العمليات النفسيه(الحرب النفسيه) والعمليات العسكريه

mohammed bassam

رزانة العقل
صقور الدفاع
إنضم
6 يوليو 2008
المشاركات
4,769
التفاعل
113 0 0
شهد العالم خلال هذا القرن، طفرات وثورات تكنولوجية هائلة، سواء في مجالات، الاتصال والمعلومات، أو نُظُم التسليح، واكبتها تطورات بالغة الأهمية والخطورة في مجال العلوم الإنسانية، خاصةً فيما يتعلق بالظواهر السلوكية (اجتماعيه ـ نفسية ـ سياسية )، سواء في النظرية أو التطبيق، والتي تعني، بشكل محدد، استغلال نتائج ومردود ذلك التقدم وتوظيفه لمصلحة مفاهيم تطبيق العلوم المتعلقة بالظواهر الإنسانية والسلوكية وأُسُسها ووسائلها وأساليبها، والتي من أبرزها المفهوم الشامل للعمليات النفسية.
وإذا كان من أهم سمات التقدم العلمي والتكنولوجي وطبيعته، إلقاء أعبائها الثقيلة على عقل وفكر القادة والزعماء والعامة وآرائهم، مما يتولد عنها تصاعد الضغوط الذهنية وتناميها على الأفراد والجماعات تقوى فيه التوترات وترتفع طموحات البشر فتنشأ بؤر لتفجر الأزمات والصراعات العسكرية وآلياتها التنفيذية والتي من أهمها العمليات النفسية.
وقد أضحى، ونحن على مشارف القرن الحادي والعشرين، أن مدى التقدم العلمي والحضاري لدول العالم قد أصبح يقاس بما توفره هذه الدول من عناية وتوازن وقدرة على مواجهه وإدارة أنشطتها ومشاكلها وأزماتها من خلال تطبيق المناهج العلمية والدراسات الموضوعية مع الملاحظة والمراقبة المستمرة لسلوك أفرادها والعمل على فهمه وتفسيره في محاولة للتنبوء به، ومن ثم، توجيهه والتحكم فيه والسيطرة عليه (تأمينه نفسياً) تحقيقاً لأهدافها وغاياتها القومية وهو أحد محاور العمليات النفسية وأهدافها، بمفهومها الشامل، الذي أكدته وأفرزته نتائج الحروب الحديثة بدءاً من الحرب العالمية الأولى والثانية وأكتوبر 73، ومروراً بحرب الفوكلاند، وأخيراً نتائجها الرهيبة في حرب تحرير الكويت 1990 ـ 1991.
ومن الثوابت اللافتة للنظر، أن القادة العسكريين على مر العصور، وكافة المستويات، يضعون العامل والعمليات النفسية كبُعد جديد وقوى خامسة (برية ـ بحرية ـ جوية ـ د جو ـ نفسية)، في ميادين الحرب، يتم التخطيط والتطوير في استخدامها لسرعة حسم العمليات العسكرية والمعارك والوصول إلى النصر النهائي بأقل القليل من الخسائر البشرية.
وإذا كان الدارسون والباحثون في مجالات، الأمن القومي والإستراتيجية القومية، يركزون، دائماً، بل يركنون، غالباً، إلى تقييم عناصر قوى الدولة الشاملة، من وجهه نظر الإستراتيجية الأمريكيـة ، فقد عبَّر عنها أفلاطون، كذلك، في مقولته عن الروح المعنوية: "إن أسوار المدينة لا تبنيها الحجارة ". إذ يشير إلى أن الإرادة والروح المعنوية العالية، هي الدافع والحافز للإنسان للبناء وليس الجماد.
وهنا، يجب ألا نغفل عن المعادلة الإلهية لقوى الدولة الشاملة، التي تجلت في قوله تعالى، في سوره "الأنفال": ]وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ[ (سورة الأنفال: الآية 60)، فهي توجيه وتعريف إلهي متكامل الأركان بمفهوم العمليات النفسية الشاملة لِمَا له من تأثير فعال ومباشر على باقي قوى الدولة وهو ما يعني أهمية التوصيف المتكامل والشامل للقوى النفس معنوية (عمليات نفسية) لدعم باقي القوى ومعاونتها في تحقيق أهدافها وغاياتها في مجابهة الأعداء وآخرون (أصدقاء ـ حلفاء ـ محايدون) لتنمية وتعظيم مشاعر الخوف لديهم.
إن العمل النفسي يحمل معنى قديم، فقد لجأ إليه كثير من عظماء القادة السياسيين والعسكريين والزعماء على مر العصور، إما بشكل فطري عفوي، غير مدرك لمواجهه موقف محدد صعب، لتغييره لمصلحته، أو كأحد قدرات وسمات نظرية الرجل العظيم نتيجة محدودية الإمكانيات المادية عن بلوغ أهداف وطموحات تلك الزعامات واستخدمت فيه الوسائل والإمكانيات والأفكار غير المألوفة في ذلك الزمان، إذ استخدمت الخداع والمفاجأة وغيرها.
أمّا المفهوم الحديث للعمل النفسي، فهو يُعالج موضوع مستمر مخطط أكثر شمولاً واتساعاً. فهو يتضمن كل عمل يسعى إلى التأثير على أفكار ـ آراء ـ اتجاهات ـ انفعالات وعواطف الفرد والجماعات لتوجيه سلوكه/ سلوكياتهم، التوجه المطلوب والذي يندرج تحته كل الأنشطة المسؤولة عن التأثير على الرأي العام الداخلي والخارجي، ومسؤولي ومؤسسات متخذي القرار في الدول والمنظمات الدولية المخططة وهو مفهوم يستوعب، كذلك، كل المؤسسات التي تعمل في إطار المؤسسات الإعلامية المتنوعة وعديد من مؤسسات نُظم الحكم مثل الخارجية والدفاع والاستخبارات وغيرها إن اقتضت الحاجة.
وانطلاقا من هذا المفهوم الواسع الشامل، وإدراكا لأهمية وفاعلية العمليات النفسية، صعَّدت الدول المتقدمة العمل النفسي إلى مستوى الأمن القومي من منظوره الشامل، واعتبرت القدرات النفسية إحدى ركائز وقدرات الدولة الشاملة، وهي بذلك، عظمت أهمية وضع سياسات وإستراتيجيات نفسيه لتحقيق الأهداف والغايات القومية والمحافظة على المصالح خارج حدودها القومية بالتنسيق مع باقي السياسات والإستراتيجيات التخصصية الخارجية، والداخلية والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية إدراكاً منها بقدرة العمل النفسي على استيعاب التطورات العملية والمتغيرات العالمية حتى صارت تمثل بعداً مهماً في مفهوم الأمن القومي الشامل لا يمكن إغفاله.
وتأسيساً على ما سبق، يتضح دور العمليات النفسية وأهميتها، سلماً وحرباً، إذ توجه وتشن للحليف والصديق، المحايد والمعادي، وأن هذه الأهمية في الحقيقة ما هي إلاَّ أحد التداعيات التي تميز النظام العالمي الجديد وتتطلب التكامل والشموليـة سواء في الحرب أو السياسة أو الاقتصاد. ولا تقتصر على طرف دون الأخر، من خلال كونها تمثل إحدى الآليات الرئيسية في إدارة الأزمات بين أطراف الصراع بل ونؤكد على أنه قد صار التوسع في استخدام وسائلها وطرقها وأساليبها المختلفة وعلى كافة المستويات لدعم وتحقيق الغايات والأهداف القومية للدول من أهم سمات النظام العالمي للحصول على دور مؤثر ومتميز يحقق غاياتها وأهدافها.
وفى المقابل، فإن عدم الاهتمام أو تبني هذا البُعد الرهيب أو ما يُطلق عليه السياسة النفسية للدولة وتحديد وتقنين علاقاتها وباقي السياسات الإستراتيجية التخصصية للدولة سيؤدي، حتماً، إلى التأثير السلبي لقوى الدولة الشاملة (سياسية ـ اقتصادية ـ عسكرية)، من جهة، وإلى حدوث هزات عنيفة في المجتمعات، السياسية والداخلية والعسكرية، للدولة على المستوي المحلي، أو الإقليمي والدولي من جهة أخرى وهو ما تعلن عنه بكل وضوح تطورات الأزمات المشتعلة، حالياً، (الخليج ـ سلام الشرق الأوسط ـ الردع النووي المتبادل بين الهند وباكستان). وهناك، دائماً، في الأزمتين الأولى والثانية، طرف يُخطط ويدير آلية العمليات النفسية والطرف الأخر يعتمد على توجيهات القيادة السياسية، والاعتماد على القدرة الأكاديمية في الرصد والتحليل وتقديم مقترحات للرد. أمّا في الأزمة الثالثة، الردع النووي، فيُشير الرصد الموضوعي لتطورات مراحل الأزمة إلى الاستخدام العلمي الشامل للقوى النفسية بموضوعية وخبرة عملية، من قِبل طرفَي الصراع، وهو ما يؤكد على تحقيق أطراف الأزمة لأهدافها، من دون تصعيد آخر مع نجاحها في تحجيم أي تدخل خارجي.
مصطلحات العمليات النفسية
يعتبر مصطلح العمليات النفسية هو الأشهر والأكثر تداولاً بين المصطلحات المستخدمة في بحث هذا الموضوع، ولكننا قد نجد في المراجع والدراسات والبحوث التي تناولت هذا الموضوع مصطلحات أخرى شاعت عند الحديث عن الصراع الأيديولوجي الذي يسود العالم اليوم. وفيما يلي بعض من هذه المصطلحات:
أ. الحرب الباردة.
ب. حرب الأفكار.
ج. النضال من أجل الحصول على عقول الرجال وإرادتهم.
د. الحرب من أجل السيطرة على عقول الرجال.
هـ. حرب الفكر.
وهذه المصطلحات الخمس وظيفية، تصف دور العمليات السيكولوجية في العلاقات الدولية وهي عمليات ديناميكية فعلاً. ويبدو أن مجال الحرب الباردة أوسع، فهناك افتراض أن الحرب الباردة تشن بكل الوسائل باستثناء العمل العسكري الهجومي المباشر الضخم.
و. الحرب الأيديولوجية أو العقائدية. وهي تصف الجانب الأيديولوجي من هذا النشاط، وقد يكون لها معنى وظيفي ينطبق على الصراع بين العالم الشيوعي والعالم الغربي، ومعنى منهجي يشير إلى التكتيكات المستخدمة لمواجهة هذا الصراع.
ز. حرب الأعصاب. هو اصطلاح سيكولوجي ضيق، ونظراً لأنه ينطوي على زيادة التوتر بشكل متعمد، فإنه يقتصر عادة على المعلومات الموجهة ضد العدو في فترة الاشتباكات المباشرة.
ح. الحرب السياسية. وهذا أساساً اصطلاح بريطاني، استخدم لتأكيد فكرة وجود علاقة بين كل وسائل السياسة (مثل الدبلوماسية، الاقتصاد، السلاح... إلخ) في زمن الحرب، وهو يقترب من معنى الحرب السيكولوجية بمعناها الواسع.
ط. المعلومات الدولية.
ي. المعلومات عبر البحار.
ك. الحملة من أجل الحقيقة.
وهذه المصطلحات الثلاثة تنطبق على عمليات نشر الحقائق والمعلومات دولياً لمواجهة المعلومات المعادية.
ل. الدعاية الدولية.
م. الدعاية.
ن. الحرب الدعائية. وهذه تشير إلى استخدام الرموز، للتأثير على سلوك الجماهير حيال القضايا الدولية التي تختلف حولها وجهات النظر.
س. حرب الكلمات.
ع. العدوان غير المباشر. وهو اصطلاح واسع ينطوي على مفاهيم التخريب وقلب نظام الحكم، وأيضاٍ المعلومات والدعاية لأهداف عدوانية.
ف. التحريك أو الإثارة. هو اصطلاح سوفيتي أساساً، يستخدم لوصف الدعاية بين الجماهير العريضة لتمييز ذلك النشاط عن الدعاية الموجهة للصفوة.
ص. الاتصال الدولي. يستخدم إلى جانب معناه الفني الصرف للإشارة إلى من يقول ماذا وبأي تأثير في العلاقات الدولية.
العمليات النفسية في العمليات العسكرية
إن الهدف الرئيسي من استخدام العمليات النفسية في العمليات العسكرية هو إحداث تغيير في آراء وعواطف واتجاهات وسلوك الأفراد المعنيين بها. وتسهم أساليب العمليات النفسية المستخدمة من دعاية وغيرها في إنجاز مهام قائد العمليات العسكرية. وتستخدم العمليات النفسية في جميع مستويات العمليات العسكرية ـ المستوى الاستراتيجي والمستوى العملياتي، والمستوى التكتيكي ـ كما يُمثِّل استخدامها ضرورة قصوى في النزاع منخفض الشدة والنزاع متوسط الشدة والنزاع عالي الشدة
tr.gif
Fig01.jpg
ففي المستوى الاستراتيجي من العمليات العسكرية تُستَخدم العمليات النفسية لاستغلال مواطن ضعف حكومات وقوات ومواطني الدول الأجنبية لتحقيق أهداف متوسطة المدى كمحاولة إقناع العدو بعدم مقدرته على تحقيق النصر أو ضرورة انسحابه من مسرح العمليات العسكرية. أما استخدام العمليات النفسية على المستوى التكتيكي في العمليات العسكرية فالغرض منه تحقيق أهداف مباشرة وقصيرة المدى ويتضمن استخدام العمليات النفسية على المستوى التكتيكي الوسائل المرئية أو المسموعة أو كليهما لإسناد الوحدات التكتيكية إسناداً مباشراً. وللاستفادة القصوى من وحدات وخبراء العمليات النفسية ينبغي أن يحرص قادة العمليات العسكرية على دمجهم ضمن منظومة اتخاذ القرارات العسكرية، وأن يتأكدوا من مقدرتهم على العمل في جميع ظروف القتال.
أولاً: تنظيم ومهام وحدات العمليات النفسية الميداني
قبل التعرف على الدور الذي تقوم به العمليات النفسية في إسناد العمليات العسكرية المختلفة ينبغي إلقاء الضوء على وحدات العمليات النفسية الميدانية والمنَفِّذة لمهام العمل النفسي من حيث التنظيم وطبيعة المهام المكلفة بها.
1. التنظيم
غالباً تتكون وحدة العمليات النفسية من العناصر الرئيسية التالية:
· عنصر المعلومات.
· عنصر الدعاية.
· عنصر مكبرات الصوت.
· عنصر التصوير (تلفزيوني ـ فوتوغرافي)
· عنصر المطبعة الميدانية.
· محطة الإذاعة التكتيكية.
· أطقم الاستجواب النفسي.
ويعتمد حجم عنصر العمليات النفسية الذي يساند العمليات العسكرية على التشكيل التكتيكي للقوة المسنودة
fig13.jpg

fig14.jpg


لتنظيم سرية وكتيبة عمليات نفسية في الجيش الأمريكي كمثال.
2. وظائف العناصر المكونة لوحدات العمليات النفسية الميدانية
أ. عنصر المعلومات
يقوم بجمع المعلومات من كافة المصادر وتوظيفها لصالح العمليات النفسية المستخدمة في إسناد العمليات العسكرية.
ب. عنصر الدعاية
ويقوم بوضع خطة الدعاية المستخدمة في الحملة النفسية الموجهة ضد العدو مستغلاً المعلومات المتوفرة لديه، مستخدماً كافة الإمكانات المتوفرة لوحدة العمليات النفسية.
ج. عنصر مكبرات الصوت
يقوم بإذاعة الأخبار وتوجيه التعليمات والأوامر المختلفة لأفراد العدو من خلال رسائل مختصرة، كما يقوم بتوجيه الإنذارات إلى ذيول المقاومة المعادية وحثها على الاستسلام. وقد تُوجَّه الأخبار والرسائل باستخدام مكبرات الصوت المحمولة على عربات أو دبابات أو حوامات.
د. عنصر التصوير (فوتوغرافي ـ تلفزيوني)
يقوم بتصوير كافة مراحل المعركة وإبراز مظاهر الانتصارات، وكذا مظاهر هزائم العدو.
هـ. عنصر المطبعة الميدانية
يقوم بطبع المنشورات المصورة والمكتوبة التي يصممها عنصر الدعاية. والمطبعة الميدانية تكون محمولة على عربات ولديها القدرة على طبع وإعداد المنشورات بكميات كبيرة وفي زمن قصير، وبعض المطابع الميدانية لديها القدرة على طبع آلاف المنشورات في الساعة الواحدة.
و. محطة الإذاعة التكتيكية
هي محطة قصيرة المدى تُغَطِّي مسرح العمليات على المستوى التكتيكي، وتَبُثُّ إرسالها من عربة مصممة لهذا الغرض وتستخدم في إذاعة الأخبار والبيانات عن الأسرى وتقوم بتبليغ رسائلهم إلى ذويهم، كما تُستَخدم في إذاعة الأنباء التي قد تساعد في عملية خداع العدو. وعلاوة على استخدام محطة الإذاعة التكتيكية في بث برامجها المعادية ضد قوات العدو فإنها تُستَخدم في توضيح موقف معين لصالح القوات الصديقة.
ز. أطقم الاستجواب النفسي
تقوم بعمليات الاستجواب النفسي للأسرى للوقوف على الحالة المعنوية والنفسية لقوات العدو.
3. وسائل العمليات النفسية المستخدمة في العمليات العسكرية
يتم الجهد الأكبر في العمليات النفسية ـ أثناء العمليات العسكرية ـ من خلال الدعاية لكي تصل المعلومات والنداءات والأفكار إلى العدو وتؤثر عليه بصفة مباشرة أو غير مباشرة، وعلى هذا فإن اختيار وسيلة التبليغ السليمة أمر في غاية الأهمية إذ يجب أن تكون ملائمة للمُتلقين وذات أثرٍ في نفوسهم. وعادة ما تنفذ بالطرق الآتية:
أ. المنشورات
استخدام المنشورات هو أحد الوسائل الأساسية لتوصيل الدعاية، وخاصة في العمليات النفسية على مستوى العمليات التكتيكية. وتشمل المنشورات تلك التي تقوم الطائرات بإسقاطها ونشرات الأخبار والملصقات وتصاريح المرور. وقبل البدء في استخدام المنشورات ينبغي على القائمين على العمليات النفسية أن يضعوا في اعتبارهم مستوى تعليم المتلقين، وحالة الجو، والوسائل المتوفرة وتوصيلها.
ب. مكبرات الصوت
تُعد مكبرات الصوت هي الطريقة الثانية لتوصيل المعلومات للعدو في الموقف التكتيكي، ويمكن استخدامها على الأرض أو من الطائرات (إذاعة الطائرات الصوتية) حيث تُثبَّت مكبرات الصوت تحت الجناح من الخارج أو تحت جسم الطائرة.
ج. الإذاعة التكتيكية
يقتصر استخدام المذياع في العمليات النفسية على العمليات الإستراتيجية والتعزيزية، ويشرف عليه فنيون. وتُمثَّل الإذاعة التكتيكية وسيلة ممتازة من وسائل العمليات النفسية لإمكانية توصيلها للمعلومات على جبهة واسعة من الجماهير.
د. التلفزيون والأفلام
رغم التأثير الشديد لهذه الوسيلة إلا أن استخدامها يظل قاصراً على الدول الصديقة والمحايدة، ورغم أن الأقمار الصناعية تزيد كثيراً من المساحة التي يغطيها الإرسال إلا أنها تزيد أيضاً من فرص استقبال كل من الصديق والعدو لبرامج قد يُقصَد منها هدف آخر غير الهدف المقصود.
ثانياً: العمليات النفسية في العمليات العسكرية التقليدية
يُعزِّز استخدام العمليات النفسية في العمليات العسكرية التقليدية ـ على جميع مستوياتها ـ من قوة قتال القوات الصديقة ويعمل على تقليل كفاءة ومقدرة قوات العدو، ولتحقيق هذا الهدف ينبغي دمج خطة العمليات النفسية ضمن خطة المعركة.
1. استخدام العمليات النفسية في المستوى الاستراتيجي من العمليات العسكرية
إن التخطيط للعمليات النفسية عملية مستمرة ومتواترة، فعادة ما تُشَن العمليات النفسية قبل بدء العمليات العسكرية وأثنائها وبعدها. وتتسم العمليات النفسية في المستوى الاستراتيجي من العمليات العسكرية بأنها ذات أهداف بعيدة المدى، وتتضمن أهداف العمليات النفسية على المستوى الاستراتيجي من العمليات العسكرية ما يلي:
أ. الحصول على مساندة الدول الصديقة.
ب. إنهاء النزاع أو الحدِّ منه.
ج. إشعار الدول المعادية أن خوض المعركة سيؤدي إلى هزيمتها.
د. العمل على منع العدو من الحصول على دعم خارجي.
هـ. التصدي للعمليات النفسية المعادية ومقاومتها.
و. إحداث انقسام في صفوف وحدات العدو العسكرية.
2. استخدام العمليات النفسية في المستوى العملياتي من العمليات العسكرية
تُستخدم العمليات النفسية في هذا المستوى لتحقيق أهداف استراتيجية متوسطة المدى في مسرح عمليات جبهة واحدة، وتتضمن هذه الأهداف التركيز على الأهداف التي كانت العمليات النفسية موجهة من أجلها في المستوى الاستراتيجي ولكن بتركيزها في هذا المستوى على منطقة محددة.
3. استخدام العمليات النفسية في المستوى التكتيكي من العمليات العسكرية
المستوى التكتيكي من العمليات العسكرية هو حشد كافة وحدات القتال ووحدات الإسناد في ميدان المعركة لدحر العدو وتدمير قواته، وتُمثِّل نشاطات العمليات النفسية جزءاً لا يتجزأ من نشاطات هذا المستوى من العمليات حيث تخطط العمليات النفسية للضغط على قوات العدو العسكرية والمدنية لكي يتمكن القائد العسكري من إنجاز مهامه التكتيكية. وتتضمن الأهداف الفورية وقصيرة المدى للعمليات النفسية في هذا المستوى: الحصول على معلومات عن العدو وعن عملياته، ومعرفة مدى إلمامه بعمليات القوات الصديقة، والعمل على تقليل كفاءته القتالية.
4. العمليات النفسية التعزيزية
تقوم وحدات العمليات النفسية بعمليات تعزيزية لإسناد العمليات العسكرية في مستوياتها المختلفة. وتوجَّه هذه العمليات للسكان المحليين في مناطق مؤخرة القوات الصديقة أو المناطق التي تسيطر عليها القوات الصديقة، وتهدف العمليات النفسية التعزيزية إلى:
أ. تقديم المساعدة المباشرة للعمليات العسكرية عن طريق تأمين خطوط المواصلات، والسيطرة على اللاجئين، ومنع حدوث الذعر الجماعي بين المواطنين.
ب. كسب الحرب وتأييد السكان المحليين.
ج. مقاومة العمليات النفسية التي يشنها العدو ضد السكان المدنيين.
وبالرغم من أن العمليات النفسية التعزيزية تشمل مقاومة العمليات النفسية التي يوجهها العدو ضد السكان المدنيين الموجودين تحت سيطرة القوات الصديقة، إلا أنها لا تشمل مقاومة العمليات النفسية التي يوجهها العدو ضد قواتنا المسلحة، لأن مسؤولية ذلك تقع على عاتق قادة الوحدات وضباط الأركان، يساعدهم في ذلك ضباط الشؤون العامة إذا لزم الأمر. ويتحقق لهم ذلك بالآتي:
(1) القضاء على محاولات العدو التأثير في نفوس أفرادهم.
(2) القيادة الجيدة.
(3) رفع الروح المعنوية.
(4) إطلاع أفرادهم بمجريات الأمور.
(5) فهم الأساليب التي يسلكها العدو في عملياته النفسية.
5. استخدام العمليات النفسية في العمليات العسكرية التعرضية
تتكون العمليات العسكرية التعرضية من: التحرك للتماس، والهجوم (سريع، ومدبر)، واستغلال النجاح، والمطاردة، وتهدف إلى تدمير قوات العدو وحرمانه من المصادر اللازمة له، الاستيلاء على منطقة أو أرض حيوية للعدو أو الحصول على معلومات عن مواقع توزيعات قواته أو توجيه انتباهه إلى مناطق أخرى، أو تثبيت قواته وأثناء العمليات التعرضية تكون مهمة وحدات العمليات النفسية هي توفير الإسناد القريب والمستمر للوحدات التي تساندها ولعناصر مناورتها. وينبغي أن يبدأ هذا الإسناد أثناء مرحلة التخطيط للعملية مع مراعاة نوع العملية التعرضية التي سيتم القيام بها:
أ. التحرك للتماس
هو عبارة عن عملية تعرضية تهدف لإحراز أو استعادة التماس مع العدو قبل الاشتباك معه. وفي أثناء التحرك للتماس تقوم وحدات العمليات النفسية بتحليل العوامل النفسية وتقدم توصياتها لقائد القوة المسنودة في المسائل المتعلقة بإسناد العمليات النفسية. كما تقوم بتقويم نتائج الحملات النفسية السابقة ضد أهداف مماثلة. كما تقوم وحدات العمليات النفسية بتوزيع المنشورات واستخدام مكبرات الصوت في الدعاية والعمليات النفسية ضد العدو. ونسبة لأن قلة المعلومات عن العدو وغموض الموقف يعتبران من أصعب الأمور التي يواجهها القائد أثناء التحرك للتماس، فإن وحدات العمليات النفسية تعمل على تحليل المعلومات المتوفرة، واستنباط نتائج جديدة من المواقف التي تتكشف في الحال. وتُسهم وحدات العمليات النفسية إسهاماً كبيراً في خطة العمليات الخداعية لصرف انتباه العدو عن نشاطات معينة، كالتوصية بشن هجوم مخادع لصرف انتباه العدو عن الهجوم الرئيسي.
ب. الهجوم
(1) الهجوم السريع
عبارة عن عملية هجومية تحدث في عمليات التحرك للتماس أو بعد عملية دفاعية ناجحة وينفذ بأسرع ما يمكن لمنع العدو من القيام بمقاومة منظمة (المعركة التصادمية). ونسبة لضيق الوقت في شن الهجوم السريع فإن وحدات العمليات النفسية تكون مهيئة مسبقاً لمثل هذا الهجوم فتجهز وسائل دعايتها سلفاً.
(2) الهجوم المدبّر
هو ذلك الهجوم الذي يهدف إلى تدمير قوات العدو المدافعة مع ضرورة توفر الوقت الكافي للتخطيط والتحضير واستخدام كافة المصادر المتوفرة. وتستخدم وحدات العمليات النفسية أساليب الدعاية، وتوزيع المنشورات، وغيرها من أساليب العمليات النفسية لخفض معنويات العدو وتقليل كفاءته القتالية.
ج. استغلال النجاح
هي تلك المرحلة من التعرض التي يتم فيها شل قدرة العدو على إعادة تنظيم دفاعه والقيام بعملية انسحاب منظم. وتتضمن مهام وحدات العمليات النفسية في استغلال النجاح: تطبيق أساليب العمليات النفسية على وحدات العدو العابرة لدفعها للاستسلام، وتعيين مواطن ضعف العدو، وجمع المعلومات ومعالجتها للوصول إلى الاستغلال الأمثل للنجاح.
د. المطاردة
هي استكمال تدمير قوات العدو المنسحبة والتي فقدت القدرة على القيام بمقاومة منظمة، تُمارس فيها وحدات العمليات النفسية شتى أساليب الضغط للتأثير عليه ودفعه للاستسلام، كما تسهم بذلك في خفض معنوياته بتأكيد هزيمته، وذكر الخسائر والإصابات التي وقعت في صفوفه أثناء مراحل الهجوم واستغلال النجاح.
6. استخدام العمليات النفسية في العمليات الدفاعية
يقصد بالدفاع كل الأعمال المنسَّقة التي تقوم بها قوة ما لإحباط هجوم تشنه قوة معادية ومنعها من تحقيق أهدافها. وتسهم العمليات النفسية في إسناد تلك الأعمال أثناء العمليات الدفاعية لعرقلة تقدم العدو. كما تعمل على إضعافه بإثارة الرأي العام وإثارة الضغوط السياسية والاقتصادية ضد هذه العمليات. ومن وسائل إضعاف عمليات العدو أيضاً خفض معنويات قواته وتثبيط عزيمتها القتالية وتشجيع المدنيين على السخط من هذه العمليات. ومن الوسائل التي تتبعها وحدات العمليات النفسية تحليل العوامل النفسية وتقديم التوصيات لقائد القوة المسنودة وفقاً لذلك.
7. استخدام العمليات النفسية في عمليات التقهقر
أ. الانسحاب
تتخلص أو تتحرر بواسطته جميع القوة المستخدمة أو جزء منها من الاشتباك مع العدو، وقد يكون الانسحاب اختيارياً أو إجبارياً، وفي كلتا الحالتين يتركز مجهود العمليات النفسية على عمليات الخداع التكتيكية لفك التماس مع العدو بطريقة ناجحة، ومحاولة التصدي لدعاية العدو، ورفع الروح المعنوية للقوات الصديقة حتى لا يؤثر الانسحاب في روحهم المعنوية.
ب. الإعاقة
تحاول فيها القوة الواقعة تحت ضغط العدو التضحية بالأرض في سبيل الوقت، بينما تكبد العدو أقصى حد من الخسائر دون أن تتورط معه في قتال حاسم وتلعب العمليات النفسية دوراً مهماً في عمليات الإعاقة، حيث تتسبب في إضعاف معنويات العدو وحركته بالخطط الخداعية. كما تعمل على رفع الروح المعنوية للقوات الصديقة وشرح الأسباب الحقيقية للتخلي عن بعض الأراضي حتى لا يعتقد جنود القوات الصديقة أنهم تعرضوا للهزيمة.
8. العمليات الخلفية (خلف خطوط العدو)
تسهم العمليات النفسية في العمليات الخلفية في كسب ولاء السكان المدنيين لتوفير الحماية، كما تُعد مصدراً هاماً للاستخبارات، ورفع روح قوات المظليين لإنزالهم خلف خطوط العدو، وبث الشك والارتباك في صفوف قوات العدو عن طريق الدعاية والتركيز على ضعف موقفهم، والتصدي للحملات الدعائية المعادية.
9. استخدام العمليات النفسية في عمليات الأمن الداخلي
إن استخدام العمليات النفسية في العمليات التقليدية التي تتدخل فيها القوات المسلحة لمساعدة السلطات المدنية على مواجهة الاضطرابات المعادية يأتي بنتائج جيدة. وتُستخدم وحدات العمليات النفسية الإذاعة ومكبرات الصوت والمنشورات. وتهدف هذه العمليات النفسية إلى:
أ. تبرير أعمال القوات المسلحة، خاصة إذا كانت هذه العمليات تتطلب فرض بعض القيود على المدنيين.
ب. نشر التعليمات على السكان المحليين بخصوص أعمال التفتيش والتصرف الواجب اتخاذه.
ج. نشر شروط الاستسلام.
د. إضعاف روح الأعداء.
هـ. نشر الأخبار والدعاية التي توضح عدم جدوى اتباع العناصر المعادية التي تسعى لتحقيق أغراضها الذاتية.
و. إذاعة ونشر الآثار السيئة التي سيعاني منها المدنيون في حالة تأييدهم للقضية المعادية.
ثالثاً: استخدام العمليات النفسية في إسناد عمليات الخداع
تستخدم العمليات النفسية لإسناد عمليات الخداع في جميع مستويات العمليات العسكرية وفي جميع درجات حدة النزاع. ويعرَّف الخداع بأنه "تلك الإجراءات المتخذة لتضليل العدو بتشويه الحقائق أو تزييفها أو معالجتها بطرق غير قويمة لإجباره على رد الفعل في ظروف غير مواتية له. وتتضمن خطة الخداع إخفاء الحقائق وتزييفها، وتستخدم في ذلك أساليب المخادعة التظاهر والحيلة".
1. الخداع في العمليات التعرضية
تكتسب المفاجأة أهمية قصوى في العمليات التعرضية، ولكن من الصعوبة بمكان المحافظة على سرية المعلومات أثناء التخطيط لهجوم كبير. لذا فإنه يُلجأ إلى عمليات الخداع لجعل العدو يعتقد بوقوع الهجوم في موقع معين مما يجبره على إعادة نشر قواته. وتسهم وحدات العمليات النفسية في عمليات الخداع بكتابة وثائق وهمية عن القوات الصديقة، مثل: تعيين الأفراد ووضع هذه الوثائق بحيث يجدها العدو، وترويج الإشاعات عن الهجوم المحتمل والوحدات المشاركة فيه، كما تُستخدم مكبرات الصوت والإذاعات. وأثناء التحضير للهجوم الرئيسي تواصل وحدات العمليات النفسية مجهوداتها في موقع الهجوم المساند لتضليل العدو.
2. الخداع في العمليات الدفاعية
تستخدم عمليات الخداع في العمليات الدفاعية لتخفية الموقع الحقيقي للقوات الصديقة ولتضليل العدو عنه. ويتحقق ذلك بإقامة مواقع وهمية يستنفذ العدو طاقاته في استطلاعها. وتستخدم وحدات العمليات النفسية الأشرطة المسجلة وإذاعتها عبر مكبرات الصوت، وتحريك العربات والقوات لإشعار العدو بوصول تعزيز للقوات الصديقة، والرماية الوهمية في خطوط العدو لكي يعتقد العدو بكثرة الأسلحة على خطوط الدفاع، وترويج الإشاعات عن وصول التعزيزات.
رابعاً: إسناد العمليات النفسية للعمليات الخاصة
العمليات الخاصة هي تلك العمليات العسكرية التي تنفذها قوات مجهزة تجهيزاً خاصاً ـ من حيث التدريب والتسليح والتنظيم ـ ضد أهداف استراتيجية وعملياتية وتكتيكية لتحقيق مكاسب قومية أو عسكرية أو سياسية أو اقتصادية أو نفسية. وتُساند العمليات الخاصة العمليات التقليدية أو تنفَّذ بمفردها إذا كانت القوات التقليدية غير مناسبة للعملية. وتتضمن العمليات الخاصة العمليات غير التقليدية في مناطق النزاعات منخفضة الشدة، وعمليات مكافحة الإرهاب، وعمليات الأمن الجماعي، والأمن الداخلي. وتدخل جميع متطلبات العمليات في مناطق النزاع منخفض الشدة في إطار العمليات الخاصة، بمعنى أن القوات الخاصة لها الدور الرئيسي في حل النزاعات منخفضة الشدة. وإذا كانت العمليات النفسية ذات أهمية قصوى في جميع العمليات العسكرية، فإنها تكتسب أهمية خاصة في العمليات الخاصة لأن الحروب الثورية الحديثة تتسم بالنزاع في جميع النشاطات (سياسية ـ اجتماعية ـ اقتصادية ـ ثقافية) وإذا فشلت العمليات النفسية في السيطرة على العناصر غير المشتركة في القتال، فإن ذلك قد يؤدي للهزيمة بغض النظر عن نتائج العمليات العسكرية. وتعمل وحدات العمليات النفسية باستخدام كافة الإمكانيات المتوفرة لديها لتحقيق الآتي:
1. كسب ولاء السكان المحليين
لإزالة الأثر النفسي بين سكان الدولة الهدف، وللحصول على أكبر درجة من التعاون تقوم وحدات العمليات النفسية بتنفيذ المهام التالية تجاه السكان:
أ. التحذير من الهجمات والغارات الجوية.
ب. مساعدة المواطنين في بناء ـ أو إعادة بناء ـ المنشآت التي يحتاجونها.
ج. المحافظة على دور العبادة والمستشفيات والمدارس.
د. تقديم المساعدات الطبية والمادية والمعنوية.
هـ. تسهيل اتصال الأفراد بأقاربهم وذويهم.
و. تشجيع الأفراد على العودة إلى ممارسة الحياة الطبيعية.
ز. تهدئة مشاعر الأفراد والعمل على إزالة القلق والتوتر الذي يصاحب العملية.
2. التوجيه والتعليم
من المهام الرئيسية لوحدة العمليات النفسية أثناء العمليات الخاصة محاول إقناع أفراد الدولة الهدف بالمبادئ السياسية والمذاهب التي تعتنقها الدولة التي قامت بالعمليات (تشريب المبادئ) بهدف إزالة الاختلافات الأيديولوجية والعقائدية التي تعيق عملية التآلف والتعاون. ولا شك أن إقناع أفراد الدولة المستهدفة بمبادئ الدولة المهاجمة يُسهِّل العمليات العسكرية ويزيد فرصة التعاون المنشودة، بل ويصل أحياناً لدرجة تشجيع الأفراد لمواصلة العمليات العسكرية كما حدث في عملية غزو (بنما) من قيام نسبة كبيرة من المواطنين هناك بمؤازرة القوات الأمريكية وحثها على الاستمرار في تنفيذ مهامها حتى يتم القبض على (الجنرال نوريجا). وتبدأ عملية التوجيه والتعليم مع بداية العمليات.
3. السيطرة على الشائعات
تقوم وحدة العمليات النفسية بمتابعة كافة الشائعات المتداولة بين الأفراد ومحاربة تلك التي يحاول العدو ترويجها بهدف حث الجماهير على رفض العمليات العسكرية، كما تقوم وحدات العمليات النفسية ببث الشائعات التي تعين القوات المهاجمة على أداء مهامها.
4. تحقيق مكاسب سياسية
تقوم وحدة العمليات النفسية بدعم المجهود السياسي بالآتي:
أ. تشجيع الأفراد المدنيين في الدولة الهدف على مقاومة القوانين والقيود التي تفرضها هيئات العدو.
ب. تشجيع ودعم عناصر المقاومة الشعبية ضد نظام العدو.
ج. مؤازرة أحزاب المعارضة وتشجيع مليشياتها المسلحة إن وجدت.
د. تعزيز المشاعر المناهضة لنظام العدو ومقاومة المشاعر المؤيدة له.
هـ. العمل على تأييد القيادات المحلية المناهضة لنظام الحكم.
و. مقاومة أشكال ومظاهر العمليات النفسية الموجهة من نظام الدولة الهدف إلى أفرادها والرامية إلى كسب ولائهم والحصول على تأييدهم.

يتبع ..................................
 
رد: العمليات النفسيه(الحرب النفسيه) والعمليات العسكريه

العمليات النفسية للجانب العراقي في حرب تحرير الكويت
أولاً: عمليتي عاصفة ودرع الصحراء (90/ 1991)
إن المتتبع العلمي، المتخصص والموضوعي، لتطورات أزمة الخليج، بأبعادها المختلفة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو سيكولوجية، وعلى كافة مستوياتها، المحلية أو الإقليمية والعالمية، يجد، بكل وضوح، أنه أمام واحد من الآليات الفاعلة والمؤثرة، التي تلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً في كافة مراحل إدارة الأزمة، منذ بدايتها، عام 1875، مروراً بمراحل تصاعدها، ثم في عمليات درع وعاصفة الصحراء، فتصاعدها الثاني، في 1996، ثم مرة أخرى، في أكتوبر 1997 ـ فبراير 1998.
وإذا ما توقفنا، للدراسة والتحليل، عند دراسة إدارة الأزمة من وجهة نظر العمليات النفسية ، خلال حرب تحرير الكويت، ومقارنته بالحملات النفسية المعادية، التي يشنها العدو الإسرائيلي، في كافة الاتجاهات، وعلى جميع المستويات، يتضح أنه من الضروري، أن نعطي للبُعد النفسي في إدارة المعركة الحجم والاهتمام اللذين يستحقهما.
فقد لعبت العمليات النفسية، في هذه الحرب دوراً غير مسبوق في الأزمات والصراعات المختلفة، نظراً لِمَا توافر لها من إمكانيات تكنولوجية هائلة، كانعكاس طبيعي لثورة الاتصالات، فضلاً على الكفاءات البشرية، والكوادر المتخصصة العاملة في هذا المجال. كما كانت المرة الأولى التي يجد فيها الناس أنفسهم، على اختلاف انتماءاتهم وثقافتهم واتجاهاتهم، أمام طرق العمل النفسي وأساليبه، إلى جانب أدوات الحرب والدمار وأسلحتها، في مواجهة مباشرة، وكلاهما يستخدم أحدث ما وصل إليه العصر من أدوات ووسائل وعتاد وسلاح، إلى درجة أن وجد المدنيون أنفسهم، إلى جانب الجنود والدبلوماسيين، يشاركون، الرأي والاتجاه في الأزمة، بإيجابية لا مجرد متابعين سلبيين لها.
ومهما تعددت وسائل وطرق التأثير النفسي وهويتها داخل إطار الأزمة، إلاّ أنها تبلورت في طرفين رئيسيين متضادين لا ثالث لهما ،الأول في العراق والمؤيدين لسياسته ومواقفه، والثاني في القوات المتحالفة، تحت اللواء الأمريكي. وخلاصة القول، أن العمل والتأثير النفسي، كان هو القاسم المشترك الأعظم في أزمة الخليج الثانية، وشملت العمليات النفسية، بمفهومها الشامل، مرحلة ما قبل الأزمة، وخطوات افتعالها، حتى وصلت إلى حد الانفجار، وواكبتها حتى صارت إحدى أدواتها الرئيسية. كذلك كان الحال بعد غزو القوات العراقية للكويت واستمرت أثناء عملية التحرير وبعدها.
وعلى الرغم من الهزيمة العسكرية القاسية التي مني بها الجانب العراقي، إلاّ أنه لم يغفل دور العمليات النفسية في كافة مراحل الأزمة قبل تصاعدها أو أثناء مراحل الحرب وما بعدها وهو ما برز في افتعاله الأزمة وخلق مناخها.
فضلاً عن تمكنه من نشر دعاوى تهديد الكويت للأمن القومي العراقي بما برر مراحل الأزمة التالية التي اتسم فيها الجانب العراقي بالمبادأه، واحتلال قواته العسكرية للكويت، وتعطيل القدرة العربية في منع أو ردع العراق عن تنفيذ مخططاته. إلاّ أن ما يؤخذ على الجانب العراقي، في هذا المجال، هو الخضوع إلى النظرية في تخطيط العمل النفسي وإدارته، وبمعنى آخر، اعتماده الكلي على الأكاديميين دون المتخصصين والفنيين.
ثانياً: العمليات النفسية للجانب العراقي
تميزت العمليات النفسية العراقية، بالمبادأة والمناورة النشطة، في مرحلة ما قبل الغزو، حتى مرحلة ما قبل بدء العمليات العسكرية للقوات المتحالفة، إذ تمكنت من تحقيق أهدافها، السياسية والعسكرية. فهي على الجانب السياسي، نجحت في إرباك وشل القرار العربي في إيجاد آلية مناسبة يمكن بها تغيير الواقع، الذي فرضه العمل العسكري العراقي، بعد غزوه الكويت، وإسقاط النظام الشرعي، وإيقاف إجراءات ضم الكويت، بل مزقت الموقف العربي، فضلاً عن محاولتها التأثير على الرأي العام العالمي، والعمل على كسب تأييده لإفشال أي جهود، سياسية أو عسكرية، تهدف إلى إخراجه من الكويت، ومحاولة قبول الأمر الواقع والتعامل معه.
أمّا على الجانب العسكري، فقد هيأ العمل النفسي الظروف المناسبة لتنفيذ عمليات الغزو، باستخدام الخداع والمفاجأة، إذ وجد الكويتيون أنفسهم أمام القوات العراقية، في فجر 8 أغسطس 1990، في عاصمتهم، من دون أي إجراءات دفاعية من جانب قواتهم، وكذلك ما تبعته من عمليات بناء الدفاع من تركيز على بناء الدفاعات الحصينة على الحدود الكويتية، مع محاولات تغيير معالم الكويت من تغيير لأسماء الشوارع والعملة وغيرها من الإجراءات التي تشير إلى استقرار الأمر الواقع وتجاوز ما قبل ذلك.
1. مراحل العمل النفسي العراقي
مع بدء افتعال العراق للأزمة، بدا على السلوك العراقي الميل إلى التصعيد، مع الظهور بمظهر الحريص على استنفاد جميع السبل والوسائل الدبلوماسية، بغرض كسب تأييد الأطراف الأخرى المعنية بالمسألة من خلال المراحل التالية:
أ. مرحلة بدء افتعال الأزمة
مذكرة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، من وزارة الخارجية العراقية، في 15 يوليه 1990، يتهم فيها حكومتَي الكويت والإمارات. خص فيها حكومة الكويت، الاتهام بإنشاء مخافر ومنشآت عسكرية كويتية على أراضى عراقية.
(1) اتهام الحكومتين معاً بالاشتراك في عملية مدبرة لإغراق السوق النفطية بمزيد من الإنتاج خارج الحصص المقررة بواسطة أوبك.
(2) أدت هذه الخطوة إلى تدهور سعر برميل النفط من 18 إلى 13، 11 دولار، مما أصاب الاقتصاد العراقي بخسارة تقدر بحوالي مليار دولار خلال الفترة من 1981 ـ 1990.
(3) اتهام حكومة الكويت بإقامة منشآت نفطية على الجزء الجنوبي من حقل الرملية وسحب نفط يقدر بنحو 2.4مليار دولار خلال الفترة من 1980 ـ 1990 مستغلة انشغال العراق في حربه مع إيران.
(4) مطالبة العراق بإلغاء الديون المستحقة عليه من دول الخليج وتنظيم خطة عربية على غرار مشروع مارشال لتعويض العراق عن بعض خسائره في الحرب
ب. مرحلة التصعيد العراقي للحملة النفسية
(1) أعاب العراق على الكويت إرسالها مذكرة إلى السكرتير العام للأمم المتحدة وأنها بهذا التحرك تقصد تدويل المسألة.
(2) وجه صدام حسين في خطابه بمناسبة الذكرى 22 لثورة يوليه 1958 تحذيرات شديدة اللهجة إلى الدول العربية الخليجية والتي تجاوزت حصص إنتاجها من النفط مع التهديد باستخدام القوة ضدها إذا لم تلتزم بقرارات الأوبك.
(3) كما أكد على أن تحرك هذه الدول يأتي في إطار مخطط أمريكي يستهدف خفض أسعار النفط عالمياً وبما يحقق خسائر هائلة للاقتصاد العراقي.
ج. مرحلة ترسيخ سياسة الأمر الواقع
بدأت أولى خطوات هذا النهج بقرار الغزو في الثاني من أغسطس 1990 بدعوى مساندة انقلاب عسكري أطاح بحكومة الكويت وتلا ذلك الإعلان في 4 أغسطس عن حكومة الكويت الحرة المؤقتة وقيام العراق بعقد اتفاقية مع هذه الحكومة المؤقتة لتأمين سلامتها ضد أي أخطار خارجية ولإتاحة الشرعية أمام الوجود العسكري العراقي داخل الكويت.
وتطور السلوك العراقي خلال هذه المرحلة كالآتي:
(1) الإسراع في عملية ضم الكويت عملياً عن طريق إنهاء الطابع الدولي والديموجرافي بل وتغيير الهوية الوطنية لدولة الكويت.
(2) صرف الانتباه عن القضية الأساسية (ضم الكويت) والتركيز على قضايا أخرى فرعية سعى العراق إلى خلقها.
(3) العمل على تجميد الوضع عند حدود 2/8/1990.
(4) الإصرار على حل القضية في إطار عربي وليس دولي وبالتالي نزع الشرعية عن أي وجود أجنبي بالمنطقة.
(5) ولقد مر السلوك العراقي خلال الفترة من 2/8/1990 إلى 15/1/1991 بأربع مراحل رئيسية ومتتابعة بغرض إحداث الأثر النفسي المطلوب:
(أ) مرحلة ترسيخ الأمر الواقع.
(ب) مرحلة استخدام ورقة السفارات والجاليات الأجنبية من خلال الضغط على أعضاء هذه الجاليات والبعثات الدبلوماسية في الكويت ومنع الرعايا الأجانب من مغادرة البلاد (كويت وعراق) اعتباراً من 9/8/1990 وذلك بإتباع تكتيك خاص بهذه المرحلة يسعى إلى تصعيد المشكلة على مراحل مما يساعد القيادة العراقية على تشتيت الانتباه الدولي عن القضية الأساسية وللحصول على مكاسب سياسية واقتصادية من خلال سياسة تدريجية في حل مشاكل الرعايا الغربية.
(ج) مرحلة تحييد الجبهة الإيرانية
· انسحاب القوات العراقية من الأراضي الإيرانية ومن جانب العراق فقط اعتباراً من 16/8/1990
· موافقة السلطات العراقية على ترسيم الحدود الإيرانية العراقية وإقرارها باتفاقية الجزائر 1975
· التبادل الفوري والشامل لجميع أسرى الحرب بالتاريخ نفسه وذلك بغرض:
- تحييد القوة الإيرانية.
- دفع المزيد من القوات العراقية من الجبهة الإيرانية إلى منطقة التوتر.
- العمل على أن تقوم إيران بتقديم العون للعراق في موضوع الحصار المفروض عليها.
(د) مرحلة المناورة والحركات السياسية والاقتراحات العراقية
وذلك من خلال ثلاث مبادرات عراقية بخصوص المشكلة ونداء من الرئيس العراقي في 23/8/1990 إلى الشعوب العربية.
2. الحملات النفسية العراقية المعادية والمضادة لمرحلة ما بعد الغزو
أ. مشتملات الحملات النفسية العراقية
من الدراسات التحليلية ونتائج تحليل موضوعات الحملات النفسية المرصودة يتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن القائمين على أعمال تخطيط وإدارة العمليات النفسية العراقية يتعاملون مع أربعة مكونات هي:
(1) موضوعات ومواد الحملات النفسية
إعداد وتحديد مواد وموضوعات الحملات النفسية بناءً على الأخبار المستقاة أساساً من وكالات الأنباء و الصحافة العالمية و الإذاعة والتليفزيون في دول العالم فضلاً عن التوجيهات الخاصة بالقيادة السياسية العليا.
(2) طرق العمليات النفسية
ركّز مخططو العمليات النفسية العراقية في استخدام كافة طرق العمليات النفسية (الدعاية ـ الدعاية المضادة ـ العنف ـ الخداع) لعرض ونشر موضوعات الحملات النفسية، ولضمان وصول الرسالة وتأثيرها في آراء الأهداف المخاطبة، واتجاهاتها وسلوكها، بهدف الإثارة النفسية وإشاعة القلق.
(3) وسائل العمليات النفسية
وهي الوسائط التي استخدمها المخطط العراقي لتبليغ الرسائل وتوصيلها إلى الأهداف وقد تركزت في الآتي: الصحف العراقية والأردنية و الإذاعات الموجهة (مكة المكرمة والمدينة المنورة) ـ موجز عن أبرز تحليلات وكالات الأنباء (مكتب الاتصالات الخارجية).
(4) أساليب العمليات النفسية
وهي الأشكال التي يستخدمها العاملون بجهاز العمليات النفسية العراقية للتأثير في عواطف الأهداف وانفعالاتها، للتأثير على اتجاهاتها وسلوكياتها تحقيقاً لأهدافه وقد ركز الجانب العراقي في الأساليب الآتية:
(أ) الأساليب المعادية
استخدام الأساليب الانفعالية والغوغائية، إلغاء إمكانية التفكير العقلي والمنطقي لدى الأهداف المخاطبة، من خلال بث إشاعات الخوف والحقد والكراهية ، أسلوب التشكيك وعدم الثقة والتهكم والاستهزاء.
(ب) الأساليب المضادة
تقوم الدعاية العراقية المضادة، والتي تُوجه إلى الشعب العراقي وبعض الدول المؤيدة له على التركيز في الأساليب التالية:
الأسلوب التحويلي، التفنيد غير المباشر، التقليل من أهمية الموضوع، إضافة إلى توسعه في فرض الصمت والتعتيم الإعلامي على الحقائق، وفرض القيود على أفراد القوات المسلحة، مع استغلال نقاط التعرض في مجتمعات الدول ذات الاتجاهات المعادية وإبرازها إعلامياً على أنها أحد صور التأييد الدولي للموقف العراقي.
ب. اتجاهات الدعاية العراقية
من الدراسة التحليلية لاتجاهات الدعاية العراقية خلال هذه الفترة يمكن تحديد الخط العام لكل من الدعاية المعادية والمضادة على النحو التالي:
(1) اتجاهات الدعاية العراقية المعادية
يمكن تحديد اتجاهات الدعاية العراقية المعادية التي أديرت، في توافق، على ثلاثة محاور لتستهدف إحداث هزة نفسية لدى المواطنين والعناصر المعارضة وأفراد القوات المسلحة، على النحو التالي:
(أ) تجاه الشعب والقوات المتحالفة كالآتي:
· التشكيك في القيادة السياسية ورموز الحكم في منطقة الخليج ونظمه الحاكمة، وخاصة في المملكة العربية السعودية، مع محاولة إثارة الأحقاد بهدف زعزعة نظام الحكم.
· العمل على إثارة مشاعر الغضب وتأليب العناصر الشيعية وطلبة الجامعات على الوجود العسكري للقوات الأجنبية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
· استثارة المشاعر الدينية للشعب السعودي بالتركيز على أن الهدف من وجود القوات الأمريكية والأجنبية ما هو إلا وجود وسلوكيات تركز على الإهانة للإسلام والمسلمين وتدنيس المقدسات الدينية مع العمل على تغيير طبيعة وتقاليد المجتمع الإسلامي في الجزيرة العربية.
· تشجيع العناصر الرافضة والمتشددة على تنفيذ أعمال التخريب المادي في أنحاء المملكة وذلك من خلال الإشارات الخاصة بإعداد عبوات ناسفة بدائية والأماكن التي يمكن تدميرها بواسطة هذه العبوات.
· التهديد والتخويف لقيادات وشعب المملكة بقدرات وإمكانيات العراق الهائلة في استخدام الصواريخ أرض/ أرض و الأسلحة الكيماوية وقنابل الغاز ضد منابع النفط والأهداف الإستراتيجية والحيوية في المملكة.
· التشكيك في قدرات القوات السعودية والقوات المتحالفة وعدم إمكانيتها التصدي للقوات والإمكانيات العراقية.
· الإيحاء بأن هناك خوارق ومعجزات إلهية تؤيد العراق في مسلكه الحالي نتيجة لبعض الحوادث العادية وبعض حوادث الطائرات ضمن التدريبات التي تقوم بها القوات المتحالفة.
(ب) تجاه الدول العربية
· محاولة الإيقاع بين دول التحالف وبعضها خلال:
- الإيحاء إلى شعوب الدول العربية بتنامي وتصاعد حركات المعارضة في كل من المملكة السعودية و مصر وتزايد الرأي العام الأمريكي والأوروبي ، المعارضين للموقف في الخليج.
- تخويف المجتمع العربي بأن نشوب حرب سيؤدى إلى تدمير الاقتصاد العربي وأن أكثر المستفيدين من هذه الأزمة هو إسرائيل.
- التشكيك في الأهداف الحقيقية وراء الوجود الأمريكي في المنطقة والتركيز على أنه عودة إلى شكل الاستعمار القديم الذي جاء للمنطقة للسيطرة على اقتصادها وتقسيم العالم العربي.
- الإيحاء بعدم اهتمام الرأي العام الأوروبي والأمريكي بمستقبل الكويت ووقوفه ضد إشعال الحرب في الخليج.
· إظهار المملكة العربية السعودية بمظهر الداعي للحرب وأن العراق تدعو إلى السلام.
· الإيحاء للرأي العام العربي بوجود وتنامي الانقسام في الرأي العام الأمريكي والبريطاني ضد خيار الحرب وميله التدريجي نحو القبول بالأمر الواقع مستغلاً الرهائن والإفراج التدريجي عن بعض الرهائن لبعض الدول مثل فرنسا بغرض إحداث شرخ في التماسك الدولي أمام العراق.
· استثارة المشاعر العربية والدينية ضد كل من المملكة العربية السعودية ومصر والولايات المتحدة والوجود الأجنبي في المملكة.
· تشجيع العناصر المعارضة والرافضة في كل من المملكة العربية السعودية ومصر، ودعوتها للقيام بانتفاضات شعبية.
· التشكيك في أهمية القوات المتحالفة وفاعليتها، وإثارة الشك في اشتراك بعض هذه الدول في الحرب حال نشوبها.
· زرع الشك والتخويف بين المملكة السعودية وبين جاراتها من الدول العربية (اليمن ـ الإمارات ـ قطر).
· تضخيم الأخبار، التي تنشر حوادث القوات المتحالفة في الخليج وتكرارها، مع إبرازها على أنها معجزات دينية، تؤكد غضب الله على هذا الوجود، ودعماً للموقف العراقي والدول المؤيدة له.
· استثارة المشاعر القومية والوطنية، من خلال محاولات الإيحاء لشعوب الدول العربية الربط بين أزمة الخليج والصراع العربي الإسرائيلي.
· محاولة الإيقاع بين الدول العربية الفقيرة والدول الغنية مع الإيحاء بقدرة العراق على إعادة توزيع الثروات وإيجاد التوازن الاقتصادي العادل في دول المنطقة.
(ج) تجاه المجتمع الأوروبي وباقي دول العالم
· تخويف المجتمع الدولي من نتائج نشوب صراع مسلح في المنطقة وآثاره المدمرة على الاقتصاد الأوروبي والآسيوي مع تجويع شعوب العالم.
· محاولة استمالة الرأي العام العالمي من خلال إطلاق سراح بعض الرهائن لبعض الدول مع العمل على الإيقاع وبث الفرقة بين الدول التي ينتمي إليها هؤلاء الرهائن والولايات المتحدة الأمريكية.
· التشكيك في موقف الولايات المتحدة وأسباب وجودها في المنطقة وإبرازه على أنه أحد أشكال الهيمنة الأمريكية سواء كانت عسكرية أو سياسية أو اقتصادية.
· الإيحاء بأن المملكة العربية السعودية هي السبب الرئيسي في توتر ونشوء هذه الأزمة وأنها الداعية للحرب بينما يدعو العراق إلى السلام.
· الإيحاء بعدم جدوى الحصار الاقتصادي المفروض على العراق وأن لديه من المصادر الداخلية ودعم الدول الصديقة بما فيها دول أوروبية ما يجعله قادرا على مواجهة الحصار لمدة طويلة وأن الخاسر الوحيد هو الاقتصاد العالمي، خاصة الأوروبي.
· الإيحاء بأن العراق يدعو إلى السلام وينبذ الحرب، وذلك من خلال رسالة وجهها الرئيس صدام حسين إلى بابا الفاتيكان.
(2) اتجاهات الدعاية المضادّة وتعبئة الشعب والقوات المسلحة العراقية
تركز أجهزة الدعاية العراقية في تحليلاتها والرد على الدعايات الموجهة للعراق من كافة دول العالم من خلال المبالغة و سواء في الدعاية المضادة أو الدعاية الموجهة للشعب والقوات العراقية مستخدمة في ذلك كافة الوسائل والأساليب النفسية، ولقد تركزت الحملات النفسية لتعبئه الشعب والقوات العراقية خلال هذه الفترة في الآتي:
(أ) التقليل من أهمية الحصار الاقتصادي مع محاولة الإيحاء بقدره الشعب العراقي على مواجهة النتائج الناجمة عن الحصار بالإعداد والتعبئة النفسية المسبقة.
(ب) الإيحاء بأن هناك تأييد من معظم دول العالم لموقف العراق مع التركيز على الدول (فرنسا ـ الأرجنتين ـ الهند ـ إندونيسيا ـ الجزائر ـ الأردن ـ تونس ـ موريتانيا ـ ليبيا ـ اليمن) مع تنامي المعارضة من باقي دول العالم للموقف في الخليج.
(ج) تعظيم القدرات على مواجهه وردع أي عدوان من خلال إبراز التصريحات والمقالات التي توردها وكالات الأنباء العالمية وذلك بنشرها في الصحف الأولى وإذاعتها في صدر النشرات الإخبارية يومياً.
(د) الادعاء بتمتع صدام حسين بتأييد قوي من الشعوب العربية كافة والشعب الفلسطيني خاصة وأن العداء الذي يجابه به قاصر فقط على ملوك ورؤساء بعض الدول العربية التي تسير في فلك الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية.
(هـ) محاولة إقناع الشعب وأفراد القوات العراقية الربط بين أزمة الخليج والصراع العربي الإسرائيلي
(و) الادعاء بروحانية وذكاء القيادة العراقية الحالية وقدراتها الفذة على مجابهة الموقف، للوصول بشعب العراق وباقي الدول العربية إلى مصاف الدول العالمية.
(ز) محاولة إقناع الشعب وأفراد القوات المسلحة العراقية بسلامة وشرعية القرارات التي يتخذها الرئيس صدام حسين وذلك بالإيحاء بأنه على صلة روحانية بالرسول محمد .
(ح) تغيير فكر الشعب والقوات المسلحة العراقية إلى مرحلة الاعتقاد بأن الكويت هي جزء مسلوب من العراق، وأن ما تم هو استرداد الحقوق المغتصبة من العراق.
ج. أساليب الحملات النفسية العراقية
إن أبرز ما يميز الحملات النفسية العراقية سواء المعادية أو المضادة كونها تعتمد أساساً على المبالغة والسرد الإعلامي المنحاز والذي يعتمد أساساً على سرد التقارير الصحفية العالمية وتصريحات المسئولين العراقيين والتي في مجملها انحياز إلى وجهة النظر العراقية و فيما يلي أبرز الأساليب المستخدمة في الحملات العراقية سواء المعادية أو المضادة منها.
(1) أساليب الضغط النفسي
(أ) اللعب بالعواطف والآراء الزائفة بطريقه لا عقلانية للتأثير على عواطف وانفعالات الجماهير (عقائدية ـ دينية) في محاولة لإلغاء إمكانية التفكير العقلي والمنطقي.
(ب) استغلال النعرات القومية من خلال التأثير على العواطف الإنسانية عند العرب مثل (الخوف ـ الغرور ـ الطموح والميل للمغامرة).
(ج) إشعال الخلافات والوقيعة بين رموز /أفراد فئة وأخرى.
(د) التحريض على القيام بأعمال العنف والتخريب المادي.
(هـ) بث شائعات الخوف والحقد والعمل على تأليب العناصر المعارضة ضد نظام الحكم.
(و) تفريغ الكويت من السكان الأصليين ومحاولة تغيير الهوية الكويتية من خلال ترحيل السكان وتغيير أسماء الموانئ والأحياء والطرق بأسماء جديدة و العلامات الإرشادية.
(2) أساليب التخويف والردع
(أ) في المجال الاقتصادي والسياسي
· ويتركز أساساً على إبراز التغلغل والوجود الأمريكي والأوروبي في الخليج وسيطرته على سياسات الدول العربية ومقدراتها ومصادر ثرواتها.
· استغلال الخلافات بين الدول العربية إما بالتهديد المباشر أو بتنفيذ العمليات الإرهابية بوساطة المجموعات الفلسطينية الإرهابية.
· التركيز في أن نتائج الموقف الحالي والحصار الاقتصادي سوف تدمر الاقتصاد العالمي قبل الاقتصاد العراقي.
(ب) في المجال العسكري
· التخويف بالقوة والقدرات الهائلة للعراق ويدها الطولى في الوصول إلى الأهداف الإستراتيجية والحيوية في المنطقة.
· الردع غير المباشر (من خلال تصريحات وتقارير الخبراء في الصحافة العالمية ووكالات الأنباء) بامتلاك العراق للقنبلة الغازية وكمية كبير من الغازات تنقلها صورايخ طويلة المدى ستحيل المنطقة إلى جحيم في حاله نشوب الحرب.
(3) أساليب الإيحاء والتضليل ـ التظاهر
وهي من الأساليب الأساسية في طريقة الخداع أو الطريقة الثالثة للعمليات النفسية وتتركز في الآتي:
(أ) التظاهر بالتقارب والصداقة لجماهير الشعب في كل من المملكة العربية السعودية ومصر.
(ب) التضليل وذلك بترديد العبارات والشعارات عن بطولة الملهم وطهارة صدام حسين والعدالة والديموقراطية في العراق.
(ج) الإيحاء بتهديد السعودية للعراق.
(د) ادعاء العلم الوثيق بالأمور والأحداث عن طريق المصادر العلمية والمطلعة.
(هـ) الكشف الجزئي عن الحقائق مثل حوادث التدريب وسقوط الطائرات مع الادعاء بكونها معجزات دينية ودليل على الصلابة وعدالة الموقف العراقي.
(و) استخدام تصريحات ومقالات المسؤولين ووكالات الأنباء على أنها تمثل الرأي العام، وتخدم المصالح العراقية بينما في حقيقتها ما هي إلا تحليل متكامل عن الموقف، يؤكد مضمونه الحقيقي عكس ما ينشر أو يذاع تماما.
(ز) الإيحاء بأن العراق يدعو إلى السلام والأمن والطمأنينة من خلال رسائله إلى بعض الدول الأوروبية والشخصيات المسيحية المهمة مثل بابا الفاتيكان.
(ح) محاولة تضليل الرأي العام العربي والعالمي بأن ما قام به ليس غزوا بل استرداداً للحقوق المشروعة.
(4) أساليب التهكم والاستهزاء والسخرية
هي من أبرز سمات الحملات النفسية العراقية الموجهة للدول الحليفة والصديقة والتي تستهدف تشويه رموزها وقيادتها والنيل منها في محاولة لتجزئتها وتحطيم كبريائها وقد تميز الأسلوب العراقي بانتقاء أبذأ الألفاظ وأقذعها، والكلمات التي يتعفف عن سماعها أي فرد. إلا أن مثل هذه الأساليب لا تأتي إلا بنتائج عكسية لمخطط مثل هذه الحملات ويتوسع الجانب العراقي في هذا المجال باستغلال الشائعات والرسوم الكاريكاتورية.
(5) أساليب التشكيك وعدم الثقة
ركز المخطط في استخدام هذه الأساليب بهدف إظهار الآتي:
(أ) عدم قدرة القيادة السياسية وأنظمة الحكم في المنطقة على الإدارة الرشيدة لازمه الخليج وتوريط العالم العربي في صراع لا نهائي.
(ب) التفكك والتناقض بين ضباط وأفراد القوات المتحالفة وعدم تحملهم للظروف الطبوغرافية والمناخية للمسرح.
(ج) افتقار الضباط والجنود في القوات المتحالفة للثقة في أسلحتهم ومعداتهم العسكرية و عدم وجود ترابط بين القيادة المشتركة وهذه القوات.
(د) موافقة المملكة على إنشاء كنائس ومعابد يهودية على الأراضي المقدسة وكذلك عن وجود قوات إسرائيلية ضمن القوات المتحالفة تحت العلم الأمريكي لتقاتل المسلمين العرب في العراق.
(6) أسلوب التقارب (الصداقة ـ الحب):
ويبرز استخدام هذا الأسلوب في الحملات التي تشنها كل من إذاعتي (مكة المكرمة والمدينة المنورة) بهدف محاولة التقارب منه الأهداف المخاطبة والعمل على تحييدها وضمان استمرارها في استقبال الحملات النفسية وبالتالي تغير سلوكياتها على المدى البعيد.
(7) الأسلوب التحويلي
كما توسع المخطط العراقي في استخدام هذا الأسلوب في الحملات النفسية الموجهة لأفراد الشعب العراقي والقوات المسلحة من خلال الصحف القومية والعسكرية بهدف جذب انتباه أفراد الشعب والقوات المسلحة بعيداً عن الآثار الناتجة عن الغزو العراقي وما يترتب عنها من أثار اقتصادية وعسكرية مثل:
(أ) أحداث المسجد الأقصى والربط بين أزمة الخليج وقضية الشرق الأوسط.
(ب) العمل على إيجاد هدف قومي أو قضية محورية يلتف بها الشعب حول القيادة ومحاولة إظهار تماسك في الجبهة الداخلية وصمودها أمام نتائج الأزمة وكان من أبرز ما رصد في هذا المجال ما يلي:
· حملة الاستزراع (اتبعت إنجلترا هذه الحملة خلال الحرب العالمية الثانية).
· حملة حليب الأطفال.
· حملة توعية لترشيد استخدام الطاقة.
· حملة الرهائن (الإفراج عن رهائن بعض الدول الغربية).
· المظاهرات والمسيرات المؤيدة لصدام حسين.
· إقامة المعارض (الكتب ـ التصوير ـ الرسم ـ .. إلخ).
(8) أساليب الصمت وفرض القيود
توسع الجانب العراقي في أتباع هذه الأساليب خاصة في مواجهة حملات الدعاية الغربية البناءً على الحقائق وأتباع الأسلوب العقلاني مع التركيز على فرض القيود الأمنية والفنية على كل من أفراد القوات المسلحة والشعب العراقي على النحو التالي:
(أ) القيود الأمنية
· تجريم الاستماع إلى أي إذاعات أجنبية.
· منع أفراد القوات المسلحة من حيازة الراديو.
· معاقبة كل من يحوز منشور مناهض بعقوبات تصل إلى حد الإعدام.
(ب) القيود الفنية
تتمثل في الإعاقة والتشويش لرسائل البث الإذاعي (كان يمتلك العراق خلال هذه الفترة 16 محطة أعاقه، 15 محطة أذاعه بقدرات تصل إلى 500 كيلو وات).
د. أبرز الشعارات والرموز المستخدمة في الحملات النفسية العراقية
تلاحظ استخدام شعارات ورموز خلال الحملة العراقية تتسم باستعمال ألفاظ رنانة ذات صدى ومغزى وأثر نفسي ومعنوي كبير للعمل على احتواء أي رد فعل مضاد من جانب الشعب العراقي إضافة إلى إلهاء الشعب والجيش العراقيين بشعارات طنانة غير قابله للتطبيق في معظمها خاصة فيما يختص بالربط بين القضية الفلسطينية والأزمة الحالية بالخليج إضافة إلى استخدام شعارات ضد رموز الحكم في الدول العربية المناهضة لمنهج النظام العراقي فيما يتعلق بأزمة الكويت تتسم في أغلبها بالوقاحة واستخدام أسلوب السخرية والاستهزاء..وكانت أبرز الشعارات المرصودة خلال هذه الفترة ما يلي:
(1) إطلاق اسم صاروخ الحجارة على آخر إنتاج الترسانة الحربية العراقية تيمناً بثورة الحجارة
(2) يا صدام اتوكل بالله فلسطين حرة.
(3) القائد صدام مميز الشعب العربي وسيف على رقاب العملاء والجواسيس.
(4) لا مكان للأجنبي الذي يعد للعدوان على العراق في أرض الجزيرة العربية.
(5) العار لمن سمح للأمريكيين بتدنيس أرض المقدسات والإعداد للعدوان على العراق.
(6) يا صدام يا حبيب الخطوة الجاية في تل أبيب.
هـ. نقاط القوة والضعف في العمليات النفسية العراقية
(1) نقاط القوة
(أ) وجود جريدة يومية سياسية عسكرية تصدر من مديرية التوجيه المعنوي للقوات المسلحة العراقية.
(ب) استخدام أسلوب الإجبار الفكري الذي يعتمد على إلغاء إمكانية التفكير العقلاني لدى الأهداف المخاطبة وبطرق الملاحقة المستمرة مع التكرار مستغلا وجود نسبة كبيرة منهم تمثل الرأي العام المنساق
(ج) الارتكاز على نقاط تعرض واضحة في الحملات المعادية للعراق وتحويلها إلى نقاط ارتكاز في حملته المضادة خاصة فيما يبدو على السطح من ممارسات ديموقراطية في مجتمعات الدول المناهضة للسياسة العراقية.
(د) استخدام معاني وألفاظ عند تصميم الشعارات والرموز تشكل تأثيرا قوياً على الأهداف المخاطبة (نجد والحجاز ـ مكة المكرمة ـ المدينة المنورة ـ الأرض المقدسة ـ تدنيس أرض الحرمين ـ الإيدز - العاهرات .. إلخ).
(هـ) استغلال معاناة الشعب العراقي من مشاكل داخليه كنتيجة حتمية لفرض الحصار الاقتصادي والفكري وتحويل هذه المعاناة إلى غضب جماهيري موجه بوساطة الحزب الحاكم ضد كل ما هو معادي للعراق.
(و) النجاح في إرهاب وإجبار الأهداف المخاطبة والمحتملة من العراقيين من إمكانية استماعهم إلى إذاعات أجنبية أو قراءة مواد مطبوعة معادية.
(ز) النجاح إلى حد كبير في فرض سياسة التعتيم الإعلامي على الشعب والجيش العراقيين لفرض ما يريده النظام و توصيله لهم كأهداف مخاطبة.
(ح) النجاح في إجراء التعبئة النفسية والمعنوية للشعب والجيش ضد كل ما هو معادي للنظام العراقي.
(ط) امتلاك لقدرات دعائية قوية (إذاعة إستراتيجية من بغداد ـ إذاعة مكة المكرمة ـ إذاعة المدينة المنورة ـ مصر العروبة ـ صوت السلام) بحيث تمكنه هذه القدرات من التغطية الإعلامية للمسرح وعلى الموجات المتوسطة والقصيرة وتغطى تقريباً معظم المملكة السعودية طوال اليوم.
(ي) إمكانية استخدام أجهزة الفاكس المدنية في نشر وتوزيع المواد المطبوعة وسبق أن نقلت أجهزة الفاكس بالمملكة العربية السعودية منشورات عراقية تحذر من الأسلحة الكيماوية.
(ك) امتلاكه لجهاز عمليات نفسية معقد يعمل بكفاءة إلا انه يلجأ إلى الاستخدام غير الموضوعي أساليب وطرق قديمة ومستهلكة في أحداث معاصرة ومتطورة خاصة أسلوب التشكيك والتضليل والثورية في الوسائل المسموعة.
(ل) إصدار جريدة يومية للكويت تثبت أن نية العراق نحو الكويت كانت مبيتة وأن هذه النية ما زالت قائمة بعد اعتبار الكويت المحافظة رقم (19) وإلغاء التعامل بالدينار الكويتي والعمل الدؤوب على تغير الطبيعة الديموجرافية للدولة الكويتية (صحيفة النداء 3/8/1990).
(2) نقاط الضعف
(أ) اعتماد جهاز العمليات النفسية على المصادر العلنية نتيجة للقصور في الإمداد بالمعلومات وتجميعها وتحليلها بالوسائل الأخرى.
(ب) تميز حملاته الدعائية بالملل نتيجة التكرار الممل لتعظيم القيادة السياسية
(ج) إتباع سياسة التعتيم الإعلامي التي تنجح لفترة ما .. ولكن عندما يتوفر الخبر الصادق الذي يستطيع أن ينفذ إلى الأهداف المخاطبة تتحول هذه الأهداف كلها نحو هذا الخبر الذي يتميز بالصدق.
(د) اللجوء إلى الأساليب الرخيصة/ البذيئة، في السخرية والاستهزاء، ضد قيادات ورموز الحكم لدول التحالف، ورموزها فضلا عن اللجوء إلى استخدام الشائعات الكاذبة مما يفقد الحملة مصداقيتها والإقبال على متابعتها.
(هـ) اعتماده المطلق على الأكاديميين من المدنيين دون الكوادر المتخصصة والفنيين مما حول التخطيط والإدارة للعمليات النفسية العراقية إلى الطابع النظري والتقليدي مع افتقاد الفهم والمعرفة السليمة بالفروق بين القيم والتقاليد والنظم العسكرية من جانب، والتعامل مع العمليات النفسية المخططة من جانب القوات المتحالفة بتكنولوجياتها وكوادرها ووسائلها الرهيبة من جهة أخرى.
 
رد: العمليات النفسيه(الحرب النفسيه) والعمليات العسكريه


العمليات النفسية الإسرائيلية
بدأت الجماعات اليهودية في تطوير فكرها وأسلوب عملها منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكانت البداية العملية المنظمة هي المؤتمر الشهير الذي دعا إليه وترأسه اليهودي النمساوي الأصل (تيودور هرتزل) وعقد في بال عام (1897م)، وكان هدفه إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وقد أدركت الحركة الصهيونية منذ البداية أهمية الدعاية ودورها في تحقيق أهداف الصهيونية المتعاقبة، فاعتمدت على الدعاية بشتى الوسائل والأساليب من صحف وكتب وجمعيات ومراكز لجمع التبرعات والأموال، جنباً إلى جنب مع إنشاء المؤسسات الإرهابية التي اعتمدت على القوة واتخذت من الإرهاب والقتل والتدمير منهجاً لها. وقد استطاع الصهاينة بأساليبهم الإعلامية المختلفة، وبالوسائل المتاحة لديهم، تحقيق أكبر عملية غسل للدماغ لمصلحة مخططات تهويد فلسطين وتغيير معالمها العربية والسيطرة عليها أطول فترة ممكنة من الزمن. ويرجع هذا النجاح إلى سيطرتهم على الرأي العام في أوروبا الغربية وأمريكا على وجه الخصوص. فقد تفهم الصهاينة تأثير الرأي العام في البلدان الغربية ـ وخصوصاً الدول ذات النظم البرلمانية والانتخابات الحرة ـ ودوره في التأثير على القرار السياسي في هذه البلدان، فجعلوا من الرأي العام شغلهم الشاغل فأغرقوه بالمعلومات التي تبشر بآرائهم وأفكارهم السياسية حتى أصبحت تلك المجتمعات حكراً عليهم ومغلقة أمام خصومهم، والأدهى من ذلك أنهم جعلوا من تلك المجتمعات بوقاً لأفكارهم مدافعاً عن أطماعهم وتطلعاتهم.
أولاً: مراحل تطور العمليات النفسية الإسرائيلية
اتسمت العمليات النفسية الإسرائيلية بالمرحلية التوسعية والتخطيط المتقن الذي يقف وراءه أخصائيون يرسمون معالمه ويحددون خطواته وفقاً لمعطيات وتحليلات ودراسات شاملة. والعمليات النفسية الإسرائيلية تتلون بألوان الواقع السياسي والوضع القائم من غير أن تفقد خطها، وتطرح مقولتها في تناغم وانسجام مع العمل العسكري والسياسي؛ والدارس للعمليات النفسية الإسرائيلية يمكن أن يميز ثلاث مراحل هي:
1. العمليات النفسية الإسرائيلية قبل إنشاء الكيان الصهيوني
ارتكزت العمليات النفسية الإسرائيلية في هذه المرحلة على الترويج للأفكار التالية:
أ. مقولة "الحق التاريخي وأرض الميعاد"
وتتضمن هذه المقولة ادعاء الصهاينة بأن لهم حقاً قديماً وإلهياً في فلسطين، حيث قامت الدعاية الصهيونية بترسيخ موضع الحق التاريخي في فلسطين بواسطة مقولة "أرض الميعاد" وبنت الصهيونية على مقولة أرض الميعاد مقولة أخرى هي "حق العودة" حيث صدّرت للرأي العام ـ خصوصاً الرأي العام المسيحي ـ أن اليهود طُرِدوا من فلسطين على يد الرومان، وأن لهم الحق في العودة إليها، لأن من حق المطرود أن يعود إلى وطنه. مع أن الواقع عكس ذلك، فقبل الحرب العالمية الأولى كان تعداد سكان فلسطين (750) ألف نسمة، ثمانية أتساعهم من العرب والتسع الآخر فقط من اليهود.
ب. مقولة "العداء للسامية" (الهولوكوست: المحرقة
يدعي اليهود بأن العقيدة الصهيونية نشأت كرد فعل لمعاداة السامية التي يعتبرونها أبدية ما دام لليهود وجود بين قوميات أخرى. والتناقض في هذه الدعوة واضح وضوح الشمس، إذ إن العرب أنفسهم ساميون وإن عداء المجتمعات التي عاش بها اليهود لا يقف وراءه ادعاء وهمي كهذا، بل حقائق ودوافع كانوا هم سببها، فالنازية التي اعتقلت الملايين من شتى القوميات واضطهدتها وعذبتها، كان من بينهم عدد قليل من اليهود لا يقاس بضحايا الشعب السوفيتي التي فاقت العشرين مليوناً، لكن كل ما ارتكبته النازية بحق العالم حولته الصهيونية لحسابها واستثمرته لخدمة أغراضها العدوانية، فقد أمر "بن جوريون" العملاء الصهاينة بتفجير معبد يهودي في بغداد لكي يستغل هذا الانفجار كإثبات على العداء الوحشي الذي يكنه العالم والعرب للسامية، وكأن العرب لم يعودوا ساميين، وبحجة القضاء على معاداة السامية تقوم إسرائيل بالعدوان واحتلال الأراضي وطرد العرب والتنكيل بهم.
ج. مقولة "الجنس اليهودي المتميز"
يزعم اليهود بأنهم أنقى جنس خلقه الله. يقول (ليفين) عضو الكينست الإسرائيلي عن حزب (أجودات إسرائيل) عام (1970م): "إننا لسنا شعباً كباقي الشعوب ولسنا ديناً ككل الأديان، إننا شعب خاص، شعب الله، شعب التوراة ". وقد استغل اليهود هذا الزعم العنصري المفتري لاجتناب الاندماج مع غيرهم، لأن في هذا الاختلاط فقدانا لنقاء اليهود وبالتالي الإساءة إليهم. وقد أكدت الأبحاث العلمية والحقائق الموضوعية عدم صحة ادعاءات الصهيونية بتميز الجنس اليهودي، فيهود العالم لا يرجعون إلى جنس واحد، وليس في الطبيعة نمط عنصري محدد لليهودي في سائر بقاع الأرض، فهم أبناء دين لا أبناء جنس واحد. ويثبت الواقع العلمي أيضاً حقيقة اختلاط الناس وتمازجهم على مدى القرون ومن شتى القارات، مما يؤدي إلى عدم وجود جنس واحد نقي. ويهود إسرائيل حسب أرقام مجلة النيوزويك الأمريكية هم أناس قادمون من تسعين بلداً ويتكلمون سبعين لغة.
2. العمليات النفسية الإسرائيلية بعد قيام الكيان الصهيوني
أ. مقولة الأرض الخالية من السكان والصحراء القاحلة
وهي تختصر الزعم القائل بأن فلسطين (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، وطرح هذا الزعم قبل إنشاء دولة العدوان وبعده، حيث زعموا أن فلسطين بقيت خالية من السكان منذ طرد اليهود منها على يد الرومان قبل ألفي عام، ولأنها بقيت خالية فمن حقهم العودة إليها والاستيطان فيها وتعميرها. قال (حاييم وايزامان)، أول رئيس إسرائيلي: "هناك بلد اسمه فلسطين، وهو بدون شعب، وهناك الشعب اليهودي، وهو بدون بلاد"، وزعم (ليفي أشكول) في عام (1969م) للنيوزويك الأمريكية: "لقد كانت صحراء، فقط بعد أن جعلنا الصحراء تزدهر ومأهولة بالسكان أصبحوا مهتمين بأخذها منا". وما أوضح الكذب والتضليل والخداع في هذه الدعاية، لأن فلسطين لم تكن خالية كما أسلفنا في مقولة (الحق التاريخي) من حيث عدد السكان، كما كان الشعب الفلسطيني متقدماً في الزراعة حتى بلغت صادرات الحمضيات من فلسطين قبل الحرب العالمية الأولى أكثر من مليون جنيه فلسطيني، فلا هي خالية من السكان ولا هي صحراء قاحلة كما يدعون ولا أهلها متخلفون.
ب. مقولة الجيل الجديد (الصابرا)
هذه المقولة مفادها أن هناك جيلاً جديداً قد تشكل في إسرائيل، وهذا الجيل ولد في فلسطين ومن حقه بالتالي العيش والاستيطان فيها. ولا يحق لأي قانون أن يطرده منها، وأية محاولة للطرد تُعد عملية عدوانية وضد حقوق الإنسان اليهودي، ويتغنى الإعلام الصهيوني بهذا الجيل وقدرته الخارقة. ويدعى أن أمة جديدة قد تكونت منذ أكثر من ثلاثين سنة وأن هذه الأمة لها خصائصها القومية، ولغتها الخاصة بها، هذه الأمة هي الأمة العبرية أو الإسرائيلية. ويستخدم الصهاينة هذه المقولة دفاعاً عن سياسة الاستيطان العدوانية محاولين إظهار تكوين سيكولوجي موحد للتجمع الإسرائيلي.
ج. مقولة إسرائيل الصغيرة
حيث يعقد اليهود مقارنة بين المساحات التي يسكنها العرب من المحيط إلى الخليج وبين مساحة إسرائيل الصغيرة، وفي الوقت نفسه تحرص الدعاية الصهيونية على عدم ذكر فلسطين أو الشعب الفلسطيني وحتى في حال الإشارة إلى اللاجئين الفلسطينيين، فإن الإعلام الصهيوني يدعو إلى توطين هؤلاء اللاجئين في الأقطار العربية كما فعل الألمان الغربيون بالمواطنين اللاجئين من ألمانيا الشرقية. ومقولة إسرائيل الصغيرة مقولة تستدر بها الدعاية الإسرائيلية عطف العالم، كما تبرر بها أعمالها التوسعية، والتماس السند المادي والمعنوي والعسكري.
د. مقولة إسرائيل المكافحة من أجل العيش والبقاء
يحاول الإعلام الصهيوني عبر هذه المقولة وضع إسرائيل في صورة الدولة المهددة باستمرار. ويدَّعي هذا الإعلام أن إسرائيل المسالمة تكافح من أجل العيش والبقاء واتقاء أخطار العرب عامة والفلسطينيين الإرهابيين بحسب تسميتها لهم، وأن وقفة إسرائيل في وجه هذا الخطر هي بطولة فذة، ومن خلال هذا الادعاء تبرز مقولة وزعم الحدود الآمنة، ونظرية الأمن الإسرائيلي، والحروب الوقائية، وقمع الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم.
هـ. مقولة إسرائيل دولة حضارية في محيط متخلف
تدعي إسرائيل في هذه المقولة بأنها الوجه الحضاري التقدمي الغربي وأنها امتداد للحضارة الغربية المعاصرة في المشرق وذراعها الفاعل في تغيير التخلف الشرقي، وأن أي تسليح للعرب هو تحطيم لهذا الوجه الحضاري المشرق، بل هو خطوة أولى في تحطيم الحضارة الغربية ومنجزاتها العلمية والتكنولوجية.
3. العمليات النفسية الإسرائيلية بعد عام (1973م)
نظراً لتطور الأحداث في الساحة الدولية وانعكاساتها على ساحة الصراع العربي الإسرائيلي وما استجد من ظروف وأمور، وحرصاً من إسرائيل على مسايرة الأحداث والظروف، فقد عمدت إسرائيل إلى التركيز في عملياتها النفسية على بعض مقولاتها السابقة واستحداث مقولات أخرى تلائم الأوضاع والتطورات ومنها ما يلي:
أ. خطر الإسلام الزاحف
تثير إسرائيل مشاعر الخوف من الإسلام وتعمل وسائل الدعاية الإسرائيلية على التحذير من الصحوة الإسلامية وخطورة الأممية الإسلامية، وتربط ذلك بأن إسرائيل تمثل القلعة الأولى في الدفاع عن الحضارة الغربية ضد الإسلام، كما سبق ووقفت ضد المد الشيوعي. وينسحب هذا التخويف على مظاهر القوة في أي بلد إسلامي، كامتلاك باكستان القنبلة الذرية، فعبرت الدعاية الصهيونية عن ذلك بفيلم أسمته (قنبلة من أجل الإسلام) وبآخر أسمته (القنبلة الإسلامية)، وينسحب من هذه المقولة كذلك الإرهاب الإسلامي أو الإسلام الإرهابي، والعرب المسلمين الإرهابيين.
ب. خطر العربي الثري
ظهرت هذه المقولة لتعبر مجدداً عن مقولات سابقة تؤكد بجملتها على أن إسرائيل هي المدافع عن تفاقم الخطر العربي المتمثل مجدداً في امتلاك العرب لقوة النفط، وبرز ذلك بوضوح بعد حظر النفط العربي في حرب (1973م) واستخدام العرب لحقهم المشروع في تنبيه الغرب المغالي والمسرف في تجاهله لحقوق العرب.
ج. تشويه الطابع القومي العربي والإسلامي على حد سواء
لعبت الصحافة التي يسيطر عليها اليهود دوراً كبيراً في تشويه صورة العربي المسلم، هذا بجانب التلفزيون والسينما في الولايات المتحدة الأمريكية بالذات، فحسب البرامج، فإنه في الفترة ما بين عام (75 ـ 1980م) يظهر العربي في التلفزيون الأمريكي مرة كل أسبوعين في شخصية مثيرة للضحك والاشمئزاز، ولا يكاد يخلو مسلسل واحد من المسلسلات الأمريكية التلفزيونية المعروفة من إشارة مهينة للعرب، ومن أكثرها تعريضاً للعرب مسلسلا (ملائكة شارلي) و (ملفات روكفورد)، والنتيجة في نظر (30%) من مشاهدي التلفزيون الأمريكي هو مرادف للإرهابي.
د. تأليه الطابع القومي اليهودي
وهذا الأسلوب هو استمرار لأسلوبهم القديم مقابل تشويه الصورة العربية الإسلامية، وقد ظهر ذلك بوضوح في الفيلم الإنجليزي (عربات النار) الذي يظهر اليهود بأنهم شعب الله المختار، وغيره من الأفلام مثل الفيلم التلفزيوني الأمريكي (امرأة تدعى جولدا) الذي يضفي على اليهود صفات البطولة والإنسانية والحكمة والقوة.
هـ. توثيق ربط اليهود بالمسيحية
وهذه المقولة قديمة إلا أنها عادت بتركيز شديد بعد عام (1973م)، وفيها تطرح الدعاية الصهيونية فكرة أن المسيحية التي تؤمن بعودة المسيح مرة ثانية يجب أن تساعد على تجميع اليهود وبناء الهيكل الثالث (وهذا مدخل لجعل القدس عاصمة لإسرائيل). وذلك لأن التنبؤات التوراتية تقول بظهور المسيح (للمرة الأولى بالنسبة لليهود، وللمرة الثانية بالنسبة للنصارى) ولا يتم ذلك إلا بعد عودة اليهود إلى فلسطين وبناء الهيكل الثالث. وقد عبر عن المخاوف من هذا الاتجاه المطران العربي (إيليا خوري) في الندوة الصحفية التي عقدت في (25/6/1981م) بقوله: "مصيبتنا الكبرى هي الكنائس في أمريكا، فالكنائس المسيحية هناك تهوِّد العقيدة المسيحية، وتجعل الدين المسيحي مذهباً يهودياً"، وهذا ما تفعله الصهيونية اليوم ويمارسه اليهود في أمريكا بعناد وإصرار.


fig10.jpg


و. إن الأعمال الحربية الإسرائيلية هي من أجل السلام العالمي
وخير مثال على ذلك ادعاء إسرائيل خلال غزوها لبنان عام (1982م) بأنها تهدف إلى تطهير المنطقة من الإرهاب، ولذلك أعطت أعمال الغزو الحربية اسماً يعكس معنى الهدف المدَّعى (سلام الجليل). وإذا كانت هذه الفكرة تنسحب من مقولاتها السابقة (إسرائيل الضعيفة المعتدى عليها باستمرار من قبل العرب) وهو ما بررت به اعتداءاتها على العرب في الأعوام (1956م، 1967م،) إلا أن حرب (1982 م) نسفت هذه المقولة من الأساس؛ رغم الستارة الدخانية التي أخفت عملية الغزو خلفها وهي تأمين الحدود وسلامة منطقة الجليل. حيث إن المقاومة الشديدة التي جوبهت بها إسرائيل ثم انسحابها، جعلت العالم يوقن بكذب هذه المقولة.
ثانياً: خصائص وسمات العمليات النفسية الإسرائيلية
على الرغم من تعدد المراحل التي مرت بها العمليات النفسية الإسرائيلية إلا أنها عموماً اتسمت بسمات وخصائص يمكننا أن نلخصها فيما يلي:
1. المركزية
العمليات النفسية الإسرائيلية هي حرب يديرها جهاز يضم الخبراء المختصين الذين يضعون التخطيط الشامل للعمليات النفسية، ثم يرسمون الخطط المرحلية التي ستنفذ مع وضع البدائل للخطط المقترحة وذلك ضمن استراتيجية عامة للعمل الإعلامي الدعائي النفسي وفق سياسة الدولة، وهي ترتبط بأدوات تنفيذ السياسة الخارجية والأداة العسكرية، مما يظهر معه ارتباطاً وانسجاماً بين الإعلام والعمليات النفسية والعمل الدبلوماسي والإدارة العسكرية.

tr.gif
Fig11.jpg
















2. التخصص
تتعدد مجالات العمليات النفسية الإسرائيلية، ولا شك أن ذلك يقتضي الاعتماد على خبراء مختصين في كافة مجالاتها. وتركيبة المجتمع الإسرائيلي تساعد في ذلك، إذ إنهم تجمعوا من كل بلاد العالم، وكل منهم يحمل مؤهلات وخبرات البلد الذي قدم منه، مما ساعد في توفير كل الاختصاصات المطلوبة لتلك العمليات النفسية.
3. التركيز
تعتمد العمليات النفسية عامة على التركيز في عملياتها الدعائية التي تهدف إلى تنفيذها، وهنا يأخذ التركيز الهدف بعين الاعتبار ثم يعمد إلى التكرار كصفة هامة يجب أن تتضمنها أية دعاية يراد لها النجاح. وهذه السمة نجدها واضحة في ممارسات العدو لعملياته النفسية، حيث يعمد إلى التركيز في دعايته المضللة ويستخدم أسلوب الحملات العامة التي توجَّه عادة للتأثير في كافة المجالات المراد التأثير عليها.
4. التوقيت
تحرص إسرائيل دائماً في عملياتها النفسية على عامل التوقيت لعلمها بأن الإعلام الدعائي النفسي الناجح يجب أن ينطلق في الوقت المناسب مع تهيئة الجو وشحنه بعوامل القبول والتصديق، إذ أن دقة التوقيت تعطي دعماً لواقعية التعامل النفسي بمختلف أشكاله مما يساعد على إعطاء المردود النفسي المطلوب.
5. إضفاء المصداقية النسبية
يقيم الإعلام الإسرائيلي وزناً كبيراً للمصداقية النسبية، ويسعى بدأب للحفاظ على ثقة المستمع ـ العدو والصديق معاً ـ وهذه المصداقية تعتمد على سيكولوجية الجماهير وسيكولوجية الفرد، وتتطلب جمع معلومات واسعة عن أماني الشعب الخصم وتطلعاته.
6. الهجوم
إذا حللنا العمليات النفسية الموجهة إلى العالم العربي نجدها ذات طابع هجومي، أي تسعى لامتلاك المبادرة الدعائية. ويظهر هذا الخط الهجومي الدعائي بوضوح عند قيام إسرائيل باعتداءات عسكرية، أو اتخاذها لقرار هام مثل ضم منطقة محتلة مثلاً، فإن الإعلام سرعان ما يواكب هذا القرار السياسي بهجوم دعائي.
ثالثاً: أساليب العمليات النفسية الإسرائيلية
تستخدم إسرائيل الأساليب التالية في عملياتها النفسية
1. التركيز على هدف واحد في وقت واحد
تحاول إسرائيل دائماً الاستفادة من المتغيرات السياسية والعسكرية والاجتماعية التي تحدث في العالم، ولا تدع فرصة واحدة تفوتها، فمثلاً في قضية فتح صنبور الهجرة اليهودية السوفيتية، اغتنمت إسرائيل فرصة هدوء المسرح العالمي وتهيُّؤه للتلقي فجندت كل طاقاتها الإعلامية لتثير ضجة وجدلاً حول التهجير وفتح مراكز الاستقبال في الدول الغربية. وفي حرب رمضان نجد أن الإعلام الإسرائيلي ركز على أخبار المعارك متجاهلاً تماماً قطع الدول الأفريقية علاقاتها مع إسرائيل، وذلك لتختار إسرائيل الوقت الملائم لعرض المسائل حسب رغبتها ومعالجتها على النحو الذي يرضيها.
2. أسلوب خلق مصادر مختلفة للأخبار
تضفي إسرائيل بعداً آخراً للأخبار أو تنسبها إلى مصدر آخر إضافي تأكيداً لصحتها في آذان المستمع ثم تعتمد تلك المصادر الأخرى كأساس باعتبارها مصادر خارجية محايدة. وخير مثال على ذلك في حرب (1973م) عندما منيت إسرائيل بخسائر فادحة في المعدات والأرواح لجأت إلى الصحافة العالمية المملوكة في معظمها لليهود، ومراسليها الصهاينة، وأخذت تذيع رسائلهم المكذوبة والمحشوة بالتلفيق حتى قال أحد المراسلين الأجانب آنذاك: "عندما تذيع إسرائيل حقيقة خسائرها بعد الحرب، فإن الفضيحة ستكون أكبر مما أثارته فضيحة ووترجيت".
3. إخفاء الأخبار الملائمة للخصم وتضليله عنها
لقد درجت إسرائيل منذ نشأتها على إخفاء الحقائق والمعلومات وأخبار عمليات المقاومة، وحتى في الحروب، لا تعترف إسرائيل بخسائرها، ففي عام (1973م) لم تعترف إسرائيل بخسائرها بل كانت تصفها بأنها طفيفة، وحتى بعد تدمير لواء الدبابات (190) في سيناء وأسر قائده قالت إسرائيل إن الورش تعمل على إصلاح الدبابات التي استهلكت من جراء الاستعمال. وفي الحرب نفسها كشف صحفي يهودي عن بيانين لكل من (موشي ديان) و(ديفيد أليعازر) في الأيام الأولى من الحرب، يُظهر فيهما مدى الرعب والانهيار النفسي الذي أصاب قادة اليهود. فقد قال وزير الدفاع موشى ديان مخاطباً اليهود: "هذا الوقت عصيب، وقواتنا في الجولان وسيناء تتراجع، ولم يعد خط بارليف قائماً! وقد تم تحييد سلاح الجو.. وباختصار فإن الوضع مأساوي، إلا أنه غير خطير". أما (ديفيد أليعازر) فقد قال: "لقد خرج اليوم جيش الاحتلال الإسرائيلي للقيام بهجوم مضاد، ولكن ـ بصدق ـ فقد فشل الهجوم، قوات العدو (العرب) هائلة وسوف يحطمون عظامنا!! وأقصى ما آمله هو أن يكتفي المصريون بصدِّ هجومنا فقط، والاكتفاء بسيناء .. ثقوا وتشجعوا". وهذه البيانات لم يسمع بها الناس لأن خبيراً نفسياً منع إذاعتها لعلمه التام بأنها لو أذيعت لتغيرت مجريات الأحداث في المعركة.
4. أسلوب التحويل السريع للأخبار
تحاول إسرائيل دائماً، عن طريق إعلامها القوي وأبواق دعايتها، تحويل الأنظار عما يجري في الساحة ـ إن كان في غير مصلحتها ـ ففي حرب (1973م) حاولت إسرائيل تحويل الأنظار عن خسائرها وهزائمها وعن الإنجازات التي حققتها الجيوش العربية ـ خاصة في جبهة سيناء ـ بالتركيز على تواجد الجيش الإسرائيلي في غرب قناة السويس، ثم أخذت تتحدث عن موضوع تبادل الأسرى، موحية بذلك للمستمع والجندي الإسرائيلي ـ بطريقة غير مباشرة ـ بأن كل ما يسمعونه من أخبار الحرب من الإذاعات هراء وتلفيق، تاركة المستمع والجندي الإسرائيلي مبلبلي التفكير مشتتي الذهن، محافظة على صورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.
5. إشاعة عدم الثقة بالنفس وإيقاع المستهدف بالتخبط الفكري
لقد دأبت إسرائيل في عملياتها النفسية ضد العرب على استخدام شتى الأساليب، ومن هذه الأساليب، تشكيكهم في كل من حولهم وزعزعة ثقتهم في أنفسهم وقادتهم وإعلامهم. ففي حرب (1973م)، وأثناء المعارك الطاحنة الدائرة في الجولان، كان الإعلام الإسرائيلي يذيع باللغة العربية أن حكومة إسرائيل تعتزم وضع خطط لمضاعفة سكان الجولان. ولا شك في أن هذا الأسلوب الخبيث يلقى في نفس المستمع العربي الشك في صحة ما نقلته وسائل الإعلام العربي، كما أنه يوحي له بأن نتائج المعارك على العكس تماماً مما تذيعه الإذاعات العربية.
6. استغلال المعارك السابقة كرصيد يستشهد به
لا شك أن الجيش الإسرائيلي قد أحرز بعض الانتصارات في الحروب العربية الإسرائيلية السابقة لظروف كثيرة كانت في صالح الجيش الإسرائيلي، ولكن قادة العدو ووسائل إعلامه قد تجاهلت تلك الظروف وعزت تلك الانتصارات إلى أسطورية هذا الجيش وكفايته العالية التي لا تقهر، وذلك لتعميق مفهوم شجاعة الجندي الإسرائيلي ومقدرته على التعامل مع أحدث الأسلحة التكنولوجية التي حظه فيها أوفر من نظيره العربي.
7. الحرص على إظهار التفوق التكنولوجي
من المعروف أن إسرائيل تتفوق تكنولوجياً على جميع الدول العربية، وذلك لحرص القوى الكبرى والعالم الغربي على ترجيح ميزان القوى لمصلحتها، باعتبارها دويلة صغيرة محاطة بأعدائها العرب من كل الجهات كما يزعمون، ولذلك عمدوا ـ منذ نشأتها ـ إلى مدِّها بكل أسباب التقدم والتكنولوجيا والأسلحة الحديثة من طائرات وصواريخ، وبكل ما أنتجته آلة الحرب الغربية من عتاد عسكري يضمن لها الغلبة حتى أصبحت إسرائيل اليوم تمتلك أفضل سلاح جوي في منطقة الشرق الأوسط، وتزعم بأن الفارق التكنولوجي بينها وبين العرب هائل جداً، وأنها ستحرم العرب من اللحاق بها حتى منتصف القرن الحادي والعشرين على أقل تقدير. وما تطالعنا به وسائل الإعلام الإسرائيلية من نجاح تجارب إطلاق الصواريخ والأقمار الإسرائيلية (أريحا ـ 1، أريحا ـ 2، الأفق ـ 1) ما هو إلا تعميق للشعور باليأس وإيحاء باتساع الفارق التكنولوجي بينها وبين العرب.
8. التخويف بالأسلحة النووية ونظرية الردع النووي
إن تبني إسرائيل للأسلحة النووية وإدخالها ضمن استراتيجية الدفاع الإسرائيلي إنما القصد منه ردع العرب عن شن هجوم رئيسي ضدها أو تهديد بقائها. يقول الدكتور محمد حجاز ضمن حديثه عن عناصر الدعاية الصهيونية على مستوى الوطن العربي: "إن الصهيونية تمارس التخويف بالسلاح النووي الذي تملكه من خلال إذاعة أخبار ما يكتبه المعلقون السياسيون العالميون من تعليقات ودراسات عن قوة إسرائيل النووية، وعن الأسلحة المتطورة الحديثة التي تردها من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك كجزء من الحملة السيكولوجية الدعائية الرامية إلى إبقاء الأمة العربية تحت سيطرة البعبع الإسرائيلي وتيئيسها من متابعة القتال".
9. الترويج لأسطورة الجيش الذي لا يقهر
نجد في كتابات اليهود عن جيشهم مقولة ظلوا يرددونها حتى أصبحت من المسلمات البديهية، ألا وهي مقولة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، والذي يستطيع منازلة كل الجيوش العربية وهزيمتها. ثم راحت أجهزة الإعلام الصهيوني تروِّج لها بإمكانياتها الواسعة في مشارق الأرض ومغاربها حتى صدقها الكثيرون... وقديماً قيل: يستمر الرجل يكذب حتى يصدقه من حوله، ثم يكذب حتى يصدق نفسه. وهنا تقع الطامة.. وقد وقعت بإسرائيل فزلزلت بنيانها المنقوش، لقد صدقت إسرائيل أكاذيبها حتى خرج عليها يوم (24) أكتوبر رئيس دولتها (إبراهيم كاتزير) يوقظها من أحلام الخيال، ويكشف لشعبه المخدوع طرفاً من الحقائق الأليمة، فيقول: "لقد كنا نعيش بين عام (1967م، 1973م) في نشوة لم تكن الظروف تبررها، بل كنا نعيش في عالم من الخيال لا صلة له بالواقع، وهذه الحالة النفسية هي المسؤولة عن الأخطاء التي حدثت قبل حرب أكتوبر، وفي الأيام الأولى للحرب، لأنها كانت قد تفشَّت في كل المجالات العسكرية والسياسية والاجتماعية وأحدثت فيها مواطن ضعف خطيرة".
10. الانفراد بالجبهات
تعلم إسرائيل جيداً بأنها لا تستطيع مجابهة الجيوش العربية مجتمعة، لذلك نجدها في جميع حروبها الإسرائيلية العربية قد تبنت استراتيجية الانفراد بالجبهات ـ أي مقاتلة الجيوش العربية كل على حده ـ ممارسة بذلك عمليات نفسية ناجحة، ومدعية بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي هزم الجيوش العربية. ففي حرب (1967م) نجدها تصدَّت أولاً بقواتها للجبهة المصرية في سيناء، حيث أوقفت تقدم القوات المصرية، ومن ثم انتقلت وبسرعة فائقة للجبهة السورية حيث استطاعت حسم المعركة في أقصر وقت.
11. الرد السريع وعدم الاستجابة للضغوط
لقد دأبت إسرائيل على ألا تترك عملية مسلحة تقع ضد مستوطناتها أو أي فرد من أفراد شعبها دون رد سريع وحاسم، ولا تقبل المساومة أو المفاوضة. فمثلاً في عملية "عنتيبي" الشهيرة التي تم فيها اختطاف طائرة إسرائيلية رفض اليهود المفاوضة والمساومة واستغلوا وقت المفاوضات الجارية آنذاك في مطار عنتيبي في الإعداد لعملية كوماندوز ونفذوها بنجاح تام ـ رغم بعد المسافة بين تل أبيب وعنتيبي ـ حرروا فيها طائرتهم. وقد أصبحت عملية "عنتيبي" فيما بعد مادة خصبة للدعاية والعمليات النفسية، وأن إسرائيل لا تنحني للضغوط. ويعتبر هذا الموقف جزءاً من العمليات النفسية، إذ تعطي إسرائيل عن نفسها صورة الدولة ذات المبادئ، والمنهاج الثابت والصلابة.. فهي بالتالي تتصرف عن قوة، لأن القوي الذي لا يرضخ ولا يتنازل. وهي في الوقت ذاته تريد حرمان خصومها من أية فرصة يحققون فيها انتصاراً يعزز ثقتهم بأنفسهم ويغريهم بسلوك الطريق مرة ثانية.
12. التدمير وارتكاب المجازر
تلجأ إسرائيل إلى ارتكاب أعمال دموية بربرية فظيعة لتلقي بها الرعب والخوف في النفوس، وما تلك المجازر التي حدثت في دير ياسين وصبرا وشاتيلا إلا صوراً واضحة للعيان لا تخفي أهداف العدو من ورائها. ويفخر "مناحم بيجين" بالأعمال التي تمت على يد منظمته، فأوقعت الرعب في قلوب الناس أثناء احتلال يافا فيقول: "وفجأة رأينا أمام أعيننا ظاهرة عجيبة.. الهرب الجماعي من يافا.. لقد بدأ المدنيون العرب، وفريق من المحاربين يهربون من المدينة فجأة، وقد غلبهم الذعر؛ والظاهر أن هناك سببين لهذا الهرب والرعب: أولاً: اسم مهاجميهم المخيف، والدعاية المرعبة التي أحاطت بهذا الاسم، فقد أرسل مراسل اليونايتدبرس في بيروت إلى جريدته يومها يقول: "إن الهاربين الذين وصلوا إلى بيروت قالوا: إن الأخبار التي وصلتهم تفيد بأن الأرغون تقوم بالهجوم مما زرع الرعب في قلوبهم". وأما السبب الثاني: فكان قوة مدفعيتنا. لقد رددنا ليافا في يوم ما أعطته لتل أبيب في ثلاثة أشهر". ويقول الجنرال (شائون نكديمون) عن النبطية: "لقد بدت لنا المدينة كأنقاض من جراء القصف الجوي والأرضي الذي لم يترك الكثير من المباني لم تدمر". ويقول الجنرال (بن تسيون شرايدر): "ماذا نفعل أكثر من ذلك، لقد دمرنا لهم المدن والقرى، ومسحنا لهم مخيماتهم".
رابعاً: وسائل العمليات النفسية الإسرائيلية
تستخدم إسرائيل في عملياتها النفسية الأساليب المعروفة من حيث: التضليل الإعلامي والصدمة النفسية، والتهديد المستمر بالبطش، والاستدراج الإعلامي، والدعاية المتكررة، والنشرات الاستسلامية.. إلخ، ولم تقتصر إسرائيل في عملياتها النفسية على إذاعتها وتلفزيونها، بل قامت بشراء العديد من الصحف والمجلات في العالم ـ وخاصة في أمريكا وأوروبا ـ نظراً لتأثير هذه الصحف في الرأي العام. وسيطرت إسرائيل على كثير من المؤسسات السينمائية ودور النشر والتأليف وشبكات التلفزيون، واستغلتها في دعايتها وتمرير أهدافها.
1. الإذاعة والتلفزيون
الإذاعة والتلفزيون في الكيان الصهيوني حكوميان، ولكن تتولى الإشراف عليهما سلطة مستقلة. أنشئت الإذاعة عام (1965م)، وتبث إذاعة إسرائيل برامج بمختلف اللغات، ولكن أهم برنامج لإذاعة العدو هو برنامجها باللغة العربية حيث تبلغ مدة البث (15) ساعة يومياً، وتتضمن (12) نشرة أخبار، ويتولى هذا البرنامج شن العمليات النفسية على الجماهير العربية، والجدير بالذكر أنه تم عام (1971م) تقوية بث البرنامج العربي، إذ جرى تشغيل أجهزة الإرسال الجديدة على الموجة المتوسطة التي تبلغ قوتها (600) كيلو وات، وهي تسمع بوضوح على مسافة (2000 كم). كما تُعد الإذاعة الإسرائيلية برامج ثقافية وإخبارية تحليلية ترسلها إلى الإذاعات المتعاونة معها في أوروبا وأمريكا اللاتينية، وكندا، والدول الأفريقية كبرنامج "هنا إسرائيل". أمّا التلفزيون الإسرائيلي فقد بدأت فكرة إنشائه عام (1951م)، ليكون الأداة التحريضية المساعدة في صياغة الشخصية الإسرائيلية وفق مواصفات الثقافة الصهيونية وعلى رأسها سيادة الروح العدائية ضد العرب. وقد تم تشغيله عام (1968م) في معارضة دينية شديدة لأنه يتعارض وتعاليم الديانة اليهودية. حيث بدأ يبث أربع ساعات منها ثلاث ساعات بالعربية. أما الآن فيبث بالعبرية (4) ساعات، وبالعربية ساعتين.
2. أجهزة الإعلام في وزارة الخارجية
أ. دائرة الإعلام
وهي الجهة المسؤولة عن تخطيط وتنسيق نشاطات الإعلام الصهيوني عامة في دول العالم الخارجي. وتقوم بالاتفاق مع الصحف العالمية على إصدار ملاحق خاصة عن الكيان الصهيوني، وكذلك تقوم بتنظيم المقابلات والندوات وإعداد وتوزيع الكتيبات، وإقامة علاقات وثيقة مع شبكات التلفزيون الأجنبية، وإعداد المسلسلات الجديدة حول مختلف جوانب الحياة الإسرائيلية، وتنظيم الحملات الدعائية.
ب. دائرة التعاون الدولي
وتعني بتنسيق ومتابعة برامج التعاون الفني والعلمي والتدريب مع بعض دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وذلك بإرسال الخبراء الصهاينة للعمل في الخارج، وتقوم كذلك هذه الدائرة بتنظيم الندوات والمؤتمرات الدولية.
ج. دائرة العلاقات الثقافية والعلمية
ومهمة هذه الدائرة تطوير علاقات الكيان الصهيوني مع دول العالم الأخرى في المجالات العلمية والثقافية والفنية، وهذه الدائرة ركن أساسي من أركان الإعلام الصهيوني

tr.gif
fig12.jpg

















د. المكتب الصحفي بوزارة الخارجية
يقوم بتزويد الصحافة المحلية والمراسلين الأجانب بالأنباء اليومية أو ترتيب مقابلات الصحفيين لمسؤولي الخارجية الصهيونية.
هـ. قسم رعاية الضيوف الرسميين
ويتولى إعداد برامج زيارات الضيوف الرسميين حسب رغبة وذوق وأهواء كل منهم بما ينال رضاهم. وقد بلغ عدد ضيوف وزارة الخارجية عام (69) زهاء (1500) ضيف من (71) بلداً.
3. أجهزة الإعلام في وزارة الدفاع. وهي تتكون من ثلاث دوائر
أ. دائرة التعاون والارتباط الخارجي
وتضم خمسة أقسام هي، قسم مساعدة الأقطار الأجنبية، قسم أمريكا اللاتينية، قسم الأقطار الأفريقية الناطقة بالفرنسية، قسم اختيار المدربين للعمل في الخارج، قسم الأبحاث والمنشورات.
ب. دار النشر في وزارة الدفاع
وتقوم بمهام كبيرة في الإعلام الصهيوني ـ لا سيما الموجه منه لأفراد الجيش ـ وتتولى دار النشر هذه إصدار كتب متنوعة تتناول الموضوعات الجغرافية والتاريخية، والكتب العسكرية المتعلقة بمختلف أنواع الأسلحة.
ج. متاحف جيش العدو
تهتم وزارة الحرب الصهيوني بإنشاء المتاحف العسكرية كوسيلة ناجحة من وسائل الإعلام الداخلي، ومن هذه المتاحف: متحف بيت الهاجاناة، متحف الهجرة غير الشرعية، متحف البحرية.
4. أجهزة الإعلام في مكتب رئاسة الوزراء
أ. المكتب الصحفي للحكومة
ويضم المكتب قسماً للمطبوعات يصدر مجموعة من المنشورات بمختلف اللغات.
ب. قسم التعميم والنشر
ومهمته تخطيط وتنفيذ الدعاية الحكومية الموجَّهة للمجتمع الصهيوني، وتوجيه الرأي العام المحلي من خلال وسائل الإعلام المتوفرة.
ج. مكتب الإرشاد المركزي
وهو يشكل دائرة واحدة مرتبطة بمكتب رئيس الوزراء، ويقوم بنشر المعلومات عن نشاطات الحكومة ومشاكلها وأهداف الدولة ومنجزاتها، وخاصة ما يتصل بترسيخ الوحدة الثقافية والروحية والاجتماعية والمدنية.
5. النشاطات الإعلامية لوزارة السياحة
تُولي وزارة السياحة عناية واهتماماً كبيرين بالسياحة، فهي إلى جانب أنها تُعد أكبر مصدر للعملات الصعبة، فهي تمثل بالنسبة لإسرائيل تربة خصبة لبث دعايتها فيها. والحكومة الإسرائيلية تدرك جيداً أهمية هؤلاء السياح في نشر دعايتها عندما يعودون إلى أوطانهم ويتحدثون ويكتبون عما شاهدوه عبر وسائل إعلام بلادهم. وتنظِّم الحكومة الصهيونية أمسيات سياحية تتضمن محاضرات عن الكيان الصهيوني وتفسح المجال أمام السياح لتوجيه الأسئلة والاستفسارات. وتكثر الحكومة الإسرائيلية من طبع النشرات السياحية التي تتضمن دعايات سياسية ذكية.
6. الجامعات والمعاهد المختصة
على الرغم من أن التعليم عملية تربوية يتم عن طريقها نقل ميراث ثقافي واجتماعي من جيل إلى جيل، إلا أن الحركة الصهيونية قد اتخذت من المؤسسات التعليمية والجامعات والمعاهد وسيلة من وسائل الدعاية لتدعيم مفاهيمها ونظرياتها، وأخذت توجه الطلبة الصهاينة والأجانب المبعوثين وجهة معينة تتلاءم ومصالحها. فقد أنشأت الجامعة العبرية في القدس لتتولى مخاطبة القطاعات المثقفة من الرأي العام العالمي مخاطبة علمية. وتركز الجامعات والمعاهد المختصة في نشاطها الثقافي على إبراز دور اليهود في تدعيم الحضارة وإحياء التراث العلمي في منطقة الشرق الأوسط. مما أكسبها تأييد كثير من مثقفي العالم. ويوجد في إسرائيل خمس جامعات، أقدمها الجامعة العبرية التي تأسست عام (1918م)، وجامعة تل أبيب التي تأسست عام (1953م)، وجامعة حيفا عام (1963م) وجامعة بار إيلان عام (1955م)، وجامعة النقب في بئر السبع عام (1969م)، والمؤسسة العلمية الكبرى الثانية في إسرائيل هي معهد وايزمان العلمي في رحوبوت ويليه في الأهمية المعهد التكنولوجي (التخنيون). هذا إلى جانب المعاهد العلمية الأخرى التي يزيد عددها عن الأربعين. ونظراً للصلات والروابط الوثيقة التي خلفتها هذه المؤسسات التعليمية مع المؤسسات التعليمية في الدول الأخرى، نجد أن عدداً كبيراً من الجامعات والمعاهد الأمريكية تتعاطف مع الصهيونية مثل جامعات براندايز وبوسطن وياشيفيا في نيويورك.
7. أجهزة المخابرات والاستخبارات
لعبت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية دوراً أساسياً في شن العمليات النفسية وتغيير اتجاهات الرأي العام منذ أن كانت دولة إسرائيل فكرة في العقول، فقد سبق إنشاء الاستخبارات الإسرائيلي بشكل واضح منذ أن بدأ الاستيطان الصهيوني في فلسطين إثر انتهاء الحرب العالمية الأولى وكان يطلق عليها اسم (نيللي) ثم أطلق اسم (شيروت يديعوت) أي خدمات المعلومات. ثم عرف بعد قيام الكيان الصهيوني باسم (شيروتيه بطاحون) أي خدمات الأمن واختصارها (شين بيت). ورغم أن نشاطات الاستخبارات الإسرائيلية تتوزع على عدة دوائر من استخبارات عسكرية واستخبارات سياسية وأخرى داخلية، إلا أن هناك هيئة عليا تقوم بتنسيق نشاطاتها تدعى (الموساد). ولقد أدركت القيادة الصهيونية عبر التجربة أن قسطاً كبيراً من نجاحها في تنفيذ المخطط الصهيوني يعتمد بشكل كبير على مقدرة جهاز الاستخبارات في مجال المعلومات. حيث غدت هذه العملية في السنوات الأخيرة المرحلة الأساسية الهامة التي تسبق أي تحرك في كافة المجالات. وقد أصبح العنف المخطط والإرهاب سمة من سمات أعمال أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في توجيه وتغيير اتجاهات الرأي العام. وتشمل أساليب المخابرات عمليات وضع الألغام والمتفجرات والتهديد، واغتيال الشخصيات الهامة وكل من ناصر القضية الفلسطينية.
8. معاهد الرأي العام والشؤون العربية
توجد في إسرائيل عدة معاهد تتابع واقع مختلف البلدان العربية وما يطرأ عليها من تطورات في شتى الميادين ثم تقدم نتائجها إلى الجهات المختصة التي تستفيد منها في تخطيط سياستها.
خامساً: مجابهة العمليات النفسية الإسرائيلية
إن نجاح العدو في عملياته النفسية يُسهم فيه غياب مخططات عربية للمجابهة بالشكل المطلوب. وعليه فإن المجابهة العربية يجب أن تعتمد دراسة عميقة لأساليب العدو التي تمليها عليها أهداف عملياته النفسية الاستراتيجية والتكتيكية ثم دراسة لوسائله المستخدمة ووضع التقويم الشامل لكل ذلك، ثم وضع الخطة الشاملة للمجابهة على ضوء هذا التقويم وملاحقتها وإحباطها. كما أن دراسة الأسس التي تقوم عليها عمليات العدو النفسية هي عملية ضرورية تماماً، وذلك للعمل على تعريتها وإفهام الفئات المُسْتَهدفة حقيقة هذه الأسانيد الباطلة التي يعتمدها عمله الإعلامي الدعائي النفسي. ويقتضي التخطيط العلمي لمجابهة عمليات العدو النفسية إعداد خطة دعائية موحدة ومحكمة يرفدها جيش من الساسة المتخصصين في الدعاية على أرفع المستويات العلمية والعملية، فضلاً عن توافر أجهزة إعلامية راسخة قادرة على بناء وتنفيذ الخطة الدعائية استراتيجياً وتكتيكياً.
 
رد: العمليات النفسيه(الحرب النفسيه) والعمليات العسكريه

.............................. الان اصبحت العمليات النفسيه من اسس الحرب مثلما كانت
والتلفاز اهم وسائلها
ولكن هل نحن فاعلون ؟
 
رد: العمليات النفسيه(الحرب النفسيه) والعمليات العسكريه

موضوع جميل وملىء بالمواضيع المهمه والمفيده شكرا لك
 
عودة
أعلى