدير التنفيذي للوكالة استعنت بـ ديف كاري الرئيس السابق لمركز مكافحة الجريمة و المخدرات بالوكالة .
و مع فريق قيادي تم الانتهاء من تشكيله و بدء عمله في عام 1997 ، ويتكون من هؤلاء و آخرين بعضهم من خارج الوكالة ، حدث أننا كنا نجتمع بأحد مباني الوكالة السرية غير البعيد عن واشنطون و قال شخص ما أننا كنا نقف علي رصيف ميناء مشتعل " . " و ما لم نسارع بالعمل لإطفاء الحريق ، فإن الوكالة ستغرق في البحر و جميعنا معها " . و كان تعبير " رصيف ميناء مشتعل " يعبر و بحق عن موقف الوكالة وقتذاك .
و بحلول ربيع عام 1998 ، كانت لدينا خطة – وثيقة أطلقنا عليها عبارة " المسار الاستراتيجي " و جزء رئيسي منها يحدد طبيعة و نوعية و مستوى الضباط الذين نحتاج لوجودهم بالوكالة بحلول عام 2010 .
و في السادس من مايو وقفت أمام 500 من العاملين بالوكالة لأحدثهم عن " الرصيف المشتعل " بينما شاهدني ألاف آخرين من خلال دائرة تيلفزيونية مغلقة و قد تشكك كثيرون فيما سمعوه مني ، و كانت لهم مبرراتهم بالطبع . فعلي أية حال لقد شهد معظمهم قيادات كثيرة تأتي و تذهب ، فمن أين لهم أن يعرفوا أنني سأستمر في عملي ؟
و أخذت أحدثهم عما أفعله لتصحيح الأوضاع في الوكالة ، و محاولة ضخ المزيد من الأموال إلي خزينتها ، و خاصة لمواجهة تعاظم أعباء مكافحة الإرهاب .
و لكن مع نهاية عام 1998 طالبت الإدارة الأمريكية بزيادة مخصصات الوكالة المالية بمبلغ يزيد عن ملياري دولار سنوياً و علي مدي السنوات الخمس التالية ، و لكن لم تمنحنا سوي جزء ضئيل من هذه الزيادة .
و لذلك فقد شعرت بأن نقص مواردنا المالية قد أحبطنا مما دفعني للجوء لحلقة قياداتي الخاصة .
فمع أنني كنت مجرد ضابط حكومي في إدارة الرئيس بيل كلينتون الديموقراطية ، إلا أنني كنت قد وطدت علاقتي بـ نويت جينجريتش الجمهوري الذي كان في ذلك الوقت رئيساً لمجلس النواب ، الذي كان مؤمناً بأن المخابرات في حاجة إلي دعم . و بفضل نويت ، و من خلال تمريره مخصصات إضافية للوكالة عبر الكونجرس ، في السنة المالية 1999 ، تم منحنا و للمرة الأولي زيادة ملحوظة في عملية تمويلنا .
و قد أدي تحالفي الـ " الخارج عن النص " مع رئيس المجلس الجمهوري إلي انقلاب بعض أعضاء إدارة كلينتون ضدي .
و لتدعيم إدارة العمليات قمت بالاستعانة بضابط عبقري متقاعد هو جاك داونينج ، الذي خدم في موسكو و بكين و، و أعطت عملية استدعائي له إشارة قوية إلي أننا بدأنا نعود من جديد للأسس المهمة و اللازمة لعمليات الكشف عن الأسرار و التي لا غنى عنها لحماية أمتنا .
و قمت بتعيين جون ماكلوغلين ، الذي أمزح معه دائماً بقولي إنه أكثر الرجال أناقة في أمريكا ، رئيساً لوحد تحليل المعلومات بإدارة الاستخبارات . و قد أضفي وجود جون قدراً من الأمانة و الجودة و المصداقية لعملية تحليلنا للمعلومات لطالما كنا نفتقد إليه . و علي فكرة جون يجيد أيضاً الألعاب السحرية و كانت موهبته في هذا المجال تجعله ساحراً عالمياً و كان يكنى بـ " مارلين " .
و لمنصب المدير التنفيذي للوكالة استعنت بـ ديف كاري الرئيس السابق لمركز مكافحة الجريمة و المخدرات بالوكالة .
و مع فريق قيادي تم الانتهاء من تشكيله و بدء عمله في عام 1997 ، ويتكون من هؤلاء و آخرين بعضهم من خارج الوكالة ، حدث أننا كنا نجتمع بأحد مباني الوكالة السرية غير البعيد عن واشنطون و قال شخص ما أننا كنا نقف علي رصيف ميناء مشتعل " . " و ما لم نسارع بالعمل لإطفاء الحريق ، فإن الوكالة ستغرق في البحر و جميعنا معها " . و كان تعبير " رصيف ميناء مشتعل " يعبر و بحق عن موقف الوكالة وقتذاك .
و بحلول ربيع عام 1998 ، كانت لدينا خطة – وثيقة أطلقنا عليها عبارة " المسار الاستراتيجي " و جزء رئيسي منها يحدد طبيعة و نوعية و مستوى الضباط الذين نحتاج لوجودهم بالوكالة بحلول عام 2010 .
و في السادس من مايو وقفت أمام 500 من العاملين بالوكالة لأحدثهم عن " الرصيف المشتعل " بينما شاهدني ألاف آخرين من خلال دائرة تيلفزيونية مغلقة و قد تشكك كثيرون فيما سمعوه مني ، و كانت لهم مبرراتهم بالطبع . فعلي أية حال لقد شهد معظمهم قيادات كثيرة تأتي و تذهب ، فمن أين لهم أن يعرفوا أنني سأستمر في عملي ؟
و أخذت أحدثهم عما أفعله لتصحيح الأوضاع في الوكالة ، و محاولة ضخ المزيد من الأموال إلي خزينتها ، و خاصة لمواجهة تعاظم أعباء مكافحة الإرهاب .
و لكن مع نهاية عام 1998 طالبت الإدارة الأمريكية بزيادة مخصصات الوكالة المالية بمبلغ يزيد عن ملياري دولار سنوياً و علي مدي السنوات الخمس التالية ، و لكن لم تمنحنا سوي جزء ضئيل من هذه الزيادة .
و لذلك فقد شعرت بأن نقص مواردنا المالية قد أحبطنا مما دفعني للجوء لحلقة قياداتي الخاصة .
فمع أنني كنت مجرد ضابط حكومي في إدارة الرئيس بيل كلينتون الديموقراطية ، إلا أنني كنت قد وطدت علاقتي بـ نويت جينجريتش الجمهوري الذي كان في ذلك الوقت رئيساً لمجلس النواب ، الذي كان مؤمناً بأن المخابرات في حاجة إلي دعم . و بفضل نويت ، و من خلال تمريره مخصصات إضافية للوكالة عبر الكونجرس ، في السنة المالية 1999 ، تم منحنا و للمرة الأولي زيادة ملحوظة في عملية تمويلنا .
و قد أدي تحالفي الـ " الخارج عن النص " مع رئيس المجلس الجمهوري إلي انقلاب بعض أعضاء إدارة كلينتون ضدي .
لجأت لرئيس مجلس النواب الجمهوري لدعم وكالتي
فانقلب علي بعض أفراد إدارة كلينتون الديمقراطية !!
فانقلب علي بعض أفراد إدارة كلينتون الديمقراطية !!
و رغم أن الرئيس كلينتون كان بصفة عامة داعماً و مسانداً لمهمتنا إلا أن التمويل اللازم لم يكن مع ذلك يأتينا . و للأسف فإن معظم الأموال الإضافية التي حصلنا عليها عام 1999 كانت لسنة واحدة فقط و لم تستمر في السنوات اللاحقة .
و قد قمت أولاً بافتتاح مكتب تجنيد مركزي و استطعنا معه و مع بعض الأموال التي توفرت تجنيد أعداد جيدة من العملاء ، ثم قمت بالتركيز علي التنوع العرقي للعملاء ، و احترام مبدأ التباين بين العاملين من حيث أصولهم ، عكس ما كان يحدث فيما سبق . و لي يعود الفضل أيضاً في تعظيم محصلة العمل الميداني . و كذلك قمت بالارتقاء بعملية تحليل المعلومات ، و أشعت أجواء الاستقرار في الوكالة ، و قمت في شهرمارس عام 2001 بتعيين إيه . بي . كرونجارد و كنا نناديه " بزي " مديراً تنفيذياً للوكالة ، و شهد الجميع بكفاءته العالية ، و مساهماته الكبيرة في إدارة الوكالة إدارياً ، و مع الوقت لم يعد العاملون مضطربون لاحتمال رحيل قيادتهم عنهم في أية لحظة. كما استعنا بشركات خاصة لتطوير تقنياتنا ، من خلال ما توفر لنا من أموال .
و قد قمت أولاً بافتتاح مكتب تجنيد مركزي و استطعنا معه و مع بعض الأموال التي توفرت تجنيد أعداد جيدة من العملاء ، ثم قمت بالتركيز علي التنوع العرقي للعملاء ، و احترام مبدأ التباين بين العاملين من حيث أصولهم ، عكس ما كان يحدث فيما سبق . و لي يعود الفضل أيضاً في تعظيم محصلة العمل الميداني . و كذلك قمت بالارتقاء بعملية تحليل المعلومات ، و أشعت أجواء الاستقرار في الوكالة ، و قمت في شهرمارس عام 2001 بتعيين إيه . بي . كرونجارد و كنا نناديه " بزي " مديراً تنفيذياً للوكالة ، و شهد الجميع بكفاءته العالية ، و مساهماته الكبيرة في إدارة الوكالة إدارياً ، و مع الوقت لم يعد العاملون مضطربون لاحتمال رحيل قيادتهم عنهم في أية لحظة. كما استعنا بشركات خاصة لتطوير تقنياتنا ، من خلال ما توفر لنا من أموال .
بنيت أساس الوكالة من جديد و 4 من طوابقها الـ7
تجاوزت حد الكمال و الوقت لم يمهلني لاستكمال ما بدأته !
تجاوزت حد الكمال و الوقت لم يمهلني لاستكمال ما بدأته !
و في شهادتي أمام الكونجرس قبل أن أترك منصبي في عام 2004 ، قلت إننا في قمنا بتخريج أكبر عدد شهدته أمريكا في تاريخها من العملاء السريين المدربين علي أعلي المستويات ، و لكنني أوضحت في شهادتي أننا ما زلنا في حاجة إلي 5 سنوات أخري لكي نصل بقطاع العملاء السريين للوكالة إلي المستوى الذي نريده . فعندما تكون الوكالة قد عانت عقداً كاملاً من الإهمال و التجاهل فإنك تكون في حاجة لفترة أطول من الزمن لكي تنتشلها مما هي فيه .
و إذا سألتني عن المحصلة النهائية ، أستطيع أن أقول لك لقد قمت من جديد ببناء أساس الوكالة و الطوابق الأربعة الأولي من طوابقها السبعة .. لقد كنا أكثر من رائعين ، أو بمعنى آخر تجاوزنا حد الكمال .
لقد حققنا تقدماً ، و بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، و حصولنا علي ما كنا نطالب به من اهتمام و دعم ، بدأنا نجني ثمار ما كنا نخطط له قبلها ، و لكن الأزمات الدولية المتصاعدة لم تكن لتنتظرنا حتى نستكمل ما بدأناه .
انتظرونا في الحلقة القادمة غداً