فيلم وثائقي عن آراء المسلمين يعزز الحوار بين الأديان
واشنطن – ليس كل يوم يرى الأميركيون توزيع المصاحف في كنيسة. هذا إلا إذا كانت هذه الكنيسة، وهذا ما كان الحال فعلا، تستضيف حوارا بين الأديان من أجل تعزيز فهم أعمق للمسلمين في جميع أنحاء العالم.
ففي 28 شباط/فبراير، استضافت كنيسة الثالوث المقدس المشيخية في أرلينغتون بولاية فرجينيا حوارا بين الأديان وعرضا لفيلم وثائقي بعنوان "داخل الإسلام: ما يعتقده حقا بليون مسلم." يوثّق الفيلم مشروعا قامت به منظمة غالوب على مدى ست سنوات لعرض آراء المسلمين في شتى أنحاء العالم تجاه الغرب، والديمقراطية، والعدالة، والإرهاب، وقضايا الفروق بين الجنسين.
وقال منظمو الحدث إنه في حين أنه تم عرض الفيلم في العديد من المجتمعات المحلية الأميركية، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها جزءا من حوار بين الأديان. وبروح من الرغبة في معرفة المزيد عن المسلمين، اكتظت الكنيسة إلى أقصى طاقتها مساء أحد أيام الأحد بالأميركيين من مختلف الخلفيات والمشارب الدينية، سواء الذين يقيمون منهم في الخارج أو الذين يسكنون بجوار الكنيسة.
وفيلم ما يعتقده حقا بليون مسلم هو جزء من حملة 20 ألف حوار، وهي مبادرة لمؤسسة يونيتي برودكشنز للإنتاج "تهدف إلى جمع الناس من مختلف الأديان معا باستخدام أفلام عن المسلمين لتحفيز النقاش وتعزيز التفاهم".
وإلى جانب مؤسسة يونيتي برودكشنز وكنيسة الثالوث المقدس، فقد استضاف الفعالية أيضا مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)، ومؤسسة الآباء بوليست، ومؤسسة فيث أكت فيلوز، والشبكة التفاعلية الأميركية الإسلامية.
فالحوار بين الأديان ينسجم مع أهداف الشبكة التي تتضمن تشجيع الناس على التفكير في إيجاد طرق بديلة لمناقشة العقيدة/الدين تقوم على الاحترام. وأبلغ مؤسس الشبكة ورئيسها حزامي بارمادا موقع أميركا دوت غوف أن تركيز الفيلم على القضايا السياسية يحفز الحوار بين الناس من مختلف الأديان.
وقال إن "الفيلم له بعد سياسي من حيث أنه يتحدث عن التصورات التي يحملها المسلمون عن غيرهم والتصورات التي يحملها غيرهم نحوهم، التي هي في صميم المناقشات السياسية. وقد أبرز الفيلم وما تلاه من نقاش طبيعة ماهية دبلوماسية المعتقد على المستوى المحلي والدولي."
وقد أتيح للحضور متسع من الوقت للمناقشة بعد العرض. فقد طرح الفيلم الذي تبلغ مدته 60 دقيقة أسئلة على المسلمين تعتبر مثار قلق للكثير من الأميركيين، بما في ذلك سبب وجود المشاعر المعادية للولايات المتحدة في العالم الإسلامي، والأشياء التي يحبها المسلمون ويكرهونها حول الغرب، وكيف يشعر المسلمون حيال المتطرفين في مجتمعاتهم وماذا تريد المرأة المسلمة حقا.
وبعد عرض الفيلم قسم منظمو الحدث الحضور إلى مجموعات للمشاركة في إجراء حوار بين الأديان. وناقشت المجموعات، التي جرت تحت إشراف أشخاص على دراية بهذا الفيلم ومعرفة واسعة بالعالم الإسلامي، الفيلم وسبل سد فجوة التفاهم بين المسلمين والولايات المتحدة.
ولكن بارمادا يقول إنه في بعض الأحيان من الصعب التحدث إلى الناس إذا كانت لديهم أجندة (مسبقة). إذ إنهم بدلا من الرغبة في مناقشة الدين، يحاولون إقناع الآخرين بوجهة نظرهم. وأضاف أنه لا يوجد خطأ أو صواب أو حق أو باطل في الحوار بين الأديان: فالهدف هو تبادل الأفكار لكسب الاحترام المتبادل.
وقال كريغ كامبل من واشنطن إن المشاركة في الحوار بين الأديان هي أمر هام بالنسبة للأميركيين المسلمين وغير المسلمين.
وأوضح كامبل "أن مثل هذه الفعاليات جيدة بالنسبة لشخص عامل عادي نظرا لأنها تجعله يتفكر في أمور لا يتفكر فها عادة"، مشيرا إلى أن مثل هذه الفعاليات مفيدة للمسلمين لأن الناس من خلفيات مسيحية يمكن أن يتعلموا منها."
وقد وافق أحمد بدوي من مدينة ألكزاندريا بولاية فرجينيا كامبل الرأي قائلا "إن العديد من الناس جاءوا إلى هنا وتعلموا الكثير من بعضهم البعض، ومن الناس من جميع الأديان. فأنا لدي الكثير الذي يمكن أن أقدمه، كوني درست الإسلام، وأود الدخول في حديث مع الناس والتعرف على أفكارهم."
وقال بدوي وكامبل إن الفيلم أعجبهما وأنهما يريان أنه يتعين أن يشاهده المزيد من الناس. وقال كامبل إن هذا عائد لزعماء الكنيسة والمجتمع المحلي الذين ينبغي عليهم أن يستضيفوا عروضا للأفلام ويشجّعوا المناقشات بين الأديان التي تلي ذلك.
ويفيد موقع 20 ألف حوار أن الشخص أو المنظمة التي تود عرض فيلم ما واستضافة حوار بعد ذلك، تحتاج إلى مالا يقل عن ثلاث منظمات شريكة من منظمات المجتمع المدني للمساعدة في التمويل والدعاية والدعم اللوجستي.
ولكن ليس كل الذين حضروا هذه الفعالية كانوا راضين عن فيلم "داخل الإسلام: ماذا يعتقد بليون مسلم" كنموذج يحتذى به للمناقشة. أحد الانتقادات تمثل في أن الفيلم كان قصيرا جدا بحيث أنه لم يتمكن من تغطية كافة البيانات من استطلاع معهد غالوب. وتمثل آخر في أن الفيلم كان يجب أن يركز أكثر على المسلمين الأميركيين، وبدرجة أقل على المسلمين الذين يعيشون خارج الولايات المتحدة.
وكما قال أحد المشاركين، "هؤلاء الناس هم جيراني، وأنا أريد أن أعرف بماذا يفكرون."
في ختام الحوار بين الأديان، أكد الإمام جوهري عبد الملك من مسجد دار الهجرة في مدينة فولز تشيرش بولاية فرجينيا على أهمية ما تعلمه الحضور بالتحدث إلى بعضهم البعض حول المسائل المتعلقة بالإيمان.
وقال عبد الملك مذكرا المشاركين بألا ينسوا الدروس المستفادة من الفعالية "إننا يجب أن نستخدم قوة الرحمة والبدء في تعلم كيف نحب بعضنا البعض، ونفهم أن هذه قوة عظمى. وإن عليكم أن تتذكروا هذا المساء عندما بدأتم بالأقوال أن عليكم أن تقرنوها أيضا بالأفعال حين تغادرون هنا."